مباني منهاج الصالحين، المجلد 6

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

كتاب الصوم

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصوم و فيه فصول:

[الفصل الأول: النية]

اشارة

الفصل الاول: النية

[مسألة 1: يشترط في صحة الصوم النية علي وجه القربة]

(مسألة 1): يشترط في صحة الصوم النية علي وجه القربة (1).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام فان كون الصوم من العبادات من الواضحات و من الامور المركوزة في أذهان عامة أهل الإسلام و وزانه من هذه الجهة وزان الصلاة.

اضف الي ذلك انه قد ورد في بعض النصوص ان الصوم مما بني عليه الإسلام و ذكر في عداد الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية.

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء: علي الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية الحديث «1».

فان المناسبة بين الموضوع و الحكم تقتضي ان ما يكون الإسلام مبنيا عليه يكون في عداد الصلاة و الحج و يكون قربيا فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 4

لا بمعني وقوعه عن النية كغيره من العبادات الفعلية بل يكفي وقوعه للعجز عن المفطرات أو لوجود الصادف النفساني عنها اذا كان عازما علي تركها لو لا ذلك (1) فلو نوي الصوم ليلا ثم غلبه النوم قبل الفجر أو نام اختيارا حتي دخل الليل صح صومه (2).

______________________________

(1) أي لا يلزم أن يكون الامساك في كل آن من آنات النهار مستندا الي ارادة موافقته لأمر اللّه و الا يلزم بطلانه بانتفاء ذلك بالنوم أو الغفلة أو العجز عن ارتكاب المفطر أو عدم الرغبة فيه أو وجود المنفر الطبيعي عنه و لا يمكن الالتزام بهذا اللازم بلا كلام بل يكفي تحققه بحيث يكون الداعي الالهي مستقلا في الانزجار و لو بنحو التعليق.

و صفوة القول: ان اللازم فيه الاجتناب علي نحو لو تمكن لم يفعل مع كونه للّه.

و ان شئت

قلت: الفعل العبادي يلزم أن يؤتي به مع القصد و الاختيار و يكون الداعي الي فعله التقرب من اللّه.

و أما الترك العبادي فيكفي في تحققه قصد القربة من العبد بأن يكون قاصدا أن لا يرتكب الفعل الفلاني قربة الي المولي و هذا المقدار يكفي في تحقق المأمور به و الا يلزم تحقق الترك في كل آن عن قصد و التفات و الحال انه لا اشكال في صحة الصوم من النائم و الغافل عن كونه صائما و يدل علي المدعي النصوص الدالة علي صحة صوم من أفطر نسيانا اذ الغفلة لو كانت منافية للصوم لم يكن وجه للصحة.

(2) و السيرة قائمة علي الصحة فيكفي تحقق النية من الليل و بعبارة اخري:

لا اشكال في جواز النوم الي ما بعد الفجر و لا يبطل الصوم و عليه لا مجال لما نقل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 5

و يكفي ذلك في سائر التروك العبادية أيضا (1) و لا يلحق بالنوم السكر و الاغماء علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

عن السيد قدّس سرّه بأن وقت النية آخر جزء من الليل متصل بالنهار.

و يرده انه لو نوي أحد اول الليل أن يصوم ثم نام الي أن طلع الفجر كان صومه صحيحا فلا توقيت فيها.

(1) كتروك الاحرام فان التقريب الذي ذكرناه بالنسبة الي الصوم جار في غيره من سائر التروك العبادية فلاحظ.

(2) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان قلنا بالصحة في النائم علي طبق القاعدة بتقريب ان الترك لا يلزم أن يصدر عن التفات و اختيار بل يكفي تحققه بشرط سبق النية فالظاهر الحاق السكر و الاغماء بالنوم لوحدة الملاك اذ لا فرق بين الاغماء و السكر و بين النوم من هذه الجهة فلا وجه

للالتزام بالصحة في النوم دونهما.

و ان قلنا بأن الصحة لأجل قيام السيرة عليها في النوم دونهما فالالحاق في غير محله لعدم الدليل عليه و الظاهر ان الصحة في النوم لأجل السيرة و التسالم فلا وجه للإلحاق اذ لا دليل علي كفايه سبق النية و ان الامر العبادي لا بد في تحققه من قصد القربة و لو ارتكازا و المفروض انتفائها بالنسبة اليهما.

و بعبارة اخري: لا بد في تحقق العبادة من القصد و الاختيار و المفروض ان الصوم أمر ممتد من الفجر الي آخر اليوم فلا بد من تحققه بجميع شراشره قربة الي اللّه و انما التزمنا بالصحة في النائم بالدليل الخارجي فالحق عدم الالحاق.

و العجب من سيدنا الاستاد حيث فرق بين العبادات الوجودية و العدمية و أفاد «بأنه يكفي في الثاني مجرد الترك و لو بلحاظ عدم كون الفعل اختياريا و مع ذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 6

[مسألة 2: لا يجب قصد الوجوب و الندب و لا الأداء و القضاء]

(مسألة 2): لا يجب قصد الوجوب و الندب و لا الاداء و القضاء و لا غير ذلك من صفات الامر و المأمور به بل يكفي القصد الي المأمور به عن أمره كما تقدم في كتاب الصلاة (1).

[مسألة 3: يعتبر في القضاء عن غيره قصد امتثال الامر المتوجه اليه بالنيابة عن الغير]

(مسألة 3): يعتبر في القضاء عن غيره قصد امتثال الامر المتوجه اليه بالنيابة عن الغير علي ما تقدم في النيابة في الصلاة كما أن فعله عن نفسه يتوقف علي امتثال الامر المتوجه اليه بالصوم عن نفسه (2) و يكفي في المقامين القصد الإجمالي (3).

[مسألة 4: لا يجب العلم بالمفطرات علي التفصيل]

(مسألة 4): لا يجب العلم بالمفطرات علي التفصيل فاذا قصد

______________________________

استشكل في المقام في الصحة بالنسبة الي الاغماء و السكر «1».

مضافا الي أنه كيف يكفي عدم القدرة اذ مع عدمها لا وجه للنهي عن الفعل أو البعث نحو الترك فانه تحصيل للحاصل.

(1) الامر كما أفاده فان قصد الوجه غير واجب كما ثبت في محله كما أن التعرض للقضاء و الاداء لا دليل علي وجوبه بل يكفي تعلق القصد بامتثال الامر الفعلي المتوجه اليه كما أن التعرض لبقية الخصوصيات لا دليل عليه فلا يجب.

(2) اذ النائب يمتثل الامر المتوجه اليه لا الامر الي غيره مضافا الي أن الامر غير متوجه الي المنوب عنه اذ تعلق الامر بالميت لا معني له لكن يمكن تصور النيابة عن الحي فهذا التقريب لا يتم إلا في موارد النيابة عن الميت.

(3) اذ أزيد من هذا المقدار لا دليل علي وجوبه و لزومه فيكفي القصد الإجمالي.

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 7

الصوم عن المفطرات اجمالا كفي (1).

[مسألة 5: لا يقع في شهر رمضان صوم غيره]

(مسألة 5): لا يقع في شهر رمضان صوم غيره (2).

______________________________

(1) اذ لا دليل عليه بل المستفاد من الادلة وجوب الامساك عن عدة اشياء فلو نوي المكلف الاجتناب عنها علي ما هي عليها كفي.

(2) ما يمكن أن يقال في وجه ما ذكر أمور: الاول: عدم الدليل علي المشروعية.

و فيه: انه تكفي دليلا اطلاقات الادلة فان تلك الادلة تشمل مفروض الكلام و لو علي نحو الترتب فانه قد ثبت في الاصول صحته بل مقتضي القاعدة الصحة حتي علي القول ببطلان الترتب كما لو نذر المكلف أن يصوم في السفر و سافر في شهر رمضان يجوز أن يصوم الصوم النذري في السفر

في شهر رمضان اذ خطاب وجوب الصوم الرمضاني لا يتوجه الي المسافر فيبقي الصوم النذري بلا مزاحم فلاحظ.

الثاني: قوله تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كٰانَ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية عدم المشروعية.

و فيه: ان عدم مشروعية الصوم المستفاد من الاية بالنسبة الي صوم رمضان لا مطلق الصوم مضافا الي أن غاية ما يستفاد منها المنع بالنسبة الي المسافر و المريض لا مطلق المكلف.

الثالث: مرسل الجمال عن رجل قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فيما بين مكة و المدينة في شعبان و هو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له:

جعلت فداك أمس كان من شعبان و أنت صائم و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر.

فقال: ان ذلك تطوع و لنا أن نفعل ما شئنا و هذا فرض فليس لنا أن نفعل الا ما امرنا «2».

______________________________

(1) سورة البقرة/ 184.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 8

علي اشكال (1).

______________________________

بتقريب: ان المستفاد منه المنع من الصوم في رمضان. و فيه: ان المستفاد من الحديث المنع عن صوم رمضان في السفر و لا يستفاد منه المنع من مطلق الصوم كما هو محل الكلام.

الرابع: ما أرسله اسماعيل بن سهل عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

خرج أبو عبد اللّه عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شهر شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان و هو في السفر فأفطر فقيل له تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟

فقال: نعم شعبان إلي ان شئت صمت و ان شئت لا و شهر رمضان عزم

من اللّه عز و جل علي الافطار «1» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب اضف الي ما ذكر ان المرسلات لا اعتبار بها.

الخامس النبوي: «ليس من البر الصيام في السفر «2» و من الظاهر انه لا يرتبط الحديث بالمقام لان المستفاد منه النهي عن الصوم في السفر مضافا الي ضعفه سندا.

السادس: ما هو المغروس في أذهان المتشرعة من عدم الجواز و عن الجواهر «انه المعروف في الشريعة بل كاد يكون من قطعيات أربابها ان لم يكن من ضرورياتها».

و هذا هو العمدة في وجه المنع و الا فلقائل أن يقول: بالجواز و لو من باب تطبيق قاعدة الترتب علي المقام فلاحظ.

(1) قد ظهر وجهه مما ذكرنا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 9

فان نوي غيره بطل الا أن يكون جاهلا به أو ناسيا له فيجزي عن رمضان حينئذ لا عن ما نواه (1).

______________________________

(1) نقل حكاية الاجماع عليه عن غير واحد و البحث في المقام يقع تارة فيما هو مقتضي القاعدة و اخري فيما هو مقتضي النص الخاص أما بحسب القواعد الاولية فان رجع القصد الي ما هو الوظيفة الفعلية و يكون الخطأ في التطبيق يكون الصوم صحيحا و يكون محسوبا من رمضان بلا اشكال.

و أما اذا لم يكن الخطأ في التطبيق فيشكل الاجزاء اذ ما تعلق به القصد غير قابل للتحقق و ما يكون قابلا لم يتعلق به القصد.

هذا بحسب القواعد و أما بحسب النصوص الواردة في المقام فهي تدل علي احتسابه من رمضان و ان قصد غيره لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل

صام يوما و لا يدري أمن شهر رمضان هو أو من غيره فجاء قوم فشهدوا انه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال: بلي فقلت:

انهم قالوا: صمت و أنت لا تدري أمن شهر رمضان هذا أم من غيره فقال: بلي فاعتد به فانما هو شي ء وفقك اللّه له انما يصام يوم الشك من شعبان و لا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهي أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك و انما ينوي من الليلة انه يصوم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل اللّه و بما قد وسع علي عباده و لو لا ذلك لهلك الناس «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه لو صام يوم الشك بعنوان شعبان و كان اول رمضان يصح صومه و يحسب من رمضان.

و ربما يشكل بأن النصوص ناظرة الي الجاهل فلا وجه لإلحاق الناسي به

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 10

[مسألة 6: يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو اجمالا]

(مسألة 6): يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو اجمالا فاذا نوي الصوم المشروع في غد و كان من رمضان أجزأ عنه (1).

أما اذا قصد صوم غد دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز (2) و كذا الحكم في سائر أنواع الصوم من النذر أو الكفارة أو القضاء فما لم يقصد المعين لا يصح (3) نعم اذا قصد ما في ذمته و كان واحدا أجزأ عنه (4).

______________________________

و المفروض ان مقتضي القاعدة عدم الاحتساب من رمضان.

و لكن يمكن أن يقال: ان العرف يفهم من التعبير الواقع في جملة من نصوص الباب «فانما هو شي ء وفقك اللّه له» عدم الفرق بين

الجهل و النسيان.

لكن لقائل أن يقول: بأنه لو كان المكلف عالما بكونه من رمضان و لكن لا يعلم بعدم جواز الاتيان بصوم آخر فأتي به فهل يمكن الالتزام بالصحة؟.

(1) اذ لا دليل علي وجوب شي ء زائد بعد تحقق الامتثال. و بعبارة اخري:

الواجب بحكم العقل الاتيان بمتعلق التكليف و المفروض الاتيان به مع قصد القربة فيحصل الامتثال الواجب.

(2) اذ يلزم في تحقق الامتثال الانبعاث من الامر المتوجه اليه من قبل المولي و المفروض عدم الانبعاث و عدم قصد امتثال الواجب لا تفصيلا و لا اجمالا فلا مقتضي للاجزاء.

(3) لوحدة الملاك.

(4) اذ المفروض تحقق الامتثال فان الواجب عليه معين عند اللّه و المكلف قصد امتثاله فيجزي.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 11

و يكفي في صحة الصوم المندوب المطلق نية صوم غد قربة الي اللّه تعالي اذا لم يكن عليه صوم واجب (1) و لو كان غد من أيام البيض مثلا فان قصد الطبيعة الخاصة صح المندوب الخاص (2) و الأصحّ مندوبا مطلقا (3).

[مسألة 7: وقت النية في الواجب المعين و لو بالعارض عند طلوع الفجر الصادق]

(مسألة 7): وقت النية في الواجب المعين و لو بالعارض عند طلوع الفجر الصادق بحيث يحدث الصوم حينئذ مقارنا للنية و في الواجب غير المعين يمتد وقتها الي الزوال و ان تضيق وقته فاذا أصبح ناويا للإفطار و بدا له قبل الزوال أن يصوم واجبا فنوي الصوم أجزأه و ان كان ذلك بعد الزوال لم يجز و في المندوب يمتد وقتها

______________________________

(1) كما يتعرض الماتن في الفصل الرابع لاشتراط جواز التطوع بالصوم بعدم تحقق الصوم الواجب بالمكلف و نتعرض ان شاء اللّه تعالي هناك لشرح الفرع المذكور.

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض انه قصد امتثال الامر الفعلي المتعلق بالحصة الخاصة.

(3) لم يظهر لي المراد فان المفروض

ان الصوم في الصورة المذكورة صوم خاص و المكلف اما قصد امتثاله و لو اجمالا و اما لم يقصد الحصة الخاصة أما علي الاول فيتحقق الامتثال لتمامية مقتضيه و أما علي الثاني فلا مقتضي لتحقق الامتثال لان المجعول من قبل المولي ليس الا الامر بالحصة الخاصة و المفروض عدم تعلق القصد بها فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 12

الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: ان آخر وقت النية في الواجب المعين اذا كان من شهر رمضان عند طلوع الفجر الصادق و الوجه فيه ان الصوم من العبادات فلا بد من وقوعه مع نية القربة من أوله الي آخره و نقل عن بعض جواز التأخير الي الزوال و عن بعض أخر جوازه الي ما قبل الغروب.

و لكن لا يمكن المساعدة عليهما مع البناء علي عبادية الصوم و عن ابن أبي عقيل: لزوم تقديمها من الليل و يمكن الاستدلال عليه بما عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل «1».

و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و الحق جواز النية في كل جزء من الليل كما مر.

و صفوة القول: ان اللازم تحقق الصوم بقصد القربة بالنحو الذي تقدم.

الفرع الثاني: ان آخر وقت النية في الواجب المعين- و لو بالعارض- عند طلوع الفجر الصادق فلو نذر أن يصوم اليوم السادس من شهر رجب- مثلا- لا يجوز تأخير نيته من الفجر الصادق.

و الوجه فيه: ما تقدم من أن الصوم عمل عبادي يجب أن يتحقق بنية القربة من أو له الي آخره و بعبارة اخري: مقتضي القاعدة وجوب مقارنته مع

النية من أو له الي آخره و كفاية نحو آخر يحتاج الي الدليل.

و يمكن أن يقال: ان مقتضي بعض النصوص الواردة في المقام جواز تأخير نية الواجب المعين الي الزوال و نتعرض للنّصّ المشار اليه في الفروع الآتية فانتظر

الفرع الثالث: ان الواجب غير المعين يمتد وقت نيته الي الزوال و ادعي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 13

______________________________

عدم الخلاف المعتد به فيه و عن المدارك: «انه مما قطع به الاصحاب» و استدل عليه بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له:

ان رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أ يصوم؟ قال: نعم «1».

و أفاد سيدنا الاستاد: «انه لا يبعد ظهور هذه الرواية في الصوم الندبي بتقريب: انه عبر فيها بارادة المكلف الصوم فيستفاد منها أنه له أن يريد و له أن لا يريد و المنصرف في مثله المتطوع و لو بني علي اطلاقها شملت الواجب غير المعين حيث انه بميله و ارادته يطبق الواجب علي هذا الفرد فهذه الرواية اما خاصة بالنافلة أو عامة لها و لغير المعين لأجل تعليق الحكم علي رغبته و ارادته» «2».

و يرد عليه ان الارادة وردت في سؤال الراوي لا في كلام الامام عليه السلام و الظاهر من السؤال ان المكلف اذا لم يكن ناويا من الليل و بعد ارتفاع النهار اراد الصوم فهل يجوز ذلك أم لا؟.

و بعبارة اخري: السؤال عن حكم تأخير النية و انه هل يكون مضرا بصحة الصوم أم لا يضر فأجاب عليه السلام بعدم كونه مضرا و يكون جائزا و مقتضي اطلاق الرواية شمولها للنافلة و الفريضة

غير المعين وقتها و المعين بل لا يبعد ان اطلاقها يشمل صوم رمضان و التخصيص بغير المعين يحتاج الي دليل و عليه يشكل ما مر في الفرع الثاني من أن آخر وقت النية في المعين هو الفجر الصادق.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضي من شهر

______________________________

(1) الوسائل الباب: 2 من ابواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

(2) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 14

______________________________

رمضان و لم يكن نوي ذلك من الليل قال: نعم ليصمه و ليعتد به اذا لم يكن أحدث شيئا «1». قال سيدنا الاستاد «يستفاد من كلمة «يبدو» ان القضاء ليس متعينا عليه بحيث يكون مختارا بين الصوم و عدمه فلا تشمل الرواية الواجب المعين» «2».

و فيه: ما تقدم آنفا فان هذه الكلمة واردة في سؤال الراوي و نظر السائل الي أن التاخير هل يضر أم لا؟ و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين غير المعين و المعين فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: اذا لم يفرض الرجل علي نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا و لم يفطر فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر «3».

و مقتضي هذه الرواية صحة الصوم مع التأخير في النية و الظاهر من الرواية بيان حكم الواجب غير المعين أو الاعم منه و من المندوب و لا تشمل الواجب المعين فان قوله عليه السلام: «فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر»

يقتضي أن لا يكون الصوم متعينا عليه و الا لم يكن وجه للخيار فلاحظ.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان و يريد أن يقضيها متي يريد أن ينوي الصيام؟ قال: هو بالخيار الي أن تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوي الصوم فليصم و ان كان نوي الافطار فليفطر سئل فان كان نوي الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 2

(2) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 49

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 15

______________________________

زالت الشمس؟ قال: لا الحديث «1».

و هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح لكن سند الرواية مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يصبح و لا ينوي الصوم فاذا تعالي النهار حدث له رأي في الصوم فقال: ان هو نوي الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه و ان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوي «2».

فان اطلاق صدر الحديث يشمل الصوم المندوب و الواجب بل يمكن أن يقال: ان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الموسع و المضيق فلاحظ.

فتحصل ان الواجب غير المعين يمتد وقت نيتها الي الزوال بل المستفاد من بعض النصوص ان حكم المعين كذلك أيضا.

الفرع الرابع: ان الواجب غير المعين لا يجوز تأخير نيته عن الزوال و علي فرض التأخير لا يكون الصوم صحيحا و هذا هو المشهور بين القوم و نقل عن ابن

الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال.

و استدل علي مذهب المشهور بما رواه عمار «3» فانه يستفاد من هذه الرواية التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده اي يجوز التجديد قبل الزوال و أما بعده فلا و الرواية و ان كانت واردة في قضاء شهر رمضان لكن ببركة عدم القول بالفصل يسري الحكم الي غير موردها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 16

______________________________

و يرد علي الاستدلال بالرواية انها ضعيفة سندا لضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال مضافا الي أن عدم القول بالفصل لا يترتب عليه أثر.

و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بما رواه هشام «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية التفصيل بين تجديد النية قبل الزوال و تجديدها بعده فعلي الاول يحسب اليوم بتمامه و علي الثاني يحسب من وقت النية و حيث ان هذا المقدار لا يجزي في الصوم الواجب يحمل الذيل علي الصوم الندبي كما يظهر من صاحب الحدائق هذا المعني أيضا «2».

فالنتيجة ان المستفاد من الحديث التفصيل في الصوم الواجب و هو المطلوب «3».

و يرد عليه انه لا دليل علي هذا المدعي فان المستفاد من الحديث صحة الصوم مع تجديد النية بلا فرق بين أن يكون قبل الزوال أو بعده و انما الفرق من ناحية المثوبة و القاعدة تقتضي ذلك اذا لامتثال انما يحصل في تلك الساعة التي تكون ظرفا للنية و لكن في النفس شي ء و ما أفاده سيدنا الاستاد ليس بعيدا فلاحظ.

و استدل علي مذهب ابن الجنيد بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يصبح و لم يطعم و لم يشرب و لم

ينو صوما و كان عليه يوم من شهر رمضان أ له أن يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامة النهار؟ فقال:

نعم له أن يصومه و يعتد به من شهر رمضان «4».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز التأخير مع ذهاب أكثر النهار.

______________________________

(1) لاحظ ص: 15

(2) الحدائق الناضرة ج 13 ص 24

(3) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 54

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 17

______________________________

و أورد سيدنا الاستاد علي هذا الاستدلال بأن ما بين الطلوعين داخل في الصوم فلو جدد النية قبل الزوال بمقدار نصف ساعة يصدق العنوان المأخوذ في الرواية و هو ذهاب عامة النهار.

و بعبارة اخري: من قبل الزوال من أول الفجر الصادق الي الزوال و هذا المقدار أكثر من المقدار المحسوب من الزوال فيصدق الموضوع في الفرض المذكور فغاية ما في الباب الاطلاق فان مقتضاه جواز النية بعد الزوال أيضا فلا بد ما تقييده بما رواه هشام بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد» «1».

و يرد عليه: ان النهار يحسب من أول طلوع الشمس لا من أول الفجر فلا وجه للاحتساب المذكور مضافا الي أن ذهاب عامة النهار ظاهر في أنه لم يبق منه الا مقدار قليل و لا يصدق هذا العنوان بمجرد كون الذاهب أكثر من الباقي.

و بعبارة اخري: فرق بين أن يقال: ذهب أكثر النهار و بين أن يقال: ذهب عامة النهار و العرف ببابك.

فنقول: ان قلنا: بأن حديث هشام لا يدل علي التفصيل بين ما قبل الزوال و بعده و لا يكون معارضا مع رواية عبد الرحمن فالصحيح مذهب ابن الجنيد لحديث عبد الرحمن و ان قلنا بأنه يعارضه حديث هشام اذ

يدل علي التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده فلا بد من اعمال قانون التعارض و حيث انه لا مرجح لا حد الطرفين لا من الكتاب و لا من حيث مخالفة العامة تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح من هذه الناحية مع رواية عبد الرحمن فانها مروية عن أبي الحسن عليه السلام و تلك الرواية مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام و اللّه العالم.

الفرع الخامس: ان الواجب غير المعين يجوز تأخير النية فيه الي الزوال

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص 54

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 18

______________________________

و ان تضيق وقته.

و الوجه فيه اطلاق بعض نصوص الباب فان مقتضاه عدم الفرق بين الموسع و المعين بضيق الوقت و لم يظهر لي وجه تفريق سيدنا الاستاد بين المعين من أول الامر و بين المعين بضيق الوقت حيث لم يجوز التأخير في النية في الاول و جوز التأخير في الثاني فان مستند الحكم نصوص الباب فعلي تقدير الالتزام بالاطلاق و لو في بعضها لا بد من الالتزام بجواز التأخير علي الاطلاق و الا فلا بد من الالتزام بعدم الجواز كذلك فلاحظ.

الفرع السادس: انه هل يجوز تأخير النية في الصوم المندوب الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية- كما عليه الماتن- و المسألة ذات قولين:

احدهما: جواز التاخير الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية.

ثانيهما: ما نسب الي المشهور من أن المندوب كالفريضة من حيث التحديد الي الزوال.

و استدل سيدنا الاستاد علي القول الاول بما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل الي أهله فيقول: عندكم شي ء و إلا صمت

فان كان عندهم شي ء أتوه به و إلا صام «1».

بتقريب: ان التعبير ب (كان) ظاهر في الاستمرار و لا شك ان الدخول الي الاهل غالبا انما هو بعد الزوال لأجل تناول الطعام فتدل علي جواز تجديد النية بعد الزوال.

و يرد عليه ان الغلبة المدعاة في عصره عليه السلام مورد المناقشة و الاشكال بل يمكن أن يكون المراد دخوله بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس فلا تدل الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 19

______________________________

علي المدعي.

و استدل سيد المستمسك قدس سره باطلاق الرواية علي المدعي بدعوي: ان اطلاقها يشمل بعد الزوال.

و فيه: انه يحتمل أن يكون مراد الامام عليه السلام دخوله عليه السلام بعد طلوع الشمس الا أن يقال: بأن مقصود الامام من نقل هذه القضية ليس مجرد الحكاية و الأخبار عن فعل أمير المؤمنين عليه السلام بل في مقام بيان حكم تأخير النية بهذا النحو فيتم الاطلاق فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر و ان مكث حتي العصر ثم بدا له أن يصوم و ان لم يكن نوي ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم ان شاء «1».

فان المستفاد من هذه الرواية بالصراحة جواز تأخير النية الي ما بعد الزوال.

و يعارض دليل الجواز ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتي يصبح أ يصوم ذلك اليوم تطوعا؟ فقال: أ ليس هو بالخيار ما بينه و نصف النهار «2».

فان المستفاد من الخبر المذكور ان الخيار

محدود بالزوال فلا بد من علاج التعارض.

و يمكن أن يجمع بين الطرفين ببركة رواية اخري لهشام «3» بأن نقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 20

[مسألة 8: يجتزئ في شهر رمضان كله بينة واحدة قبل الشهر]

(مسألة 8): يجتزئ في شهر رمضان كله بينة واحدة قبل الشهر (1).

______________________________

التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده باعتبار الاثابة و الجزاء فالنتيجة جواز التأخير و لكن التقديم أكثر ثوابا.

و ان أبيت عما ذكر فالمتعارضان يتساقطان لعدم مرجح في أحد الطرفين فالمرجع مطلقات الباب فانها تكفي لإثبات المدعي لاحظ احاديث ابن سنان و محمد بن قيس و الحلبي «1».

(1) يظهر من بعض الكلمات انه ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين و يمكن أن يستدل عليه بقوله تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «2».

فان المستفاد من الاية المباركة ان من شهد شهر رمضان يجب عليه صومه من أوله الي آخره بنحو الوجوب التعليقي و لا يكون المراد أن جميع الشهر ظرف لواجب واحد ارتباطي و يكون صوم كل يوم جزءا من الواجب الواحد فان هذا باطل قطعا بل لكل يوم وجوب و صوم كل يوم واجب مستقل في قبال بقية الايام و لكن لا مانع من تعلق الوجوب الي المكلف بالنسبة الي كل يوم من أول الليلة الاولي من الشهر بنحو الوجوب التعليقي فعليه يكفي نية الصوم لتمام الشهر دفعة واحدة و يكفي بقائها في خزانة النفس بنحو الارتكاز.

و بعبارة اخري: كما أن نية الصوم في الليل تكفي لصوم الغد كذلك تكفي نية واحدة لتمام الشهر.

و ربما يقال- كما في المستمسك- ان كان الداعي الارتكازي

كافيا في تحقق العبادة فلا فرق بين تحقق النية في الليل بالنسبة الي صوم الغد و بين تحققها اول

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3 و لاحظ ص: 13 و 14

(2) البقرة/ 185

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 21

و الظاهر كفاية ذلك في غيره أيضا كصوم الكفارة و نحوها (1).

[مسألة 9: إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطرا]

(مسألة 9): اذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطرا ففي الاجتزاء بتجديد نيته اذا تذكر أو علم قبل الزوال اشكال (2).

______________________________

الشهر أو قبله اذ المفروض بقاء النية في خزانة النفس و ان لم يكن كافيا فلا أثر للنية حتي في الليل بالنسبة الي الغد «1».

(1) لوحدة الملاك ففي كل مورد يكون الوجوب فعليا و لو كان الواجب استقباليا يجوز تقديم النية. و بعبارة اخري: كفاية النية الواحدة في اول شهر رمضان ليست مدلول دليل خاص كي يقال: باختصاصه بمورده بل جوازه كما مر علي طبق القاعدة و حكم الامثال واحد فلاحظ.

(2) المشهور بين الاصحاب جواز تجديد النية قبل الزوال في الفروض المذكورة في المتن و ما ذكر في وجه الجواز امور.

الاول: ما ورد في المسافر من أنه اذا قدم أهله قبل الزوال و لم يأت بالمفطر يجدد النية و يصوم «2».

مع ان المسافر لم يكن مكلفا بالصوم فاذا كان الامر بالنسبة اليه كذلك مع عدم كونه مكلفا فبطريق أولي يثبت بالنسبة الي من يكون الصوم واجبا بالنسبة اليه كالفروض المذكورة.

و فيه: ان التعدي من مورد النص الي غيره يحتاج الي الدليل و لا أولوية اذ مبدأ نية المسافر القادم أهله زمان قدومه من السفر و أما الجاهل و الناسي فزمان

______________________________

(1)

مستمسك العروة. ج 8 ص 221

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 22

______________________________

النية بالنسبة اليهما طلوع الفجر فلا وجه للقياس.

و صفوة القول: انه لا دليل علي التعدي و الاحكام الشرعية تعبدية.

الثاني: حديث الرفع «1» بتقريب: ان مقتضاه عدم وجوب النية في هذا المقدار من الزمان.

و فيه: انه لا اشكال في كون الرفع المستفاد من الحديث عذرا للمكلف و لم تكن النية واجبة علي الجاهل و الناسي غاية الامر يكون الرفع بالنسبة الي الجاهل ظاهريا و بالنسبة الي الناسي واقعيا لكن لا يستفاد من الحديث كفاية العمل الناقص عن التمام.

و بعبارة اخري: شأن الحديث رفع الحكم اما ظاهرا أو واقعا و أما اثبات أمر آخر من الاجزاء و غيره فلا يستفاد منه.

الثالث: المرسل: ان ليلة الشك أصبح الناس فجاء أعرابي فشهد برؤية الهلال فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديا ينادي: من لم يأكل فليصم و من أكل فليمسك «2».

و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي ما فيه من الاشكال فلاحظ.

الرابع: اطلاق بعض نصوص جواز التأخير كحديث ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: ان بدا له ان يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم فانه يحسب له من الساعة التي نوي فيها «3».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية و غيرها شمول الحكم لمثل الفرض الا أن يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

(2) مستمسك العروة ج 8 ص 214

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 23

و الاحتياط بتجديد النية و القضاء لا يترك (1).

[مسألة 10: إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذرا أجزأ عن شهر رمضان ان كان]

(مسألة 10): اذا صام يوم

الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذرا أجزأ عن شهر رمضان ان كان و اذا تبين انه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية و ان صامه بنية رمضان بطل و ان صامه بنية الامر الواقعي المتوجه اليه اما الوجوبي أو الندبي فالظاهر الصحة و ان صامه علي أنه ان كان من شعبان كان ندبا و ان كان من رمضان كان وجوبا فالظاهر البطلان و اذا أصبح فيه ناويا للإفطار فتبين أنه من رمضان قبل تناول المفطر فان كان قبل الزوال فالاحوط تجديد النية ثم القضاء و ان كان بعده أمسك وجوبا و عليه قضائه (2).

______________________________

الاجماع و التسالم علي خلافه و اللّه العالم.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و قد مر ما هو الاظهر و اللّه العالم.

(2) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو صام يوم الشك بنية شعبان ندبا فبان انه من رمضان أجزأ عنه و ادعي عليه الاجماع.

و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة «1». و في قبال النصوص الدالة علي الصحة ما يدل علي البطلان و عدم الاحتساب و ان كان من رمضان لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقال: عليه قضائه و ان كان كذلك «2».

و لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في يوم الشك:

من صامه قضاه و ان كان كذلك يعني من صامه علي أنه من شهر رمضان بغير رؤية

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 24

______________________________

قضاه و ان كان يوما

من شهر رمضان لان السنة جاءت في صيامه علي أنه من شعبان و من خالفها كان عليه القضاء «1».

و ما تقدم من حديث سماعة الدال علي التفصيل يجمع به بين المتعارضين فتكون النتيجة انه لو صام بعنوان رمضان يبطل و ان كان بعنوان شعبان يصح و يحسب من رمضان و يوم وفق له.

الفرع الثاني: انه لا فرق في الاجزاء بين أن يصوم ندبا و بين أن يصوم بعنوان القضاء أو الوفاء بالنذر فانه يجزي عن رمضان مطلقا و الدليل عليه مضافا الي الاتفاق المدعي في المقام اطلاق جملة من نصوص الباب.

لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك فقال: هو شي ء وفق له «2».

فان الموضوع المأخوذ في الدليل الصوم يوم الشك و انصراف الصوم الي الصوم المندوب ليس بنحو يعتد به.

و ان شئت قلت: الانصراف المدعي يزول بالتأمل سيما مع ملاحظة ان من عليه الصوم الواجب لا يجوز له الانيان بالصوم الندبي.

فالنتيجة ان صوم يوم الشك بأي عنوان كان يحسب من رمضان بعد انكشاف الحال.

و ربما يستفاد من حديث بشير النبال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم الشك فقال: صمه فان يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 25

______________________________

فيوم وفقت له «1»، انه لا بد من الاتيان بالصوم يوم الشك بعنوان التطوع.

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي التعرض لدلالتها علي المدعي.

و في المقام روايات يستفاد منها النهي عن

الصوم يوم الشك منها: ما رواه قتيبة الاعشي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن صوم ستة أيام: العيدين و أيام التشريق و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان «2».

و هذه الرواية قابلة للتقييد بما دل علي النهي عن الصوم بعنوان رمضان و الجواز بعنوان شعبان لاحظ ما رواه سماعة «3» فرواية الاعشي تقيد بهذه الرواية و لا وجه للحمل علي الكراهة- كما عن بعض- بعد قابلية تقييدها بما ذكر.

و منها: ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه و لا يدري أ هو من شهر رمضان أو من شعبان فقال: شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيبه الشهور من التمام و النقصان فصوموا للرؤية و أفطروا للرؤية و لا يعجبني أن يتقدمه أحد بصيام يوم الحديث «4» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي الاشكال السندي فيه.

و منها: ما رواه عبد الكريم بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني جعلت علي نفسي أن أصوم حتي يقوم القائم فقال: (صم و) لا تصم في السفر و لا العيدين و لا أيام التشريق و لا اليوم الذي يشك فيه «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 9

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 7

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 26

______________________________

و هذه الرواية قابلة للتقييد أيضا أي لا يجوز بعنوان صوم رمضان اضف الي ذلك ما أفاده في الحدائق من

حمل هذه الطائفة من النصوص علي التقية «1» فان المنقول عن العامة عدم جواز الصوم يوم الشك.

الفرع الثالث: انه اذا تبين قبل الزوال أو بعده انه من رمضان جدد النية و المدعي في المقام أمران:

احدهما: الاجتزاء بما أتي به بنية صوم غير رمضان. ثانيهما: لزوم تجديد النية بعنوان رمضان أما الامر الاول فمضافا الي الاجماع المدعي يمكن الاستدلال عليه بالنصوص الواردة في المقام.

بتقريب: ان انكشاف الخلاف بعد انقضاء اليوم بتمامه اذا لم يكن مضرا بصحة الصوم فعدم اخلاله ببعض اليوم بالاولوية.

و لا يخفي ان تقريب الاولوية انما يتم لو جدد النية و أتي بالباقي بنية شهر رمضان و أما لو لم يجدد النية و أتي بعد انكشاف الخلاف علي مقتضي النية الاولي فلا يتم التقريب اذ مع انكشاف الخلاف لا وجه لإدامة النية السابقة و حساب المأتي به بعنوان رمضان. و مما ذكرنا علم الوجه في الامر الثاني.

و صفوة القول: انه لا اشكال في أن الصوم عمل عبادي لا بد من اتيانه بقصد القربة فاما يجدد النية و يأتي بالباقي بعنوان شهر رمضان و اما يبقي علي النية السابقة أما علي الاول فيكون العمل صحيحا لما ذكرنا و يحسب من رمضان و أما علي الثاني فلا يحسب من رمضان لعدم الدليل عليه و نصوص الباب ناظرة الي صورة انكشاف الخلاف بعد العمل لا أثنائه فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 13 ص 41

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 27

______________________________

الفرع الرابع: انه لو صام يوم الشك بعنوان رمضان يكون صومه باطلا و هذا هذا المشهور بين الاصحاب علي ما يظهر من المراجعة الي كلماتهم.

و يدل علي البطلان ما رواه سماعة «1» فانه يستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز

الاتيان بالصوم يوم الشك بعنوان شهر رمضان.

و تدل علي المدعي أيضا رواية الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام في حديث طويل قال: و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه امرنا به أن نصومه مع صيام شعبان و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له:

جعلت فداك فان لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه و ان كان من شعبان لم يضره فقلت: و كيف يجزي صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا و هو لا يعلم انه من شهر رمضان ثم علم بذلك لأجزأ عنه لان الفرض انما وقع علي اليوم بعينه «2».

و رواية محمد بن شهاب الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: يوم الشك امرنا بصيامه و نهينا عنه امرنا أن يصومه الانسان علي أنه من من شعبان نهينا عن أن يصومه علي أنه من شهر رمضان. و هو لم ير الهلال «3»

و يدل علي المدعي ما رواه هشام «4» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو صام بعنوان رمضان يكون باطلا فان قوله عليه السلام: «و ان كان كذلك» معناه انه لو نوي

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 28

______________________________

رمضان و كان كذلك في الواقع فمقتضي هذه النصوص فساد الصوم لو أتي به بعنوان رمضان.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد

بن مسلم «1» فان قوله عليه السلام «و ان كان كذلك» يناسب تحقق الصوم بعنوان رمضان.

و في قبال هذه النصوص ما يدل علي الاجزاء لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «2» فان قوله عليه السلام: «فيكون كذلك» دليل علي أنه صام بعنوان رمضان فانكشف انه كذلك و عمله صادف الواقع فحكم عليه السلام بالصحة و بأنه شي ء وفق له فيقع التعارض بين الجانبين بالتباين.

و بعبارة اخري: التعارض واقع بين ما يدل علي فساد صوم يوم الشك بعنوان رمضان و ما يدل علي صحته بهذا العنوان و لا مجال للقول بأن حديث سماعة المفصل بين نية يوم الشك من رمضان و نيته من شعبان بالحكم بالصحة في الثاني و الفساد في الاول شاهد للجمع فان حديث سماعة بنفسه طرف المعارضة فلا يمكن جعله شاهدا فلا بد من حيلة اخري.

فنقول: حيث ان العامة متفقون علي عدم الاجزاء لو انكشف كونه من رمضان- علي ما في الحدائق- «3» فالترجيح مع دليل الاجزاء و علي فرض غمض العين عما ذكر و الالتزام بالتعارض و التساقط يكون المرجع اطلاق دليل عدم الأجزاء لاحظ ما رواه عبد الكريم بن عمرو «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 23

(2) لاحظ ص: 24

(3) الحدائق الناضرة ج 13 ص 34

(4) لاحظ ص: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 29

______________________________

الفرع الخامس: انه لو صام بنية الامر الواقعي يصح صومه. و الوجه فيه انه لم ينو كونه من رمضان كي يشمله دليل المنع بل نوي الامر الواقعي فعلي كل تقدير يكون ما يؤتي به مطابقا للأمر و هو يقتضي الاجزاء.

و لكن يشكل الجزم بالصحة لحديث سماعة «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان الوظيفة الاتيان بالصوم بعنوان كونه من شعبان.

ان قلت:

هذا في قبال نية كونه من رمضان لكون الحصر إضافيا. قلت: ان ذيل الحديث المصدر بكلمة الحصر (انما) يدل علي حصر الجواز في هذه الصورة و الالتزام بالحصر الاضافي لا دليل عليه.

و بعبارة اخري: الالتزام بكون الذيل عطفا تفسيريا و بيانا ثانويا للصدر خلاف القاعدة اذ ظاهر سوق الكلام هو التأسيس فلا وجه لكون الحصر اضافيا فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي عدم الصحة بتقريب آخر: و هو ان المستفاد من النصوص الواردة في المقام عدم جواز الاتيان بالصوم بعنوان صوم شهر رمضان و في الصورة المفروضة ان الغد لو كان من رمضان كان المنوي الإجمالي نية رمضان و الحال ان المكلف منهي عن مثل هذه النية فكيف يمكن الجزم بالصحة مع احتمال كون الغد من رمضان.

و ان شئت قلت: يدور الامر بين المأمور به و المنهي عنه فكيف يحصل الجزم بالامتثال.

الفرع السادس: أن ينوي بنحو الترديد بأن ينوي ان الغد ان كان من شعبان يكون الصوم ندبيا و ان كان من رمضان يكون وجوبيا ذهب جملة من الاساطين الي عدم الصحة في هذه الصورة علي ما نسب اليهم بل عن العلامة دعوي الاجماع

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 30

______________________________

علي عدم الصحة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين: احدهما: ما مر منا في الفرع السابق و هو ان المستفاد من حديث سماعة حصر النية في كونه من شعبان و الترديد بين الامرين ليس كذلك فلا يصح.

ثانيهما: ان مقتضي دليل النهي عن الاتيان بعنوان رمضان عدم الفرق بين الاتيان به جزما و الاتيان به احتمالا و رجاء.

الفرع السابع: انه اذا أصبح ناويا للإفطار فتبين كونه من رمضان قبل الزوال و قبل الاتيان بالمفطر فالاحوط تجديد النية ثم

القضاء و افتي السيد اليزدي قدس سره في العروة بالصحة و الاجزاء في هذه الصورة.

و يمكن الاستدلال عليه بأنه قد قام الدليل علي أن المسافر اذا صار حاضرا قبل الزوال و لم يأت بالمفطر يجب عليه الصيام فالمقام كذلك.

و يؤيد المدعي المنقول عما في المعتبر «ان ليلة الشك أصبح الناس فجاء اعرابي فشهد برؤية الهلال فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديا ينادي: من لم يأكل فليصم و من أكل فليمسك «1».

و فيه: انه لا وجه لتسرية ذلك الحكم الي المقام و لا دليل عليه و أما المرسل فلا اعتبار به.

و لقائل أن يقول: ان اطلاق حديث ابن سنان «2» يشمل المقام الا أن يقال: بأن الاجماع و التسالم قائمان علي خروج المقام عن مورد الرواية فمقتضي الاحتياط تجديد النية ثم القضاء- كما في المتن.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 8 ص 214

(2) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 31

[مسألة 11: تجب استدامة النية إلي آخر النهار]

(مسألة 11): تجب استدامة النية الي آخر النهار (1) فاذا نوي القطع فعلا أو تردد بطل (2) و كذا اذا نوي القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوي المفطر مع العلم بمفطريته (3) و اذا تردد للشك في صحة

______________________________

الفرع الثامن: انه لو كان التبين بعد الزوال أمسك وجوبا ثم يقضي بتقريب انه لا دليل علي صحة الصوم في الفرض فلا يمكن الالتزام بالصحة و أما وجوب الامساك فيمكن الاستدلال عليه بالإجماع المدعي في المقام فاذا تحقق اجماع تعبدي كاشف علي وجوب الامساك في شهر رمضان و لو مع عدم كون المكلف صائما الا في موارد خاصة كالمسافر و المريض و نحوهما فلا بد من الالتزام بوجوبه و الا فلا.

هذا بالنسبة الي وجوب الامساك و أما

بالنسبة الي القضاء فعلي القاعدة اذ المفروض انه لو لم يصم المكلف في شهر رمضان يجب عليه قضائه.

الا أن يقال: بأن اطلاق حديث ابن سنان «1» المتقدم يشمل المقام أيضا و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الصوم أمر عبادي يجب تحققه من اوله الي آخره عن نية فتجب الاستدامة.

(2) اذ في الفرضين المذكورين يختل شرط الصحة أي النية فان العزم علي القطع أو التردد فيه ينافي استدامتها.

(3) الذي يختلج بالبال انه لا معني لنية القطع فيما يأتي فان نية القاطع و الاتيان بالمفطر يتصور بالنسبة الي الزمان المستقبل و أما نية القطع فلا معني لها اذ كيف يمكن العزم علي بقاء النية مع العزم علي افسادها فيما يأتي و بعبارة اخري: ان نية القطع فيما يأتي يستلزم عدم بقاء النية فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 32

صومه فالظاهر الصحة (1) هذا في الواجب المعين أما الواجب غير المعين فلا يقدح شي ء من ذلك فيه اذا رجع الي نيته قبل الزوال (2).

[مسألة 12: لا يصح العدول من صوم إلي صوم اذا فات وقت نية المعدول اليه]

(مسألة 12): لا يصح العدول من صوم الي صوم اذا فات وقت نية المعدول اليه (3) و الا صح (4).

______________________________

(1) اذ هذا التردد في الحكم الشرعي لا في العمل و بعبارة اخري: المكلف ربما يتردد في صحة عمله من باب الجهل بالحكم الشرعي و هذا التردد لا ينافي البقاء علي النية و العزم علي اتمام العمل.

(2) بناء علي ما مر من أن تجديد النية في الواجب الموسع يمكن الي الزوال فاذا فرض ان المكلف لم يكن ناويا للصوم ثم بني عليه يكون صومه صحيحا فالمقام كذلك اذ لا يشذ عنه.

و لقائل أن يقول: ان الاحكام الشرعية امور تعبدية فلا

بد من الاقتصار علي موارد قيام الدليل عليها الا أن يقال: انه يكفي اطلاق نصوص المقام لاحظ حديث ابن سنان «1» فان مقتضي اطلاق هذا الحديث جواز التجديد في مفروض الكلام.

(3) اذ العدول ليس أمرا علي طبق القاعدة بل أمر تعبدي محتاج الي الدليل.

و ان شئت قلت: ان كون العمل المأتي به بعضه بعنوان امتثال امر و بعضه الاخر بعنوان امتثال امر آخر مجزيا يتوقف علي قيام دليل عليه كما قام في باب الصلاة في الجملة.

(4) اذ مع بقاء وقت المعدول اليه لا يكون عدولا كي يقال انه علي خلاف القاعدة فلو صام ندبا مثلا فتذكر انه عليه صوم رمضان و كان تذكره قبل الزوال

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 33

علي اشكال (1).

[الفصل الثاني: المفطرات]

اشارة

الفصل الثاني: المفطرات

[و هي أمور]

اشارة

و هي امور:

[الأول و الثاني: الأكل و الشرب]

الاول و الثاني: الاكل و الشرب (2) مطلقا و لو كانا قليلين (3) أو غير معتادين (4).

______________________________

يمكنه العدول اي يرفع اليد عن الصوم الندبي و ينوي امتثال الامر القضائي و هذا ليس من باب العدول بل من باب تحقق موضوع الاتيان بالقضاء بحسب اطلاق دليل جواز تجديد النية الي الزوال.

(1) يمكن أن يكون المراد من الاشكال ان ما ذكر ليس عدولا كما نبهنا عليه.

(2) اجماعا من جميع المسلمين في الجملة بل و ضرورة و يدل علي المدعي قوله تعالي: «وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّٰي يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَي اللَّيْلِ» «1» و تدل علي المدعي أيضا السنة و ستمر عليك النصوص المدعاة فانتظر.

(3) اذ الحكم مترتب علي عنواني الاكل و الشرب و القلة لا توجب عدم الصدق فلا فرق.

(4) ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- بل نقل ادعاء عدم الخلاف فيه بين المسلمين الا من حسن بن صالح و العمدة صدق العنوان المأخوذ في الدليل عليه فبمقتضي الاطلاق يحكم علي غير المعتاد مثل ما يحكم علي المعتاد فان مقتضي النهي الوارد في الكتاب عن الاكل و الشرب حرمتهما علي الاطلاق و لا دليل علي التقييد.

و دعوي الانصراف علي فرض تماميتها بدوية تزول بالتأمل كما أن عنوان الأكل

______________________________

(1) البقرة/ 184

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 34

[الثالث: الجماع قبلا و دبرا]

الثالث: الجماع قبلا (1) و دبرا (2).

______________________________

و الشرب الواردين في جملة من النصوص يشمل غير المعتاد أيضا.

(1) بلا اشكال و في بعض الكلمات: «لعله من الضروريات» و يدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

لا يضر الصائم ما

صنع اذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتي يمني قال: عليه من الكفارة مثل ما علي الذي يجامع «2».

(2) لإطلاق الجماع و اتيان الاهل فتأمل. مضافا الي اتفاقهم علي الحكم قال في الحدائق: «و بالجملة فاني لا اعرف لذلك دليلا بالنسبة الي التحريم و الي ايجاب القضاء و الكفارة الا اتفاقهم علي الحكم المذكور و لعله كاف مع عدم وجود دليل يناقضه سيما مع موافقته للاحتياط» انتهي «3».

و يستفاد عدم الحاق الدبر بالقبل من بعض النصوص لاحظ مرفوعي الكوفيين و علي بن الحكم الي أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل «4» لكن المرفوع لا اعتبار به و الحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) الحدائق ج 13 ص 109

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 35

فاعلا و مفعولا به (1) حيا و ميتا (2) حتي البهيمة علي الاحوط وجوبا (3) و لو قصد و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة بطل صومه (4) و لكن لم تجب الكفارة عليه (5) و لا يبطل الصوم اذا قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين (6).

[الرابع: الكذب علي اللّه تعالي أو علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أو علي الائمة عليهم السلام]
اشارة

الرابع: الكذب علي اللّه تعالي (7) أو علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أو علي الائمة عليهم

السلام (8) بل الاحوط الحاق الانبياء و الاوصياء

______________________________

(1) ان قلنا بتحقق الجنابة بالدخول و لو لم تكن المفعول امرأة فالامر ظاهر لأجل تحقق الجنابة و الا يكون الحكم مبينا علي الاحتياط.

(2) بدعوي اطلاق الدليل و صدق الجماع و اتيان الاهل و لا يبعد.

(3) الحكم مبني علي الاحتياط لعدم الدليل و عدم ثبوت الجنابة بالاتيان بالنسبة الي البهيمة.

(4) لأجل فساد النية.

(5) اذ الكفارة مترتبة علي الاتيان بالمفطر و مع عدمه لا وجه لثبوتها.

(6) لعدم فساد النية بقصد التفخيذ و أما الدخول في أحد الفرجين المفروض في المتن فحيث لا يكون عمديا لا يوجب فساد الصوم.

(7) ادعي عليه الاجماع مضافا الي النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم قال: قلت له:

هلكنا قال: ليس حيث تذهب انما ذلك الكذب علي اللّه و علي رسوله و علي الائمة عليهم السلام «1».

(8) كما صرح بهما في حديث أبي بصير فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 36

عليهم السلام بهم (1) من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي (2) و اذا قصد الصدق فكان كذبا فلا بأس (3) و ان قصد الكذب فكان صدقا كان من قصد المفطر و قد تقدم البطلان به مع العلم بمفطريته (4).

[مسألة 13: إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلي أحد أو موجها له إلي من لا يفهم]

(مسألة 13): اذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه الي أحد أو موجها له الي من لا يفهم ففي بطلان صومه اشكال و الاحتياط لا يترك (5).

______________________________

(1) ربما يقال: بأن الكذب علي الانبياء أو الاوصياء كذب علي اللّه. و فيه منع كما يعلم من جعله في مقابل الكذب علي

اللّه في الخبر.

و ربما يقال: ان مقتضي اطلاق الرسول و الائمة الواقعين في الخبر التعميم.

و يرد عليه: ان الظاهر من الخبر رسول الإسلام و الأئمة من أهل بيته فلا يشمل المقام و لذا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط كما في المتن.

(2) لإطلاق الدليل لاحظ حديث أبي بصير و بقية النصوص.

(3) لعدم العمد.

(4) لفساد الصوم بفساد النية.

(5) و الوجه في الاشكال دعوي عدم صدق الاخبار. و فيه: ان الموضوع الوارد في الخبر عنوان الكذب و تحققه لا يتوقف علي وجود سامع يفهم كلام المتكلم بل يصدق عنوان الاخبار.

نعم لو لم يكن مخاطب يفهم الكلام لا يصدق عنوان انه أخبر فلانا بكذا و من الظاهر ان صدق هذا العنوان غير دخيل في تحقق موضوع الحكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 37

[الخامس: رمس تمام الرأس في الماء]
اشارة

الخامس: رمس تمام الرأس في الماء (1) من دون فرق بين الدفعة و التدريج (2) و لا يقدح رمس أجزائه علي التعاقب و ان استغرقه (3) و كذا اذا ارتمس و قد لبس ما يمنع وصول الماء الي البدن كما يصنعه الغواصون (4).

[مسألة 14: في إلحاق المضاف بالماء إشكال و الأظهر عدم الإلحاق]

(مسألة 14): في الحاق المضاف بالماء اشكال و الاظهر عدم الالحاق (5).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «1».

(2) لإطلاق الدليل فلاحظ.

(3) لعدم صدق الموضوع الوارد في دليل المنع فان صدقه يتوقف علي رمس جميع الرأس في الماء آنا ما.

(4) بدعوي عدم صدق الارتماس في الصورة المزبورة و مع عدم صدقه لا يترتب عليه الحكم.

(5) لعدم دليل عليه فان المصرح به في حديث ابن مسلم «2» الارتماس في الماء و مثله غيره.

لاحظ ما رواه في رسالة المحكم و المتشابه عن علي عليه السلام قال: و أما حدود الصوم فأربعة حدود: أولها: اجتناب الاكل و الشرب و الثاني اجتناب النكاح و الثالث اجتناب القي ء متعمدا و الرابع اجتناب الاغتماس في الماء و ما يتصل بها و ما يجري مجراها و السنن كلها «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) لاحظ ص: 34

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 38

[مسألة 15: إذا ارتمس عمدا ناويا للاغتسال]

(مسألة 15): اذا ارتمس عمدا ناويا للاغتسال فان كان الصوم واجبا معينا بطل غسله و صومه (1) و كذلك في الواجب الموسع اذا كان الغسل بعد الزوال (2) و أما اذا كان قبل الزوال أو كان الصوم مستحبا بطل صومه و صح غسله (3) و ان كان ناسيا صح صومه و غسله في جميع ذلك (4).

[السادس: إيصال الغبار الغليظ منه و غير الغليظ إلي جوفه عمدا]

السادس: ايصال الغبار الغليظ منه و غير الغليظ الي جوفه عمدا علي الاحوط نعم ما يتعسر التحرز عنه فلا بأس به و الاحوط الحاق الدخان بالغبار (5).

______________________________

و ما رواه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه باسناده رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة أشياء تفطر الصائم: الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء و الكذب علي اللّه و علي رسوله و علي الائمة عليهم السلام «1».

(1) أما صومه فلكون الارتماس مفطرا فيفسد صومه و أما غسله فلعدم امكان أن يكون الحرام مصداقا للمأمور به و ان شئت قلت لا يجتمع الحب و البغض في وجود واحد.

(2) و الكلام فيه هو الكلام.

(3) أما بطلان صومه فلما مر و أما صحة غسله فلعدم حرمة ابطال الصوم في مفروض الكلام فلا وجه لفساد الغسل فلاحظ.

(4) اذ لا يتحقق البطلان مع النسيان فلا مقتضي لبطلان الغسل أيضا.

(5) و الدليل عليه ما رواه سليمان بن جعفر (حفص) المروزي قال: سمعته

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 39

[السابع: تعمد البقاء علي الجنابة حتي يطلع الفجر]
اشارة

السابع: تعمد البقاء علي الجنابة حتي يطلع الفجر (1).

______________________________

يقول: اذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك مفطر مثل الاكل و الشرب و النكاح «1».

و سليمان الراوي للخبر لم يوثق مضافا الي ان اضماره يمكن أن يكون من غير المعصوم فلا يترتب عليه الاثر.

اضف الي ذلك انه يعارضه ما رواه عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال:

سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه

فقال: جائز لا بأس به قال: و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال: لا بأس «2».

و قد صرح في الرواية بعدم الباس بالغبار و جواز دخول الدخنة في الحلق و مما ذكرنا علم انه لا دليل علي الحكم و لو مع عدم العسر فكيف معه فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «و المشهور بين الاصحاب بطلان الصيام بذلك و وجوب القضاء و الكفارة» الي أن قال «و نقل ابن ادريس: اجماع الفرقة علي أنه يفسد الصوم» ثم قال: «و لا يعتد بالشاذ الذي يخالف ذلك و نسبه في المنتهي و التذكرة الي علمائنا» «3» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و نقل عن الرياض دعوي تواتر الروايات بذلك. و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه احمد بن محمد يعني ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق ج 13 ص 112

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 40

______________________________

قال: سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتي يصبح متعمدا قال: يتم ذلك اليوم و عليه قضائه «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتي أصبح قال: يتم صومه ذلك ثم يقضيه اذا أفطر من شهر رمضان و يستغفر ربه «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتي أصبح قال: يعتق رقبة أو يصوم شهر

بن متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال: و قال: انه حقيق (لخليق) أن لا أراه يدركه أبدا «3».

و منها: ما رواه سليمان بن جعفر (حفص) المروزي عن الفقيه عليه السلام قال:

اذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لا يغتسل حتي يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم و لا يدرك فضل يومه «4».

و دلالة هذه النصوص علي المدعي ظاهرة لا يقال: كيف يدل وجوب الكفارة علي بطلان الصوم كما في بعض الروايات، فانه يقال يفهم عرفا ان ايجاب الكفارة ناش عن ابطال الصوم و ليس وجوبا تعبديا بحتا مضافا الي أنه يكفي لا ثبات المطلوب بقية النصوص.

و استدل علي القول الاخر بقوله تعالي: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِليٰ

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 41

______________________________

نِسٰائِكُمْ» «1» و قوله تعالي: «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ» «2».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة جواز الرفث و المباشرة في كل جزء من الليل مع ان حرمة البقاء علي الجنابة و الاصباح جزا تنافيان مع جواز الرفث و المباشرة في كل جزء منه.

و الجواب: انه ترفع اليد عن اطلاق الاية بالنصوص الواردة في المقام.

و استدل أيضا علي القول الثاني بجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن عيسي قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتي يصبح اي شي ء عليه؟ قال: لا يضره هذا و لا يفطر و لا يبالي فان أبي عليه السلام قال: قالت عائشة ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام قال: لا يفطر و لا يبالي و رجل أصابته جنابة فبقي نائما حتي يصبح اي شي ء يجب عليه؟ قال: لا شي ء عليه يغتسل الحديث «3» و هذه الرواية ضعيفة باسماعيل.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل و أخر الغسل حتي يطلع الفجر فقال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يجامع نسائه من أول الليل ثم يؤخر الغسل حتي يطلع الفجر و لا اقول كما يقول هؤلاء الاقشاب يقضي يوما مكانه «4» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

______________________________

(1) البقرة/ 185

(2) البقرة/ 185

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 42

______________________________

و منها: ما رواه سليمان بن أبي زينبة قال: كتبت الي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام أسأله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل فأخر الغسل حتي طلع الفجر فكتب عليه السلام إلي بخطه أعرفه مع مصادف: يغتسل من جنابته و يتم صومه و لا شي ء عليه «1». و هذه الرواية ضعيفة بسليمان.

و منها: ما رواه حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتي يطلع الفجر «2»

و أورد سيدنا الاستاد علي الرواية «بأنها خلاف السنة القطعية فلا يمكن الاعتماد عليها» «3».

و فيه: انه ما المراد من السنة القطعية فان كان المراد بها الحكم الشرعي الواقعي فلا دليل علي المدعي لأنه يحتمل أن يكون الحكم في

الواقع هكذا و ان كان المراد من السنة ان الروايات الدالة علي الفساد قطعية الصدور فنقول:

لا دليل علي سقوط الرواية اذا عارضتها الرواية القطعية صدورا اذ مقبولة ابن حنظلة لا اعتبار بها فهذا الاشكال غير وارد.

و أورد عليها أيضا بأنها تدل علي استمرار رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي الاصباح جنبا و هذا لا يمكن الالتزام به اذ الاصباح جنبا لا شبهة في مرجوحيته و كيف يمكن أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يستمر علي الامر المرجوح.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

(3) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 43

و الاظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه (1).

______________________________

و فيه: ان مرجوحيته أول الكلام و الاشكال فهذه الرواية تعارض تلك النصوص فلا بد من علاج التعارض و حيث ان العامة قائلون بالصحة تحمل هذه الرواية علي التقية.

و منها ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتي طلع الفجر فقال: يتم صومه و لا قضاء عليه «1».

و هذه الرواية ان قلنا ان دلالتها علي المدعي بالاطلاق و يمكن تقييدها بغير صورة العمد فهو و الا تحمل علي التقية كتلك الرواية.

(1) و الوجه في تسرية الحكم الي قضاء رمضان عدة نصوص واردة في المقام منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتي يجي ء آخر الليل و هو يري ان الفجر قد طلع قال: لا

يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره «2».

و منها: ما رواه ابن سنان أيضا يعني عبد اللّه قال: كتب أبي الي أبي عبد اللّه عليه السلام و كان يقضي شهر رمضان و قال: اني أصبحت بالغسل و أصابتني جنابة فلم اغتسل حتي طلع الفجر، فاجابه عليه السلام: لا تصم هذا اليوم و صم غدا «3»

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتي أدركه الفجر فقال عليه السلام:

عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر فقلت: اذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان قال: فليأكل يومه ذلك و ليقض فانه لا يشبه رمضان شي ء من الشهور «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 44

أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك (1).

[مسألة 16: الأقوي عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان]

(مسألة 16): الاقوي عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان (2) و غيره من الصوم الواجب المعين (3) إلا قضاء رمضان (4) فلا يصح معه و ان تضيق وقته (5).

[مسألة 17: لا يبطل الصوم واجبا أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام في اثناء النهار]

(مسألة 17): لا يبطل الصوم واجبا أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام في اثناء النهار (6).

______________________________

فان المستفاد من هذه النصوص ان قضاء شهر رمضان مثله في هذا الحكم مضافا الي دعوي ان القضاء و الاداء متحدان في الماهية فيتحدان في الاحكام فتأمل.

(1) لعدم المقتضي اذ النصوص واردة في صوم شهر رمضان و قضائه و دعوي عدم الفرق عهدتها علي مدعيها مضافا الي أن المستفاد من حديث ابن مسلم «1» انه لا دخل لغير المذكورات في تحقق الصوم و يضاف الي ذلك بالنسبة الي الصوم المندوب ان الدليل الخاص دل علي عدم بطلانه بذلك لاحظ حديثي حبيب و ابن بكير «2».

(2) لاختصاص دليل البطلان بصورة العمد فلا وجه للتعدي.

(3) قد مر ان التعمد علي البقاء لا يفسده فكيف بالبقاء عن غير عمد.

(4) لإطلاق دليل البطلان الوارد في القضاء لاحظ حديثي ابن سنان «3».

(5) للإطلاق.

(6) ادعي عدم الخلاف فيه و الاجماع بل كونه ضروريا و تدل علي المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1 و لاحظ ص: 19

(3) لاحظ ص: 34

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 45

كما لا يبطل البقاء علي حدث مس الميت عمدا حتي يطلع الفجر (1).

[مسألة 18: إذا أجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتا الي ذلك فهو من تعمد البقاء علي الجنابة]

(مسألة 18): اذا أجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتا الي ذلك فهو من تعمد البقاء علي الجنابة (2) نعم اذا

______________________________

جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم: القي ء و الاحتلام و الحجامة الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن بكير في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحتلم بالنهار

في شهر رمضان يتم صومه كما هو؟ فقال: لا بأس «2».

و منها: ما رواه العيص بن القاسم أنه سأل أبا عبد للّه عليه السلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيفظ ثم ينام قبل أن يغتسل، قال: لا بأس «3».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم؟ قال: لان النكاح فعله و الاحتلام مفعول به «4».

و منها: ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم قال: فقال: اذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتي يغتسل الحديث «5»

(1) لعدم الدليل علي البطلان بل حديث ابن مسلم الدال علي حصر المفطر يدل علي عدمه فلاحظ.

(2) فانه نحو من التعمد لقدرته علي عدمه بترك مقدمته و ان شئت قلت:

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 46

تمكن من التيمم وجب عليه التيمم و الصوم و قضائه علي الاحوط و ان ترك التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة (1).

[مسألة 19: إذا نسي غسل الجنابة ليلا حتي مضي يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه]

(مسألة 19): اذا نسي غسل الجنابة ليلا حتي مضي يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه و عليه القضاء (2).

______________________________

لا اشكال في تحقق الاصباح جنبا و لا اشكال في أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فلاحظ.

(1) لا اشكال في أن بدلية التيمم ليست بدلية اختيارية فلا يكون المكلف مخبرا بين الامرين و لذا لا يجوز اراقة الماء و الاتيان بالتيمم بدلا له و حيث ان المفروض في المقام ان

المكلف لا يمكنه تحصيل الطهارة المائية لا يجوز له الاجتناب فمقتضي الصناعة فساد صومه و عدم تأثير للتيمم و يترتب عليه وجوب القضاء و الكفارة و مقتضي الاحتياط الاتيان بالتيمم و الصوم و القضاء و الكفارة.

و لا أدري ما الوجه في تفريق الماتن بين القضاء و الكفارة فان التيمم ان كان بدلا عن الغسل فلا يفسد الصوم فلا يجب القضاء كما لا تجب الكفارة و ان لم يكن بدلا لعدم الدليل عليه فيفسد الصوم فيجب القضاء و تجب الكفارة و اللّه العالم.

(2) كما نسب الي الاكثر و الاشهر و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي قال:

سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتي خرج شهر رمضان قال: عليه أن يقضي الصلاة و الصيام «1».

و يؤيد المدعي حديث ابراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسي أن يغتسل حتي يمضي لذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 47

دون غيره من الواجب المعين و غيره (1) و ان كان أحوط

______________________________

جمعة أو يخرج شهر رمضان قال: عليه قضاء الصلاة و الصوم «1».

و مرسل الصدوق قال: و روي في خبر آخر ان من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتي خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل و يقضي صلاته و صومه الا أن يكون قد اغتسل للجمعة فانه يقضي صلاته و صيامه الي ذلك اليوم و لا يقضي ما بعد ذلك «2».

و نسب الي بعض الاساطين عدم البطلان و عدم وجوب القضاء و ذكر في وجهه ان النسيان

مرفوع بحديث الرفع «3» و الدليل قائم علي عدم بطلان الصوم بنوم الجنب الي الفجر بتقريب: ان النسية بين الدليلين عموم من وجه و ان ذلك الدليل يشمل الناسي و حديث الحلبي يشمل النائم. و ان المفطرات محصورة في أمور محدودة ليس هذا منها.

و الوجوه المذكورة لا ترجع الي محصل صحيح أما حديث رفع النسيان فهو لا يقتضي اثبات الصحة للفاقد و غايته اثبات العذر كما حقق في محله.

و أما الوجه الثاني فيرد عليه ان الدليل الدال علي عدم فساد الصوم بالنوم لا يقتضي عدم فساده من ناحية اخري. و ان شئت قلت: ان ذلك الدليل يدل علي أن نوم الجنب لا يفسد الصوم و هذا الدليل يدل علي بطلان الصوم بالنسيان فاي ربط بينهما و أما الوجه الثالث ففيه انه انما يتم مع عدم قيام دليل علي البطلان و المفروض ان الدليل قائم عليه.

(1) لعدم الدليل و اختصاص النص بصوم رمضان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 48

استحبابا (1) و الاقوي عدم الحاق غسل الحيض و النفاس اذا نسيته المرأة بالجنابة و ان كان الالحاق أحوط استحبابا (2).

[مسألة 20: إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر]

(مسألة 20): اذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر (3) فان تركه بطل صومه (4) و ان تيمم وجب عليه أن يبقي مستيقظا الي أن يطلع الفجر علي الاحوط (5).

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الكلام فيه هو الكلام فيما قبله و كون الحيض أعظم من الجنابة في بعض الجهات لا يقتضي كونه مثله في جميع الاحكام كما هو ظاهر.

بقي

شي ء و هو ان قضاء شهر رمضان هل يكون مثله في هذا الحكم أم لا؟

الحق هو الثاني اذا لالتزام بالالحاق اما من باب أن القضاء كالأداء في جميع الخصوصيات و الاحكام و أما من باب شمول النصوص الواردة في قضاء شهر رمضان الدالة علي بطلان الصوم بالاصباح جنبا لاحظ احاديث ابن سنان و سماعة بن مهران «1».

و يرد علي الوجه الاول انه لا دليل علي كونه مثله في جميع الاحكام و الخصوصيات و يرد علي الوجه الثاني ان تلك الأحاديث لا تشمل صورة النسيان الا أن يقال ان حديثي ابن سنان «2» يشمل المقام بالاطلاق و اللّه العالم.

(3) اذ التيمم بدل اضطراري عن الغسل فان لم يتمكن من الغسل كما هو المفروض تصل النوبة الي التيمم فيجب.

(4) اذ تركه يدخل في تعمد الاصباح جنبا فيبطل صومه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 48

(5) بدعوي انتقاض تيممه بالحدث الاصغر كالنوم فيجب عليه البقاء مستيقظا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 43

(2) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 49

[مسألة 21: إذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب فبان الخلاف]

(مسألة 21): اذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب فبان الخلاف فلا شي ء عليه مع المراعاة (1) أما بدونها فالاحوط القضاء (2).

______________________________

طلوع الفجر و قد ذكرنا في بحث التيمم في شرح المسألة (349) ان المستفاد من الكتاب «1» و السنة «2» ان التيمم كالوضوء و الغسل في حق غير المتمكن و بعبارة اخري: انه رافع موقت للحدث.

و استدل سيدنا الاستاد علي بقاء جنابة المتيمم بما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو

جنب و قد تيمم و هم علي طهور فقال: لا بأس «3».

بتقريب: انه فرض الراوي ان الامام المتيمم في حال الجنابة أم القوم و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه.

و فيه: انه ترفع اليد عن تقريره في هذه الرواية بما يدل علي أن التيمم كالغسل من الكتاب و السنة مضافا الي أن المستفاد من ادلة البدلية انه يترتب علي التيمم ما يترتب علي الغسل و الوضوء فكما انه يجوز النوم مع الغسل كذلك يجوز مع التيمم فلاحظ.

(1) لعدم صدق التعمد.

(2) لاحتمال صدق التعمد و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان قال:

ان كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأي الفجر فليتم صومه و لا اعادة عليه و ان كان قام فأكل و شرب ثم نظر الي الفجر فرأي انه قد طلع الفجر فليتم صومه

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 50

[مسألة 22: حدث الحيض و النفساء كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان]

(مسألة 22): حدث الحيض و النفساء كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان (1).

______________________________

و يقضي يوما آخر لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الاتيان بالمفطر مح عدم رعاية الوقت و الفحص يوجب بطلان الصوم و وجوب القضاء.

و يؤيد المدعي ما رواه ابراهيم بن مهزيار قال: كتب الخليل بن هاشم الي أبي الحسن عليه السلام رجل سمع الوطء و النداء في شهر رمضان فظن ان النداء للسحور فجامع و خرج فاذا الصبح قد اسفر فكتب بخطه: يقضي ذلك اليوم

ان شاء اللّه «2».

(1) الذي يظهر من كلام بعض الاصحاب انه مشهور بينهم و ادعي عدم الخلاف فيه و استدل علي المدعي بالنسبة الي الحيض بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتي أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ما روي في الاخذ بروايات بني فضال «4». ضعيف سندا أيضا مضافا الي أن سند الشيخ الي ابن فضال كما تقدم ضعيف فلا دليل علي كون الحديث مرويا لبني فضال.

و يضاف الي ذلك كله ان المستفاد من الحديث المستند الي العسكري عليه السلام انه لا ينبغي التشكيك في روايات بني الفضال و هذا الحديث لا يدل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب صفات القاضي الحديث: 79

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 51

دون غيره (1) و اذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو

______________________________

توثيق الواسطة بينهم و الامام و لا يدل علي تصديق الوسائط فلاحظ و اغتنم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه عليه السلام: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز (يصح) صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها و لا تقضي صلاتها لان رسول اللّه كان

يأمر (فاطمة و) المؤمنات من نسائه بذلك «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان البقاء علي حدث الاستحاضة و عدم الاتيان بالغسل قبل الفجر يوجب بطلان الصوم و وجوب القضاء فبالأولوية القطعية يفهم ان حدث الحيض كذلك اذ حدث الحيض أعظم و أشد من حدث الاستحاضة.

هذا بالنسبة الي الحيض و أما بالنسبة الي النفاس فيمكن الاستدلال عليه بالاولوية بالتقريب المتقدم مضافا الي دعوي قيام الاجماع علي أن النفساء كالحائض.

(1) لاختصاص الدليل بشهر رمضان فلا وجه لإسراء الحكم الي غيره حتي القضاء فلا يعم الحكم المذكور قضائه أيضا و لا دليل علي كون القضاء كالأداء في جميع الخصوصيات نعم المستفاد من دليل القضاء في الصلاة و قوله عليه السلام: «يقض ما فاته كما فاته» «2» انه لا بد من رعاية الخصوصيات المرعية في أصل الطبيعة فقضاء صوم رمضان مشروط بالشروط المرعية في أصل الطبيعة و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

لكن الحديث خاص بالصلاة و لا يشمل الصوم الا أن يقال: بقيام الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 52

لم تعلم بنقائها حتي طلع الفجر صح صومها (1).

[مسألة 23: المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية علي الأحوط]

(مسألة 23): المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل (2) لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية علي الاحوط (3).

______________________________

علي عدم الفرق بين الموردين من هذه الجهة و يمكن أن يقال: ان دليل القضاء في حد نفسه يقتضي ذلك.

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و بعبارة اخري لا تعمد في البقاء علي الحدث الي الفجر.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه

علي بن مهزيار «1» و الاضمار في الرواية لا يسقطها عن الاعتبار لأن المضمر ابن مهزيار و اضمار امثاله غير مضر كما أن اشتمال الحديث علي ما لا يقولون به من عدم قضاء الصلاة لا يقتضي سقوط الرواية عن الاعتبار فان التفكيك بين فقرات الحديث الواحد في الحجية امر ممكن كما أن قيام الدليل علي أن فاطمة عليها السلام بنت الرسول صلي اللّه عليه و آله لم تكن تر حمرة لا يقتضي رفع اليد عن الرواية لاحتمال ان المراد غيرها و يمكن أن يكون المراد أمر فاطمة عليها السلام لأجل أن تعلم النساء لا لعمل نفسها مع أن هذه الكلمة ساقطة في بعض الطرق و المذكور فيه هكذا «كان يأمر المؤمنات».

(3) أما شمول الرواية للظهرين فلا اشكال فيه و هو القدر المتيقن من الحديث و أما شموله الغسل لليلة الماضية فهو المستفاد من قول الراوي (الغسل لكل صلاتين) و أما دخل الغسل لليلة الآتية فهو و ان كان في مقام التصور أمرا ممكنا لكنه بعيد عن الفهم العرفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 53

فاذا تركت احداها بطل صومها (1) و لا يجب تقديم غسل الصبح علي الفجر (2) بل لا يجزي لصلاة الصبح الا مع وصلها به (3).

______________________________

و أما شموله لغسل الفجر فهو من باب ان المستفاد من الرواية ان المركوز في ذهن السائل ان حدث الاستحاضة يقتضي بطلان الصوم فيكون غسل الفجر داخلا في موضوع الحكم هذا ما أفاده سيدنا الاستاد في هذا المقام «1».

و قد ذكرنا في كتاب الطهارة في ذيل المسألة (220) من بحث الاستحاضة ان المستفاد من الرواية توقف صحة الصوم علي غسل الظهرين و العشاءين و الظاهر بحسب

المتفاهم العرفي ان المراد بغسل العشاءين غسل الليلة اللاحقة و أما التوقف بالنسبة إلي غسل الفجر فلا يستفاد منها.

و بعبارة اخري: الذي يستفاد من الحديث ان صحة الصوم تتوقف علي غسل الظهرين و غسل العشاءين من الليلة اللاحقة و أما اشتراط الصحة بغسل الفجر فان تم اجماع تعبدي كاشف عليه فهو و إلا فيشكل الجزم به.

و صفوة القول: ان المذكور في الرواية الغسل لكل صلاتين و ليس لغسل الفجر ذكر فيها فالمرتكز في ذهن السائل ان الشرط للصحة الغسل لكل صلاتين و اذا كان المرتكز في ذهنه غسل العشاءين لليلة الماضية لكان المناسب أن يذكر غسل الفجر اذ المانع عن الصحة الحدث فكيف يمكن أن يكون الحدث الموجود في الليلة الماضية مانعا و لا يكون حدث الفجر كذلك فالمراد اما خصوص غسل الظهرين و أما مع غسل الليلة اللاحقة و اللّه العالم و عليه التوكل و التكلان.

(1) للحديث المذكور الدال علي البطلان بترك الغسل.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) بتقريب: ان المستفاد من ادلة وجوب الغسل عليها انه لا يجوز الفصل

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 54

______________________________

المعتد به بين الغسل و الصلاة و قد تعرضا لدليل وجوب المبادرة في كتاب الطهارة في شرح مسألة (218).

و قلنا هناك انه لا يبعد أن يكون المدرك لوجوب المبادرة حديث أبي المعزا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحلبي قد استبان ذلك منها تري كما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة ان كان دما كثيرا فلا تصلين و ان كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين «1».

و حديث اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري

الدم اليوم و اليومين قال: ان كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

بتقريب: ان لفظ (عند) المذكور في الحديثين ظاهر في المقاربة و تقدير لفظ الوقت كي يقال: ان المراد عند وقت الصلاة، خلاف الظاهر و لا دليل عليه و بهما ترفع اليد عن اطلاق غيرهما.

و مثلهما في الدلالة علي المدعي حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (سمعته يقول: المرأة خ) المستحاضة تغتسل (التي لا تطهر خ) عند صلاة الظهر و تصلي الظهر و العصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب و العشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر و لا بأس بأن يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها الحديث «3».

و أما حديث اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب: 30 من ابواب الحيض الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 55

و اذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجتزئ به للصبح و لو مع عدم الفصل المعتد به علي الاحوط (1).

[مسألة 24: إذا أجنب في شهر رمضان ليلا و نام حتي أصبح]

(مسألة 24): اذا اجنب في شهر رمضان ليلا و نام حتي اصبح فان نام ناويا لترك الغسل أو مترددا فيه لحقه حكم تعمد البقاء علي الجنابة (2).

______________________________

المستحاضة كيف تصنع؟ قال: اذا مضي وقت طهرها الذي كانت تطهر فيه فلتؤخر الظهر الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي الظهر و العصر فان كان المغرب فلتؤخرها الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي المغرب و العشاء فاذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلي ركعتين قبل الغداة ثم تصلي الغداة الحديث

«1»، فضعيف سندا فلا يعبأ به.

(1) لعدم الدليل علي الاجزاء فلاحظ.

(2) قد تعرض الماتن في هذه الجملة لحكم صورتين و حكم ببطلان الصوم في كليهما أما الصورة الاولي فلا اشكال في صدق تعمد البقاء علي الجنابة الي الصبح فيترتب عليه البطلان و بعض النصوص الدالة علي البطلان وارد في النوم العمدي لاحظ ما رواه الحلبي «2».

و أما الصورة الثانية فأيضا بصدق عليها عنوان العمد و يترتب عليه بطلان الصوم و بعبارة اخري مثل هذا الشخص لا ينوي الصوم و الاصباح جنبا مفطر و المفروض انه لا ينوي عدمه بل متردد فيه و ان شئت قلت: النية تتوقف علي العزم و العزم ينافي التردد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 56

و ان نام ناويا للغسل فان كان في النومة الاولي صح صومه (1).

______________________________

(1) في فرض البناء علي الغسل تارة يكون واثقا بعدم الانتباه و اخري يكون مترددا فيه و ثالثة يكون واثقا بالانتباه أما الصورة الاولي فالظاهر بطلان الصوم لان نومه مع الفرض المذكور يكون مصداقا للتعمد علي البقاء فيكون صومه باطلا.

و أما الصورة الثانية فربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الاستقبالي بقائه علي النوم الي الصبح فيكون في حكم العامد.

و فيه: ان ترتب عنوان العمد علي الاستصحاب المذكور ليس ترتبا شرعيا فيكون من الاصل المثبت. و لكن لنا أن نقول بأن النوم مع عدم الوثوق بالانتباه مثل التردد في الغسل و عدمه.

و بعبارة اخري: مع عدم الوثوق بالانتباه لا يكون ناويا للصوم لان الصوم متقوم بعدم الاصباح جنبا.

و يظهر من كلام سيدنا الاستاد ان مثله غير داخل في المتعمد و هذه عبارته:

«ففي النومة الاولي بعد البناء علي الاستيقاظ و الاغتسال كما

هو المفروض بما أنه لا يصدق العمد و لا سيما في معتاد الانتباه فلا شي ء عليه». «1».

و فيه: انه مع عدم الوثوق بالانتباه يكون تاركا لنية الصوم فيكون داخلا تحت عنوان العمد فكيف يصح صومه.

و أما الصورة الثالثة فالظاهر صحة الصوم لعدم دليل علي فساد صومه بل الدليل قائم علي الصحة لاحظ ما رواه أبو سعيد القماط انه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل فنام حتي أصبح قال: لا شي ء عليه و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال «2».

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 211

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 57

______________________________

لكن يعارضه ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان قام و قد علم بها و لم يستيقظ حتي يدركه الفجر فقال:

عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر الحديث «1».

و في المقام طائفة اخري من النصوص تدل علي البطلان في صورة العمد لاحظ حديثي الحلبي و أبي بصير «2» فالطائفة الاولي تخصص بالطائفة الثالثة فان قلنا بتمامية قاعدة انقلاب النسبة تخصص الطائفة الثانية بالاولي بعد تخصيص الطائفة الثالثة اياها.

و بعباره واضحة الطائفة الاولي بعد تخصيصها بالثالثة تنقلب نسبتها الي الثانية من التباين الي العموم و الخصوص المطلقين فتكون مخصصة لها و أما لو لم نقل بانقلاب النسبة- كما لا نقول- يمكن تقييد الطائفة الاولي بما فصل بين النومة الاولي و الثانية.

لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتي يصبح في شهر رمضان

قال: ليس عليه شي ء قلت فانه استيقظ ثم نام حتي أصبح قال: فليقض ذلك اليوم عقوبة «3».

فانه يستفاد من هذه الرواية التفصيل بين النومة الاولي و الثانية ففي النومة الاولي اذا بقي نائما و أصبح جنبا لا يفسد صومه.

و ان شئت قلت: نسبة هذه الرواية الي الطائفة الاولي نسبة الخاص الي العام

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 40

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 58

______________________________

فتخصص تلك الطائفة بهذه الطائفة الرابعة.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من هذه الرواية التفصيل بين النومة الاولي بعد الجنابة و النومة الثانية فانه يفهم عرفا من قول الراوي: «الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام» ان النوم وقع بعد الجنابة حتي فيما كانت جنابته احتلامية فالنوم الاول هو النوم الحادث بعد الاحتلام و لا تعد النومة التي أجنب فيها من النومة الاولي بل هي نومة واحدة مستمرة فهي نومة الجنابة لا أنها نومة اولي بعد الجنابة.

و حمل قوله «ثم ينام» علي النومة التي أجنب فيها باعتبار الاستمرار ليكون ما ثبت فيه القضاء هي في الحقيقة النومة الاولي بعد الانتباه خلاف ظاهر كلمة (ثم).

و يدل علي المدعي اي صحة الصوم في الفرض المذكور و هي النومة الاولي أيضا ما رواه ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم (حتي) يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتي يصبح قال: يتم يومه (صومه) و يقضي يوما آخر و ان لم يستيقظ حتي يصبح أتم صومه (يومه) و جاز له «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه لو بقي نائما

الي الفجر في النومة الاولي بعد الجنابة يكون صومه صحيحا و هذا هو المدعي.

ان قلت: يمكن أن يكون قوله عليه السلام: «و ان لم يستيقظ» الي آخره ناظرا الي النومة التي أجنب فيها و احتلم فيكون مفهوم الشرطية فساد الصوم بالنومة التي بعد الاستيقاظ الاول فتكون الرواية دالة علي خلاف المدعي.

قلت: هذا خلاف الظهور العرفي و ان شئت قلت: التقسيم قاطع للشركة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 59

و ان كان في النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق و نام ثانيا حتي أصبح وجب عليه القضاء (1) دون الكفارة علي الاقوي (2).

______________________________

فانه يفهم من كلامه التفصيل بين النومة الثانية و الاولي بكون الصوم فاسدا في الثانية و صحيحا في الاولي.

و لقائل أن يقول ان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام «و ان لم يستيقظ» عدم الفرق بين النومة التي اجنب فيها و النومة الاولي بعد الانتباه في أنه لو بقي نائما الي الفجر لا يفسد صومه فلاحظ.

(1) كما هو المعروف عند الاصحاب و يدل علي المدعي حديث ابن عمار المتقدم ذكره آنفا فان المستفاد منه كما مر قريبا التفصيل بين النوم الاول و الثاني بصحة الصوم في الصورة الاولي و عدم شي ء عليه و فساده في الثانية و وجوب القضاء.

و يمكن أن يستدل عليه بحديث ابن أبي يعفور بعين التقريب و هذه الرواية نقلت في الفقيه بهذا النحو الموجود في الوسائل لكنها نقلت في التهذيب هكذا:

«الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتي يصبح قال: يتم صومه و يقضي يوما آخر «1».

فيدور الامر بين الاشتباه بالزيادة و الاشتباه بالنقيصة و الترجيح مع الثانية مضافا الي ما قيل من أن

الفقيه أضبط. و لقائل أن يقول: من الممكن تعدد الرواية فان دوران الامر بين الزيادة و النقيصة فرع وحدة الرواية و هي أول الكلام فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليها و عهدة دعوي الملازمة الشرعية بين القضاء و الكفارة علي مدعيها مع انتقاضها بموارد عديدة منها نسيان غسل الجنابة فانه يوجب القضاء دون الكفارة.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 4 ص 211 ح 19

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 60

و ان كان بعد النومة الثالثة فالاحوط استحبابا الكفارة أيضا (1).

______________________________

و في المقام حديثان ربما يستدل بهما علي وجوب الكفارة احدهما ما رواه المروزي «1» و هذه الرواية ضعيفة فان سليمان بن حفص لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارة لا اثر له كما مر منا مرارا مضافا الي أنه قابل للتقييد بالعمد.

ثانيهما ما أرسله ابراهيم بن عبد الحميد (اللّه) عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم قال: فقال: اذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتي يغتسل و ان أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتي يغتسل فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتي يصبح فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و يتم صيامه و لن يدركه أبدا «2» و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به.

فالنتيجة: انه لا دليل علي الكفارة و مقتضي الاصل عدمها مضافا الي ما يشاهد في بعض الكلمات من أن العدم نسب الي ظاهر الاصحاب بل نقل علي عدم وجوبها الاجماع و اللّه العالم.

(1) اي يترتب علي الاصباح جنبا بعد النومة الثالثة امران: احدهما: القضاء و فساد الصوم كما كان كذلك في النومة الثانية. ثانيهما: استحباب الكفارة فيقع الكلام اولا في وجوب القضاء و

ثانيا في الكفارة.

فنقول: لا اشكال في وجوب القضاء فان حديث ابن عمار يدل علي وجوب القضاء في المقام بالأولوية و أما الكفارة فيظهر من كلمات القوم ان المشهور وجوبها و ادعي عليه الاجماع و ذهب جماعة من الاساطين الي عدم الوجوب لعدم الدليل عليه و قد عرفت ضعف الوجوه القائمة علي الوجوب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 61

و كذلك في النومين الاولين اذا لم يكن معتاد الانتباه (1) و اذا نام عن ذهول و غفلة فالاحوط وجوب القضاء في النومين الاولين و الكفارة أيضا في الثالث (2).

[مسألة 25: يجوز النوم الأول و الثاني مع احتمال الاستيقاظ و كونه معتاد الانتباه]

(مسألة 25) يجوز النوم الاول و الثاني مع احتمال الاستيقاظ و كونه معتاد الانتباه (3) و الاحوط لزوما تركه اذا لم يكن معتاد الانتباه (4).

______________________________

و أما الاجماع المدعي في المقام فيرد عليه ان الاجماع المنقول ليس حجة كما حقق في محله و تحصيل الاجماع الكاشف لا يمكن فالنتيجه ان مقتضي القاعدة عدم الوجوب و لكن المشهور حيث ذهبوا الي القول بالوجوب يستحب الاحتياط فان حسنه غير قابل للإنكار.

(1) اذا لم يكن معتاد الانتباه لا يكون واثقا بالاستيقاظ و مع عدم الوثوق به يكون مترددا في تحقق الغسل فيكون مصداقا للعامد و العامد يجب عليه القضاء مضافا الي الكفارة.

(2) و الوجه فيه ان الذهول و الغفلة يلازمان النسيان اذا لمفروض ان المكلف علم بالجنابة ثم ذهل أي نسي جنابته و بمقتضي النص الخاص الناسي لغسل الجنابة يجب عليه القضاء بلا فرق بين النومة الاولي و غيرها و أما الاحتياط بالكفارة في الثالثة فلذهاب المشهور الي القول بالوجوب.

(3) اذ مع كونه معتاد الانتباه يثق بأنه اذا نام

لا يصبح جبنا فلا ينافي نومه مع نية الصوم. و ان شئت قلت: ان الوثوق بالانتباه حجة عقلائية فيكون كالقاطع بالانتباه في أنه يجوز له النوم.

(4) الذي يظهر في هذا المقام ان الاقوال فيه مختلفة فالمشهور هو الجواز علي الاطلاق و عن جماعة عدم الجواز كذلك و قول بالتفصيل بين النومة الاولي فتجوز

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 62

و أما النوم الثالث فالاحوط تركه مطلقا (1).

[مسألة 26: إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلي الغسل منه]

(مسألة 26): اذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة الي الغسل منه (2) و يجوز له الاستبراء بالبول و ان علم ببقاء شي ء من

______________________________

و الثانية فلا تجوز اما القائلون بالجواز فاستدلوا بالاصل.

و فيه انه لا مجال له مع صدق تعمد الاصباح جنبا فان الاصل لا مجال له مع قيام الدليل علي حرمة النوم لكونه مصداقا للعمد.

و استدل للقول الثاني بما رواه ابراهيم بن عبد الحميد «1» و المرسل لا اعتبار به.

و استدل للقول بالتفصيل بما رواه معاوية بن عمار «2». بتقريب ان المستفاد من الرواية حرمة النوم الثاني اذ جعل القضاء عليه عقوبة و العقوبة تناسب الحرمة بخلاف النوم الاول فانه قد صرح بأنه ليس عليه شي ء.

و اورد فيه بأن العقوبة المستلزمة للحرمة العقوبة الاخروية لا العقوبة الدنيوية فان الناسي للنجاسة يجب عليه القضاء عقوبة و الحال ان الصلاة في النجس نسيانا ليست حراما.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الحق حرمة النوم مطلقا مع عدم اعتياد الانتباه.

(1) لم يظهر لي وجه التفكيك بين النوم الثاني و الثالث اذ مع عدم اعتماد الانتباه لا يجوز النوم علي الاطلاق و أما مع الوثوق بالانتباه فلا مقتضي لعدم الجواز و القول بالتفصيل مضافا الي ضعف مدركه يقتضي التفصيل بين النوم الاول

و الثاني لا بين الثاني و الثالث و الامر سهل.

(2) ادعي انه لا خلاف في عدم الوجوب بل ادعي عليه الاجماع بقسميه و نسب

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 63

المني في المجري (1) و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالاحوط تاخيره الي ما بعد المغرب (2).

[مسألة 27: لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الأول]

(مسألة 27): لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الاول بل اذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الاول (3).

______________________________

الي جملة من الاساطين عدم العلم بالخلاف و الحق عدم الوجوب كما في المتن للأصل و عدم ما يقتضي الوجوب و أما مرسل ابراهيم «1» فلا اعتبار به لكونه مرسلا.

و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه العيص «2» فان الحديث المذكور يدل علي المدعي بالصراحة فلاحظ.

(1) قيل: انه مقطوع به و هو كذلك لعدم الدليل علي عدم الجواز اذ لا شبهة في أنه لا تحصل جنابة جديدة و أما دليل حرمة الامناء فالانصاف انه منصرف عن مفروض الكلام مضافا الي جريان السيرة عليه بل ابداء احتمال الاشكال فيه يعد غريبا.

(2) الوجه في عدم الجواز تحقق الجنابة التي تكون مفطرا بمقتضي ما رواه القماط «3» فان مقتضي هذه الرواية بطلان الصوم بالجنابة و لعل وجه عدم الجزم بالحكم انصراف الدليل عن هذه الصورة و الانصاف انه لا يبعد دعوي الانصراف.

(3) كما نسب الي جملة من الاساطين و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص الأول: ما رواه عيص بن القاسم انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينام

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 45

(3) لاحظ ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 64

[مسألة 28: الظاهر إلحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث]

(مسألة 28): الظاهر الحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث (1).

[مسألة 29: الأقوي عدم إلحاق الحائض و النفساء بالجنب]

(مسألة 29): الاقوي عدم الحاق الحائض و النفساء بالجنب (2) فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و ان كان البقاء علي الحدث في النوم الثاني أو الثالث (3).

______________________________

في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيفظ ثم ينام قبل أن يغتسل قال: لا بأس «1».

فان مقتضي اطلاق الرواية انه لو نام في شهر رمضان في الليل و اجنب و استيقظ ثم نام و بقي نائما الي الفجر لم يكن بنومه بأس فلا يترتب عليه القضاء و الكفارة.

الثاني: ما رواه معاوية بن عمار «2» فان هذه الرواية تدل علي أن النومة الاولي هي النومة التي تحقق بعد الجنابة لا النومة التي تحقق الجنابة فيها و قد ذكرنا تقريب المدعي في ذيل مسألة (24) فراجع.

الثالث: ما رواه ابن أبي يعفور «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان النومة التي تكون بعد اليقظة الثانية يترتب عليها القضاء فالنوم الذي يتحقق فيه الاحتلام ليس معدودا فلاحظ.

(1) فان مقتضي الفهم العرفي كذلك حيث انه يفهم من الدليل عدم الفرق بين الثالث و غيره في مثل المقام و لذا نلتزم بوجوب القضاء في الثالث كما نلتزم في الثاني مع عدم دليل علي القضاء أيضا في الثالث فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه و اثبات ترتب الحكم المترتب علي الجنابة في المقام بدعوي الاولوية لا سبيل اليه فلا بد من اتباع الدليل الوارد فيهما.

(3) لاختصاص النص بالجنب و لا وجه للتعدي بل العبرة بصدق التعمد علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 57

(3) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 65

[الثامن: إنزال المني بفعل ما يؤدي إلي نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله]

الثامن: انزال المني بفعل ما يؤدي الي نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله (1).

______________________________

البقاء و

عدمه و حديث أبي بصير «1» لا اعتبار به سندا.

(1) ادعي تارة عدم الخلاف فيه و اخري الاتفاق عليه و ثالثة انه مما أطبق عليه الاصحاب و رابعة انه عليه اجماع العلماء كافة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2».

و منها: ما رواه حفص بن سوقة عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال: عليه من الكفارة مثل ما علي الذي جامع في شهر رمضان «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل يعبث بامرأته حتي يمني و هو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان فقال عليه السلام: عليهما جميعا الكفارة مثل ما علي الذي يجامع «4».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «5».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وضع يده علي شي ء من جسد امرأته فأدفق فقال: كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو

______________________________

(1) لاحظ ص: 50

(2) لاحظ ص: 34

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 66

______________________________

يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة «1».

و هذه النصوص و ان كانت دالة بالمطابقة علي الكفارة لكن تدل علي المدعي بالملازمة للإجماع علي عدم الكفارة مع عدم الافطار مضافا الي أنه يكفي لإثبات المدعي ما تقدم من كلمات القوم فان فساد الصوم شرعا

في مفروض الكلام أوضح من أن يخفي.

بل يمكن الاستدلال علي البطلان بطائفة اخري من النصوص التي تدل علي المدعي بالمطابقة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أ يفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال: ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني «2».

و ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الصائم يقبل الجارية و المرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس و أما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن و القبلة احدي الشهوتين قلت: فما تري في مثلي يكون له الجارية فيلاعبها فقال لي: انك لشبق يا با حازم الحديث «3».

و ما رواه سماعة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان فقال: ما لم يخف علي نفسه فلا بأس «4».

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان فقال: اني أخاف عليه فليتنزه من ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 67

و أما اذا كان واثقا بالعدم فنزل اتفاقا أو سبقه المني بلا فعل شي ء لم يبطل صومه (1).

[التاسع: الاحتقان بالمائع]
اشارة

التاسع: الاحتقان بالمائع (2).

______________________________

الا أن يثق أن لا يسبقه منيه «1».

فان المستفاد من هذه النصوص بالنصوصية أو بالظهور ان الامناء يفسد الصوم و هذا هو المدعي فلاحظ.

(1) ادعي عليه القطع و عدم الخلاف فيه و الاشكال لعدم المقتضي و قصور

النصوص عن اثبات البطلان في الفرض: ان قلت مقتضي اطلاق بعض النصوص وجوب الكفارة بالانزل بلا تقييد بالعمد لاحظ حديثي حفص و سماعة «2» قلت ترفع اليد عن الاطلاق بما رواه زرارة و محمد «3» فان الاطلاق يقيد بهذه الرواية مضافا الي أنه كيف يمكن جعل الكفارة علي أمر غير اختياري و هذا الاطلاق خلاف الحكم الشرعي قطعا.

(2) يظهر من بعض الكلمات انه لا اشكال و لا خلاف في كون الاحتقان حراما للصائم نعم حكي عن ابن الجنيد انه قال: يستحب للصائم الاجتناب عن الاحتقان انما الكلام في كونه مفسدا للصوم و هو المدعي في المقام.

و يدل عليه ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام انه سأل عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال: الصائم لا يجوز له أن يحتقن «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 65

(3) لاحظ ص: 66

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 68

و لا باس بالجامد (1).

______________________________

بتقريب: ان النهي في هذه الموارد يرشد الي الفساد و لا يستفاد منه الحرمة النفسية سيما مع فرض الراوي أن الرجل به علة و مع ذلك قال عليه السلام:

«لا يجوز للصائم الاحتقان» اي لا يصح الصوم و لا يجوز مع الاحتقان و ان كان المراد من النهي الحرمة النفسية كيف يمكن أن يحكم عليه السلام بالحرمة علي الاطلاق و الحال ان الصوم لا يصح للمريض مضافا الي قاعدة رفع الحرج.

(1) لعدم المقتضي فان الاحتقان بما له من المفهوم لا يصدق علي الجامد فلا وجه لكونه مفسدا سيما مع حصر المفطر في النص «1» بأمور محصورة ليس

الاحتقان بالجامد منها و لو شك في الصدق يكون المرجع حديث الحصر.

فالنتيجة عدم دليل علي بطلان الصوم اذا كان الاحتقان بالجامد و يدل علي الجواز بالنسبة الي الجامد بالصراحة ما رواه محمد بن الحسن (الحسين) عن أبيه قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام ما تقول في اللطف يستدخله الانسان و هو صائم فكتب عليه السلام لا بأس بالجامد «2».

و لا يبعد أن تدل هذه الرواية بالمفهوم علي كون الاحتقان بالمائع مفسدا لا من باب مفهوم اللقب كي يقال: انه لا مفهوم له بل لخصوصية في المقام اذ لو لم يكن في مقام اثبات الفساد للاحتقان بالمائع كان المناسب في الجواب أن يقول:

«لا بأس به».

و بعبارة اخري: ان السائل فرض في الكلام استدخال الشياف و مع ذلك أجاب عليه السلام بأنه لا بأس بالجامد فيفهم من كلامه الفساد بالمائع فلاحظ.

و في المقام رواية اخري رواها علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 69

______________________________

السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟ قال: لا بأس «1».

ربما يقال بأنها تعارض حديث البزنطي فلا بد من علاج التعارض فنقول: ان قلنا بأن الاحتقان الوارد في ذلك الحديث ظاهر في الاحتقان بالمائع و حديث علي بن جعفر ظاهر في الجامد فلا تعارض كما هو ظاهر و ان قلنا بأن حديث البزنطي ظاهر في المائع و حديث ابن جعفر ظاهر في الاعم فحديث البزنطي يخصص تلك الرواية فلا تعارض أيضا و ان قلنا بالعكس فلا تعارض أيضا لعدم المعارضة بين العام و الخاص.

و

أما ان قلنا بأن كل واحد من الخبرين ظاهر في الاعم فيقع التعارض بينهما فعلي القول بانقلاب النسبة يرتفع التعارض اذ المكاتبة تخصص حديث البزنطي و بعد التخصيص تنقلب نسبته الي تلك الرواية الي نسبة الخاص الي العام و يخصصها و أما علي عدم القول بالانقلاب فلا بد من العلاج.

فنقول: مقتضي ما تقدم من كون المكاتبة بمفهومها تثبت البأس للمائع تكون وسيلة للجمع بين المتعارضين و رفع النزاع من البين اذ علي هذا بمنطوقها تقيد حديث البزنطي و بمفهومها تقيد تلك الرواية فالنتيجة التفصيل بين المائع و الجامد.

لكن علي القول بكون الاحتقان ظاهرا في المائع- كما لا يبعد أن يكون كذلك- لا تصل النوبة الي المعارضة و أيضا لا معارضة علي القول بأن شمول مفهوم الاحتقان للجامد مشكوك فيه.

و لقائل أن يقول: ان حديث البزنطي أخص من تلك الرواية علي جميع التقادير اذا لمفروض في تلك الرواية استدخال الدواء و الاستدخال أعم من أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 70

كما لا بأس بما يصل الي الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمي أكلا أو شربا كما اذا صب دواء في جرحه أو في اذنه أو في احليله أو عينه فوصل الي جوفه و كذا اذا طعن برمح أو سكين فوصل الي جوفه و غير ذلك نعم اذا فرض احداث منفذ لوصول الغذاء الي الجوف من غير طريق الحلق كما يحكي عن بعض اهل زماننا فلا يبعد صدق الاكل و الشرب حينئذ فيفطر به كما هو كذلك اذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الانف (1) و أما ادخال الدواء بالابرة في اليد أو الفخذ أو نحوهما من الاعضاء فلا باس به (2)

و كذا تقطير

______________________________

يستدخل من المحل الذي يحتقن أو يستدخل من محل آخر.

اللهم الا أن يقال: المتبادر من اللفظ هو الاستدخال من المحل المعهود فلاحظ فنتيجة ما تقدم هو التفصيل كما في المتن.

(1) اذ الموضوع المترتب عليه الحكم عنوان الاكل أو الشرب و مع عدم صدق هذين العنوانين لا يفسد الصوم إلا مع قيام دليل علي بطلانه بأمر آخر كما قام علي البطلان بالاحتقان و غيره من المفطرات.

و صفوة القول: ان الميزان صدق العنوان و مع الشك يحكم بعدمه علي ما هو المقرر عندنا من جريان الاصل في الشبهة المفهومية و مما ذكرنا يظهر الاشكال في جملة من الموارد التي ذكرت في المتن.

(2) لعدم صدق عنواني الاكل و الشرب عليه و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصائم هل يصلح له أن يصب في اذنه الدهن؟ قال: اذا لم يدخل حلقه فلا بأس «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 71

الدواء في العين أو الاذن (1).

[مسألة 30: لا يجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلي فضاء الفم]

(مسألة 30): لا يجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط اذا وصل الي فضاء الفم علي الاحوط (2).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و الحرمة فلا بأس و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها رواية علي بن جعفر المتقدمة آنفا و منها غيرها المذكور في الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

(2) لصدق عنوان الاكل عليه فلا يجوز و في المقام رواية تدل علي جواز ازدراد النخامة و هي ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا

بأس أن يزد رد الصائم نخامته «1».

لكن مفهوم النخامة غير ظاهر و وقع الاختلاف في تفسيرها بين اهل الفن و الاقوال فيها مختلفة فعن بعض اختصاصها بما يخرج من الصدر مقابلا لما ينزل من الرأس و عن بعض آخر عكس هذا التفسير و عن ثالث: انها الجامع بين الامرين قال في مجمع البحرين في مادة نخم: «النخامة بالضم النخاعة تنخم الرجل اذا تنخع و النخاعة ما يخرجه الانسان من مخرج الخاء انتهي.

و الازدراد عبارة عن الابتلاع و حيث ان المراد من النخامة غير معلوم و دائر امرها بين معان ثلاثة و ليس لنا قدر متيقن فلا بد من الاحتياط من باب العلم الإجمالي.

و صفوة القول: ان مقتضي الدليل الاولي الحرمة و الذي لا اشكال فيه ان عموم الدليل قد خصص بمورد و لكن لا يمكننا العلم به فلا مناص عن الاحتياط علي ما حقق في محله من تنجز العلم الإجمالي علي ما هو المعروف و الظاهر ان ما ذكرنا هو الوجه في عدم جزم الماتن بل بني الحكم بعدم الجواز علي الاحتياط

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 72

أما اذا لم يصل الي فضاء الفم فلا بأس بهما (1).

[مسأله 31: لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيرا]

(مسأله 31): لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و ان كان كثيرا و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلا (2).

[العاشر: تعمد القي ء]
اشارة

العاشر: تعمد القي ء (3) و ان كان لضرورة من علاج مرض

______________________________

فلاحظ.

(1) لعدم صدق الاكل و لا الشرب عليه فلا مقتضي للحرمة.

(2) لانصراف دليل المنع عن مثله مضافا الي جريان السيرة من المتشرعة عليه.

(3) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقيا الصائم فقد أفطر و ان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقيا الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم و ان ذرعه من غير أن يتقيا فليتم صومه «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن القي ء في رمضان فقال: ان كان شي ء يبدره فلا بأس و ان كان شي ء يكره نفسه عليه (فقد) أفطر و عليه القضاء الحديث «3».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام انه قال:

من تقيأ متعمدا و هو صائم فقد أفطر و عليه الاعادة فان (و ان) شاء اللّه عذبه و ان شاء غفر له و قال: من تقيا و هو صائم فعليه القضاء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 73

و نحوه (1) و لا بأس بما كان بلا اختيار (2).

[مسألة 32: إذا خرج بالتجشؤ شي ء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا]

(مسألة 32): اذا خرج بالتجشؤ شي ء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا (3) و اذا وصل الي فضاء الفم فابتلعه اختيارا بطل صومه

______________________________

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يستاك و هو صائم فيقي ء

ما عليه؟ قال: ان تقيا متعمدا فعليه قضائه و ان لم يكن تعمد ذلك فليس عليه شي ء «1».

(1) لإطلاق النصوص و في قبال هذه النصوص ما يعارضها لاحظ ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم القي ء و الاحتلام و الحجامة الحديث «2».

و حيث ان هذه الرواية مطلقه من حيث العمد و عدمه تقيد بتلك النصوص المفصلة بين الاختيار و عدمه فلاحظ.

(2) كما صرح به في النصوص مضافا الي دعوي الاتفاق عليه و ما عن ابن الجنيد من وجوب القضاء اذا كان عن محرم فضعيف.

(3) مفهوم التجشؤ يغاير مفهوم القي ء علي ما يظهر من اللغة بل يظهر التغاير المفهومي بينهما من النص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن القلس و هي الجشاء يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيا و هو قائم في الصلاة قال: لا تنقض ذلك وضوئه و لا يقطع صلاته و لا يفطر صيامه «3».

فلا مقتضي لكونه مبطلا مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي عدم تحقق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 74

و عليه الكفارة علي الاحوط (1).

______________________________

الافطار به و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي ء من الطعام أ يفطر ذلك؟ قال:

لا قلت: فان ازدرده بعد أن صار علي لسانه قال: لا يفطر ذلك «1».

و أما خروج شي ء معه فأيضا لا دليل علي كونه مبطلا بل الدليل قائم علي عدمه فان حديث

ابن سنان الذي تقدم صريح في عدم كونه مبطلا و أما نزوله بغير اختيار فأيضا لا يكون مبطلا اذ يشترط في تحقق الافطار الاختيار كما سيجي ء في كلام الماتن.

(1) لصدق موضوع الحكم فان الافطار العمدي يقتضي القضاء و الكفارة و المفروض في الكلام انه ابتلع عمدا ما وصل الي فضاء فمه لكن مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان «2» عدم تحقق الافطار فان المستفاد من هذه الرواية عدم ترتب الفساد علي ازدراد ما ظهر علي اللسان فان قلنا بانقلاب النسبة نقول: بأن دليل كون الاكل مبطلا بعد الاختصاص بصورة العمد و التذكر تصير نسبته الي حديث ابن سنان عموما من وجه فان ما به الافتراق من ناحية حديث ابن سنان صورة النسيان و غير الاختيار و ما به الافتراق من ناحية دليل مبطلية الاكل مصاديقه المتعارفة و ما به الاجتماع ما فرض من الازدراد في حديث ابن سنان و حيث ان دليل حرمة الاكل و كونه مبطلا موافق للكتاب يرجع و يقدم علي عدم الابطال.

و أما ان لم نقل بانقلاب النسبة- كما لا نقول- يكون حديث ابن سنان مخصصا لدليل حرمة الاكل و لم يظهر لي وجه عدم جزم الماتن و بنائه المسألة علي الاحتياط مع انه يري صحة الانقلاب و يمكن أن يكون الوجه في عدم الجزم انصراف دليل

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 9

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 75

[مسألة 33: إذا ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار بطل صومه في الواجب المعين]

(مسألة 33): اذا ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار بطل صومه في الواجب المعين و ان لم يقئه و كذلك الواجب غير المعين علي الاحوط اذا كان اخراجه منحصرا بالقي ء (1).

______________________________

حرمة الاكل عن المقام.

و لا

يخفي ان سند حديث ابن سنان مخدوش فان محمد بن عيسي الواقع في السند يمكن أن يكون المراد منه محمد بن عيسي بن عبيد بن يقطين بل هو حسب التميز و هو رواية محمد بن يحيي عنه و الرجل مورد الكلام.

(1) بتقريب: انه كيف يمكن الجمع بين وجوب القي ء و ايجاب الصوم فان مرجعه الي الجمع بين الضدين.

و لقائل أن يقول: انه يمكن تصور الامر بالصوم مع وجوب القي ء في النهار علي نحو الترتب اذ في فرض عصيان الامر الاول يمكن للمكلف أن يمسك عن المفطرات بقصد القربة فعلي القول بجواز الترتب كما هو كذلك لا مانع من تصحيح الصوم بهذا النحو.

و بعبارة واضحة تتصور للمكلف حالات ثلاث: الاولي: أن يمتثل وجوب القي ء و يتقيا. الثانية: أن يمسك عن القي ء و لكن لا يقصد امتثال الامر الصومي.

الثالثة: أن يمسك عنه بقصد امتثال الامر الصومي و حيث انه تتصور صورة ثالثة لا مانع من تعلق الامر بالامساك القربي علي فرض العصيان و لا يلزم تحصيل الحاصل

هذا بالنسبة الي الواجب المعين و أما بالنسبة الي الواجب غير المعين فالظاهر هي الصحة و لو علي عدم القول بالترتب الا علي القول بأن الامر بالشي ء يقتضي النهي عن الضد و علي القول بأن النهي الغيري يقتضي الفساد و لا نقول بشي ء من الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 76

و ان لم يكن منحصرا به لم يبطل الا اذا قاءه اختيار (1).

[مسألة 34: ليس من المفطرات مص الخاتم و مضغ الطعام و ذوق المرق]

(مسألة 34): ليس من المفطرات مص الخاتم (2) و مضغ الطعام (3) و ذوق المرق (4).

______________________________

و علي الجملة لا نري وجها للفساد في الواجب غير المعين و لذا لا مجال لتوهم فساد الصلاة اليومية مع سعة الوقت و وجوب

ازالة النجاسة عن المسجد فان ازالة النجاسة عن المسجد لا تزاحم وجوب الصلاة في سعة الوقت فلا مورد للترتب و ان شئت قلت الاطلاق في دليل الصلاة لا ينافي التقييد في دليل الازالة فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ لا تنافي بين الامرين نعم اذا اختار القي ء يبطل صومه كما لو أفطر بمفطر آخر.

(2) لحصر المفطر في غيره و مقتضي الاصل الاولي عدم كونه مفطرا و حراما مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال: لا بأس بأن يمص الخاتم «1».

(3) الكلام فيه هو الكلام لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سئل عن المرأة يكون لها الصبي و هي صائمة فتمضغ له الخبز و تطعمه قال: لا بأس به و الطير ان كان لها «2».

(4) الكلام فيه هو الكلام لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا أسمع عن الصائم يصب الدواء في اذنه؟ قال:

نعم و يذوق المرق و يزق الفرخ «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 37 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 77

و نحوها مما لا يتعدي الي الحلق (1) أو تعدي من غير قصد أو نسيانا للصوم (2) أما ما يتعدي عمدا فمبطل (3) و ان قل (4) و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمي عندهم بالنسوار علي ما قيل و كذا لا

بأس بمضغ العلك (5) و ان وجد له طعما في ريقه (6).

______________________________

و يستفاد من حديث سعيد الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم أ يذوق الشي ء و لا يبلعه؟ قال: لا «1»، المنع.

و نقل عن الشيخ حمل الاولي علي زمان الحاجة و الثانية علي عدم الحاجة و من الظاهر انه جمع تبرعي و أما حمل النهي علي الكراهة- كما في كلام سيد المستمسك قدس سره- و كلام سيدنا الاستاد ففيه ما قلناه من أنه ليس جمعا عرفيا

نعم يمكن الحمل علي الكراهة ببركة ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا محمد اياك أن تمضغ علكا فاني مضغت اليوم علكا و أنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا «2» اذ من الظاهر ان الامام عليه السلام لا يرتكب الحرام فيكون مكروها.

(1) لعين الملاك.

(2) لعدم بطلان الصوم بلا قصد كما انه لا يبطل في صورة النسيان.

(3) لتحقق موضوع الابطال.

(4) لإطلاق دليل الابطال.

(5) كما يستفاد من حديث ابن مسلم المتقدم ذكره الدال علي ارتكاب الامام بنفسه و قلنا يحمل دليل المنع علي الكراهة.

(6) لعدم دليل علي الابطال في هذه الصورة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 78

ما لم يكن لتفتت أجزائه (1) و لا بمص لسان الزوج و الزوجة (2) و الاحوط الاقتصار علي صورة ما اذا لم تكن عليه رطوبة (3).

[مسألة 35: يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها]

(مسألة 35): يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها (4) اذا كان واثقا من نفسه بعدم الانزال (5) و ان قصد الانزال كان من قصد

______________________________

(1) بتقريب: انه في هذا الفرض يصدق عليه عنوان الاكل لكن

في صدق العنوان مع الاستهلاك اشكال بل منع فلاحظ.

(2) كما يدل عليه خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الصائم أله أن يمص لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟ قال:

لا بأس «1».

و هذا الخبر فيه اشكال سندي من جهة محمد بن أحمد العلوي.

(3) بتقريب: ان دليل الجواز ناظر إلي صورة عدم رطوبة عليه و الشبهة واهية فان فرض عدم الرطوبة عليه فرض نادر ان لم يكن ملحقا بالعدم.

(4) لاحظ ما عن الرضا عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يعرض أحدكم نفسه لهن و هو صائم: الحجامة و الحمام و المرأة الحسناء «2» و ما رواه الحلبي و ما رواه منصور بن حازم «3».

(5) و أما مع عدم الوثوق فلا يجوز لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «4» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يبطل الصوم مع عدم الوثوق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 66

(4) لاحظ ص: 66

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 79

المفطر (1) و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته الي الحلق كالصبر و المسك (2) و كذا دخول الحمام اذا خشي الضعف (3) و اخراج

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) لاحظ ما رواه سماعة ابن مهران قال: سألته عن الكحل للصائم فقال:

اذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فلا بأس به «1»:

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن المرأة تكتحل و هي صائمة فقال:

اذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس «2».

فانه يستفاد من نصوص المنع الحرمة و لكن بضميمة الاجماع علي الجواز و ما دل علي عدم كونه من الطعام و الشراب يحمل النهي علي الكراهة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصائم يكتحل قال: لا بأس به ليس بطعام و لا شراب «3».

و ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكحل للصائم فقال: لا بأس به انه ليس بطعام يؤكل «4».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن الرجل يدخل الحمام و هو صائم فقال: لا بأس ما لم يخش ضعفا «5» فانه يحمل النهي ببركة الإجماع علي الجواز علي الكراهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 80

الدم المضعف (1) و السعوط (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصائم أ يحتجم؟ فقال: اني أتخوف عليه أما يتخوف (به) علي نفسه؟ قلت: ما ذا يتخوف عليه؟ قال: الغشيان (الغشي به) أو (أن) تثور به مرة قلت أ رأيت ان قوي علي ذلك و لم يخش شيئا؟ قال: نعم ان شاء «1».

و من عموم العلة يسري الحكم الي غير الحجامة من بقية الموارد فمع خشية الضعف يكره اخراج الدم و لا يحرم للتسالم علي عدم الحرمة.

و يستفاد من بعض النصوص كراهة الحجامة علي الاطلاق لاحظ ما

عن الرضا عليه السلام «2» و يستفاد من بعضها الجواز علي الاطلاق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان «3» و لكن بما فصل فيه بين احتمال الضعف و الامن منه يفصل كما في المتن.

(2) لاحظ ما رواه ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يحتجم و يصب في اذنه الدهن قال: لا بأس الا السعوط فانه يكره «4».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كره السعوط للصائم «5».

فانه يستفاد من الحديثين المرجوحية و مقتضي الاصل و انحصار المفطر في غيره عدم الحرمة فالنتيجة هي الكراهة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 78

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 81

مع عدم العلم بوصوله الي الحلق (1) و شم كل نبت طيب الريح (2).

______________________________

(1) اذ مع وصوله الي الحلق يدخل في عنوان الاكل المفطر المحرم و لو فرض نص دال علي الجواز لا يمكن استفادة الاطلاق منه بحيث يستفاد منه الجواز حتي في الصورة المفروضة اذ ليس في مقام البيان من هذه الجهة.

(2) ادعي عليه الاجماع و تدل علي مرجوحيته جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن الفيض (العيص) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ينهي عن النرجس فقلت: جعلت فداك لم ذلك؟ فقال: لأنه ريحان الاعاجم «1».

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه

أن عليا عليه السلام كره المسك أن يتطيب به الصائم «2».

و منها: ما رواه الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم لا يشم الريحان «3».

و منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ فقال: لا و لا يشم الريحان «4» و منها مرسلة المفيد «5».

و قال سيد العروة قدس سره: «ان المراد بالريحان كل نبت طيب الريح» و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام. «كما في المجمع و القاموس انه احد معانيه».

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 82

و بل الثوب علي الجسد (1) و جلوس المرأة في الماء (2) و الحقنة بالجامد (3) و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم و السواك بالعود الرطب (4).

______________________________

(1) بلا خلاف اجد- كما عن الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تلزق ثوبك الي جسدك و هو رطب و أنت صائم حتي تعصره «1».

و ما رواه الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال: لا و لا المحرم قال: و سألته عن الصائم أ يلبس الثوب المبلول؟

قال: لا «2».

(2) لاحظ ما رواه حنان بن سدير أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال: لا بأس و لكن لا ينغمس و المرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بقبلها «3».

لكن مقضي الحديث

كراهة نزول المرأة في الماء بلا فرق بين الجلوس و غيره.

قال في مجمع البحرين: «و استنقعت في الغدير اي نزلت و اغتسلت».

(3) بتقريب: ان دليل المنع عن الاحتقان باطلاقه يشمل الاحتقان بالجامد و دليل جواز استدخال الدواء يشمل المائع فيقع التعارض بين الجانبين فيحمل النهي علي الكراهة و قد تعرضنا للجمع بين النصوص في ذيل المفطر التاسع و فيما ذكرناه هناك كفاية عن التعرض في المقام فراجع.

(4) لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم ينزع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 83

و المضمصة: عبثا (1) و انشاد الشعر (2) الا في مراثي الائمة عليهم السلام و مدائحهم (3).

______________________________

ضرسه؟ قال: لا و لا يدمي فاه و لا يستاك بعود رطب «1».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه حماد عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم يتمضمض و يستنشق؟ قال: نعم و لكن لا يبالغ «2».

و منها: ما رواه يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متي شاء و ان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شي ء و قدتم صومه و ان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة و الافضل للصائم أن لا يتمضمض «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء و هو صائم قال: ليس عليه شي ء اذا لم يتعمد ذلك قلت: فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال: ليس عليه شي ء قلت: فان تمضمض الثالثة قال: فقال:

قد أساء ليس عليه شي ء و لا قضاء «4».

(2) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

يكره رواية الشعر للصائم و للمحرم و في الحرم و في يوم الجمعة و أن يروي بالليل قال: قلت: و ان كان شعر حق؟ قال: و ان كان شعر حق «5».

(3) لا يبعد أن يكون ناظرا الي ما رواه خلف بن حماد قال: قلت للرضا عليه السلام ان اصحابنا يروون عن آبائك عليهم السلام ان الشعر ليلة الجمعة و يوم الجمعة و في شهر رمضان و في الليل مكروه و قد هممت أن ارثي أبا الحسن (في

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 84

و في الخبر:» اذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا و لا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغضبوا و لا تسابوا و لا تشاتموا و لا تنابزوا و لا تجادلوا و لا تباذوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تزاجروا و لا تغفلوا عن ذكر اللّه تعالي» الحديث طويل (1).

[تتميم: المفطرات المذكورة انما تفسد الصوم اذا وقعت علي وجه العمد]

اشارة

تتميم: المفطرات المذكورة انما تفسد الصوم اذا وقعت علي وجه العمد (2).

______________________________

ليلة الجمعة خ) و هذا شهر رمضان فقال لي ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في سائر الايام فان اللّه يكافيك علي ذلك «1»

و الرواية ضعيفة للإرسال.

مضافا الي أن المستفاد من حديث حماد بن عثمان و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينشد الشهر بالليل و لا ينشد في شهر رمضان بليل و لا نهار فقال له اسماعيل: يا ابتاه فانه فينا قال: و ان كان فينا «2»، المنع و السند معتبر ظاهرا فلاحظ.

(1) لاحظ الباب 11 من أبواب آداب الصائم من الوسائل الحديث: 13.

(2) قال: سيدنا الاستاد في هذا المقام: «الظاهران هذا الحكم من الواضحات المتسالم عليها بين الفقهاء و لم يقع فيه خلاف كما صرح به غير واحد و الافطار غير العمدي الذي لا يكون مفطرا علي قسمين القسم الاول: ما يصدر عن المكلف من

______________________________

(1) الوسائل الباب 105 من أبواب المزار الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 85

______________________________

غير قصد القسم الثاني: ما يكون بلحاظ السهو و الغفلة عن كونه صائما أما القسم الاول فعن المستند: انه لا ريب فيه و لا خلاف.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الأول: ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان المكلف يصح صومه اذا اجتنب ثلاث خصال و من الظاهر انه لو صدر فعل من احد بلا اختيار لا يقال انه لم يجتنب.

و بعبارة اخري: يشترط في صحة الصوم الاجتناب عن عدة امور و الاجتناب بماله من المفهوم لا ينافي صدور الفعل من غير اختيار و ان شئت قلت: لا مقتضي للبطلان بالفعل الصادر عن غير الاختيار.

الوجه الثاني التعليل الوارد في حديث أبي بصير و سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس

فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس فقال: علي الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان اللّه عز و جل يقول: «و أتموا الصيام الي الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضائه لأنه أكل متعمدا «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الاتيان بالمفطر اذا كان عن عمد يوجب فساد الصوم و الا فلا.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي عدم فساد الصوم بالنسبة الي الناسي عن الصوم فاذا كان الامر كذلك اي لا يفسد الصوم بالافطار الاختياري فلا يفسد فيما لا يكون الاتيان بالمفطر بالاختيار بالاولوية.

الوجه الرابع: ما رواه عمار الساباطي «3» فان المستفاد من هذا الحديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 83

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 86

و لا فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به (1).

______________________________

ان المناط في مفطرية الشرب هو الاختيار و الا فلا يفسد الصوم فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم قال: ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الاكل غير الاختياري ليس مفطرا فان المراد من قوله «لأنه ليس بطعام» انه لا يكون اختياريا لا أن الذباب ليس طعاما فلا يكون أكله مفطرا اذ كيف يمكن الالتزام بذلك و علي الجملة يستفاد من التعليل ان العلة في الافساد هو العمد فبمفهوم العلة يسري الحكم الي بقية المفطرات فلاحظ.

الوجه السادس: النصوص الدالة علي القضاء علي من أفطر متعمدا و لكن قيد التعمد واقع في كلام السائل لا في كلام الامام عليه

السلام و يؤيد المدعي انه فصل في بعض المفطرات كالكذب و القي ء بين صورة العمد و غيرها هذا تمام الكلام في القسم الاول و أما القسم الثاني فيأتي الكلام فيه ان شاء اللّه تعالي.

(1) لا طلاق دليل المفطر الشامل لجميع الصور و عن جملة من الاساطين عدم كونه مفطرا مع الجهل بلا فرق بين أنواعه. و بعبارة واضحة مقتضي اطلاق دليل وجوب الاجتناب عن المفطرات و كونها مفسدة للصوم عدم الفرق بين العالم بالحكم و الجاهل به و كذلك لا فرق بين أقسام الجاهل بحسب الاطلاق.

و في قبال هذه الادلة حديثان يستفاد منهما خلاف تلك الادلة احدهما ما رواه زرارة و أبو بصير قالا جميعا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن رجل أتي أهله في شهر رمضان و أتي أهله و هو محرم و هو لا يري الا أن ذلك حلال له قال: ليس عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 87

______________________________

شي ء «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الاتيان بالمفطر جاهلا لا يترتب عليه القضاء و النسبة بين هذه الرواية و تلك الادلة عموم من وجه اذ تفترقان من ناحية تلك الادلة في العالم بالحكم و من ناحية هذه الرواية بالنسبة الي الكفارة و يجتمعان في الجاهل بالحكم بالنسبة الي وجوب القضاء اذ المستفاد من تلك الادلة وجوبه و مقتضي هذه الرواية عدمه فلا بد من علاج التعارض.

و فيه ان هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

ثانيهما ما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رجلا أعجميا دخل المسجد يلبي و عليه قميصه فقال لأبي عبد اللّه

عليه السلام اني كنت رجلا أعمل بيدي و اجتمعت لي نفقة فحيث احج لم أسأل أحدا عن شي ء و أفتو في هؤلاء ان اشق قميصي و أنزعه من قبل رجلي و ان حجي فاسد و أنّ علي بدنة فقال له: متي لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال قبل أن ألبّي قال: فأخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل اي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه الحديث «2».

بتقريب: ان النسبة بين هذه الرواية و تلك الادلة عموم من وجه فيقع التعارض بينهما في افطار شهر رمضان عن جهل.

و قال سيدنا الاستاد ان هذه الرواية لا تدل الا علي نفي الكفارة لان لبس المخيط لا يقتضي بطلان الحج ليحتاج الي القضاء حتي في صورة العمد بل غايته الاثم و الكفارة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 88

______________________________

ان قلت: التأمل في الرواية صدرا و ذيلا يشهد بأنها ناظرة الي نفي فساد الحج الذي أفتي به العامة و انه ليس عليه الحج من قابل كما أنه ليس عليه الكفارة.

قلت و ان كان ما ذكر صحيحا و الاشكال تاما و ان الرواية في مقام دفع ما تخيله السائل لكن حيث ان عدم القضاء ليس من آثار الجهل فان الحج صحيح و لا يفسد بلبس القميص حتي مع العلم و العمد و هذه قرينة واضحة علي أن نظره عليه السلام الي نفي الكفارة.

و يرد عليه ان الامر كما أفاده و ان الحج لا يفسد و عدم وجوب القضاء ليس من آثار الجهل و لكن

هذا لا يمنع عن الاطلاق.

و بعبارة اخري: انه عليه السلام بعد أن أجاب عن الموضوع الشخصي اعطي قاعدة كلية و مقتضاها عدم ترتب شي ء علي الارتكاب الجهلي فلا بد من علاج المعارضة بنحو آخر.

و أجاب سيدنا الاستاد عن الحديثين بوجه آخر و هوان المستفاد منهما ان الاثر المترتب علي الفعل مرتفع عند الجهل نظير المستفاد من حديث الرفع فان المستفاد من حديث الرفع و أمثاله ان الفعل الفلاني كشرب الخمر مثلا اذا صدر عن المكلف نسيانا يرتفع عنه الحرمة و يرتفع عنه الحد و مقامنا أيضا كذلك اي المستفاد من الحديثين ان الآثار المترتبة علي فعل المكلف ترتفع عند الجهل و أثر الفعل اي الافطار هي الكفارة أو الحد و أمثالهما و أما القضاء فليس من آثار الإفطار بل القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و لذا لم يحتمل احد انه لو تكلم في صلاته جاهلا بكونه مبطلا أن لا تكون صلاته باطلة بل لا اشكال في البطلان اذ وجوب الاعادة من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و هي الصلاة الصحيحة لا من آثار الاتيان بالتكلم فعلي هذا الاساس لا يكون الحديثان متعارضين لأدلة وجوب القضاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 89

و الظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر و المقصر (1) بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتي مع الاعتقاد بأنه حلال و ليس بمفطر (2) نعم اذا وقعت علي وجه غير العمد كما اذا اعتقد أن المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين أنه ماء أو أخبر عن اللّه ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه لم يبطل صومه (3) و كذلك لا يبطل الصوم اذا كان ناسيا للصوم فاستعمل المفطر (4).

______________________________

و صفوة القول: ان

موضوع وجوب القضاء ترك المأمور به و عدم الاتيان به.

و بعبارة واضحة: القضاء مترتب علي فوت المأمور به و لذا لو فرض ان المكلف لم ينو الصوم و أمسك تمام اليوم يجب عليه القضاء لعدم الاتيان بالمأمور به أو نوي الصوم و أمسك و لكن كان قصده ريائيا و كان مرائيا يكون صومه باطلا و يجب عليه القضاء و ما أفاده في هذا المقام دقيق اضف الي ذلك أن تخصيص الحكم بخصوص العالم به يستلزم الدور فلاحظ.

(1) الامر كما أفاده اذ المناط واحد و هو ارتكاب المفطر و عدم دليل علي تخصيص الحكم بصورة العلم.

(2) بعين الملاك اذ يصدق عنوان الاتيان بالمفطر عمدا و اختيارا و ان كان معذورا شرعا و عقلا.

(3) لعدم تحقق العمد فانه مع اعتقاد ان المائع الخارجي مضاف لا يصدق انه ارتمس في الماء عمدا.

(4) هذا هو القسم الثاني فعن المستند دعوي الاجماع علي عدم فساد الصوم و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل نسي

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 90

أو دخل في جوفه شي ء قهرا بدون اختياره (1).

[مسألة 36: إذا أفطر مكرها بطل صومه]

(مسألة 36): اذا أفطر مكرها بطل صومه (2).

______________________________

فأكل و شرب ثم ذكر قال: لا يفطر انما هو شي ء رزقه اللّه فليتم صومه «1».

بتقريب ان المستفاد من العلة المذكورة فيه عموم الحكم و بعبارة اخري:

يستفاد من الرواية ان العلة في عدم البطلان و صحة الصوم تحقق النسيان فمورد الرواية و ان كان الاكل و الشرب لكن نتعدي الي غيرهما بعموم العلة.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير- المؤمنين عليه السلام يقول: من

صام فنسي فأكل و شرب فلا يفطر من أجل أنه نسي فانما هو رزق رزقه اللّه تعالي فليتم صيامه (صومه) «2». و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب.

و يؤيد المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يأتي أهله ناسيا قال: لا شي ء عليه انما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان و هو ناس «3»

و منها: بقية النصوص الدالة علي عدم بطلان الصوم في فرض النسيان و بقية النصوص و ان كان موردها الاكل و الشرب أو الجماع لكن يمكن ان يدعي ان العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد.

(1) هذا داخل في القسم الاول و لا مدخلية للنسيان فيه فلاحظ.

(2) اذ باختياره ارتكب المفطر و مقتضي اطلاق دليل المفطر عدم الفرق بين صدوره عن اكراه و بين غير هذه الصورة. و ربما يقال: بعدم فساد الصوم بالافطار الاكراهي بتقريب: ان دليل تحقق الافطار بالاتيان بالمفطرات منصرف عن الافطار

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 91

و كذا اذا كان تقية سواء كانت التقية في ترك الصوم كما اذا أفطر في عيدهم تقية (1).

______________________________

الاكراهي مضافا الي الاصل و حديث رفع الاكراه.

و فيه انه لا مجال للأصل مع الدليل كما هو ظاهر و أما الانصراف فلا وجه له و علي فرض تسلمه يكون بدويا يزول بالتأمل اذ المفروض تحقق الافطار عن اختيار نعم في صورة الالجاء كما لو اوجر في حلقه الماء لا يبطل صومه كما تقدم في القسم الاول و أما حديث رفع الاكراه «1» فلا يترتب عليه الا نفي الكفارة و الحرمة و لازم رفع الحرمة

رفع التكليف عن الصوم فلا يجب الصوم فيفسد و يجب قضائه و لا دليل علي تعلق الامر بالباقي فلا دليل علي صحة الفاقد.

و صفوة القول: ان مقتضي حديث رفع الاكراه رفع الآثار المترتبة علي الافطار بالاكراه و أثر الافطار الكفارة و الاثم و هما يرتفعان بالاكراه و أما القضاء فهو اثر عدم الاتيان بالمأمور به و المفروض انه لم يأت به.

و لقائل أن يقول: سلمنا ان القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به لكن يصح أن يقال: ان عدم الاتيان بالمأمور به اكراهي و المفروض ان الاكراه يرفع الاثر المترتب علي مورده.

و بعبارة واضحة ان القضاء حكم الافطار و المفروض ان الافطار اكراهي فيرتفع اثره و هو القضاء.

الا أن يقال: ان المستفاد من الادلة ان وجوب القضاء من آثار الافطار و عدم الاتيان بالصوم أعم من أن يكون عدم الاتيان به عن عذر أو لا عن عذر فلا وجه لسقوط القضاء و لذا لو غفل عن الصوم و لم يصم يجب عليه القضاء فلاحظ.

(1) تارة يقع الكلام في المقام من حيث مقتضي القاعدة و اخري من حيث

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 92

______________________________

مقتضي النص الخاص أما الكلام من حيث مقتضي القاعدة فمقتضاها عدم الاجزاء و وجوب القضاء لو أفطر تقية اذ مقتضي ادلة وجوب القضاء وجوبه الا أن يقوم دليل علي عدم الوجوب في مورد.

و أما من حيث النص الخاص فمقتضي ما رواه أبو الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه السلام انا شككنا سنة في عام من تلك الاعوام في الاضحي فلما دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و كان بعض أصحابنا يضحي فقال: الفطر يوم يفطر الناس و

الأضحي يوم يضحي الناس و الصوم يوم يصوم الناس «1».

ان الفطر يوم يفطر الناس فيه و لا ادري انه ما الوجه في عدم التزام سيدنا الاستاد بمفاد الحديث و قد ذكرنا في مستدركات الجزء الثاني من كتابنا «مصباح الناسك في شرح المناسك» ان المفيد قدس سره وثق أبا الجارود فالرواية معتبرة سندا كما أنه لا اشكال في دلالتها علي المدعي.

نعم يمكن أن يقال: ان مفاد الرواية لا ينطبق علي زماننا و امثاله فان الرواية ناظرة الي ذلك الزمان الذي كان المسلمون فيه تحت لواء واحد و تحت حكومة امام جائر و أما مثل هذا الزمان فليس مصداقا لمفاد الرواية كما هو ظاهر و لذا نشاهد في أكثر الشهور ان لم يكن في جميعها الاختلاف في الهلال في الممالك الاسلامية بالاضافة الي أن الخلافة و الحكومة العامة قد تبدلت الي حكومات متعددة مع اختلاف اشكالها من الملوكية و الجمهورية و زال عنوان الخلافة الاسلامية بانقراض الدولة العثمانية.

لكن رفع اليد عن اطلاق الحديث مشكل جدا نعم حديث أبي الجارود يختص بالافطار يوم يفطر فيه الناس و لا يشمل جميع موارد الافطار عن تقية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 93

أم كانت في اداء الصوم كالإفطار قبل الغروب و الارتماس في نهار الصوم (1) فانه يجب الافطار حينئذ و لكن يجب القضاء (2).

______________________________

و يستفاد من مرسلة رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخلت علي أبي العباس بالحيرة فقال: يا ابا عبد اللّه ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال: ذلك الي الامام ان صمت صمنا و ان أفطرت افطرنا فقال: يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه و أنا

أعلم و اللّه انه يوم من شهر رمضان فكان افطاري يوما و قضائه أيسر علي من أن يضرب عنقي و لا يعبد اللّه «1»، ان الافطار للتقية يوجب القضاء لكن المرسل لا اعتبار به.

(1) العمل المخالف للمأمور به الذي يؤتي به تقية لا يكون مجزيا علي طبق القاعدة الاولية علي ما هو المقرر من أن الاجزاء يحتاج الي دليل فان تم دليل عام علي الاجزاء أو قام دليل في مورد خاص فهو و الا فلا يمكن الالتزام بالاجزاء.

(2) أما وجوب الافطار فلكونه مصداقا للتقية و التقية واجبة فيجب الافطار و اما وجوب القضاء فلان المفروض انه أفطر فيجب عليه القضاء.

و لما انجر البحث الي هنا ينبغي أن نرسل عنان الكلام و نتكلم في جهات التقية فنقول: للتقية جهات:

الجهة الاولي في معناها و هي مأخوذة من الوقاية و هي التحفظ عن الضرر علي نحو الاطلاق فان التحفظ من الداء باستعمال الدواء مصداق للتقية فالتحفظ من كل ضرر متوجه الي الشخص يكون مصداقا للتقية بالمعني العام.

الجهة الثانية في حكمها تكليفا فنقول: أما التقية من اللّه تبارك و تعالي فنتحقق باتيان الواجبات و ترك المحرمات و عليه لا تكون محكومة بحكم جديد بل الامر المتعلق بها في كثير من الموارد ارشاد الي ما يحكم به العقل من وجوب الاطاعة و حرمة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 94

______________________________

المعصية.

و بعبارة اخري: التقية من اللّه اما بفعل الواجب كالإتيان بالصلاة فالامر المولوي متعلق بفعلها و اما بترك المحرم كترك شرب الخمر فالنهي المولوي متعلق بفعله و علي كلا التقديرين لا يكون الامر بالتقوي منه تعالي الا ارشاديا كالأمر المتعلق بالاطاعة و النهي عن المعصية و لا يعقل أن

يكون مولويا الا علي نحو التأكيد.

و أما التقية بالمعني الاعم فيمكن الاستدلال علي جوازها بقاعدة نفي الضرر علي المسلك المشهور من أن مقتضاها رفع الحكم التكليفي الالزامي كما أنه لو كان تحمل الضرر المتوجه الي المكلف من ترك التقية حرجيا يمكن الاستدلال علي الجواز بقاعدة نفي العسر كما أنه يدل علي المطلوب حديث رفع الاضطرار و هو ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة اشياء: الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلق (الخلوة خ ل) ما لم ينطقوا بشفة «1».

فان المكلف اذا اضطر الي التقية تجوز بمقتضي رفع الاضطرار شرعا و أيضا يدل علي المدعي ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا فيسجد عليه؟ فقال: لا الا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها و ليس شي ء مما حرم اللّه الا و قد أحله لمن اضطر اليه «2».

فان مقتضاه ان كل حرام يصير حلالا عند الاضطرار فالتقية بالمعني الاعم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب القيام الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 95

______________________________

حد نفسها تكون جائزة و قد تصير حراما كما لو انجرت الي اراقة الدم في صورة الاحترام لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما جعل التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فليس تقية «1».

و قد تكون واجبة

كما لو توقف حفظ النفس عليها نعم ربما يكون ملاك ترك التقية أعظم و عند التزاحم يجب حفظ ذلك الملاك ففي هذه الصورة لا تجوز التقية لحفظ النفس بل يجب تركها و ان انجر الي اراقة دمه و لعله لما ذكر أقدم سيد شباب اهل الجنة الحسين عليه السلام و أصحابه علي القتال مع يزيد لعنه اللّه و عرضوا نفوسهم الزكية للشهادة فانه عليه السلام فدي نفسه للدين.

و أما المستحبة منها فيمكن أن يمثل لها بمورد تكون التقية فيه جائزة و لكن يعرض علي المورد عنوان موجب لرجحان التقية كاستدعاء مؤمن.

و أما المكروهة منها فقد مثل لها بما لو اكره علي اظهار البراءة من امير- المؤمنين عليه السلام فان قلنا: بأن تعريض النفس للضرر المتوجه من قبل المكره أرجح يكون المراد بالكراهة ان ترك التقية يرجح.

هذا بالنسبة الي التقية بالمعني الاعم و أما التقية بالمعني الاخص و هي التقية من العامة فيمكن أن يقال بوجوبها لجملة من النصوص منها: ما رواه ابو (ابن) عمر الاعجمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: لا دين لمن لا تقية له و التقية في كل شي ء الا في النبيذ و المسح علي الخفين «2».

و منها: ما رواه أبو عمر الاعجمي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا با

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 96

______________________________

عمران تسعة أعشار الدين في التقية و لا دين لمن لا تقية له الحديث «1».

و منها: ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن

عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال أبو جعفر عليه السلام التقية من ديني و دين آبائي و لا ايمان لمن لا تقية له «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: التقية ترس المؤمن و التقيه حرز المؤمن و لا ايمان لمن لا تقية له الحديث «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتقوا علي دينكم و احجبوه بالتقية فانه لا ايمان لمن لا تقية له انما انتم في الناس كالنحل في الطير و لو ان الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شي ء الا أكلته و لو أن الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا اهل البيت لأكلوكم بألسنتهم و لتحلوكم في السر و العلانية رحم اللّه عبدا منكم كان علي ولايتنا «4».

و منها: ما رواه حبيب بن بشر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام سمعت أبي يقول: لا و اللّه ما علي وجه الارض شي ء احب الي من التقية يا حبيب انه من كانت له تقية رفعه اللّه يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه اللّه يا حبيب ان الناس انما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 96

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 97

______________________________

و منها: ما في رسالة أبي

عبد اللّه عليه السلام الي أصحابه قال: و عليكم بمجاملة أهل الباطل تحملوا الضيم منهم و اياكم و مماظّتهم دينوا فيما بينكم و بينهم اذا أنتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم الكلام بالتقية التي أمركم اللّه أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم الحديث «1».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا معلي اكتم أمرنا و لا تذعه فانه من كتم أمرنا و لا يذيعه أعزه اللّه في الدنيا و جعله نورا بين عينه يقوده الي الجنة يا معلي ان التقية ديني و دين آبائي و لا دين لمن لا تقية له يا معلي ان اللّه يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية و المذيع لأمرنا كالجاحد له «2».

و منها: ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال و مكاتباتهم مولانا علي بن محمد عليهما السلام من مسائل داود الصرمي قال: قال لي يا داود لو قلت: ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا «3».

و منها: ما رواه الحسين ابن خالد عن الرضا عليه السلام قال: لا دين لمن لا ورع له و لا ايمان لمن لا تقية له و ان اكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقية قيل: يا ابن رسول اللّه الي متي؟ قال: الي قيام القائم فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا الحديث «4».

فان المستفاد من هذه النصوص وجوب التقية و لكن الانصاف انه لا وجه لاختصاص جميعهما بخصوص التقية من العامة بل مقتضي اطلاق بعضها وجوب التقية مطلقا و منها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 23

(3) نفس المصدر الحديث: 26

(4) نفس المصدر الحديث:

25

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 98

______________________________

التقية من العامة فلو اقتضي المقام التقية من أهل الكتاب يجب كما أنه لو اقتضي التقية من المشرك أو غيره من أهل الباطل تجب فالاصل الاولي وجوب التقية في موردها.

الجهة الثالثة في مورد التقية مقتضي الاطلاق و العموم الواردين في النصوص وجوبها في كل مورد و مما يستفاد منه المدعي ما رواه محمد بن مسلم «1».

و ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لم تبق الارض الا و فيها منا عالم يعرف الحق من الباطل و قال: انما جعلت التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغت التقية الدم فلا تقية و ايم اللّه لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل انما نتقي و لكانت التقية أحب إليكم من آبائكم و امهاتكم و لو قد قام القائم ما احتاج الي مسائلتكم عن ذلك و لأقام في كثير منكم من اهل النفاق حد اللّه «2».

فانه يستفاد من الحديثين ان التقية جائزة ما دام لم تبلغ الدم فالنتيجة ان الاصل الاولي هي التقية و الاستثناء يحتاج الي الدليل و قد ذكرت للاستثناء موارد.

المورد الاول: ما اذا اكره علي قتل نفس محترمة فانه لا يجوز للمكره بالفتح قتل النفس المحترمة لما تقدم آنفا من الحديثين الدالين علي عدم جواز اراقة الدم بلحاظ التقية معللا بأن التقية انما جعلت ليحقن به الدماء فاذا بلغت الدم فلا تقية.

و أفاد سيدنا الاستاد: بأن المقام يدخل في باب التزاحم لان المكلف يحرم عليه قتل النفس المحترمة و يجب عليه حفظ نفسه فيدور الامر بين المحذورين و حيث لا مرجح تكون النتيجة هو التخيير فلو قتل بالاكراه نفسا محترمة لا يقتص منه بل يؤخذ منه الدية

اذ لا يهدر الدم» «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) الوسائل الباب 31 من ابواب الامر و النهي الحديث: 2

(3) مباني تكلمة المنهاج ج 2 ص: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 99

______________________________

و ما أفاده من الغرائب فانه مع وجود النص الصريح الدال علي عدم المجال للتقية و عدم جواز قتل الغير لا تصل النوبة الي تطبيق قانون التزاحم علي المورد و علي فرض التسليم لا وجه لإيجاب دفع الدية علي القاتل اذ المفروض انه لا قود في المقام.

و أيضا ليس مصداق لموضوع الدية و لكن الذي يهون الخطب ان العصمة لأهلها.

المورد الثاني: ما اذا لم يترتب علي ترك التقية أي ضرر عاجل او آجل فذكر انه لا مورد للتقية. و لكن خروج هذا المورد من موارد التقية خروج موضوعي اذ المفروض انه لا يتوجه ضرر علي تركها لا عاجلا و لا آجلا.

المورد الثالث: مسح الخفين حيث ذكر ان التقية غير جارية فيه و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي قال:

دخلت مع اخوتي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلنا: انا نريد الحج و بعضنا صرورة فقال: عليكم بالتمتع فانا لا نتقي في التمتع بالعمرة الي الحج سلطانا و اجتناب المسكر و المسح علي الخفين «1». و هذه الرواية ضعيفة بالهاشمي و بغيره.

و منها: ما رواه أبو عمر الاعجمي «2» و هذه الرواية ضعيفة بأبي عمر.

و منها: ما رواه زرارة مرسلا «3» و هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث الارسال و عنوان غير واحد لا يقتضي دخول الخبر في المتواتر.

و منها: ما رواه زرارة مسندا قال: قلت له: في مسح الخفين تقية فقال: ثلاثة

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص

293 ح 14

(2) لاحظ ص: 95

(3) الوافي الجزء 11 من ج 3 ص: 86

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 100

______________________________

لا اتقي فيهن أحدا: شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج قال زرارة: و لم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن احدا «1». و هذه الرواية لا يستفاد منها عموم الحكم اذ من الممكن أن عدم التقية في المذكورات من مختصاته عليه السلام.

المورد الرابع: ما اذا اكره علي التبري من أمير المؤمنين عليه السلام لما ورد في جملة من الاخبار من النهي عنه و من تلك الاخبار ما رواه محمد بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ستدعون الي سبي فسبوني و تدعون الي البراءة مني فمدوا الرقاب فاني علي الفطرة «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا بابن ميمون و غيره.

و منها: ما عن علي بن موسي الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام انه قال: انكم ستعرضون علي سبي فان خفتم علي أنفسكم فسبوني ألا و انكم ستعرضون علي البراءة مني فلا تفعلوا فاني علي الفطرة «3». و هذا الرواية ضعيفة أيضا سندا.

و منها: ما رواه محمد بن الحسين الرضي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: أما انه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تفعلوه ألا و انه سيأمركم بسبي و البراءة مني فأما السب فسبوني فانه لي زكاه و لكم نجاة و أما البراءة فلا تبر أو (تتبروا) مني فاني ولدت علي الفطرة و سبقت الي الايمان و الهجرة «4»

و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الامر و النهي الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 101

______________________________

ضعيفة بالارسال.

فانقدح انه لا دليل علي الاستثناء الا في مورد الاكراه علي القتل و لا تجوز التقية في ذلك المورد و لا تجوز اراقة دم الغير فالتقية جائزة علي الاطلاق بل واجبة.

المورد الخامس: ما لو زاحم التقية عنوان آخر اهم فانه لا تجوز التقية و لذا تقدم منا ان اقدام أبي الشهداء و أصحابه عليهم السلام علي تعريض أنفسهم الشهادة و القتل لعله من هذه الجهة اذ يجب أن يصير كل شي ء فداء للدين.

الجهة الرابعة: في أن التقية هل ترفع الآثار المترتبة علي الفعل الصادر عن تقية أو لا؟ فنقول: لا اشكال في ارتفاع الحكم التكليفي المترتب علي الفعل بل لا يعقل بقائه علي حاله اذ المفروض ان التقية واجبة فكيف يعقل مع وجوبها بقاء الحكم الاولي.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أنه يرفع بالتقية ما يكون قابلا لان تناله يد التشريع و هو عبارة عن الحكم التكليفي الاولي فلو شرب المكلف ما يكون شربه حراما تقية لا يكون حراما بالنسبة اليه هذا بالنسبة الي الحكم التكليفي الذي يكون متعلقا بالفعل.

و أما الآثار المترتبة علي الفعل كالحد و الكفارة و الضمان فالحق هو التفصيل فيها بأن نقول: أما الكفارة و الحد فيرتفعان بالتقية اذ المفروض ان المكلف عمل بوظيفته الشرعية فلا مجال لان يحد أو يكفر.

و أما الضمان فان كان لدليله عموم أو اطلاق يؤخذ به و يلتزم بالضمان فلو أتلف احد مال الغير تقية يضمن لا من جهة ان رفع

الضمان خلاف الامتنان بالنسبة الي الغير فانه لا دليل علي رعاية تحقق الامتنان بالنسبة الي الغير بل لإطلاق الدليل أو

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 102

______________________________

عمومه و لا تنافي بين الامرين.

بقي شي ء و هو ان التقية هل تقتضي رفع الجزئية و المانعية و الشرطية فلو اضطر المكلف أن يأتي بالمأمور به خاليا عن الجزء أو الشرط أو مع المانع فهل يكون مجزيا بلحاظ التقية أم لا يقتضي ذلك و قبل الخوض في بيان المدعي نقدم أمرين:

الامر الاول: انه ربما يقال: ان محل الكلام في المانعية هو المانعية المنتزعة عن النواهي الغيرية و أما المانعية المنتزعة عن النهي المستقل فهي غير داخلة في محل الكلام فلو صلي المكلف في المكان المغصوب تقية تصح صلاته و الوجه في خروج هذا القسم من محل الكلام هو ان المانعية في هذا القسم بحكم العقل و منشأ حكم العقل حرمة الفعل و لو لا حرمة الفعل لا يكون وجه للفساد فاذا ارتفعت الحرمة بالتقية لم يبق مانع عن صحة العمل و الاجزاء و أما المانعية الناشئة عن النهي الغيري فلا وجه لارتفاعها عند التقية اذ المفروض ان المانعية ليست ناشئة عن الحرمة النفسية كي ترتفع بارتفاعها فلبس الحرير مانع عن الصحة و ان لم يكن حراما نفسا.

و عن الميرزا النائيني قدس سره ان المانعية باقية حتي في صورة الضرورة بتقريب: ان المفسدة منشأ لأمرين: أحدهما الحرمة ثانيهما المانعية و الاضطرار يقتضي ارتفاع الحرمة و أما المانعية فهي باقية بحالها فالعبادة فاسدة لوجود المانع.

و أورد عليه سيدنا الاستاد «بأنه لا يبعد أن يكون المقتضي للمنع باقيا حتي بعد عروض الاضطرار اذ رفع الحكم يقتضي بقاء ما يقتضي بقائه و بعبارة اخري: رفع

الحكم لأجل الاضطرار لا لعدم المقتضي و الملاك. و لكن مع ذلك لا يتم ما أفاده الاستاد قدس سره و ذلك لان الملاك علي تقدير بقائه غير مؤثر في المنع بعد عروض الاضطرار لان الشارع قد رخص في فعله و بعد ترخيص الشارع لا يبقي مجال للمانعية

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 103

______________________________

و بعبارة اخري: اذا كان الفعل مرخصا فيه من قبل الشارع كما هو المفروض فلا فرق فيه بين الاتيان به في الصلاة و الاتيان به في غيرها» «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان ما أفاده الميرزا قدس سره تام و ذلك لان الملاك اذا كان باقيا يكون الفعل مبغوضا و المبغوض ليس قابلا لان يتقرب به و مجرد الترخيص المولوي لا يقتضي الصحة و لذا ذهب سيدنا الاستاد الي فساد العبادة اذا كان المكلف جاهلا بالغصب بالجهل العذري و لا وجه للفساد إلا عدم امكان صيرورة مبغوض المولي محبوبا له فعلي هذا نقول:

المفسدة في الفعل عند الاضطرار ان لم تكن باقية فلا مقتضي لبقاء الحكم و لا معني للرفع- كما هو قائل به- و ان كانت باقية و مقتضية للمبغوضية فلا يمكن الالتزام بالصحة.

لكن هذا البيان انما يتم بالنسبة الي حديث الرفع و أما في المقام فلا يتم اذ المفروض ان التقية واجبة و مع وجوبها لا يمكن أن يكون الفعل مبغوضا.

و صفوة القول: ان الالزام تارة يرتفع برعاية حال المكلف مع بقاء مقتضي المنع و اخري يرتفع الحكم مع عدم بقاء المقتضي و انتفاء الموضوع الاولي كالمقام فان كان من القسم الاول يتم ما أفاده الميرزا قدس سره و ان كان من القسم الثاني يتم ما أفاده سيدنا الاستاد.

الامر الثاني: ان محل

الكلام ما لو كان لدليل الجزئية أو الشرطية أو المانعية اطلاق أو عموم يشمل حال التقية و الاضطرار و أما لو لم يكن لدليله اطلاق أو عموم فهو خارج عن محل البحث و ذلك لأنه مع عدم الاطلاق و العموم تكون

______________________________

(1) التنقيح ج 4 ص: 270

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 104

______________________________

الصحة مقتضي القاعدة اذ مقتضي اصالة البراء و استصحاب عدم الجزئية و الشرطية و المانعية عدم اعتبارها فتكون الصحة علي طبق القاعدة الاولية.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان ما يمكن الاستدلال به علي أن التقية ترفع الجزئية و الشرطية و المانعية وجوه:

الوجه الاول: حديث الرفع «1» بتقريب: ان الاضطرار يقتضي رفع ما اضطر اليه المكلف فلو اضطر الي ترك الجزء مثلا فالجزئية ترتفع بالاضطرار و هكذا الشرطية و المانعية و القاطعية.

و فيه: ان الاضطرار اما غير مستوعب لتمام الوقت أو مستوعب لتمامه أما علي الاول فلا مجال لهذا التقريب اذ مع وجود المندوحة لا تتحقق الضرورة و أما علي الثاني فأيضا لا يتم الاستدلال اذ الجزئية بنفسها لا تنالها يد الجعل لا اثباتا و لا نفيا فان الجزئية منتزعة من الامر بالمركب و ارتفاعها بارتفاع ذلك الامر فعند الاضطرار يرتفع الامر المتعلق بالمركب و حديث الرفع متكفل لبيان ارتفاعه و أما اثبات أمر آخر متعلق بالباقي فحديث الرفع غير متكفل لبيانه.

الوجه الثاني قاعدة لا ضرر المستفادة من الاخبار لاحظ الاخبار في الباب 12 من أبواب احياء الموات من الوسائل.

بتقريب ان ترك التقية ضرري. و بعبارة اخري: الاتيان بالمأمور به الواقعي ضرري فلا يجب الاتيان به.

و فيه: اولا انما يتم علي مسلك القوم في مفاد القاعدة من كون مفادها نفي الحكم الضرري و أما علي المسلك

المنصور فلا. و ثانيا: انه مع وجود المندوحة

______________________________

(1) لاحظ ص: 94

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 105

______________________________

لا يتم الاستدلال و مع عدمها فالكلام هو الكلام في مفاد حديث الرفع فلا نعيد.

الوجه الثالث: قاعدة رفع الحرج المستفادة من الآيات «1» و الروايات.

و تقريب الاستدلال بها علي المدعي هو التقريب الذي ذكر في الاستدلال بقاعدة نفي الضرر و الجواب هو الجواب و هو ان المستفاد من هذه القاعدة رفع الحكم عن الفعل الحرجي و أما تعلق التكليف بما لا يكون حرجيا فلا يستفاد من القاعدة.

الوجه الرابع: ان المستفاد من جملة من الروايات ان التقية جائزة أو واجبة فالتقية وظيفة للمكلف و فيه: ان المستفاد من هذه الروايات جواز التقية أو وجوبها و أما الاجزاء و كفاية الناقص عن التام فلا يستفاد منها.

الوجه الخامس: ما رواه اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيي بن سالم و محمد ابن مسلم و زرارة قالوا: سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شي يضطر اليه ابن آدم فقد احله اللّه له «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان كل واجب يضطر المكلف الي تركه يجوز تركه كما أن كل حرام يضطر الي فعله يجوز ارتكابه و لا فرق بين الوجوب الغيري و النفسي من هذه الجهة كما أنه لا فرق بين النهي الغيري و النفسي فلو اضطر المكلف الي ترك جزء من الواجب يجوز له فيكفي العمل الفاقد للجزء لعدم وجوبه.

و فيه: ان الاضطرار ان لم يكن مستوعبا لتمام الوقت فلا موضوع للتقريب المذكور و ان كان مستوعبا فالاضطرار الي ترك الجزء معناه الاضطرار الي ترك

______________________________

(1) الحج/ 76 و البقرة/ 185

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 6، ص: 106

______________________________

الواجب فيجوز للمكلف أن يترك الواجب بتمامه و اما بدليلة الفاقد عن الواجد كي يتحقق به الاجزاء فلا يستفاد من جواز التقية أو وجوبها نعم في باب الصلاة قام الدليل علي أنها لا تسقط بحال فيجب الاتيان بالمقدار الميسور منها فلاحظ.

الوجه السادس: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا قال: و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان المكلف في سعة في ترك جزء أو شرط فلا يضر تركهما اذا كان عن تقية.

و فيه: انه مع عدم الاستيعاب لا يتم التقريب كما هو ظاهر و أما مع الاستيعاب فالتقية تقتضي ترك المأمور به لا الاتيان بالفاقد.

و بعبارة اخري الواجب علي المكلف الاتيان بالمركب و المفروض انه لا يمكنه الاتيان به فهو في سعة في تركه و لا يستفاد من الحديث كون الفاقد مجزيا.

ان قلت: القضاء من آثار التقية فيرتفع: قلت: القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و المفروض انه ترك.

الوجه السابع: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلهما تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول «أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا

شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله» ثم ليتم صلاته معه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب: 12 من ابواب الايمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 107

______________________________

ما استطاع فان التقية واسعة و ليس شي ء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان شاء اللّه «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التقية واسعة و باي نحو يمكن ايقاعها يجوز أو يجب و لو نقص من صلاته بسبب المتابعة لا يضر بصلاته.

و فيه: ان المستفاد من الرواية التفصيل بين الامام العادل و الفاسق فان كان عادلا يقتدي به و ان كان فاسقا يتم صلاته و لا تدل الرواية علي المدعي بل لا يبعد أن يقال: انها تدل علي عكس المطلوب. فلاحظ.

الوجه الثامن: النصوص الدالة علي جواز الغسل بدل المسح لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتوضأ الوضوء كله الا رجليه ثم يخوض بهما الماء خوضا قال: اجزأه ذلك «2».

و ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن المسح علي القدمين فقال: الوضوء بالمسح و لا يجب فيه الا ذاك و من غسل فلا بأس «3».

و غيرهما مما هو مذكور في الباب 25 من أبواب الوضوء من الوسائل فانها تدل علي جواز الغسل بدل المسح.

و فيه: ان هذه النصوص معارضة مع ما يدل علي تعين المسح و الترجيح مع الطائفة الثانية لموافقتها مع الكتاب و مخالفتها مع العامة.

الوجه التاسع: النصوص الدالة علي محبوبية الاقتداء بالامام الجائر و الترغيب

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من ابواب الوضوء الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 108

______________________________

في

حضور جماعاتهم و من تلك النصوص ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يحسب لك اذا دخلت معهم و ان كنت لا تقتدي بهم مثل ما يحسب لك اذا كنت مع من تقتدي به «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من صلي معهم في الصف الاول كان كمن صلي خلف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الصف الأول «2».

و منها: غيرهما مما هو مذكور في الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل. بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص الاتيان بالصلاة معهم و الاكتفاء بها معهم عن المأمور به الواقعي.

و يعارض هذه الروايات ما رواه سماعة «3» و الترجيح مع الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة كما أن المرجع بعد التساقط الادلة الأولية الدالة علي وجوب المركب التام.

الوجه العاشر: ان السيرة جارية علي الغسل بدل المسح و الصلاة معهم و لم يردع عنها الائمة عليهم السلام و لم يقم دليل علي وجوب الاعادة فهذا يدل علي كون التقية مجزية.

و يرد عليه: اولا انه مر قريبا تعارض الروايات في جواز الصلاة معهم و كذلك الغسل بدل المسح، و ثانيا ان التقية لو اقتضت ان الصلاة معهم تكون صحيحة تكون صحتها من باب انها لا تسقط بحال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 109

[مسألة 37: إذا غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة]

(مسألة 37): اذا غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة و يفسد بذلك صومه و يجب عليه الامساك في بقية النهار اذا كان

في شهر

______________________________

و بعبارة اخري: اذا اضطر المكلف أن يصلي معهم و لم تكن له مندوحة تكون صلاته صحيحة لا من باب كون التقية مجزية بل من باب ان الصلاة لا تسقط بحال.

و ثالثا: انه يكفي للردع النصوص الدالة علي عدم جواز الغسل بدل المسح و المسح منكوسا.

و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق هذه النصوص ان الغسل لا يكفي عن المسح و هذا ظاهر. و أما الوقوف بعرفات مع عدم ثبوت الهلال فربما يقال: بكفايته عن المأمور به لجريان السيرة و عدم ردعهم عليهم السلام بل لم ينقل عنهم عليهم السلام الاحتياط و تكرار العمل و هذا يكشف عن كون التقية مجزية في الوقوف.

و يرد عليه انه لا دليل علي عدم احتياطهم عليهم السلام بأنفسهم بل نحتمل انهم عليهم السلام كانوا يحتاطون بحيث لا يفهم احد و أما عدم ردعهم الشيعة فيمكن أن يكون الوجه فيه التقية.

أضف الي ذلك أن مقتضي خبر أبي الجارود «1» ان الاضحي يوم يضحي الناس فان مقتضي هذا الخبر ان الوقوف معهم يجزئ فانقدح بما ذكرنا عدم قيام دليل علي كون التقية مجزية عن المأمور به الواقعي علي نحو الاطلاق و اذا فرض قيام الدليل علي الاجزاء في مورد كما قام في مورد الوقوف معهم نلتزم بالاجزاء في ذلك المورد فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 110

رمضان علي الاحوط و أما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه يجوز أن يشرب بمقدار الضرورة و الدليل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصيبه العطاش

حتي يخاف علي نفسه قال: يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتي يروي «1».

و المستفاد من الحديث ان الموجب للجواز الخوف علي النفس أي يخاف ان يموت من العطش فيشكل ما أفاده في المتن من جعل الموضوع مطلق الضرر الا أن يقال: بأن خوف الضرر يوجب جواز الافطار فكما أنه يجوز الشرب مع خوف الضرر علي النفس كذلك يجوز الشرب مع خوف الضرر علي البدن فاذا لم يجز الشرب الا بمقدار الضرورة في صورة خوف الضرر علي النفس لا يجوز الشرب أكثر من هذا المقدار في صورة خوف الضرر علي البدن بطريق أولي.

الفرع الثاني: انه لو كان الصبر علي العطش حرجيا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة و الدليل عليه قاعدة نفي الحرج المقتضية للجواز و الوجه في وجوب الاقتصار علي مقدار الضرورة تلك الرواية المشار اليها فانه يفهم حكم المقام من تلك الرواية بالفهم العرفي.

الفرع الثالث: انه يفسد صومه و الدليل عليه أنه أفطر عامدا غاية الامر يكون معذورا في الافطار.

الفرع الرابع: لو كان شهر رمضان يجب عليه الامساك و الوجه فيه انه لا فرق بين الماء و بقية المفطرات فاذا لم يجز له الشرب حتي يرتوي لم يجز له الاتيان ببقية

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 111

[الفصل الثالث: كفارة الصوم]

اشارة

الفصل الثالث: كفارة الصوم: تجب الكفارة بتعمد شي ء من المفطرات اذا كان الصوم مما تجب فيه الكفارة كشهر رمضان و قضائه بعد الزوال و الصوم المنذور المعين (1) و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا و أما اذا كان

______________________________

المفطرات.

و بعبارة اخري: لا يحتمل الفرق بين الماء و غيره من المفطرات

فيجب عليه الامساك عنها.

الفرع الخامس: ان هذا الحكم مختص بشهر رمضان و أما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا أما في الواجب الموسع فيجوز له الافطار بالاختيار فلا مجال للبحث و أما في المعين فلدعوي انصراف الدليل الي خصوص شهر رمضان أو لعدم الاطلاق و المتيقن منه شهر رمضان و الانصاف ان الجزم بما ذكر مشكل.

(1) قد جعل الافطار و الاتيان بالمفطر في جملة من الروايات موضوعا لوجوب الكفارة منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال: يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر تصدق بما يطيق «1».

و مقتضي اطلاق الافطار عموم الحكم لكل واحد من المفطرات و لا يختص بخصوص الاكل و الشرب و بعبارة اخري: الصوم في نظر الشارع عبارة عن الامساك عن جملة امور و جعل كل واحد منها مفطرا ثم رتب وجوب الكفارة علي تحقق الافطار و مقتضي الاطلاق عموم الحكم كما قلنا.

ثم ان موضوع الكفارة الافطار عن عمد- كما في المتن- اي يتعمد افطار

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 112

جاهلا به فلا تجب الكفارة (1) حتي اذا كان مقصرا و لم يكن معذورا

______________________________

صومه باحد المفطرات و أما اذا لم يكن عن عمد بأن اوجر في حلقه أو نسي انه صائم فلا تجب الكفارة أما في الصورة الاولي فظاهر اذ لم يصدر منه فعل علي الفرض كي تجب عليه الكفاره و أما في صورة النسيان فقد تقدم انه لا شي ء عليه و يكون صومه صحيحا.

اضف

الي ما ذكر ان مقتضي حديث المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب:

من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و يصوم يوما بدل يوم «1» التفصيل بين صورة العمد و غيره لكن الحديث المذكور ضعيف سندا بالمشرقي فان سيدنا الاستاد أفاد بأن الرجل لم يوثق.

(1) استدل عليه بما رواه زرارة و أبو بصير «2» فان مقتضي هذه الرواية ان الافطار ليس عليه شي ء اذا كان عن جهل و هذه الرواية ضعيفة بضعف إسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و استدل عليه أيضا بما رواه عبد الصمد بن بشير «3» فان مقتضي هذه الرواية ان ركوب أمر بجهالة لا يترتب عليه شي ء.

و يمكن الاستدلال بنصوص باب الكفارة فان الموضوع في لسان الدليل عنوان التعمد و مع الجهل لا يصدق العمد نعم الدليل الوارد في الجماع و في الانزال اذ الزق بأهله مطلق من حيث التعمد و عدمه فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 86

(3) لاحظ ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 113

لجهله (1) نعم اذا كان عالما بحرمة ما يرتكبه كالكذب علي اللّه سبحانه وجبت الكفارة أيضا و ان كان جاهلا بمفطريته (2).

[مسألة 38: كفارة افطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة و صوم شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا]

(مسألة 38): كفارة افطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة و صوم شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا (3) لكل مسكين

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و لا تنافي بين استحقاقه العقاب لتقصيره و عدم وجوب الكفارة عليه لجهله.

و صفوة القول: ان مجرد الجهل بالمفطرية يكفي في عدم وجوب الكفارة نعم اذا كان ملتفتا حين العمل و كان مترددا في الجواز و عدمه لا يشمله الدليل

اذ مقتضي وجوب الاحتياط شرعا و عقلا أن يحتاط و لا يرتكب فلا يصدق انه ركب أمرا بجهالة اذا لحكم الواقعي منجز في حقه و أيضا يصدق عنوان التعمد.

(2) بدعوي انه مع العلم بالحرمة لا يصدق انه ركب الامر بجهالة كما انه لا يصدق انه يري انه حلال له.

و يرد عليه ان المفروض انه يري انه حلال له من حيث الصوم كما انه يصدق انه ركب الامر بجهالة من حيث افساده الصوم.

و ان أبيت عما ذكرنا فنقول: المأخوذ في موضوع وجوب الكفارة عنوان تعمد الافطار و مع الجهل بكونه مفطرا لا يصدق هذا العنوان فلاحظ.

(3) النصوص الواردة في المقام مختلفة: الطائفة الاولي: ما يدل علي التخيير بين امور ثلاثة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

و لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أتي أهله في شهر رمضان متعمدا قال: عليه عنق رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين و قضاء ذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 111

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 114

______________________________

اليوم و من أين له مثل ذلك اليوم «1».

فان هذه الرواية واردة في اتيان الاهل الذي هو من اهم المفطرات أو اهم منها فاذا ثبت التخيير فيه يثبت التخيير في غيره بطريق أولي.

الطائفة الثانية ما يدل علي تعين التصدق لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «2».

و دلالة هذه الطائفة علي تعين الصدقة بالاطلاق فلو قام دليل علي التخيير بين الامور الثلاثة أو علي الترتيب بينها يلزم تقييد الاطلاق المقتضي للتعين فهذه الطائفة لا تكون طرفا للمعارضة علي كلا التقديرين الا بعد سقوطهما عن الاعتبار.

الطائفة الثالثة ما يدل علي تعين

العنق لاحظ ما رواه المشرقي «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا كما مر.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي الترتيب بين الامور الثلاثة لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل نكح امرأته و هو صائم في رمضان ما عليه؟ قال: عليه القضاء و عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا فان لم يجد فليستغفر- اللّه «4».

فيقع التعارض بين الطائفة الاولي و الرابعة و يظهر من كلام الشيخ في الخلاف «5» ان أقوال العامة مختلفة في المقام فان أبا حنيفة و اصحابه و الشافعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 112

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 9

(5) كتاب الخلاف ج 1 ص 386

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 115

مد (1) و هو يساوي ثلاثة ارباع الكيلو تقريبا و كفارة افطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد فان لم يتمكن صام ثلاثة ايام (2).

______________________________

و الاوزاعي و ليث بن سعد قائلون بالترتيب و المالك قائل بالتخيير فلا مجال لترجيح احدي الطائفتين علي الاخري بالمخالفة مع العامة فتصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح بها مع حديث ابن جعفر.

(1) لاحظ ما رواه سماعة «1» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بالصراحة.

(2) وجوب الكفارة لإفطار قضاء شهر رمضان بعد الظهر مشهور بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و ربما يقال: بعدم وجوب شي ء عليه و الدليل عليه ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يكون عليه

ايام من شهر رمضان الي أن قال: سئل فان نوي الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس قال:

قد أساء و ليس عليه شي ء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ربما يقال: بأن كفارته مثل كفارة افطار شهر رمضان و الدليل عليه ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتي النساء قال: عليه من الكفارة ما علي الذي أصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند اللّه من أيام رمضان «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و أما وجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 114

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 116

______________________________

اطعام عشرة مساكين فقد استدل عليه بما رواه هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل وقع علي أهله و هو يقضي شهر رمضان فقال: ان كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شي ء عليه يصوم يوما بدل يوم و ان فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك «1».

بتقريب: ان المراد بالعصر وقت صلاة العصر و حيث ان وقت الصلاتين يدخل عند الزوال يكون الزوال وقت صلاة العصر كما يكون وقت صلاة الظهر الا ان هذه قبل هذه. و لا دليل عليه.

و بعبارة اخري: رفع اليد عن الظهور العرفي يتوقف علي قيام قرينة دالة علي أن المراد من اللفظ الكذائي خلافه و ليس دليل في المقام يدل علي

خلاف ظاهر اللفظ مضافا الي انه لو كان المراد من العصر هو الزوال كان الاولي أن يعبر عنه بالزوال أو بالظهر.

فالنتيجة: ان ابقاء اللفظ علي ظهوره لا يمكن اذ لا قائل به و التصرف فيه بحمل العصر علي الزوال لا دليل عليه فلا بد من رد علمه الي اهله و اللّه الموفق.

و أما حديث بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أتي أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال: ان كان أتي أهله قبل زوال الشمس فلا شي ء عليه الا يوم مكان يوم و ان كان أتي أهله بعد زوال الشمس فان عليه أن يتصدق علي عشرة مساكين فان لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم و صام ثلاثة أيام كفارة لما صنع «2» فضعيف سندا بالحارث بن محمد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 117

و كفارة افطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين (1).

______________________________

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و كفارته كفارة افطار شهر رمضان» و قال السيد الحكيم قدس سره في شرح المتن: «كما عن المشهور في كفارة النذر و عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه» انتهي.

و في قبال المشهور قول آخر و هو أن كفارته كفارة اليمين و يدل علي القول المشهور ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عمن جعل للّه عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه قال: لا و لا أعلمه الا قال: فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا «1»، و هذه الرواية ضعيفة بعبد الملك.

و مما استدل به علي المدعي ما رواه ابن مهزيار انه كتب اليه

يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

و المستفاد من الرواية تعين عتق الرقبة و لم يقل بتعينه احد و جعل هذه الرواية دليلا علي القول المشهور مبني علي ان الامر بالعتق للتخيير بينه و بين الاطعام و الصيام و الحال ان العتق احد خصال كفارة اليمين فالامر بالعتق لا يكون دليلا علي المشهور.

و بعبارة واضحة: ان تعين العتق لا يمكن الالتزام به اذ لم يلتزم به أحد و أما كونه عدلا لأحد الخصال فكما انه يمكن كونه عدلا لأحد الخصال في كفارة افطار صوم شهر رمضان كذلك يمكن جعله عدلا لأحد الخصال في كفارة اليمين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 118

______________________________

اضف الي ذلك كله ان صاحب الوسائل قدس سره لم يذكر الرزاز في الموثقين و أما سيدنا الاستاد فأفاد ان الرجل ثقة و لم يذكر وجهه و ظاهر ان مجرد كونه شيخا للكليني لا يقتضي كونه ثقة و اللّه العالم.

و ربما يستدل علي قول المشهور بمكاتبة الحسين بن عبيدة قال: كتبت اليه يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما للّه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة فأجاب عليه السلام يصوم يوما مكان (بدل) يوم و تحرير رقبة «1».

و مكاتبة الصيقل انه كتب اليه أيضا يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما للّه تعالي فوقع في ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فاجابه يصوم يوما بدل

يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

و تقريب الاستدلال بهما علي المدعي هو التقريب المذكور في حديث ابن مهزيار و الاشكال في الاستدلال هو الاشكال مضافا الي ضعف السند في كلا الحديثين أما الاول فبالحسين بن عبيدة و أما الثاني فبالقاسم الصيقل.

و استدل علي القول الاخر بجملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان قلت: للّه علي فكفارة يمين «3».

و منها: ما رواه حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن كفارة النذر فقال: كفارة النذر كفارة اليمين و من نذر بدنة فعليه ناقة يقلدها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 119

______________________________

و يشعرها و يقف بها بعرفة و من نذر جذورا فحيث شاء نحره «1».

و في المقام رواية اخري رواها علي بن مهزيار قال كتب بندار مولي ادريس يا سيدي نذرت أن اصوم كل يوم سبت فان أنا لم اصمه ما يلزمني من الكفارة؟

فكتب اليه و قرأته لا تتركه الا من علة و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض الا أن تكون نوبت ذلك و ان كنت أفطرت فيه من غير علة فتصدق بعدد كل يوم علي سبعة مساكين الحديث «2».

تدل علي أنه لو نذر الصوم في يوم معين و أفطر من غير علة تكون كفارته التصدق علي سبعة مساكين و مقتضي الصناعة أن يخصص الدليل الدال علي أن كفارة حنث النذر كفارة اليمين بهذه الرواية لكن الظاهر انه لم يلتزم احد بمفادها و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

و أما حديث علي بن مهزيار قال: و كتب اليه يسأله يا

سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «3»، الدال علي أن كفارة حنث نذر الصوم عتق الرقبة فالظاهر انه غير مذكور في الكافي بالسند المذكور في الوسائل و لا يبعد ان الامر كما ذكره سيدنا الاستاد انه اشتبه الامر علي صاحب الوسائل قدس سره نعم هذه الروايه مذكورة في الكافي «4» بسند آخر و السند مخدوش بالرزاز.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(4) الفروع من الكافي ج 7 ص 456 حديث. 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 120

و هي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين (1) لكل واحد مد (2).

______________________________

(1) كما نص عليه في الكتاب الشريف في قوله تعالي: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ وَ لٰكِنْ يُؤٰاخِذُكُمْ بِمٰا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمٰانَ فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا حَلَفْتُمْ» «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم (عنه خ) عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة أو كسوتهم لكل انسان ثوبان أو عتق رقبة و هو في ذلك بالخيار اي ذلك الثلاثة شاء صنع فان لم يقدر علي واحدة من الثلاث فالصيام عليه ثلاثة ايام «2».

(2) يستفاد من بعض النصوص ان احد الخصال هو المد لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال: قال أبو جعفر عليه

السلام: قال اللّه عز و جل لنبيه صلي اللّه عليه و آله:

«يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكَ- قَدْ فَرَضَ اللّٰهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمٰانِكُمْ» فجعلها يمينا و كفرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قلت بما كفر؟ قال: أطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد قلنا: فمن وجد الكسوة؟ قال: ثوب يواري به عورته «3».

و يستفاد من بعضها ان الواجب هو من الحنطة و حفنة فتكون الحفنة في طحنه و طبخه لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة

______________________________

(1) المائدة/ 89

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 121

أو كسوة عشرة مساكين (1).

______________________________

اليمين مد مد من حنطة و حفنة لتكون الحفنة في طحنه و حطبه «1».

و يستفاد من قسم ثالث ان الواجب المد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة لاحظ ما رواه الحلبي «2» اذا عرفت هذا الاختلاف في الاخبار فنقول: اذا لم يكن النصوص متعارضة و يكون مقتضي القاعدة حمل الحفنة علي الاستحباب فهو و أما ان قلنا: بأنها متعارضة فبعد التعارض تتساقط و تجري اصالة البراءة عن وجوب الزائد علي المد.

(1) كما نص عليها في الاية و الرواية و المستفاد من جملة من النصوص كفاية ثوب واحد لاحظ ما رواه محمد بن قيس «3».

و ما رواه معمر بن عمر (عثمان خ ل) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عمن وجب عليه الكسوة في كفارة اليمين قال: هو ثوب يواري عورته «4».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه: «مِنْ أَوْسَطِ مٰا

تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ» قال: ثوب «5».

و يستفاد من جملة من النصوص وجوب الكسوة بثوبين لاحظ ما رواه الحلبي «6» و ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن كفارة اليمين فقال: عتق رقبة أو كسوة و الكسوة ثوبان الحديث «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 120

(3) لاحظ ص: 120

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 120

(7) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 122

فان عجز صام ثلاثة أيام (1).

[مسألة 39: تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين]

(مسألة 39): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين (2).

______________________________

و ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه «مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ» في كفارة اليمين قال: ما يأكل أهل البيت يشبعهم يوما و كان يعجبه مد لكل مسكين قلت: أو كسوتهم قال: ثوبين لكل رجل «1».

و ما رواه أبو جميلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في كفارة اليمين عتق رقبة أو اطعام عشر مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم و الوسط الخل و الزيت و أرفعه الخبز و اللحم و الصدقة مد (مدخ) من حنطة لكل مسكين و الكسوة ثوبان «2».

فان كان مقتضي الجمع العرفي حمل ما يدل علي وجوب ثوبين علي الاستحباب فهو و الا فلا بد من ترجيح احد الطرفين علي الاخر من مرجح و حيث ان ما يدل علي مطلق الكسوة موافق للكتاب يكون الترجيح معه فلاحظ.

(1) كما تدل عليه الاية و الرواية.

(2) ادعي عليه الاجماع و مقتضي اطلاق الدليل كذلك اذ الكفارة مترتبة علي الافطار و المفروض

تحقق الموضوع في يومين فيترتب عليه حكمه في كليهما فصاعدا كما أن مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين تخلل التكفير و عدمه و اتحاد الجنس المفطر و عدمه فان الاطلاق ينفي جميع ذلك و ان شئت قلت: المقتضي للتعدد موجود و الدليل علي التداخل مفقود.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 123

لا في يوم واحد (1).

______________________________

(1) و الوجه فيه ان الكفارة رتبت بالنسبة الي غير الجماع و ما يلحق به علي عنوان الافطار و هذا العنوان غير قابل للتكرار فان الافطار ناقض للصوم و هذا المفهوم غير قابل للتكرار و لا مجال للتداخل و عدمه في المقام اذ التداخل و عدمه انما يتصوران في الموضوعات التي تكون قابلة للتكرار و أما المقام فلا يعقل فيه التكرار و الا يلزم تحصيل الحاصل فمقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب عند التكرار.

و ربما يقال: بوجوب التكرار و ذكر في وجهه امور: الاول: ان التداخل علي خلاف الاصل فيجب التكرار و فيه: انه كما ذكرنا لا مجال لهذا البيان لانتفاء موضوعه.

الثاني: انه يجب علي المكلف الامساك بعد الافطار فكما يحرم عليه استعمال المفطر قبل تحقق الافطار كذلك يحرم عليه بعده. و فيه: ان الكفارة مترتبة علي الافطار لا علي فعل المحرم و بعد تحقق الافطار في المرة الاولي لا يتحقق هذا العنوان ثانيا كما مر.

الثالث: انه لا دليل علي انتقاض الصوم باستعمال المفطر اولا بل من الجائز صحته حتي بعد استعمال المفطر. و فيه: اولا: أن الدليل قائم علي انتقاضه باستعمال المفطر. و ثانيا: انه علي هذا الفرض لا وجه للكفارة اذ المفروض انه لا يتحقق الانتفاض و الكفارة مترتبة

علي النقض و الافطار و ربما يفصل بين تغاير الجنس و عدمه بوجوب التكرار في الاول و عدمه في الثاني بدعوي: ان الاصل عدم التداخل في الاول و ان الاصل هو التداخل في الثاني.

و فيه: ان التداخل علي خلاف الاصل علي الاطلاق و أما في المقام فلا يتصور التكرار كما مر. و ربما يفصل بين تخلل التكفير و عدمه بالالتزام بالتداخل في

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 124

الا في الجماع (1).

______________________________

الثاني و عدمه في الاول و مما ذكرنا ظهر فساد التفصيل فالحق هو عدم التكرار كما في المتن.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور: الاول: ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن رجل واقع امرأة في شهر رمضان من حلال أو حرام في يوم عشر مرات قال: عليه عشر كفارات لكل مرة كفارة فان أكل أو شرب فكفارة يوم واحد «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

الثاني ما روي عن كتاب شمس المذهب عنهم عليهم السلام ان الرجل اذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء و الكفارة فان عاود الي المجامعة في يومه ذلك مرة اخري فعليه في كل مرة كفارة «2» و هذه الرواية مرسلة لا اعتبار بها.

الثالث: ما أرسله العلامة قدس سره قال: و روي عن الرضا عليه السلام أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطء «3» و المرسل لا اعتبار به.

الرابع: اطلاق دليل وجوب الكفارة لإتيان الاهل و الدليل عليها عدة نصوص:

منها: ما رواه سماعة «4» فان مقتضي اطلاق الرواية تكرر الكفارة بتكرر الجماع و دعوي انصراف الاتيان الي خصوص اتيان المفطر- كما ادعاه سيد المستمسك قدس سره- لا وجه له ظاهرا.

و بعبارة اخري: لو كان

الاتيان الثاني حراما يشمله اطلاق الدليل لكن المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 125

______________________________

من قوله عليه السلام: «و قضاء ذلك اليوم» ان المفروض في السؤال المرة الاولي من الاتيان اذ لو لم يكن كذلك لم يكن وجه لترتب وجوب القضاء عليه لان وجوب القضاء مترتب علي اول الوجود من الاتيان.

و بعبارة اخري: الظاهر من الحديث سؤالا و جوابا ان الكفارة و القضاء مترتبان علي الاتيان و من الظاهر انه لا يتم الا بأن يكون المراد الاتيان الاول فلاحظ.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «1» و لا يخفي انه فرض كون الناكح صائما فلا مجال للاستدلال به علي المدعي و هو تكرر الكفارة بتكرر الوطء.

و منها: ما رواه إدريس بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أتي أهله في شهر رمضان قال: عليه عشرون صاعا من تمر فبذلك أمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك «2». و هذه الرواية ضعيفة بادريس

و منها: ما رواه عبد المؤمن بن الهيثم (القاسم) الانصاري عن أبي جعفر عليه السلام ان رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: هلكت و اهلكت فقال: و ما أهلكك؟ قال: اتيت امرأتي في شهر رمضان و أنا صائم فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله: اعتق رقبة قال: لا اجد قال: فصم شهرين متتابعين قال: لا اطبق قال:

تصدق علي ستين مسكينا قال: لا اجد فاتي النبي صلي اللّه عليه و آله بصدقه في مكتل فيه خمسة عشر صاعا

من تمر فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله: خذ هذا فتصدق بها فقال: و الذي بعثك بالحق نبيا ما بين لا لابتيها اهل بيت أحوج اليه منا فقال: خذه و كله أنت و أهلك فانه كفارة لك «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 114

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 126

و الاستمناء فانها تتكرر بتكررها (1) و من عجز عن الخصال الثلاث فالاحوط أن يتصدق بما يطيق و يضم اليه الاستغفار (2).

______________________________

و هذه الرواية قد فرض فيها كون الآتي صائما فلا تكون قابلة للاستدلال بها علي المدعي.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقع علي أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به علي ستين مسكينا قال: يتصدق بقدر ما يطيق «1».

و هذه الرواية لا اطلاق لها من هذه الجهة فلا تكون قابلة للاستدلال بها علي المدعي. و بعبارة اخري: السؤال في هذه الرواية ناظر الي أن المكلف وقع علي أهله و وجب عليه التصدق علي ستين مسكينا و لم يجد فما حكمه؟ و أما في أي مورد تجب الكفارة فلا تكون الرواية بصدد بيانه و لعل ما ذكرنا ظاهر واضح بعد التدبر فيها فتدبر.

(1) لاحظ ما رواه سماعة «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الانزال يوجب الكفارة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين اول فرد منه و الثاني و هكذا هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العرف يفهم ان الموضوع هو الانزال ففي كل مورد تحقق الانزال يكون حكمه كذلك و لا يختص بالانزال المسبب عن اللزوق بالاهل فلاحظ.

(2)

قال السيد في عروته: «من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق بما يطيق».

و لا بد من التعرض للنصوص التي يمكن الاستدلال بها علي ما هو الواجب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 127

______________________________

في المقام كي فلاحظ ان الحق ما هو فنقول: منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر علي صيام و لم يقدر علي العتق و لم يقدر علي الصدقة قال: فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة ايام «1».

و هذه الرواية ضعيفة با بني المرار و المبارك و كون الاول في اسناد تفسير علي ابن ابراهيم و الثاني في اسناد كامل الزيارات لا يفيد فان التوثيق المستفاد من ابن ابراهيم و قولويه لا يتجاوز عن الطبقة الاولي و تحقيق الحال موكول الي مجال آخر.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته فلم يجد ما يعتق و لا ما يتصدق و لا يقوي علي الصيام قال: يصوم ثمانية عشر يوما لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام «2».

و هذه الرواية واردة في بيان حكم كفارة الظهار و لا ترتبط بالمقام و منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقع علي أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به علي ستين مسكينا قال:

يتصدق بقدر ما يطيق «4».

فان مقتضي الحديثين ان المكلف اذا لم يتمكن من الخصال الثلاث تصدق بما يمكنه و

منها: ما رواه علي بن جعفر «5» و مقتضي هذه الرواية ان المكلف

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب بقية الصوم الواجب

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الكفارات

(3) لاحظ ص: 111

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 128

و يلزم التكفير عند التمكن علي الاحوط وجوبا (1).

[مسألة 40: يجب في الإفطار علي الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة علي الاحوط]

(مسألة 40): يجب في الافطار علي الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة علي الاحوط. (2).

______________________________

ان عجز عن الخصال يجب عليه الاستغفار و حيث انه لا تنافي بين المثبتين و لا دليل علي وحدة المطلوب يجب الجمع بين التصدق بالمقدار الممكن و الاستغفار كما في المتن.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان التكفير اذا لم يكن وجوبه فوريا- كما انه لا يكون فوريا- فلا تصل النوبة الي التصدق و الاستغفار مع امكان التكفير و لو بعد حين و عليه كيف يمكن الجمع بين وجوب التصدق و الاستغفار فعلا و وجوب التكفير أيضا عند الامكان فانه جمع بين المبدل و البدل الا ان يكون ناظرا الي الحكم الظاهري فانه مع عدم الامكان فعلا لو شك في حصول التمكن بعد ذلك يحكم بعدمه بالاستصحاب الاستقبالي فيترتب عليه وجوب البدل فلو تمكن بعد ذلك يجب التكفير لعدم كون الحكم الظاهري مجزيا.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي جملة من النصوص الاول: ما رواه الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول اللّه قد روي عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات و روي عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال: بهما جميعا متي جامع الرجل حراما أو أفطر علي حرام في

شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا. و قضاء ذلك اليوم و ان كان نكح حلالا أو أفطر علي حلال فعليه كفارة واحدة و ان كان ناسيا فلا شي ء عليه «1». و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 129

[مسألة 41: إذا أكره زوجته علي الجماع في صوم شهر رمضان]

(مسألة 41): اذا أكره زوجته علي الجماع في صوم شهر رمضان فالاحوط أن عليه كفارتين و تعزيرين خمسين سوطا فيتحمل عنها الكفارة و التعزير (1).

______________________________

ضعيفة بعبد الواحد بن محمد بن عبدوس و غيره.

الثاني: ما روي عن المهدي عليه السلام فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه أن عليه ثلاث كفارات «1» و هذه الرواية ضعيفة بكون طريق الصدوق الي أبي الحسين مجهولا.

الثالث: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أتي أهله في رمضان متعمدا فقال:

عليه عتق رقبة و اطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم و أني (أين) له مثل ذلك اليوم «2».

بتقريب: ان الجمع بين هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي التخيير بين الخصال بحمل هذه الرواية علي الافطار بالحرام و فيه ان هذا الجمع ليس عرفيا بل جمع تبرعي غير صحيح.

مضافا الي أن هذه الرواية هي الرواية التي مروية في كتاب نوادر احمد بن محمد بن عيسي عن عثمان بن عيسي بلفظ (أو) دون الواو و في مقام الدوران بين الزيادة و النقيصة يقدم احتمال النقيصة فالترجيح مع ما في النوادر فالنتيجة ان الحكم بالجمع مبني علي الاحتياط.

(1) استدل علي المدعي بما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

رجل أتي امرأته و هو صائم فقال: ان كان استكرهها فعليه كفارتان و ان كان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 130

و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة (1) و لا تلحق بها الامة (2) كما لا تلحق بالزوج اذا اكرهت زوجها علي ذلك (3).

[مسألة 42: إذا علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة معه]

(مسألة 42): اذا علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه (4) و اذا علم انه أفطر اياما و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة علي القدر المعلوم (5) و اذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه احدي الخصال (6) و اذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان

______________________________

طاوعته فعليه كفارة و عليها كفارة و ان كان أكرهها ضرب خمسين سوطا نصف الحد و ان كان طاوعته ضرب خمسة و عشرين سوطا و ضربت خمسة و عشرين سوطا «1»

و هذه الرواية ضعيفة بابراهيم بن اسحاق و طريق الصدوق الي مفضل بن عمر ضعيف فالحكم مبني علي الاحتياط و مقتضي الصناعة أن يكفر الزوج عن نفسه و أما الزائد عليه فلا لأصالة البراءة و أما الزوجة فلا شي ء عليها لقاعدة الاكراه فان مقتضي حديث الرفع انه لا شي ء علي المكره بالفتح فلاحظ.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لعدم الدليل و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(3) لعدم الدليل و الاصل عدم وجوب الزائد عليها و اللّه العالم.

(4) للشك في التكليف الزائد و مقتضي الاصل عدمه.

(5) كما هو الميزان في الشك بين الاقل و الاكثر.

(6) بتقريب: ان احدي الخصال مقطوع الوجوب و الشك في وجوب الزائد

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب

ما يمسك عنه الصائم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 131

أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة (1) و ان كان قد أفطر بعد الزوال كفاه اطعام ستين مسكينا (2).

______________________________

و مقتضي الاصل عدمه. و لقائل أن يقول: ان الامر ليس دائرا بين الاقل و الاكثر بل الامر دائر بين المتباينين اذ المكلف لا يدري ان الواجب عليه الاتيان باحدي الخصال اي الجامع بين الثلاث أو أن الواجب جميعها و عليه يكون الاصل في كل من الطرفين معارضا مع جريانه في الطرف الاخر فلا بد من الاتيان بكفارة الجمع

الا أن يقال: ان مقتضي البراءة رفع الكلفة الزائدة و رفع التكليف عن الجامع لا يرفع أصل التكليف اذ اصل التكليف قطعي فجريان الاصل و البراءة عن الجميع لا يعارضه شي ء فالامر دائر بين الاقل و الاكثر و لا تعارض.

(1) للشك في وجوبها و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) و قال سيد العروة قدس سره في عروته: «بل له الاكتفاء باطعام عشرة مساكين» بتقريب: ان اطعام عشرة مساكين معلوم الوجوب اما تعيينا أو في ضمن ستين مسكينا تخييرا بينه و بين العتق و الصيام فيدور الامر بين الاقل و الاكثر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن الامر ليس كذلك اذ الوجوب التخييري متعلق بالجامع الانتزاعي فالامر دائر بين تعلق الوجوب باطعام عشرة مساكين و تعلقه بالجامع بين الخصال الثلاث فيدور الامر بين المتباينين و مقتضاه وجوب الاحتياط فلو أطعم ستين مسكينا كفي علي كلا الاحتمالين اذ كفارة افطار قضاء شهر رمضان اطعام عشرة مساكين و اطعام العشرة يحصل في ضمن اطعام ستين مسكينا و اطعام ستين مسكينا احدي الخصال الثلاث.

و صفوة القول: ان مرجع الوجوب التخييري

الشرعي الي التخيير العقلي- كما حقق في محله- فعليه يكون الامر في المقام دائرا بين المتباينين فيتعارض الاصلان

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 132

[مسألة 43: إذا أفطر عمدا ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة]

(مسألة 43): اذا أفطر عمدا ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة (1).

______________________________

الجاريان في كلا الطرفين فيجب الاحتياط كما في المتن.

و نخبة الكلام في المقام ان انحلال العلم الإجمالي و عدم تنجزه يتوقف علي جريان الاصل في بعض الاطراف دون الاخر ففي مقام دوران الامر بين الاقل و الاكثر غير الارتباطي لا يجري الاصل في الاقل و يجري الاصل في الاكثر فينحل العلم الإجمالي كما أن الامر في الارتباطي كذلك اذا المكلف يعلم بأن ترك الاقل يوجب العقاب فلا مجال لجريان قبح العقاب بلا بيان و أما بالنسبة الي الاكثر فالبيان غير تام فلا مانع من جريان البراءة العقلية غاية الامر في القسم الاول يكون الانحلال حقيقيا و في القسم الثاني يكون حكميا اذ الترديد باق بحاله نعم الاصول غير متعارضة.

و أفاد سيدنا الاستاد: ان البراءة الشرعية أيضا تجري في الاكثر و لا تجري في الاقل بتقريب: ان المكلف يعلم بتعلق الوجوب بالأقل بنحو الاهمال و لا يدري ان الواجب بشرط شي ء أو لا بشرط و البراءة تجري عن المقيد لان فيه كلفة زائدة و أما بالنسبة الي الاطلاق فلا تجري اذ ليس في الاطلاق كلفه زائدة فليس في رفعه منة فلا تجري اصالة البراءة.

و يرد عليه: ان رفع الاطلاق في حد نفسه امتناني و لذا لاشكال في أنه لو شك في تعلق التكليف بماهية مطلقة يجري فيه الاصل و ينفي عنها الوجوب. الا أن يقال:

انه مع فرض العلم بالتكليف لا يكون رفع الوجوب عن المطلق امتنانيا.

و ان شئت قلت: ان

أثر البراءة التوسعة و لا توسعة في رفع الاطلاق و لا ثبات المدعي تقريب آخر و هو انا نشك في شمول الوجوب للجزء المشكوك فيه و مقتضي الاستصحاب عدم شموله فلا تكون السورة واجبة مثلا اذا شك في وجوبها

(1) ادعي عليه الاجماع و ربما يستدل بما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا:

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 133

______________________________

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ايما رجل كان له مال حال عليه الحول فانه يزكيه قلت له: فان وهبه قبل حله بشهر أو بيوم؟ قال: ليس عليه شي ء أبدا قال: و قال زرارة عنه: انه قال: انما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في اقامته ثم يخرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك ابطال الكفارة التي وجبت عليه و قال:

انه حين رأي الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة و لكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز و لم يكن عليه شي ء بمنزلة من خرج ثم افطر انما لا يمنع الحال عليه فأما ما لا يحل فله منعه الحديث «1».

بتقريب: ان المشار اليه ظاهرا في قوله عليه السلام: (انما هذا) هي الجملة الاولي اي من كان حال علي ما له الحول يزكيه بقرينة قوله عليه السلام: وجبت عليه فالمستفاد من الرواية ان المال الذي حال عليه الحول لا تسقط عنه الزكاة كما لا تسقط الكفارة بالسفر بعد الافطار.

و فيه ان مورد الرواية هو السفر بعد الزوال فلا ترتبط بما نحن فيه. و أفاد سيدنا الاستاد: «انه يمكن الاستدلال بالرواية علي المقام حيث ان المستفاد من مجموع الصدر و الذيل ان المناط في سقوط الكفارة و عدمه جواز الافطار و عدمه و لذا شبه الهبة

بعد حولان الحول بالسفر بعد الزوال اذ بعد الزوال لا طريق للتخلص من الكفارة و أما قبل الزوال فيمكن للمكلف أن يسافر ثم يفطر فالهبة بعد حولان الحول مثل المسافرة بعد الزوال في عدم التأثير و اما الهبة قبل الحولان فمثل المسافرة قبل الزوال ثم الافطار فيفهم من الرواية ان الميزان في عدم تحقق الكفارة جواز الافطار و حيث ان الافطار قبل الزوال و قبل المسافرة لا يجوز تتحقق الكفارة به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب ما يمسك عنه الصائم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 134

______________________________

و ان شئت قلت: اذا كان المسافرة قبل الزوال مؤثرة في سقوط الكفارة حتي فيما لو كان الافطار قبلها لكان المناسب أن يقول عليه السلام: بمنزلة من خرج أو يقول:

بمنزلة من افطر و خرج و حيث انه عليه السلام قال: «بمنزلة من خرج ثم افطر» يعلم ان المسقط للكفارة هو الخروج قبل الافطار و لا اثر للخروج بعد الافطار في اسقاط الكفارة فلاحظ.

و ما أفاده بتوضيح منا يكون صالحا للاستدلال علي المدعي في المقام. و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو ان المستفاد من جملة من النصوص أن المسافر في شهر رمضان ما دام لم يخرج و لم يصل الي حد الترخص لا يجوز له الافطار.

فمن تلك الروايات ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: هذا واحد اذ اقصرت أفطرت و اذا أفطرت قصرت «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث: و ليس يفترق التقصير و الافطار فمن قصر فليفطر «2».

و منها: ما رواه الطبرسي في مجمع البيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من سافر قصر و أفطر الحديث «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 135

______________________________

من شهر رمضان الحديث «1».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم قال: فقال: ان خرج من قبل ان ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم و ان خرج بعد الزوال فليتم يومه «2».

و منها غيرها من الروايات المذكورة في الباب: 5 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل. فما دام باقيا في محله و لم يتلبس بالسفر يجب عليه الامساك فلو لم يمسك و أفطر يشمله ما دل من النصوص من أن الافطار يوجب الكفارة لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان «3».

و ما رواه ادريس «4» و ما رواه المشرقي «5» و حديثي سماعة «6» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

فان أكثر هذه النصوص لم يؤخذ في موضوعها عنوان الصائم كي يقال: بأن من يريد السفر و يسافر بعد ذلك لا يكون صائما بل الموضوع المأخوذ فيها عنوان الافطار العمدي و حيث ان الإمساك واجب قبل الخروج يصدق الافطار اذ الإفطار يضاد الامساك فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 111 و 127

(4) لاحظ ص:

125

(5) لاحظ ص: 112

(6) لاحظ ص: 113 و 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 136

[مسألة 44: إذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة علي الجماع لم يتحمل عنها الكفارة]

(مسألة 44): اذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة علي الجماع لم يتحمل عنها الكفارة (1) و ان كان آثما بذلك (2).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل عدمه.

(2) ربما يقال: بأن اكراه الغير علي عمل لا يكون موردا لاستحقاق المكره بالكسر حرام و حيث ان الجماع لا يكون حقا للزوج فلا يكون اكراه الزوجة عليه من قبل الزوج جائزا.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: «بأنه لا دليل علي هذه الكبري الكلية فان مجرد الاكراه بما هو اذا لم يكن معنونا بعنوان محرم آخر لا يكون حراما و لذا لو اشتغلت الزوجة بعمل غير مناف لحق الزوج كالكتابة مثلا يجوز للزوج أن يكرهها علي تركها بأن يقول لها: اتركي الكتابة و إلا طلقتك فانه لا دليل علي حرمة هذا الاكراه.

و لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام بالجواز من ناحية اخري و هي انه لو نهي المولي جماعة عن عمل يفهم عرفا انه مبغوض له بلا فرق بين صدوره بالمباشرة أو بتسبيب الغير و حديث رفع الاكراه يقتضي رفع المؤاخذة و العقاب لا رفع المبغوضية فالعمل المبغوض المكره عليه من قبل الغير لا يكون حراما بالنسبة الي المكره بالفتح لحديث الرفع و أما بالنسبة الي المكره بالكسر فحرام و لذا قلنا في كتاب الطهارة انه لا يجوز تقديم طعام نجس للغير اذ أكل النجس حرام بلا فرق بين المباشرة و التسبيب».

هذا ملخص ما أفاده في هذا المقام. و تمامية ما أفاده تتوقف علي ما ادعاه من أن المستفاد من ادلة المحرمات النهي عن المباشرة و التسبيب و الجزم بهذا المدعي مشكل اذ

مجرد احراز كون شي ء محبوبا للمولي أو مبغوضا له لا يوجب

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 137

و لا تجب الكفارة عليها (1).

[مسألة 45: يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره]

(مسألة 45): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره (2).

______________________________

و لا يقتضي الارتكاب و الانزجار فلا دليل علي حرمة العمل بالنسبة الي الغير.

و بعبارة اخري: الحرام هو الفعل المنهي عنه و اثبات ان المنهي عنه في الشريعة منهي بالنسبة الي غير من حرم عليه في غاية الاشكال.

و يؤيد المدعي لو لم يدل عليه ان سيدنا الأستاد لم يلتزم بهذه المقالة في طرف الامر فلو أمر المولي عبده بفعل لا يجب علي غير العبد أن يكره العبد و يسبب أن يأتي به العبد و أي فرق بين المقامين فالحكم بالحرمة مبني علي الاحتياط.

(1) لمكان الأكراه المقتضي للإسقاط.

(2) يظهر من كلام القوم انه لا اشكال فيه و ليس فيه خلاف معتد به و البحث فيه موكول الي بحث القضاء في كتاب الصلاة و ملخص الكلام ان المستفاد من جملة من الروايات ان كل عمل صالح يمكن أن يؤتي به نيابة عن الميت لاحظ ما رواه حماد ابن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج و العمرة و كل عمل صالح ينفع الميت حتي أن الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه و يقال: هذا بعمل ابنك فلان و بعمل اخيك فلان أخوك في الدين «1»

و ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من عمل من المؤمنين عن ميت عملا أضعف اللّه له أجره و ينعم به الميت «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي

عن الميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب قضاء الصلوات الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 138

و في جوازه عن الحي اشكال (1).

______________________________

الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «1».

(1) الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول: الجواز علي الاطلاق. الثاني عدم الجواز كذلك. الثالث: التفصيل بين الصوم فلا يجوز و غير الصوم فيجوز.

و قال سيدنا الاستاد: «لا بد من التكلم في جهات» و نحن تبعا له نتكلم في تلك الجهات: الجهة الاولي: هل يعتبر في العتق و الاطعام أن يكونا من خالص مال المكلف أو يجوز التصدي لذلك و لو من مال غيره المأذون في التصرف؟

الظاهر انه لا اشكال في عدم الاعتبار فان مقتضي اطلاق الروايات جواز العتق و لو كان العبد مملوكا للغير.

و بعبارة اخري: الواجب عليه أن يعتق رقبة أو يطعم مساكين و مقتضي اطلاق الدليل عدم اشتراط أن يكونا من خالص ماله و ما ورد من أنه لا عتق الا في ملك يمكن أن يكون ناظرا الي أن العتق لا يقع علي الحر و يمكن أن يكون ناظرا الي أن العتق يلزم أن يكون باذن المالك فاذا كان باذن المالك يجوز و لو لم يكن للمعتق.

الجهة الثانية: هل يعتبر التصدي للعتق أو الاطعام مباشرة أو يجوز التوكيل فيهما؟ الظاهر انه يكفي الوكالة فيهما و الوكالة تجري في موردين: احدهما:

الامور الاعتبارية كالعقود و الايقاعات. ثانيهما: ما يكون من قبيل القبض و الاقباض فان السيرة العقلانية شاهدة علي جريان الوكالة في هذين الموردين مضافا الي النصوص الواردة في كلا المقامين فلو باع احد دار زيد بالوكالة عنه يصح البيع كما أنه لو أقبض أو قبض بالوكالة عنه يصح ذلك الاقباض و

ذلك القبض.

و أما في غير الموردين المذكورين فلا دليل علي صحة الوكالة و يتفرع علي ما ذكر ان الوكالة تجري في المقام بالنسبة الي العتق و الاطعام و اما بالنسبة الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 139

______________________________

الصوم فلا لعدم دليل عليه.

الجهة الثالثة: في التبرع عن الغير و قد سبق ان الأقوال فيه ثلاثة: الجواز علي الاطلاق و المنع كذلك و التفصيل بين الصوم و غيره.

أما الجواز علي الاطلاق فبدعوي ان الواجبات الالهية ديون و الشاهد عليه ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في قضية الخثعمية لما سألت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج ان حججت عنه أ ينفعه ذلك؟ فقال لها: أ رأيت لو كان علي أبيك دين فقضيته أ كان ينفعه ذلك؟ قالت: نعم قال: فدين اللّه أحق بالقضاء «1».

و ما ذكر في بعض الروايات و أطلق لفظ الدين علي الحج هذا من ناحية و من ناحية اخري يجوز التبرع عن المديون في كل دين فاذا ثبت ان الواجب الشرعي دين و يجوز التبرع عن الغير في وفائه تكون النتيجة الجواز علي الاطلاق في المقام.

و فيه: ان الحديث المروي عن رسول اللّه ضعيف سندا و أما اطلاق الدين علي الحج فمن الواضح انه ليس المراد منه انه دين كبقية الديون المالية بل التنزيل باعتبار ثبوته في الذمة.

مضافا الي أن الكلام في المقام ليس في الحج و لو سلمنا الصغري فالاشكال في الكبري اذ لم يدل دليل علي جواز التبرع عن الغير في كل دين حتي في الواجبات

الشرعية و لذا لا يجوز لأحد القيام بواجبات الغير تبرعا.

و أما حديث جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال: ان رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص 39

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 140

______________________________

فقال: هلكت يا رسول اللّه فقال: و مالك؟ قال: النار يا رسول اللّه قال: و مالك؟

قال: وقعت علي أهلي قال: تصدق و استغفر (ربك) فقال الرجل: فو الذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا لا قليلا و لا كثيرا قال: فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خذ هذا التمر فتصدق به فقال: يا رسول اللّه علي من أتصدق به و قد أخبرتك انه ليس في بيتي قليل و لا كثير قال: فخذه و اطعمه عيالك و استغفر اللّه الحديث «1» فالمستفاد منه انه يجوز التصدق بمال الغير باذنه فلا يرتبط بالمدعي.

و أما المنع علي الاطلاق فبتقريب ان مقتضي ظاهر الامر وجوب مباشرة المكلف بنفسه أو بالتوكيل فيما يجوز فيه الوكالة و أما السقوط بفعل المتبرع فلا دليل عليه.

و أما التفصيل بين الصوم و غيره فبتقريب أن كل ما يقبل التوكيل يقبل التبرع و حيث ان العتق و الاطعام يقبلان التوكيل فيجري فيه التبرع و أما الصوم فلا يجري فيه التبرع لعدم جريان التوكيل فيه.

و فيه: انه لا دليل علي كفاية التبرع في مورد جواز الوكالة فان فعل الوكيل فعل الموكل عرفا و شرعا كما ان اقباض الوكيل و قبضه كذلك فالحق هو القول الثاني و هو عدم

جواز التبرع مطلقا أما في الصوم فظاهر لعدم جواز الوكالة فيه و أما في العتق و الاطعام فلعدم دليل علي الاجزاء و مقتضي الاطلاق عدم جوازه اذ مقتضي اطلاق وجوب العتق و الاطعام بقاء الوجوب حتي في صورة تبرع الغير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 141

[مسألة 46: وجوب الكفارة موسع]

(مسألة 46): وجوب الكفارة موسع (1) و لكن لا يجوز التأخير الي حد يعد توانيا و تسامحا في اداء الواجب (2).

[مسألة 47: مصرف كفارة الإطعام الفقراء]

(مسألة 47): مصرف كفارة الاطعام الفقراء (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر الادلة اذ قد قرر في الاصول ان الامر بشي ء لا يدل علي الفور و لا علي التراخي فالتوسعة علي القاعدة الاولية و لا مجال لان يقال: ان الكفارة نحو عقوبة فلا بد من الاتيان بها كالتوبة التي تجب فورا لان الكفارة بنفسها من الواجبات و لا تكون كالتوبة ماحية للسيئة.

و بعبارة اخري ان التوبة ماحية للذنب علي ما استفيد من ادلتها فيمكن أن يقال بوجوبها الفوري و أما الكفارة فليست كذلك بل هي واجبة كبقية الواجبات و حيث لا دليل علي فوريتها لا تكون فورية.

(2) بحيث لا يطمأن بامكان الامتثال فان امتثال كل واجب لازم بحكم العقل فيجوز التأخير الي حد يكون الاطمينان بتحقق الامتثال باقيا و الا فلا يجوز عقلا التأخير فلاحظ.

(3) المذكور في نصوص الكفارة عنوان المسكين لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان «1» و ما رواه عبد المؤمن «2» و ما رواه علي بن جعفر «3» و حديثي سماعة «4».

و ربما يقال: بأنه لا يجزي اطعام الفقراء لتغاير الفقير و المسكين مفهوما و لكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 111 و 127

(2) لاحظ ص: 125

(3) لاحظ ص: 114

(4) لاحظ ص: 113 و 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 142

اما باشباعهم (1).

______________________________

يرد عليه: بأنه ادعي الاجماع علي أن الفقير و المسكين يراد كل منهما من الاخر عند الانفراد و عن محكي المبسوط: أنه لا خلاف في أنه ان أوصي للفقراء منفردين أو للمساكين كذلك جاز صرف الوصية الي الصنفين جميعا و مثله ما عن نهاية الاحكام.

و

عن محكي المسالك: «و اعلم ان الفقراء و المساكين متي ذكر احدهما دخل فيه الاخر بغير خلاف» و عن الروضة: «الاجماع علي ذلك». و عن الحدائق:

«نفي الخلاف فيه».

اضف الي ذلك كله ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا أ يجمع ذلك لإنسان واحد يعطه؟ قال: لا و لكن يعطي انسانا انسانا كما قال اللّه تعالي قلت: فيعطيه الرجل قرابته ان كانوا محتاجين؟ قال: نعم الحديث «1» فانه يظهر من هذه الرواية انه يكفي لجواز الاعطاء الحاجة التي هي ملاك الفقر.

و بعبارة واضحة: مع ان الموضوع المذكور في الرواية عنوان المسكين جوز و رخص عليه السلام اعطاء قرابته في صورة الاحتياج فالاشكال المذكور في غير محله.

(1) لا اشكال في لزوم الاشباع فان الاطعام الذي هو احدي الخصال الثلاث ظاهر بحسب الفهم العرفي في الاشباع فلا مجال لان يقال: ان مقتضي الاطلاق كفاية مطلق تحقق هذا المفهوم و لو بلقمة فان العرف الذي هو المرجع في تعيين المفاهيم لا يساعده.

اضف الي ذلك ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أوسط ما تطمعون أهليكم قال: ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك قلت: و ما أوسط ذلك؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 143

و اما بالتسليم اليهم كل واحد مد (1) و الاحوط مدان (2) و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمي

______________________________

فقال: الخل و الزيت و التمر و الخبز يشبعهم به مرة واحدة قلت: كسوتهم؟ قال:

ثوب واحد «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الواجب الشرعي

هو الاشباع و حيث انه لا يحتمل الفرق بين كفارة اليمين و المقام من هذه الجهة تكون الرواية دليلا علي المدعي في المقام فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور و يدل علي المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال: عليه عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد بمد النبي صلي اللّه عليه و آله أفضل «2» و ما رواه سماعة «3» فلا اشكال في كفاية المد لكل مسكين- كما في المتن-.

و عن الشيخ قدس سره في جملة من كتبه ان الواجب مدان و ربما يستدل عليه بما رواه أبو بصير عن احدهما عليهما السلام في كفارة الظهار قال: تصدق علي ستين مسكينا ثلاثين صاعا لكل مسكين مدين «4».

و فيه ان الحديث وارد في الظهار فلا وجه للتعدي مع التصريح بكفاية المد في المقام في بعض النصوص كما تقدم.

(2) قد ظهر وجه الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 114

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 144

طعاما (1) نعم الاحوط في كفارة اليمين الاقتصار علي الحنطة و دقيقها و خبزها (2).

[مسألة 48: لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو إعطائه مدين أو أكثر]

(مسألة 48): لا يجزي في الكفارة اشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو اعطائه مدين أو أكثر بل لا بد من ستين نفسا (3).

[مسألة 49: إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطائه بعددهم]

(مسألة 49): اذا كان للفقير عيال فقراء جاز اعطائه بعددهم (4).

______________________________

(1) لإطلاق ادلة الكفارة فان مقتضي اطلاقها الاكتفاء بكل ما يصدق عليه الطعام و الاطعام بلا فرق بين الاشباع و الاعطاء نعم لا اشكال في أن الاشباع لا بد من أن يكون علي النحو المتعارف من اشباعهم بالطعام المطبوخ.

(2) الوارد في نصوص كفارة اليمين الحنطة و الدقيق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم (عنه خ) عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة أو كسوتهم لكل انسان ثوبان الحديث «1»

و قد ورد في رواية أبي بصير «2» في عداد الأطعمة الخبز و مقتضي اطلاقه عدم تقيده بكونه من الحنطة فما الوجه في الاحتياط المذكور في المتن و اللّه العالم

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض عدم الاتيان بالمأمور به فانه عبارة عن اطعام ستين أو اعطائهم و هذا المفهوم لا ينطبق علي الاقل مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه اسحاق «3».

(4) كما هو مقتضي اطلاق الادلة فان المستفاد منها وجوب اعطاء مد لستين مسكينا فلا فرق بين كون المسكين كبيرا أو صغيرا كما انه لا فرق بين كونه مذكرا أو مؤنثا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 143

(3) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 145

اذا كان وليا عليهم أو وكيلا عنهم في القبض (1) فاذا قبض شيئا من ذلك كان ملكا لهم (2) و لا يجوز التصرف فيه

الا باذنهم اذا كانوا كبارا و ان كانوا صغارا صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم (3).

______________________________

مضافا الي أنه يستفاد المدعي من بعض النصوص لاحظ ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام في حديث الكفارة قال: و يتمم اذا لم يقدر علي المسلمين و عيالاتهم تمام العده التي تلزمه أهل الضعف ممن لا ينصب «1».

و لاحظ رواية اخري ليونس عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل عليه كفارة اطعام عشرة مساكين أ يعطي الصغار و الكبار سواء و النساء و الرجال أو يفضل الكبار علي الصغار و الرجال علي النساء؟ فقال: كلهم سواء «2».

فانها صريحة في التسوية و الرواية و ان كانت واردة في اطعام عشرة مساكين لكن لا يحتمل الفرق من هذه الجهة بين العشرة و الستين.

(1) اذ اللازم في الاعطاء تمليك المسكين المد فاذا لم يكن الفقير وليا أو وكيلا لا يتحقق الامتثال فيلزم أن يكون الاخذ وكيلا عن غيره أو يكون وليا عليه كي يصدق الاعطاء المأمور به.

(2) كما هو مقتضي قاعدة الوكالة و الولاية.

(3) اذ لا يجوز التصرف في ملك الغير نعم يجوز التصرف مع الاذن اذا كان قابلا للإذن كما أنه يجوز اذا كان مولي عليه و يكون التصرف في ملكه علي طبق مصالحه فلاحظ.

بقي شي ء: و هو ان التصدق اذا كان بالبذل لا بالاعطاء فهل يكفي الصغير عن الكبير أم لا؟ و البحث في هذه المسألة تارة من حيث مقتضي القاعدة الاولية و اخري من حيث ما يستفاد من النص الخاص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الكفارات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 146

[مسألة 50: زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلا لنفقتها علي النحو المتعارف لا تكون فقيرة]

(مسألة 50): زوجة

الفقير اذا كان زوجها باذلا لنفقتها علي النحو المتعارف لا تكون فقيرة و لا يجوز اعطائها من الكفارة الا اذا كانت محتاجة الي نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه (1).

______________________________

أما بحسب القاعدة فمقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الصغير و الكبير بل الميزان صدق الموضوع و هو اطعام ستين مسكينا ففي كل مورد تحقق هذا العنوان يكفي كما هو ظاهر بل يمكن استفادة الاجزاء مضافا الي أنه مقتضي القاعدة من النص لاحظ ما رواه يونس «1» فانه قد صرح في هذه الرواية بكفاية الاعطاء لعيالات المسلمين أو اشباعهن و من الظاهر شمول لفظ العيالات للصغار فلا اشكال من حيث القاعدة الاولية.

و أما من حيث النص فقد وردت روايتان في كفارة اليمين ربما يستفاد منهما خلاف ما ذكر إحداهما ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام قال:

من أطعم في كفارة اليمين صغارا و كبارا فليزود الصغير بقدر ما أكل الكبير «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما ذكرنا مرارا.

ثانيتهما ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجزي اطعام الصغير في كفارة اليمين و لكن صغيرين بكبير «3» و هذه الرواية واردة في كفارة اليمين و لا ترتبط بالمقام.

(1) الظاهر ان ما أفاده مبني علي ما تعرضوا له في كتاب الزكاة من عدم جواز أخذ مثلها الزكاة بل عن الجواهر «انه يمكن تحصيل الاجماع علي عدم الجواز».

______________________________

(1) لاحظ ص: 145

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 147

[مسألة 51: تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين]

(مسألة 51) تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين و

لا تتوقف البراءة علي أكله الطعام فيجوز له بيعه عليه و علي غيره (1).

[مسألة 52: تجزي حقة النجف التي هي ثلاث حقق اسلامبول و ثلث عن ستة أمداد]

(مسألة 52): تجزي حقة النجف التي هي ثلاث حقق اسلامبول و ثلث عن ستة أمداد (2).

[مسألة 53: في التكفير بنحو التمليك يعطي الصغير و الكبير]

(مسألة 53): في التكفير بنحو التمليك يعطي الصغير و الكبير سواء كل واحد مد (3).

[مسألة 54: يجب القضاء دون الكفارة في موارد]

اشارة

(مسألة 54): يجب القضاء دون الكفارة في موارد

[الأول: نوم الجنب حتي يصبح]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 147

الاول: نوم الجنب حتي يصبح علي تفصيل قد مر (4).

______________________________

و يمكن استفادة المدعي من النص الوارد في أن المحترف ليس فقيرا لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي و لا لمحترف و لا لقوي قلنا: ما معني هذا؟

قال: لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر علي أن يكف نفسه عنها «1».

فكأن المستفاد من النص أن المعيار في الفقير الشرعي من لا يكون ذا مال فعلا و قوة فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض تحقق الامتثال بالاعطاء و صيرورة المعطي ملكا للمعطي اليه فيجوز له التصرف فيه كيف ما شاء.

(2) لأنها تساويها من حيث الوزن فيتم المدعي.

(3) كما تقدم.

(4) و قد مر شرح كلام الماتن هناك فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 148

[الثاني: اذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر]

الثاني: اذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر (1).

______________________________

(1) أما وجوب القضاء فلتركه الصوم بالاخلال بالنية و أما عدم وجوب الكفارة فلعدم دليل عليها اذ الكفارة مترتبة في النصوص علي استعمال المفطر و المفروض عدم استعماله.

ان قلت: اذا كان الصوم يبطل بنية الافطار لانهدام الصوم بالاخلال بالنية و بعبارة اخري: لو كانت نية الافطار مفطرة فلا يكون استعمال المفطر مفطرا لسبق استعمال كل مفطر بسبق نية الافطار فالمفطر منحصر في الاخلال بالنية فلا تجب الكفارة في مورد اذ لا يتحقق الافطار باستعمال المفطر في مورد من الموارد بل الافطار

دائما يكون بالاخلال بالنية و المفروض ان الافطار بالاخلال بالنية لا يقتضي الكفارة.

قلت: لا بد من الالتزام بأحد الامرين: أحدهما: حمل نصوص الكفارة بالافطار باستعمال المفطر بعد النية. ثانيهما: ان النية المتعقبة باستعمال المفطر مفطرة و أما النية غير المتعقبة باستعمال المفطر لا تكون مقتضية للكفارة.

ان قلت: اذا كان الافطار حاصلا بنية المفطر فما المانع من الالتزام بكون النية بنفسها مفطرة مطلقا و النتيجة ان النية تكون مقتضية للكفارة و لو مع عدم استعمال المفطر.

قلت: لا اشكال في أن المستفاد من النصوص من حيث المجموع ان الكفارة مترتبة علي استعمال المفطر لا علي انهدام الصوم و بطلانه و العرف يفهم منها كذلك فان جملة من النصوص الدالة علي الكفارة اخذ في موضوعها الوقوع علي الاهل أو اتيان الاهل أو نكاح امرأته او اللزوق بأهله لاحظ احاديث ابن سنان و عبد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 149

[الثالث: إذا نسي غسل الجنابة يوما أو أكثر]

الثالث: اذا نسي غسل الجنابة يوما أو اكثر (1).

[الرابع: من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة و لا حجة علي طلوعه]

الرابع: من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة و لا حجة علي طلوعه (2) أما اذا قامت حجة علي طلوعه وجب القضاء و الكفارة (3) و اذا كان مع المراعاة و اعتقاد بقاء الليل فلا قضاء (4) هذا

______________________________

المؤمن و ابن هلال و علي بن جعفر و سماعة «1».

و في المقام شبهة و هي انه لو اخل بالنية من الليل بأن لم ينو الصوم فلا يصدق عنوان الصائم عليه و مع عدم صدق هذا العنوان لا يصدق الافطار و لازمه عدم تحقق الكفارة و لو مع استعمال المفطر لعدم تحقق الموضوع فرضا الا أن يقال: حيث ان الامساك واجب عليه يصدق عنوان الافطار علي استعمال المفطر.

(1) كما مر و قد مر الكلام حول الموضوع.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه لم يأت بالمأمور به ففات منه الصوم فيجب القضاء كما ان الامر كذلك بلحاظ النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبين فقال: يتم صومه ذلك ثم ليقضة الحديث «2».

فان مقتضي هذه الرواية وجوب القضاء اضف الي ذلك كله دعوي عدم الخلاف بل ادعي الا جماع عليه كما يظهر من بعض الكلمات.

(3) كما هو ظاهر لتحقق موضوع القضاء و كذلك الكفارة علي الفرض.

(4) مقتضي القاعدة الاولية و كذلك مقتضي اطلاق حديث الحلبي وجوب القضاء هنا أيضا لكن حديث سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما

______________________________

(1) لاحظ ص: 114 و 125 و 127

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه

الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 150

اذا كان صوم رمضان و أما غيره من الواجب المعين أو غير المعين أو المندوب فالاقوي فيه البطلان مطلقا (1).

______________________________

طلع الفجر في شهر رمضان قال: ان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأي الفجر فليتم صومه و لا اعادة عليه و ان كان قام فأكل و شرب ثم نظر الي الفجر فرأي انه قد طلع الفجر فليتم صومه و يقضي يوما آخر لأنه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الاعادة «1» يوجب التفصيل.

فانقدح بما ذكرنا ان وجوب القضاء ثابت بالدليل في صورة عدم مراعاة الفجر و أما الكفارة فعدم وجوبها لعدم المقتضي اذ هي متفرعة علي الافطار العمدي و المفروض انه لم يفطر عمدا.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض عدم تحقق المأمور به و الاجزاء يحتاج الي قيام دليل عليه كما هو ظاهر.

و ربما يقال: بأنه لو كان في المعين يكون مجزيا مع المراعاة و يكون مثل صوم شهر رمضان و الدليل عليه حديث معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: آمر الجارية تنظر الفجر فتقول: لم يطلع بعد فآكل ثم انظر فأجد قد كان طلع حين نظرت قال: اقضه أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شي ء «2».

فان المستفاد من هذا الحديث التفصيل بين المراعاة و عدمها و مقتضي اطلاق الرواية، عدم الفرق بين صوم شهر رمضان و غيره المعين.

و هذه الروايه مروية في الكافي مع الاختلاف في المتن ففيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا فتقول: لم يطلع فآكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب

ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 151

[الخامس: الإفطار قبل دخول الليل لظلمة ظن منها دخوله و لم يكن في السماء غيم]
اشارة

الخامس: الافطار قبل دخول الليل لظلمة ظن منها دخوله و لم يكن في السماء غيم (1).

______________________________

ثم انظره فأجده قد طلع حين نظرت قال: تتم يومك ثم تقضيه أما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضائه «1».

و لكن لا دليل علي اتحادهما و من الممكن تعدد الحديث فلا تعارض بينهما كي يقال: بأن الكافي أضبط فيكون أرجح.

فعلي هذا يقع التعارض بين حديث معاوية حسب نقل الفقيه و ذيل رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر ثم قال: ان أبي كان ليله يصلي و أنا آكل فانصرف فقال: أما جعفر فأكل و شرب بعد الفجر فأمرني فافطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان «2».

فان حديث الحلبي خاص من حيث اختصاصها بغير شهر رمضان و عام من حيث المراعاة و عدمها و حديث معاوية خاص من حيث المراعاة و عام من حيث رمضان و غيره غاية الامر لا بد من فرض الكلام في صوم معين قابل للقضاء و أما ما لا قضاء له كالمندوب أو الواجب الذي لا قضاء له فليس فيه الكلام.

و علي الجملة اذا كان الصوم معينا قابلا للقضاء يقع التعارض بين الروايتين في صورة المراعاة و نتيجة التعارض التساقط و بعد التساقط تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه بطلان الصوم اذ كما تقدم مقتضي الاصل الاولي بطلان الصوم باستعمال المفطر فلاحظ.

(1) و الوجه في وجوب القضاء بطلان الصوم بالافطار فان مقتضي القاعدة الاولية

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص 97 ح 3

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب ما

يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 152

بل الاحوط ان لم يكن أقوي وجوب الكفارة (1) نعم اذا كان غيم فلا قضاء (2).

______________________________

وجوبه و لا دليل علي السقوط.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة اذ مع عدم العلم بدخول الليل وجدانا أو تعبدا يجب عليه الامساك بمقتضي الاستصحاب فيكون افطاره افطارا عمديا فتجب عليه الكفارة.

(2) استدل عليه بجملة من الروايات منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب اذا غاب القرص فان رأيته بعد ذلك و قد صليت أعدت الصلاة و مضي صومك و تكف عن الطعام ان كنت قد أصبت منه شيئا «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان غيبوبة الشمس بلحاظ كون الغيم في السماء و الا فكيف يمكن رؤية القرص بعد غيبوبته و لا بد من حمل الرواية علي مورد قيام حجة علي تحقق الغروب كي يجوز الافطار.

و بعبارة اخري: مع عدم حجة معتبرة لا يجوز الافطار فلا بد من حمل الرواية علي مورد وجود حجة معتبرة شرعا.

و منها ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث انه قال قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فافطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك قال: ليس عليه قضاء «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية انه أفطر لحصول الظن المعتبر علي دخول الليل و سقوط القرص و الا لا يكون جائزا له الافطار و حيث ان الظن بالليل لا بد له من منشأ فيحمل الحديث علي صورة غيم في السماء الموجب للظن.

و يؤيد المدعي ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 153

و لا كفارة (1).

______________________________

عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت و في السماء غيم فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: قد تم صومه و لا يقضيه «1».

و ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صائم ظن أن الليل قد كان و ان الشمس قد غابت و كان في السماء سحاب فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: تم صومه و لا يقضيه «2».

و يعارض هذه الروايات ما رواه أبو بصير و سماعة «3» فان مقتضي هذه الرواية وجوب القضاء فلا بد من رفع التعارض.

قال في الحدائق: «و الاظهر عندي العمل بالاخبار الدالة علي عدم الوجوب و حمل الرواية الدالة علي الوجوب علي التقية لذهاب جمهور العامة الي وجوبه» «4»

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من الحديث الثاني لزرارة ان الظان بدخول الوقت و تحقق الليل اذا أفطر لا قضاء عليه بلا فرق بين كون الظن ظنا معتبرا و كونه غير معتبر كما ان مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كون المنشأ لحصول الظن وجود العلة في السماء و كون المنشأ أمر آخر.

و العجب من الماتن انه أفتي بعدم القضاء بظن دخول الليل في صورة وجود الغيم في السماء و لم يقيد الظن بالمعتبر و الحال ان ما أفاده في البحث علي حسب تقرير المقرر غير ما أفاده في المقام حيث قيد الظن بخصوص المعتبر.

(1) أما في صورة وجود الظن المعتبر فالوجه ظاهر فانه لا يصدق الافطار العمدي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 85

(4) الحدائق ج 13 ص: 104

مباني منهاج

الصالحين، ج 6، ص: 154

و أما العلة التي تكون في السماء غير الغيم ففي الحاقها بالغيم في ذلك اشكال و الاحوط وجوبا عدمه (1).

[مسألة 55: إذا شك في دخول الليل لم يجز له الإفطار]

(مسألة 55): اذا شك في دخول الليل لم يجز له الافطار (2) و اذا أفطر اثم و كان عليه القضاء و الكفارة (3) الا أن يتبين انه كان بعد دخول الليل (4) و كذا الحكم اذا قامت حجة علي دخوله فافطر فتبين دخوله (5) أما اذا قامت حجة علي دخوله أو قطع بدخوله فأفطر فلا اثم و لا كفارة نعم يجب عليه القضاء اذا تبين عدم دخوله (6).

______________________________

و أما مع عدم الظن المعتبر فيمكن الاستدلال علي عدم وجوب الكفارة بالاولوية اذ لو لم يكن القضاء واجبا فعدم وجوب الكفارة بالاولوية فتأمل.

(1) قد ظهر مما تقدم عدم اشكال فيه و مقتضي الاطلاق ان تمام الموضوع هو الظن بأي وجه حصل و بما ذكرنا ظهر الاشكال في صدر كلامه حيث حكم بوجوب القضاء و الكفارة مع عدم علة في السماء اذ مقتضي الحديث الثاني لزرارة عدم الفرق بين كون منشأ الظن وجود علة في السماء و غيره.

(2) لاستصحاب بقاء اليوم.

(3) كما يقضيه الاستصحاب فانه محكوم ببقاء اليوم فافطاره اثم و موجب للقضاء و الكفارة و ان شئت قلت انه عالم: تعبدا فيترتب عليه ما يترتب علي العلم فلاحظ.

(4) اذ معه لا مجال لا للقضاء و لا للكفارة لانتفاء موضوعهما.

(5) كما هو ظاهر لعين الملاك و التقريب.

(6) كما هو ظاهر لكونه معذورا فلا يكون آثما كما أنه لا تجب عليه الكفارة لانتفاء العمد و أما القضاء فيجب لفرض بطلان صومه بالافطار و عدم دليل علي سقوط القضاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 155

و اذا شك في

طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ظاهرا (1) و اذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه (2).

[السادس: إدخال الماء إلي الفم بمضمضة و غيرها فيسبق و يدخل الجوف]
اشارة

السادس: ادخال الماء الي الفم بمضمضة و غيرها فيسبق و يدخل الجوف فانه يوجب القضاء (3) دون الكفارة (4) و ان نسي فابتلعه فلا قضاء (5).

______________________________

(1) لاستصحاب بقاء الليل.

(2) و تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(3) ادعي عليه الاجماع و لا يخفي ان عدم وجوب القضاء علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض انه لم يستعمل المفطر بالاختيار و انما الدليل علي وجوب القضاء النص الخاص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال: عليه قضائه و ان كان في وضوء فلا بأس به «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان المضمضة اذا كانت عبثا و لم تكن للوضوء توجب القضاء و بهذه الرواية تقيد رواية عمار الساباطي «2» فان مقتضي هذا الحديث عدم القضاء مطلقا لكن بقانون تقييد المطلق بالمقيد تقيد بحديث سماعة و تكون النتيجة التفصيل بين ما تكون للوضوء فلا بأس بها و غيره فتوجب القضاء.

(4) لعدم ما يقتضي وجوبها اذ المفروض انتفاء التعمد.

(5) فانه رزق رزقه اللّه و قد تقدم سابقا ان استعمال المفطر نسيانا لا يوجب بطلان الصوم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 83

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 156

و كذا اذا كان في مضمضة وضوء الفريضة (1) و التعدي الي النافلة مشكل (2).

[مسألة 56: الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره]

(مسألة 56): الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره (3).

[السابع: سبق المني بالملاعبة و نحوها اذا لم يكن قاصدا و لا من عادته]

السابع: سبق المني بالملاعبة و نحوها اذا لم يكن قاصدا و لا من عادته فانه يجب فيه القضاء دون الكفارة (4).

______________________________

(1) كما نص به في خبر سماعة فلاحظ.

(2) مقتضي اطلاق حديث سماعة عدم الفرق بين الفريضة و النافلة و لكن فصل بينهما في حديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال: ان كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه شي ء و ان كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء «1».

بدعوي ان القدر المتيقن منه هي المضمضة فيستفاد منه التفصيل بين الفريضة و النافلة فيوجب تقييد اطلاق حديث سماعة.

و لكن يمكن أن يقال: انه لا ارتباط بين الحديثين فان حديث عمار وارد في الوضوء و المضمضة ليست داخلة في الوضوء بل من مقدماته و عليه يكون المرجع اطلاق حديث سماعة فلا فرق بين وضوء الفريضة و النافلة فلاحظ.

(3) لعدم تقييد الموضوع في نصوص الباب و مقتضي الاطلاق عموم الحكم.

(4) أما وجوب القضاء فلان المفروض انه أنزل بالاختيار و الانزال الاختياري بنفسه من المفطرات كما تقدم في بحث المفطرات و أما عدم وجوب الكفارة فلعدم التعمد في الافطار فلا مقتضي لوجوبها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 157

هذا اذا كان يحتمل ذلك احتمالا معتدا به و أما اذا كان واثقا من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقا فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضا (1).

[الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم]

اشارة

الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم و هي أمور: الايمان (2) و العقل (3).

______________________________

(1) اذ المفروض انه تحقق بلا اختيار و الاتيان بالمفطر اذا كان بالاختيار يكون مفطرا مضافا الي النص الدال علي المدعي لاحظ محمد بن مسلم وزارة «1»

(2)

كما تدل عليه جملة من الروايات منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي ان قال: و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان أئمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضلوا و أضلوا فاعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الربح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد «2».

و منها غيره من الروايات المذكورة في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يمكن أن يستدل عليه بأن الصوم عبادة و لا بد من الاتيان به بنية القربة و لا تتحقق من المجنون أضعف الي ذلك ما ورد من النصوص الدالة علي أن العقل معيار التكليف و الاثابة و العقوبة.

فمن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق اللّه العقل استنطقه ثم قال له: اقبل فأقبل ثم قال له ادبر فأدبر ثم قال: و عزتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 66

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 158

و الخلو من الحيض و النفاس (1) فلا يصح من غير المؤمن و لا من المجنون و لا من الحائض و النفساء فاذا أسلم أو عقل اثناء النهار لم يجب عليه الامساك بقية النهار (2) و كذا اذا طهرت الحائض و النفساء (3).

______________________________

و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إلي

منك و لا اكملتك الا فيمن احب أما اني اياك آمر و اياك أنهي و اياك اعاقب و اياك اثيب «1».

و منها: غيره من الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(1) اجماعا قطعيا- كما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أ تفطر؟ قال: نعم و ان كان وقت المغرب فلتفطر قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل (لم تغتسل) و لم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر ذلك اليوم فانما فطرها من الدم «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد العصر أ تتم ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر و تقضي ذلك اليوم «3».

(2) لعدم الدليل علي الوجوب نعم انما ثبت بالدليل في بعض الموارد و المقام ليس داخلا فيه.

(3) الكلام فيه هو الكلام في سابقه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 159

نعم اذا استبصر المخالف أثناء النهار و لو بعد الزوال اتم صومه و أجزأه (1) و اذا حدث الكفر أو الخلاف أو الجنون أو الحيض أو النفاس قبل الغروب بطل الصوم (2).

______________________________

(1) الظاهر انه ناظر الي أن المخالف اذا استبصر جازت اعماله التي اتي بها الا الزكاة لجملة من النصوص منها ما

رواه بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه و عرفه الولاية فانه يوجر عليه الا الزكاة لأنه يضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء «1».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير مواضعها و انما موضعها أهل الولاية «2».

و منها: ما رواه ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام أن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثم من اللّه عليه و عرفه هذا الامر فانه يوجر عليه و يكتب له الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية فأما الصلاة و الصوم فليس عليه قضائهما «3».

(2) لارتباطية أجزاء الصوم و بعبارة اخري: الامساك من الفجر الي الليل عمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 160

و منها: عدم الاصباح جنبا أو علي حدث الحيض و النفاس كما تقدم (1) و منها أن لا يكون مسافرا (2).

______________________________

واحد و مع

فساد بعضه يفسد العمل كما هو ظاهر.

(1) و تقدم شرح كلامه فراجع.

(2) عن الجواهر «ان عليه الاجماع بقسميه و قد دلت جملة من الروايات علي عدم جواز الصوم في السفر علي الاطلاق الا بعض ما خرج بالدليل».

لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام انه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم قال: ليس من البر الصوم في السفر «1».

و ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ليس من البر الصيام (الصوم) في السفر «2».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعته يقول: اذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزه و عليه الاعادة «3».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله عز و جل: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» قال: ما أبينها من شهد فليصمه و من سافر فلا يصمه «4».

و ما رواه محمد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه «5».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الصيام في السفر قال: لا صيام في السفر قد صام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 161

سفرا يوجب قصر الصلاة (1) مع العلم بالحكم في الصوم الواجب (2) الا في ثلاثة مواضع: احدها: الثلاثة أيام هي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه (3) ثانيها: صوم الثمانية عشر

______________________________

ناس علي

عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسماهم العصاة فلا صيام في السفر الا الثلاثة أيام التي قال اللّه عز و جل في الجمع «1».

و ما رواه معاوية بن وهب «2» و ما رواه سماعة «3».

و قد دلت النصوص الكثيرة علي عدم جواز الصوم في السفر في موارد خاصة كصوم شهر رمضان و قضائه و غيرهما و يكفي للمدعي بالنسبة الي شهر رمضان قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «4» فلا اشكال من حيث دلالة الادلة علي عدم جواز الصوم في السفر.

(1) للملازمة بين الامرين كما هي المستفاد من حديثي معاوية و سماعة «5» فلاحظ.

(2) و أما الجاهل به فسيتعرض الماتن لحكمه بعيد ذلك فانتظر.

(3) فان من لا يجد هدي التمتع و لا ثمنه صام بدله عشرة أيام ثلاثة في سفر الحج و سبعة اذا رجع الي أهله بلا خلاف و لا اشكال لاتفاق الكتاب و السنة عليه أما الكتاب فقوله تعالي: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 134

(4) البقرة/ 184

(5) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 162

______________________________

لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ» «1». و أما السنة فما رواه سماعة «2».

ان قلت: مقتضي حديث سماعة أن صوم ثلاثة أيام يجب أن يقع في الحج و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أن يقع في السفر بلا قصد الاقامة و بين وقوعه في محل الاقامة و مقتضي ادلة عدم جواز الصوم في السفر عدم الفرق بين هذه الثلاثة و غيرها من الصيام و

حيث ان النسبة بين الدليلين العموم من وجه يقع التعارض بينهما فلا بد من العلاج.

قلت: اولا: لا يري العرف تعارضا بين الدليلين اذ دليل الثلاثة منصرف عن عن صورة قصد الاقامة فتكون مخصصا لدليل عدم الجواز.

و ثانيا: علي فرض التعارض يقدم دليل الثلاثة لكونه موافقا مع الكتاب مضافا الي أنه لا مجال لهذه المناقشة فانه استثني في نفس الرواية.

و بعبارة اخري: يستفاد منها ان الصوم في السفر معصية الا في هذه الثلاثة و مع قصد الاقامة لا عصيان فلا مجال للمعارضة بالتقريب المذكور.

اضف الي ذلك انه قد صرح في رواية رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدي قال: يصوم قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة قلت: فانه قدم يوم التروية قال: يصوم ثلاثة ايام بعد التشريق قلت: لم يقم عليه جماله قال: يصوم يوم الحصبة و بعده يومين قال: قلت: و ما الحصبة؟ قال يوم نفره قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال: نعم أ ليس هو يوم عرفة مسافرا انا أهل البيت نقول ذلك لقول اللّه عز و جل «فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ» يقول في

______________________________

(1) البقرة/ 196.

(2) لاحظ ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 163

يوما التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب (1).

______________________________

ذي الحجة «1» بأن يصوم و الحال انه مسافر.

(1) و يدل علي المدعي ما رواه ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله «2».

فان المستفاد من الحديث لا

سيما مع التخيير بين ايقاعها في مكة و ايقاعها في الطريق جواز ايقاعها في حال السفر و ان أبيت فلا أقل من الاطلاق فان قلنا بالتساقط بالتعارض بكون المرجع أصل البراءة و مقتضاه جواز ايقاعه في السفر و اللّه العالم.

و لسيدنا الاستاد كلام في المقام- علي ما في التقرير- و هو انه «علي فرض تسلم الاطلاق في حديث ضريس يكون مقدما علي اطلاق دليل المنع من الصوم في السفر بدعوي: ان اطلاق المخصص مقدم علي اطلاق العام و موضوع الحكم في الرواية خاص صيام ثمانية عشر يوما فاطلاقه يشمل صورة قصد الاقامة و عدمها فيقدم علي ذلك العام».

و الانصاف ان ما أفاده غير تام اذ ما افاده من تقدم اطلاق الخاص علي عموم العام و ان كان صحيحا لكن لا بد أن يكون الموضوع في دليل الخاص هو الموضوع في دليل العام مع قيد يوجب تضييقه كقوله: اكرم العالم و لا تكرم العالم الفاسق و في المقام ليس كذلك لان الموضوع في ذلك الدليل الصيام في السفر و الموضوع في هذا الدليل صيام ثمانية عشر بدلا عن النحر فلا يكون ما بين الموضوعين

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الذبح الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 164

ثالثها: صوم النذر المشروط ايقاعه في السفر و لو مع الحضر (1).

[مسألة 57: الأقوي عدم جواز الصوم المندوب في السفر]

(مسألة 57): الاقوي عدم جواز الصوم المندوب في السفر (2).

______________________________

عموما و خصوصا مطلقين فلاحظ.

(1) هذا هو المعروف بين القوم و عن الجواهر: «عدم وجدان الخلاف فيه» و عن الحدائق: «الاتفاق عليه» و يدل عليه من النصوص ما رواه علي بن مهزيار «1».

و هذه الرواية واضحة الدلالة

علي المدعي و كونها مضمرة لا يوجب سقوطها عن الاعتبار اذ مضمرها مثل ابن مهزيار و هو من الاجلاء كما أن ذكر المرض مع السفر لا يوجب رفع اليد عن دلالة الرواية علي المدعي في المقام غاية الامر ان الرواية ناظرة الي الصوم المنذور في السفر كما أن جعل كفارة الحنث بالنحو المذكور و الحال ان كفارة حنث النذر ليست كذلك لا يوجب رفع اليد عن الرواية.

و بعبارة اخري: سقوط بعض الفقرات الواردة في الرواية لا يقتضي رفع اليد عن بقية فقراتها كما هو ظاهر.

(2) و يدل علي المدعي ما رواه أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام بمكة و المدينة و نحن في سفر قال: أ فريضة؟ فقلت: لا و لكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة قال: فقال: تقول: اليوم و غدا؟ قلت: نعم فقال:

لا تصم «2».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لم يكن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصوم في السفر تطوعا و لا فريضة «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 165

الا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة (1).

______________________________

و يدل عليه أيضا بالصراحة ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول: للّه علي أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقل فيعرض له أمر لا بد أن يسافر أ يصوم و هو مسافر؟ قال: اذا سافر فليفطر لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره و الصوم في السفر معصية «1»

مضافا الي بقية الروايات الدالة علي عدم جواز الصوم في السفر علي الاطلاق.

و في قبال هذه النصوص روايات ربما يتمسك بها علي الجواز منها: مرسل اسماعيل «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و غيره و منها: ما أرسله الجمال «3» و هذه الرواية كسابقتها مرسلة لا اعتبار بها.

و منها ما رواه سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان أبي عليه السلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف و يأمر بظل مرتفع فيضرب له «4».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ فعل الامام المنقول للراوي مجمل و لعله عليه السلام كان ينذر و قد تقدم جواز الصوم في السفر بالنذر.

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الاربعاء و تصلي ليلة الاربعاء عند اسطوانة أبي لبابة و هو اسطوانة التوبة التي كان ربط اليها نفسه حتي نزل عذره من السماء و تقعد عندها يوم الاربعاء ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 8

(3) لاحظ ص: 7

(4) الوسائل الباب: 12 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 166

[مسألة 58: يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم]

(مسألة 58): يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم (1) و ان

______________________________

تأتي ليلة الخميس التي تليها ما يلي مقام النبي صلي اللّه عليه و آله ليلتك و يومك و تصوم يوم الخميس ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلي اللّه عليه و آله و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة

و ان استطعت أن لا تتكلم بشي ء في هذه الأيام الا ما لا بد لك منه و لا تخرج من المسجد الا لحاجة و لا تنام في ليل و لا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل الحديث «1».

و مقتضي هذه الرواية اختصاص الثلاثة أيام بالاربعاء و الخميس و الجمعة و لا وجه للإطلاق مع أن عمومات المنع تقتضي عدم الجواز الا بمقدار قيام الدليل علي التخصيص فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه ابن أبي شعبة يعني عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل صام في السفر فقال: ان كان بلغه أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فعليه القضاء و ان لم يكن بلغه فلا شي ء عليه «2».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صام في السفر بجهالة لم يقضه «3».

و منها: ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر و ان صامه بجهالة لم يقضه «4».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 167

علم في الاثناء بطل (1) و لا يصح من الناسي (2).

[مسألة 59: يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام]

(مسألة 59): يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام كناوي الاقامة و المسافر سفر معصية و نحوهما (3).

[مسألة 60: لا يصح الصوم من المريض]

(مسألة 60): لا يصح الصوم من المريض (4).

______________________________

سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال: ان كان لم يبلغه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فليس عليه القضاء و قد أجزأ عنه الصوم «1».

و حديث عبد الرحمن و ان كان واردا في خصوص صوم شهر رمضان و لكن في اطلاق البقية كفاية لا ثبات المدعي علي الاطلاق.

(1) لخروج المفروض عن تحت النصوص المشار اليها و مقتضي القاعدة الاولية البطلان و الخروج عن الاصل الاولي يحتاج الي دليل مخرج و لا دليل في مفروض الكلام.

(2) لعدم الدليل فان الدليل وارد في الجاهل.

(3) للملازمة الموجودة بين الامرين المستفادة من النص لاحظ حديثي معاوية و سماعة «2».

(4) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري و تدل علي المدعي الاية الشريفة «3». كما انه تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه سماعة قال: سألته ما حد المرض الذي يجب علي صاحبه فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو علي سفر قال: هو مؤتمن عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 161

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 168

و منه الارمد (1) اذا كان يتضرر به (2).

______________________________

مفوض اليه فان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان «1»

و منها: ما رواه عمر بن اذينة قال: كتبت إلي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه و المرض الذي يدع صاحبه الصلاة من قيام؟ قال: بل الانسان علي نفسه بصيرة و قال:

ذلك اليه هو أعلم بنفسه «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يجد في رأسه وجعا من صداع شديد هل يجوز له الافطار؟ قال: اذا صدع صداعا شديدا و اذا حم حمي شديدة و اذا رمدت عيناه رمدا شديدا فقد حل له الافطار «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن حد ما يجب علي المريض ترك الصوم قال: كل شي ء من المرض أضربه الصوم فهو يسعه ترك الصوم «4».

(1) كما نص به في بعض الروايات لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم اذا خاف علي عينيه من الرمد أفطر «5».

(2) بلا اشكال فان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي ذلك و لا يبعد أن تكون الادلة منصرفة الي هذه الصورة اضف الي ذلك انه قد صرح به في جملة من النصوص.

لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما حد المريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 19 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 169

لإيجابه شدته أو طول برأه أو شدة ألمه (1) كل ذلك بالمقدار المعتد به (2) و لا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف (3).

______________________________

اذا نقه في الصيام فقال ذلك اليه هو أعلم بنفسه اذا قوي فليصم «1» و لاحظ حديثي سماعة و عمر بن اذينة «2».

(1) كل ذلك للإطلاق فانه

يصدق في جميع هذه الصور ان الصوم يضربه فلا يجوز.

(2) تارة يكون بمقدار يكون وجوده كعدمه و اخري يصدق عليه المرض أو اشتداده و لعل الوجه في كلام الماتن دعوي انصراف الادلة من هذه الصورة.

و الانصاف ان الجزم بالانصراف مشكل و مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين المعتد به و غيره.

و يمكن أن يكون الماتن ناظرا فيما أفاده الي ما رواه عمار «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان وجع الرأس ان كان شديدا يوجب الافطار و كذلك الرمد و الحمي فلاحظ.

(3) كفاية صدق الخوف في جواز الافطار مستفاد من حديث حريز «4» و مع صراحة هذه الرواية في اثبات المراد لا مجال للقول بعدم كفاية الاحتمال أو اشتراط اليقين بالضرر أو الظن به كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 167 و 168

(3) لاحظ: ص 168

(4) لاحظ: ص 168

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 170

و كذا لا يصح من الصحيح اذا خاف حدوث المرض فضلا عما اذا علم ذلك (1) أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه (2).

[مسألة 61: لا يكفي الضعف في جواز الإفطار و لو كان مفرطا]

(مسألة 61): لا يكفي الضعف في جواز الافطار و لو كان مفرطا (3) الا أن يكون حرجا فيجوز الافطار و يجب القضاء بعد ذلك (4) و كذا اذا أدي الضعف الي العجز عن العمل اللازم للمعاش مع عدم التمكن من غيره أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار علي الصوم

______________________________

(1) كما يدل عليه حديث حريز الذي تقدم ذكره آنفا و من الظاهر انه لا فرق بين الرمد و غيره من الامراض فان المستفاد من هذا الحديث بحسب الظهور العرفي ان الخوف من

حدوث الرمد يوجب جواز الافطار و من الظاهر انه لا فرق بين الرمد و غيره من الامراض فان حكم الامثال واحد مضافا الي أن المستفاد من نصوص الباب عدم الفرق بين الحدوث و البقاء أو الشدة.

(2) اذ قد تقدم ان المرض الموضوع لجواز الافطار هو المرض الذي يضر بالصائم.

(3) لعدم صدق المرض علي الضعف و حديث سماعة «1» اخذ في موضوعه المرض و مع عدم صدق المرض يكون الموضوع منتفيا و بعبارة اخري:

تارة الصوم يضر بالمكلف و يضعفه و اخري لا يضر به لكن في أثر الصوم يستولي عليه الضعف فان كان من القسم الاول لا يجب عليه الصوم و ان كان من القسم الثاني يجب.

(4) اذ الحرج يرفع التكليف فلا يجب و اذا أفطر يجب القضاء علي مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 171

لغلبة العطش (1) و الاحوط فيهم الاقتصار في الاكل و الشرب علي مقدار الضرورة و الامساك عن الزائد (2).

[مسألة 62: إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه اشكال]

(مسألة 62): اذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه اشكال (3).

______________________________

القاعدة المستفادة من وجوب قضاء شهر رمضان.

(1) الظاهر ان ما أفاده علي وجه الاطلاق غير تام اذ لا بد من كون الواجب المزاحم أهم في نظر الشارع من الصوم و بقانون تقديم الاهم يتقدم و يجوز الافطار

و بعبارة اخري: يقع ما فرضه في باب التزاحم و لا بد من وجود مرجح في تقديم احد الواجبين علي الاخر.

(2) لم يظهر لي وجه الاحتياط المذكور اذ المفروض انه ليس مكلفا بالصوم و وجوب الامساك لغير الصائم يحتاج الي دليل يدل عليه و أما حديث عمار «1» فان كان ناظرا الي عروض العطش للصائم فلا يشمل المقام.

الا أن يقال: لا

وجه لهذا التقييد بل بمقتضي اطلاقه يشمل غير ناوي الصوم أيضا و حيث انه لا فرق بين الماء و غيره من المفطرات فيجب الامساك عن كل مفطر الا بمقدار الضرورة و لكن الظاهر من الخبر ان السؤال عن الصائم و لذا صاحب الوسائل قدس سره جعل عنوان الباب «باب أن الصائم اذا خاف التلف من العطش جاز له الشرب الخ».

(3) الحق أن يفصل في المقام بأن يقال: ان كان المستند لعدم وجوب الصوم الادلة الدالة عليه من الاية و الرواية فالصوم باطل و الوجه فيه ان من يضر به الصوم بمقتضي الآية و الرواية خارج عن تحت موضوع الحكم و لا دليل علي صحة عمله بل

______________________________

(1) لاحظ: ص 110

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 172

و اذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل (1).

______________________________

مقتضي الاصل فقدان عمله للملاك و المصلحة.

و ان شئت قلت: في مفروض الكلام لا طريق الي كشف وجود الملاك في الفعل اذ المفروض انه لا أمر بالصوم و مع عدم الامر لا طريق الي كشف الملاك.

و أما ان كان الدليل قاعدة نفي الضرر و قلنا بحكومتها علي ادلة الاحكام و رفعها في موارد الضرر لكن المكلف اعتقد عدم الضرر و صام ففي هذا الفرض يكون صومه صحيحا لا لما أفاده سيدنا الاستاد من أن رفع الحكم في هذه الصورة ليس امتنانيا.

اذ تحقق الامتنان و عدمه لا يكون منوطا بنظر المكلف و ارادته بل منوط بنظر الشارع و المرجع اطلاق الدليل و عمومه و من الظاهر شموله للمقام فليس من هذه الجهة بل من جهة وجود الملاك فان رفع الحكم ان كان امتنانيا فلا بد من وجود المقتضي للحكم و مع عدمه لا معني للامتنان

فصحة الصوم لا جل وجود ملاكه.

لكن الاشكال كل الاشكال في أن مفاد قاعدة لا ضرر هو النهي كما اخترناه في بحث القاعدة لا النفي هذا اولا و ثانيا: كونها امتنانيا مورد الكلام و الاشكال فان المستفاد من الدليل علي المشهور نفي الاحكام الضررية و من الممكن ان الاحكام الضررية لا ملاك في متعلقاتها.

و صفوة القول انه لا دليل علي هذا المدعي فتأمل جيدا. و لا يخفي ان البحث عن مفاد القاعدة فرضي كما في كلام سيدنا الاستاد اذ المستفاد من الكتاب و السنة ان الموضوع للوجوب من لا يكون متضررا بالصوم فلا تصل النوبة الي البحث عن مفاد القاعدة.

(1) قد ظهر مما تقدم انه لا بد من التفصيل بأن نلتزم بالبطلان اذا كان المستند الاية و الرواية لعدم تمشي قصد القربة منه و أما ان كان المستند قاعدة لا ضرر يصح

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 173

الا اذا كان قد تمشي منه قصد القربة فانه لا يبعد الحكم بالصحة اذا بان عدم الضرر بعد ذلك (1).

[مسألة 63: قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الإفطار]

(مسألة 63): قول الطبيب اذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الافطار (2) و كذلك اذا كان حاذقا و ثقة (3) اذا لم يكن مطمئنا بخطاه (4) و لا يجوز الافطار بقوله في غير هاتين الصورتين (5) و اذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم و كان المكلف خائفا وجب الافطار (6).

[مسألة 64: إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر و جدد النية لم يصح صومه]

(مسألة 64): اذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر و جدد النية لم يصح صومه (7).

______________________________

لا مكان تمشي قصد القربة منه.

(1) لا اشكال في هذه الصورة اذ لا وجه للبطلان كما هو المفروض.

(2) لتحقق موضوع جواز الافطار بل وجوبه.

(3) أما في صورة كون شهادته علي الضرر حسيا فواضح فان مقتضي السيرة العقلائية حجية قول الثقة و أما علي تقدير كونه ناشئا عن الاجتهاد فلقيام السيرة علي الرجوع الي أهل الخبرة و العمل بقوله.

(4) اذ مع الاطمئنان بالخطإ لا يكون قوله حجة فان الامارات حجة ما دام الشك و الا فلا أثر لها.

(5) لعدم الدليل علي الجواز.

(6) اذ الخوف موضوع لجواز الافطار بل وجوبه.

(7) لعدم الدليل علي الصحة بل الدليل قائم علي البطلان اذ المفروض كونه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 174

و ان لم يكن عاصيا بامساكه (1) و الاحوط استحبابا أن يمسك بقية النهار (2).

______________________________

مريضا و المريض ليس عليه الصوم. و ان شئت قلت: ان المستفاد من الادلة تقسيم المكلف الي الصحيح و المريض و الصحيح يجب عليه الصوم و المريض يجب عليه الافطار و المفروض في المقام كون المكلف مريضا.

و عن المدارك: «انه استدل علي وجوب تجديد النية و الاتيان بالصوم بفحوي ما دل علي صحة الصوم من المسافر اذ صار حاضرا قبل الزوال» «1».

و فيه: انه لا أولوية

و ملاكات الاحكام غير معلومة لنا و مقتضي الادلة كما ذكرنا عدم جعل الصوم بالنسبة اليه هذا كله في فرض كون الصوم مضرا بالمكلف و أما علي تقدير عدم كونه مضرا فالظاهر ان الوجه في الفساد من ناحية النية اذ المفروض ان المكلف لم ينو الصوم و انما جددها بعد البرء من المرض و الصوم عمل يحتاج الي النية من اول الشروع فيه و كفاية التجديد تحتاج الي الدليل.

هذا بمقتضي القاعدة الاولية لكن قد تقدم في بحث النية انه يمكن القول بجواز تجديد النية بمقتضي اطلاق بعض النصوص حتي بالنسبة الي صوم شهر رمضان الا أن يقوم اجماع تعبدي علي خلافه و ان شئت فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) لعدم دليل علي حرمته.

(2) قال في الحدائق: «لو صح من مرضه قبل الزوال و لم يتناول شيئا وجب عليه الصوم و ان كان بعد الزوال أو كان تناول شيئا استحب له الامساك تأديبا علي المشهور» «2». انتهي موضع الحاجة من كلامه.

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص 172

(2) الحدائق ج 13 ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 175

[مسألة 65: يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات]

(مسألة 65): يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات (1).

______________________________

و مورد كلام الماتن خارج عن مورد الشهرة و لا يبعد أن يكون وجه الاحتياط حسنه علي جميع الاحوال و من المحتمل كون الامساك في الصورة المفروضة واجبا تأدبا و لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الامر بالامر بشي ء أمر بذلك الشي ء كما حقق في الاصول و حيث ان الولي للصبي امر بأن يأمره بالصوم نفهم ان الصوم مشروع بالنسبة اليه.

لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انا نأمر صبياننا

بالصيام اذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فان كان الي نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل فاذا غلبهم العطش و الغرث أفطروا حتي يتعودوا الصوم و يطيقوه فمروا صبيانكم اذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما اطاقوا من صيام فاذا غلبهم العطش أفطروا «1».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة قال: سألته عن الصبي متي يصوم؟ قال: اذا قوي علي الصيام «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الصبي اذا قوي يكون الصوم مطلوبا منه فاذا قوي قبل البلوغ علي الصوم يكون مشروعا منه.

و يدل علي المدعي بالنسبة الي الصلاة ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: انا نأمر صبياننا بالصلاة اذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة اذا كانوا بني سبع سنين الحديث «3».

فاذا علمنا بصحة صومه و صلاته نعلم بصحة بقية عباداته أيضا. و بعبارة اخري:

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 176

[مسألة 66: لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان]

(مسألة 66): لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان (1).

______________________________

يفهم العرف ان العبادة مشروعية بالنسبة اليه. و أفاد سيد المستمسك قدس سره في وجه المدعي: «ان اطلاقات ادلة العبادات تشمل الصبي كالبالغ و رفع القلم عن الصبي لما كان امتنانيا لا يصلح أن يرفع المشروعية بل خلاف الامتنان فتكون العبادة مشروعة بالنسبة اليه».

و يرد عليه ان التكليف اذا رفع عن الصبي كما هو المفروض فلا دليل علي بقاء المشروعية و ان شئت قلت: الموضوع قلم التكليف و حديث الرفع يرفعه فما

الدليل علي بقاء المشروعية؟

و ربما يستدل علي عدم مشروعية صوم الصبي بحديث الزهري «1» بتقريب ان صوم الصبي وقع في قبال الصوم الواجب و المندوب فليس مندوبا بل يكون تأديبا كما نص به في الحديث و هذا الحديث ضعيف سندا فان الزهري و هو محمد بن مسلم بن شهاب لم يوثق مضافا الي ضعف الرواية من ناحية غيره الواقع في السند فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن ركعتي الفجر قال قبل الفجر الي أن قال: أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أ يتطوع؟ فقال: لا حتي يقضي ما عليه من شهر رمضان «3».

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص 83 باب وجوه الصوم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 177

أو غيره (1) و اذا نسي أن عليه صوما واجبا فصام تطوعا فذكر بعد الفراغ صح صومه (2) و الظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب استيجاري (3).

______________________________

و ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أ يتطوع؟ فقال: لا حتي يقضي ما عليه من شهر رمضان «1».

(1) لما رواه الحلبي و أبو الصباح الكناني جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه لا يجوز ان يتطوع الرجل بالصيام و عليه شي ء من الفرض «2».

و

لا وجه لحمل المطلق علي المقيد في المقام اذ المفروض ان كليهما مثبتان فلا تنافي بينهما و أيضا لا مفهوم للمقيد كي يقيد به المطلق فلاحظ.

(2) بدعوي انصراف دليل المنع عن هذه الصورة و انصرافه الي صورة تمكن المكلف عن الاتيان بالفرض و حيث ان الناسي لا يمكنه الاتيان بالفرض يجوز له الاتيان بالنفل.

و يمكن أن يرد علي هذه المقالة اولا بالنقض بما لو تذكر بعد الزوال فانه لا يمكنه الاتيان بالفرض فما وجه البطلان و الحال انهم قائلون به اذا تذكر في الاثناء و لذا قيد الماتن الصحة بأنه لو تذكر بعد الفراغ يصح صومه و الحال انه لا وجه لهذا التقييد.

و ثانيا: لا نري وجها للانصراف فان الموضوع من عليه الفرض و هذا يصدق حتي في حال النسيان.

(3) لانصراف دليل المنع فان الظاهر من قوله عليه السلام: «لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام و عليه شي ء من الفرض» بما انه صوم و الواجب في الاجارة الوفاء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 178

كما أنه يجوز ايجار نفسه للصوم عن غيره اذا كان عليه صوم واجب (1).

[مسألة 67: شرائط وجوب الصوم]

(مسألة 67): يشترط في وجوب الصوم البلوغ (2) و العقل (3) و الحضر (4) و عدم الاغماء (5) و عدم المرض و الخلو من الحيض

______________________________

بالعقد و تسليم مملوك الغير.

و للمناقشة فيما ذكر مجال اذ اي فرق بين المقام و الصوم الواجب بالنذر.

و بعبارة اخري: ان قلنا بأن الظاهر من الفرض الصوم المفروض بعنوانه الاولي أي الصوم الواجب في الشريعة بعنوانه الاولي فلا يشمل ما يكون واجبا بالنذر أو اليمين أو نحوهما و ان قلنا ان اطلاق دليل المنع يقتضي عموم الحكم

فلا وجه للتفصيل بين الصوم النذري و الاستيجاري فلاحظ.

(1) لعدم شمول دليل المنع للمقام فيجوز.

(2) ادعي عليه الاجماع و الانصاف ان اشتراط التكليف بالبلوغ أوضح من أن يخفي و لا يحتاج الي الاستدلال و اقامة البرهان.

و يدل عليه ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

(3) ادعي عليه الاجماع و الكلام فيه هو الكلام في البلوغ بل أوضح و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «2».

(4) تقدم الكلام فيه.

(5) الظاهر انه لم يرد دليل بالنسبة الي الاغماء و كونه كالجنون لا دليل عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 179

و النفاس (1).

______________________________

فعليه لا فرق بين النوم و الاغماء فاذا نوي الصيام بالليل ثم اغمي عليه الي الليلة الآتية يمكن الالتزام بصحة صومه.

و عن العلامة قدس سره «1»: الاستدلال علي عدم صحة صوم المغمي عليه بوجوه: الاول: ان الاغماء يوجب سقوط التكليف عنه وجوبا و ندبا فلا يصح منه الصوم مع سقوطه.

و فيه: انه لا ملازمة بين سقوط التكليف و عدم الصحة فان النائم غير مكلف قطعا مع ان صومه صحيح بالإجماع فاذا نوي الصوم قبل عروض الاغماء ثم اغمي عليه لا يكون مانع من صحة صومه.

الثاني: ان كل مفسد اذا وجد في جميعه يفسده اذا وجد في

بعضه كالحيض و الجنون.

و فيه: ان كون الاغماء في جميع اليوم مفسدا أول الكلام و الاشكال و لا نسلم كونه مفسدا.

الثالث: ان سقوط القضاء يستلزم سقوط الاداء و حيث ان القضاء عنه ساقط فالاداء كذلك.

و فيه ان هذه الملازمة ليست مسلمة بل يمكن الانفكاك بينهما و لا بد من ملاحظة الدليل علي القضاء فعلي فرض تماميته نلتزم به و الا فلا.

و لكن مع ذلك كله لا يمكن الالتزام بالصحة و قد تقدم في ذيل المسألة: 1 من فصل النية الاشكال في الصحة و تكلمنا هناك حول المسألة مبسوطا فراجع.

(1) تقدم الكلام في الثلاثة المذكورة.

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 180

[مسألة 68: لو صام الصبي تطوعا و بلغ في الاثناء و لو بعد الزوال لم يجب عليه الاتمام]

(مسألة 68): لو صام الصبي تطوعا و بلغ في الاثناء و لو بعد الزوال لم يجب عليه الاتمام (1) و الاحوط استحبابا الاتمام (2).

[مسألة 69: إذا سافر قبل الزوال و كان ناويا للسفر من الليل وجب عليه الافطار]

(مسألة 69): اذا سافر قبل الزوال و كان ناويا للسفر من الليل وجب عليه الافطار و الا وجب عليه الاتمام و القضاء علي الاحوط و ان كان السفر بعده وجب اتمام الصيام (3).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه اذ الصوم عبارة عن الامساك من الفجر الي الليل و المفروض ان البلوغ تحقق أثناء النهار و حيث انه لا دليل علي كون الباقي بحكم الصوم في تمام اليوم لا يمكن الحكم بكونه واجبا.

و بعبارة اخري: توجه التكليف بالصيام تكليفا الزاميا بعد البلوغ يحتاج الي دليل يدل علي تنزيل البعض منزلة الكل و المفروض انه لا دليل عليه فالنتيجة عدم الوجوب.

(2) لعله للخروج عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه

(3) مقتضي الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «1» جواز الافطار للمسافر علي الاطلاق و أما النصوص الواردة في المقام فعلي طوائف:

الطائفة الاولي: ما يدل علي جواز الافطار للمسافر علي نحو الاطلاق و بلا قيد لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شي ء مكانها دون ادائها و ان الصوم اذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها و جزيت ذلك الذنب بصدقة و لا قضاء عليك «2» و غيره من الروايات الواردة في الباب 1 من أبواب من يصح منه

______________________________

(1) البقرة/ 182

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني

منهاج الصالحين، ج 6، ص: 181

______________________________

الصوم من الوسائل.

و هذه الطائفة موافقة مع اطلاق الاية الكريمة و يؤيد هذه الطائفة ما دل من النصوص من الملازمة بين التقصير و الافطار لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «1» و ما رواه سماعة «2».

الطائفة الثانية ما يدل علي ان الاعتبار بالزوال فان خرج قبله يفطر و ان خرج بعده بقي علي صومه و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين تبييت النية و عدمه و من هذه الطائفة ما رواه الحلبي «3».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم او يفطر؟ قال: ان خرج قبل الزوال فليفطر و ان خرج بعد الزوال فليصم فقال: يعرف ذلك بقول علي عليه السلام: «اصوم و أفطر حتي اذا زالت الشمس عزم علي» يعني الصيام «4».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال اتم الصيام فاذا خرج قبل الزوال أفطر «5» و منها:

ما رواه محمد بن مسلم «6».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل بين تبييت النية و عدمه بلزوم الافطار في الاول و الصوم في الثاني و من هذه الطائفة ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه

______________________________

(1) لاحظ ص: 134

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 135

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 182

______________________________

عليه السلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح قال: يتم صومه (يومه) ذلك الحديث «1». و هذه الرواية ضعيفة بالوشاء.

و منها: ما رواه الجعفري قال: سألت أبا الحسن

الرضا عليه السلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح فقال: اذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم الا أن يدلج دلجة «2». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أحمد بن اشيم.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: اذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه «3». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و ما ذكره سيدنا الاستاد «4» في تقريب تصحيح طريق الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال يتوقف علي كون أحمد بن عبدون ثقة و الحال ان الرجل لم يوثق.

و استدل سيدنا الاستاد «5» علي وثاقته بكونه من مشايخ النجاشي بتقريب:

ان المستفاد من كلام النجاشي انه لا يروي عن الضعفاء بلا واسطة «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 191

(5) معجم رجال الحديث ج 2 ص: 143

(6) نفس المصدر ج 1 ص: 51 في التوثيقات العامة

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 183

______________________________

و يرد عليه بأن المستفاد من كلامه انه لا يروي بلا واسطة عمن ضعف أو غمز فيه و أما من لا غمز فيه فلا يستفاد من كلامه انه لا يروي عنه بلا واسطة و من الظاهر ان من لا غمز فيه أعم من الموثق و حيث ان الرجل لم يوثق لا يكون حديثه

معتبرا.

و لتوضيح المدعي ننقل عبارة النجاشي كي يعلم صحة مقالتنا قال في ترجمة أحمد بن عبيد اللّه بن حسن الجوهري: «رأيت هذا الشيخ و كان صديقا لي و لوالدي و سمعت منه شيئا كثيرا و رأيت شيوخا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا و تجنبته».

و المستفاد من هذه العبارة بحسب الفهم العرفي ان الذي يضعفه جماعة لا يكون مرويا عنه للنجاشي حيث فرع عدم روايته علي هذا العنوان فلا يدل هذه الجملة علي عدم روايته عن الذي ضعفه واحد أو اثنان فكيف بمن لم يرد فيه شي ء أو ورد الغمز و التوثيق.

و قال في ترجمة محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبيد اللّه بن بهلول … كان في أول أمره ثبتا ثم خلط و رأيت جل أصحابنا يغمزونه و يضعفونه رأيت هذا الشيخ و سمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية الا بواسطة بيني و بينه».

و هذه الجملة أيضا كسابقتها فانها تدل علي أنه لا يروي بلا واسطة عن شخص ضعفه كثيرون فتحصل أن ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام ليس تاما.

و منها: ما رواه صفوان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: لو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا و جائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الإفطار فان هو أصبح و لم ينو السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر قصر و لم يفطر يومه ذلك «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 184

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: اذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فأتم الصوم و

اعتد به من شهر رمضان «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال أيضا.

و منها: ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم «2» و هذه الرواية مرسلة أيضا.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي أن الاعتبار في الافطار تحقق السفر خارجا قبل الفجر فلو سافر بعده يصوم مطلقا بلا فرق بين أقسامه منها: ما رواه سماعة قال:

سألته عن الرجل كيف يصنع اذا أراد السفر؟ قال: اذا طلع الفجر و لم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم و ان خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من أراد السفر في رمضان فطلع الفجر و هو في أهله فعليه صيام ذلك اليوم اذا سافر لا ينبغي له أن يفطر ذلك اليوم و ليس يفترق التقصير و الافطار اذا قصر فليفطر «4».

و هذه الرواية يناقض صدرها مع ذيلها فانه قد صرح في ذيلها بعدم الافتراق بين التقصير و الافطار و في صدرها قد حكم بأن من لم يسافر قبل الفجر لا يجوز له الافطار و من الظاهر ان مثله يقصر في صلاته.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 185

______________________________

مضافا الي انها معارضة مع النصوص المفصلة بين السفر قبل الزوال و بعده و المرجح مع تلك النصوص لموافقتها مع اطلاق الكتاب.

اضف الي ذلك انه لم ينسب القول به الي احد من

الامامية- علي ما قيل- فهذه الطائفة لا اعتبار بها أيضا.

الطائفة الخامسة: ما يدل علي أنه اذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر لاحظ ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يريد السفر في رمضان قال: اذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء أفطر «1».

و القول بالتخيير المستفاد من هذه الرواية لم ينسب الي احد من الامامية- علي ما قيل-.

مضافا الي معارضتها مع الطائفة الاولي و الترجيح مع تلك الطائفة لموافقتها مع اطلاق الكتابي فالنتيجة ان المرجع الوحيد هي الطائفة الثانية المفصلة بين السفر قبل الزوال و بعده ببطلان الصوم في الاول و صحته في الثاني.

و بعبارة اخري: يجب الافطار في الاول و يجب الصوم في الثاني اضف الي ذلك كله ان القول بلزوم تبييت النية موافق للعامة- علي حسب نقل صاحب الحدائق قدس سره- قال قدس سره في حدائقه «أما الجمهور فقد قال الشافعي:

اذا نوي المقيم الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرا لم يفطر يومه و به قال أبو حنيفة و مالك و الأوزاعي و أبو ثور و اختاره النخعي و مكحول و الزهري» «2» انتهي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الحدائق ج 13 ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 186

و اذا كان مسافرا فدخل بلده أو بلدا نوي فيه الاقامة فان كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصيام و ان كان بعد الزوال أو تناول المفطر في السفر بقي علي الافطار (1).

______________________________

فتحصل من جميع ما ذكرنا ان الحق بحسب الصناعة ما اختاره المفيد قدس سره و ذهب اليه جماعة كثيرة- علي ما

نسب اليهم- و هو التفصيل بين السفر قبل الزوال و بعده.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في كلام بعض الاصحاب- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان و لم يطعم شيئا قبل الزوال قال: يصوم «1».

و منها: ما رواه يونس في حديث قال في المسافر يدخل أهله و هو جنب قبل الزوال و لم يكن أكل فعليه أن يتم صومه و لا قضاء عليه يعني اذا كانت جنابته من احتلام «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فقال: ان قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به «3».

و ربما يقال: يظهر من جملة من النصوص انه ان قدم من سفره قبل الزوال فله الخيار في الصيام و الافطار و من تلك النصوص ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل كيف يصنع اذا أراد السفر الي أن قال: ان قدم بعد زوال الشمس أفطر و لا يأكل ظاهرا و ان قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 187

______________________________

شاء «1». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتي يري أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار قال: اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل فهو بالخيار

ان شاء صام و ان شاء افطر «2».

و الذي يظهر من هذه الرواية ان الخيار بين الصوم و الافطار قبل الدخول.

و بعبارة اخري: ما دام مسافرا و خارجا عن المحل له الخيار.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار قال: اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر «3».

و الظاهر من هذا الحديث هو الظاهر من سابقه اي الظاهر بل الصريح منه ان الشخص قبل دخوله له الخيار و بعبارة اخري: ما دام خارجا يكون له الخيار بين الامرين.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فاذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر و هو يريد الاقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم و ان دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه و ان شاء صام «4».

و هذه الرواية صريحة في الخيار بعد الدخول و لا مجال لحملها علي الخيار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 188

نعم يستحب له الامساك الي الغروب (1).

[مسألة 70: الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده]

(مسألة 70): الظاهر ان المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حد الترخص نعم لا يجوز الافطار للمسافر الا بعد الوصول الي حد الترخص (2) فلو

______________________________

قبل الدخول لكن لا يمكن الاعتماد عليها اذ علي ما في الحدائق «1» لم يلتزم بهذا القول احد حتي من العامة.

و لا يبعد انه لو كان الخيار حكما

شرعيا لكان ظاهرا و كيف يمكن ثبوت مثل هذا الحكم الذي هو مورد ابتلاء العام و مع ذلك لم يلتزم به احد لا من الخاصة و لا من العامة.

اضف الي ذلك انه معارض مع بقية النصوص فلا مجال للالتزام به.

(1) أما بالنسبة الي من دخل قبل الزوال مفطرا فقد دل علي استحباب الامساك ما رواه سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس و قد أكل قال:

لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا و لا يواقع في شهر رمضان ان كان له اهل «2»

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من هذا الحديث كراهة الأكل لا استحباب الامساك. و أما بالنسبة الي من دخل بعد الزوال فالظاهر انه لا دليل عليه و حديث سماعة «3» ضعيف سندا بعلي بن السندي مضافا الي أنه لا يستفاد منه استحباب الامساك بل يستفاد منه لزوم احترام الشهر و هذا أمر آخر.

(2) اذ المستفاد من أدلة حد الترخص كونها مقيدة لإطلاق أدلة أحكام المسافر

______________________________

(1) ج 13 ص: 399

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 186

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 189

أفطر قبله عالما بالحكم وجبت الكفارة (1).

[مسألة 71: يجوز السفر في شهر رمضان اختيارا و لو للفرار من الصوم]

(مسألة 71): يجوز السفر في شهر رمضان اختيارا و لو للفرار من الصوم (2).

______________________________

و بعبارة اخري: الميزان بحسب الادلة هو الخروج من البلد و الوصول اليه غاية الامر قد علم من دليل حد الترخص انه لا يجوز للمسافر أن يقصر صلاته قبل حد الترخص و بمقتضي الملازمة المستفادة من النص بين الاتمام و الصوم و القصر و الافطار لا يجوز للمسافر قبل وصوله الي حد الترخص الافطار كما لا يجوز له القصر.

(1) بمقتضي اطلاق

من أفطر عامدا تجب عليه الكفارة و قد تقدم في مبحث وجوب الكفارة انه اذا أفطر أحد صومه ثم سافر لا يسقط عنه الكفارة فالسفر اللاحق لا يقتضي سقوط الكفارة المترتبة علي الافطار العمدي.

(2) علي المشهور شهرة عظيمة كادت أن تكون اجماعا- كما في كلام بعض الأصحاب- و القاعدة الاولية تقتضي جوازه اذ المستفاد من الاية الشريفة «1»:

ان المكلف علي قسمين حاضر و مسافر و الحاضر يجب عليه الصوم و أما المسافر فلا.

و بعبارة اخري: يستفاد من الاية الكريمة اشتراط وجوب الصوم بالحضر و من الظاهر انه لا يجب ايجاد شرط الواجب.

و أما بحسب النصوص فيظهر من بعضها ان الصوم أفضل لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد براحا ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت فسألته غير مرة فقال: يقيم أفضل الا أن تكون له حاجة لا بد له من الخروج فيها أو يتخوف علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 190

______________________________

ما له «1».

و مثله في الدلالة علي كون الصوم أفضل ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك يدخل علي شهر رمضان فاصوم بعضه فتحضرني نية زيارة قبر أبي عبد اللّه عليه السلام فازوره و افطر ذاهبا و جائيا أو اقيم حتي افطر و ازوره بعد ما افطر بيوم أو يومين؟ فقال له: أقم حتي تفطر فقلت له: جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أما تقرأ في كتاب اللّه: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «2».

و يدل علي جوازه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر

عليه السلام أنه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان و هو مقيم و قد مضي منه أيام فقال:

لا بأس بأن يسافر و يفطر و لا يصوم «3».

و تدل علي عدم الجواز جملة من الروايات: منها: ما رواه أبو بصير قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخروج اذا دخل شهر رمضان فقال: لا الا فيما اخبرك به: خروج الي مكة أو غزو في سبيل اللّه أو مال تخاف هلاكه أو أخ تخاف هلاكه و انه ليس أخا من الأب و الام «4». و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما أرسله علي بن اسباط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط قال اللّه تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» فليس للرجل اذا دخل شهر رمضان أن يخرج الا في حج أو في عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 191

و لكنه مكروه (1) الا في حج أو عمرة أو غزو في سبيل اللّه أو مال

______________________________

يخاف هلاكه و ليس له أن يخرج في اتلاف مال أخيه فاذا مضت ليلة ثلاث و عشرين فليخرج حيث شاء «1». و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه الحسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تخرج في رمضان الا للحج أو العمرة أو مال تخاف عليه الفوت أو لزرع يحين حصاده «2».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث

الأربعمائة قال: ليس للعبد أن يخرج الي سفر اذا دخل شهر رمضان لقول اللّه عز و جل «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فالمتحصل انه لا دليل علي المنع بل الدليل قائم علي الجواز نعم مقتضي حديث الحلبي ان الا فضل ترك السفر.

(1) علي ما ذكرنا ظهر انه لا وجه للكراهة و أما علي مسلك سيدنا الاستاد فوجه ما أفاده الجمع بين النصوص بتقريب ان الدال علي الحرمة يحمل علي الكراهة بقرينة ما يدل علي الجواز.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان العرف يري التعارض بين الدليلين و لا مجال للجمع العرفي بين الطرفين و ربما يقال: لو اغمض النظر عن ضعف سند دليل المنع يكون الترجيح عند التعارض مع دليل الجواز لكونه موافقا للكتاب فان المستفاد من الكتاب الكريم كما قلنا جواز السفر.

الا أن يقال: ان المستفاد من الاية الشريفة ان المكلف في فرض كونه حاضرا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 192

يخاف تلفه أو انسان يخاف هلاكه أو يكون بعد مضي ثلاث و عشرين ليلة (1) و اذا كان علي المكلف صوم واجب معين جاز له السفر و إن فات الواجب و ان كان في السفر لم تجب عليه الاقامة لأدائه (2).

______________________________

يصوم و في فرض كونه مسافرا يفطر و ليست الاية متعرضة لحكم السفر و الحضر فلاحظ.

(1) بعد ما علم ان الروايات المشار اليها ضعاف لا يمكن الاعتماد عليها في الفتوي بالكراهة و عدمها في الموارد المذكورة و لا ادري كيف يجمع بين ما أفاده في المقام و بين عدم مستند له ظاهرا الا جملة من النصوص الضعيفة و

علي فرض تمامية حديث الخصال لا يتم الامر بالنسبة الي جميع ما افاده و اللّه العالم بحقايق الامور و علي اللّه التوكل و التكلان.

(2) تارة يبحث في المقام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية مع قطع النظر عن النص الخاص و اخري يبحث فيما هو المستفاد من النص الخاص فيقع الكلام في موضعين.

أما الموضع الاول فنقول: لا اشكال في ان مقتضي القاعدة وجوب ترك السفر و اذا كان المكلف في السفر يقيم و ذلك لأن الواجب المطلق يجب بحكم العقل الاتيان به فاذا توقف علي مقدمة مقدورة للمكلف يجب الإتيان بها فلو نذر مثلا أن يصوم يوم الجمعة يجب عليه أن يصوم و لو بأن يقصد الإقامة في مكان و يأتي بالواجب و هذا لا اشكال فيه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 192

و لا يبعد ان ما أفاده سيد العروة قدس سره من عدم جواز السفر و وجوب الاقامة ان كان مسافرا مبنيا علي ما ذكر.

و لا يقاس الصوم المعين بصوم رمضان اذ المستفاد من الادلة كتابا و سنة ان صوم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 193

______________________________

رمضان واجب مشروط بكون المكلف حاضرا و من الظاهر ان شرط الوجوب لا يجب ايجاده.

و بعبارة واضحة ان وجوب صوم رمضان متوجه الي من يكون حاضرا فكما ان وجوب التمام متوجه الي الحاضر و لا يجب علي المكلف الحضور كي يتم كذلك لا يجب عليه الحضور كي يصوم و هذا ظاهر واضح و أما الصوم المعين فليس مشروطا بحضور المكلف بل واجب عليه مطلقا فيجب ايجاد مقدماته و من جملتها الحضور فيجب.

و صفوة

القول: انه فرق بين شرط الوجوب و شرط الواجب. هذا تمام الكلام بالنسبة الي الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني فقول: ربما يقال: المستفاد من حديث زرارة قال:

قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أمي كانت جعلت عليها نذرا ان اللّه رد (ان يرد اللّه) عليها بعض ولدها من شي ء كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت فخرجت معنا مسافرة الي مكة فأشكل علينا لمكان النذر أ تصوم أو تفطر؟

فقال: لا تصوم قد وضع اللّه عنها حقه و تصوم هي ما جعلت علي نفسها قلت: فما تري اذا هي رجعت الي المنزل أ تقضيه؟ قال: لا قلت: أ فنترك ذلك؟ قال: لا لأني اخاف أن تري في الذي نذرت فيه ما تكره «1»، انه لا فرق بين صوم رمضان و غيره من الواجب المعين من هذه الجهة فانه لا يبعد أن يستفاد من كلامه عليه السلام: «قد وضع اللّه عنها حقه و تصوم هي ما جعلت علي نفسها» انه كما أن صيام رمضان مشروط بعدم السفر كذلك صيام غير رمضان فيكون الحضر شرطا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 194

[مسألة 72: يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب و كذا الجماع في النهار علي كراهة في الجميع]

(مسألة 72): يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب و كذا الجماع في النهار علي كراهة في الجميع (1).

______________________________

للوجوب علي الاطلاق.

و علي الجملة ان المستفاد من الحديث ان عدم السفر كما انه شرط في وجوب صوم رمضان كذلك شرط في وجوب بقية الصيام.

و لقائل أن يقول: المستفاد من كلامه عليه السلام ان السفر لا يجامع الصوم و أما أن الحضر شرط للوجوب فلا يظهر من كلامه أرواحنا له الفداء.

و بعبارة اخري: السؤال عن

الصوم في فرض تحقق السفر و جوابه عليه السلام راجع الي هذه الجهة اي لا يجتمع الصوم و السفر لكن الانصاف ان المستفاد بحسب الفهم العرفي جواز السفر فلاحظ.

و في المقام رواية اخري لعلي بن مهزيار قال: كتبت اليه يعني الي أبي الحسن عليه السلام: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحي أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضائه و كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب اليه: قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الايام كلها و يصوم يوما بدل يوم ان شاء اللّه الحديث «1».

و لا يبعد أن يستفاد المدعي من هذه الرواية اذ الميزان باطلاق الجواب لا بخصوص السؤال فان مقتضي قوله عليه السلام: «قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الايام كلها» ان الحضر شرط لوجوب الصيام علي الاطلاق فاذا كان المكلف مسافرا لا يجب عليه الصوم و هذا هو المدعي.

(1) أما جواز التملي من الاكل و الشرب فلعدم دليل علي الحرمة و أما كراهة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب النذر و العهد.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 195

______________________________

التملي فيمكن أن يستفاد من حديث: ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية أ فله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال: سبحان اللّه أما يعرف هذا حرمة شهر رمضان ان له في الليل سبحا طويلا قلت: أ ليس له أن يأكل و يشرب و يقصر؟ قال: ان اللّه تبارك و تعالي قد لرخص للمسافر في الافطار و التقصير رحمة و تخفيفا لموضع التعب

و النصب و وعث السفر و لم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان و أوجب عليه قضاء الصيام و لم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة اذا آب من سفره ثم قال:

و السنة لا تقاس و اني اذا سافرت في شهر رمضان ما آكل الا القوت و ما أشرب كل الري «1».

فان الظاهر من كلامه عليه السلام في ذيل الحديث: «و اني اذا سافرت» الي آخره ان التملي منهما مرجوح.

و أما الجماع فيستفاد من جملة من النصوص انه حرام لاحظ رواية ابن سنان المتقدمة آنفا و لاحظ ما رواه أيضا قال: سألته عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر فقال: ما عرف هذا حق شهر رمضان ان له في الليل سبحا طويلا «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان فان ذلك محرم عليه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 196

______________________________

و ما رواه سماعة «1»:

و المستفاد من طائفة اخري الجواز لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان أله أن يصيب من النساء؟

قال: نعم «2».

و ما رواه سهل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أتي أهله في شهر رمضان و هو مسافر؟ قال: لا بأس «3».

و ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا الحسن يعني موسي عليه السلام عن الرجل يجامع أهله في السفر و هو

في شهر رمضان؟ قال: لا بأس به «4».

و ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر و معه جارية في شهر رمضان هل يقع عليها؟ قال: نعم «5».

و ما رواه داود بن الحصين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية أيقع عليها؟ قال: نعم «6».

و ما رواه علي بن الحكم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يجامع أهله في السفر في شهر رمضان؟ فقال: لا بأس به «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 188

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

(7) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 197

و الاحوط استحبابا الترك (1) و لا سيما في الجماع (2).

[الفصل الخامس: ترخيص الافطار]

اشارة

الفصل الخامس: ترخيص الافطار: وردت الرخصة في افطار شهر رمضان لأشخاص منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش اذا

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أ يواقعها؟

قال: لا بأس به «1».

و قد حملوا نصوص النهي علي الكراهة جمعا بين الطرفين لكن الظاهر ان هذا ليس جمعا عرفيا كيف و قد صرح في حديث ابن سنان بأن اللّه لم يرخص له في مجامعة النساء و في حديث ابن مسلم بعد نهيه بقوله عليه السلام: «فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان» أكد النهي بقوله عليه السلام: «فان ذلك محرم عليه».

فالتعارض قطعي فلا بد من العلاج و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته

مع اطلاق الكتاب فان قوله تعالي: «نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰي شِئْتُمْ «2» يقتضي الجواز علي الاطلاق كما ان الترجيح بالا حدثية مع دليل الجواز لاحظ ما رواه علي بن الحكم «3» فان السؤال فيه عن الامام أبي الحسن عليه السلام.

مضافا الي ان الجواز مسلم و ان كان حراما لم يكن بحيث يقع مورد البحث و القيل و القال و بعبارة اخري لو كان لبان و ظهر.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) البقرة/ 223

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 198

تعذر عليهم الصوم (1) و كذلك اذا كان حرجا و مشقة (2).

______________________________

(1) لا اشكال في عدم وجوب الصوم في فرض التعذر اذ كل تكليف مشروط بالقدرة و مرجع التعذر الي عدم القدرة و يدل علي المدعي قوله تعالي: «لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا وُسْعَهٰا» «1».

(2) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: الاية الكريمة «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» «2».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة تقسيم المكلفين الي ثلاثة أقسام الحاضرين الاصحاء و المسافرين و المرضي و الذين يطيقون الصوم و هم الذين يكون الصوم حرجا و مشقة بالنسبة اليهم فاوجب الصوم بالنسبة الي القسم الاول و أوجب الافطار و القضاء بالنسبة الي القسم الثاني و أوجب الفداء بالنسبة الي القسم الثالث فالقسم الثالث لا يجب عليه الا الفداء.

و بعبارة اخري: التكليف بالصوم اداءا و قضاء ساقط عنه.

الوجه الثاني: قاعدة نفي العسر و الحرج فانها ترفع التكليف الحرجي فمع وجود الحرج و المشقة

لا يجب الصيام كما هو مفاد القاعدة و أما القضاء فيحتاج وجوبه الي قيام دليل عليه بل علي تقدير استفادة عدم الوجوب من الكتاب كما مر ان وردت رواية دالة علي وجوب القضاء لا بد من ردها لمخالفتها مع الكتاب.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي عدم وجوب الصوم بالنسبة الي المذكورين و وجوب الفدية عليهم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الشيخ الكبير و الذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا

______________________________

(1) البقرة/ 287

(2) البقرة/ 182

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 199

و لكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمد من الطعام (1).

______________________________

في شهر رمضان و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام و لا قضاء عليهما و ان لم يقدرا فلا شي ء عليهما «1».

و ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و ذكر مثله الا أنه قال:

و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام «2».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش و عن قوله عز و جل: «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» قال: من مرض أو عطاش «3».

و ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ». قال: الذين كانوا يطيقون الصوم و أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد «4».

(1) يقع الكلام تارة في حكم المذكورين في المتن من حيث وجوب الفدية مع

فرض تعذر الصوم و اخري مع الاطاقه اي القدرة علي الصوم مع المشقة و الحرج فيقع البحث في موردين.

أما المورد الأول فالمشهور- علي ما نسب اليهم- ذهبوا الي وجوب الفدية لكن لا بد من ملاحظة الاية الشريفة و النصوص الواردة في المقام فنقول: المستفاد من الاية الشريفة ان من أطاق الصوم يسقط عنه الصوم و تجب عليه الفدية و أما العاجز عن الصوم اي غير القادر عليه فلا تعرض في الاية لحكمه من هذه الجهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 200

______________________________

و أما النصوص فمنها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ايما رجل كان كبيرا لا يستطيع الصيام أو مرض من رمضان الي رمضان ثم صح فانما عليه لكل يوم أفطر فيه فدية اطعام و هو مد لكل مسكين «1».

فان الرواية اما بالصراحة و اما بالاطلاق يشمل الشيخ الكبير لكن سندها مخدوش بالبطائني.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم فقال: يصوم عنه بعض ولده قلت: فان لم يكن له ولد؟ قال:

فأدني قرابته قلت: فان لم يكن له قرابة؟ قال: يتصدق بمد في كل يوم فان لم يكن عنده شي ء فليس عليه «2».

و تقريب الاستدلال به علي المدعي هو التقريب و لكن سند الرواية مخدوش بيحيي بن المبارك.

و منها: ما رواه ابراهيم ابن أبي زياد الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل لا يستطيع القيام الي الخلا لضعفه و لا يمكنه الركوع و السجود فقال:

ليؤم

برأسه إيماء إلي أن قال: قلت: فالصيام قال: اذا كان في ذلك الحد فقد وضع اللّه عنه فان كانت له مقدرة فصدقة من طعام بدل كل يوم احب إلي و ان لم يكن له يسار ذلك فلا شي ء عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي كما أن ابراهيم بن أبي زياد الكرخي لم يوثق فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 201

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال: يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل يوم «1».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ الموضوع الوارد فيها الشيخ الكبير الذي يضعف عن الصوم و الضعيف ظاهر في القادر و كلامنا في العاجز عن الصوم.

و منها: ما أرسله العياشي عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: المرأة تخاف علي ولدها و الشيخ الكبير «2» و المرسل لا اعتبار به مضافا الي المناقشة في دلالتها.

و منها: ما أرسله أيضا عن سماعة عن أبي بصير قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع و المريض «3».

و المرسل لا اعتبار به و منها: ما أرسله ابن بكير «4» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه عبد اللّه سنان قال: سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان قال: يتصدق كل يوم بما يجزي من طعام مسكين «5» و هذه

الرواية موضوعها الضعيف عن الصوم و كلا منافي العاجز عنه.

و منها: ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 199

(5) الوسائل الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 202

و الافضل كونها من الحنطة (1).

______________________________

عن الشيخ الكبير و العجوزة الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان قال:

تصدق في كل يوم بمد حنطة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد الملك بن عتبة الهاشمي مضافا الي أن الواقع فيها الضعيف عن الصوم.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2». و هذه الرواية تفسر المراد من الاية و قد تقدم ان الاية لا تشمل العاجز عن الصيام بل المستفاد من الاية حكم من يكون قادرا علي الصوم و لكن مع المشقة و الحرج. و بعبارة اخري: هذه الرواية ليست في مقام وجوب الفدية بل في مقام بيان مصاديق من يطيق الصوم.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا «3» و الظاهر ان هذه الرواية باطلاقها تشمل العاجز عن الصيام و لا دليل علي أن هذه الرواية عين تلك الروايه التي رواها ابن مسلم أيضا كي يقال: وردت في تفسير الاية فلا يستفاد منها الاطلاق فتحصل انه يجب علي العاجز الفدية.

و أما المورد الثاني فالمستفاد من النصوص المقدمة وجوب الفدية علي الشيخ الكبير الضعيف كما أن المستفاد من بعض تلك النصوص كحديث محمد بن مسلم «4» الاول وجوبها علي ذي العطاش.

(1) مقتضي الاية الشريفة و جملة من نصوص الباب كفاية مطلق الطعام و لكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 198

(3) لاحظ ص: 199

(4)

لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 203

بل كونها مدين (1) بل هو أحوط استحبابا (2) و الظاهر عدم وجوب القضاء علي الشيخ و الشيخة اذا تمكنا من القضاء (3).

______________________________

قد ورد في حديث الهاشمي «1» لفظ الحنطة و مقتضي وجوب حمل المطلق علي المقيد ان الواجب خصوص الحنطة لكن قد ذكرنا ان الحديث ضعيف سندا بعبد الملك فلا مجال للتقييد كما أنه لا مجال للحكم الجزمي بافضلية الحنطة اذ قاعدة التسامح لا يستفاد منها الاستحباب نعم لا بأس بالالتزام بالاستحباب من باب كون الاحتياط مستحبا فلاحظ.

(1) كما في حديث ابن مسلم «2» المروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و أما حديثه الاخر «3» المروي عن أبي جعفر عليه السلام فالمذكور فيه المد و قد حمل الحديث الدال علي المدين علي الاستحباب بقرينة الحديث الاخر الدال علي كفاية مد واحد.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انهما متعارضان و حيث ان الحديث الاول الدال علي كفاية مطلق المد موافق مع الاطلاق الكتابي يرجح علي معارضه فالنتيجة كفاية المد الواحد نعم حيث انه يحتمل وجوب المدين لا بأس بالالتزام باستحبابهما من باب حسن الاحتياط فلاحظ.

(2) قد ظهر وجهه.

(3) لما تقدم من أن المستفاد من الاية ان من يطيق الصوم مرفوع عنه الصوم و لا يجب عليه شي ء لا اداءا و لا قضاء فلا دليل علي وجوب القضاء بل الدليل قائم

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) لاحظ ص: 199

(3) لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 204

و الاحوط وجوبا لذي العطاش القضاء مع التمكن (1) و منهم الحامل المقرب التي يضربها الصوم (2).

______________________________

علي عدمه من الاية و الرواية أما الاية فلما ذكرنا من أن المستفاد منها ان هذا الصف الثالث

ليس عليه الا الفدية و أما الرواية فقد صرح في حديث ابن مسلم «1» بعدم وجوب القضاء علي الشيخ الكبير و علي الذي به العطاش.

(1) المستفاد من الاية الشريفة عدم وجوب القضاء علي من يطيق الصوم كما ان المستفاد من حديث ابن مسلم عدم وجوبه أيضا كما مر آنفا فلا وجه لوجوب الاحتياط نعم استحبابه علي القاعدة.

ان قلت: الذي ذكرت يتم بالنسبة الي من يطيق و أما بالنسبة الي العاجز عن الصوم فما الوجه في عدم وجوب القضاء عليه؟. قلت: يكفي دليلا علي عدم الوجوب اطلاق الرواية مضافا الي أنه لا مقتضي لوجوب القضاء.

و بعبارة اخري: لا يكون الصوم واجبا عليه كي يقال: فاتت عنه الفريضة و أيضا لا دليل علي وجوب القضاء عليه و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و عن الجواهر:

«ان عليه الاجماع بقسميه». و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم و عليهما أن تتصدق كل واحد منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام و عليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد «2».

و دلالة الرواية علي المدعي ظاهرة فانه بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 205

أو يضر حملها (1) و المرضعة القليلة اللبن اذا أضربها الصوم (2) أو أضر بالولد (3) و عليهما القضاء بعد ذلك (4) كما أن عليهما الفدية أيضا (5) فيما اذا كان

الضرر علي الحمل أو الولد (6).

______________________________

وجوب الصوم ساقط عن الحامل بلحاظ تضررها منه.

(1) لإطلاق النص.

(2) كما صرح بها في النص.

(3) للإطلاق.

(4) كما صرح به في النص المشار اليه و ربما يقال: بأنه يستفاد من حديث محمد بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام ان امرأتي جعلت علي نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها و أدركها الحبل فلم تقو علي الصوم قال: فلنصدق مكان كل يوم بمد علي مسكين «1»، عدم وجوب القضاء علي الحامل.

بتقريب: ان الظاهر منه أن وظيفتها الفداء و لكن الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن جعفر اذ لم يثبت وثاقة الرجل مضافا الي أن مورد الحديث لا يرتبط بالمقام فلاحظ.

(5) كما نص بها في الرواية.

(6) استدل الماتن علي ما ادعاه بوجهين: احدهما ان الامام عليه السلام قيد الحكم بوجوب التصدق بالحامل المقرب فيعلم ان هذا الحكم بلحاظ الترخيص في الافطار من ناحية تضرر الحمل بصوم الام و لو كان الحكم مطلقا لم يكن وجه لهذا التقييد.

و فيه: ان مناطات الاحكام غير واضحة لدنيا و الميزان ظهور كلام الامام عليه السلام و المفروض ان مقتضي اطلاق كلامه عدم الفرق من هذه الناحية.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 206

______________________________

ثانيهما: ان مقتضي الكتاب و السنة عدم وجوب التصدق علي المريض المفطر و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين الحامل التي يضرها الصوم و غيرها من المرضي كما أن مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم الوارد في المقام عدم الفرق بين كون الافطار لأجل الضرر المتوجه الي الام و بين توجهه الي الولد و حيث ان النسبة بين الدليلين العموم من وجه يتعارضان في مورد الاجتماع و يتساقطان و بعد التساقط لا دليل علي وجوب

التصدق.

و يمكن أن يقال: ان المفطر للصوم لا يكون مريضا علي الاطلاق و بعبارة اخري: يمكن أن يكون الشخص مريضا و لا يضر به الصوم و يمكن أن يضربه و مع ذلك لا يصدق عليه المريض كما لو أوجب ضعف مزاجه.

و علي الجملة الشخص الضعيف لا يكون مصداقا للمريض و هذا العرف ببابك فلا يكون المتضرر بالصوم من مصاديق المريض و عليه يكون الاطلاق محكما فلا وجه للقيد المذكور في المتن.

و صفوة القول: ان المتضرر بالصوم أعم من المريض و المفروض ان الصدقة قد وجبت علي المتضرر بالصوم في هذه الرواية و مقتضي اطلاقها عدم الفرق.

و ان شئت قلت: الصدقة وجبت في هذه الرواية من حيث الافطار بلحاظ الضرر فلا ينافي عدم الوجوب بلحاظ آخر.

و لقائل أن يقول: ليس في المقام عنوانان كي يقال: بأنه لا تنافي بين الدليلين بل عنوان واحد و هو التضرر فالتضرر موضوع لكلا الدليلين و قد فرض ان النسبة بينهما العموم من وجه فيتعارضان و يتساقطان بل حديث ابن مسلم بلحاظ كونه مباينا مع الكتاب بالتباين الجزئي يسقط عن الحجية.

أو يقال: ان الروايات الدالة علي عدم وجوب الصدقة موافقة مع الكتاب

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 207

و لا يجزي الاشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها (1).

[مسألة 73: لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها و أن يكون لغيرها]

(مسألة 73): لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها و أن يكون لغيرها (2) و الاقوي الاقتصار علي صورة عدم التمكن من ارضاع غيرها للولد (3).

[الفصل السادس: ثبوت الهلال]

اشارة

الفصل السادس: ثبوت الهلال: يثبت الهلال بالعلم الحاصل

______________________________

و ترجح علي ما يدل علي وجوبها فالنتيجة عدم وجوب الصدقة.

و لكن لنا أن نقول: بأنه لا مجال للتعارض اذ لا تعارض بين ما يكون مقتضيا و ما لا اقتضاء له فان الاية الشريفة لا تدل علي عدم وجوب الصدقة و انما تدل علي تقسيم المكلف بثلاثة اقسام: الاصحاء الحاضرين و المرضي و المسافرين و من لا يطيق الصوم فيجب علي القسم الاول الصوم و علي القسم الثاني القضاء و علي القسم الثالث الفداء و لا تدل الاية علي عدم وجوب الفدية علي المرضي و المسافرين.

و يمكن أن يرد علي هذا البيان ان التقسيم قاطع للشركة فيفهم من الاية عدم وجوب الفداء الا علي القسم الثالث فلو دل دليل علي الوجوب يقع التعارض بينه و بين الاية فلاحظ.

(1) لعدم الدليل عليه فلاحظ.

(2) لا طلاق النص المشار اليه.

(3) و الوجه فيه ان الحكم بجواز الافطار قد علل في الرواية بعدم الاطاقة و من الظاهر ان هذا المفهوم لا يصدق مع وجود المندوحة. و بعبارة اخري: ان صدق عدم الطاقة يتوقف علي عدم طريق يجمع بين الرضاع و الصوم و أما مع وجود طريق الجمع بين الامرين فلا يصدق عنوان عدم الاطاقة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 208

من الرؤية أو التواتر أو غيرهما (1) و بالاطمينان الحاصل من الشياع أو غيره (2) أو بمضي ثلاثين يوما من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان أو ثلاثين يوما من شهر رمضان فيثبت هلال شوال

(3) و بشهادة عدلين (4).

______________________________

(1) فانه حجة عقلية و اعتباره ذاتي غير قابل للجعل كما أنه ليس قابلا للرفع و لا فرق فيه من هذه الجهة بين منشأه فاذا حصل يكون حجة.

(2) فانه طريق عقلائي و حجة بلا فرق بين منشأه.

(3) كما هو ظاهر اذ معه لا يبقي شك في بقاء شعبان أو رمضان.

(4) قال الشيخ في الخلاف: «ثبوت الهلال بشهادة عدلين مجمع عليه» «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول: لا اجيز في الهلال الا شهادة رجلين عدلين «2»

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يجوز شهادة النساء في الهلال و لا يجوز إلا شهادة رجلين عدلين «3».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: لا تقبل شهادة النساء في روية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين «4»

و منها: ما رواه داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل قال: لا يجوز شهادة النساء في الفطر الا شهادة رجلين عدلين و لا بأس في الصوم

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 394

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 209

______________________________

بشهادة النساء و لو امرأة واحدة «1».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن عيسي في نوادره عن أبيه رفعه قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بشهادة الواحد و اليمين في الدين و أما

الهلال فلا الا بشاهدي عدل «2».

و ربما يقال: بأنه تعارضها رواية أبي أيوب ابراهيم بن عثمان الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: كم يجزي في رؤية الهلال؟ فقال: ان شهر رمضان فريضة من فرائض اللّه فلا تؤدوا بالتظني و ليس رؤية الهلال أن يقوم عدة فيقول واحد: قد رأيته و يقول الآخرون: لم نره اذا رآه واحد رآه مأئة و اذا رآه مأئة رآه الف و لا يجزي في رؤية الهلال اذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين و اذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر «3»

بتقريب: انه اذا لم تكن في السماء علة لا تكفي شهادة الاثنين و لا الاكثر فاذا لم تكن في السماء علة و شهد شاهدا عدل برؤية الهلال يقع التعارض بين الجانبين و مقتضي تلك النصوص ثبوته بشهادتهما و مقتضي هذه الرواية عدم ثبوته.

و لكن لا يبعد أن يقال: بأن هذه الرواية في مقام بيان أن الهلال لا يثبت بالظن فلا أثر لتعدد الشهود بل لا بد من حصول العلم.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يكون المستفاد من الرواية ان الهلال لا يثبت بالظن و علي هذا لا تكون هذه الرواية معارضة لتلك النصوص اذ مفاد تلك الروايات جعل شهادة العدلين منزلة العلم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 210

______________________________

لكن الانصاف ان الجزم بتمامية هذا البيان في غاية الاشكال فلا بد من علاج آخر و يمكننا أن نقول: بأن السيرة جارية علي ثبوت الهلال بشهادة عدلين في الاعصار و الامصار و لو لم يكن كافيا لذاع و

شاع حيث ان المسألة مورد الابتلاء العام و يؤيد المدعي دعوي الشيخ الاجماع عليه.

اضف الي ذلك انه لقائل أن يقول: المستفاد من الرواية رد شهادة الشهود فيما تكون ملازمة بين رؤية واحد و رؤية ألف و من الظاهر انه مع الملازمة المذكورة يحصل القطع بكون الشهادة خلاف الواقع و لا اشكال في عدم اعتبار الشهادة اذا فرض القطع بكونها مخالفة مع الواقع.

و يضاف الي ذلك كله التنافي بين فقرات الحديث اذ حكم عليه السلام بالملازمة اولا و أفاد بأنه لا يمكن أن يراه شخص و لا يراه آخر و أخيرا حكم بكفاية شهادة خمسين.

فالنتيجة: ان المرجع مفاد تلك النصوص و ان أبيت عن ذلك كله فنقول:

يسقط كل من الدليلين بالتعارض و المرجع بعد التساقط عموم حجية شهادة عدلين في الموضوعات.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن الاستدلال علي خلاف المدعي بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا رأيتم الهلال فصوموا و اذا رأيتموه فأفطر و او ليس بالرأي و لا بالتظني و لكن بالرؤية (قال) و الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد: هو ذا و ينظر تسعة فلا يرونه اذا رآه واحد رآه عشرة آلاف و اذا كانت علة فأتم شعبان ثلاثين «1».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 211

و في ثبوته بحكم الحاكم الذي لا يعلم خطأه و لا خطأ مستنده اشكال بل منع (1).

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الاولية عدم ثبوت الهلال بحكم الحاكم اذ اعتبار حكمه أمر شرعي و لا بد من قيام دليل عليه و ما دام لم يقم عليه دليل لا يمكن الالتزام به بل مقتضي الاصل عدم اعتباره فان عدمه مقتضي الاستصحاب.

و ما

يمكن أن يكون وجها لاعتباره عدة روايات منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بافطار ذلك اليوم اذا كانا شهدا قبل زوال الشمس و ان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم و أخر الصلاة الي الغد فصلي بهم «1».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ المتبادر من لفظ الامام المفروض طاعته علي الانام روحي و ارواح العالمين له الفداء و لا يكون مرجع التقليد اماما.

مضافا الي أنه ليس في الرواية انه عليه السلام يحكم بالهلال بل المصرح به فيها انه عليه السلام يأمر و أمره واجب الاطاعة فانه مطاع في عرض النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله بل في عرض ذاته تبارك و تعالي فلا ترتبط الرواية بالمقام.

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل اشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام: أما ما سألت عنه ارشدك اللّه و ثبتك الي أن قال: و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا حجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 212

______________________________

اللّه الحديث «1».

بتقريب ان الهلال من الحوادث فيجب ارجاعه الي رواة الحديث. و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن محمد بن عصام و اسحاق بن يعقوب.

و منها ما رواه عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحا كما الي السلطان و

الي القضاة أ يحل ذلك؟ قال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الي الطاغوت و ما يحكم له فانما يأخذ سحتا و ان كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت و ما امر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالي: «يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» قلت: فكيف يصنعان قال: ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالتا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم اللّه و علينا رد و الراد علينا الراد علي اللّه و هو علي حد الشرك باللّه الحديث «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان اللّه تعالي جعل من يعرف الحلال و الحرام حاكما. و هذه الرواية ضعيفة بابن حنظلة.

و منها: ما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: اياكم أن يحاكم بعضكم بعضا الي أهل الجور و لكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 213

و لا يثبت بشهادة النساء (1).

______________________________

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان من يعلم شيئا من القضايا يكون قاضيا من قبل اللّه تعالي فيكون حكمه نافذا.

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي احمد بن عائذ بالحسن بن علي الوشاء بالاضافة الي الاشكال في أبي خديجة.

مضافا الي ان ذلك الرواية لا تدل

علي المدعي اذ مفادها اعتبار حكم قاضي التحكيم بين المترافعين و لا ترتبط باعتبار حكم الحاكم في الموضوعات كالهلال الذي هو محل الكلام في المقام فالمتحصل انه لا دليل علي اعتبار حكم الحاكم في الهلال فلاحظ.

(1) لجملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: لا تجوز شهادة النساء في الهلال «2» و منها: ما رواه حماد بن عثمان «3».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: صم لرؤية الهلال و أفطر لرويته فان شهد عندكم شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا يقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر الحديث «5» و منها: ما رواه عبيد اللّه بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 208

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 214

و لا بشهادة العدل الواحد (1).

______________________________

علي الحلبي «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول:

لا اجيز في رؤية الهلال الا شهادة رجلين عدلين «2».

و منها: ما رواه شعيب بن يعقوب عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام قال: لا اجيز في الطلاق و لا في الهلال إلا رجلين «3».

فان هذه النصوص تدل علي المدعي اما بالمنطوق و اما بالمفهوم. و أما حديث داود بن الحصين «4» فهو ضعيف

سندا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

(1) لدلالة جملة من النصوص علي أنه لا يثبت الهلال الا بشهادة عدلين و من تلك النصوص ما رواه حماد بن عثمان «5».

و أما حديث محمد بن القيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين الي أن قال:

و ان غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم أفطروا «6» فغاية دلالته كفاية العدل الواحد بالاطلاق و لا اشكال في أن المطلق يقيد بالمقيد.

و بعبارة اخري: ان هذه الرواية لا تدل علي كفاية العدل الواحد بشرط

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 28

(5) لاحظ ص: 208

(6) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 215

______________________________

لا بل يدل علي كفاية العدل الواحد بالاطلاق اي أعم من أن يكون معه شاهد آخر أم لا.

و ان شئت قلت: المستفاد من الرواية كفاية الشاهد العادل و مقتضي الاطلاق كفاية شهادة عدل واحد و بمقتضي الدليل المقيد نقيد الاطلاق.

قال في الوسائل بعد نقل حديث محمد بن قيس: «اقول: العدل يطلق علي الواحد و الكثير كما نص عليه أهل اللغة فيحمل علي الاثنين فصاعدا» الي آخر كلامه «1».

نعم لو قلنا ان النكرة المنونة عبارة عن الواحد اي الفرد المردد المنتشر بين الافراد يقع التعارض بين هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي عدم ثبوت الهلال الا بعدلين.

و ان أبيت فغايته التعارض و التساقط و المرجع بعد التساقط عموم حجية شهادة عدلين في الموضوعات الا أن يقال: قول العدل الواحد كاف في الموضوعات

مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأنه لا وجه للتساقط اذ ما يدل علي كفاية عدل واحد خاص و مورده ثبوت هلال شوال و تلك الروايات باطلاقها تفيد ان الهلال لا يثبت الا بعدلين و مقتضي قاعدة تخصيص العام بالخاص تقييد المطلقات بهذا المقيد.

و الذي يهون الخطب ان النسخ مختلفة ففي بعضها هكذا: «أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين» «2» و اذا دار الامر بين الزيادة و النقيصة يكون الترجيح مع الزيادة.

______________________________

(1) الوسائل ج 7 ص 208

(2) الاستبصار ج 2 ص: 64 حديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 216

و لو مع اليمين (1) و لا بقول المنجمين (2) و لا بتطوق الهلال (3).

______________________________

ان قلت: يقع التعارض أيضا بين هذه الروايه و بقية الروايات حيث ان المستفاد من هذه الرواية اشتراط كون الشاهد عدولا و الحال ان مفاد تلك الروايات كفاية شهادة عدلين فالتعارض بحاله.

قلت: الترجيح مع تلك النصوص اذ أقوال العامة مختلفة علي ما يظهر من كلام الشيخ في الخلاف «1» فتصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح بها مع تلك النصوص اذ هذه الرواية رويت عن أبي جعفر عليه السلام و من جملة تلك الروايات ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و اللّه العالم.

(1) لإطلاق الدليل الدال علي اشتراط عدلين و مقتضاه عدم كفاية شهادة عدل واحد و لو مع اليمين.

(2) اذ المستفاد من النصوص الواردة في المقام ان ثبوت الهلال يتوقف علي الرؤية أو شهادة عدلين فما دام لم يقم دليل علي ثبوته بأمر آخر يكون اطلاق دليل المنع محكما و لو لاه لكان للقول باعتبار قولهم مجال لأنهم من أهل الخبرة و الرجوع الي أهل الخبرة موافق للأصل الاولي

الا أن يقال: ان الروايات الواردة في موردهم تدل علي عدم اعتبار أقوالهم حتي بالنسبة الي ثبوت الهلال.

(3) ذهب الصدوق قدس سره- علي ما نسب اليه- ان تطوق الهلال امارة كونه لليلتين و الدليل عليه ما رواه مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تطوق الهلال فهو لليلتين و اذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث «2».

و الرواية معتبرة سندا و دلالتها علي المدعي تام فلا وجه لعدم الالتزام به و لكن الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص 394

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 217

و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل علي أنه لليلة السابقة (1) و لا بشهادة العدلين اذا لم يشهدا بالرؤية (2) و لا يبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال فيكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق (3).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه الا حديث اسماعيل بن الحسن (بحر) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة و اذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين «1».

و الحديث ضعيف بجميع اسناده مضافا الي كونه معارضا بحديث أبي علي بن راشد قال: كتب إلي أبو الحسن العسكري عليه السلام كتابا و أرخه يوم الثلثا لليلة من شعبان و ذلك في سنة اثنين و ثلاثين و مأتين و كان يوم الاربعاء يوم شك فصام أهل بغداد يوم الخميس و أخبروني أنهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب الا بعد الشفق بزمان طويل قال: فاعتقدت أن الصوم يوم الخميس و أن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء قال: فكتب إلي: زادك اللّه توفيقا فقد صمت بصيامنا قال: ثم لقيته بعد ذلك فسألته عما

كتبت به اليه فقال لي: أو لم أكتب إليك انما صمت الخميس و لا تصم الا للرؤية «2».

(2) اذ الشهادة لا تصدق فيما يكون الاخبار عن حدس. و بعبارة اخري: الدليل قائم علي اعتبار الشهادة و هي تتوقف علي الرؤية مضافا الي دلالة النص الخاص علي المدعي لاحظ ما رواه منصور «3».

(3) خلافا للمشهور و العمدة ملاحظة النصوص الواردة في المقام و من تلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 213

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 218

______________________________

النصوص ما رواه جراح المدائني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من رأي هلال شوال بنهار في شهر رمضان فليتم صيامه (صومه) «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن سليمان بل و بغيره أيضا فلا تكون قابلة للاستدلال بها كي يقال: ان المستفاد منها ان رؤية الهلال في النهار لا تدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل «و اشهدوا عليه عدولا» من المسلمين و ان لم تروا الهلال الامن وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام الي الليل و ان غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة (يوما) ثم أفطروا «2».

و هذه الرواية تدل علي أن الهلال اذا شوهد بعد الزوال لا يكون دليلا علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي اذ النهار يحسب من اول طلوع الشمس لا من طلوع الفجر.

و بعبارة اخري: قوله عليه السلام «وسط النهار» عبارة عن الزوال باعتبار ان النهار يحسب من أول طلوع الشمس الي غروبها فوسط النهار عبارة اخري عن زوال الشمس.

و منها: ما رواه اسحاق

بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: لا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر انهم رأوه فاقضه و اذا رأيته من وسط النهار فأتم صومه الي الليل «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 219

[مسألة 74: لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم]

(مسألة 74): لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم بل كل من علم بشهادتهما عول عليها (1).

[مسألة 75: إذا رئي الهلال في بلد كفي في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الآفاق]

(مسألة 75): اذا رئي الهلال في بلد كفي في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الآفاق بحيث اذا رئي في بلد الرؤية رئي فيه بل الظاهر كفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد مطلقا

______________________________

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في سابقتها.

و منها ما رواه عبيد بن زرارة و عبد اللّه بن بكير قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال و اذا رؤي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية و اذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة «2».

و المستفاد من هذين الحديثين ان رؤية الهلال قبل الزوال تدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي و رؤيته بعد الزوال يدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الماضي أي الحالي و حيث ان سند الحديثين معتبر لا مانع من العمل علي طبقهما و اللّه العالم.

(1) للإطلاق في جملة من النصوص لاحظ حديث حماد «3» فان المستفاد من هذه الرواية ثبوت الهلال بشهادة عدلين و مقتضي اطلاق الرواية اعتبارها علي الاطلاق.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 208

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 220

بيان ذلك ان البلدان الواقعة علي سطح الارض تنقسم الي قسمين:

احدهما: ما تتفق مشارقة و مغاربه أو تتقارب. ثانيهما: ما تختلف مشارقه و مغاربه اختلافا كبيرا أما القسم الاول: فقد اتفق علماء الامامية علي أن رؤية الهلال في بعض

هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها فان عدم رؤيته فيه انما يستند لا محالة الي مانع يمنع من ذلك كالجبال أو الغابات أو الغيوم أو ما شاكل ذلك.

و أما القسم الثاني (ذات الآفاق المختلفة) فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين نعم حكي القول باتحاد الافق عن الشيخ الطوسي في المبسوط فاذن المسألة مسكوت عنها في كلمات أكثر المتقدمين و انما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين:

المعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الافق و لكن قد خالفهم فيه جماعة من العلماء و المحققين فاختاروا القول بعدم اعتبار الاتحاد و قالوا: بكفاية الرؤية في بلد واحد لثبوته في غيره من البلدان و لو مع اختلاف الافق بينها. فقد نقل العلامة في التذكرة هذا القول عن بعض علمائنا و اختاره صريحا في المنتهي و احتمله الشهيد الاول في الدروس و اختاره صريحا المحدث الكاشاني في الوافي و صاحب الحدائق في حدائقه و مال اليه صاحب الجواهر في جواهره و النراقي في المستند و السيد أبو تراب الخوانساري في شرح نجاة العباد و السيد الحكيم في مستمسكه في الجملة.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 221

و هذا القول اي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر و لو مع اختلاف افقهما هو الاظهر و يدلنا علي ذلك أمران:

الاول: ان الشهور القمرية انما تبدأ علي اساس وضع سير القمر و اتخاذه موضعا خاصا من الشمس في دورته الطبيعية و في نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس و في هذه الحالة (حالة المحاق) لا يمكن رؤيته في أية بقعة من بقاع الارض و بعد خروجه عن حالة المحاق و التمكن من رؤيته ينتهي شهر قمري و يبدأ شهر قمري

جديد.

و من الواضح أن خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الارض علي اختلاف مشارقها و مغاربها لا لبقعة دون اخري و ان كان القمر مرئيا في بعضها دون الاخر و ذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس أو حيلولة بقاع الارض أو ما شاكل ذلك فانه لا يرتبط بعدم خروجه من المحاق ضرورة انه ليس لخروجه منه أفراد عديدة بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع و هذا بخلاف طلوع الشمس فانه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها.

و علي ضوء هذا البيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس و غروبها قياس مع الفارق و ذلك لان الارض بمقتضي كرويتها تكون بطبيعة الحال لكل بقعة منها مشرق خاص و مغرب كذلك فلا يمكن أن يكون للأرض كلها مشرق واحد و لا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 222

مغرب كذلك و هذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس فانه لعدم ارتباطه ببقاع الارض و عدم صلته بها لا يمكن أن يتعدد بتعددها.

و نتيجة ذلك: ان رؤية الهلال في بلد ما امارة قطعية علي خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته و بداية لشهر قمري جديد لأهل الارض جميعا لا لخصوص البلد الذي يري فيه و ما يتفق معه في الافق و من هنا يظهر: ان ذهاب المشهور الي اعتبار اتحاد البلدان في الافق مبني علي تخيل ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الارض كارتباط طلوع الشمس و غروبها الا أنه لا صلة كما عرفت لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون اخري

فان حاله مع وجود الكرة الارضية و عدمها سواء.

الثاني: النصوص الدالة علي ذلك و نذكر جملة منها:

1- صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال. فيمن صام تسعة و عشرين قال: «ان كانت له بينة عادلة علي أهل مصر انهم صاموا ثلاثين علي رؤيته قضي يوما».

فان هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا بوضوح علي أن الشهر اذا كان ثلاثين يوما في مصر كان كذلك في بقية الامصار بدون فرق بين كون هذه الامصار متفقة في آفاقها أو مختلفة اذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الافق لكان

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 223

علي الامام عليه السلام أن يبين ذلك فعدم بيانه مع كونه عليه السلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.

2- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عادلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر و قال: لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي جميع أهل الامصار فان فعلوا فصمه».

الشاهد في هذه الصحيحة جملتان: الاولي: قوله عليه السلام:

«لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عادلان من جميع أهل الصلاة» الخ فانه يدل بوضوح علي أن رأس الشهر القمري واحد بالاضافة الي جميع أهل الصلاة علي اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها و لا يتعدد بتعددها.

الثانية: قوله عليه السلام: «لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي أهل الامصار» فانه كسابقه واضح الدلالة علي أن الشهر القمري لا يختلف باختلاف الامصار» في آفاقها فيكون واحدا بالاضافة الي جميع أهل البقاع و الامصار.

و ان شئت فقل: ان هذه الجملة تدل علي أن

رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الامصار من دون فرق في ذلك بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها فيكون مرده الي أن الحكم المترتب علي ثبوت الهلال اي خروج القمر عن المحاق حكم لتمام أهل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 224

الارض لا لبقعة خاصة.

3- صحيحة اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: «و لا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه». فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة باطلاقها علي أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الافق أو مختلفة و الا فلا بد من التقييد بمقتضي و رودها في مقام البيان.

4- صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: لا تصم الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه». فهذه الصحيحة كسابقتها في الدلالة علي ما ذكرناه.

و يشهد علي ذلك ما ورد في عدة روايات في كيفية صلاة عيدي الاضحي و الفطر و ما يقال فيها من التكبير من قوله عليه السلام في جملة تلك التكبيرات: «اسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا». فان الظاهر ان المشار اليه في قوله عليه السلام في هذا اليوم هو يوم معين خاص الذي جعله اللّه تعالي عيدا للمسلمين لا أنه كل يوم ينطبق عليه انه يوم فطر أو أضحي علي اختلاف الامصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها هذا من ناحية و من ناحية اخري انه تعالي جعل

هذا اليوم عيدا للمسلمين كلهم لا لخصوص أهل بلد تقام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 225

فيه صلاة العيد.

فالنتيجة علي ضوئهما أن يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع و الامصار علي اختلافها في الآفاق و المطالع و يدل أيضا علي ما ذكرناه الاية الكريمة الظاهرة في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الارض علي اختلاف بلدانهم في آفاقهم ضرورة ان القرآن نزل في ليلة واحدة و هذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر و هي خير من ألف شهر و فيها يفرق كل أمر حكيم. و من المعلوم أن تفريق كل أمر حكيم فيها لا يخص بقعة معينة من بقاع الارض بل يعم أهل البقاع أجمع.

هذا من ناحية و من ناحية اخري قد ورد في عدة من الروايات ان في ليلة القدر يكتب المنايا و البلايا و الارزاق و فيها يفرق كل أمر حكيم و من الواضح ان كتابة الارزاق و البلايا و المنايا في هذه الليلة انما تكون لجميع أهل العالم لا لأهل بقعة خاصة فالنتيجة علي ضوئهما ان ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الارض جميعا لا أن لكل بقعة ليلة خاصة.

هذا مضافا الي سكوت الروايات باجمعها عن اعتبار اتحاد الافق في هذه المسألة و لم يرد ذلك حتي في رواية ضعيفة و منه يظهر ان ذهاب المشهور الي ذلك ليس من جهة الروايات بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس و غروبها و قد عرفت انه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 226

قياس مع الفارق (1).

______________________________

(1) الماتن استدل علي مدعاه بتقريبين: التقريب الاول: ان الميزان في بداية الشهر القمري و حلوله خروج القمر عن حالة المحاق و بعد خروجه عن

هذه الحالة يتحقق الشهر الجديد و لا يفترق البلاد بالنسبة الي خروج القمر عن المحاق.

و بعبارة اخري ما دام القمر في المحاق لا يمكن رؤيته و بعد خروجه عن هذه الحال يكون قابلا للرؤية و بخروجه عن هذه الحالة يبدأ الشهر القمري و من الظاهر ان هذا أمر واقعي لا يفرق فيه بين اصقاع العالم فلا فرق بين البلاد و يكون جميعها متحده من هذه الجهة بلا فرق بين المتقاربين و المتباعدين و بلا فرق بين المتلازمين في امكان الرؤيه و غيرهما فلو رئي في بلد من اي صقع من بقاع الارض يكفي لجميعها و لو مع عدم امكان رؤيته لمانع خارجي كشعاع الشمس أو حيلولة بقاع الارض.

و المتحصل من كلامه انه لو رئي في موضع يكفي لبقية المواضع و لو مع القطع بعدم امكان رؤيته.

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من الادلة ان الحكم بالصوم و الافطار قد رتب علي رؤية الهلال غاية الامر الرؤية طريق الي ثبوت الموضوع و ليست لها موضوعية في اثبات الحكم فلو فرض عدم امكان الرؤية لم يكن الموضوع متحققا.

و بعبارة اخري: الظاهر من الادلة ان الرؤية بنحو الطريقية امارة لكل صقع من بقاع الارض و مع عدم امكان الرؤية يكون موضوع الحكم منتفيا و مع انتفاء الموضوع لا يكون الحكم متحققا و الذي يدل علي هذه المقالة ان العرف يفهم من نصوص الباب امكان الرؤية في كل موضع بالنسبة الي اهله لا رؤيته علي الاطلاق و لذا يكون هذا القول قولا غير مشهور و يحتاج اثباته الي الاستدلال و اقامة البرهان

و ان شئت قلت: لا اشكال في حجيّة الظواهر و لا اشكال ظاهرا في أن قوله

مباني منهاج الصالحين،

ج 6، ص: 227

______________________________

عليه السلام: «افطر للرؤية و صم للرؤية» يستفاد منه ان ظهور الهلال و قابليته لرؤيته في البلد يحقق الشهر الجديد بالنسبة اليه و هكذا و العرف ببابك فبالتقريب الاول لا يمكن اثبات المدعي.

التقريب الثاني جملة من النصوص الواردة في المقام فانها تدل علي المدعي الاولي: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال فيمن صام تسعة و عشرين قال: ان كانت له بينة عادلة علي أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين علي رؤيته قضي يوما «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية انه لو ثبت بالرؤية كون الشهر ثلاثين يوما في بلد يكون كذلك في بقية البلاد و حيث ان الامام عليه السلام في مقام البيان و لم يقيد الموضوع بقيد و مقتضي اطلاق كلامه عليه السلام عدم الفرق بين البلد القريب و البعيد و أيضا مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المتلازمين في الرؤية و غيرها يثبت المدعي.

و الانصاف يقضي بأن المدعي يستفاد من الرواية و بعبارة اخري: لا اشكال في اطلاق الرواية من هذه الجهة و مع تحقق الاطلاق لا بد من الالتزام بمقتضاه.

الثانية: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي هو التقريب فانه عليه السلام في مقام البيان و مع ذلك لم يفرق بين المتلازمين و غيرهما و مقتضي اطلاق الحكم و عدم التفصيل ان الرؤية في صقع يكفي لبقية المواضع.

و لكن الانصاف ان الجزم بهذا الاطلاق مشكل اذ فرض في الرواية الغيم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 218

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 228

______________________________

السماء و يقول الراوي: «يغم علينا في تسع و عشرين من

شعبان» و يفهم من هذه الجملة ان الغيم مانع عن الاستهلال اي لو لا الغيم أمكن رؤيته علي تقدير وجوده و معه كيف يمكن الالتزام بالاطلاق الا أن يقال: ان المعيار الاطلاق في الجواب لا خصوص السؤال فالاطلاق متحقق.

الثالثة: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال شهر رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان قال: لا تصم الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه «1». و التقريب هو التقريب و الاشكال هو الاشكال.

الرابعة: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر و قال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضي الا أن يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه «2».

و استدل بجملتين من الرواية علي المدعي الجملة الاولي: قوله عليه السلام:

«الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر» فان هذه الجملة تدل علي أن رأس الشهر القمري واحد بالنسبة الي جميع أهل الصلاة علي اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها و لا يتعدد بتعددها.

و بعبارة اخري: المستفاد من هذه الجملة انه يكفي لإثبات كون اليوم الفلاني رأس الشهر قيام شاهدين عدلين عليه بلا فرق و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون شاهدين من هذه البلدة و تلك البقعة و ذلك المكان فلا فرق بين بقاع الارض من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 229

______________________________

هذه الجهة

و هذا هو المدعي و فيه: ان المستفاد من هذه الجملة انه يكفي لإثبات الهلال شهادة شاهدين عدلين من كل فرقة من فرق المسلمين و لا يستفاد من هذه الجملة الا ما يستفاد من قوله عليه السلام «لا اجيز في الهلال الا شهادة رجلين عدلين» و قوله عليه السلام «و لا يجوز الا شهادة رجلين عدلين» فلا يرتبط مفاد هذه الجملة بكون رأس الشهر القمري واحدا بالنسبة الي جميع الامصار و يؤيد ما ذكرنا ان صاحب الوافي بعد نقل الرواية قال: «من جميع اهل الصلاة يعني اي مذهب كان من ملل اهل الإسلام و انما اعاد النهي عن القضاء لاستثناء أمر آخر منه» و لقد أجاد في ما أفاد.

الجملة الثانية: قوله عليه السلام: «و لا تصم ذلك اليوم الذي يقضي الا أن يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الجملة ان جميع بقاع الارض مشتركة في أول الشهر و أول شهر هذه البقعة اول شهر بقية البقاع.

و يرد عليه: ان الحكم معلق علي قضاء أهل كل مصر و لم يعلق علي قضاء مصر علي الاطلاق. و بعبارة اخري: لو كان الامر كما يدعي كان اللازم كفاية ثبوت الهلال في مصر واحد.

و ان شئت قلت: المستفاد من الجملة ان الشرط الثبوت في جميع الامصار لا كفاية ثبوته في مصر من الامصار.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من هذه الرواية انه لو ثبت الهلال في كل مصر من الامصار يثبت أيضا في المصر الذي لم يثبت فيه بالرؤية أو بالشهادة و حيث ان دلالة هذه الرواية علي المدعي بالعموم الوضعي ترفع اليد عن اطلاق بقية الروايات التي تدل باطلاقها علي أن ثبوت الهلال في مصر

من الامصار يكفي للثبوت

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 230

______________________________

علي الاطلاق.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من ذيل الحديث بنحو الحصر أن قضاء جميع اهالي الامصار شرط لوجوب القضاء و مفهومه عدم كفاية قضاء أهل بعض الامصار دون بعض فمفهوم هذه الرواية أخص بالنسبة الي بقية الروايات اذ المستفاد من تلك المطلقات ان الرؤية في مصر من الامصار علي الاطلاق يكفي للثبوت لبقية الامصار بلا فرق بين كون البلد الذي رئي فيه واحدا أو متعددا و بلا فرق بين كون البلد المرئي متحدا في الافق مع البلد الذي لم ير فيه أو مختلفا فان تلك المطلقات لها الاطلاق من جميع هذه الجهات و مفهوم هذه الرواية اخص من تلك المطلقات لان منطوقها داخل في تلك المطلقات فان من جملة الفروض الرؤية في جميع الامصار فهذه الرواية تخصص تلك النصوص.

و علي فرض الاغماض عن البيان المذكور فلا أقل من التعارض و نتيجته التساقط و بعد سقوط طرفي المعارضة تصل النوبة الي الاخذ بالروايات الدالة بظواهرها علي أن الميزان بالرؤية في البلد فلاحظ ما ذكرناه و اغتنم و لعمري انه دقيق و بالتلقي بالقبول حقيق و نشكر المولي علي ما أنعم و هو العالم بالاشياء و عليه التوكل و التكلان.

فتحصل انه لا دليل علي كفاية الثبوت في صقع و بقعة من الارض للإثبات في جميع البقاع فلاحظ.

ثم ان سيدنا الاستاد أفاد بأن الشاهد علي المدعي ما ورد في خطبة صلاتي الفطر و الاضحي من قوله عليه السلام: «اسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا» «1» الي آخره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 231

______________________________

بتقريب: ان هذا اليوم يوم مخصوص معين

الذي جعل عيدا للمسلمين لا كل يوم ينطبق عليه انه يوم فطر أو أضحي علي اختلاف الامصار في رؤية الهلال هذا من ناحية و من ناحية اخري ان اللّه تعالي جعل هذا اليوم عيدا لجميع المسلمين لا لأهل مصر دون آخر.

و يرد عليه اولا: كيف ينطبق ما أفاده علي البلدين اللذين لا اشتراك بينهما في اليوم و الليل فان الاشكال المذكور لا دافع له في مورد النقض.

و ثانيا: ان المشار اليه في كلامه عليه السلام الذي جعل عيدا عبارة عن اليوم الاول من شوال أو العاشر من ذي الحجة فان هذا المفهوم في كل مورد تحقق مصداقه و ينطبق علي مصداقه يكون عيدا بالنسبة الي مورده و هذا نظير ما وردت وظائف خاصة لليلة الجمعة أو يومها فان في كل مورد تحقق هذا المفهوم يترتب عليه حكمه و الا فلا.

ثم انه استدل علي مدعاه بقوله تعالي في سورة القدر: «إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» بتقريب: ان القرآن نزل في ليلة واحدة شخصية و هذه الليلة ليلة واحدة هي ليلة القدر و هي خير من ألف شهر و فيها يفرق كل أمر حكيم و من المعلوم ان تفريق كل أمر حكيم فيها لا يختص ببقعة دون اخري بل يعم جميع بقاع الأرض و من ناحية اخري قد ورد في عدة روايات ان في ليلة القدر يكتب المنايا و البلايا و الارزاق و من الواضح ان كتابة البلايا و الارزاق و المنايا في هذه الليلة لجميع أهل الأرض لا لبعضهم دون بعض فالنتيجة: ان ليلة القدر ليلة واحدة لجميع أهل العالم.

و يرد عليه: ان نزول القرآن في ليلة القدر و بعبارة اخري: المستفاد من الاية الشريفة ان

القرآن الكريم نزل في ليلة القدر و ليس في الاية دليل علي كون ليلة القدر واحدة أو متعددة و كونها واحدة أول الدعوي.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 232

[الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان]

اشارة

الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان:

[مسألة 76: لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا]

(مسألة 76): لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا (1).

______________________________

و بعبارة واضحة يستفاد من قوله تعالي «إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ان القرآن نزل من قبله تعالي علي قلب الرسول المكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم في ليلة القدر في المدينة أو مكة في أي مكان يفرض و لا اشكال في صدق هذا العنوان بالنسبة الي ذلك المكان و هذا نظير أن يقال: قتل علي عليه السلام في مسجد الكوفة ما بين الطلوعين و أي فرق ما بين المقامين و صفوة الكلام: ان صدق الجملة المذكورة بالنسبة الي موردها.

و أما كتابة البلايا و المنايا و الارزاق و تفريق كل أمر حكيم فيمكن تحققه في ليلة القدر بالنسبة الي من يكون هذا المفهوم متحققا بالنسبة اليه.

و ان شئت قلت: هذه الجملة لا تعرض فيها لإثبات كون تلك الليلة ليلة واحدة لجميع أهل العالم و لذا للمناقش أن يقول: كيف يتم الامر بالنسبة الي البلدين اللذين لا اشتراك بينهما في اليوم و الليلة.

ثم انه أيد كلامه بأنه لم يرد في رواية عن المعصومين عليهم السلام التعرض لوحدة الافق و اختلافه.

و فيه: انه لا ملزم لبيانه و انما رتبت الاحكام علي الموضوعات علي نحو القضية الحقيقية ففي كل مورد تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه و الا فلا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) اجماعا بل ضرورة كما في كلام بعض الاصحاب و الامر كما افيد فانه لا اشكال في عدم وجوب قضاء ما فات من المكلف قبل بلوغه و لا دليل عليه بل مقتضي اصل البراءة عدم وجوبه.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 233

أو الجنون (1) أو الاغماء (2).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي

عدم الوجوب بتقريب آخر و هو ان المكلف في الاية الشريفة قسم باقسام ثلاثة: قسم يجب عليه الصوم و قسم يجب عليه الافطار و القضاء في وقت لا حق و قسم تجب عليه الفدية و لم يقم دليل علي وجوبه بالنسبة اليه فالامر واضح لا يحتاج الي تطويل الكلام.

(1) عن الروضة: الاجماع عليه و في كلام بعضهم بلا خلاف ظاهر و مقتضي اصل البراءة عدم الوجوب و يمكن الاستدلال علي المدعي بما استدل به علي عدم الوجوب حال الصبا فان التقسيم الوارد في الاية الشريفة لا يشمل المجنون و لم يقم دليل خاص أو عام علي وجوبه بالنسبة الي ما فات حال الجنون.

و ان شئت قلت: القضاء ليس بالامر الاول مضافا الي عدم تعلق الامر الادائي الي المجنون و الامر الجديد بالقضاء متعلقه الفوت و لم يفت من المجنون شي ء لا خطابا و لا ملاكا اما خطابا فظاهر و أما ملاكا فلا دليل علي وجود الملاك فيه بل الدليل علي عدمه فان المستفاد من النص ان ملاك التكليف العقل.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «1».

و منها: ما رواه علي بن محمد القاساني قال: كتبت اليه عليه السلام و أنا بالمدينة أسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته؟ فكتب عليه السلام:

لا يقضي الصوم «2».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: سألته عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب من يصح منه

الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 234

______________________________

يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «1».

و ربما يقال: بأن المغمي عليه من أقسام المريض و المريض يجب عليه القضاء لاحظ حديث الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال: فان صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فان اللّه عز و جل يقول: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «2».

و فيه ان الاغماء عنوان في قبال المرض مضافا الي أنه لو سلم انه من مصاديقه لا نسلم وجوب القضاء لقيام الدليل الخاص علي عدم الوجوب بالنسبة اليه و يظهر مما ذكرنا انه لو قام الدليل علي وجوب قضاء الصلوات التي فاتت حال الاغماء لا يقتضي الوجوب في المقام لقيام الدليل علي عدم الوجوب. مضافا الي أنه لا دليل علي الملازمة بين الامرين.

و في المقام روايتان: إحداهما ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن المغمي عليه شهرا أو أربعين ليلة قال: فقال: ان شئت اخبرتك بما آمر به نفسي و ولدي أن تقضي كل ما فاتك «3».

ثانيتهما: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي المغمي عليه ما فاته «4»، تدلان بالاطلاق علي وجوب القضاء و الروايتان بعد الغض عن ضعف سنديهما و الالتزام بدلالتهما بالاطلاق علي المقام ترفع اليد عنهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 18

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(4) نفس المصدر

الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 235

أو الكفر الاصلي (1).

______________________________

بالدليل المقيد الدال علي عدم وجوب قضاء الصوم علي المغمي عليه.

الا أن يقال: لا مجال للتقييد بل المقام من مورد التعارض اذ الدليل قد دل علي عدم وجوب القضاء بالنسبة الي الصلاة أيضا فالعمدة في الاشكال ضعف سند الروايتين.

و في المقام رواية رواها علي بن مهزيار أنه سأله يعني أبا الحسن عليه السلام عن هذه المسألة يعني مسألة المغمي عليه فقال: لا يقضي الصوم و لا الصلاة و كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «1» ربما يقال: بأن المستفاد منها التفصيل بين موارد الإغماء فان كان مستندا اليه تعالي لا يجب القضاء و ان كان مستندا الي نفسه يجب.

بتقريب: أن المستفاد من الرواية ان العلة المنحصرة لعدم الوجوب غلبة اللّه.

و فيه: ان غاية ما يمكن أن يقال: ان هذا الدليل لا يشمل المورد الذي يكون مستندا الي نفس المكلف لكن لا تدل علي ان العلة لعدم القضاء منحصرة بها.

و ان شئت قلت: المقدار المستفاد من هذه الرواية ان الاغماء المستند اليه تعالي يوجب عدم القضاء و هذا لا ينافي سقوطه بالاغماء المطلق المستفاد من غير هذه الرواية فلاحظ.

(1) اجماعا- كما في كلام بعضهم- و بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض آخر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضي منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضي منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 236

______________________________

عليهم قضاء و لا يومهم الذي أسلموا فيه

الا ان يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ قال ليس عليه الا ما أسلم فيه «2».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام كان يقول في رجل أسلم في نصف شهر رمضان: انه ليس عليه الا ما يستقبل «3».

و في قبال هذه النصوص ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلم بعد ما دخل (من) شهر رمضان أيام (ما) فقال: ليقض ما فاته «4».

فان هذه الرواية تدل علي وجوب قضاء ما فات من الصيام علي من أسلم و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين الإسلام المسبوق بالكفر الاصلي و المسبوق بالارتداد.

و جملة من الاصحاب حملوا حديث الحلبي علي الاستحباب أو اسلام المرتد و حيث انه لا اشكال عندهم في عدم وجوب القضاء بالنسبة الي ما فات حال الكفر الاصلي لا اشكال بالنسبة اليه.

و بعبارة اخري: لا مجال للأخذ باطلاق رواية الحلبي مضافا الي أن هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن محمد الجوهري لعدم ثبوت وثاقته و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما مر منا مرارا و أما توثيق ابن داود اياه فلا يترتب عليه أثر اذ ابن داود بنفسه لم يوثق فان المنقول عن الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 237

و يجب قضاء ما فات في غير ذلك

من ارتداد (1) أو حيض (2).

______________________________

انه شهد في حقه بكونه صالحا و لم يقل: انه ثقة فانه لا يبعد أن يفهم من هذا الكلام ان الرجل بحسب الظاهر من الصلحاء و ليس هذا شهادة بالوثاقة.

و بعبارة اخري المصطلح عند الرجاليين في مقام توثيق شخص توثيقه بقولهم:

«فلان ثقة أو فوق الوثاقة» فالرجوع عن هذا التعبير بتعبير آخر كقولهم: «صالح أو دين» يكون أعم نعم اذا قالوا: «فلان عادل» تثبت الوثاقة هذا مضافا الي أن شهادة المتأخرين لا أثر لها و ابن داود الرجالي من المتأخرين فلاحظ.

(1) بلا خلاف- كما عن الذخيرة- و عن المدارك: انه قطعي و يمكن الاستدلال عليه باطلاق حديث الحلبي «1» بل لا يبعد الاستدلال عليه بما دل علي وجوب القضاء علي من أفطر متعمدا مثل حديث سماعة «2».

بتقريب: ان المرتد اذا أتي أهله متعمدا يكون داخلا تحت العنوان المأخوذ في موضوع الحكم في الرواية و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو أن المستفاد من الادلة ان كل مكلف فات عنه الصوم يجب عليه القضاء فالتخصيص يتوقف علي قيام دليل يدل علي عدم الوجوب فوجوب القضاء أصل أولي بالنسبة الي كل من فات عنه الصوم لكن رواية الحلبي قد مر آنفا انها ضعيفة سندا فان قلنا بأن الروايات الدالة علي عدم الوجوب باطلاقها تشمل مطلق من أسلم بلا فرق بين الاصلي و المرتد لا يجب عليه القضاء و الا يجب علي طبق القاعدة الاولية المقتضية لوجوب القضاء علي كل احد الا من خرج بالدليل الا أن يقال: ان تلك الادلة تنصرف الي الإسلام المسبوق بالكفر الاصلي و المسألة ليست خالية عن الاشكال.

(2) بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها:

ما رواه أبان بن تغلب عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 236

(2) لاحظ ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 238

أو نفاس (1) أو نوم (2) أو سكر (3) أو مرض (4) أو خلاف للحق (5).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان السنة لا تقاس ألا تري أن المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها «1».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد العصر أ تتم ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر و تقضي ذلك اليوم «2».

(2) فان النوم اذا صار سببا لبطلان الصوم لأجل عدم سبق النية فالقضاء، واجب بمقتضي وجوبه علي كل من فاته صوم شهر رمضان فالحكم بالقضاء علي طبق الاصل الاولي.

(3) الذي يختلج بالبال أن يكون السكر كالنوم فان كان مسبوقة بالنية لا يكون الصوم باطلا و انما يجب القضاء، فيما لم يكن مسبوقا بالنية و وجوب القضاء في فرض عدم سبق النية علي طبق القاعدة الاولية من وجوب القضاء علي كل من فاته الصوم و قد تقدم وجه الفرق بين النوم و بين الاغماء و السكر في المسألة: امن النية فراجع.

(4) كما هو ظاهر واضح فانه مقتضي نص الكتاب.

(5) كما هو مقتضي القاعدة الأولية المقتضية للقضاء علي كل من فات منه الصوم و يستفاد من حديث عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس: اني منذ عرفت هذا الامر اصلي في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي قال: لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من تركك من الصلاة «3»، عدم الوجوب لأجل العلة المذكورة فيه و لكن سند الحديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من

أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 239

نعم اذا صام المخالف علي وفق مذهبه لم يجب عليه القضاء (1).

[مسألة 77: إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بني علي الأداء]

(مسألة 77): اذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بني علي الاداء (2).

______________________________

مخدوش لأجل جهالة الرجال المتخللين بين سعد و عمار علي ما في كلام سيدنا الاستاد «1».

(1) كما نص به في حديث بريد بن معاوية «2».

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريبين: احدهما قاعدة الحيلولة المستفادة من حديث زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت «3» بدعوي عدم اختصاص الرواية بالصلاة.

و فيه: انه لا مقتضي في الرواية للعموم و هي تختص بالصلاة بلا اشكال.

ثانيهما: ان وجوب القضاء مترتب علي الفوت و الفوت أمر وجودي و استصحاب عدم الاتيان بالصوم لا يثبت عنوان الفوت الا علي القول بالاصل المثبت الذي لا نقول به.

و فيه: ان المستفاد من الشرع وجوب القضاء علي من لم يصم و مقتضي الاستصحاب عدم تحقق الصوم فموضوع الوجوب عدم الاتيان بالصوم. مضافا الي أن الفوت ليس أمرا وجوديا.

______________________________

(1) مستند العروة ج 2 من الصوم ص 163

(2) لاحظ ص: 159

(3) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 240

و اذا شك في عدد الفائت بني علي الاقل (1).

[مسألة 78: لا يجب الفور في القضاء]

(مسألة 78): لا يجب الفور في القضاء (2) و ان كان الاحوط استحبابا عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني (3).

______________________________

فالنتيجة: ان مقتضي الاصل وجوبه و مما ذكرنا علم انه لا مجال لجريان اصالة البراءة عن وجوب القضاء لان

الاصل الجاري في السبب حاكم علي الاصل المسببي الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف علي عدم الوجوب.

(1) التقريب هو التقريب و الاشكال هو الاشكال.

(2) و هو المعروف- كما في كلام بعض الاصحاب- و تقتضيه القاعدة الاولية اذ الفورية تحتاج الي الدليل و قد ثبت في الاصول ان الامر لا يدل علي الفور مضافا الي دلالة النص علي المدعي.

لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فهو (كان) أفضل و ان قضاه متفرقا فحسن «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان علي الرجل شي ء من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فان لم يستطع فليقضه كيف شاء و ليحص فان فرق فحسن فان تابع فحسن الحديث «2».

(3) في بعض الكلمات انه نسب الي المشهور عدم الجواز و لا بد من قيام دليل علي عدمه و الا فمقتضي القاعدة الاولية هو الجواز و ما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المقام و جهان:

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 241

______________________________

الوجه الاول: انه بالتأخير تجب الفدية و وجوبها يدل علي عصيان المكلف بالتأخير و فيه: ان وجوبها أعم من المدعي و لذا نري ان مقتضي النصوص وجوبها علي من استمر به المرض الي رمضان الثاني.

الوجه الثاني: انه قد عبر في بعض النصوص عن التأخير بالتواني كحديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتي أدركه

رمضان آخر فقالا: ان كان برأ ثم تواني قبل أن يدركه الرمضان الاخر صام الذي أدركه و تصدق عن كل يوم بمد من طعام علي مسكين و عليه قضاؤه و ان كان لم يزل مريضا حتي أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه و تصدق عن الاول لكل يوم مد علي مسكين و ليس عليه قضائه «1».

و في بعض آخر بالتهاون كحديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا مرض الرجل من رمضان الي رمضان ثم صح فانما عليه لكل يوم أفطره فدية طعام و هو مد لكل مسكين قال: و كذلك أيضا في كفارة اليمين و كفارة الظهار مدا مدا و ان صح فيما بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام فان تهاون به و قد صح فعليه الصدقة و الصيام جميعا لكل يوم مدا اذا فرغ من ذلك الرمضان «2» و لو لا وجوب الاتيان بالقضاء قبل رمضان الثاني لما صح مثل هذه التعبيرات.

و فيه: ان التواني أو التهاون عبارة اخري عن عدم الاتيان بالقضاء قبل رمضان الثاني بلا عذر و هذا لا يدل علي ترك الواجب فبهذا التقريب لا يثبت المدعي فلا دليل علي الوجوب.

مضافا الي ما عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل يكون مريضا

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 242

و ان فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين و لا الترتيب و ان عين لم يتعين (1) و اذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لا حق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق و

يجوز العكس (2).

______________________________

في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ قال: احب له تعجيل الصيام فان كان أخره فليس عليه شي ء «1»

فانه يدل بالصرحة علي عدم الوجوب نعم الاحتياط حسن و يمكن أن يكون الوجه في احتياط الماتن الخروج عن شبهة الخلاف.

(1) و السر فيه ان التعيين فرع التعين الواقعي و التميز في نفسه و المفروض انه لا تعين للأيام في الواقع بل الواجب علي المكلف قضاء عدة أيام من رمضان فاذا قضي يوما من تلك الايام سقط عن ذمته يوم منها و هكذا نعم اذا تميز المكلف به بخصوصية ممتازة عن بقية الافراد يجب في مقام الاداء قصد ذلك الفرد الخاص و الا فلا وجوب قضاء عدة أيام من شهر رمضان كوجوب اداء عدة دراهم في ذمة المكلف اذا ثبت اشتغال الذمة بكل فرد من تلك الدراهم بسبب خاص و أما الثابت في الذمة فلا امتياز بين افراد الثابت فيها و خصوصية السبب لا تقتضي خصوصية ممتازة في المسبب عن الافراد الاخر فلا موضوع للتعيين و الترتيب و ان عين لم يتعين.

(2) اذ قد مر انه لا دليل علي الوجوب و بعبارة اخري: لو لم نقل بوجوب المبادرة الي القضاء قبل مجي ء رمضان الثاني يكون صوم أيام من رمضانين كصوم أيام من رمضان واحد فعليه يجوز تقديم ايها شاء كما يجوز عدم قصد الخصوصية.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 243

الا انه اذا تضيق وقت اللاحق بمجي ء رمضان الثالث فالاحوط قضاء اللاحق (1) و ان نوي السابق حينئذ صح صومه و وجبت عليه الفدية (2).

[مسألة 79: لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر]

(مسألة 79): لا ترتيب بين

صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر فله تقديم أيهما شاء (3).

[مسألة 80: إذا فاته أيام من شهر رمضان بمرض و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه]

(مسألة 80): اذا فاته أيام من شهر رمضان بمرض و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه (4) و كذا اذا فات بحيض أو نفاس ماتت

______________________________

(1) كما مر قريبا.

(2) أما صحة صومه فلأجل الاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء و أما وجوب الفدية فلأجل أن الفدية مترتبة علي عدم الاتيان بالقضاء الي مجي ء رمضان اللاحق فاللاحق متميز بهذه الخصوصية فيتوقف سقوط الفدية علي قصد قضاء الصوم اللاحق كي يسقط كقصد اداء الدين الذي اخذ رهن بازائه فما دام لا يقصد بخصوصه لا تخرج العين المرهونة عن الرهن.

(3) لا طلاق الادلة المقتضي لعدم التقييد كما أن مقتضي اصالة البراءة عن القيد كذلك.

(4) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل أدركه رمضان و هو مريض فتوفي قبل أن يبرأ قال: ليس عليه شي ء و لكن يقضي عن الذي يبرأ ثم يموت قبل أن يقضي «1».

و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 244

فيه أو بعد ما افطرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه (1).

[مسألة 81: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض و استمر به المرض إلي رمضان الثاني سقط قضائه]

(مسألة 81): اذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض و استمر به المرض الي رمضان الثاني سقط قضائه و تصدق عن كل يوم (2).

______________________________

في شهر رمضان فلا يصح حتي يموت قال: لا يقضي عنه و الحائض تموت في شهر رمضان قال: لا يقضي عنها «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت قال: يقضي عنه و ان امرأة حاضت في شهر

رمضان فماتت لم يقض عنها و المريض في شهر رمضان لم يصح حتي مات لا يقضي عنه «2».

(1) لاحظ ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان و هو مريض لا يقدر علي الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوال قال: لا صيام عليه و لا يقضي عنه قلت: فامرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان و لم تقدر علي الصوم فماتت في شهر رمضان أو في شوال فقال: لا يقضي عنها «3» و ما رواه منصور «4».

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «5» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان و يخرج عنه و هو مريض و لا يصح حتي يدركه شهر رمضان آخر قال: يتصدق عن الاول و يصوم الثاني فان كان صح فيما بينهما و لم يصم حتي أدركه شهر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 243

(5) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 245

______________________________

رمضان آخر صامهما جميعا و يتصدق عن الاول «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن رجل تتابع عليه رمضانان لم يصح فيهما ثم صح بعد ذلك كيف يصنع؟ قال: يصوم الاخير و يتصدق عن الاول بصدقة لكل يوم مد من طعام لكل مسكين «2».

و ربما يقال- كما عن ابن أبي عقيل و غيره-: انه يجب عليه القضاء دون- الكفارة و استدل بما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل عليه من شهر

رمضان طائفة ثم أدركه شهر رمضان قابل قال: عليه أن يصوم و أن يطعم كل يوم مسكينا فان كان مريضا فيما بين ذلك حتي أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه الا الصيام ان صح و ان تتابع المرض عليه فلم يصح فعليه أن يطعم لكل يوم مسكينا «3».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الذي استمر به المرض الي رمضان ثان يجب عليه القضاء فقط فهذه الرواية تعارض تلك النصوص.

و هذه الرواية ضعيفة لاشتراك محمد بن فضيل بين الثقة و الضعيف فلا يمكن الاستدلال بها علي المدعي مضافا الي الاشكال في دلالتها اذ لا يبعد أن يكون المراد بقوله عليه السلام: «فان كان مريضا فيما بين ذلك» ان المرض لم يستمر به بل كان مريضا في بعض الايام دون بعض و المراد بالذيل التتابع و استمرار المرض الي مجي ء رمضان آخر فالرواية من ادلة القول المشهور لكن يشكل الجزم بهذا التقريب فالعمدة الاشكال في سند الرواية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 246

بمد (1).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 246

______________________________

و نسب الي ابن الجنيد وجوب القضاء و الكفارة معا و يمكن الاستدلال عليه بما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال: يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام و ليصم هذا الذي أدركه فاذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه فاني كنت مريضا فمر علي ثلاث رمضانات لم

أصح فيهن ثم أدركت رمضانا آخر فتصدقت بدل كل يوم مما مضي بمد من طعام ثم عافاني اللّه تعالي و صمتهن «1».

فان مقتضي هذه الرواية وجوب الجمع بين الامرين. لكن لا يبعد ان يحمل علي الاستحباب بلحاظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثم أدرك رمضان آخر و هو مريض فليتصدق بمد لكل يوم فأما أنا فاني صمت و تصدقت «2».

فانه يفهم عرفا انه لا يجب الا الفدية و أما قضاء الصوم فلا يجب بل يستحب و لذا جمع عليه السلام بين الامرين.

(1) كما يستفاد من جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» و احتاط السيد اليزدي قدس سره بالتصدق بمدين و نقل عن جملة من الاعيان تعينهما و الدليل عليه انه ذكر في بعض النسخ «مدين من طعام» في رواية سماعة و قال سيد المستمسك قدس سره: «ان هذه النسخة معارضة بما عن النسخ الصحيحة من أنه مد من طعام» انتهي. و علي فرض التعارض بين النسخ يكون المرجع بقية الروايات الدالة علي كفاية مد واحد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 247

و لا يجزئ القضاء عن التصدق (1) أما اذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء (2).

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الاجزاء.

(2) اذ يجب قضاء شهر رمضان و عدم الوجوب في مورد يحتاج الي قيام دليل عليه و المفروض عدمه في المقام فيجب القضاء علي طبق القاعدة الاولية.

و ربما يقال: بالحاق السفر بالمرض في سقوط القضاء مع الاستمرار و يمكن الاستدلال عليه بما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا

عليه السلام في حديث قال:

ان قال: فلم اذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يقومن مرضه حتي يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول و سقط القضاء و اذا افاق بينهما أو أقام و لم يقضه وجب عليه القضاء و الفداء؟ قيل لان ذلك الصوم انما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر فأما الذي لم يفق فانه لما مر عليه السنة كلها و قد غلب اللّه عليه فلم يجعل له السبيل الي ادائها سقط عنه و كذلك كل ما غلب اللّه عليه مثل المغمي الذي يغمي عليه في يوم و ليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق عليه السلام: كلما غلب اللّه علي العبد فهو أعذر له لأنه دخل الشهر و هو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره و لا في سنته للمرض الذي كان فيه و وجب عليه الفداء لأنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطع أداه فوجب عليه الفداء كما قال اللّه تعالي: «فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» و كما قال: «فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» فاقام الصدقة مقام الصيام اذا عسر عليه فان قال: فان لم يستطع اذا ذاك فهو الان يستطيع؟ قيل لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء و اذا وجب عليه الفداء سقط الصوم و الصوم ساقط و الفداء لازم فان أفاق فيما بينهما و لم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 248

و تجب الفدية أيضا علي

الاحوط (1) و كذا اذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر و كذا العكس (2).

______________________________

و الصوم لاستطاعته «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق إلي الفضل فراجع.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة «2» فان مقتضي هذه الرواية وجوب التصدق علي من يصم و لم يقضه الي مجي ء رمضان آخر.

(2) و الوجه فيه ان الدليل علي سقوط القضاء مورده استمرار المرض و كون الافطار مستندا اليه ففي غير هذه الصورة يجب القضاء.

و في المقام اشكال و هو ان المستفاد من حديث ابن سنان «3» انه ان فات صوم رمضان لعذر و لم يقض لأجل المرض و استمراره الي رمضان آخر لا يجب القضاء بل الواجب الفداء فان العذر باطلاقه يشمل المرض و غيره من الاعذار و لا يختص بالمرض فمقتضي هذه الرواية عدم وجوب القضاء.

و يشكل بأن النسبة بين هذه الرواية و قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «4» عموم من وجه اذ يفترق الاية عن الرواية في مورد لا يكون المفطر مريضا بين رمضانين و تفترق الرواية عن الاية فيما لا يكون الوجه للإفطار السفر و التعارض بين الطرفين فيمن أفطر لأجل السفر و لم يقض لأجل المرض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 246

(4) البقرة/ 184

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 249

______________________________

و أجاب سيدنا الاستاد عن هذا الاشكال بجوابين: الاول: انه لا يري العرف بين الدليلين معارضة بل يري الرواية قرينة و حاكمة علي الاية و قال: «الدليل علي المدعي انه لو اجتمع بين الاية بأن يقال: «فَمَنْ

كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً» الاية «و من كان معذورا فافطر» الحديث لا يبقي العرف متحيرا بل يجعل العرف وجوب القضاء مختصا بمعذور لم يستمر به المرض».

الثاني: ان النسبة بين الاية و الرواية و ان كان بالعموم من وجه لكن التعارض بالاطلاق و المتعارضان بالاطلاق في مورد التعارض في العموم من وجه يتساقطان و تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه البراءة عن وجوب القضاء.

و يرد علي ما أفاده اولا: انه كيف لا يري معارضة بين الاية و الرواية و الحال ان ملاحظة المجموع تقتضي المناقضة في الكلام و لو فرض في كلام واحد يري العرف بين الصدر و الذيل التهافت و يظهر المدعي بالتصريح فانه اذا قال المولي:

«كل من أفطر في شهر رمضان لأجل السفر يجب عليه القضاء بلا فرق بين استمرار المرض به الي رمضان ثان و غيره و لا يجب القضاء علي من أفطر لعذر و استمر به العذر الي رمضان ثان بلا فرق بين كون العذر هو المرض أو غيره فلا يمكن الالتزام بما أفاده.

و يرد علي ما أفاده ثانيا انه صرح في موضع آخر بخلاف ما أفاده في المقام و هذا عين لفظ مقرر بحثه: «و قد حققنا في مبحث التعادل و الترجيح من علم الاصول انه اذا تعارض الخبر مع الكتاب معارضة العموم من وجه ترفع اليد عن الخبر و يؤخذ بعموم الكتاب أو باطلاقه» «1».

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 514

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 250

[مسألة 82: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر أو عمد و أخر القضاء الي رمضان الثاني مع تمكنه منه عازما علي التأخير أو متسامحا و متهاونا]

(مسألة 82): اذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر أو عمد و اخر القضاء الي رمضان الثاني مع تمكنه منه عازما علي التأخير أو متسامحا و متهاونا وجب القضاء و الفدية معا (1) و ان

كان عازما علي القضاء

______________________________

و الحق ما أفاده هناك اذا التعارض بالعموم من وجه غير قابل لان يجمع بين الطرفين و لذا يعبر عنه بالتباين الجزئي و حيث ان المخالف مع الكتاب غير معتبر يؤخذ به و ترفع اليد عن الخبر.

فالنتيجة: انه لو كان العذر للإفطار السفر و استمر المرض الي رمضان آخر يجب القضاء و الفداء أما القضاء فلدلالة الاية عليه و أما الفداء فلرواية سماعة «1».

نعم لو كان الافطار لعذر غير السفر و استمر المرض الي رمضان آخر امكن القول بعدم وجوب القضاء و وجوب الفداء لحديث ابن سنان «2».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» و منها ما رواه زرارة «4» و منها: ما رواه أبو بصير «5» و منها: ما رواه سماعة «6»

و في قبال هذه النصوص ما أرسله سعد بن سعد «7» و هذه المرسلة لا اعتبار بها لإرسالها فتبقي تلك النصوص خالية عن المعارض دالة علي المدعي مع صحة سند بعضها.

______________________________

(1) لاحظ ص: 246

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 241

(4) لاحظ ص: 244

(5) لاحظ ص: 241

(6) لاحظ ص: 246

(7) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 251

قبل مجي ء رمضان الثاني فاتفق طروّ العذر وجب القضاء بل الفدية أيضا علي الاحوط ان لم يكن اقوي (1).

______________________________

(1) لاحظ حديث ابن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان التأخير ان كان مستندا الي المرض لا يجب عليه القضاء بل تجب عليه الفدية و اما ان لم يكن كذلك يجب القضاء و الفداء و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كونه عازما علي القضاء و عدمه اذ التواني لا ينافي العزم علي الاتيان.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه

زرارة «2» فان مقتضي اطلاقه وجوب القضاء و الفداء علي الاطلاق.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه سماعة «3» فان مقتضي هذه الرواية ان من أفطر صيامه بأي عذر من الاعذار اذا لم يقضه قبل مجي ء رمضان الثاني يجب عليه القضاء و الفدية غاية الامر يقيد اطلاقها بمقدار ثبوت التقييد كما لو أفطر للمرض و استمر به الي رمضان آخر.

و ربما يقال: بأنه لو كان عازما علي القضاء و انما تركه لعذر لا تجب عليه الفدية و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: الاول: حديث ابن مسلم «4» بتقريب: ان الحكم بالقضاء و الفداء رتب علي التواني فمع عدم التواني لا يجب الفداء.

و فيه انا ذكرنا ان التواني لا ينافي العزم علي الفعل مضافا الي أن الحديث لا- مفهوم له اذ قد ذكر المفهوم في كلامه عليه السلام بقوله عليه السلام: «و ان كان

______________________________

(1) لاحظ ص: 241

(2) لاحظ ص: 244

(3) لاحظ ص: 246

(4) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 252

و لا فرق بين المرض و غيره من الاعذار (1) و يجب اذا كان الافطار عمدا مضافا الي الفدية كفارة الافطار (2).

[مسألة 83: إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني]

(مسألة 83): اذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني و هكذا ان استمر الي أربعة رمضانات فتجب

______________________________

لم يزل مريضا» الي آخره.

و يكفي لإثبات المدعي اطلاق حديثي زرارة و سماعة «1» المشار اليهما قريبا.

الثاني حديث أبي بصير «2» بتقريب ان المستفاد منه ان الصوم و الفداء مترتبان علي التهاون و فيه: ان الخبر ضعيف بالبطائني فلا تصل النوبة الي ملاحظة مدلوله مضافا الي الخدشة في دلالته فان التهاون لا ينافي العزم علي الفعل.

الثالث: ما رواه الفضل بن شاذان «3»

فانه عليه السلام في ذيل الحديث قال: «فان أفاق فيما بينهما و لم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه و الصوم لاستطاعته».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي الفضل.

الرابع: ما أرسله العياشي عن أبي بصير فانه عليه السلام قال في ذيل الحديث:

«يقضي الصوم و يتصدق من أجل انه ضبع ذلك الصيام» «4» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن من وجوب القضاء و الفدية معا.

(1) كما هو مقتضي اطلاق حديث سماعة.

(2) كما مر في بحث الكفارة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 244 و 246

(2) لاحظ ص: 241

(3) لاحظ ص: 247

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 253

مرة ثالثة للثالث و هكذا لا تكرر للشهر الواحد و انما تجب لغيره أيضا (1).

[مسألة 84: يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور الي شخص واحد]

(مسألة 84): يجوز اعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور الي شخص واحد (2).

[مسألة 85: لا يجب فدية العبد علي سيده و لا فدية الزوجة علي زوجها]

(مسألة 85): لا يجب فدية العبد علي سيده (3) و لا فدية الزوجة علي زوجها (4) و لا فدية العيال علي المعيل و لا فدية واجب النفقة

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة فان المستفاد من النصوص انه لو استمر به المرض الي مجي ء رمضان الآتي تجب الفدية ففي كل واحد من رمضانات صدق الموضوع يترتب عليه الحكم و الا فلا و تكرر الفدية بالنسبة الي رمضان واحد بلا دليل و صفوة القول: ان المناط في وجوب الفدية تأخير قضاء رمضان الي رمضان بعده و هذا العنوان لا يتكرر و ليس قابلا للتكرر.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية اذ بعد فرض كون المعطي اليه فقيرا يجوز اعطاء فدية أيام بل شهور اليه.

(3) لعدم الدليل عليه و مقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب و ليس المقام داخلا في النفقة الواجبة عليه.

(4) بتقريب: انها ليست داخلة في النفقة الواجبة علي الزوج. و لكن لا يبعد أن يستفاد من قوله تعالي: «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ» «1» و كذلك قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «2» و قوله تعالي: «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» «3» وجوبها عليه فان الامساك عنها ينافي

______________________________

(1) البقرة/ 229

(2) النساء/ 19

(3) البقرة/ 231

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 254

علي المنفق (1).

[مسألة 86: لا تجزي القيمة في الفدية بل لا بد من دفع العين]

(مسألة 86): لا تجزي القيمة في الفدية بل لا بد من دفع العين و هو الطعام و كذا الحكم في الكفارات (2).

[مسألة 87: يجوز الإفطار في الصوم المندوب الي الغروب]

(مسألة 87): يجوز الافطار في الصوم المندوب الي الغروب (3) و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال اذا كان القضاء عن نفسه (4).

______________________________

العشرة بالمعروف كما أنه ليس مصداقا للإمساك بالمعروف فلاحظ.

(1) و هذا ظاهر اذ دليل وجوب الانفاق لا يشمل مثل هذه الامور كما هو ظاهر.

(2) لعدم دليل علي الاجزاء و كفاية غير المأمور به عنه يحتاج الي قيام دليل عليه.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية بعد عدم الدليل علي حرمة الافطار مضافا الي النص الدال عليه.

لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار الي زوال الشمس فان كان تطوعا فانه الي الليل بالخيار «1».

و مثله غيره و أما حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه ان عليه عليه السلام قال: الصائم تطوعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار فاذا انتصف النهار فقد وجب الصوم «2» فلا يترتب عليه الاثر لضعفه بمسعدة.

(4) عن المدارك: «انه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه خلافا». و تدل علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 255

______________________________

جملة من النصوص منها ما رواه جميل «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متي ما شئت و صوم قضاء الفريضة لك أن تفطر الي زوال الشمس فاذا زالت الشمس

فليس لك أن تفطر «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار في الافطار ما بينه و بين أن تزول الشمس و في التطوع ما بينه و بين أن تغيب الشمس «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصبح و هو يريد الصيام ثم يبدو له فيفطر قال: هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار قلت:

هل يقضيه اذا أفطر قال: نعم لأنها حسنة أراد أن أن يعملها فليتمها قلت: فان رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أ يصوم؟ قال: نعم «4».

و أما حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها علي الافطار فقال: لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال «5» فلا يكون ظاهرا في الكراهة كي يعارض دليل الحرمة بل المفهوم من لفظ «لا ينبغي» أعم من الحرمة و الكراهة فلا تعارض مضافا الي أن الحكم المذكور راجع الي الزوج فلا دلالة في الرواية علي الجواز بالنسبة الي الزوجة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 256

______________________________

و في المقام روايتان في مقابل النصوص الدالة علي التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده إحداهما ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت عن الرجل يقضي رمضان أ له أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال اذا بدا له؟ فقال: اذا كان نوي ذلك من الليل و كان من قضاء رمضان فلا

يفطر و يتم صومه الحديث «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المكلف اذا قصد الصوم من الليل لا يجوز له الافطار قبل الزوال.

و يعارضه في مورده ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أصبح و هو يريد الصيام ثم بدا له أن يفطر فله أن يفطر ما بينه و بين نصف النهار ثم يقضي ذلك اليوم الحديث «2».

و الترجيح مع حديث ابن الحجاج للأحدثية لكن الجزم بالاحدثية محل الاشكال كما يظهر للمراجع و فتاوي العامة مختلفة ظاهرا و لا يبعد أن يكون خبر ابن الحجاج مخالفا معهم فيكون راجحا من هذه الناحية مضافا الي كون مفاده موافقا مع الاحتياط فعليه يشكل الالتزام بجواز الافطار فيما يكون ناويا للصوم من الليل الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف علي الجواز و اللّه العالم.

ثانيتهما: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتي النساء قال: عليه من الكفارة ما علي الذي أصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند اللّه من أيام رمضان «3».

فان المستفاد من هذه الرواية ان اليوم المقضي فيه صيام شهر رمضان من أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 257

بل تقدم أن عليه الكفارة (1) أما قبل الزوال فيجوز (2) و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الافطار فيه مطلقا و ان كان الاحوط ترك الافطار بعد الزوال (3).

[مسألة 88: لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه]

(مسألة 88): لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في

______________________________

رمضان فلا يجوز الافطار فيه حتي قبل الزوال و هذه الرواية ضعيفة بضعف

اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

(1) و قد مر الكلام هناك في شرح عبارة المتن.

(2) قد ظهر مما ذكرنا ان اطلاق الحكم محل الاشكال و الكلام.

(3) لا يبعد أن يستفاد التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده من رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: الصائم بالخيار الي زوال الشمس قال: ان ذلك في الفريضة فأما النافلة فله أن يفطر أي وقت شاء الي غروب الشمس «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الصوم اذا كان فريضة لا يجوز افطاره بعد الزوال علي الاطلاق.

و سيدنا الاستاد أفاد في المقام «ان الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان» و لكن للرواية طريق آخر و هو طريق الصدوق الي سماعة و طريقه اليه صحيح فالرواية تامة سندا و دلالة نعم لا يبعد أن يكون المنصرف اليه من الرواية ما يكون فريضة بعنوانه الاولي لا ما يكون فرضا بالعنوان الثانوي كالنذر و أمثاله و يؤيد المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 255

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 258

الحرمة و الكفارة و ان كان الاحوط استحبابا الالحاق (1).

[مسألة 89: يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الأكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضائه]

(مسألة 89): يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر اذا وجب عليه قضائه و الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث بالابن و الاقوي عدمه و أما ما فات عمدا أو أتي به فاسدا ففي الحاقه بما فات عن عذر اشكال و ان كان أحوط لزوما بل الاحوط الحاق الام بالاب و ان كان الاقوي خلافه و

ان فاته ما لا يجب عليه قضائه كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء و قد تقدم في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام لان المقامين من باب واحد (2).

______________________________

(1) بتقريب: انه لا دليل علي الالحاق و لكن قد ظهر مما ذكرنا آنفا ان مقتضي حديث سماعة ان التفصيل حكم مطلق الصوم الواجب الا أن يقال: ان وجوب الصوم في المقام من باب العنوان الثانوي و تلك الرواية لا تشمل العناوين الثانوية. هذا فيما يكون واجبا عليه و أما اذا لم يكن واجبا عليه كالمتبرع فالامر أوضح فلاحظ.

(2) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يجب علي الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر اذا وجب عليه قضائه علي الاشهر بل المشهور شهرة عظيمة هكذا في كلام سيدنا الاستاد و استدل الماتن علي مدعاه بروايتين:

الاولي: ما رواه حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت: فان كان أولي الناس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 259

______________________________

به امرأة؟ فقال: لا الا الرجال «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية أن القاضي هو الاولي من جميع الناس بميراث الميت علي نحو الاطلاق و هذا المفهوم منحصر في الولد الذكر الاكبر باعتبار ان الحبوة له.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان الاولي بالميراث بقول مطلق هو المكلف بالقضاء و الاولي بالارث علي الاطلاق هو الولد الذكر الأكبر اذ حظه أوفر من الكل.

و يرد عليه: ان المستفاد من الرواية ان المكلف بالقضاء الاولي بالارث و هذا يختلف باختلاف الوارث فربما يكون الاولي الاكبر من الذكور و ربما يكون غيره.

و بعبارة اخري:

اذا قلنا: بأن الاولي بالميت ارثأ و أوفر حظا هو المكلف بالقضاء فلا بد من الالتزام باختلاف الموضوع المأخوذ في الدليل.

و يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- سؤال الراوي الامام عليه السلام بأنه اذا كان الاولي به المرأة فأجاب عليه السلام بأنه لا بد من الرجال و لا يتعلق التكليف بالنساء فان الظاهر من الرواية تقريره عليه السلام للراوي في ان المكلف بالقضاء هو الاولي غاية الامر لا بد أن يكون رجلا و لو كان المراد من الاولي الاكبر من الذكور لم يكن قابلا لكونه امرأة فيعلم ان الاولوية لا تنحصر في فرد بل الاولي عنوان قد ينطبق علي الاكبر من الذكور و قد ينطبق علي غيره.

الثانية: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سافر

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 260

______________________________

في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه قال: يقضيه أفضل أهل بيته «1».

بتقريب ان الظاهر من الرواية ان الافضلية من حيث الإرث لا من الجهات الاخر كالعلم و التقي و الافضل من حيث الارث الاكبر من الذكور لكون نصيبه أوفر.

و فيه: اولا انه لا دليل علي كون الفضل باعتبار الارث. و ثانيا: ان الحكم تابع لموضوعه و أوفر حظا من الارث يختلف فلا وجه لاختصاصه بخصوص الاكبر من الذكور.

فالنتيجة ان وجوب القضاء علي خصوص الاكبر من الذكور دون غيره يشكل الالتزام به. و كيف كان فقد نسب الخلاف الي ابن أبي عقيل فأنكر وجوب القضاء و أوجب التصدق عن الميت و ما يمكن أن يستدل به علي هذا القول حديثان:

الاول: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع عن أبي

جعفر الثاني قال قلت له:

رجل مات و عليه صوم يصام عنه أو يتصدق؟ قال: يتصدق عنه فانه أفضل «2» فان المستفاد من الحديث ان الصدقة عن الميت أفضل من أن يصام عنه.

و هذه الرواية مخدوشة سندا و دلالة أما سندا فلان الصدوق قدس سره رواها مرسلا بقوله: «روي» فانه قدس سره و ان كان طريقه الي ابن بزيع صحيحا لكن انما يتم فيما يسند الرواية الي من له اليه الطريق كأن يقول: «قال ابن بزيع» أو:

«روي ابن سنان» و أما قوله: «روي» - كما في المقام فلا يزيد عن الارسال.

و أما دلالة فلانه لم يفرض في الرواية ان القاضي عن الميت وليه أو ولده بل مورد السؤال مطلق و يمكن انطباقه علي الأجنبي فلا منافاة بين وجوب قضاء الصوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 236 ح 1119

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 261

______________________________

عن الميت علي الولي و بين كون الصدقة عنه أفضل بالنسبة الي الاجنبي. و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: بأن مفادها مطلق و الاطلاق يقيد بالنصوص الواردة في وجوب القضاء علي الولي.

الثاني: ما رواه أبو مريم الانصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا حتي مات فليس عليه شي ء (قضاء) و ان صح ثم مرض ثم مات و كان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد و ان لم يكن له مال صام عنه وليه «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه لو كان للميت مال يتصدق عنه و ان لم يكن له مال يقضي عنه وليه و حيث ان فرض أن لا يكون للميت مال فرض

نادر ملحق با- لعدم، لا يمكن تقييد المطلقات الدالة علي وجوب القضاء بهذه الرواية فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك المطلقات و حيث ان تلك المطلقات مخالفة مع العامة- حيث انهم قائلون بالتصدق- يكون الترجيح معها.

الا أن يقال: ان حديث أبي مريم أيضا مخالف اذ المستفاد منه وجوب الصوم مع عدم المال للميت فبعد التعارض يتساقط المتعارضان الا أن يقال: بكون الحكم معروفا بين الاصحاب بل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و لم يحك فيه الخلاف الا عن ابن أبي عقيل.

الفرع الثاني: ان الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث بالابن و الاقوي عدمه أما وجه الاحتياط فللخروج عن شبهة الخلاف و أما أن الاقوي عدم اللحوق فلعدم الدليل علي الالحاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 262

______________________________

الفرع الثالث: ان ما فاته عمدا أو أتي به فاسدا يشكل الحاقه بما فات عن عذر و ان كان أحوط لزوما. و ما قيل في هذا المقام أمران:

احدهما: ان بعض النصوص مورده الفوت عن عذر فلا يشمل مورد الفوت بلا عذر لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1». و فيه ان الامر و ان كان كذلك و لكن يكفي ما فيه الاطلاق لاحظ ما رواه حفص «2» فان الموضوع فيه:

«الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» و مقتضي الاطلاق عدم الفرق و من ناحية اخري انه لا تنافي بين المثبتين.

ثانيهما: ان الاطلاق منصرف عن صورة الفوت عن غير عذر و الجواب:

ان الانصراف لا وجه له حتي لو فرض قلة أفراد الفوت عن غير عذر اذ المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر

لا أنه ينصرف عنه مضافا الي أن قلة وجوده اول الكلام

الفرع الرابع: ان الاحوط الحاق الام بالاب و ان كان الاقوي عدم الالحاق و هذا الفرع مورد الخلاف و نسب الالحاق الي الاكثر تارة و الي المعظم اخري و اختاره السيد اليزدي قدس سره في عروته.

و الذي يمكن أن يقال في وجه الالحاق أمران: احدهما: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟ قال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج

______________________________

(1) لاحظ ص: 243

(2) لاحظ: ص 258

(3) الوسائل الباب 23 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 263

______________________________

رمضان هل يقضي عنها؟ فقال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديثين ان ما فاتها بالسفر يجب قضائه.

و فيه: انه لا يستفاد منهما الا مشروعية القضاء عنها في مورد ما فات منها بالسفر و أما الزائد عن هذا المقدار فلا مضافا الي أن مورد الروايتين مطلق المرأة لا الام.

و يؤيد ما ذكرنا من أن المستفاد من الحديثين المشروعية ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه قال: لا يقضي عنها فان اللّه لم يجعله عليها قلت: فاني أشتهي أن

أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «2» و أما النصوص الدالة علي وجوب القضاء علي الولي فموردها الرجل.

ثانيهما: قاعدة الاشتراك في التكليف فان هذه القاعدة تقتضي الحاق المرأة بالرجل و الام بالاب. و فيه: ان مقتضي قاعدة الاشتراك انه لو وجب شي ء علي الرجل أو حرم عليه يجب الاول و يحرم الثاني علي المرأة لا ما اذا كان الموضوع في تكليف الرجل فانه لا وجه للتسرية و لذا لا يتوهم احد انه لو قام دليل علي جواز الاقتداء بالرجل في الصلاة انه يجوز الاقتداء بالمرأة كذلك أو اذا قام دليل علي جواز تقليد الرجل و هكذا فالاقوي- كما في المتن- عدم الالحاق و الاحتياط يقتضيه.

الفرع الخامس: انه لو فاته ما لا يجب قضائه عليه لا يجب القضاء علي وليه أيضا

______________________________

(1) نفس المصدر: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 264

[مسألة 90: يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير]

(مسألة 90): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير (1) و يكفي في حصوله صوم الشهر الاول و يوم من الشهر الثاني متتابعا (2).

______________________________

و هذا ظاهر اذ المفروض ان موضوع وجوب القضاء عنه عنوان: «ان عليه صلاة أو صيام» - كما في حديث حفص- و مع عدم الوجوب عليه لا موضوع للقضاء عنه.

و ان شئت قلت: ان القضاء عنه فرع وجوبه عليه و مع عدم الوجوب لا موضوع له و يدل علي المدعي من نصوص الباب ما رواه أبو بصير «1» فان المستفاد من كلامه عليه السلام بالصراحة ان ما لم يجب عليه ليس قابلا لان يقضي عنه فلاحظ

(1) قد مر الكلام في فصل

الكفارة و ذكرنا أنه من النصوص ما يدل علي وجوب التتابع و الكلام في المقام في أنه بما يحصل التتابع؟.

(2) لا اشكال في أن مقتضي النصوص الدالة علي وجوب التتابع عدم جواز التفريق بين أجزاء الشهرين بوجه و انما ترفع اليد عن القاعدة الاولية بالنص الخاص الوارد في المقام.

لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن قطع صوم كفارة اليمين و كفارة الظهار و كفارة القتل فقال: ان كان علي رجل صيام شهرين متتابعين و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الاخر شيئا أو أياما منه فان عرض له شي ء يفطر منه أفطر ثم يقضي ما بقي عليه و ان صام شهرا ثم عرض له شي ء فأفطر قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصوم كله الحديث «2».

و هذه الرواية حاكمة علي نصوص وجوب التتابع في جميع اجزاء الشهرين فان قوله عليه السلام: «و التتابع» الي آخره تصرف في موضوع تلك الادلة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 265

[مسألة 91: كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه]

(مسألة 91): كل ما يشترط فيه التتابع اذا أفطر لعذر اضطر اليه بني علي ما مضي عند ارتفاعه و ان كان العذر بفعل المكلف اذا كان مضطرا اليه (1).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الايام فقال: اذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس فان كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

قطع صوم كفارة اليمين و كفارة الظهار و كفارة القتل (الدم) فقال: ان كان علي رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الاول فان عليه أن يعيد الصيام و ان صام الشهر الاول و صام من الشهر الثاني شيئا ثم عرض له ما له فيه عذر فان عليه أن يقضي «2».

فان المستفاد من هذه النصوص ان من عليه صوم شهرين متتابعين لو صام الشهر الاول و يوما من الشهر الثاني يجوز له بعد ذلك التفريق فلا وجه لما نسب الي بعض الاساطين من أن التفريق حرام اذ لا وجه للحرمة بعد قيام الدليل علي الجواز.

مضافا الي أن غاية ما في الباب وجوب الاستيناف و أما الاثم في التفريق فلا وجه له، و بعبارة اخري: المستفاد من نصوص التتابع اشتراطه لا وجوبه التكليفي.

(1) اجماعا ظاهرا في الشهرين- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل علي المدعي ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين فصام شهرا و مرض قال: يبني عليه اللّه حبسه قلت: امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت و أفطرت أيام حيضها قال: تقضيها قلت: فانها قضتها ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 266

______________________________

يئست من المحيض قال: لا يعيدها أجزأها ذلك «1».

و بعموم العلة المذكورة في الرواية أي قوله عليه السلام: «يبني عليه اللّه حبسه» يتعدي الي كل عذر و يؤيد العموم السؤال عن الحيض و جوابه عليه السلام بعدم البأس و عدم وجوب الاعادة.

و يؤيد المدعي ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين

فصام خمسة و عشرين يوما ثم مرض فاذا برأ يبني علي صومه أم يعيد صومه كله؟ قال بل يبني علي ما كان صام ثم قال: هذا مما غلب اللّه عليه و ليس علي ما غلب اللّه عز و جل عليه شي ء «2». و انما عبرنا بالتأييد لضعف الرواية بابني المرار و المبارك فانها لم يوثقا.

و ربما يقال: بأن حديث رفاعة يعارضه ما رواه جميل و محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض قال: يستقبل فان زاد علي الشهر الاخر يوما أو يومين بني علي ما بقي «3».

فان المستفاد من هذه الرواية فساد التتابع بالافطار و لو لأجل المرض فيقع التعارض و لكن رواية جميل و ابن حمران في موردها معارضة بما رواه رفاعة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المظاهر اذا صام شهرا ثم مرض اعتد بصيامه «4».

و بعد التعارض و التساقط يكون المرجع اطلاق الرواية الاولي لرفاعة. ان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 267

أما اذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستيناف (1).

______________________________

قلت: رواية رفاعة معارضة بحديث الحلبي فان المستفاد منه انه لو صام شهرا ثم عرض له شي ء يفطر منه أن يصوم شهرا و يوما متتابعا فعليه الاعادة.

قلت: حديث الحلبي مطلق يشمل مطلق العذر أعم من الشرعي و غيره و رواية رفاعة تختص بالعذر الشرعي فبرواية رفاعة يقيد الحديث الحلبي فلا تعارض فالنتيجة ان الحكم عام لكل مورد لعموم العلة.

(1) الماتن فصل فيما يكون العذر بفعل المكلف بين كونه اضطراريا كما لو

اكره علي السفر أو اجبر عليه و بين كونه اختياريا كما لو سافر باختياره فبني علي تحقق التتابع بالافطار في الصورة الاولي و عدمه في الثانية و المسألة محل الخلاف فربما يقال: - كما عن الجواهر- ان المعذورية في الافطار تكفي في عدم قطع التتابع و ان كان سببه اختياريا كما لو سافر اختيارا فأفطر.

و ربما يقال: - كما عن المستند- انه يتوقف صدق العذر علي أن لا يكون من فعل المكلف دخل في تحقق الافطار فلو اضطر الي السفر فسافر و أفطر ينقطع التتابع اذ السفر السبب للإفطار فعل اختياري للمكلف فلا يترتب عليه حكم عدم القطع.

و لا يبعد أن يكون القول الفصل ما اختاره الماتن كما اختار قبله سيد العروة قدس سره و تقريب الاستدلال عليه ان المستفاد من التعليل الوارد في حديث رفاعة أي قوله عليه السلام: «اللّه حبسه» انه يشترط في عدم قطع الافطار أن يكون ناشيا عن اضطرار شرعي و أما اذا كان باختيار المكلف لا يصدق الاضطرار الشرعي.

و صفوة القول: ان المتبادر من الرواية صورة الاضطرار و ان أبيت فلا أقل من عدم تحقق الاطلاق فلا يمكن الالتزام بعدم القطع الا بهذا المقدار.

و ان شئت قلت: ان الدليل منصرف عن صورة كون السبب اختياريا و علي هذا الاساس قلنا: ان حديث رفع الاكراه و الاضطرار لا يشمل صورة الاكراء الحاصل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 268

و من العذر ما اذا نسي النية الي ما بعد الزوال أو نسي فنوي صوما آخر و لم يتذكر الا بعد الزوال (1) و منه ما اذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فان تخلله في الاثناء لا يضر في التتابع (2) بل يحسب

من الكفارة أيضا اذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس علي الاطلاق (3).

______________________________

بالاختيار او الاضطرار كذلك و لذا لا يجوز للمكلف الذهاب إلي مجلس يعلم انه لو حضر هناك يكره علي المحرم الفلاني و مثل هذا الاكراه لا يكون عذرا و الا يمكن الوصول الي كثير من المحرمات الالهية بهذه الحيلة.

(1) و ربما يقال: بأن النسيان من الشيطان و ليس من فعله تعالي كما يدل عليه قوله تعالي: «فَأَنْسٰاهُ الشَّيْطٰانُ» «1».

و يرد عليه: اولا: انه قضية في واقعة خاصة و لا تدل الاية علي أن كل نسيان من الشيطان. و ثانيا: المقصود من قوله عليه السلام في الرواية «اللّه حبسه» انه ليس مأمورا من قبله تبارك و تعالي و من هذه الجهة لا فرق بين كون النسيان من فعل الشيطان و بين كونه من فعله تعالي و بعبارة اخري: ان المستفاد من الدليل ان الموضوع المأخوذ فيه المعذور شرعا.

(2) لصدق الحبس الوارد في حديث رفاعة و لا وجه للقول بانصراف الدليل الي عذر لا يعلم به و الا يلزم اخراج الحيص اذ بحسب المتعارف تعلم المرأة بعروضه.

(3) تارة يكون متعلق النذر الصوم بما هو و لا اطلاق في الصوم الذي تعلق به النذر ففي مثله لا يحسب من صوم الكفارة و لا يقطع التتابع لكونه من الاعذار الشرعية و اخري ينذر أن يصوم علي الاطلاق بحيث يشمل صوم الكفارة ففي مثل هذا الفرض لا ينقطع التتابع و يكون صومه مصداقا لصوم الكفارة و لا تنافي بينه

______________________________

(1) يوسف/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 269

و لا يجب عليه الانتقال الي غير الصوم من الخصال (1).

[مسألة 92: إذا نذر صوم شهرين متتابعين جري عليه الحكم المذكور إلا أن يقصد تتابع جميع أيامها]

(مسألة 92): اذا نذر صوم شهرين متتابعين جري عليه الحكم المذكور الا أن

يقصد تتابع جميع أيامها (2).

[مسألة 93: إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم انه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه]

(مسألة 93): اذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم انه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه (3) الا في كفارة القتل في الحرم أو في الاشهر الحرم فانه يجب علي القاتل صوم شهرين من الاشهر الحرم (4).

______________________________

و بين النذر و لا يمكنه أن ينوي صوما آخر و الا ينقطع التتابع.

(1) أما في الصورة الاخيرة فظاهر اذ المفروض انه يمكن الاتيان بالمأمور به علي ما هو عليه فلا وجه للانتقال و أما في الصورة الاولي فلكونه محبوسا الهيا فلاحظ

(2) تارة يتعلق النذر بصوم شهرين متتابعين بالتتابع الشرعي و اخري يتعلق بما هو مفهوم عرفي أما علي الاول فالامر كما أفاده في المتن من أنه لو صام الشهر الاول و يوما من الشهر الثاني يحصل التتابع و لا يلزم التتابع بالنسبة الي بقية الايام و أما علي الثاني فلا بد من التتابع في كلا الشهرين.

(3) اذ المفروض انه يجب عليه التتابع و قد فرض انه لا يمكنه فلا يمكنه قصد الاتيان بما وجب عليه الا علي نحو التشريع.

(4) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل قتل في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم قال: قلت:

هذا يدخل فيه العيد و أيام التشريق؟ فقال: يصومه فانه حقا لزمه «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل رجلا خطأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ديات النفس الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 270

و لا يضره تخلل العيد علي الاظهر (1) نعم اذا لم يعلم فلا بأس اذا كان غافلا فاتفق ذلك

(2) أما اذا كان شاكا فالظاهر البطلان (3) و يستثني من ذلك الثلاثة بدل الهدي (4).

______________________________

في اشهر الحرم فقال: عليه الدية و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت:

ان هذا يدخل فيه العيد و أيام التشريق قال: يصومه فانه حقا لزمه «1».

(1) لاحظ حديثي زرارة «2» و حديثه الاخر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل قتل رجلا في الحرم قال: عليه دية و ثلث و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم و يعتق رقبة و يطعم ستين مسكينا قال: قلت: يدخل في هذا شي ء قال:

و ما يدخل؟ قلت: العيدان و أيام التشريق قال يصوم فانه حق لزمه «3».

و الظاهر من هذه الروايات وجوب الصوم علي القاتل متتابعا في هذه الاشهر أي لا يفطر يوم العيد لا أن الافطار في يوم العيد لا يضر بالتتابع.

(2) لاحظ حديثي رفاعة و سليمان «4» فان المستفاد منهما ان عدم التتابع لعذر شرعي لا يضربه و بعبارة اخري: عموم العلة يقتضي تسرية الحكم فلاحظ.

(3) لعدم المعذورية مع الشك و الالتفات و احتمال تصادف صومه مع المانع

(4) و هو المشهور فيما بينهم بل ادعي عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه يحي الازرق عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة قال: يصوم يوما آخر بعد أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 269

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 2 و الفروع من الكافي ج 4 ص: 140 حديث 9

(4) لاحظ ص: 265 و 266

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 271

اذا شرع فيها يوم التروية و عرفة فان له أن يأتي بالثالث

بعد العيد بلا فصل (1) أو بعد أيام التشريق لمن كان بمني (2) أما اذا شرع يوم العرفة وجب الاستيناف (3).

[مسألة 94: إذا نذر أن يصوم شهرا أو أياما معدودة لم يجب التتابع إلا مع اشتراط التتابع أو الانصراف اليه]

(مسألة 94): اذا نذر أن يصوم شهرا أو أياما معدودة لم يجب التتابع الا مع اشتراط التتابع أو الانصراف اليه علي وجه يرجع

______________________________

التشريق «1».

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة قال: يجزيه أن يصوم يوما آخر «2».

فيقيد اطلاق حديث حماد بن عيسي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

قال علي عليه السلام: صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة فمن فاته ذلك فليتحسر ليلة الحصبة يعني ليلة النفر و يصبح صائما و يومين بعده و سبعة اذا رجع «3» فان المطلق قابل للتقييد.

(1) كما هو المستفاد من حديث الازرق.

(2) لحرمة صوم أيام التشريق علي من يكون بمني.

(3) اذ يجب التتابع في الثلاثة و انما لا نلتزم بالوجوب بمقدار دلالة النص و مقتضي النص الوارد في المقام أن يصوم يوم التروية و يوم عرفة و يؤخر اليوم الثالث الي ما بعد العيد أو الي ما بعد أيام التشريق و أما تأخير يومين فلا دليل علي جوازه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب الذبح الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب الذبح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 272

الي التقييد (1).

[مسألة 95: إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط التتابع في قضائه]

(مسألة 95): اذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالاحوط التتابع في قضائه (2).

[مسألة 96: الصوم من المستحبات المؤكدة]

(مسألة 96): الصوم من المستحبات المؤكدة (3) و قد ورد

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الوجوب. و بعبارة اخري: لا وجه للتقييد إلا مع اشتراط التتابع أو انصراف اللفظ اليه.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف و الا فلا وجه للتتابع في القضاء فان ما اشتهر بين القوم بوجوب قضاء ما فات كما فات علي نحو الاطلاق ليست رواية معتبرة و أما حديث زرارة قال: قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال: يقضي ما فاته كما فاته ان كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها و ان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته «1».

فانما يدل علي أن قضاء الصلاة في القصر و الاتمام تابع للأداء و لا دلالة علي أزيد من هذا المقدار مضافا الي أن الرواية واردة في باب الصلاة و لا ترتبط بالصوم.

و أما ما ورد في وجوب قضاء الصوم النذري كحديث ابن مهزيار انه كتب اليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه: يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

فانما يدل علي وجوب القضاء لا أزيد من هذا المقدار فلا وجه لوجوب التتابع في القضاء و اذا وصلت النوبة الي الشك فالمرجع أصل البراءة عن الاشتراط كما هو ظاهر.

(3) بلا اشكال لاحظ ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه عن آبائه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 273

انه

جنة من النار (1) و زكاة الابدان (2) و به يدخل العبد الجنة (3) و ان نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح و عمله متقبل و دعائه مستجاب (4).

______________________________

عليهم السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال لأصحابه: ألا اخبركم بشي ء ان أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما يتباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي قال: الصوم يسود وجهه و الصدقه تكسر ظهره و الحب في اللّه و الموازرة علي العمل الصالح يقطع دابره و الاستغفار يقطع وتينه و لكل شي ء زكاة و زكاة الابدان الصيام «1».

و لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل و كل ملائكته بالدعاء للصائمين و قال:

أخبرني جبرئيل عن ربه انه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد من خلقي الا استجبت لهم فيه «2».

(1) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء: علي الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الصوم جنة من النار «3».

(2) لاحظ ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «4».

(3) لاحظ ما رواه اسماعيل بن بشار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام قال أبي:

ان الرجل ليصوم يوما تطوعا يريد ما عند اللّه فيدخله اللّه به الجنة «5».

(4) لاحظ ما روي عن الصادق عليه السلام قال: نوم الصائم عبادة و صمته

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 272

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المندوب

الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 274

و خلوق فمه عند اللّه أطيب من رائحة المسك (1) و تدعوا له الملائكة حتي يفطر (2) و له فرحتان فرحة عند الافطار و فرحة حين يلقي اللّه تعالي (3) و أفراده كثيرة و المؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر و الافضل في كيفيتها أول خميس من الشهر و آخر خميس منه و أول

______________________________

تسبيح و عمله متقبل و دعائه مستجاب «1».

(1) لاحظ ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أوحي اللّه عز و جل الي موسي عليه السلام: ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجللك عن المناجاة لخلوف فم الصائم فاوحي اللّه عز و جل اليه يا موسي لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان الصائم منكم يرتع في رياض الجنة و تدعو له الملائكة حتي يفطر «3».

(3) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للصائم فرحتان: فرحة عند افطاره و فرحة عند لقاء اللّه «4».

و لاحظ ما رواه ابن عباس عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: قال اللّه عز و جل الي أن قال: و الصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم و يشرب و حين يلقاني فادخله الجنة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 38

(4) نفس المصدر الحديث: 26

(5) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 275

اربعاء من العشر الاواسط (1) و يوم الغدير فانه يعدل مأئة حجة و مأئة عمرة مبرورات متقبلات (2) و يوم مولد النبي صلي اللّه عليه

و آله (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي قيل: ما يفطر ثم أفطر حتي قيل: ما يصوم ثم صام صوم داود عليه السلام يوما و يوما لإثم قبض عليه السلام علي صيام ثلاثة أيام في الشهر و قال: يعدلن صوم الدهر (الشهر) و يذهبن بوحر الصدر و قال حماد:

الوحر الوسوسة قال حماد: فقلت: و أي الايام هي قال: أول خميس في الشهر و أول أربعاء بعد العشر منه و آخر خميس فيه فقلت: و كيف صارت هذه الايام التي تصام فقال: لان من قبلنا من الامم كانوا اذا نزل علي أحدهم العذاب نزل في هذه الايام فصام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هذه الايام لأنها الايام المخوفه «1»

(2) لاحظ ما رواه علي بن الحسين العبدي قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول: صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش انسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك و صيامه يعدل عند اللّه عز و جل في كل عام مأئة حجة و مأئة عمرة مبرورات متقبلات و هو عيد اللّه الاكبر الحديث «2».

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عبد اللّه العلوي العريضي قال: ركب أبي و عمومتي الي أبي الحسن عليه السلام و قد اختلفوا في الايام التي تصام في السنة و هو مقيم بقرية قبل سيره الي سر من رأي فقال لهم: جئتم تسألوني عن الايام التي تصام في السنة؟ فقالوا: ما جئناك إلا لهذا فقال: اليوم السابع عشر من ربيع الاول و هو اليوم الذي ولد فيه رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 19 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 276

و يوم بعثه (1) و يوم دحو الارض و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة (2) و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال (3) و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا تدع صيام يوم سبعة و عشرين من رجب فانه هو اليوم الذي انزلت فيه النبوة علي محمد صلي اللّه عليه و آله و ثوابه مثل ستين شهرا لكم «1».

(2) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي و أنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة فقال: له: ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها ابراهيم عليه السلام و ولد فيها عيسي بن مريم و فيها دحيت الارض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا «2».

(3) لاحظ ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة فقلت: جعلت فداك انهم يزعمون انه يعدل صوم سنة فقال: كان أبي لا يصومه قلت:

و لم ذاك؟ جعلت فداك قال: ان يوم عرفة يوم دعاء و مسألة و أتخوف أن يضعفني عن الدعاء و أكره أن أصومه و أتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحي و ليس بيوم صوم

«3».

(4) قال في الحدائق: «و علله العلامة في المنتهي بأنه يوم شريف قد أظهر اللّه فيه نبيا علي خصمه و حصل فيه من التنبيه علي قرب علي عليه السلام من ربه و اختصاصه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 277

و تمام رجب (1) و تمام شعبان (2) و بعض كل منهما علي اختلاف الابعاض في مراتب الفضل (3).

______________________________

به و عظم منزلته و ثبوت ولايته و استجابة الدعاء به ما لم يحصل لغيره و ذلك من أعظم الكرامات الموجبة لاخبار اللّه تعالي ان نفسه نفس رسول اللّه فيستحب صومه شكرا لهذه النعم الجسيمة» «1».

(1) لاحظ ما رواه في كتاب مسار الشيعة قال: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يصوم رجبا و يقول: رجب شهري و شعبان شهر رسول اللّه و شهر رمضان شهر اللّه عز و جل «2».

و لاحظ ما رواه كثير النواء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نوحا ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا (يصوم) ذلك اليوم و قال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة و من صام سبعة أيام اغلقت عنه أبواب النيران السبعة و من صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية و من صام خمسة عشر يوما اعطي مسألته و من زاد زاده اللّه عز و جل «3» و لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري «4».

(2) لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل صام أحد من

آبائك شعبان قط؟ قال: خير آبائي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «5».

(3) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه كثير النواء «6»

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 13 ص: 380

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 278

______________________________

و منها: ما رواه أبان بن عثمان نحوه الا أنه قال: و من صام عشرة أيام اعطي مسألته و من صام خمسة و عشرين يوما منه قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك و من زاد زاده اللّه «1».

و منها: ما رواه سلام الخثعمي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: من صام من رجب يوما واحدا من أو له أو وسطه أو آخره أوجب اللّه له الجنة و جعله معنا في درجتنا يوم القيامة و من صام يومين من رجب قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضي و من صام ثلاثة أيام من رجب قيل له: قد غفر لك ما مضي و ما بقي فاشفع لمن شئت من مذنبي اخوانك و أهل معرفتك و من صام سبعة أيام من رجب اغلقت عنه أبواب النيران السبعة و من صام ثمانية أيام من رجب فتحت له أبواب الجنة الثمانية فيدخلها من أيها شاء «2».

و منها: ما رواه علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام قال: من صام اول يوم من رجب رغبة في ثواب اللّه عز و جل وجبت له الجنة و من صام يوما في وسطه شفع في مثل ربيعة

و مضر و من صام يوما في آخره جعله اللّه عز و جل من ملوك الجنة و شفعه في أبيه و أمه و ابنته و أخيه و اخته و عمه و عمته و خاله و خالته و معارفه و جيرانه و ان كان فيهم مستوجب النار «3».

و منها: ما رواه سالم قال: دخلت علي الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في رجب و قد بقيت منه أيام فلما نظر إلي قال لي: يا سالم هل صمت في هذا الشهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 279

______________________________

شيئا؟ قلت: لا و اللّه يا بن رسول اللّه فقال لي: لقد فاتك من الثواب (الاجر) ما لا يعلم مبلغه الا اللّه عز و جل ان هذا شهر قد فضله اللّه و عظم حرمته و أوجب للصائم فيه كرامته قال: فقلت يا بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فان صمت ما بقي شيئا هل أنال فوزا ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال: يا سالم من صام يوما من آخر الشهر كان ذلك أمانا له من شدة سكرات الموت و أمانا له من هول المطلع و عذاب القبر و من صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز علي الصراط و من صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن يوم الفزع الاكبر من أهواله و شدائده و اعطي براءة من النار «1».

و منها: ما ورد في الباب: 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 10 و 13 و 15 و 20 و 21 و 24 و 25 و 26.

و منها: ما رواه عبد

اللّه بن مرحوم الازدي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة و من صام يومين نظر اللّه اليه في كل يوم و ليلة في دار الدنيا و دام نظره اليه في الجنة و من صام ثلاثة أيام زار اللّه في عرشه من جنته في كل يوم «2».

و منها: ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من صام يوم الاثنين و الخميس من شعبان جعل اللّه تعالي له نصيبا و من صام يوم الاثنين و الخميس من شعبان قضي له عشرين حاجة من حوائج الدنيا و عشرين حاجة من حوائج الآخرة «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 280

و يوم النوروز (1) و أول يوم من محرم (2) و ثالثه (3) و سابعه (4) و كل خميس (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه المعلي بن خنيس عن الصادق عليه السلام في يوم النيروز قال: اذا كان يوم النيروز فاغتسل و البس أنظف ثيابك و تطيب باطيب طيبك و تكون ذلك اليوم صائما الحديث «1».

(2) لاحظ ما أرسله الصدوق قال: روي أن في أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربه عز و جل فمن صام ذلك اليوم استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا عليه السلام «2».

و لاحظ ما رواه الريان بن شبيب قال: دخلت علي الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي: أ صائم أنت يا بن شبيب؟ فقلت: لا، فقال: ان هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه فقال: «رَبِّ

هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعٰاءِ» فاستجاب اللّه له و أمر الملائكة فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب «أَنَّ اللّٰهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْييٰ» فمن صام هذا اليوم ثم دعا اللّه عز و جل استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا عليه السلام الحديث «3».

(3) لاحظ ما عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: ان من صام اليوم الثالث من المحرم استجيبت دعوته «4».

(4) لم أظفر علي مأخذه و اللّه العالم.

(5) قال في الجواهر: «لأنه اليوم الذي تعرض فيه الاعمار» «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصوم المندوب

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 25 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 9

(5) جواهر الكلام ج 17 ص: 11 و الحدائق ج 13 ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 281

و كل جمعة (1) اذا لم يصادفا عيدا (2).

[مسألة 97: يكره الصوم في موارد]

(مسألة 97): يكره الصوم في موارد: منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء و الصوم فيه مع الشك في الهلال بحيث يحتمل كونه عيد أضحي (3) و صوم الضيف نافلة بدون اذن مضيفه (4).

______________________________

و لاحظ ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال: و أما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة و الخميس الحديث «1».

(1) لاحظ ما رواه في عيون الاخبار الرضا عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا اعطي ثواب صيام عشرة أيام غر زهر لا تشاكل أيام الدنيا «2».

(2) كما هو ظاهر فان صوم يوم العيد حرام فلا يمكن أن يكون محبوبا.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن

مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة فقال: من قوي عليه فحسن ان لم يمنعك من الدعاء فانه يوم دعاء و مسألة فصمه و ان خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه «3» و ما رواه سدير «4».

(4) لاحظ ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال:

و أما صوم الاذن فان المرأة لا تصوم تطوعا الا باذن زوجها و العبد لا يصوم تطوعا الا باذن سيده و الضيف لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 276

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 282

و الولد من غير اذن والده (1).

[مسألة 98: يحرم صوم العيدين و أيام التشريق]

(مسألة 98): يحرم صوم العيدين (2) و أيام التشريق لمن كان

______________________________

و آله: و من نزل علي قوم فلا يصومن تطوعا الا باذنهم «1».

و ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه الي أن قال:

و الا كان الضيف جاهلا الحديث «2».

و ما رواه حماد بن عمرو و أنس بن محمد عن أبيه جميعا عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي لا نصوم المرأة تطوعا الا باذن زوجها و لا يصوم العبد تطوعا الا باذن مولاه و لا يصوم الضيف تطوعا الا باذن صاحبه «3».

(1) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: و من بر الولد أن لا يصوم تطوعا و لا يحج تطوعا و لا يصلي تطوعا الا باذن أبويه و أمرهما «4»

(2) كما هو ظاهر واضح بل نقل عن المستند: «انه من الضروريات الدينية» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال و أما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر و يوم الاضحي و ثلاثة أيام من أيام التشريق و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه الي أن قال: و صوم الوصال حرام و صوم الصمت حرام و صوم نذر المعصية حرام و صوم الدهر حرام «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 283

بمني (1).

______________________________

و منها: ما رواه سدير «1». و منها: ما رواه الصدوق في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي صوم الفطر حرام و صوم يوم الاضحي حرام «2»

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن صيام ستة أيام: يوم الفطر و يوم الشك و يوم النحر و أيام التشريق «3».

و منها: ما رواه القاسم الصيقل أنه كتب اليه يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحي أو أيام التشريق الي أن قال: فكتب اليه: قد وضع اللّه عنك الصيام في هذه الايام كلها و تصوم يوما

بدل يوم «4». و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه.

(1) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه معاوية بن عمار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيام أيام التشريق فقال: أما بالأمصار فلا بأس به و أما بمني فلا «5».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: النحر بمني ثلاثة أيام فمن أراد الصوم لم يصم حتي تمضي الثلاثة الايام و النحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 276

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 284

ناسكا كان أم لا (1) و يوم الشك علي أنه من شهر رمضان (2) و نذر المعصية بأن ينذر الصوم علي تقدير فعل الحرام شكرا (3) اما زجرا فلا بأس به (4) و صوم الوصال (5) و لا بأس بتأخير الافطار و لو الي

______________________________

(1) لإطلاق النصوص.

(2) تقدم الكلام فيه في ذيل المسألة العاشرة من فصل النية.

(3) اذ الصوم من العبادات و يشترط فيه قصد القربة و الحال أنه كيف يمكن القرب بالصوم الذي يكون شكرا علي ارتكاب المحرم. و بعبارة اخري: لا معني لان يشكر المكلف له تعالي بلحاظ ارتكابه فعلا محرما و مبغوضا للمولي بل نفس هذا العمل نحو تجرئ علي المولي فلا ينعقد النذر المتعلق به اذ يشترط في متعلقه أن يكون راجحا.

أضف الي ما ذكر جملة من النصوص الدالة

علي المدعي منها: ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: و صوم نذر المعصية حرام «1».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: و صوم نذر المعصية حرام «2».

(4) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(5) و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا وصال في صيام «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 285

الليلة الثانية اذا لم يكن عن نية الصوم (1) و الاحوط اجتنابه (2) كما أن الاحوط عدم صوم الزوجة و المملوك تطوعا بدون اذن الزوج و السيد و ان كان الاقوي الجواز في الزوجة اذا لم يمنع عن حقه (3).

______________________________

(1) اذ المنهي عنه الامساك الصومي بحيث يكون الامساك الي الليلة الثانية مثلا مصداقا للمأمور به الشرعي و الا فمجرد الامساك لا يكون منهيا عنه كما هو ظاهر.

(2) قال في الحدائق: «و ان كان الاولي ترك ذلك لما يستفاد من ظاهر الاخبار بأن الوصال عبارة عن مجرد التأخير» «1».

(3) أما بالنسبة الي الصوم الزوجة بلا اذن زوجها فقال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف في توقف صحة صومها علي اذن الزوج كما نقله في المعتبر فقال: انه موضع وفاق» «2» انتهي.

و النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي توقف الصحة علي اذنه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ليس للمرأة أن

تصوم تطوعا الا باذن زوجها «3» فان صريح الرواية انه ليس لها أن تصوم تطوعا الا باذن زوجها.

و منها: ما يدل علي الجواز بلا اذن لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن المرأة تصوم تطوعا بغير اذن زوجها؟ قال: لا بأس «4».

و حيث ان أقوال العامة مختلفة في المقام- حسب ما يظهر من «الفقه علي المذاهب الاربعة» - فالترجيح مع الطائفة الثانية للأحدثية فالاقوي عدم الاشتراط

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص: 393

(2) نفس المصدر ص: 205

(3) الوسائل الباب 8 من ابواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 286

و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم اذ انهاها زوجها عنه (1) و الحمد للّه رب العالمين.

______________________________

لكن خروجا عن شبهة الخلاف تحتاط.

و أما بالنسبة الي صوم المملوك بدون اذن سيده فقد استدل علي المدعي بأنه مملوك للمولي لا يصح له التصرف في نفسه و لا يملك منافعه.

و فيه: ان ما ذكر لا يمكن أن يكون دليلا علي عدم الجواز و أي فرق بين الصوم و قراءة القرآن فهل يمكن أن يقال: انه لا تجوز له القراءة بلا اذن مولاه.

و ملخص الكلام: انه لو لم يتناف صومه مع حق المولي لم يكن مانع في حد نفسه عن الصحة و قد وردت في المقام جملة من النصوص منها: ما رواه الزهري «1» و منها: ما رواه حماد بن عمرو و انس بن محمد «2» و منها:

ما رواه هشام بن الحكم «3».

و دلالة بعضها علي الحرمة و ان كانت تامه لكن السند مخدوش فلا يكون قابلا للاعتماد فيكون الحكم- كما في المتن- مبنيا علي الاحتياط.

(1) لم يظهر لي وجه

وجوب الاحتياط اذ لا دليل علي مانعية نهية و انما الدليل قائم علي اشتراط اذنه لكن حيث انه معارض بما يدل علي عدم الاشتراط و قدمنا الثاني للأحدثية لا يبقي دليل علي الاشتراط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 282

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 287

[الخاتمة في الاعتكاف]

اشارة

الخاتمة في الاعتكاف و فيه فصلان و هو اللبث في المسجد و الاحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما و ان كان الاقوي عدم اعتباره (1).

______________________________

(1) وقع الكلام في أن الاعتكاف مجرد اللبث في المسجد لبثا عباديا اي يقصد به التقرب الي اللّه تعالي أو أن الاعتكاف عبارة عن اللبث في المسجد مقدمة لعبادة اخري من صلاة أو دعاء و الماتن اختار الاول بقوله: «و ان كان الاقوي».

و يمكن أن يستدل علي هذا القول بقوله تعالي: «وَ عَهِدْنٰا إِليٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ» «1».

فان الظاهر من الاية جعل الاعتكاف في قبال الطواف و الصلاة فكأنه قال سبحانه:

«طَهِّرٰا بَيْتِيَ للعباد الذين ينقسمون الي الطائفين و العاكفين و المصلين» فتكفي الاية الشريفة وحدها للاستدلال بها علي المدعي الا أن يقال: انه ليست الاية الشريفة في مقام البيان من هذه الجهة و مع عدم البيان و عدم تحقق الاطلاق لا مجال للاستدلال

______________________________

(1) البقرة/ 125

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 288

و يصح في كل وقت يصح فيه الصوم (1) و الافضل شهر رمضان (2).

______________________________

علي المدعي بالآية الشريفة.

و يمكن الاستدلال علي المقصود بما رواه داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني اريد أن

أعتكف فما ذا اقول و ما ذا افرض علي نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها و لا تقعد تحت ظلال حتي تعود الي مجلسك «1».

فان المستفاد من الرواية ان مجرد اللبث في المسجد بنفسه مصداق للاعتكاف فلاحظ.

(1) بلا اشكال ظاهر و لا خلاف- كما في كلام بعض الاصحاب- و لإطلاق الادلة بلا مقيد ظاهرا.

(2) استدل عليه بما رواه السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اعتكاف عشر في رمضان تعدل حجتين و عمرتين «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و استدل عليه أيضا بما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اعتكف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في شهر رمضان في العشر الاول ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطي ثم اعتكف في الثالثة في العشر الاواخر ثم لم يزل صلي اللّه عليه و آله يعتكف في العشر الاواخر «3». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي ابن الحصين بحكم بن مسكين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 1 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 289

و أفضله العشر الاواخر (1).

[فصل في شرائط الاعتكاف مضافا إلي العقل و الإيمان]

اشارة

(مسألة 1) يشترط في صحته مضافا الي العقل (2).

______________________________

(1) و استدل عليه بما رواه أبو العباس «1» بتقريب ان مواظبة النبي صلي اللّه عليه و آله تدل علي الافضلية مضافا الي أن نقل الامام عليه السلام مواظبته صلي اللّه عليه و آله يدل علي المدعي لكن قد مر قريبا ان الرواية ضعيفة.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: سئل عن الاعتكاف في رمضان في العشر الاواخر قال: ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أري الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو في مسجد جامع (جماعة) «2».

بتقريب: ان الامام عليه السلام قرر ما في ذهن السائل من افضلية العشر الاواخر من رمضان. و لكن الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

و في المقام رواية داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا اعتكاف الا في العشرين من شهر رمضان الحديث «3».

و لا بأس بسندها ظاهرا و لكن الاشكال في دلالتها علي المدعي حيث ان المذكور فيها ان الاعتكاف في عشرين من رمضان فينبغي الاتيان في رمضان أو في عشر آخره بعنوان الرجاء و اللّه العالم.

(2) اذ لا قصد بدون العقل و القصد لازم في العبادة اضف الي ما ذكر انه قد دل النص الخاص ان ميزان تعلق التكاليف و العقاب و الثواب العقل لاحظ ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 1 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 290

و الايمان (1) امور:

[الأول: نية القربة]
اشارة

الاول: نية القربة كما في غيره من العبادات (2) و تجب مقارنتها لأوله بمعني وجوب ايقاعه من أوله الي آخره عن النية (3) و حينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النية اذا قصد الشروع فيه في أول يوم (4) نعم لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل كفي (5).

______________________________

محمد بن مسلم «1».

(1) قد دلت جملة من النصوص «2» علي أنه يشترط في العبادة الايمان فلا يكون الاعتكاف صحيحا من غير المؤمن و بطريق

أولي لا يكون صحيحا من الكافر.

(2) للتسالم علي كونه من العبادات و عباديته من مرتكزات المتشرعة.

(3) كما هو ظاهر اذ يلزم الشروع في العبادة بقصد القربة.

(4) وجه الاشكال انه في حال النوم لا يكون ناويا فلا يكون اول زمان الاعتكاف مقارنا للنية. و لكن يمكن أن يقال: انه لا اشكال فيه اذ لا اشكال في أن المقدور بالواسطة مقدور فمن ينام في المسجد قاصدا للبقاء فيه يكون في المسجد حدوثا و بقاء اختياريا و المفروض انه قصد الاعتكاف قربة حين النوم و من ناحية اخري يكفي في النية و القربة الداعي بحيث لو سئل عنه لم يبق متحيرا.

و ان شئت قلت: لا دليل علي أزيد من هذا المقدار فيصح أن يقال: ان مكثه من أول الفجر في المسجد يكون للاعتكاف و يكون عن داع قربي الهي فلا اشكال فتأمل.

(5) قطعا اذ عليه تكون النية مقارنة مع أول جزء من الاعتكاف و من ناحية اخري

______________________________

(1) لاحظ ص: 157

(2) لاحظ الروايات في الوسائل الباب 29 من ابواب مقدمة العبادات و لاحظ: ص 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 291

[مسألة 2: لا يجوز العدول من اعتكاف الي آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا]

(مسألة 2): لا يجوز العدول من اعتكاف الي آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا و لا عن نيابة عن شخص الي نيابة عن شخص آخر و لا نيابة عن غيره الي نفسه و بالعكس (1).

[الثاني: الصوم]

الثاني: الصوم فلا يصح بدونه (2) فلو كان المكلف ممن لا يصح

______________________________

النوم في أثناء الاعتكاف لا يضر به فلا مجال للإشكال.

(1) اذ العدول علي خلاف الاصل الاولي فان المركب الاعتباري كل جزء منه مرتبط و مشروط ببقية الاجزاء فلو عدل في اليوم الثاني مثلا لا يقع ما يأتي به بعد العدول من الاعتكاف المعدول اليه اذ كل جزء من المعدول اليه مشروط بما وقع قبله بنفس العنوان و المفروض اتيانه بعنوان آخر.

و صفوة القول: ان العدول ليس أمرا علي طبق القاعدة بل علي خلافها فيحتاج الجواز الي قيام دليل عليه.

(2) عن الجواهر «عليه الاجماع بقسميه»: و تدل علي المدعي: جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا اعتكاف الا بصوم «1».

و منها: ما رواه الصدوق في عيون الاخبار عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام لا اعتكاف الا بالصوم «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا اعتكاف الا بصوم «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا يكون الاعتكاف الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 292

منه الصوم لسفر أو غيره لم يصح منه الاعتكاف (1).

[لثالث: العدد]

الثالث: العدد فلا يصح أقل من ثلاثة أيام (2) و يصح الا زيد منها و ان كان يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها (3).

______________________________

بصيام «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اعتكف العبد فليصم «2».

و منها: ما رواه

عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا يكون الاعتكاف الا بصوم «3».

(1) خلافا لجملة من الاساطين حيث جوزوا الاعتكاف في السفر و التزموا بعدم بأس بالصوم في السفر لإطلاق دليل اعتكاف فيستفاد منه جواز الصوم.

و فيه: انه بعد قيام الدليل علي اشتراطه بالصوم لا بد من رفع اليد عن اطلاق دليله و ان شئت قلت: الدليل الدال علي اشتراطه بالصوم يقيد الاطلاق.

(2) عن الجواهر: «أن عليه الاجماع بقسميه» و يدل عليه من النصوص ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة ايام الحديث «4» و يدل علي المدعي أيضا بعض النصوص.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 292

(3) قد استدل في المستمسك بحديث أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء زاد ثلاثة أيام اخر و ان شاء خرج من المسجد فان أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 4 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 293

و يدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الاولي و الرابعة و ان جاز ادخالهما بالنية (1) فلو نذره كان أقلّ ما يمتثل به ثلاثة أيام (2) و لو نذره أقلّ لم ينعقد (3) و كذا لو نذره ثلاثة معينة فاتفق ان الثالث عيد لم ينعقد (4) و لو نذر

______________________________

حتي يتم ثلاثة أيام اخر «1».

بتقريب: ان المستفاد من مفهوم الشرطية الاخيرة

انه لو لم يتم يومين يجوز له أن يخرج فبالدلالة الالتزامية يدل الحديث علي جواز نية الاقل.

و فيه انه لا اشكال في أن المستفاد من مفهوم الرواية كما ذكر أي مقتضي المفهوم جواز الخروج قبل يومين و أما الدلالة الالتزامية فممنوعة اذ لا تلازم بين جواز رفع اليد في الاثناء و جواز نية الاقل من أول الامر و لذا يجوز رفع اليد عن النافلة في الاثناء و مع ذلك لا يجوز قصد اتيان الاقل من أول الامر كما لو قصد اتيانها ركعة و لكن يكفي للاستدلال ما يدل علي اشتراطه بالثلاثة لاحظ حديث أبي بصير «2».

فان المستفاد من هذا الخبر انه لا يجوز الاعتكاف في أقلّ من ثلاثة أيام و مقتضي الاطلاق المقامي ان الاكثر لا بأس به فلو نوي اعتكاف الاكثر من ثلاثة أيام يجوز و ان كان الازيد يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه عمل واحد مستمر من أول شروعه الي انتهاء ثلاثة أيام فطبعا تكون الليلتان داخلتين فيه و أما الاولي و الرابعة فهما خارجتان الا أن تدخلا فيه بالنية.

(2) اذ الاقل من الثلاثة لا يكون مشروعا فلا يمكن أن يقع مصداقا للنذر.

(3) لأنه غير مشروع فلا ينعقد النذر المتعلق به.

(4) اذ النذر المتعلق بالحرام لا ينعقد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 294

اعتكاف خمسة فان نواها بشرط لا من جهة الزيادة و النقصان بطل (1) و ان نواها بشرط لا من جهة الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام (2) و ان نواها بشرط لا من جهة النقيصة و لا بشرط من جهة الزيادة

ضم اليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما الي الثلاثة (3).

______________________________

(1) فان مقتضي حديث أبي عبيدة «1» انه لو أضاف الي الثلاثة يومين يجب اتمام الثلاثة باليوم الثالث فاعتكاف خمسة أيام بلا زيادة لا يمكن أن يتعلق به النذر و عليه يكون باطلا.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث أبي عبيدة انه لو نوي الاعتكاف الجديد بعد الاعتكاف الاول يكون بالخيار قبل يومين فلا يشمل الحديث ما لو قصد اعتكاف الخمسة من أول الامر و عليه لا وجه للبطلان في مفروض الكلام.

(2) اذ المفروض انه من طرف القلة لا بشرط و من ناحية اخري: ان اعتكاف الثلاثة راجح فينعقد النذر و يجب عليه الاعتكاف ثلاثة أيام.

(3) اذ مع فرض كونه لا بشرط من طرف الزيادة لا مانع من انعقاد النذر فلا بد من اتيان متعلقه. و قد ظهر الاشكال مما مر فان قلنا: ان الحديث ناظر الي الاعتكاف الثاني اي الجديد و لا يشمل الاعتكاف السابق- كما هو ليس ببعيد- فلا مانع من تعلق القصد باعتكاف خمسة أيام من أول الامر.

و أما الزيادة عليه بعد تمامه بيوم فلا وجه لها نعم يجوز قصد اعتكاف جديد بعد تمامية الاعتكاف الاول.

و صفوة القول: ان الاعتكاف لا يتحقق بأقل من ثلاثه أيام و أما الزائد عليها فلا

______________________________

(1) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 295

[الرابع: أن يكون في أحد المساجد الأربعة]
اشارة

الرابع: أن يكون في أحد المساجد الاربعة: مسجد الحرام و مسجد المدينة و مسجد الكوفة و مسجد البصرة أو في المسجد الجامع في البلد (1) و الاحوط استحبابا مع الامكان الاقتصار علي الاربعة (2).

______________________________

مانع منه بمقتضي الاطلاق في بعض النصوص كما مر و أما المستفاد من حديث أبي عبيدة فهو ان الاعتكاف الجديد

يجوز رفع اليد عنه قبل تحقق يومين و اللّه العالم

(1) يستفاد جواز الاعتكاف في المسجد الجامع من حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا اعتكاف الا بصوم في مسجد الجامع الحديث «1»

كما أنه يستفاد من حديث الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الاعتكاف قال: لا يصلح الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة و تصوم ما دمت معتكفا «2»، عدم صلاحية الاعتكاف الا في المسجد الحرام و مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و المسجد الجامع.

و يستفاد من حديث داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أري الاعتكاف الا في المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو مسجد جامع و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و المرأة مثل ذلك «3»، عدم جواز الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله أو مسجد جامع فالنتيجة جواز الاعتكاف في المساجد الثلاثة و كل مسجد جامع.

(2) اذ قد نقل عن جماعة: انه لا يصلح الاعتكاف الا في أحد هذه المساجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 296

[مسألة 3: لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل]

(مسألة 3): لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل و لم يجز اللبث في مسجد آخر (1) و عليه قضائه علي الاحوط ان كان واجبا في مسجد آخر

أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع

______________________________

الاربعة و المحكي عن المنتهي: انه المشهور و عن جماعة: دعوي الاجماع عليه فالاحتياط في محله اذا كان مسجد البصرة من مصاديق المسجد الجامع فان المستفاد من بعض النصوص انه يشترط في الاعتكاف أن يكون في المسجد الجامع أو في أحد المساجد الثلاثة.

الا أن يقال: يكفي للاستناد الشهرة و دعوي الاجماع. و أما حديث عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال: لا اعتكاف الا في مسجد جماعة قد صلي فيه امام عدل صلاة جماعة و لا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة و البصرة و مسجد المدينة و مسجد مكة «1» المشتمل علي ذكر المساجد الاربعة فسنده مخدوش أما في رواية الكليني فبسهل و أما في رواية الفقيه فبضعف اسناد الصدوق الي حسن بن محبوب بمحمد بن موسي المتوكل اذ لم ينقل توثيقه الا من العلامة قدس سره و ابن داود و هما من المتأخرين فلا يترتب أثر علي توثيقهما و أما بقية أحاديث الباب «2» فكلها مخدوشة أما الثالث و الرابع و الخامس و السادس فبضعف اسناد الشيخ الي علي الحسن بن الفضال و أما الحديث الثاني و التاسع و الحادي عشر و الثالث عشر و الرابع عشر فبالارسال مضافا الي أن الاطلاق قابل للتقييد.

(1) بتقريب: ان المستفاد من قوله عليه السلام: لا «اعتكاف الا بصوم في مسجد الجامع» وحدة المكان و بعبارة اخري: ارادة الجنس بعيد و لا أقلّ من عدم الاطلاق.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 297

المانع (1).

[مسألة 4: يدخل في المسجد سطحه و سردابه كبيت الطشت في مسجد الكوفة]

(مسألة 4): يدخل في المسجد سطحه و

سردابه كبيت الطشت في مسجد الكوفة و كذا منبره و محرابه و الاضافات الملحقة به (2).

[مسألة 5: إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده]

(مسألة 5): اذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده (3).

[الخامس: إذن من يعتبر اذنه في جوازه]

الخامس: اذن من يعتبر اذنه في جوازه كالسيد بالنسبة الي

______________________________

(1) يشكل ما أفاده بعدم دليل علي القضاء بل يمكن ان يقال: بعدم انعقاده من أول الامر لطرو العجز و صفوة القول: انه ان كان واجبا موسعا يجب عليه الاتيان به ثانيا بعد رفع المانع أو في مسجد آخر و ان كان مضيقا لا يجب قضائه الا من باب الاحتياط.

الا أن يقال: انه يمكن تصوير كونه موسعا اولا و عروض الضيق لكن الحكم بالقضاء يتوقف علي اقامة دليل علي وجوب قضاء كل واجب يفوت عن المكلف أو اقامة الدليل علي وجوب القضاء في المقام و كلا الامرين محل الاشكال و الكلام.

(2) فالاعتكاف في جميع هذه المذكورات صحيح لإطلاق الدليل فان مقتضاه جواز الاعتكاف في المسجد و مع صدق هذا العنوان يصح كما هو ظاهر.

(3) اذ الموضوع المأخوذ في الدليل محلا للاعتكاف عنوان المسجد الجامع و هذا العنوان يصدق علي كل جزء من أجزائه فقصد المعتكف خصوص مكان لغو صرف فلا يترتب عليه أثر الا أن يقال: المفروض تعلق القصد بما لا موضوعية له فما يكون مؤثرا لم يتحقق و ما تحقق لا أثر له لكن لا شبهة في تحقق قصد الاعتكاف في المسجد فيصح و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 298

مملوكه (1) و الزوج بالنسبة الي زوجته اذا كان منافيا لحقه (2) و الوالدين بالنسبة الي ولدهما اذا كان موجبا لإيذائهما شفقة عليه (3).

[السادس: استدامة اللبث في المسجد]
اشارة

السادس: استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه فاذا خرج لغير الاسباب المسوغة للخروج بطل (4) من غير فرق بين العالم

______________________________

(1) لو لم يكن اعتكاف العبد منافيا مع حق المولي لا يكون وجه لاشتراط صحة اعتكافه باذنه.

(2) كما هو ظاهر.

(3)

المقدار المستفاد من الكتاب و السنة ان الواجب علي الولد أن يعاشرهما معاشرة حسنة و يصاحبهما بالمعروف و أما الازيد عن هذا المقدار فلا دليل عليه و قد ذكرنا في الرسالة الخاصة باطاعة الوالدين انه لا دليل علي وجوب اطاعتهما فالحكم مبني علي الاحتياط.

(4) بلا خلاف فيه و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس للمعتكف أن يخرج من المسجد الا الي الجمعة أو جنازة أو غائط «1» و منها: ما رواه داود «2».

فان المستفاد من النص الحكم الوضعي أي الشرطية و الحمل علي الحكم التكليفي خلاف الظاهر و العرف ببابك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 299

بالحكم و الجاهل (1) و لا يبعد البطلان في الخروج نسيانا أيضا (2 بخلاف ما اذا خرج عن اضطرار أو اكراه لحاجة لا بد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة أو مس ميت (3) و ان كان السبب باختياره (4) و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها و الصلاة عليها

______________________________

(1) اذ الحكم الوضعي لا يفرق فيه بين العلم و الجهل و حديث الرفع لا يرفع الجزئيه و الشرطية و المانعية و القاطعية فان هذه الامور لا تكون قابلة لان تنالها يد الجعل لا وضعا و لا رفعا نعم علي تقدير كون الجهل قصوريا يرتفع الحكم بدليل الرفع لكن يكون رفعا ظاهريا و حكومة في الظاهر.

(2) ما يمكن أن يقال في وجه الصحة أمران: احدهما انصراف دليل الاشتراط عن صورة النسيان. و فيه: انه لا وجه

للانصراف.

ثانيهما: ان حديث رفع النسيان يرفع الشرطية حال النسيان. و فيه: انه قد مر قريبا ان الشرطية كأخواتها لا تكون قابلة للوضع و الرفع نعم يمكن رفع الحكم التكليفي عن المركب حال النسيان لكن لا دليل علي تعلق أمر جديد بالمركب الفاقد للشرط فالحق ما أفاده في المتن من الحاق النسيان بالجهل.

(3) لاحظ حديث داود بن سرحان «1» فان المستفاد من هذا الحديث جواز الخروج لحاجة لا بد منها فلو اضطر الي الخروج أو اكره علي الخروج بحيث يصدق اللابدية أو خرج لحاجة لا بد منها لم يبطل بالخروج و في النفس شي ء و هو ان انطباق حديث ابن سرحان علي مورد الاكراه علي الخروج و نحوه مشكل الا أن يقال: انه يفهم عرفا من الرواية ان الميزان في الجواز اللابدية و هذا العنوان يصدق في مورد الاضطرار و الاكراه فلاحظ.

(4) تارة يوجد السبب لأجل الخروج و اخري لا يكون كذلك أما الصورة الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 300

و دفنها و تغسيلها و تكفينها و لعيادة المريض (1) أما تشييع المؤمن و اقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الامور الراجحة ففي جوازها اشكال (2) و الاظهر الجواز فيما اذا عد من الضرورات عرفا (3) و الاحوط استحبابا مراعاة أقرب الطرق (4) و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة (5) و أما التشاغل علي وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل (6).

______________________________

فكما في المتن لإطلاق الدليل و أما الصورة الاولي فيشكل الجزم بما أفاده لانصراف الدليل كما ذكرنا هذا الوجه في غير هذا المقام.

و ليعلم ان مقتضي حديث ابن سرحان عدم جواز الخروج الا لحاجة لا بد منها لكن يستفاد

من حديث عبد اللّه بن سنان «1» جواز خروجه للجمعة و الجنازة و الغائط فيخصص ذلك الاطلاق بهذه الامور فيجوز الخروج لأجلها من أجل النص الخاص فلاحظ. كما أن المستفاد من حديث الحلبي جواز الخروج لأجل الجنازة و عيادة المريض.

(1) قد ظهر الوجه في جواز الخروج لأجل الامور المذكورة.

(2) لعدم دليل علي الجواز.

(3) لحديثي الحلبي و ابن سرحان.

(4) بل الاحوط وجوبا ان لم نقل انه الاقوي اذ المستفاد من حديث ابن سرحان جواز الخروج بمقدار الضرورة و لذا لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة فمقتضي القاعدة الاقتصار علي مقدار الضرورة و عليه يجب اختيار أقرب الطرق.

(5) قد ظهر وجهه.

(6) لانتفاء الموضوع كما هو المفروض و ان شئت قلت: ان قوام الاعتكاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 301

و ان كان عن إكراه أو اضطرار (1) و الاحوط وجوبا ترك الجلوس في الخارج (2).

______________________________

بصورته و مع انمحائه يبطل.

(1) اذ مع انتفاء الموضوع لا مجال للتفصيل بين الموارد كما هو ظاهر.

(2) فان مقتضي حديث داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و المرأة مثل ذلك «1».

و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و لا يخرج في شي ء الا لجنازة أو يعود مريضا و لا يجلس حتي يرجع قال: و اعتكاف المرأة مثل ذلك «2»، عدم جواز جلوس المعتكف.

لكن يمكن أن يقال: ان الظاهر من قوله عليه السلام في الحديثين: «ثم لا يجلس حتي

يرجع» عدم الجلوس بعد قضائه حاجته لمكان «ثم» نعم ذيل الحديث الثاني يقتضي المنع علي الاطلاق.

و لسيدنا الاستاد كلام في المقام و هو ان مقتضي تقييد القعود المنهي بكونه تحت الظلال في حديث داود «3» رفع اليد عن اطلاق حديث الحلبي اذ لو كان المنهي عنه مطلق الجلوس كان التقييد بكونه تحت الظلال لغوا فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق مضافا الي أن عدم الجلوس عند عيادة المريض أمر خلاف المتعارف فترفع اليد عن الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 302

و لو اضطر اليه اجتنب الظلال مع الامكان (1).

[مسألة 6: إذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج]

(مسألة 6): اذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله اذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت (2).

[فصل: الاعتكاف في نفسه مندوب و يجب بالعارض]

اشارة

فصل: الاعتكاف في نفسه مندوب (3) و يجب بالعارض من نذر

______________________________

و فيه: ان ما أفاده من اللغوية لو كان مقتضيا للمفهوم يلزم القول بالمفهوم في كل وصف بل في كل لقب و هو كما تري و قد اشتهر ان اثبات شي ء لا ينفي ما عداه و أيضا نفي شي ء لا يثبت ما عداه و التخصيص يمكن أن يكون بلحاظ اهمية المورد.

و أما كون عدم الجلوس خلاف المتعارف في عيادة المريض مثلا لا يقتضي رفع اليد عن دليل المنع الا أن يقال: بانصراف الدليل. و الانصاف ان اثباته مشكل مضافا الي أنه علي تقدير القول به يختص بمورده فلا مجال للقول بالجواز مطلقا.

(1) مقتضي القاعدة فساد الاعتكاف فان الاضطرار لا يرفع الحكم الوضعي نعم اذا وصل الي حد الالجاء و عدم الاختيار يمكن أن يقال بعدم كونه موجبا للبطلان بمقتضي حديث داود «1» حيث يسأل الراوي عن ما ذا يفرض علي نفسه و من الظاهر انه لا معني لفرض الامر غير الاختياري علي النفس و لكن يكفي للإطلاق ذيل حديث الحلبي «2» حيث قال: «و لا يجلس».

(2) لعدم صدق الحاجة التي لا بد منها من الخروج.

(3) للسبرة القطعية و يمكن أن يقال: ان كونه من المندوبات ضرورية و عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) لاحظ ص: 301

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 303

و شبهه فان كان واجبا معينا فلا اشكال في وجوبه قبل الشروع فضلا عما بعده (1) و ان كان واجبا مطلقا أو مندوبا فالاقوي عدم وجوبه بالشروع (2).

______________________________

الجواهر عليه اجماع المسلمين.

(1) كالعهد

و اليمين و الشرط في ضمن العقد فان المستحب يجب بعروض احد العناوين الواجبة عليه.

(2) ربما يقال بوجوبه بعد الشروع لقوله تعالي: «وَ لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة حرمة ابطال العمل بعد الشروع فيه.

و يرد عليه انه لا اشكال في جواز رفع اليد عن الاعمال المستحبة بعد الشروع فيها فيلزم تخصيص الاكثر مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون الظاهر من الاية الكريمة النهي عن ابطال العمل بعد تحققه نظير قوله تعالي: «لٰا تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذيٰ» «2» فيكون المراد من الابطال الحبط فلا تكون الاية مرتبطة بالمقام

و ربما يستدل علي المدعي بوجوب الكفارة بالجماع. و فيه: انه لا ملازمة بين الحرمة و وجوب الكفارة مضافا الي أن المستفاد من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اعتكف يوما و لم يكن اشترط فله أن يخرج و يفسخ الاعتكاف و ان أقام يومين و لم يكن اشترط فليس له أن يفسخ (و يخرج) اعتكافه حتي تمضي ثلاثة أيام «3»، التفصيل.

فان المستفاد من الحديث حرمة القطع في اليوم الثالث و أما قبله فلا و مما

______________________________

(1) محمد/ 33

(2) البقرة/ 264

(3) الوسائل الباب 4 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 304

و ان كان في الاول احوط استحبابا (1) نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث (2) الا اذا اشترط حال النية الرجوع لعارض فاتفق حصوله بعد يومين فله الرجوع عنه حينئذ ان شاء (3) و لا عبرة بالشرط اذا لم يكن مقارنا للنية سواء كان قبلها أم بعد الشروع فيه (4).

______________________________

ذكرنا يظهر انه لا مجال لأصل البراءة اذ لا تصل النوبة الي الاصل

بعد وجود الرواية فلا مجال لان يقال: مقتضي اصالة البراءة عدم حرمة القطع علي الاطلاق فانقدح بما ذكر ان الحق ما في المتن من التفصيل.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) كما هو المستفاد من حديث ابن مسلم.

(3) كما هو المستفاد من حديث ابن مسلم فان مقتضاه جواز رفع اليد مع الشرط في اليوم الثالث. و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث المذكور التفصيل بين الشرط و عدمه بالنسبة الي اليوم الثالث.

و ان شئت قلت: ان فائدة الشرط تظهر في اليوم الثالث فلا مجال لما عن الشيخ في المبسوط من عدم الجواز في اليوم الثالث. و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث المشار اليه جواز القطع في اليوم الاول و الثاني الا مع شرط الاستمرار و عدم جواز القطع في اليوم الثالث الا مع الشرط فلاحظ.

(4) كما هو الحال في الاشتراط في الاحرام فان وقته وقت نية الاحرام علي ما يستفاد من النصوص و من ناحية اخري المستفاد من الروايات اتحاد المقامين في كيفية الاشتراط لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و ينبغي للمعتكف اذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 305

[مسألة 7: الظاهر أنه يجوز اشتراط الرجوع متي شاء]

(مسألة 7): الظاهر انه يجوز اشتراط الرجوع متي شاء و ان لم يكن عارض (1).

______________________________

و ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اشترط علي ربك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من أمر اللّه تعالي «1».

مضافا الي أن الاشتراط عبارة عن الارتباط فاذا لم

يكن مقارنا مع النية لا يصدق مفهوم الشرط و لذا نقول: ان الشرط الابتدائي لا يترتب عليه أثر لعدم صدق المفهوم. و صفوة الكلام: انه مع عدم التقارن لا يصدق عنوان الشرط فلا يتحقق موضوع جواز الفسخ فلاحظ.

(1) لإطلاق حديث ابن مسلم «2» و ربما يقال: باختصاص الجواز بصورة العذر و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: احدهما: ما رواه أبو بصير «3».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الشرط في باب الاعتكاف كالشرط في باب الاحرام و حيث ان المحرم يشترط الاحلال مع العذر الشرعي ففي الاعتكاف كذلك. و فيه: انه لا يستفاد الالزام من الحديث فان غايته الاستحباب فان قوله عليه السلام: «ينبغي» لا يدل علي الالزام.

ثانيهما حديث عمر بن يزيد «4» و هذا الحديث ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي ابن الحسن بن الفضال فالمرجع اطلاق حديث ابن مسلم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 303

(3) لاحظ ص: 304

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 306

[مسألة 8: إذا شرط الرجوع حال النية ثم بعد ذلك أسقط شرطه فالظاهر عدم سقوط حكمه]

(مسألة 8): اذا شرط الرجوع حال النية ثم بعد ذلك اسقط شرطه فالظاهر عدم سقوط حكمه (1).

[مسألة 9: إذا نذر الاعتكاف و شرط في نذره الرجوع فيه]

(مسألة 9): اذا نذر الاعتكاف و شرط في نذره الرجوع فيه ففي جواز الرجوع اذا لم يشترطه في نية الاعتكاف اشكال و الاظهر جوازه (2).

[مسألة 10: إذا جلس في المسجد علي فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف]

(مسألة 10): اذا جلس في المسجد علي فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف (3) و ان سبق شخص الي مكان فأزاله المعتكف من مكانه و جلس فيه ففي البطلان تأمل (4).

______________________________

(1) اذ لا دليل علي كونه قابلا للإسقاط و مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم بقاء الخيار بعد الاسقاط و بعبارة اخري: سقوط الخيار في المقام ليس عليه دليل فلا وجه للسقوط بل الدليل قائم علي عدم السقوط فان اطلاق حديث ابن مسلم يقتضي بقاء الخيار حتي بعد الاسقاط و بعبارة اخري: كون الخيار حقيا لا دليل عليه فلاحظ.

(2) و الوجه فيه أنه يكفي قصد الاعتكاف المشروط اجمالا و ارتكازا و المفروض ان النذر تعلق بالاعتكاف الخاص. و بعبارة اخري: المعتكف بعد النذر انما يعتكف بعنوان الوفاء بالنذر فيقصد ما تعلق به النذر و المفروض ان متعلق نذره هو الاعتكاف الخاص اي المشروط.

(3) لعدم اتحاد موضوع الامر و النهي فان المأمور به الكون في المسجد و المفروض حصوله و المنهي عنه التصرف في المغصوب فيكون التصرف الغصبي كنظره الي الاجنبية فلا اتحاد بين متعلقي الامر و النهي.

(4) ناش من قصور دلالة النصوص الواردة في المقام فلا بد من ملاحظة تلك

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 307

______________________________

النصوص من حيث السند و الدلالة و من تلك النصوص مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سوق المسلمين (القوم خ ل) كمسجدهم يعني اذا سيق الي السوق كان له مثل المسجد «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و كون مرسلها ابن

أبي عمير لا يوجب اعتبارها أما من حيث الدلالة فأيضا قاصرة عن افادة المدعي اذ قد شبه السوق بالمسجد و لم يعلم ما يكون ثابتا في المسجد فلا بد من قيام دليل آخر.

و منها: مرسل محمد بن اسماعيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

تكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجي فيه الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضوع فهو أحق به يومه و ليلته «2» و هذه الرواية أيضا مرسلة فلا اعتبار بها.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «3».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة اذ لم يوثق في الرجال نعم لا اشكال في كون السابق أحق و لا يجوز ازالته من مكانه لكن بقاء الحق بعد الازالة المحرمة بحيث يكون التصرف و الجلوس في ذلك المكان حراما اول الكلام و الاشكال و لا دليل عليه لكن لا اشكال في كونه خلاف الاحتياط و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 308

[فصل: في أحكام الاعتكاف]

اشارة

فصل: في أحكام الاعتكاف.

[(مسألة 11: لا بد للمعتكف من ترك أمور]

(مسألة 11): لا بد للمعتكف من ترك أمور: منها: مباشرة النساء بالجماع (1) و الاحوط وجوبا الحاق اللمس و التقبيل بشهوة به (2)

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المعتكف يأتي أهله؟ فقال: لا يأتي امرأته ليلا و لا نهارا و هو معتكف «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معتكف واقع أهله فقال (قال): هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان «2».

و أما حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد و ضربت له قبة من شعر و شمر الميزر و طوي فراشه و قال بعضهم: و اعتزل النساء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام و أما اعتزال النساء فلا «3».

فلا يكون معارضا مع دليل المنع اذ لا يكون المراد من نفي الاعتزال نفي الجماع فانه صرح في الخبر بأنه طوي فراشه اذ يستفاد منه ترك الجماع مضافا الي أن مقتضي الجمع بين هذا الرواية و بقية النصوص حمل اعتزال النساء علي علي ترك مجالستهن و معاشرتهن فلاحظ.

(2) ان تم الاجماع التعبدي علي الحرمة فهو و الا ففي الالتزام بالحرمة اشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 309

و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة (1) و منها: الاستمناء علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

لعدم دليل عليه

و أما قوله تعالي: «وَ لٰا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ» «1» فالمراد منه ظاهرا الجماع و الا لكان اللمس بغير شهوة و كذا مطلق المعاشرة معهن حراما و الحال انها لا تكون حراما جزما فيكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(1) لقاعدة الاشتراك فان مقتضاها عدم الفرق بين الرجل و المرأة و بعبارة اخري:

يفهم عرفا بمقتضي قانون الاشتراك ان الاحكام المترتبة علي المعتكف ثابته للمعتكفة أيضا.

و قال سيدنا الاستاد يستفاد المدعي من حديث الحلبي «2» بتقريب: ان مقتضي تشبيه اعتكاف المرأة باعتكاف الرجل مساواتها في جميع الاحكام لكن يمكن ان يقال:

بعدم دلالة الرواية الا علي المساواة في الحكم المذكور فيها لا مطلقا و العرف ببابك.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم و هي معتكفة باذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد الي بيتها فتهيأت لزوجها حتي واقعها فقال: ان كانت خرجت من المسجد قبل أن تقضي ثلاثة أيام و لم تكن اشترطت في اعتكافها فان عليها ما علي المظاهر «3».

فان الظاهر من الرواية ان الكفارة لأجل الجماع لا لأجل الخروج اذ الخروج لأجل حاجة لا بد منها جائز. و بعبارة اخري: الخروج لأجل الضرورات العرفية جائز.

(2) وجه الاحتياط ادعاء الاجماع عليه من الخلاف و خلو نصوص الباب عنه

______________________________

(1) البقرة/ 187

(2) لاحظ ص: 301

(3) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 310

و منها: شم الطيب و الريحان (1) مع التلذذ (2) و لا أثر له اذا كان

______________________________

و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه

اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان في كل مورد يكون الجماع فيه موجبا للكفارة فالاستمناء بمنزلته و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان الحكم بالكفارة يختص بمورد يكون المقتضي لها موجودا فيه و المقتضي لها صوم رمضان و الاحرام و الاعتكاف.

و يرد عليه: ان كون الاعتكاف مقتضيا للكفارة مع الاستمناء اول الكلام. و بعبارة اخري: لا دليل علي التلازم في الكفارة بين الجماع و الانزال.

الا أن يقال: ان مقتضي اطلاق الرواية ثبوت الكفارة علي الاطلاق و ترفع اليد عن الاطلاق في مورد لا يكون مقتضيا للكفارة و أما مع وجود المقتضي كصوم شهر رمضان و الاحرام و الاعتكاف فيؤخذ باطلاقها فتأمل.

لكن يمكن أن يقال: ان وجوب الكفارة بنفسه لا يدل علي الحرمة مضافا الي أن الاخذ باطلاق الرواية و تقييده يوجب تخصيص الاكثر المستهجن فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور فيما بينهم- كما في الحدائق- و يدل علي المدعي ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المعتكف لا يشم الطيب و لا يتلذذ بالريحان و لا يماري و لا يشتري و لا يبيع الحديث «2».

(2) لقوله عليه السلام: «و لا يتلذذ بالريحان» لكن مقتضي قوله عليه السلام و لا يشم الطيب هو الاطلاق و عدم القيد فمقتضي القاعدة التفصيل بين الطيب و الريحان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 10 من كتاب الاعتكاف

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 311

فاقدا لحاسة الشم (1).

و منها: البيع و الشراء (2) بل مطلق التجارة علي الاحوط وجوبا (3) و لا بأس بالاشتغال بالامور الدنيوية من المباحات حتي الخياطة و النساجة و نحوهما (4) و ان كان

الاحوط استحبابا الاجتناب (5) و اذا اضطر الي البيع و الشراء لأجل الاكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و لا النقل بغيرهما فعله (6).

و منها: المماراة في أمر ديني أو دنيوي (7) بداعي اثبات الغلبة

______________________________

(1) لانتفاء الموضوع.

(2) ادعي عليه: عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل علي المدعي من النصوص حديث أبي عبيدة المتقدم ذكره آنفا.

(3) بتقريب: ان المستفاد من النص مطلق التجارة. لكن الجزم به مشكل و مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز و طريق الاحتياط ظاهر.

(4) لعدم دليل علي الحرمة و مقتضي الاصل الاولي الجواز كما هو ظاهر.

(5) خروجا عن شبهة الخلاف فانه نقل عن المنتهي حرمة الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة و شبهها آلاما لا بد منه.

(6) اذا لاضطرار يرفع التكليف. لكن لا يخفي ان حديث الرفع يقتضي رفع الحكم التكليفي و لا يستفاد منه الحكم الوضعي اي الصحة عند الاضطرار كما هو المشهور بين الاصحاب.

(7) عن الجواهر عدم وجدان الخلاف فيها و يدل علي المدعي خبر أبي عبيدة المتقدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 312

و اظهار الفضيلة (1) لا بداعي اظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ فانه من أفضل العبادات و المدار علي القصد (2).

[مسألة 12: الأحوط استحبابا للمعتكف الاجتناب عما يحرم علي المحرم]

(مسألة 12): الأحوط استحبابا للمعتكف الاجتناب عما يحرم علي المحرم (3) و ان كان الاقوي خلافه (4) و لا سيما في لبس المخيط و ازالة الشعر و أكل الصيد و عقد النكاح فان جميعها جائز له (5).

[مسألة 13: الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار]

(مسألة 13). الظاهر ان المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار (6) و في حرمتها تكليفا اذا لم يكن واجبا معينا و لو لأجل انقضاء يومين منه اشكال (7)

______________________________

(1) كما هو معناها لغة و عرفا.

(2) هكذا نقل عن محكي المسالك.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي الاصل هو الجواز.

(5) عن التذكرة: «انه ليس المراد بالاجتناب الوارد في كلام بعض العموم فانه لا يحرم عليه لبس المخيط و لا ازالة الشعر و لا أكل الصيد و لا عقد النكاح.

(6) لإطلاق الدليل بل صرح بالعموم بالنسبة الي بعض المنافيات لاحظ ما رواه الحسن بن الجهم «1».

(7) فان المنهي و ان كان ظاهرا في الحرمة التكليفية و لكن النهي المتعلق بشي ء في باب العبادات و المعاملات يحمل علي الارشاد الي الفساد فلو نهي عن الاكل و الشرب في الصلاة يستفاد منه فساد الصلاة بالاكل و الشرب كما أن المستفاد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 313

______________________________

الامر في هذه الموارد الارشاد الي الجزئية أو الشرطية و عليه يكون الاتيان بما نهي عنه في الاعتكاف لا يكون حراما تكليفا بل يكون منافيا مع الاعتكاف و موجبا لفساده.

نعم في خصوص الجماع يمكن أن يقال: بكونه حراما تكليفا مضافا الي كونه مفسدا للاعتكاف لما رواه سماعة «1» فان مقتضي عموم التنزيل كونه حراما و مفسدا كما أن

الافطار في شهر رمضان كذلك اي يكون حراما و مفسدا.

اضف الي ذلك انه ادعي سيدنا الاستاد «انه لم يقع فيه خلاف من أحد و أن الجماع حرام و مبطل من غير فرق بين اليومين الاولين أو الاخير في الليل أو النهار داخل المسجد أو خارجه «2».

و في المقام اشكال تعرض له صاحب الحدائق «3» و هو أنه كيف يمكن الالتزام بوجوب الكفارة مع جواز الرجوع عن الاعتكاف في بعض الصور. و صفوة القول: ان القول بالحرمة التكليفية و وجوب الكفارة ينافي جواز الرجوع عن الاعتكاف في موارد جوازه.

نعم لو قلنا بوجوبه بعد الشروع فيه لكان لوجوب الكفارة و حرمة الجماع وجه الا أن يقال: انه يكفي قيام النص في المقام فان مقتضي حديث سماعة المتقدم «4» حرمة الجماع و ثبوت الكفارة علي الاطلاق الا أن يتحقق الفسخ

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

(2) مستند العروة كتاب الصوم ج 2 ص 464

(3) الحدائق ج 13 ص: 496

(4) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 314

و ان كان احوط وجوبا (1).

[مسألة 14: إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا]

(مسألة 14): اذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا ففي عدم قدحه اشكال (2) و لا سيما في الجماع (3).

[مسألة 15: اذا أفسد اعتكافه باحد المفسدات]

(مسألة 15): اذا أفسد اعتكافه باحد المفسدات فان كان واجبا معينا وجب قضائه علي الاحوط (4) و ان كان غير معين وجب استئنافه (5) و كذا يجب القضاء اذا كان مندوبا و كان الافساد بعد يومين (6) أما

______________________________

قبل الجماع كما أن مقتضي حديث الحناط «1» وجوب الكفارة علي الاطلاق الا مع اشتراط الفسخ.

(1) قد قوي الماتن في شرحه علي العروة عدم الحرمة التكليفية في غير الجماع و في المقام احتاط وجوبا و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) اذ حديث الرفع يقتضي عدم الحرمة التكليفية و أما الحكم الوضعي فلا و قد مر ان مقتضي النهي الارشاد الي الفساد و دعوي انصراف ادلة المنع عن صورة السهو علي مدعيها فالحق عدم الفرق من حيث البطلان بين الصورتين.

(3) الظاهر انه لا وجه للفرق بين الجماع و غيره من الجهة المبحوث عنها.

(4) هذا مبني علي قيام دليل علي وجوب قضاء كل فائت و المفروض عدم قيامه.

و لا يخفي ان القول بالوجوب يختص بمورد لم يشترط الرجوع و الا لا يجب القضاء كما هو ظاهر.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض وجوبه و لم يأت به فلا بد من الاتيان به.

(6) كما هو ظاهر اذ بعد مضي يومين يجب كما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 315

اذا كان قبلهما فلا شي ء عليه (1) و لا يجب الفور في القضاء (2).

[مسألة 16 اذا باع أو اشتري في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شرائه و ان بطل اعتكافه]

(مسألة 16) اذا باع أو اشتري في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شرائه و ان بطل اعتكافه (3):

[مسألة 17: إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة]

(مسألة 17): اذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة (4) و الاقوي عدم وجوبها بالافساد بغير الجماع (5) و ان

______________________________

(1) لعدم المقتضي كما هو المفروض.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) اذ لا تنافي بين الحرمة التكليفية و الصحة الوضعية كما انه لا تنافي بين الصحة الوضعية لشي ء و كونه مفسدا لعمل آخر فان البيع أثناء الصلاة مفسد لها و مع ذلك يكون صحيحا فلاحظ.

(4) بلا خلاف و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها رواه عبد الاعلي بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رحل وطئ امرأته و هو معتكف ليلا في شهر رمضان قال: عليه الكفارة: قال:

قلت: فان وطأها نهارا؟ قال: عليه كفارتان «1».

(5) لعدم الدليل عليه و لا وجه لإلحاق غير الجماع به في وجوب الكفارة ان قلت: يستفاد من حديث أبي ولاد «2» عموم الحكم بتقريب: ان الخروج عن المسجد عمدا و بلا عذر يوجب بطلان الاعتكاف.

و ان شئت قلت: ان المكث في خارج المسجد بغير ضرورة يبطل الاعتكاف فالكفارة للسابق علي الجماع اذ الجماع وقع في غير حال الاعتكاف قلت: علي فرض تمامية التقريب يختص بالحصة الخاصة و هو الخروج و المكث خارج المسجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 309

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 316

كان احوط استحبابا (1) و لا يبعد أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار (2) و اذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهارا وجبت كفارتان احداهما لإفطار شهر رمضان و

الاخري لإفساد الاعتكاف و كذا اذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال و ان كان الاعتكاف المذكور منذورا وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر و اذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها

______________________________

المتعقب بالجماع فلا دليل علي العموم.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) النصوص الواردة في المقام مختلفة منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع (أهله) قال: اذا فعل فعليه ما علي المظاهر «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان كفارته كفارة الظهار فيجب الالتزام بالترتيب بين العتق و الصوم و الاطعام.

و منها: ما رواه الحناط «2» فان مقتضي هذه الرواية أيضا ان كفارته كفارة الظهار.

و منها: ما رواه سماعة «3» و مقتضي هذه الرواية ان كفارته كفارة شهر رمضان اي التخيير بين الامور الثلاثة.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن معتكف واقع أهله قال: عليه ما علي الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 309

(3) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 317

علي الاحوط (1).

______________________________

رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا «1».

و هذه الرواية كالرواية الثالثة في المفاد و تؤيدها فانها ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن فالنصوص مختلفة في المفاد فتقع المعارضة بين الجانبين و حيث انه لا مرجح يتساقط فنلتزم بالتخيير بتقريبين:

احدهما: انه نشك في التخيير و التعيين و نرفع التقييد بالبراءة عن الترتيب فالنتيجة اطلاق عنان المعتكف و رخصته في مقام العمل بأي نحو شاء.

ثانيهما: الاخذ باطلاق حديث ابن أعين «2» فان مقتضي اطلاقه عدم التقييد

بشي ء لكن الحديث ضعيف سندا بمحمد بن سنان فالنتيجة هو التخيير صناعة و مقتضي الاحتياط الالتزام بالترتيب في مقام العمل فلاحظ.

(1) ما ذكره من التعدد مع تعدد المقتضي علي طبق القاعدة الاولية اذ لا وجه للتداخل و مقتضي الاصل عدمه فتجب الكفارة بتعدد موجبها مضافا الي النص الخاص الدال علي التعدد لاحظ حديث ابن أعين و حيث انه لا دليل علي وجوب الكفارة علي المكره لزوجته كما مر في بحث الكفارات بني وجوبها في المقام علي الاحتياط و اللّه العالم.

تم كتاب الاعتكاف في يوم الثلثاء الثامن من شهر رجب المرجب من سنة:

1407.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 315

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 318

[كتاب الزكاة]

اشارة

كتاب الزكاة و فيه مقاصد: و هي أحد الاركان التي بني عليها الإسلام (1) و وجوبها من ضروريات الدين (2) و منكرها مع العلم بها كافر (3) بل في جملة من الاخبار ان مانع الزكاة كافر (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) فان الضروري الديني ما يكون واضحا عند المسلمين و من الظاهر ان وجوب الزكاة كذلك و ان شئت قلت: ان وجوب الزكاة عند اهل الإسلام في الجملة أمر غير قابل للإنكار.

(3) لأوله الي تكذيب النبي صلي اللّه عليه و آله و قد ذكرنا في بحث النجاسات ان مقتضي بعض النصوص ان الاعتقاد بخلاف ما ثبت شرعا يوجب الكفر راجع ما ذكرناه هناك.

(4) منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا بمسلم و هو قول اللّه عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صٰالِحاً

______________________________

(1) لاحظ ص: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 319

[المقصد الاول: شرائط وجوب الزكاة]

اشارة

المقصد الاول: شرائط وجوب الزكاة و هي أمور:

[الأول: البلوغ]

الاول: البلوغ (1).

______________________________

فِيمٰا تَرَكْتُ «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا «2».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي كفر باللّه العظيم من هذه الامة عشرة و عد منهم مانع الزكاة ثم قال: يا علي ثمانية لا يقبل اللّه منهم الصلاة و عد منهم مانع الزكاة ثم قال: يا علي من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن و لا بمسلم و لا كرامة يا علي تارك الزكاة يسأل اللّه الرجعة الي الدنيا و ذلك قوله عز و جل: «حَتّٰي إِذٰا جٰاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قٰالَ رَبِّ ارْجِعُونِ» الاية «3».

(1) يقع الكلام تارة في النقدين و اخري في الغلات و المواشي أما اشتراط وجوب الزكاة في النقدين بالبلوغ فنقل عدم الخلاف فيه بل المحكي عن جماعة الاجماع عليه.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 320

______________________________

فان مقتضي الشرطية المذكورة

في الرواية عدم جريان القلم علي الغلام قبل الاحتلام الذي يحصل البلوغ به و اختصاص الدليل بقلم التكليف لا وجه له بل مقتضي الاطلاق عدم جريان القلم عليه قبل البلوغ و تترتب علي ما ذكر امور كثيرة.

و صاحب الحدائق قدس سره استدل علي المدعي أيضا بحديث رفع القلم عن الصبي لاحظ ما أفاده في المقام «1».

و تدل علي المدعي أيضا عدة نصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ليس علي مال اليتيم زكاة و ان بلغ فليس عليه لما مضي زكاة و لا عليه فيما بقي حتي يدرك فاذا أدرك فانما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما علي غيره من الناس «2».

و منها: ما رواه محمد بن القاسم بن الفضيل قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الوصي أ يزكي زكاة الفطرة عن اليتامي اذا كان لهم مال؟ قال: فكتب عليه السلام: لا زكاة علي يتيم «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن مال اليتيم فقال: ليس فيه زكاة «4» الي غيرها من النصوص.

و أما الغلات و المواشي فنقل عن جملة من الاساطين وجوب الزكاة فيهما. و لا يخفي ان مقتضي حديث الرفع عدم الوجوب كما أن مقتضي اطلاق النصوص الواردة في المقام النافية للزكاة في مال اليتيم عدمها.

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 17

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 321

______________________________

و يدل علي عدم الوجوب في الغلات بالنصوصية ما رواه أبو بصير عن أبي

عبد اللّه عليه السلام انه سمعه يقول: ليس في مال اليتيم زكاة و ليس عليه صلاة و ليس علي جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة و ان بلغ اليتيم فلس عليه لما مضي زكاة و لا عليه لما يستقبل حتي يدرك فاذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة و كان عليه مثل ما علي غيره من الناس «1». فانه قد صرح في هذه الرواية بعدم الوجوب في الغلات.

و لكن في المقام رواية تدل علي الوجوب بالنسبة إلي الغلات و هي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم أنهما قالا: ليس علي مال اليتيم في الدين و المال الصامت شي ء فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة «2».

فيقع التعارض بين الجانبين و ربما تحمل الرواية المعارضة علي الاستحباب بدعوي أن مقتضي الجمع العرفي بين هذا الحديث و الحديث الناص علي العدم حمل الوجوب علي الاستحباب.

قال في المستمسك: «و فيه انه يمكن حمله علي الاستحباب بقرينة موثق أبي بصير السابق حملا للظاهر علي الاظهر الي آخره «3».

و يرد عليه: ان المستفاد من الحديث المعارض الحكم الوضعي فان المذكور فيه «فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة» فان الوجوب حمل علي نفس الصدقة لا علي اعطائها و لا معني لاستحباب الثبوت.

و بعبارة اخري: الاستحباب يتصور في فعل المكلف و أما الحكم الوضعي، فأمره دائر بين الوجود و العدم و لا يتصور فيه الاستحباب فلا بد من علاج التعارض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستمسك العروة ج 9 ص: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 322

______________________________

و حيث ان الآيات القرآنية المتعرضة للزكاة ليست في مقام البيان بل في مقام اصل التشريع فلا يمكن ترجيح احد المتعارضين بموافقته مع الكتاب

لاحظ قوله تعالي:

«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «1».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» «2».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «3».

و قوله: «وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ* «4».

و قوله: «وَ لٰا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمٰا آتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مٰا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ» «5».

و قوله: «لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلٰاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكٰاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ «6».

و قوله: «فَسَأَكْتُبُهٰا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» «7».

و قوله: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «8».

و قوله: «فَإِنْ تٰابُوا وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» «9».

______________________________

(1) البقرة/ 2

(2) البقرة/ 43

(3) البقرة/ 82 و 109

(4) البقرة/ 276

(5) آل عمران/ 179

(6) المائدة/ 11

(7) الاعراف/ 155

(8) الانفال/ 3

(9) التوبة/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 323

______________________________

و قوله: «وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لٰا يُنْفِقُونَهٰا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْميٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْويٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هٰذٰا مٰا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مٰا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» «1».

و قوله: «وَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» «2».

و قوله: «قُلْ لِعِبٰادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ سِرًّا وَ عَلٰانِيَةً» «3».

و قوله: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبيٰ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ» «4».

و قوله: «وَ مٰا آتَيْتُمْ مِنْ زَكٰاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّٰهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ» «5».

و قوله: «وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا» «6».

و قوله: «وَ كٰانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ» «7».

و قوله: «وَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرٰاتِ وَ إِقٰامَ الصَّلٰاةِ وَ إِيتٰاءَ

الزَّكٰاةِ» «8».

و قوله: «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّٰاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ» «9».

و قوله: «فَأَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «10».

______________________________

(1) التوبة/ 35 و 36

(2) التوبة/ 71

(3) ابراهيم/ 31

(4) الاسراء/ 26 و الروم/ 38

(5) الروم/ 39

(6) مريم/ 31

(7) مريم/ 55

(8) الانبياء/ 72

(9) الحج/ 41

(10) الحج/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 324

______________________________

و قوله: «وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكٰاةِ فٰاعِلُونَ» «1».

و قوله: «رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ إِقٰامِ الصَّلٰاةِ وَ إِيتٰاءِ الزَّكٰاةِ» «2».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «3».

و قوله: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» * «4».

و قوله: «الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» «5».

و قوله: «وَ الَّذِينَ اسْتَجٰابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُوريٰ بَيْنَهُمْ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «6».

و قوله: «فَأَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «7».

و قوله: «أَنْفِقُوا مِمّٰا رَزَقْنٰاكُمْ» «8».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «9».

و قوله: «لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ «10».

______________________________

(1) المؤمنون/ 6

(2) النور/ 37

(3) النور/ 56

(4) لقمان/ 4

(5) فصلت/ 7

(6) الشوري/ 38

(7) المجادلة/ 13

(8) المنافقون/ 10

(9) المزمل/ 2

(10) المدثر/ 44

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 325

______________________________

و قوله: «فَلٰا صَدَّقَ وَ لٰا صَلّٰي» «1».

و قوله: «وَ يُقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكٰاةَ» «2».

فان شيئا من هذه الآيات لا يكون في مقام البيان كي يؤخذ باطلاقه مضافا الي أن كثيرا منها أو أكثرها متعرض لوجوب الزكاة و في مقام توجيه التكليف نحوها و من الظاهر ان التكليف ساقط عن غير البالغ فالنتيجة: ان دليل الوجوب لا يكون موافقا مع الكتاب كي يرجح علي دليل عدم الوجوب.

بل ربما يقال: بأن المستفاد من الكتاب اختصاص الزكاة بالبالغين قال اللّه تعالي:

«خُذْ

مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ «3» فان المستفاد من الاية الشريفة ان الصدقة توجب محو ذنوب من يؤخذ منه الزكاة و الذنب انما يتصور بالنسبة الي البالغ فالنتيجة انه لا مرجح من الكتاب.

و قال في الوسائل: «و يمكن حمل الوجوب في الحديث السابق علي النقية لموافقته لمذهب أكثر العامة و لرواية أبي المحسن (أبي الحسن) «4» السابقة» إلي آخر كلامه.

و قال في الحدائق: «الاظهر هو حمل الصحيحة المذكورة علي التقية فان الوجوب مذهب الجمهور كما نقله العلامة في المنتهي حيث قال: و اختلف علمائنا في وجوب الزكاة في غلات الاطفال و المجانين فأثبته شيخان و أتباعهما و به قال

______________________________

(1) القيامة/ 31

(2) البينة/ 5

(3) التوبة/ 103

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 326

______________________________

فقهاء الجمهور» «1» الي آخر كلامه.

فالمرجح الثاني و هو خلاف العامة مع الحديث الدال علي النفي و لو فرض عدم الترجيح لأحد الطرفين و قلنا: بأنهما يتساقطان فالمرجع حديث الرفع و اطلاقات نفي الزكاة و عدم وجوبها بالنسبة الي غير البالغ فالمتحصل انه يشترط في تعلق الزكاة البلوغ.

و لا يخفي ان ما ذكرنا انما يتم علي تقدير تمامية السند في كلا الحديثين و الحال انه ليس كذلك فان حديث أبي بصير المشار اليه ضعيف سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال و عليه يشكل رفع اليد عن الرواية الدالة علي الوجوب بالنسبة الي الغلات.

بقي شي ء و هو ان الوارد في النصوص الواردة في المقام لفظ اليتيم و اليتيم من لا أب له فبأي وجه يتعدي في نفي الزكاة عن غير البالغ

غير اليتيم فنقول:

يمكن الاستدلال علي التعدي بوجوه.

منها: الاجماع المدعي علي عدم الفصل بين اليتيم و غيره. و منها: ان المستفاد من حديث الرفع عدم التعلق قبل البلوغ بلا فرق بين الموردين.

و منها: اطلاق بعض نصوص الباب لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال:

أرسلت الي أبي عبد اللّه عليه السلام ان لي أخوة صغارا فمتي تجب علي أموالهم الزكاة؟ قال: اذا وجب عليهم الصلاة وجب عليهم الزكاة قلت: فما لم تجب عليهم الصلاة؟ قال: اذا اتجر به فزكه «2» فان مقتضي اطلاق الحديث المذكور عدم الفرق.

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 19

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 327

[الثاني: العقل]

الثاني: العقل (1).

______________________________

و ما أفاده في مصباح الهدي في هذا المقام من أن سياق الخبر يدل علي كون الصغار ايتاما ليس علي ما ينبغي فانه لا دليل علي المدعي المذكور و لاحظ ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب علي مالهم زكاة؟ فقال: لا يجب في مالهم زكاة حتي يعمل به فاذا عمل به وجبت الزكاة فأما اذا كان موقوفا فلا زكاة عليه «1».

فانه قد صرح في هذا الخبر بنفي الزكاة مع فرض وجود الاب للصبية لكن الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن الفضيل.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أو استدل به وجوه: الوجه الاول:

انه لا فرق بين الطفل و المجنون فان مقتضي الاعتبار و الاستقراء اشتراكهما في الاحكام غالبا و عن الجواهر: «انه لا دليل علي هذه التسوية الا مصادرات لا ينبغي للفقيه الركون اليها».

الوجه الثاني:

حديث الرفع لاحظ ما رواه ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال علي عليه السلام: أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «2».

فان مقتضاه رفع القلم عن المجنون و لكن الرواية ضعيفة سندا و يمكن استفادة اشتراط العقل في توجه التكليف من جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3».

و يرد عليه ان ثبوت الزكاة في المال حكم وضعي لا ينافي عدم تعلق التكليف

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11

(3) لاحظ: ص 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 328

______________________________

فلو تم اطلاق دليل التعلق يؤخذ به فتأمل.

الوجه الثالث: عدم تمامية الاطلاق في ادلة وجوب الزكاة فالقصور في المقتضي و مع عدم الدليل علي الوجوب يكون مقتضي الاصل هو العدم.

و ربما يقال: بأن الاطلاق و ان لم يتم في بعضها و لكن يكفي الاطلاق في البعض الاخر لاحظ ما رواه الخمسة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام (في الشاة) في كل أربعين شاة شاة و ليس فيما دون الاربعين شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان و ليس فيها اكثر من شاتين حتي تبلغ مأتين فاذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها شي ء أكثر من ذلك حتي تبلغ ثلاثمائة فاذا بلغت ثلاثمائة ففيها

مثل ذلك ثلاث شياة فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتي تبلغ أربعمائة فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة و سقط الامر الاول و ليس علي ما دون المائة بعد ذلك شي ء و ليس في النيف شي ء و قالا: كل ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «1».

فانه يمكن أن يقال: بأن مقتضي هذه الرواية وجوبها بالنسبة الي كل احد و التخصيص يحتاج الي الدليل. الا أن يقال: ان هذه الرواية كغيرها ليست في مقام البيان من هذه الجهة.

الوجه الرابع: ما تقدم في اشتراط البلوغ من أن المستفاد من قوله تعالي:

«خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً» الاية «2» ان الزكاة تقتضي الطهارة و التزكية بالنسبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) التوبة/ 103

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 329

[الثالث: الحرية]

اشارة

الثالث: الحرية (1).

______________________________

الي الاشخاص فلا تتصور في مورد عدم الذنب و حيث ان المجنون لا يكون مكلفا كي يتصور في حقه الذنب فلا موضوع للطهارة و التزكية بالزكاة.

الوجه الخامس: النص الخاص لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة من اهلنا مختلطة أ عليها زكاة؟ فقال: ان كان عمل به فعليها زكاة و ان لم يعمل به فلا «1».

فان مقتضي الشرطية انه مع عدم العمل و عدم التجارة لا زكاة في مال المجنون و اختصاص مورد الرواية بالمال الصامت فلا تعرض فيها للمواشي و الغلات لا دليل عليه بل المستفاد من الحديث بمقتضي الاطلاق مطلق المال بلا فرق.

و يؤيد المدعي عنوان صاحب الوسائل هذا الباب بباب عدم وجوب الزكاة في مال المجنون و استحبابها اذا اتجر به وليه و

الا لم تستحب.

و يؤيد المدعي ما رواه موسي بن بكر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة و لها مال في يد اخيها هل عليه زكاة؟ قال: ان كان أخوها يتجر به فعليه زكاة «2».

(1) أما علي القول بعدم ملكية العبد و انه لا يملك فلا موضوع لوجوب الزكاة بالنسبة اليه اذ من شرائط وجوبها الملكية و أما علي القول بصيرورته مالكا فيظهر من بعض الكلمات ان المشهور فيما بين القوم هو عدم الوجوب أيضا لجملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في مال

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 330

فلا تجب في مال من كان صبيا أو مجنونا أو عبدا في زمان التعلق أو في أثناء الحول اذا كان مما يعتبر فيه الحول بل لا بد من استئناف الحول من حين البلوغ و العقل و الحرية (1).

______________________________

المملوك شي ء و لو كان له ألف ألف و لو احتاج لم يعط من الزكاة شيئا «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في رجل يهب لعبده الف درهم أو أقل أو أكثر فيقول: حللني من ضربي اياك و من كل ما كان مني إليك و مما أخفتك و أرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه ثم ان المولي بعد أصاب الدراهم التي كان أعطاها في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولي أ حلال هي له؟ قال: فقال: لا تحل له لأنه افتدي بها نفسه من

العبد مخافة العقوبة و القصاص يوم القيامة قال: قلت له: فعلي العبد أن يزكيها اذا حال عليها الحول؟ قال: لا الا أن يعمل له بها و لا يعطي العبد من الزكاة شيئا «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله رجل و أنا حاضر عن مال المملوك أ عليه زكاة؟ فقال: لا و لو كان له ألف ألف و لو احتاج لم يكن له من الزكاة شي ء «3».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة.

(1) يظهر من بعض الكلمات انه المشهور بين الاصحاب و في كلام بعض الاعاظم: انه نسب الي ظاهرهم قال: بل ادعي نفي الخلاف الظاهر فيه. و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) تهذيب الاحكام ج 8 ص: 225 حديث: 41

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 331

______________________________

الامر الاول: اصالة البراءة بتقريب: ان مقتضي الاصل عدم وجوبها عليه في الفرض المذكور. و فيه: انه انما يرجع الي الاصل اذا لم يكن و لم يتم علي أحد الطرفين دليل اجتهادي و الا فلا مجال للرجوع الي الاصل كما هو ظاهر.

الامر الثاني: حديث الرفع. و فيه: ان التمسك بالحديث في المقام لا وجه له اذ الكلام في وجوبها عليه بعد بلوغه و القلم غير مرفوع عن البالغ العاقل مضافا الي عدم تمامية التقريب بالنسبة الي الشرط الثالث اي الحرية.

الامر الثالث: انه يشترط التمكن من التصرف و الصبي

لا يتمكن من التصرف في ما له قبل البلوغ و كذلك المجنون فيشترط البلوغ و العقل في تمام الحول.

و فيه: ان امكان التصرف لا يستلزم التصرف مباشرة بل يكفي جوازه لمن يكون وكيلا أو وليا فتأمل. و يؤكد المدعي- ان لم يدل عليه- القول باستحباب الزكاة في مال الطفل. مضافا الي عدم تمامية هذا التقريب بالنسبة الي الشرط الثالث.

الامر الرابع: ما رواه أبو بصير «1» فان الظاهر من قوله عليه السلام:

«ان بلغ فليس عليه لما مضي زكاة» يدل علي أنه غير مكلف بالزكاة في الاموال التي ملكها قبل البلوغ مطلقا سواء مضي عليها أحوال عديدة أو بعض الحول.

و بعبارة اخري: يستفاد من الحديث ان اليتيم بعد بلوغه لا يؤخذ بالنسبة الي ما مضي عليه من الزمان بلا فرق بين مضي الحول أو بعضه.

و يرد عليه: ان سند الحديث مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال لكن للرواية سند آخر «2» و لا اشكال فيه فهذه الرواية بصدرها تدل علي المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 321

(2) لاحظ ص: 320

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 332

______________________________

بالنسبة الي غير البالغ و أما ذيل الحديث فيمكن أن يكون المراد منه ان اليتيم بعد بلوغه اذا أدرك موضوع وجوب الزكاة تجب عليه و الا فلا فيكون الذيل مؤكدا للصدر.

و ان أبيت عن كون المراد منه ما ذكر نقول: ان اجمال الذيل لا يضر بظهور الصدر و هو كاف للاستدلال علي المدعي غاية الامر انما يكون دليلا بالنسبة الي البلوغ كما هو ظاهر.

الامر الخامس: ان ما دل من النصوص من انه لا زكاة في مال اليتيم ظاهر في أن مال اليتيم ليس موضوعا للزكاة و بعبارة اخري يستفاد منه ان موضوع الزكاة يشترط فيه

بلوغ من يملكه هذا من ناحية و من ناحية اخري يستفاد من دليل اعتبار حولان الحول علي ما هو الموضوع فالنتيجة انه لا بد من اعتبار حولان الحول في زمان بلوغ المالك.

و بهذا البيان يستدل علي المدعي بالنسبة الي مال العبد اذ قد دل النص علي أنه ليس في مال المملوك شي ء فالقيد قيد للموضوع بالتقريب المذكور. و لكن هذا البيان لا يتم بالنسبة الي مال المجنون اذا صار عاقلا و اذا تم فانما يتم بالنسبة الي غير البالغ و العبد.

لكن الانصاف ان الاستدلال المذكور من اصله غير تام فان المستفاد من دليل عدم الزكاة في مال اليتيم و كذا المستفاد من عدم الزكاة في مال العبد ان المال المضاف الي اليتيم أو العبد المعنون بهذه الاضافة لا يتعلق به الزكاة و هذا لا يقتضي الالتزام بحولان الحول في زمان البلوغ و الحرية بل يكفي تحقق هذا العنوان علي الاطلاق فلو بلغ اليتيم في أثناء الحول يتوجه اليه التكليف بعد تمامية الحول.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 333

______________________________

ان قلت: اذا كان كذلك يلزم اعتبار الاحوال الماضية التي بلغ بعدها اذ لو كان المراد من الحول ما يعم قبل البلوغ وجبت الزكاة لما مضي من الاحوال و التفكيك بين بعض المدة و تمامها بلا وجه.

قلت: اذا تم موضوع الوجوب و مع ذلك لم يتعلق لعدم البلوغ أو الحرية أو العقل كما لو حصل الدخول في الشهر الثاني عشر و لم يكن المالك بالغا فلا مقتضي للوجوب بعد ذلك.

و بعبارة اخري: المستفاد من دليل اشتراط حولان الحول ان التكليف يتوجه الي المالك بعد تحقق الحول فاذا لم يتوجه لعدم البلوغ فلا يتوجه بعد البلوغ الا أن يقوم دليل

آخر يدل علي وجوبه فلا مقتضي للوجوب بالنسبة الي الاحوال الماضية و أما اذا بلغ أثناء الحول يتم موضوع التكليف بتحقق البلوغ و علي هذا الاساس نقول: ان مقتضي حديث الرفع عدم ضمان الصبي لا في حال صباوته و لا بعد البلوغ فلو أتلف مال الغير لا يكون ضامنا حتي بعد البلوغ اذ بمقتضي حديث رفع القلم عنه لا يتحقق الضمان قبل البلوغ و بعد البلوغ لم يتحقق بالنسبة اليه موضوع للضمان فالنتيجة ان هذا الوجه غير تام.

اذا عرفت ما تقدم نقول: أما بالنسبة الي اليتيم فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بصير كما تقدم و أيضا يمكن الاستدلال بالوجه الثالث و هو اشتراط التمكن فانه يشترط أن يحول الحول علي المال و هو في يده و تصرفه و الحال ان غير البالغ لا يمكنه التصرف و كفاية تصرف الولي تحتاج الي الدليل و بهذا البيان يتم الاستدلال بالنسبة الي المجنون اذا صار عاقلا أثناء الحول و أما العبد فان قلنا بأنه ممنوع من التصرف يتم الاستدلال بالنسبة اليه أيضا و الا فيشكل الا مر فيه و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 334

[مسألة 1: لا فرق في الجنون المانع عن الزكاة بين الاطباقي و الادواري]

(مسألة 1): لا فرق في الجنون المانع عن الزكاة بين الاطباقي و الادواري (1).

[الرابع: الملك]

الرابع: الملك (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المستفاد من الدليل عدم الزكاة في مال المجنون و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اقسام الجنون.

(2) قال في الحدائق: «و عليه اتفاق العلماء- كما نقله في المعتبر» «1».

و قال في المستمسك: «و عن نهاية الاحكام و غيرها الاجماع عليه» «2». و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسئ أو يعين فلا يزال ماله دينا كيف يصنع في زكاته؟ قال: يزكيه و لا يزكي ما عليه من الدين انما الزكاة علي صاحب المال «3».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه أسأله عن رجل عليه مهر امرأته لا تطلبه منه اما لرفق بزوجها و اما حياء فمكث بذلك علي الرجل عمره و عمرها تجب عليه زكاة ذلك المهر أم لا؟ فكتب لا تجب عليه الزكاة الا في ماله «4».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون عليه الدين قال: يزكي ماله و لا يزكي ما عليه من الدين انما الزكاة علي صاحب المال «5».

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 30

(2) مستمسك العروة ج 9 ص: 11

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 335

زمان التعلق (1) أو في تمام الحول كما تقدم (2) فلا زكاة علي المال الموهوب و المقروض قبل قبضه و المال الموصي به قبل وفاة الموصي (3).

[الخامس: التمكن من التصرف]

اشارة

الخامس: التمكن من التصرف (4).

______________________________

و منها: ما رواه عن زرارة أبي جعفر عليه السلام

و ضريس عن أبي عبد اللّه عليه السلام انهما قالا: ايما رجل كان له مال موضوع حتي يحول عليه الحول فانه يزكيه و ان كان عليه من الدين مثله و أكثر منه فليزك ما في يده «1».

اضف الي ذلك ان عدم وجوب الزكاة في غير المملوك من الواضحات التي لا ريب فيها:

(1) اذ المفروض انها لا تتعلق بغير الملك كما تقدم.

(2) اذ دخول الحول علي موضوع الزكاة شرط في وجوبها و مع عدم الملك يكون الموضوع منتفيا.

(3) فان المال الموهوب لا يصير ملكا قبل القبض و اذا قلنا: ان القبض لا يكون شرطا للملك بل يكون شرطا للزوم الهبة أو قلنا بأن القبض شرط للملك و لكن بنحو الكشف الحقيقي تجب الزكاة علي المتهب لتحقق الشرط بل الامر كذلك حتي علي القول بالكشف الحكمي اذ بناء عليه يترتب عليه الآثار للملك السابق و من آثاره وجوب الزكاة علي الفرض و مثله المال المقروض كما أن المال الموصي به لا يصير ملكا للموصي له قبل وفاة الموصي.

(4) قال في الحدائق في هذا المقام: «و هو أيضا مما لا خلاف فيه فيما أعلم» الي آخر كلامه. و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه سدير الصير في قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 336

______________________________

رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظن أن المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ثم انه احتفر الموضع الذي من جوانبه كله (كلها) فوقع

علي المال بعينه كيف يزكيه؟ قال: يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه و ان كان احتبسه «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري اين هو و مات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال: يعزل حتي يجي ء قلت: فعلي ماله زكاة؟ قال: لا حتي يجي ء قلت: فاذا هو جاء أ يزكيه فقال: لا حتي يحول عليه الحول في يده «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن رجل ورث مالا و الرجل غائب هل عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقدم قلت: أ يزكيه حين يقدم؟

قال: لا حتي يحول عليه الحول و هو عنده «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة علي الدين و لا علي المال الغائب عنك حتي يقع في يديك «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عمن رواه (عن زرارة) عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل ماله عنه غائب لا يقدر علي أخذه قال: فلا زكاة عليه حتي يخرج فاذا خرج زكاه لعام واحد فان كان يدعه متعمدا و هو يقدر علي أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 337

و اعتباره علي نحو ما سبق (1) و المراد به القدرة علي التصرف فيه بالاتلاف و

نحوه (2).

______________________________

(1) أي ان كان مما يشترط فيه الحول لا بد من تمكنه عليه في تمام الحول كما يصرح به في روايتي اسحاق فلاحظ

(2) كما يستفاد من حديث سدير فانه يستفاد من هذا الحديث ان التمكن من التصرف الاعتباري لا يكفي بل يشترط في تعلق الزكاة التمكن من التصرف الخارجي في العين و حيث انه لا يمكنه التصرف في المدفون كما هو المفروض فلا تجب الزكاة اذا لم يمكن للمالك التصرف الخارجي في العين بل يشترط فيها التمكن الشرعي أيضا اذ المانع الشرعي كالعقلي.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 337

و بعبارة اخري: المستفاد من الادلة الواردة في المقام انه يشترط في وجوب الزكاة التمكن الخارجي من التصرف هذا من ناحية و من ناحية اخري التصرف الممنوع شرعا لا أثر له فيلزم أن يكون التصرف الخارجي في العين ممكنا خارجا و شرعا و يؤيد المدعي مرسل ابن بكر «1».

أضف الي ذلك ان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي ما ذكر فان المستفاد من دليل شرطية التمكن في وجوب الزكاة الارفاق من الشارع الاقدس بالنسبة الي المكلف فكيف يمكن أن يكون المكلف ممنوعا من التصرف و مع ذلك تكون الزكاة واجبة عليه.

بل يمكن أن يقال: بأن عدم الوجوب في مورد المنع الشرعي أولي من عدمه في مورد المنع العقلي و عدم الامكان الخارجي لان الامتناع الخارجي لا يرتبط بالشارع بما هو شارع و أما المنع الشرعي فهو منه بما هو كذلك فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 338

فلا زكاة في المسروق و المجحود (1) و المدفون في

مكان منسي (2) و المرهون و الموقوف (3).

______________________________

لكن حديث سدير الذي هو اساس الاستدلال ضعيف بسدير حيث انه لم يوثق و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد كما قررناه. و لكن لا يبعد امكان الاستدلال علي المدعي بما رواه اسحاق «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان شرط تعلق الزكاة كون العين في يد المالك و أيضا يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل يكون له الوديعة و الدين فلا يصل اليهما ثم يأخذ هما متي يجب عليه الزكاة؟ قال: اذا أخذهما ثم يحول عليه الحول يزكي «3».

الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 5 و 6 و غيرهما من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه من الوسائل و مما يدل علي المدعي ما رواه زرارة و ضريس عن أبي جعفر عليه السلام و أبي عبد اللّه عليه السلام «4» فانه يستفاد من قوله عليه السلام: «في يده» انه يمكنه التصرف فيه.

(1) اذ لا يمكنه التصرف في المسروق كما ان الامر كذلك في المجحود.

(2) كما صرح به في حديث سدير.

(3) فان الراهن ممنوع عن التصرف في الرهن كما أنه ليس لأحد التصرف في الموقوف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 335

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 339

و منذور التصدق به (1) و الغائب الذي لم يصل اليه و لا الي وكيله (2) و لا في الدين (3).

______________________________

(1) اذ يجب العمل

بالنذر و ان شئت فلت ان المستفاد من النصوص كما تقدم ان التمكن من التصرف شرط في وجوب الزكاة و حيث ان المنع الشرعي من التصرف كالمنع الخارجي لا يكون الشرط حاصلا فلا تجب.

هذا علي تقرير الالتزام بأن مقتضي النذر الوجوب التكليفي فقط و أما ان قلنا بأن مقتضي النذر تمليك الفعل للّه و يكون النذر المتعلق بالعين الخارجية موجبا لتعلق حق من قبله تعالي بالعين الخارجية فالامر أوضح و لكن اتمام المدعي مشكل اذ لا دليل علي تحقق حق وضعي له تعالي بالنذر فان النذر يوجب اشتغال الذمة بالفعل.

و ان شئت قلت: ان الواجبات الشرعية ديون للّه تعالي و الفرق بين النذر و غيره بأن بقية الواجبات ديون بلا توسيط ارادة المكلف و أما النذر فدين شرعي يتحقق باختيار المكلف، لا يوجب التفريق بين النذر و غيره و علي الجملة اثبات الملكية في النذر بحيث يثبت حق وضعي له تعالي في غاية الاشكال.

(2) كما صرح في بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «1».

(3) و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2»

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: الدين عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقبضه قلت: فاذا قبضه أ يزكيه؟ قال: لا حتي يحول عليه الحول في يده «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 340

و ان تمكن من استيفائه (1).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ليس في الدين زكاة؟

فقال: لا «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون له الدين علي الناس تجب فيه الزكاة؟ قال: ليس عليه زكاة حتي يقبضه فاذا قبضه فعليه الزكاة و ان هو طال حبسه علي الناس حتي يمر لذلك سنون فليس عليه زكاة حتي يخرج فاذا هو خرج زكاه لعامه ذلك و ان هو كان يأخذ منه قليلا قليلا فليترك ما خرج منه أولا فأولا فان كان متاعه و دينه و ماله في تجارته التي يتقلب فيها يوما بيوم فيأخذ و يعطي و يبيع و يشتري فهو شبه العين في يده فعليه الزكاة و لا ينبغي له أن يغير ذلك اذا كان حال متاعه و ماله علي ما وصفت لك فيؤخر الزكاة «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

ليس علي الدين زكاة الا أن يشاء رب الدين أن يزكيه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أخيه قال: سألته عن الدين يكون علي القوم المياسير اذا شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقبضه و يحول عليه الحول «4» و منها: ما رواه الفضلاء «5».

(1) وقع الكلام بين الاصحاب في وجوب الزكاة في الصورة المفروضة و عدمها و المسألة ذات قولين و منشأ الخلاف اختلاف النصوص الواردة في المقام فانه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 14

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 341

______________________________

يستفاد من بعض النصوص انه اذا أمكنه الاستيفاء و باختياره لم يستوف تجب فيه الزكاة و اللازم ملاحظة هذه الطائفة من النصوص و استفادة الحكم من المجموع

فنقول:

منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في الدين زكاة الا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره فاذا كان لا يقدر علي أخذه فليس عليه زكاة حتي يقبضه «1»، و هذه الرواية ضعيفة بابن مرار و لعله بغيره أيضا.

و منها: ما رواه عبد العزيز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الدين أ يزكيه؟ قال: كل دين يدعه هو اذا أراد أخذه فعليه زكاته و ما كان لا يقدر علي أخذه فليس عليه زكاة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال و منها: مرسل ابن بكير «3» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي ضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

و منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ علي الدين زكاة؟ قال: لا الا أن تضر به فأما ان غاب عنك سنة أو أقل أو أكثر فلا تزكه الا في السنة التي يخرج فيها «4» و هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسئ أو يعير فلا يزال ماله دينا كيف يصنع في زكاته؟ قال: يزكيه الحديث «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 336

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 342

[مسألة 2: لا تجب الزكاة في نماء الوقف اذا كان مجعولا علي نحو المصرف]

(مسألة 2): لا تجب الزكاة في نماء الوقف اذا كان مجعولا علي نحو المصرف (1) و

تجب اذا كان مجعولا علي نحو الملك من دون فرق بين العام و الخاص فاذا جعل بستانه وقفا علي أن يصرف نمائها علي ذريته أو علي علماء البلد لم تجب الزكاة فيه و اذا جعلها وقفا علي أن يكون نماؤها ملكا للأشخاص كالوقف علي الذرية مثلا و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة علي كل واحد منهم و اذا جعلها وقفا علي أن يكون نماؤها ملكا للعنوان كالوقف علي الفقراء أو العلماء لم تجب الزكاة و ان بلغت حصة من يصل اليه النماء مقدار النصاب (2).

______________________________

و هذه الرواية تامة سندا لكن يعارضها ما رواه علي بن جعفر «1» و الترجيح مع حديث ابن جعفر بالاحدثية و علي فرض التعارض و عدم الترجيح و التساقط تصل النوبة الي المطلقات الدالة علي عدم الزكاة في الدين و اللّه العالم.

(1) لعدم تحقق الملك الذي هو الشرط في الوجوب فلا تجب.

(2) اذ في هذه الصورة يكون الشرط حاصلا فتجب و حيث ان المائز بين الوقف الخاص و العام بتحقق الملك قبل الاخذ في الوقف الخاص و عدم تحققه قبله في الوقف العام يفصل بين الموردين- كما في المتن-.

و بعبارة اخري: اذا قلنا: بأن الوقف العام تمليك للكلي فما دام لا يحصل القبض الخارجي لا تتحقق الملكية فالنتيجة التفصيل المذكور في المتن و لذا صرح بقوله:

«علي أن يكون ملكا للعنوان» اي لا يكون ملكا للأشخاص و ان قلنا: بأنه ملك

______________________________

(1) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 343

[مسألة 3: إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة علي بعضهم بلوغ حصته النصاب]

(مسألة 3): اذا كانت الاعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة علي بعضهم بلوغ حصته النصاب و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب (1).

______________________________

للأشخاص كالوقف

الخاص تجب فيه أيضا.

و لا يخفي ان عبارة المتن موهمة للتسوية بين الخاص و العام حيث قال: «من دون فرق بين العام و الخاص» و الامر سهل بعد وضوح المراد و العجب من سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام حيث قوي ما أفاده سيد العروة قدس سره و جعل ما أفاده مبنيا علي عدم الملكية في الوقف العام و اختاره و مع ذلك في هامش العروة أورد علي المتن و أفاد بأنها واجبة اذا كان علي نحو التمليك.

(1) كما هو ظاهر فان المجموع ليس مكلفا بتكليف واحد بل وجوب الزكاة متوجه الي كل من اجتمعت فيه الشرائط و عليه لا تجب اذ المفروض ان حصة كل واحد من المشتركين لم تصل الي الحد الذي يكون موضوعا للزكاة و هذا الحكم علي القاعدة.

مضافا الي أنه منصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ليس في النيف شي ء حتي تبلغ ما يجب فيه واحد و لا في الصدقة و الزكاة كسور و لا يكون شاة و نصف و لا بعير و نصف و لا خمسة دراهم و نصف و لا دينار و نصف و لكن يؤخذ الواحد و يطرح ما سوي ذلك حتي تبلغ ما يؤخذ منه واحد فيؤخذ من جميع ماله قال زرارة: قلت له: مأتي درهم بين خمس أناس أو عشرة حال عليها الحول و هي عندهم أ يجب عليهم زكاتها؟ قال: لا هي بمنزلة تلك يعني جوابه في الحرث ليس عليهم شي ء حتي يتم لكل انسان منهم مأتا درهم قلت: و كذلك في الشاة و الابل و البقر و الذهب و الفضة و جميع الاموال؟ قال: نعم «1».

______________________________

(1)

الوسائل الباب 5 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 344

[مسألة 4: ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف]

(مسألة 4) ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف بخلاف سائر الخيارات (1).

[مسألة 5: الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة]

(مسألة 5) الاغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة (2).

[مسألة 6: إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب]

(مسألة 6): اذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب فيجب الاداء اذا تمكن بعد ذلك فان كان مقصرا كان ضامنا و الا فلا (3).

______________________________

(1) الوجه في التفصيل ان الخيار لا يكون مانعا من التصرف في العين و ان الملكية لمن عليه الخيار تحصل من زمان تحقق البيع و تحقيق المسألة موكول الي محله فعليه لا يكون ثبوت الخيار مانعا من ثبوت الزكاة نعم في خصوص الخيار المشروط برد الثمن يكون الخيار مانعا لأن من عليه الخيار لا يمكنه التصرف في العين و امكان التصرف شرط في وجوبها و الوجه فيه ان الشارط و لو بالارتكاز يشترط علي الطرف علي أن يبقي العين بحالها الي زمان رد الثمن.

و ان شئت قلت: البائع الذي يجعل لنفسه الخيار برد الثمن في مقام التحفظ علي العين و هذا هو الفارق بين هذا الخيار و بقية الخيارات.

(2) لإطلاق الادلة و عدم ما يوجب التقييد و قياسهما بالمجنون قياس مع الفارق فانه قد دل الدليل هناك علي العدم بخلاف المقام و مجرد كونهما في زماني السكر و الاغماء غير قابلين للتكليف لا يقتضي عدم التعلق و الا لكان النوم أيضا مانعا و صفوة القول: ان مقتضي الادلة ثبوتها في حقهما.

(3) كما هو ظاهر لتمامية الموضوع و علي فرض عدم التمكن اذا كان مقصرا يكون ضامنا لإتلافه مال الغير و علي فرض عدم التقصير فلا لعدم المقتضي للضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 345

[مسألة 7: زكاة القرض علي المقترض بعد قبضه لا علي المقرض]

(مسألة 7): زكاة القرض علي المقترض بعد قبضه لا علي المقرض فلو اقترض نصابا من الاعيان الزكوية و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة (1) و ان كان قد اشترط

في عقد القرض علي المقرض أن

______________________________

(1) ادعي عدم الخلاف فيه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل دفع الي رجل مالا قرضا علي من زكاته؟ علي المقرض أو علي المقترض؟ قال: لا بل زكاتها ان كانت موضوعة عنده حولا علي المقترض قال: قلت: فليس علي المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكي المال من وجهين في عام واحد و ليس علي الدافع شي ء لأنه ليس في يده شي ء انما المال في يد الاخر فمن كان المال في يده زكاه قال: قلت: أ فيزكي مال غيره من ماله فقال: انه ماله ما دام في يده و ليس ذلك المال لأحد غيره ثم قال: يا زرارة أ رأيت وضيعة ذلك المال و ربحه لمن هو؟ و علي من؟ قلت: للمقترض قال: فله الفضل و عليه النقصان و له أن ينكح و يلبس منه و يأكل منه و لا ينبغي له أن يزكيه بل يزكيه فانه عليه «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استقرض مالا فحال عليه الحول و هو عنده قال: ان كان الذي أقرضه يؤدي زكاته فلا زكاة عليه و ان كان لا يؤدي أدي المقترض «2».

و منها: ما رواه أبان بن عثمان عمن اخبره قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل عليه دين و في يده مال و في بدينه و المال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: اذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه اذا كان فيه فضل «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس

المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 346

يؤدي الزكاة عنه (1) نعم اذا أدي المقرض عنه صح و سقطت الزكاة عن المقترض (2) و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه باداء الزكاة كما يصح تبرع الاجنبي (3).

[مسألة 8: يستحب لولي الصبي و المجنون اخراج زكاة مال التجارة اذا اتجر بمالهما لهما]

(مسألة 8): يستحب لولي الصبي و المجنون اخراج زكاة مال التجارة اذا اتجر بمالهما لهما (4).

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقرض المال للرجل السنة و السنتين و الثلاث أو ما شاء اللّه علي من الزكاة؟ علي المقرض أو علي المستقرض؟ فقال: علي المستقرض لان له نفعه و عليه زكاته «1».

و منها: ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يكون عنده المال قرضا فيحول عليه الحول عليه زكاة؟ فقال: نعم «2».

(1) اذ هذا الشرط لا يقتضي سقوط الخطاب بالنسبة الي المالك.

(2) كما دل عليه ما رواه منصور «3» و يمكن أن يقال: بأن الصحة علي القاعدة لأنه من مصاديق اداء الدين و يجوز اداء دين الغير.

و لقائل أن يقول: ان الزكاة من العبادات و النيابة في الواجب العبادي عن الحي يحتاج الي الدليل اللهم أن يناقش في كون الزكاة عبادة.

(3) لا يبعد أن يستفاد من حديث المنصور جواز النيابة في جميع فروعها بدعوي ان العرف يفهم ان اداء الغير جائز بلا خصوصية للمورد و ان قلنا بأن جواز التأدية علي طبق القاعدة و لا يحتاج الي دليل خاص فالامر أسهل.

(4) في هذه المسألة فرعان: احدهما: استحباب الزكاة في مال التجارة اذا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 347

[مسألة 9: إذا علم البلوغ و التعلق و لم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة]

(مسألة 9): اذا علم البلوغ و التعلق و لم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة سواء علم تاريخ التعلق و جهل تاريخ البلوغ أم علم تاريخ البلوغ و جهل تاريخ التعلق أم جهل التاريخان (1) و كذا الحكم

______________________________

كانت التجارة للصبي. ثانيهما استحبابها: في مال

التجارة اذا كانت للمجنون أما استحبابها في الفرع الاول فقد ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه محمد ابن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل علي مال اليتيم زكاة؟ قال لا الا أن يتجر به أو تعمل به «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه محمد بن الفضيل «2» و مقتضي ظاهر النص كما تري وجوب الزكاة و لكن ترفع اليد عنه بالتسالم و الاتفاق علي العدم.

و أما استحبابها في الفرع الثاني فقد ادعي عدم الخلاف فيه و يدل علي المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «3» و هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في الوجوب لكن بالتسالم و الاتفاق علي العدم ترفع اليد عنها.

(1) حيث ان بناء الماتن في بحث تعاقب الحادثين علي جريان الاصل بلا فرق بين مجهول التاريخ و معلومه- و هو الحق عندنا- فكما أفاد في المتن يجري استصحاب عدم البلوغ الي زمان التعلق و مقتضي استصحاب عدم البلوغ عدم وجوب الزكاة و أما استصحاب عدم التعلق الي زمان البلوغ لا يحرز موضوع الوجوب الا علي القول بالمثبت و علي فرض الاغماض لا أثر له اذ بالتعارض يتساقط الاصلان و مقتضي البراءة عدم الوجوب و لا مجال للأخذ بعموم الدليل اذ بعد تخصيصه و اخراج غير البالغ يكون الاخذ به من الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 327

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 348

في المجنون اذا كان جنونه سابقا و طرأ العقل (1) أما اذا كان عقله سابقا و طرأ الجنون وجبت الزكاة سواء علم تاريخ

التعلق و جهل تاريخ الجنون أو علم تاريخ الجنون و جهل تاريخ التعلق أو جهل التاريخان معا (2).

[مسألة 10: إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة اذا كان تعلقها قبل تعلق الحج]

(مسألة 10): اذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة اذا كان تعلقها قبل تعلق الحج (3) و لم يجب الحج (4) و ان كان بعده وجب الحج و يجب عليه حينئذ حفظ استطاعته و لو بتبديل المال بغيره (5) نعم اذا لم يبدل حتي مضي عليه الحول وجبت الزكاة أيضا (6).

[المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة]

اشارة

المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة: تجب الزكاة في الانعام الثلاثة: الابل و البقر و الغنم و الغلات الاربعة: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و في النقدين: الذهب و الفضة (7) و لا تجب فيما عدا

______________________________

لا نقول به فلاحظ.

(1) الكلام فيه هو الكلام.

(2) فانه ينعكس الامر اذ مقتضي استصحاب بقاء العقل الي زمان التعلق وجوبها.

(3) اذ المفروض تحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(4) لعدم المقتضي لوجوبه اذ فرض تعلق الزكاة و من الظاهر ان الاستطاعة لا تحصل بما يكون مملوكا للغير أو يكون متعلقا لحقه.

(5) لان موضوع الحج تحقق علي الفرض فيجب فان المستطيع يجب عليه حفظ استطاعته فيجب التبديل.

(6) لتمامية موضوعها فتجب.

(7) عن المستند: «انه من ضروريات الدين». و عن التذكرة: «انه مورد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 349

ذلك نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الارض كالسمسم و الارز و الدخن و الحمص و العدس و الماش و الذرة و غيرها (1).

______________________________

اجماع المسلمين» و عن الجواهر: «انه من ضروريات الفقه ان لم يكن من ضروريات الدين».

و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لما نزلت آية الزكاة: «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا» في شهر رمضان فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في

الناس: ان اللّه تبارك و تعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ففرض اللّه عليكم من الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و نادي فيهم بذلك في شهر رمضان و عفي لهم عما سوي ذلك الحديث «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و النصوص الواردة في المقام علي قسمين: احدهما ما يدل علي عدم الوجوب في غير التسعة ثانيهما: ما يدل علي الوجوب أما القسم الاول فهي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

فرض اللّه عز و جل الزكاة مع الصلاة في الاموال و سنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في تسعة أشياء و عفي (رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله) عما سواهن في الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(2) مر آنفا

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 350

______________________________

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال:

و الزكاة علي تسعه أشياء: علي الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و الذهب و الفضة «1».

و منها: ما رواه أبو سعيد القماط عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام

انه سئل عن الزكاة فقال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة و عفي عما سوي ذلك: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و البقر و الغنم و الابل فقال السائل: و الذرة فغضب عليه السلام ثم قال: كان و اللّه علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله السماسم و الذرة و الدخن و جميع ذلك فقال: انهم يقولون: انه لم يكن ذلك علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و انما وضع علي تسعة لما لم يكن بحضرته غير ذلك فغضب و قال: كذبوا فهل يكون العفو الا عن شي ء قد كان و لا و اللّه ما أعرف شيئا عليه الزكاة غير هذا فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر «2».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

و منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: الزكاة علي تسعة أشياء:

علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 351

______________________________

و منها: ما رواه الحسن ابن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الزكاة فقال: الزكاة علي تسعة أشياء: علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «2».

و منها: ما رواه محمد (بن جعفر) الطيار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما تجب فيه الزكاة فقال: في تسعة أشياء: الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك فقلت: أصحلك اللّه فان عندنا حبا كثيرا قال: فقال: و ما هو؟ قلت: الارز قال:

نعم ما أكثره فقلت: أ فيه الزكاة؟ فزبرني قال: ثم قال: أقول لك: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عفي عما سوي ذلك و تقول: ان عندنا حبا كثيرا أ فيه الزكاة «3».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك:

علي الفضة و الذهب و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم فقال له الطيار و أنا حاضر: ان عندنا حبا كثيرا يقال له: الارز فقال له

أبو عبد اللّه عليه السلام:

و عندنا حب كثير قال: فعليه شي ء؟ قال: لا قد أعلمتك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 352

______________________________

و آله عفا عما سوي ذلك «1».

و منها: ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام ان الزكاة انما تجب جميعا في تسعة أشياء خصها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بفريضتها فيها و هي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصدقة فيما هي؟ قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: في تسعة:

الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و عفي عما سوي ذلك «3».

و أما القسم الثاني فهي أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن مهزيار في حديث ان أبا الحسن عليه السلام كتب الي عبد اللّه بن محمد: الزكاة علي كل ما كيل بالصاع قال: و كتب عبد اللّه و روي غير هذا الرجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن الحبوب فقال: و ما هي؟ فقال: السمسم و الارز و الدخن و كل هذا غلة كالحنطة و الشعير فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: في الحبوب كلها زكاة و روي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: كل ما دخل القفيز فهو

يجري مجري الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب قال: فأخبرني جعلت فداك هل علي هذا الارز و ما أشبهه من الحبوب الحمس و العدس زكاة؟ فوقع عليه السلام: صدقوا الزكاة في كل شي ء كيل «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 353

______________________________

و منها: ما رواه أبو مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحرث ما يزكي منه؟ فقال: البر و الشعير و الذرة و الارز و السلت و العدس كل هذا مما يزكي و قال: كل ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الحبوب ما يزكي منها؟ قال عليه السلام: البر و الشعير و الذرة و الدخن و الارز و السلت و العدس و السمسم كل هذا يزكي و أشباه «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله و قال: ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه مثله و قال: كل ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة و قال: جعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي ء أنبتت الارض الا ما كان في الخضر و البقول و كل شي ء يفسد من يومه «4».

فتقع المعارضة بين الجانبين و ربما يقال: بأنه يحمل ما يدل علي الوجوب علي الاستحباب ببركة ما يدل علي عدمه و قد ذكرنا غير مرة أن مثل هذا الجمع ليس جمعا عرفيا.

قال في الحدائق: «و

الاصحاب قد جمعوا بين الاخبار بحمل هذه الاخبار الاخيرة علي الاستحباب كما هي قاعدهم و عادتهم في جميع الابواب و قد عرفت ما فيه في غير مقام و الاظهر عندي حمل هذه الاخبار الاخيرة علي التقية التي هي في اختلاف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 354

______________________________

الاحكام الشرعية أصل كل بلية فان القول بوجوب الزكاة في هذه الاشياء مذهب الشافعي و أبي حنيفة و مالك و أبي يوسف و محمد كما نقله في المنتهي» «1» انتهي.

و يدل علي المدعي أي عدم الوجوب ما رواه علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبد اللّه بن محمد الي أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الزكاة علي تسعة أشياء: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الغنم و البقر و الابل و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عما سوي ذلك فقال له القائل: عندنا شي ء كثير يكون أضعاف ذلك فقال: و ما هو؟ فقال له: الارز فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام اقول لك: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم وضع الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك و تقول: عندنا ارز و عندنا ذرة و قد كانت الذرة علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فوقع عليه السلام: كذلك هو و الزكاة علي كل ما كيل بالصاع الحديث «2».

و لنا أن نقول: ان

حديث ابن مهزيار بنفسه دال علي استحباب الزكاة في غير التسعة و الدليل ما ذكره صاحب الوسائل في ذيل الحديث فانه قدس سره بعد نقل الحديث قال: «أقول: المراد انه تستحب الزكاة فيما عدا الغلات الاربع من الحبوب اذ لا تصريح فيه و لا فيما يأتي بالوجوب و قد ورد التصريع فيما مضي و يأتي بنفي الوجوب فتعين الاستحباب ذكر ذلك الشيخ و جماعة من الاصحاب و لو لا ذلك لزم التناقض في هذا التوقيع» انتهي.

و الامر كما أفاد و أن قوله عليه السلام في الجواب «كذلك هو و الزكاة علي

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 108

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 355

و لا تستحب في الخضروات مثل البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها (1).

______________________________

كل ما كيل بالصاع» يدل علي استحباب الزكاة و الا فكيف يمكن الجمع بين كلاميه فيرفع التناقض و يجمع بين كلاميه بهذا النحو.

الا أن يقال: انه لا دليل عليه بل مقتضي التناقض بين كلاميه سقوطهما بالتعارض فلا طريق للجمع بين النصوص الا بحمل ما يدل علي الوجوب علي التقية فان المستفاد من الطائفة الاولي عدم الوجوب بل نص في بعض تلك النصوص علي عدمه كحديث ابن مهزيار فانه قد صرح فيه بعدم الوجوب في الارز كما ان المستفاد من حديثي الطيار و جميل «1» كذلك فلا مجال لان يقال: تقيد الطائفة الاولي بالثانية بل تتعارضان فلا بد من ترجيح احد الطرفين و حيث ان الطائفه الاولي خلاف العامة يؤخذ بها و ترجح علي الطائفة الثانية.

(1) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه

محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الخضر فيها زكاة و ان بيع (بيعت) بالمال العظيم فقال: لا حتي يحول عليه الحول «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما في الخضر؟

قال: و ما هي؟ قلت: القضب و البطيخ و مثله من الخضر قال: ليس عليه شي ء الا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة و عن الغضاة من الفرسك و أشباهه فيه زكاة؟ قال: لا قلت: فثمنه؟ قال: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (أ) و أبي عبد اللّه عليهما السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 351

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 356

و تستحب أيضا في مال التجارة (1).

______________________________

في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان مالا هل فيه الصدقة؟ قال: لا «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و جعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي ء انبتت الارض الا ما كان في الخضر و البقول و كل شي ء يفسد من يومه «2».

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان لنا رطبة و ارزا فما الذي علينا فيهما؟ فقال عليه السلام: أما الرطبة فليس عليك فيها شي ء الحديث «3».

و منها: ما رواه عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القطن و الزعفران عليهما زكاة؟ قال: لا «4».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: ليس علي البقول و لا علي البطيخ و أشباهه زكاة الا ما اجتمع عندك من غلته فبقي عندك سنة «5».

و منها: غيرها مما ورد في الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي الوجوب جملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال سأله سعيد الاعرج و أنا أسمع فقال: انا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة فربما مكث عندنا السنة و السنتين هل عليه زكاة؟ قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 357

______________________________

ان كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك زكاته و ان كنت انما تربص به لأنك لا تجد الا وضيعة فليس عليك زكاة حتي يصير ذهبا أو فضة فاذا صار ذهبا أو فضة فزكه للسنة التي اتجرت فيها «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سأل سعيد الا عرج السمان أبا عبد اللّه و ذكر مثله الا أنه قال: السنتين و السنين ان كنت تربح منه أو يجي ء منه رأس ماله فعليك زكاته و قال في آخره فزكه للسنة التي يخرج فيها «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري متاعا فكسد عليه متاعه و قد زكي ماله قبل أن يشتري المتاع متي يزكيه؟

فقال: ان كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة و ان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال قال و

سألته عن الرجل توضع عنده الاموال يعمل بها فقال: اذا حال عليه الحول فليزكها «3».

و منها ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكي ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتي يبيعه؟ فقال: ان كان أمسكه التماس الفضل علي رأس المال فعليه الزكاة «4».

و منها: ما رواه خالد بن الحجاج الكرخي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها الا لتزداد فضلا علي فضلك فزكه و ما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شي ء

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 358

______________________________

آخر «1».

و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل.

و تدل علي عدمها أيضا طائفة اخري من النصوص: منها: ما رواه زرارة قال:

كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام و ليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال:

يا زرارة ان أبا ذر و عثمان تنازعا علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال عثمان: كل مال من ذهب أو فضة يدار به و يعمل به و يتجر به ففيه الزكاة اذا حال عليه الحول فقال أبو ذر أما ما يتجر به أو دير و عمل به فليس فيه زكاة انما الزكاة فيه اذا كان ركازا أو كنزا موضوعا فاذا حال عليه

الحول ففيه الزكاه فاختصما في ذلك الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: فقال: القول ما قال أبو ذر فقال أبو عبد اللّه عليه السلام لأبيه: ما تريد الا أن يخرج مثل هذا فيكف الناس أن يعطوا فقرائهم و مساكينهم فقال أبوه: إليك عني لا اجد منها بدا «2».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشتري به متاعا ثم وضعه فقال: هذا متاع موضوع فاذا أحببت بعته فيرجع الي رأس مالي و أفضل منه هل عليه فيه صدقة و هو متاع؟ قال: لا حتي تبيعه قال: فهل يؤدي عنه ان باعه لما مضي اذا كان متاعا؟ قال: لا «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: الزكاة علي المال الصامت الذي يحول عليه الحول و لم يحركه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 359

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: الرجل يشتري الوضيعة يثبتها عنده لتزيد و هو يريد بيعها أعلي ثمنها زكاة؟ قال: حتي يبيعها قلت فان باعها أ يزكي ثمنها؟ قال: لا حتي يحول عليها الحول و هو في يده «1».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه. و يدل علي عدمها أيضا ما يدل علي حصر الزكاة في التسعة المتقدمة و قد جمعوا بين المتعارضين بحمل ما يدل

علي الوجوب علي الاستحباب.

و صاحب الحدائق «2» استشكل في هذا الجمع بدعوي انه ليس عليه دليل و نفي البعد عن حمل الاخبار الدالة علي الوجوب علي التقية حيث ان الوجوب مذهب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد

و استدل في مصباح الهدي «3» علي المدعي بأن أصل الرجحان اجماعي فيؤخذ به و ينفي الوجوب بالنصوص الدالة علي عدم الوجوب. و فيه انه ليس اجماعا تعبد يا كاشفا في قبال النصوص و النصوص الواردة في المقام متعارضة فلا بد من علاج التعارض.

و صاحب الوافي «4» مال الي حمل الاخبار الدالة علي الوجوب علي التقية و قال بعد نقل الاخبار: «بيان: في هذه الاخبار ما يشعر بأن الاخبار الاولة انما وردت للتقية الا ان صاحب التهذيبين و جماعة من الاصحاب حملوها علي الاستحباب».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الحدائق ج 12 ص: 149

(3) مصباح الهدي ج 9 ص: 338

(4) الوافي الجزء: 6 من ج 2 ص: 16 كتاب الزكاة

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 360

و في الخيل الاناث دون الذكور و دون الحمير و البغال (1).

[و الكلام في التسعة الأول يقع في مباحث]

اشارة

و الكلام في التسعة الاول يقع في مباحث:

[المبحث الأول: الأنعام الثلاثة و شرائط وجوبها- مضافا إلي الشرائط العامة المتقدمة أربعة]
اشارة

المبحث الاول:

الانعام الثلاثة و شرائط وجوبها- مضافا الي الشرائط العامة المتقدمة- أربعة

[الشرط الأول: النصاب]
اشارة

الشرط الاول: النصاب

[في الإبل اثني عشر نصابا]
اشارة

في الابل اثني عشر نصابا الاول: خمس و فيها شاة ثم عشر و فيها شاتان ثم خمس عشرة و فيها ثلاث شياه ثم عشرون و فيها اربع شياه ثم خمس و عشرون و فيها خمس شياه ثم ست

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل في البغال شي ء؟ فقال: لا و قلت: فكيف صار علي الخيل و لم يصر علي البغال؟ فقال: لان البغال لا تلقح و الخيل الاناث ينتجن و ليس علي الخيل الذكور شي ء قال: قلت:

فما في الحمير؟ قال: ليس فيها شي ء قال: قلت: هل علي الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شي ء؟ فقال: لا ليس علي ما يعلف شي ء انما الصدقة علي السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل فأما ما سوي ذلك فليس فيه شي ء «1».

و بهذه الرواية ترفع اليد عن اطلاق حديث محمد بن مسلم و زرارة عنهما عليهما السلام جميعا قالا: وضع أمير المؤمنين عليه السلام علي الخيل العتاق الراعية في كل عام دينارين و جعل علي البرازين دينارا «2».

و يقيد تلك الرواية بهذه الرواية و يفصل في الخيل بين الاناث و الذكور و ترفع اليد عن ظهور الحديث في الوجوب بالتسالم القطعي علي عدمه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 361

و عشرون و فيها بنت مخاض و هي الداخلة في السنة الثانية (1) ثم ست و ثلاثون و فيها بنت لبون و هي الداخلة في السنة الثالثة (2) ثم ست و أربعون و فيها حقة و هي الداخلة في السنة

الرابعة (3) ثم احدي و ستون و فيها جذعة و هي الداخلة في السنة الخامسة (4) ثم ست و سبعون و فيها بنتا لبون ثم احدي و تسعون و فيها حقتان ثم مأئة و احدي و عشرون و فيها في كل خمسين حقة و في كل أربعين بنت لبون (5).

______________________________

(1) قال في مجمع البحرين في مادة مخض: «و منه قيل للفصيل اذا استكمل الحول و دخل في الثانية ابن مخاض لأن امه لحقت بالمخض أي الحوامل و ان لم تكن حاملا».

(2) قال في مجمع البحرين في مادة «لبن»: «و ابن اللبون ولد الناقة استكمل السنة الثانية و دخل في الثالثة و الانثي بنت لبون سمي بذلك لان امه ولدت غيره فصار لها لبن و جمع الذكور كالأناث بنات لبون».

(3) قال في مجمع البحرين في مادة «حقق» «و الحق بالكسر ما كان من الابل ابن ثلاث سنين و دخل الرابعة و جمعها حقق مثل سدرة و سدر و الانثي حقة و هي دون الجذعة بسنة و سمي الحق حقا لاستحقاقه أن يحمل عليه و أن ينتفع به».

(4) كما صرح به في المجمع و تقدم كلامه آنفا.

(5) ادعي عليه اجماع الاصحاب بل ادعي اجماع المسلمين عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس فيما دون الخمس من الابل شي ء فاذا كانت خمسا ففيها شاة الي عشرة فاذا كانت عشرا ففيها (فاذا بلغت عشرا ففيها) شاتان فاذا بلغت خمسة عشر ففيها ثلاث من الغنم فاذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم فاذا بلغت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم فاذا زادت

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 362

______________________________

واحدة ففيها ابنة مخاض الي

خمس و ثلاثين فان لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر فان زادت علي خمس و ثلاثين بواحدة ففيها بنت لبون الي خمس و أربعين فان زادت واحدة ففيها حقة و انما سميت حقة لأنها استحقت أن يركب ظهرها الي ستين فان زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فان زادت واحدة ففيها ابنتا لبون الي تسعين فان زادت واحدة فحقتان الي عشرين و مأئة فان زادت علي العشرين و المائة واحدة ففي كل خمسين حقة و كل أربعين ابنة لبون «1».

و لا ينافيه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الزكاة فقال: ليس فيما دون الخمس من الابل شي ء فاذا كانت خمسا ففيها شاة الي عشر فاذا كانت عشرا ففيها شاتان الي خمس عشرة فاذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم الي عشرين ففيها أربع من الغنم الي خمس و عشرين فاذا كانت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم فان (فاذا) زادت واحدة ففيها ابنة مخاض الي خمس و ثلاثين فان لم يكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر فاذا زادت واحدة علي خمس و ثلاثين ففيها ابنة لبون انثي الي خمس و أربعين فاذا زادت واحدة ففيها حقة الي ستين فاذا زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فاذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون الي تسعين فاذا زادت ففيها حقتان الي عشرين و مائة فاذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة الحديث «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في خمس قلائص شاة و ليس فيما دون الخمس شي ء و في عشر شاتان و في خمس

عشرة ثلاث شياة و في عشرين أربع و في خمس و عشرين خمس و في ست و عشرين بنت مخاض

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 363

______________________________

الي خمس و ثلاثين.

و قال عبد الرحمن: هذا فرق بيننا و بين الناس فاذا زادت واحدة ففيها بنت لبون الي خمس و أربعين فاذا زادت واحدة ففيها حقة الي ستين فاذا زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فاذا زادت واحدة ففيها بنت لبون الي تسعين فاذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة «1».

اذ يمكن الجمع بين النصوص بحمل الطائفة المطلقة علي الطائفة المقيدة و عن بعض: انه اسقط النصاب السادس و يمكن استناده الي حديث الفضلاء علي طبق نقل الكليني عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا في صدقة الابل: في كل خمس شاة الي أن تبلغ خمسا و عشرين فاذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و ثلاثين فاذا بلغت خمسا و ثلاثين ففيها ابنة لبون ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و اربعين فاذا بلغت خمسا و اربعين ففيها حقة طروقة الفحل ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ ستين فاذا بلغت ستين ففيها جذعة ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و سبعين فاذا بلغت خمسا و سبعين ففيها ابنتا لبون ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ تسعين فاذا بلغت تسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها حقتان طروقتا الفحل فاذا زادت واحدة علي عشرين و مأئة ففي كل خمسين حقة

و في كل أربعين ابنة لبون ثم ترجع الابل علي أسنانها و ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء الحديث «2».

و لكن الحديث علي حسب نقل الصدوق يوافق مع غيره و لا تعارض قال في الوسائل و رواه الصدوق في معاني الاخبار عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن ابراهيم بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 364

فان كان العدد مطابقا للأربعين بحيث اذا حسب بالاربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة عمل علي الاربعين كالمائة و الستين و اذا كان مطابقا للخمسين بالمعني المتقدم عمل علي خمسين كالمائة و الخمسين و ان كان مطابقا لكل منهما كالمائتين تخير المالك بين العد بالاربعين و الخمسين و ان كان مطابقا لهما معا كالمائتين و الستين عمل عليهما معا فيحسب خمسينين و أربع اربعينات و علي هذا لا عفو الا فيما دون العشرة (1).

______________________________

هاشم عن حماد بن عيسي مثله الا أنه قال- علي ما في بعض النسخ الصحيحة-:

فاذا بلغت خمسا و عشرين فاذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض الي أن قال: فاذا بلغت خمسا و ثلاثين فان زادت واحدة ففيها ابنة لبون ثم قال: اذا بلغت خمسا و اربعين و زادت واحدة ففيها حقة ثم قال: فاذا بلغت ستين و زادت واحدة ففيهما جذعة ثم قال: فاذا بلغت خمسة و سبعين و زادت واحدة ففيها بنتا لبون ثم قال: اذا بلغت ستين و زادت واحدة ففيها حقتان و ذكر بقية الحديث مثله «1».

(1) قال في المستمسك في هذا المقام: «المحكي عن فوائد القواعد و مجمع البرهان و المدارك و غيرها: انه اذا تجاوز عدد الابل المائة و العشرين

تخير المالك بين الحساب بالاربعين و دفع بنت لبون عن كل أربعين و الحساب بالخمسين و دفع حقة عن كل خمسين من دون فرق بين استيفاء العدد بالاربعين فقط كالمائة و الستين المساوي لأربع أربعينات و بالخمسين فقط كالمائة و الخمسين المنقسم الي ثلاث خمسينات و بهما معا كالمائة و الاربعين المنقسم الي أربعين و خمسينين و بكل واحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 365

______________________________

منهما كالمائتين المنقسم الي خمس اربعينات و أربع خمسينات.

و نسب ذلك الي كل من أطلق قوله: «اذا بلغت مأئة واحدي و عشرين ففي كل أربعين بنت لبون و في كل خمسين حقّة» الي أن قال: «و عن المحقق و الشهيد الثانيين وجوب الحساب بما يستوفي به العدد فيتعين الحساب بالاربعين في المائة و الستين و بالخمسين في المائة و الخمسين و بهما في المائة و السبعين و مع الاستيع اب بهما يتخير كما في المائتين و نسب ذلك الي المبسوط و الخلاف و الوسيلة و السرائر و التذكرة و غيرها» انتهي موضوع الحاجة من كلامه.

و لا يخفي ان الظاهر ان المراد من قولهم و مع الاستيعاب بهما هو الاستيعاب بكل منهما و كيف كان استدل للقول الثاني بأنه مراعاة لحق الفقراء.

و أورد فيه: بأنه اي دليل دل علي وجوب هذه الرعاية. و استدل علي القول الاول بأن المذكور في حديثي زرارة و الفضلاء «1»: «ففي كل خمسين حقة و في كل أربعين بنت لبون» بتقريب: انه لو كان الاستيعاب واجبا و كان الاقتصار علي العدد المستوعب لازما لتعين الاقتصار علي ذكر الاربعين فقط اذ المائة و الاحدي و العشرون علي هذا القول يتعين عدها بالاربعين فقط.

و أظهر من ذلك

الاقتصار علي الخمسين في حديثي عبد الرحمن و أبي بصير «2» اذ لا وجه له الا كونه احدي فردي التخيير. و اورد في هذا الاستدلال بأن ذكر الاربعين و الخمسين في الحديثين الاولين ليس حكما لخصوص المائة و الاحدي و العشرين كي يتم هذا الاستدلال المذكور و انما كان حكما لما زاد علي المائة و العشرين مطلقا و المائة و الاحدي و العشرون احد أفراده فلا ينافيه تعين حسابها

______________________________

(1) لاحظ ص: 361 و 363

(2) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 366

______________________________

بالاربعين كما لا ينافيه تعين حساب المائة و الخمسين بالخمسين التي هي من أفراده.

ان قلت: ان المائة و الاحدي و العشرين مورد للحكم العام و لا يجوز تخصيص المورد. قلت: ان الواحدة فوق العشرين مأخوذة لا بشرط فيكون الموضوع كليا صادقا علي المرتبة المذكورة و غيرها من المراتب لا مأخوذة بشرط لا حتي يتم ما ذكر و الا، لم يكن الحكم عاما لها و لغيرها كما هو ظاهر.

و أما الاقتصار علي الخمسين في الحديثين الاخيرين فلا مجال للأخذ بظاهره المقتضي للتعين فانه خلاف النص و الفتوي فلا بد من التصرف فيه اما بالعمل علي التخيير أو بالحمل علي خصوص صورة توقف الاستيعاب علي العد بالخمسين.

و لا مجال لتوهم تعين الاول بدعوي: ان الحمل علي الثاني يوجب خروج المورد عن تحت الدليل فان هذا التوهم فاسد اذ قلنا ان موضوع الدليل كلي الزائد علي المائة و العشرين لا خصوص المائة و الاحدي و العشرين.

و استدل للقول بلزوم الاستيعاب بأن العد علي طبق ما لا يستوعب يلزم منه طرح دليل الاخر بلا مقتض ففي المائة و الاحدي و العشرين اذا عمل علي حساب خمسين يلزم منه

طرح ما دل علي وجوب بنت لبون في كل أربعين فان ذلك الدليل يقتضي أن يكون في العشرين الزائدة علي المائة منضمة الي عشرين من المائة بنت لبون و العمل بالخمسين يقتضي أن لا يكون فيها شي ء و تكون عفوا بخلاف ما لو عمل بالمستوعب فانه لا يلزم منه طرح دليل الاخر اذ لو عمل بالاربعين في المثال المذكور و قسم العدد المفروض الي ثلاث أربعينات و اعطي عنها ثلاث بنت لبون لم يبق مورد للخمسين فيجب الاستيعاب.

و يرد عليه: ان طرح الدليل فيما يكون موضوعه محققا و مع ذلك لا يعمل علي طبق دليله مثلا في المائة و الاربعين لو بني علي العد بالخمسين فقط بقي بعد عد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 367

______________________________

خمسين أربعون فلو لم يدفع عنها بنت لبون يلزم طرح دليل وجوب بنت لبون في كل أربعين و أما في مثل المائة و الستين لا يلزم الاشكال المذكور اذ الزائد علي ثلاث خمسينات عشرة و هي ليست موضوعا للحكم.

و استدل للقول بوجوب الاستيعاب أيضا بأن حمل الواو علي التخيير خلاف الظاهر اذ لو كان التخيير مرادا لقيل. (في كل خمسين حقة أو في كل أربعين بنت لبون).

و اورد عليه: ان الحمل علي التخيير ليس من جهة حمل الواو عليه لان الواو في المقام معناه الجمع علي كل حال فان الاربعين فريضتها بنت لبون و الخمسين فريضتها حقة و انما الكلام في أن المالك هل يكون مخيرا بين الامرين علي الاطلاق أو أن الواجب عليه رعاية الاستيعاب.

و استدل عليه أيضا ان سكوت الامام عن التعرض لهذه الجهة و عدم بيان كيفية الحساب مع كونه في مقام البيان يقتضي ايكال ذلك الي حال العدد

المملوك نفسه فان النحو المذكور أقرب عرفا من الحمل علي ايكال الامر الي اختيار المكلف.

و لكن الانصاف ان الجزم به مشكل و ما ذهب اليه المشهور و هو القول الاول غير بعيد و مقتضي اصل البراءة عدم وجوب الاستيعاب. الا أن يقال: ان المجعول الاولي في لسان الدليل ليس هو الحكم التكليفي بل المجعول الاولي هو الحكم الوضعي و يترتب عليه الحكم التكليفي.

و بعبارة اخري: الحكم الاولي مجعول علي عدد الحيوان بلا توجيه خطاب الي المكلف فلا بد من ملاحظة ان المستفاد من الدليل ما هو؟ و حيث ان المجعول علي كل خمسين حقة و علي كل أربعين بنت لبون تكون النتيجة هو القول الثاني.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الدليل ابتداء و في اعتبار الشارع انه اذا تحقق

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 368

[مسألة 11: إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون]

(مسألة 11): اذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون (1) و اذا لم يكن عنده تخير في شراء ايهما شاء (2).

[مسألة 12: في البقر نصابان]

(مسألة 12): في البقر نصابان (3) الاول: ثلاثون و فيها تبيع أو تبيعة (4).

______________________________

عدد الاربعين فحكمه كذا و اذا تحقق عدد الخمسين فحكمه كذا و في المائة و العشرين يصح أن يقال: ان المتحقق في الخارج ثلاث أربعينات فلا وجه لإلغاء العشرين و ملاحظة خمسينين فلاحظ.

(1) كما صرح به في حديثي زرارة و أبي بصير.

(2) بتقريب انه بعد الاشتراء يصدق انه واجد لابن لبون و ليس واجدا لبنت مخاض.

(3) ادعي عليه عدم خلاف ظاهر و يدل علي المدعي حديث الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي و ليس في أقل من ذلك شي ء و في أربعين بقرة مسنة و ليس فيما بين الثلاثين الي الاربعين شي ء حتي تبلغ أربعين فاذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة و ليس فيما بين الاربعين الي الستين شي ء فاذا بلغت ستين ففيها تبيعان الي السبعين فاذا بلغت السبعين ففيها تبيع و مسنة الي الثمانين فاذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة الي تسعين فاذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات فاذا بلغت عشرين و مأئة ففي كل أربعين مسنة ثم ترجع البقر علي أسنانها و ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء الحديث «1».

(4) الظاهر انه المشهور بين الاصحاب و عن ظاهر جماعة: «انه اجماعي».

و عن المنتهي: «انه لا خلاف في اجزاء التبيعة عن الثلاثين للأحاديث و لأنها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب زكاة الانعام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 369

______________________________

أفضل» و نقل

عن بعض: «انه يجب الاقتصار علي التبيع».

و يمكن أن يكون الوجه فيه الاقتصار عليه في الحديث المذكور المتقدم ذكره و الذي ذكر في تقريب القول الاول وجوه:

الوجه الاول: ان التبيعة أولي من التبيع لكونها أكثر نفعا بالدر و النسل و فيه ان الحكم الشرعي أمر تعبدي و لا بد فيه من الاقتصار علي مقدار دلالة الدليل.

الوجه الثاني: ان التبيع في اللغة عبارة عن ولد البقر يطلق علي الذكر و الانثي- كما يظهر من نهاية ابن اثير- و فيه: انه: و لو سلم ذلك لكن يدفع ارادة الاعم منه بالتوصيف بالحولي الذي يطلق علي المذكر و أن المؤنث منه الحولية.

الوجه الثالث: ما رواه المحقق في المعتبر حيث قال: و من طريق الاصحاب ما رواه زرارة و محمد بن مسلم و أبو بصير و الفضيل و بريد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) قالا في البقر في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة و ليس في أقل من ذلك شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ أربعين ففيها مسنة ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان ثم في سبعين تبيع أو تبيعة و مسنة ثم في ثمانين مسنتان و في تسعين ثلاث تبايع «1».

فان المستفاد من هذه الرواية التخيير بين الذكر و الانثي. و يرد عليه: ان هذه الرواية لا اعتبار بها و قال في الحدائق بعد نقل الرواية عن المعتبر: «و هذ الرواية أيضا مثل الاولي التي نقلنا عنه في نصاب الابل لم يتعرض لها احد من المحدثين في كتب الاخبار و لا الاصحاب في كتب الاستدلال و هو عجيب في المقام سيما مع خلو

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 56

مباني

منهاج الصالحين، ج 6، ص: 370

______________________________

ما ذهبوا اليه في المسألة من الدليل و دلالة هذه الرواية عليه» انتهي.

الوجه الرابع: ما نقله الشيخ في الخلاف «1» من الحديث العامي الذي صرح فيه بالتخيير بين التبيع و التبيعة و قال في المسألة (16): «اذا بلغت البقر مأئة و عشرين كان فيها ثلاث مسنات أو أربع تبايع مخير في ذلك» الي أن قال:

«دليلنا اجماع الفرقة و الاخبار المروية في هذا المعني ان في كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة و في كل أربعين مسنة». الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و من الظاهر انه لا يترتب علي مثل هذا الخبر أثر شرعي لعدم اعتباره بحسب الصناعة.

الوجه الخامس: ما رواه الا عمش قال عليه السلام: «و تجب علي البقر الزكاة اذا بلغت ثلاثين بقرة تبيعة حولية» «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية جعل قوله عليه السلام: «بقرة تبيعة حولية» فاعلا لقوله: «تجب» فيتم الاستدلال بالرواية علي المدعي.

و يرد عليه ان قوله ذلك تميز لقوله: «ثلاثين» و الشاهد عليه انه عليه السلام فرع عليه بقوله: ذلك «فيكون فيها تبيع حولي» فالرواية دالة علي خلاف المدعي مضافا الي ضعفها سندا بضعف اسناد الصدوق الي الا عمش.

الوجه السادس: ان في حديث الفضلاء علي رواية الشيخ و الكليني قدس سرهما قال عليه السلام: «فاذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات» مع انه عليه السلام قال في المرتبة الاولي: «في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي».

و عن الصحاح: «ان كل ذي حافر اول سنته حولي و الانثي حولية و الجمع

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 356

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 371

و هو ما دخل في السنة الثانية

(1) ثم أربعون و فيها مسنة (2) و هي الداخلة في السنة الثالثة (3).

______________________________

حوليات فوجوب ثلاث تبيعات في التسعين مع ذكر التبيع في ثلاثين يدل علي التخيير بينهما و قد اكنفي باحد فردي التخيير في الثلاثين و بالاخر في التسعين و لعل هذا المقدار كاف في الالتزام بالحكم الشرعي فتأمل.

(1) قال في المستمسك في هذا المقام في شرح قول السيد اليزدي قدس سره: «كما عن جماعة من العلماء بل نسب الي الاصحاب» «1» انتهي.

و يمكن الاستدلال بما في حديث الفضلاء «2» من قوله عليه السلام «تبيع حولي» بمعونة ما عن الصحاح: «ان التبيع ولد الحافر في السنة الاولي التي لا يكمل الا بالدخول في السنة الثانية» و لنا أن نقول: ان الواجب علينا اعطاء التبيع و صدق هذا العنوان قبل دخول الحيوان في السنة الثانية مشكوك فيه و بمقتضي الاستصحاب نحكم عليه بعدم الصدق فلا يجزئ.

و قد ذكرنا مرارا انه لا مانع من جريان الاستصحاب فيما يكون منشأ الشك الاشتباه في المفهوم و أما ما عن الجواهر من استدلاله علي المدعي بحديث ابن حمران الدال علي أن التبيع ما دخل في الثانية، ففيه: ان الحديث المذكور ليس في كتب الحديث.

(2) كما نص بها في حديث الفضلاء قال عليه السلام فيه: «فاذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة «3».

(3) قال في المستمسك: «كما نسب الي العلماء و ذكره غير واحد مرسلين

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 9 ص 72

(2) لاحظ ص: 368

(3) لاحظ ص: 368

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 372

و فيما زاد علي هذا الحساب (1) و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه (2) فان طابق الثلاثين لا غير كالستين عد بها (3) و ان طابق الاربعين لا

غير كالثمانين عد بها (4) و ان طابقهما كالسبعين عد بهما معا (5) و ان طابق كلا منهما كالمائة و العشرين يتخير بين العد بالثلاثين و بالاربعين (6).

______________________________

له ارسال المسلمات من دون نقل خلاف و عن العلامة في المنتهي دعوي الاجماع علي أن المراد بالمسنة ما كمل له سنتان و دخلت في الثالثة.

و عن الازهري: «أن البقرة و الشاة يقع عليها اسم المسن و ليس معني أسنانها كبرها كالرجل المسن و لكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة». و لعل هذا المقدار كاف في اثبات المدعي مضافا الي الاستصحاب بالتقريب المتقدم ذكره.

و قال في الوسائل في ذيل حديث الفضلاء: «اقول: التبيع هو الذي دخل في الثانية و المسنة هي التي دخلت في الثالثة ذكر ذلك جماعة من العلماء» الي آخر كلامه.

(1) كما هو المستفاد من حديث الفضلاء.

(2) كما يدل عليه الحديث بوضوح فلاحظ.

(3) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت ستين ففيها تبيعان».

(4) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث «فاذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة».

(5) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت السبعين ففيها تبيع و مسنة».

(6) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت عشرين و مأئة ففي كل أربعين مسنة». و الاقتصار علي ثلاث مسنات في الخبر كأنه لأجل كونها احد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 373

و ما بين الاربعين و الستين عفو (1) و كذا ما دون الثلاثين (2) و ما زاد علي النصاب من الآحاد الي التسعة (3).

[مسألة 13: في الغنم خمسة نصب]

(مسألة 13): في الغنم خمسة نصب (4).

______________________________

فردي التخيير.

(1) كما صرح به في الخبر: «و ليس ما بين الثلاثين الي الاربعين شي ء».

(2) كما صرح به عليه السلام بقوله: «و ليس في أقل

من ذلك شي ء».

(3) و قد دل عليه قوله عليه السلام في الخبر «و ليس علي النيف شي ء» ثم اعلم ان مقتضي القاعدة عدم وجوب الزكاة علي الكسور لعدم صدق موضوع الوجوب مضافا الي أنه قد صرح به في الحديث بقوله عليه السلام: «و لا علي الكسور شي ء» فلاحظ.

(4) و هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام (في الشاة) في كل أربعين شاة شاة و ليس فيما دون الاربعين شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان و ليس فيها أكثر من شاتين حتي تبلغ مأتين فاذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها شي ء أكثر من ذلك حتي تبلغ ثلاثمائة فاذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياة فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتي تبلغ أربعمائة فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة و سقط الامر الاول و ليس علي ما دون المائة بعد ذلك شي ء و ليس في النيف شي ء و قالا: ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 374

أربعون و فيها شاة (1) ثم مأئة واحدي و عشرون و فيها شاتان (2) ثم مائتان و واحدة و فيها ثلاث شياة (3) ثم ثلاثمائة و واحدة و فيها أربع شياة (4)

ثم أربعمائة ففي كل مأئة شاة (5) بالغا ما بلغ (6) و لا شي ء فيما نقص عن النصاب الاول (7) و لا فيما بين النصابين (8).

[مسألة 14: الجاموس و البقر جنس واحد]

(مسألة 14): الجاموس و البقر جنس واحد (9) و لا فرق في

______________________________

(1) كما دل عليه قوله عليه السلام في الرواية «في كل أربعين شاة شاة».

(2) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان» الي آخره.

(3) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة».

(4) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة».

(5) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة».

(6) كما هو مقتضي الاطلاق.

(7) كما دل عليه بالصراحة قوله عليه السلام: «و ليس فيما دون الاربعين شي ء».

(8) كما هو مقتضي الاصل بل صرح به في الحديث فلاحظ.

(9) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: في الجواميس شي ء؟ قال: مثل ما في البقر «1» اضف الي ذلك انه لو سلم صدق البقر علي الجاموس يكفي للمدعي اطلاق الدليل قال في المنجد «الجاموس ضرب من كبار البقر».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الانعام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 375

الابل بين العراب و البخاتي (1) و لا في الغنم بين المعز و الضأن (2) و لا بين الذكر و الانثي في الجميع (3).

[مسألة 15: المال المشترك اذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وجبت الزكاة علي كل منهم]

(مسألة 15): المال المشترك اذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وجبت الزكاة علي كل منهم (4) و ان بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت علي من بلغ نصيبه دون شريكه (5) و ان لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة و ان بلغ المجموع النصاب (6).

______________________________

(1) فانهما قسمان من الابل و اطلاق دليل وجوب الزكاة يقتضي اثبات المدعي من عدم الفرق و صرح بهذا

في الوسائل مضافا الي حديث الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في حديث قال: قلت. فما في البخت السائمة شي ء؟

قال: مثل ما في الابل العربية «1».

(2) للإطلاق فان لفظ الشاة يطلق علي جميع ما ذكر بلا فرق بين الذكر و الانثي.

(3) للإطلاق.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية لتحقق موضوع الوجوب كما هو المفروض.

(5) و هذا ظاهر واضح فان الحكم يترتب علي موضوعه فمع تحققه يترتب و مع عدمه فلا يترتب.

(6) عن الجواهر أن الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة «2».

و يمكن أن يكون قوله عليه السلام في حديث محمد بن قيس: «و لا يجمع بين متفرق» «3» ناظرا الي ما ذكر و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الانعام

(2) لاحظ ص: 343

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 376

[مسألة 16: إذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض]

(مسألة 16): اذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض فان كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة و لا يلاحظ كل واحد علي حدة (1).

[مسألة 17: الأحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن يكمل لها سنة و تدخل في الثانية ان كانت من الضأن]

(مسألة 17): الاحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الابل و الغنم أن يكمل لها سنة و تدخل في الثانية ان كانت من الضأن أو يكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة ان كانت من المعز (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان موضوع الزكاة محرز علي الفرض فيترتب عليه الحكم.

(2) و هذا هو المشهور و ما قيل في تقريبه أو يمكن أن يقال وجوه: الوجه الاول اصالة الاشتغال بتقريب: ان الذمة مشغولة و الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك و هي لا تحصل الا بما ذكر.

و فيه: اولا: انه لا تصل النوبة الي الاصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي و مقتضي اطلاق النصوص كفاية ما يصدق عليه عنوان الشاة بلا قيد. و ثانيا: انه علي فرض وصول النوبة الي الاصل تكون اصالة البراءة محكمة لا اصالة الاشتغال كما هو المقرر.

الوجه الثاني ما رواه سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و قال: نهينا أن نأخذ المراضع و امرنا أن تأخذ الجذع من الضأن و الثنيّ من الماعز «1» و فيه: انه لا اعتبار بهذا النبوي سندا كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: ما عن الغوالي مرسلا عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله انه أمر عامله أن يأخذ الجذع من الضأن و الثنيّ من المعز قال: و وجد ذلك في كتاب

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 34 مسألة: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 377

و يتخير المالك بين دفعها من النصاب و غيره (1) و

من بلد آخر (2) كما

______________________________

علي عليه السلام «1». و فيه انه لا اعتبار بالمرسلات.

الوجه الرابع: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام السخل متي تجب فيه الصدقة؟ قال: اذا أجذع «2».

بتقريب: ان قوله عليه السلام «اذا اجذع» محمول علي المقام للإجماع علي عدم اعتبار ذلك في حول الزكاة فتكون الرواية ناظرة الي مقام الاداء.

و فيه: انه لا دليل علي هذه الدعوي مضافا الي أن لازمه وجوب الجذع علي الاطلاق لا التفصيل فالحق كفاية الشاة علي الاطلاق بمقتضي اطلاق النص نعم لا اشكال في أن الاحتياط حسن سيما مع ذهاب المشهور الي هذا القول و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين و عن الجواهر: «انه يمكن تحصيل الاجماع عليه» و يتعرض الماتن في المسألة (46) ان تعلق الزكاة بالعين لا يكون علي وجه الاشاعة و لا علي نحو الكلي في المعين و لا علي نحو حق الرهانة و لا علي نحو حق الجناية بل علي نحو آخر و هو الشركة في المالية و مقتضي الشركة في المالية جواز دفع القيمة بالنقد الرائج كما أنه لا اشكال في دفعها بالنقد بمقتضي الدليل الخاص و أما دفعها بالجنس الذي لا يكون جزءا من النصاب فيتوقف علي قيام دليل عليه فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الامر.

(2) المدرك في كلا المقامين واحد فان قلنا مقتضي الاطلاق جواز الدفع من غير النصاب يجوز الدفع من بلد آخر و ان لم نقل فلا يجوز علي الاطلاق الا أن يقال:

ان الجواز يحتاج الي الدليل.

و بعبارة اخري: مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز لكن الاجماع قام علي الجواز

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص:

130

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 378

يجوز دفع القيمه من النقدين (1).

______________________________

بالنسبة الي ما في البلد و أما بالنسبة الي بلد آخر فلا دليل عليه فلا يجوز و عن الشيخ اعتبار كون المدفوع من البلد بتقريب: ان المكية و العربية و النبطية مختلفة، و فيه:

انه ربما يحصل الاتفاق مضافا الي أنه لا دليل علي اعتبار الصفات فلاحظ.

(1) أما في الغلات و النقدين فيظهر من بعض الكلمات انه مورد الاتفاق ظاهرا و نقل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن خالد البرقي قال: كتبت إلي أبي جعفر الثاني: هل يجوز أن اخرج عما يجب في الحرث من الحنطة أو الشعير و ما يجب علي الذهب دراهم قيمته ما يسوي أم لا يجوز الا أن يخرج من كل شي ء ما فيه؟ فاجاب: أيما تيسر يخرج «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد.

و من النصوص الواردة في المقام ما رواه علي بن جعفر عليه السلام قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يعطي عن زكاته عن الدراهم دنانير و عن الدنانير دراهم بالقيمة أ يحل ذلك؟ قال: لا بأس به «2».

و المستفاد من هذه الرواية جواز دفع زكاة الدينار بالدرهم و بالعكس و لا تدل علي أزيد من هذا المقدار و مما استدل به علي المدعي ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام عيال المسلمين اعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا و طعاما و أري أن ذلك خير لهم قال: فقال: لا بأس «3».

بتقريب: ان قول السائل: «فأشتري» تفسير لقوله: «اعطيهم» فيكون المراد

من الاعطاء البناء عليه لا الاعطاء الخارجي فالرواية علي هذا التقدير تدل علي المقصود.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 379

______________________________

و يرد عليه اولا: ان الرواية مخدوشة من حيث السند و أفاد السيد الحكيم قدس سره في هذا المقام: «الظاهر اعتبار الرواية اذ ليس فيها من يتأمل فيه الا محمد بن الوليد و الظاهر انه البجلي الثقة بملاحظة طبقته و روايته عن يونس» «1».

و يرد عليه ان الراوي عن يونس مشترك بين البجلي الثقة و غيره فالرواية سندا مخدوشة. و أما من حيث الدلالة فالظاهر الاشتراء بالزكاة الثياب و الطعام فعلي هذا يجوز للمالك أن يعين الزكاة في النقد و يتصرف فيه تصرفا اعتباريا و الحال أن الظاهر ان الاصحاب لا يلتزمون بجواز ذلك.

و بعبارة اخري: جواب الامام عليه السلام اما اذن خاص للسائل و أما بيان حكم شرعي عام أما علي الاول فلا يترتب عليه أثر لأنه اذن خاص في مورد مخصوص و أما علي الثاني فلازمه جواز التصرف في الزكاة و اشتراء شي ء منها بلا مراجعة ولي الامر و هل يمكن الالتزام به.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية جواز الاحتساب بالنقدين هذا من ناحية و من ناحية اخري نقول: أي فرق بين هذا المورد و بقية الموارد. و بعبارة اخري: لقائل

أن يقول: ان العرف يفهم ان احتساب الزكاة لا يلزم أن يكون بعين الجنس الزكوي بل يجوز الاحتساب بالنقدين بلا فرق بين مورد الدين كما هو المفروض و غيره فتأمل.

______________________________

(1) المستمسك ج 9 ص 84

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 380

و ما بحكمهما من الاثمان كالأوراق النقدية (1) و ان كان دفع العين

______________________________

و أما في الانعام فمضافا الي ما عن الخلاف من جوازه مستدلا عليه باجماع الفرقه و أخبارهم ان الدليل لو كان النص الوارد في الدين يثبت المدعي في المقام أيضا بمقتضي الاطلاق فانه لم يفصل في الرواية في جواز الاحتساب بين أقسام الزكاة فلاحظ.

(1) عن الخلاف و الغنية: «الاجماع عليه». و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث ابن الحجاج المتقدم ذكره آنفا فان مقتضي اطلاق الخبر عدم الفرق و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ما يدل علي الجبر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث زكاة الابل قال: و كل من وجبت عليه جذعة و لم تكن عنده و كانت عنده حقة دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه حقة و لم تكن عنده و كانت عنده جذعة دفعها و أخذ من المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه حقة و لم تكن عنده و كانت عنده ابنة لبون دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة لبون و لم تكن عنده و كانت عنده حقة دفعها و اعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة لبون و لم يكن عنده و كانت عنده ابنة مخاض

دفعها و أعطي معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة مخاض و لم تكن عنده و كانت عنده ابنة لبون دفعها و أعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة مخاض و لم تكن عنده و كان عنده ابن لبون ذكر فانه يقبل منه ابن لبون و ليس يدفع معه شيئا «1» و ما عن علي عليه السلام «2».

و أما خبر سعيد بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: أ يشتري الرجل من الزكاة الثياب و السويق و الدقيق و البطيخ و العنب فيقسمه؟ قال: لا يعطيهم الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 381

أفضل و أحوط (1).

[مسألة 18: المدار علي القيمة وقت الدفع لا وقت الوجوب]

(مسألة 18): المدار علي القيمة وقت الدفع (2) لا وقت الوجوب (3) و في كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع او بلد النصاب اشكال و الاحوط دفع أعلي القيمتين (4).

______________________________

الدراهم كما أمر اللّه «1» فهو ضعيف سندا.

(1) أما كونه أفضل فلان الاحتياط حسن بلا اشكال و أما كونه أحوط فللخروج عن شبهة الخلاف فانه نقل عن المدارك الاشكال في الجواز و عن الكافي: انه لا يجوز التبديل الا بالدراهم و الدنانير و اللّه العالم.

(2) كما هو الظاهر من النصوص فان المستفاد منها ان اختيار الدفع من حيث اداء العين و القيمة بيد المالك فيكون المدار علي قيمة العين وقت الدفع- كما في المتن- و عن العلامة في التذكرة: انه لو ضمن الزكاة بالتقويم كان المناط وقت الضمان لكن الاشكال في مشروعية الضمان المذكور.

(3) و تقريب اعتبار وقت الوجوب ان الواجب حين الوجوب ما جعل مالية للشاة و حيث

لم يتعين في الدليل تحمل القيمة علي ذلك الوقت بمقتضي الاطلاق المقامي و فيه ان الظاهر من الدليل بل المستفاد منه نصا ان الواجب الشاة فلا بد من رعاية قيمتها حين الدفع.

(4) الذي يختلج بالبال انه ان قلنا بجواز الدفع من بلد آخر يجوز الاخراج بلحاظ قيمة بلد الاخراج اذ هو مخير بين اداء الجنس و القيمة فنلاحظ القيمة بحسب ذلك البلد الذي فيه و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 382

[مسألة 19: إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا]

(مسألة 19). اذا كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا فحال عليه أحوال فان أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذ عن النصاب (1) و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب الا زكاة سنة واحدة لنقصانه حينئذ عنه (2) و لو كان عنده أزيد من النصاب كأن كان عنده خمسون شاة و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضي من السنين الي أن ينقص عن النصاب (3).

[مسألة 20: إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزي دفع الذكر عن الأنثي و بالعكس]

(مسألة 20): اذا كان جميع النصاب من الاناث يجزي دفع الذكر عن الانثي و بالعكس و اذا كان كله من الضأن يجزي دفع المعز عن الضأن و بالعكس (4) و كذا الحال في البقر و الجاموس و البخاتي (5).

[مسألة 21: لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب]

(مسألة 21): لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب (6) نعم اذا كانت كلها صحيحة لا يجوز دفع المريض و كذا اذا كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب

______________________________

(1) لكن مبدأ الحول الثاني من حين الدفع لأنه زمان ملك النصاب تاما أما قبله فانه يملكه ناقصا كما لو لم يدفع الي مدة فلاحظ.

(2) الامر كما أفاده و الوجه فيه ظاهر كما اشار اليه الماتن.

(3) كما هو ظاهر لوجود الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(4) للإطلاق.

(5) كما مر.

(6) كما ادعي عليه الاجماع و مقتضي اطلاق دليل الوجوب كذلك أيضا.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 383

و اذا كانت كلها شابة لا يجوز دفع الهرم (1) و كذا اذا كان النصاب ملفقا من الصنفين علي الاحوط ان لم يكن أقوي (2) نعم اذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز الاخراج منها (3).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «قد صرح الاصحاب بأنه لا تؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة و لا ذات العوار» الي أن قال: «و الحكم بعدم أخذ هذه مجمع عليه بينهم» «1» انتهي.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّٰا أَنْ تُغْمِضُوا» «2» فان اللّه تعالي نهي عن اعطاء ما يكون مرغوبا عنه.

و يدل

علي المدعي في الجملة ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث زكاة الابل قال: و لا تؤخذ هرمة و لا ذات عوار الا أن يشاء المصدق و يعد صغيرها و كبيرها «3».

و تمامية الاستدلال بالرواية علي المدعي تتوقف علي الجزم بعدم الفرق بين زكاة الابل و زكاة البقر و الغنم و أيضا تتوقف أن يصدق العوار علي المرض.

(2) لإطلاق حديث أبي بصير مضافا الي اطلاق الكتاب.

(3) اذ حق الفقراء متعلق بالعين الخارجية فلا وجه لوجوب الدفع من غيرها و حديث أبي بصير لا يستفاد منه أزيد من هذا المقدار كما أنه كذلك في المستفاد من الاية.

و صفوة القول: ان دائرة تعلق الحق هي العين الخارجية و مناسبة الحكم مع

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 65

(2) البقرة/ 267

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 384

[الشرط الثاني: السوم طول الحول]
اشارة

الشرط الثاني: السوم طول الحول (1) فاذا كانت معلوفة و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها (2) نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم و اليومين و الثلاثة اشكال و الاحوط ان لم يكن أقوي عدم الانقطاع (3).

______________________________

الموضوع ان الالتزام بالدفع لا يكون لغير تلك المعين الخارجية فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي بالنسبة الي زكاة الابل ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في حديث زكاة الابل قال: و ليس علي العوامل شي ء انما ذلك علي السائمة الراعية «1».

و بالنسبة الي زكاة البقر ما روي عنهما عليهما السلام في حديث زكاة البقر قال:

ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء و لا علي العوامل شي ء و انما الصدقة (ذلك) علي

السائمة الراعية «2».

و بالنسبة الي الجميع ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل علي الفرس و البعير يكون للرجل يركبهما شي ء فقال: لا ليس علي ما يعلف شي ء انما الصدقة علي السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل فأما ما سوي ذلك فليس فيه شي ء «3».

(2) لانتفاء موضوع الحكم فان الحكم مترتب علي السوم بل صرح بعدم الزكاة في المعلوفة لاحظ ما رواه زرارة «4».

(3) ناش من الشك في صدق الموضوع و صفوة القول: ان تشخيص مفاهيم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 385

[مسألة 22: لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار]

(مسألة 22): لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار (1) و ان تكون من مال المالك و غيره باذنه أولا (2) كما أن الظاهر انه لا فرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح فان رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الارض المملوك في أيام الربيع أو عند نضوب الماء وجبت فيها الزكاة (3).

______________________________

موضوعات الاحكام متخذة من العرف و العجب من صاحب الحدائق حيث انه أنكر الايكال الي العرف بتقريب: انه لا دليل عليه و لم يدل عليه خبر، فان ايكال المفاهيم الي العرف أمر واضح ظاهر يبتني عليه الاجتهاد فالميزان هو الصدق العرفي كما في بقية الموضوعات و لذا نسب الي المحقق و الشهيد الثانيين و الي أكثر المتأخرين و الي المشهور انه الميزان فان صدق العنوان عرفا بلا مسامحة يترتب عليه الحكم و مع الشك في الصدق العرفي يشكل.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من

النصوص ان الشرط هو السوم لا أن العلف مانع و قوله عليه السلام في حديث زرارة: «ليس علي ما يعلف شي ء» لا يستفاد منه المانعية اذ الجملة الواقعة بعده: «انما الصدقة» الخ تدل علي أن الميزان هو السوم و الاعتبار به. و صفوة الكلام: ان الميزان بالصدق العرفي و مع الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(1) للإطلاق و ان الميزان في عدم الوجوب كون الحيوان داخلا في عنوان المعلوفة.

(2) للإطلاق و ما عن بعض من أنه لو كان بغير اذن المالك تلحق بالسائمة بتقريب:

انه لا مؤنة علي المالك غير سديد فانه لا اعتبار بمثل هذه الوجوه كما هو ظاهر.

(3) لإطلاق السوم اذ في صدقه لا يفرق بين هذه الصور فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 386

نعم اذا كان المرعي مزروعا ففي صدق السوم اشكال و الاظهر عدم الصدق (1) و اذا جز العلف المباح فأطعمها اياه كانت معلوفة و لم تجب الزكاة (2).

[الشرط الثالث: أن لا تكون عوامل]

الشرط الثالث: أن لا تكون عوامل (3) و لو في بعض الحول (4) و الا لم تجب الزكاة فيها (5) و في قدح العمل يوما أو يومين أو ثلاثة

______________________________

(1) كما يظهر من الاصحاب و علي فرض الشك في الصدق لا تجب الزكاة أيضا فان عدم الوجوب مقتضي الاصل.

(2) اذ فرض انها معلوفة و المعلوفة لا تجب عليها الزكاة.

(3) عن الجواهر: انه لم أجد فيه خلافا و الاجماع قائم عليه بقسميه و عن غيره أيضا دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي حديث الفضلاء «1» و ما رووه أيضا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس علي العوامل من الابل و البقر شي ء انما الصدقات علي السائمة الراعية

الحديث «2».

و ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في شي ء من الحيوان زكاة غير هذه الاصناف الثلاثة: الابل و البقر و الغنم و كل شي ء من هذه الاصناف من الدواجن و العوامل فليس فيها شي ء الحديث «3».

(4) اذ يشترط في وجوب الزكاة عنوان السائمة الراعية كما في حديث الفضلاء «4».

(5) لعدم صدق موضوع الوجوب و قد دل بعض النصوص علي وجوب الزكاة في العوامل لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألته عن الابل تكون للجمال

______________________________

(1) لاحظ ص: 384

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 387

اشكال و الاحوط ان لم يكن أقوي عدم القدح كما تقدم في السوم (1).

[الشرط الرابع: أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط]
اشارة

الشرط الرابع: أن يمضي عليها حول (2) جامعة للشرائط (3) و يكفي

______________________________

أو تكون في بعض الامصار أ تجري عليها الزكاة كما تجري علي السائمة في البرية؟

فقال: نعم «1» و ما رواه أيضا قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الابل العوامل عليها زكاة؟ فقال: نعم عليها زكاة «2».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 387

و قد حملهما بعض الاصحاب علي الاستحباب و حملهما صاحب الحدائق «3» علي التقية كما احتمل ذلك صاحب الوسائل و يمكن أن يقال: انه لو كانت واجبة في العوامل لما خفي علينا بحيث يكون مطرحا للبحث بل لو كان لبان فلاحظ.

(1) الكلام هو الكلام في السوم فلا وجه للإعادة.

(2) ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل عليه حديث الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

ليس علي العوامل من الابل و البقر شي ء الي أن قال: و كل ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فيه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «4».

(3) و في بعض الكلمات: «انه لا خلاف فيه» أما اعتبار النصاب في تمام الحول فيدل عليه قوله عليه السلام في حديث الفضلاء: «و كل ما لم يحل عليه الحول» الي آخره و أما السوم فقد دل عليه رواية زرارة «5».

و أما اعتبار عدم كونها عوامل طول الحول فيمكن أن يستدل عليه بما دل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) الحدائق ج 12 ص: 82

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 384

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 388

فيه الدخول في الشهر الثاني عشر (1) و الاقوي استقرار الوجوب

______________________________

نفي الزكاة في العوامل فان المستفاد من هذا الدليل ان موضوع الزكاة مقيد بعدم كونه عاملا بل يستفاد من حديث الفضلاء «1» بوضوح التقابل بين السوم الذي يكون قيدا في الموضوع و كونه عاملا فلاحظ.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و الاجماع بقسميه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم فان قوله عليه السلام: «اذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول «2» يدل علي المدعي.

ان قلت: هذه الرواية تعارض بقية النصوص الدالة علي اشتراط مضي الحول بتمامه في وجوب الزكاة. قلت: مقتضي الصناعة تقديم دليل الحاكم علي المحكوم فان العرف لا يري التعارض بين الدليل الحاكم الناظر الي التصرف في موضوع الدليل المحكوم و الدليل المحكوم و المقام كما تري كذلك.

مضافا الي دعوي التسالم عليه بين الاصحاب ان قلت: سؤال الراوي

عن التصرف في الدراهم فما وجه تسرية الحكم الي غير المورد من بقية الانواع الزكوية؟.

قلت: انه عليه السلام بين اولا حكم مطلق الزكاة بقوله «ايما رجل كان له مال فحال عليه الحول» و بعد سؤال الراوي عن جواز الفرار و التوسل بالحيلة الشرعية قال عليه السلام: «انه حين رأي هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة» علي نحو الاطلاق.

و يدل علي المطلوب أيضا قوله عليه السلام بعد ذلك: «و لا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه» فقوله عليه السلام بعد ذلك: «اذا دخل الشهر الثاني

______________________________

(1) لاحظ ص: 386

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 389

بذلك فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه (1) نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الاول و ابتداء الحول الثاني بعد اتمامه (2).

[مسألة 23: إذا اختل بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول]

(مسألة 23): اذا اختل بعض الشروط في أثناء الاحد عشر بطل الحول كما اذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها بجنسها أو بغير جنسها (3).

______________________________

عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيها الزكاة» يدل علي عموم الحكم و لا يختص بمورد خاص مضافا الي أن دعوي ان الذيل بنفسه ظاهر في العموم و الاطلاق قريبة فلاحظ.

(1) عملا بظاهر خبر زرارة بل بنصوصيته بالنسبة الي مورده و هو اشتراط الملك و بظهوره بالنسبة الي بقية الشروط و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث انه بالدخول في الشهر الثاني عشر يتحقق حولان الحول عند الشارع و حيث ان الدليل الحاكم يقدم علي الدليل المحكوم يؤخذ بهذه الرواية.

(2) اذ الظاهر من الدليل الحاكم ان التصرف في الحولان لا في الحول فلا يعارض ما

دل علي أن الزكاة في كل سنة مرة فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان مقتضي الشرطية انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط مضافا الي دلالة النص عليه لاحظ ما رواه زرارة و ابن مسلم قلت له:

فان وهبه قبل حله بشهر أو بيوم قال: ليس عليه شي ء ابدا «1».

و مثله في الدلالة علي المدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

رجل كانت عنده دراهم أشهرا فحولها دنانير فحال عليها منذ يوم ملكها دراهم حولا أ يزكيها؟ قال: لا ثم قال: أ رأيت لو أن رجلا دفع إليك مأئة بعير و أخذ منك مأتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 390

و لو كان زكويا (1) و لا فرق بين أن يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة و عدمه (2).

______________________________

بقرة فلبثت عنده أشهرا و لبثت عندك أشهرا فموتت عندك ابله و موتت عنده بقرك أ كنتما تزكيانها؟ فقلت: لا قال: كذلك الذهب و الفضة ثم قال: و ان حولت برا أو شعيرا ثم قلبته ذهبا أو فضة فليس عليك فيه شي ء الا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضة بعينها أو بعينه فان رجع ذلك فان عليك الزكاة لأنك قد ملكتها حولا قلت له فان لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوما؟ قال: ان خلط بغيره فيها فلا بأس و لا شي ء فيما رجع إليك منه ثم قال: ان رجع إليك بأمره بعد اليأس منه فلا شي ء عليك فيه حولا «1».

فانه عليه السلام في مقام الجواب عن سؤال زرارة أجاب بنفي الزكاة لاختلال الموضوع بالتحويل.

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه

السلام: رجل فربما له من الزكاة فاشتري به أرضا أو دارا أ عليه شي ء فقال: لا و لو جعله حليا أو نقرا فلا شي ء عليه و ما منع نفسه من فضله أكثر مما منع من حق اللّه الذي يكون فيه «2».

و لاحظ ما يدل علي المطلوب أيضا في الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة من الوسائل.

(1) للإطلاق بل صرح به في بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة «3».

(2) للإطلاق بل صرح بالجواز و لو مع قصد الفرار في جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 389

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 391

______________________________

لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

و ما رواه أبو الحسن يعني علي بن يقطين عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: لا تجب الزكاة فيما سبك قلت: فان كان سبكه فرارا من الزكاة؟ قال: ألا تري أن المنفعة قد ذهبت منه فلذلك لا يجب عليه الزكاة «2».

و ما رواه أيضا عن أبي الحسن عليه السلام قال: لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا به من الزكاة ألا تري أن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة «3».

و ما رواه هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ان أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة و انه جعل ذلك المال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أ عليه الزكاة؟ قال: ليس علي الحلي زكاة و ما أدخل علي نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة «4».

و ما رواه زرارة

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أن أباك قال: من فربها من الزكاة فعليه أن يؤديها فقال: صدق أبي ان عليه ان يؤدي ما وجب عليه و ما لم يجب عليه فلا شي ء عليه منه ثم قال لي: أ رأيت لو أن رجلا اغمي عليه يوما ثم مات فذهب صلاته أ كان عليه و قد مات أن يؤديها؟ قلت: لا قال: الا أن يكون أفاق من يومه ثم قال لي: أ رأيت لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أ كان يصام عنه قلت:

لا قال: و كذلك الرجل لا يؤدي عن ماله الا ما حل عليه «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 390

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 392

[مسألة 24: إذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد بنتاج أو شراء أو نحوهما]

(مسألة 24): اذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد بنتاج أو شراء أو نحوهما فاما أن يكون الجديد بمقدار العفو كما اذا كان عنده أربعون من الغنم و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شي ء عليه الا ما وجب في الاول و هو شاة في الفرض (1) و اما أن

______________________________

و في قبال هذا النصوص الدالة باطلاقها أو بنصوصيتها علي عدم الوجوب حديثان:

احدهما: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي الي أن قال: قلت له: فان فربه من الزكاة فقال: ان كان فربه من الزكاة فعليه الزكاة و ان كان انما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «1».

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

الحلي فيه زكاة؟ قال: لا الا ما فربه من الزكاة «2» يدلان علي أنه لو كانت بقصد الفرار عن الزكاة تجب الزكاة.

و كلاهما ضعيفان سندا اذ اسناد الشيخ الي ابن الفضال ضعيف و حديث معاوية و ان كان نقل بسند آخر لكن فيه أيضا اشكال سندي اضف الي ذلك انه يمكن أن يقال: ان حديث زرارة «3» حاكم علي الحديثين بأن نقول: يستفاد منه ان المقصود من الفرار جعله حليا بعد الحول و قال صاحب الوسائل حمل الشيخ قدس سره ما دل علي الوجوب علي ما بعد الحول.

(1) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لشي ء زائد و عن بعض الاساطين ان وجوب الزكاة له وجه لتحقق موضوعها و بعبارة اخري: المفروض ان الاربعين شاة نصاب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 393

يكون نصابا مستقلا كما اذا كان عنده خمس من الابل فولدت في أثناء الحول خمسا اخري كان لكل منهما حول بانفراده و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله (1) و كذلك الحكم علي الاحوط اذا كان نصابا مستقلا و مكملا للنصاب اللاحق كما اذا كان عنده عشرون من الابل و في أثناء حولها ولدت ستة (2) و أما اذا لم يكن

______________________________

مستقل تجب الزكاة فيه بلا فرق بين صورتي الانفراد و الاجتماع.

ان قلت: ان المراد من النص الدال علي وجوب شاة في كل اربعين النصاب المقيد و ليس فيه عموم بلحاظ الافراد و لذا لا تجب علي من ملك ثمانين شاة شاتان اجماعا.

قلت خصوص مورد المثال نلتزم بعدم الوجوب فيه ببركة الاجماع و أما بالنسبة الي بقية الموارد فلا وجه لعدم الوجوب اذا عرفت

ما تقدم نقول: الحق هو عدم الوجوب لاحظ حديث الفضلاء «1» فانه صرح فيه بأنه «ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة» الي آخره فالحق ما أفاده في المتن.

(1) و هذا ظاهر أيضا اذ المفروض ان كلا منهما موضوع مستقل لوجوب الزكاة و ترتب الحكم علي موضوعه قهري مضافا الي أنه ادعي عليه عدم الخلاف و الاجماع

(2) بتقريب: ان لكل نصاب فريضة و المفروض ان النصاب متعدد فلا بد من عد كل واحد بحياله و استقلاله و لذا نقول: اذا ملك عشرين من الابل في أول محرم و في أول رجب ملك سبعا فاذا جاء المحرم الثاني وجب عليه أربع شياة للعشرين فاذا جاء رجب الثاني يصدق انه ملك خمسا من الابل و قد حال عليه الحول عنده فتجب فيها شاة أيضا فالالتزام بعدم الوجوب الغاء للدليل بالنسبة الي النصاب

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 394

نصابا مستقلا و لكن كان مكملا للنصاب اللاحق كما اذا كان عنده ثلاثون من البقر و في أثناء الحول ولدت احدي عشرة وجب عند انتهاء الحول الاول استيناف حول جديد لهما معا (1).

______________________________

الجديد بلا وجه.

و بعبارة اخري: البناء علي عدم وجوب شي ء عليه في رجب لأن مبدأ حول الست و العشرين من أول المحرم الثاني فلا بد من انتظار المحرم الثالث كي تجب بنت مخاض رفع اليد عن دليل وجوب الزكاة بالنسبة الي النصاب الثاني.

(1) كما عليه جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- بتقريب: انه تجب زكاة الاول عند تمام حوله لوجود المقتضي و عدم المانع و متي وجب اخراج زكاته منفردا امتنع اعتباره منضما الي غيره في ذلك الحول لقوله عليه السلام: «لا يزكي المال

من وجهين في عام واحد «1» و لظهور ادلة النصاب المتأخر في غير المفروض.

و بعبارة اخري: يجب اخراج زكاة النصاب الاول عند تمام حوله لوجود المقتضي و هو الدليل الدال عليه و انتفاء ما يقتضي خلاف ذلك الدليل و متي يجب اخراجها منفردا يمتنع اخراجها منضما الي جزئه في ذلك الحول للتصريح به في حديث زرارة «2» بالعدم و لقوله صلي اللّه عليه و آله! «لاثني في صدقة» «3» أضف الي ذلك ان عدم الوجوب ثانيا مقتضي الاصل.

و في المقام اشكال و هو ان تطبيق الدليل علي النصاب الاول ينافي تطبيقه علي النصاب الثاني و بعبارة اخري: بمقتضي عدم وجوب الزكاة مرتين في ملك واحد

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

(2) لاحظ ص: 345

(3) الحدائق ج 12 ص: 78 نقلا عن النهاية لابن أثير

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 395

______________________________

في حول واحد يقع التنافي بين النصابين فمع عدم احراز المقتضي في كلا الطرفين يكون المقام داخلا في باب التعارض و علي تقدير احراز المقتضي في كلا الطرفين يدخل في باب التزاحم فعلي الاول يكون مقتضي القاعدة التخيير اذ بعد سقوط الدليل بالتعارض و القطع بعدم سقوط الزكاة بالكلية و اجراء البراءة عن التعيين تصل النوبة الي التخيير.

و علي الثاني لا بد من اعمال قواعد التزاحم و مجرد التقدم الزماني لا يكون مرجحا فما الحيلة؟.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان تحقق المعارضة أو المزاحمة يتوقف علي تباين الحول بالاضافة الي النصابين و المفروض في المقام عدمه.

و بعبارة اخري: تقديم النصاب الاول ليس من باب ترجيح التقدم الزماني في باب التزاحم بل لان النصاب الاول بعد حولان الحول يكون موضوعا لوجوب الزكاة.

و ان شئت قلت: ان كل حكم تابع لموضوعه

و ترتبه عليه قهري طبيعي و المفروض انه لا يتحقق للنصاب الثاني موضوعه الا بعد حولان الحول الثاني.

و بعبارة واضحة: النصاب الاول لا يمكن جعله موضوعا للزكاة ثانيا الا بعد حولان الحول الثاني و لا يمكن تعلق الزكاة ثانيا لان تعلق الزكاة بالنصاب الثاني يتوقف علي عدم تعلق الزكاة بالنصاب الاول و عدم تعلقها بالنصاب الاول يتوقف علي تعلقها بالنصاب الثاني و هذا دور مصرح.

ان قلت: هذا التقريب يجري بالنسبة الي النصاب الاول بالتقرير المذكور قلت: ليس الامر كذلك اذ تعلق الزكاة بالنصاب الاول يتوقف علي تحقق موضوعه و المفروض انه بعد حولان الحول الاول موضوعه متحقق فتجب الزكاة لوجود

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 396

[مسألة 25: ابتداء حول السخال من حين النتاج إذا كانت أمها سائمة]

(مسألة 25): ابتداء حول السخال من حين النتاج اذا كانت امها سائمة (1).

______________________________

المقتضي و عدم المانع فلاحظ.

(1) خلافا لجملة من الاساطين- علي ما نسب الهم- «1» بدعوي: ان المستفاد من الدليل أن الميزان في ابتداء الحول في السخال زمان الاستغناء عن الامهات بالرعي لعدم صدق السوم قبله فيعتبر حينئذ لا من حين النتاج.

و ذهب الي أن الميزان زمان النتاج، طائفة اخري من الاعلام بل ادعي انه المشهور بل ادعي أنه مورد الاجماع و يشهد للقول الثاني جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الابل شي ء حتي يحول عليها الحول من يوم تنتج «2».

و منها: ما رواه أيضا عن احدهما عليه السلام في حديث قال: ما كان من هذه الاصناف الثلاثة الابل و البقر و الغنم فليس فيها شي ء حتي يحول عليها الحول منذ يوم ينتج «3».

و منها: رواية ثالثة لزرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا فيها و

ما كان من هذه الاصناف الثلاثة: الابل و البقر و الغنم فليس فيها شي ء حتي يحول عليها الحول من يوم ينتج «4».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن أبي عمير قال: كان علي عليه السلام لا

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص: 92

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الاستبصار ج 2 ص: 20 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 397

و كذا اذا كانت معلوفة علي الاحوط ان لم يكن أقوي (1).

______________________________

يأخذ من صغار الابل شيئا حتي يحول عليها الحول الحديث «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الابل و البقر و الغنم شي ء الا ما حال عليه الحول عند الرجل و ليس في اولادها شي ء حتي يحول عليها الحول «2». فان الظاهر منهما ان الميزان بزمان النتاج.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: السخل متي تجب فيه الصدقة؟ قال: اذا أجذع «3».

فان المصرح به في هذه الرواية ان زمان وجوب الزكاة في السخل زمان صدق الجذع عليه و قال في مجمع البحرين: «و في الحديث تكرر ذكر الجذع» الي أن قال: «و من البقر و المعز ما دخل في الثانية» فلاحظ.

و الظاهر انه لا معارضة بين هذه الروايات و نصوص اشتراط السوم في وجوب الزكاة اذا لنصوص الدالة علي أن المبدأ زمان النتاج مخصصة للنصوص الدالة علي اشتراط السوم مضافا الي أن الالتزام باشتراط السوم في السخال اسقط لعنوان النتاج المأخوذ في دليل وجوب الزكاة في السخال.

(1) لإطلاق دليل المخصص خلافا لما عن البيان حيث فصل- علي ما نسب اليه

في الجواهر- بين المرتضعة من السائمة و بين المرتضعة من المعلوفة بالالتزام بكون المبدأ من حين النتاج في الاولي و من حين السوم في الثانية بتقريب: «عدم زيادة الفرع علي الاصل و موافقته لمقتضي الحكمة في السوم و العلف».

و لا يخفي ما فيه اذ الاحكام الشرعية امور تعبدية و ليس لهذا التقريبات فيها

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 398

[المبحث الثاني: زكاة النقدين]
اشارة

المبحث الثاني: زكاة النقدين:

[مسألة 26: يشترط في زكاة النقدين مضافا إلي الشرائط العامة أمور]
اشارة

(مسألة 26): يشترط في زكاة النقدين مضافا الي الشرائط العامة امور:

[الأول: النصاب]

الاول: النصاب (1) و هو في الذهب عشرون دينارا (2).

______________________________

سبيل فالحق ما أفاده في المتن لإطلاق الدليل الدال علي أن الميزان زمان النتاج فلاحظ.

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما نقل عن غير واحد- بل نقل نفي الخلاف فيه بين المسلمين. مضافا الي النصوص الدالة علي المدعي.

(2) فلا تجب في أقل من هذا المقدار و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة فقال: في كل مأتي درهم خمسة دراهم فان نقصت فلا زكاة فيها، و في الذهب ففي كل عشرين دينارا نصف دينار فان نقصت فلا زكاة فيها «1».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و من الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار و ان نقص فليس عليك شي ء «2».

و منها: ما رواه علي بن عقبة و عدة من أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي ء فاذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال الي أربعة و عشرين فاذا أكملت أربعة و عشرين ففيها ثلاثة

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص 516 حديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 399

______________________________

أخماس دينار الي ثمانية و عشرين فعلي هذا الحساب كلما زاد أربعة «1».

و منها: ما رواه يحيي بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في عشرين دينارا نصف دينار «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليه السلام في حديث قال: ليس في الذهب زكاة حتي يبلغ عشرين مثقالا فاذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف مثقال ثم علي حساب ذلك اذا زاد المال في كل أربعين دينارا دينار «3».

و نسب الي جملة من الاصحاب ان النصاب الاول في الذهب أربعون دينارا و فيها دينار و الدليل عليه ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال الي أن قال: و ليس في أقل من أربعين مثقالا شي ء «4».

و ما رواه زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل عنده مأئة درهم و تسعة و تسعون درهما و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيها؟ فقال: لا ليس عليه شي ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتي يتم أربعون دينارا و الدراهم مأتي دراهم الحديث «5».

فيقع التعارض بين الطائفتين و لا بد من العلاج و حيث ان أكثر العامة قائلون بمقتضي الطائفة الاولي و ان النصاب الاول عشرون يكون الترجيح بالمخالفة معهم مع الطائفة الثانية لكن الاصحاب أعرضوا عن الطائفة الثانية و ذهبوا الي خلافها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 400

و فيه نصف دينار (1) و الدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي (2).

______________________________

و التزموا بأن العشرين هو النصاب الاول.

(1) كما نص عليه في الروايات.

(2) الدينار عبارة عن مثقال شرعي و المثقال الشرعي عبارة عن ثلاثة المثقال الصيرفي أما انه مثقال شرعي فيستفاد من النص لاحظ ما رواه علي بن

عقبة «1».

فانه عبر في هذه الرواية تاره بالمثقال و اخري بالدينار فيكون المراد من الدينار هو المثقال الشرعي.

اضف الي ذلك ما عن الجواهر من دعوي عدم الخلاف فيه مضافا الي ما عن ابن الاثير حيث يستفاد من كلامه ان المثقال بماله من المعني الشرعي يطلق علي الدينار خاصة و سنتعرض لكلامه ان شاء اللّه تعالي فلاحظ.

و يضاف الي جميع ذلك ان صاحب العقد المنير السيد المازندراني قدس سره قال: «قد نقلنا فيما سبق تصريح جمع من الباحثين عن النقود بأن أهل مكة بصورة خاصة أو عامة أهل الحجاز- كما صرح به أيضا غير واحد منهم- كانوا يتعاملون في الجاهلية بدنانير قيصرية و دراهم كسروية الا انها تبر و كانوا يزنون الذهب بوزن يسمونه دينارا و يزنون الفضة بوزن يسمونه درهما فلما جاء الإسلام أقر النبي صلي اللّه عليه و آله ذلك و كذا من بعده من الخلفاء فالدينار و الدرهم و ان كانا اسمين لمضروبين من الذهب و الفضة كما سمعت سابقا من غير واحد من أهل اللغة الا انهما يطلقان علي وزن خاص أي مثقال من الذهب و درهم من الفضة و قد صرح البستاني في «دائرة المعارف» بأن الدينار اسم لمضروب مدور من الذهب و في الشريعة اسم لمثقال من ذلك المضروب» «2» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

(2) العقد المنير ج 1 ص: 259

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 401

و لا زكاة فيما دون العشرين (1) و لا فيما زاد عليها حتي يبلغ أربعة دنانير و هي ثلاثة مثاقيل صيرفية و فيها أيضا ربع عشرها (2) و هكذا كلما زاد أربعة دنانير وجب ربع عشرها (3) أما الفضة فنصابها مأتا درهم و فيها

خمسة دراهم (4) ثم أربعون درهما و فيها درهم واحد

______________________________

و أما ان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي فقال في مجمع البحرين «و المثقال الشرعي علي ما هو المشهور المعول عليه» الي أن قال: «فالمثقال الشرعي يكون علي هذا الحساب عبارة عن الذهب الصنمي كما صرح به ابن الاثير حيث قال: المثقال يطلق في العرف علي الدينار خاصة و الذهب الصنمي عبارة عن ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي عرف بذلك بالاعتبار الصحيح».

و قال في المستمسك: «و أما أن المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي فقد نسبه في المستند الي جماعة منهم صاحب الوافي و المحدث المجلسي قدس سره في رسالته في الاوزان نافيا عنه الشك و والده في حلية المتقين» الي آخر كلامه.

(1) كما صرح به في جملة من النصوص منها ما رواه حسين ابن بشار «1» مضافا الي أن عدم الوجوب مقتضي الاصل الاولي.

(2) كما دل عليه ما رواه ابن عقبة «2».

(3) كما يدل عليه حديث ابن عقبة.

(4) بلا خلاف و لا اشكال كما عن جماعة كثيرة و عن جماعة دعوي الاجماع عليه و عن آخرين دعوي اجماع المسلمين عليه و يدل عليه المدعي ما رواه الحسين بشار «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

(2) لاحظ ص: 398

(3) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 402

و هكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم (1) و ما دون المائتين عفو (2).

______________________________

و يدل عليه أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: في كل مأتي درهم خمسة دراهم من الفضة و ان نقصت فليس عليك زكاة الحديث «1».

و منها: ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في

حديث قالا: في الورق في كل مأتين خمسة دراهم و لا في أقل من مأتي درهم شي ء و ليس في النيف شي ء حتي يتم أربعون فيكون فيه واحد «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في الفضة زكاة حتي تبلغ مأتي درهم فاذا بلغت مأتي درهم ففيها خمسة دراهم فاذا زادت فعلي حساب ذلك في كل أربعين درهما درهم و ليس في الكسور شي ء الحديث «3».

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الذهب و الفضة ما أقل ما تكون فيه الزكاة؟ قال: مأتا درهم و عدلها من الذهب قال: و سألته عن النيف الخمسة و العشرة قال: ليس عليه شي ء حتي يبلغ أربعين فيعطي من كل أربعين درهما درهم الحديث «4».

(2) كما نص به في الروايات لاحظ ما رواه ابن بشار «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 403

و كذا ما بين المائتين و الاربعين (1) و وزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية و ربع فالدرهم نصف مثقال صيرفي و ربع عشرة (2) و الضابط في زكاة النقدين من الذهب و الفضة ربع العشر (3) لكنه يزيد علي القدر الواجب قليلا في بعض الصور (4).

[الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة]

الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة (5) بسكة الإسلام أو

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و الدرهم نصف المثقال الصيرفي

و ربع عشره». و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام: «لا اشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي و ان كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية كما نقله جماعة كثيرة و عن ظاهر الخلاف دعوي اجماع الامة عليه و عن رسالة المجلسي انه مما لا شك فيه و مما اتفقت عليه العامة و الخاصة فاذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي يكون الدرهم نصف المثقال الصيرفي و ربع عشره» «2».

الي آخر كلامه.

(3) كما هو المستفاد من النصوص المشار اليها.

(4) لعل الماتن ناظر الي صورة زيادته علي النصاب السابق و عدم بلوغه النصاب اللاحق و اللّه العالم.

(5) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: قلت له: انه يجتمع عندي الشي ء (الكثير قيمة) فيبقي نحوا من سنة أ نزكيه؟ فقال: لا كل ما لم يحل عليه الحول فليس عليك فيه زكاة و كل ما لم يكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 2 4

(2) مستمسك العروة ج 9 ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 404

الكفر بكتابة و بغيرها (1) بقيت السكة أو مسحت بالعارض (2) أما الممسوح

______________________________

ركازا فليس عليك فيه شي ء قال: قلت: و ما الركاز؟ قال: الصامت المنقوش ثم قال:

اذا أردت ذلك فاسبكه فانه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضة شي ء من الزكاة «1».

و عن القاموس: «ان الصامت من المال الذهب و الفضة» و قال في مجمع البحرين:

«و في حديث الزكاة ليس في النقر زكاة يريد به ما ليس بمضروب من الذهب و الفضة».

و يؤيد المدعي ما رواه جميل عن بعض أصحابنا انه قال: ليس في التبر زكاة انما هي علي الدنانير و

الدراهم «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام انه قال: ليس في التبر زكاة انما هي علي الدنانير و الدراهم «3».

(1) لإطلاق الدليل.

(2) المستفاد من حديث ابن يقطين انه يشترط في موضوع الزكاة كون الدرهم و الدينار منقوشين و مع فرض المسح يشكل الجزم بتعلق الحكم الا أن يقال: ان المستفاد من ذيل الرواية ان المسح لا يوجب تغيير الموضوع اذ لو كان المسح يوجب ذلك لم يكن وجه لجعل الذهب سبيكة طريقا للفرار عن الزكاة بل كان مجرد المسح كافيا.

و لكن هذا التقريب غير تام اذ ليس المولي في مقام بيان جميع الطرق التي يمكن الفرار منها بل في مقام بيان أن موضوع الزكاة السكة و أما السبيكة فلا زكاة فيها و هذا لا ينافي مع اشتراط بقاء النقش في وجوب الزكاة.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث ابن يقطين ان الموضوع مطلق المسكوك

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 405

بالاصل فالاحوط وجوب الزكاة فيه اذا عومل به (1) و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالاحوط وجوب الزكاة فيه و ان كان الاظهر العدم (2) و اذا اتخذ للزينة فان كانت المعاملة به باقية وجبت فيه علي الاحوط و الا فالاظهر عدم الوجوب (3).

______________________________

و فيه أولا: ان لازمه جريان الحكم في الممسوح بالاصالة و الحال انه لا يمكن الالتزام به. و ثانيا: انه خلاف صريح خبر ابن يقطين و أما التمسك باستصحاب وجوب الزكاة ففيه اولا انه تعليقي و ثانيا: ان استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل

الزائد فالجزم بالوجوب مشكل.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و أما اذا كانا ممسوحين فلا تجب فيهما» و الظاهر ان ما أفاده تام اذ المستفاد من حديث ابن يقطين انه يشترط في وجوب الزكاة كونهما منقوشين.

اضف الي ذلك انه نسب الي جملة من اعاظم الاصحاب عدم الوجوب بل ادعي عليه الاجماع.

(2) مقتضي اطلاق النصوص وجوب الزكاة حتي بعد الهجر و يستفاد من بعض النصوص كون الميزان تحقق المعاملة فلا تجب بعد الهجر لاحظ حديثي علي بن يقطين «1» لكن الحديثين ضعيفان سندا بابن مرار.

(3) لا وجه للتفصيل المذكور في المتن اذ قلنا ان حديثي علي بن يقطين ضعيفان سندا فالحق أن يقال: ان المتخذ للزينة تجب فيه الزكاة بلا فرق بين بقاء المعاملة به و عدمه اذ النصوص الدالة علي عدم الزكاة في الحلي ناظرة الي الذوات الخاصه لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 406

______________________________

الحلي أ يزكي؟ فقال: اذا لا يبقي منه شي ء «1».

و ما رواه هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ليس علي الحلي زكاة «2».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحلي فيه زكاة؟ قال: لا «3».

و ما رواه رفاعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله بعضهم عن الحلي فيه زكاة؟ فقال: لا و لو بلغ مأئة ألف «4».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحلي فيه زكاة قال: لا «5» و غيرها مما ورد في الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و

الفضة من الوسائل.

و بعبارة اخري: تلك النصوص ناظرة الي أن الحلي من الذهب و الفضة لا تجب فيه الزكاة و انما الزكاة تجب في الدراهم و الدنانير.

و ان شئت قلت: ان الحلي ليس داخلا في موضوع الزكاة. نعم لا يبعد أن يستفاد من رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي من مأئة دينار و المأتي دينار و أراني قد قلت ثلاثمائة فعليه الزكاة؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 407

و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة (1).

[الثالث: الحول]

الثالث: الحول (2).

______________________________

قال: ليس فيه زكاة الحديث «1» عدم الزكاة في الدينار اذا جعل حليا لكن الرواية من حيث السند مخدوش.

مضافا الي أن مقتضي اطلاق الرواية عدم الزكاة و ان كانت المعاملة باقية أضف الي ذلك كله انه لو سلم الاطلاق في نصوص الباب و سلمنا شمولها للدينار و الدرهم المأخوذين للحلي تقع المعارضة بينها و بين أخبار زكاة النقدين بالعموم من وجه و بعد التساقط يكون المرجع دليل وجوب الزكاة في الوزن الخاص من الذهب و الفضة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ قال: اذا بلغ قيمته مأتي درهم فعليه الزكاة «2».

(1) كما هو مقتضي الاصل الاولي بعد عدم الدليل عليه لاحظ ما رواه علي بن يقطين «3».

(2) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين «4» و يدل

عليه أيضا ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كان عنده مأتا درهم غير درهم احد عشر شهرا ثم اصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر و كملت عنده مأتا درهم أ عليه زكاتها؟ قال: لا حتي يحول عليها الحول و هي مأتا درهم فان كانت مأئة و خمسين درهما فأصاب خمسين بعد أن مضي شهر فلا زكاة عليه حتي يحول علي المائتين الحول قلت له: فان كانت عنده مأتا درهم غير درهم فمضي عليها أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 403

(4) لاحظ ص: 403

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 408

علي نحو ما تقدم في الانعام (1) كما تقدم أيضا حكم اختلال بعض الشرائط و غير ذلك و المقامان من باب واحد (2).

[مسألة 27: لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردي ء]

(مسألة 27). لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردي ء (3) و لا يجوز الاعطاء من الردي ء اذا كان تمام النصاب من الجيد (4).

[مسألة 28: تجب الزكاة في الدراهم و الدنانير المغشوشة]

(مسألة 28): تجب الزكاة في الدراهم و الدنانير المغشوشة (5).

______________________________

قبل أن ينقضي الشهر ثم أصاب درهما فأتي علي الدراهم مع الدرهم حول أ عليه زكاة؟ قال: نعم و ان لم يمض عليها جميعا الحول فلا شي ء عليه الحديث «1».

(1) من كفاية الدخول في الشهر الثاني عشر و قد مر الكلام فيه في زكاة الانعام لاحظ ما رواه زرارة و محمد «2».

(2) كما تقدم فراجع.

(3) لإطلاق الدليل فلاحظ.

(4) قد تقدم الكلام من هذه الجهة في زكاة الانعام و قلنا ان المستفاد من الاية الشريفة «3» النهي عن دفع ما يكون مرغوبا عنه و يفهم من كلام الماتن جواز دفع الردي ء في صورة كون النصاب مركبا من الجيد و الردي ء و يشكل ما أفاده فان مقتضي النهي عدم الجواز حتي في هذه الصورة نعم يجوز التبعيض و لحاظ النسبة.

(5) لإطلاق دليل وجوب الزكاة فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الخالص و المغشوش و الاشكال في الوجوب بعدم صدق الموضوع مع الغش مدفوع بأنه يصدق نعم لو لم يصدق لا تجب كما أنه لو شك في الصدق لا تجب كما هو المقرر

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 388

(3) لاحظ ص: 383

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 409

و ان يبلغ خالصهما النصاب (1) و اذا كان الغش كثيرا بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة علي المغشوش ففي وجوب الزكاة فيه ان بلغ خالصه النصاب اشكال (2).

______________________________

من عدم الاخذ بالعموم في الشبهة المصداقية بل مقتضي الاستصحاب عدم

الصدق.

و أما خبر زيد الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت في قرية من قري خراسان يقال لها بخاري فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة و ثلث مسا و ثلث رصاصا و كانت تجوز عندهم و كنت أعملها و انفقها قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لا بأس بذلك اذا كان تجوز عندهم فقلت: أ رأيت ان حال عليه الحول و هي عندي و فيها ما يجب علي فيه الزكاة ازكيها؟ قال: نعم انما هو مالك قلت: فان أخرجتها الي بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتي حال عليها الحول أزكيها؟ قال: ان كنت تعرف أن فيها من الفضة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزك ما كان لك فيها من الفضة الخالصة من فضة ودع ما سوي ذلك من الخبيث قلت و ان كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة الا اني أعلم ان فيها ما يجب فيه الزكاة؟ قال: فاسبكها حتي تخلص الفضة و يحترق الخبيث ثم تزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة «1» فهو ضعيف سندا لا يعتمد عليه.

(1) بدعوي صدق الموضوع و مع صدقه يشمله اطلاق الدليل لكن يرد عليه ان دليل نفي الزكاة في غير التسعة مقدم علي ذلك الاطلاق. و بعبارة اخري: يشترط في موضوع الزكاة تحقق النصاب من الذهب و الفضة و المفروض ان الخالص منهما غير بالغ للنصاب.

(2) لعدم صدق الموضوع فلا تجب الزكاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 410

[مسألة 29: إذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة]

(مسألة 29): اذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة (1) و في وجوب الاختبار اشكال أظهره العدم و الاختبار

أحوط (2).

[مسألة 30: إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها]

(مسألة 30): اذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها و لا يضم بعضها الي بعض فاذا كان عنده تسعة عشر دينارا و مأئة و تسعون درهما لم تجب الزكاة في أحدهما (3) و اذا كان من جنس واحد كما اذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب الانكليزية ضم بعضها الي بعض في بلوغ النصاب و كذا اذا كان عنده روبية انكليزية و قران ايراني (4).

______________________________

(1) لأصالة البراءة بل استصحاب عدم تحقق موضوع الوجوب و يكون الاستصحاب المزبور مقدما علي الاصل الحكمي فلا تصل النوبة اليه فلاحظ.

(2) لعدم وجوب الفحص في الشبهة الموضوعية و دعوي انه علم من مذاق الشرع وجوب الاختبار في أمثال المورد اذ ينجر عدم الاختبار الي المخالفة الكثيرة عهدتها علي مدعيها فان المورد كبقية الموارد من الشبهات الموضوعية فما دام لا يتحقق العلم التفصيلي أو الإجمالي و لا يكون التكليف الواقعي منجزا لا مانع من جريان الاصل.

(3) كما هو ظاهر اذ المركب من الموضوعين لا يكون موضوعا للحكم الشرعي.

(4) اذ المفروض تحقق الموضوع فان الموضوع للزكاة المقدار الخاص من الذهب المسكوك و المفروض تحققه و مقتضي اطلاق دليل الوجوب عدم الفرق بين مصاديقه فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 411

[المبحث الثالث: زكاة الغلات الأربع]
اشارة

المبحث الثالث: زكاة الغلات الاربع:

[مسألة 31: يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران]

(مسألة 31): يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران:

الاول: بلوغ النصاب (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق «لا خلاف بين الاصحاب رضوان اللّه عليهم في اشتراط النصاب في زكاة الغلات». الي آخر كلامه و يدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أنبتت الارض من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ما بلغ خمسة أوساق و الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع ففيه العشر و ما كان منه يسقي بالرشا و الدوالي و النواضح ففيه نصف العشر و ما سقت السماء أو السيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما و ليس فيما دون الثلاثمائة صاع شي ء و ليس فيما أنبتت الارض شي ء الا في هذه الاربعة أشياء «1»

و مثله غيره و المستفاد من هذه الطائفة ان النصاب في الغلات خمسة اوسق و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري يعارضها:

منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته في كم تجب الزكاة من الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر؟ قال: في ستين صاعا «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

و منها ما رواه أبو بصير يعني يحيي بن القاسم قال: قال (لي) أبو عبد اللّه:

لا تجب الصدقة الا في وسقتين و الوسق ستون صاعا «3». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 412

و هو بوزن النجف في زماننا هذا ثمان وزنات و خمس حقق و نصف الا ثمانية و

خمسين مثقالا و ثلث مثقال و الوزنة أربع و عشرون حقة و الحقة ثلاث حقق اسلامبول و ثلث و بوزن الاسلامبول سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا صيرفيا و الوزنة أربع و عشرون حقة و الحقة مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا و بوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلوا تقريبا.

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام في حديث زكاة الحنطة و التمر قال: قلت: انما أسألك عما خرج منه قليلا كان أو كثيرا له حد يزكي ما خرج منه؟ فقال: زك ما خرج منه قليلا كان أو كثيرا من كل عشرة واحد و من كل عشرة نصف واحد قلت: فالحنطة و التمر سواء؟ قال: نعم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن سندي.

و منها: ما أرسله صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة في كم تجب في الحنطة و الشعير؟ فقال: في وسق «2» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون في الحب و لا في النخل و لا في العنب زكاة حتي تبلغ وسقين و الوسق ستون صاعا «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا اذ لم يحرز كون كل واحد من رواته ثقة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 413

الثاني: الملك في وقت تعلق الوجوب (1) سواء كان بالزرع أم بالشراء أم بالارث أم بغيرها من أسباب الملك (2).

[مسألة 32: المشهور ان وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير]

(مسألة 32): المشهور ان وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و

الشعير و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل و عند انعقاده حصرما في ثمر الكرم لكن الظاهر ان وقته اذا صدق انه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب (3).

______________________________

(1) كما تقدم.

(2) لإطلاق الدليل فان مقتضي إطلاقه عدم الفرق بين أقسام الملك.

(3) استدل علي القول المشهور بوجوه: الوجه الاول: الاجماع فانه ادعي عليه الاجماع. و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل و علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن الزكاة في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب متي تجب علي صاحبها؟ قال: اذا ما صرم و اذا خرص «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الميزان بد و الصلاح و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد.

الوجه الثالث: ما رواه سليمان يعني ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في النخل صدقة حتي يبلغ خمسة أوساق و العنب مثل ذلك حتي يكون خمسة أوساق زبيبا «2».

و مثله ما رواه الحلبي قال: و قال في حديث آخر ليس في النخل صدقة حتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب زكاة الغلات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 414

______________________________

تبلغ خمسة أوساق و العنب مثل ذلك حتي يبلغ خمسة أوساق زبيبا و الوسق ستون صاعا الحديث «1».

بتقريب: ان المقدر بدلالة الاقتضاء ثمرة النخل و مقضي الاطلاق شمول الثمرة للبسر و فيه: ان الصدر لا اطلاق فيه من هذه الجهة اذ يحتمل أن يكون المقدر هو التمر و أما الذيل

فقد جعل الموضوع فيه العنب لا الحصرم.

الوجه الرابع: ما رواه سعد بن سعد الاشعري قال: سألت أبا الحسن عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البر و الشعير و التمر و الزبيب فقال: خمسة أوساق بوسق النبي صلي اللّه عليه و آله فقلت: كم الوسق؟ قال: ستون صاعا قلت: و هل علي العنب زكاة أو انما تجب عليه اذا صيره زبيبا؟ قال: نعم اذا خرصه أخرج زكاته «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان تعلق وجوب الزكاة قبل صيرورة العنب زبيبا. و يرد عليه اولا أن الحديث ضعيف سندا بالبرقي. و ثانيا: علي فرض تسلم ما ذكر في التقريب يدل أن موضوع الوجوب هو العنب لا الحصرم فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه أبو بصير «3». بتقريب: انه جعل في هذا الخبر موضوع الزكاة النخل و بدلالة الاقتضاء لا بد من التقدير أي ثمرة النخل و مقتضي الاطلاق شمول الحكم للبسر. و فيه أولا أن الحديث ضعيف سندا و ثانيا: يمكن تقدير التمر. و ثالثا: الرواية ناظرة الي بيان النصاب المعتبر في وجوب الزكاة و لا تكون ناظرة الي زمان تعلق الوجوب فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 412

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 415

______________________________

الوجه السادس: انه يصدق عنوان الحنطة و الشعير علي الحب عند اشتداده كما أنه يصدق التمر عند الاصفرار أو الاحمرار لنص أهل اللغة علي أن البسر نوع من التمر.

و فيه: انه لو تم الادعاء المذكور بالنسبة الي الحنطة و الشعير فقد اتفق القولان و أما بالنسبة الي صدق التمر علي البسر فيشكل فانه نقل عن المصباح دعوي الاجماع علي أن التمر اسم لليابس منه مضافا الي نص جماعة- علي ما

قيل- علي عدم صدق التمر علي البسر و لو سلم الادعاء المذكور في تقريب الاستدلال بالنسبة الي اللغة فهو مخالف مع العرف و العرف مقدم علي اللغة.

الوجه السابع: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يبعث الخارص علي الناس فيكون دليلا علي تعلق الوجوب حال البسرية. و فيه: انه لم يثبت بعثه صلي اللّه عليه و آله الخارص قبل صدق عنوان التمر مضافا الي أنه يمكن أن يكون الخرص مختصا بما يبقي و يصير تمرا. و ان شئت قلت: الخرص لا يكون ناظرا الي تعيين زمان تعلق الوجوب.

الوجه الثامن: انه لو كان زمان صيرورة البسر تمرا و الحصرم زبيبا لأدي ذلك الي تضييع حق الفقراء لأنه يمكن أن يحتال المالك بجعل العنب و الرطب دبسا و خلا. و فيه: ان ضرر المالك بهذه الحيلة ربما يكون أكثر من ضرره باداء الزكاة مضافا الي أن هذا الوجه و أمثاله لا يكون مدارا للأحكام الشرعية كما هو ظاهر.

الوجه التاسع: ان المراد من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب موادها فلا يدور الوجوب مدار صدق هذه العناوين. و فيه: انه خروج عن ظاهر الادلة بغير قرينة و وجه. فانقدح انه لا دليل علي مذهب المشهور.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 416

[مسألة 33: المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات]

(مسألة 33): المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات فاذا بلغ النصاب و هو عنب و لكنه اذا صار زبيبا نقص منه لم تجب

______________________________

و في قبال القول المشهور قول و هو أن المعيار في تعلق الوجوب صدق عنوان التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير و تظهر الثمرة بين القولين في تصرف المالك بعد بدو الصلاح و انعقاد الحب قبل البلوغ الي حد التسمية بتلك

الاسماء المذكورة فانه علي المشهور لا يجوز الا بعد الخرص و ضمان الزكاة لتحقق الوجوب و علي القول الاخر يجوز قبل تحقق تلك العناوين.

و أيضا تظهر الفائدة فيما اذا نقله المالك الي غيره قبل صدق تلك العناوين فانه علي القول المشهور تجب الزكاة علي الناقل اذ المفروض ان الزكاة تعلقت قبل النقل و علي القول الاخر تكون الزكاة واجبة علي من انتقل اليه لتحقق صدق العناوين المذكورة في ملكه فلاحظ.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان ظواهر النصوص تقتضي صحة المذهب غير المشهور اذ من الظاهر انه لا يصدق شي ء من هذه العناوين بمجرد الاحمرار و الاصفرار و لا مجرد انعقاد الحب قبل اشتداده.

بقي شي ء و هو ان الظاهر من حديث سليمان «1» و كذا الظاهر من حديث الحلبي «2» ان موضوع الزكاة في ثمرة الكرم هو العنب و لا تنافي بين ما ذكر و ما ذكر في جملة من الروايات من الزبيب فان الوجوب متعلق بالعنب و لكن المناط وصول الزبيب الي مقدار خاص فلا تنافي بين الامرين و لذا تري الجمع بين العنوانين في كلا الحديثين فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 413

(2) لاحظ ص: 413

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 417

الزكاة (1).

[مسألة 34: وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب علي النحو المتعارف]

(مسألة 34): وقت وجوب الاخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب علي النحو المتعارف (2) فاذا أخر المالك بغير عذر ضمن مع وجود المستحق (3) و لا يجوز للساعي المطالبة قبله (4) نعم يجوز الاخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب (5) و يجب علي الساعي القبول (6).

______________________________

(1) ما أفاده تام بالنسبة الي العنب فان المستفاد من حديثي سليمان و الحلبي ان المناط في وجوب الزكاة في الكرم كون الزبيب خمسة أوسق و أما

بالنسبة الي بقية المذكورات فان تم اجماع تعبدي فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي بل مقتضي القاعدة تعلق الوجوب بالعناوين المذكورة في النصوص بلا اشتراط بلوغ اليابس منها حد النصاب فلاحظ.

(2) ادعي عليه الاتفاق و عدم الخلاف في عدم وجوب الاخراج في الحبوب الا بعد التصفية و في التمر الا بعد التشميس و الجفاف و يمكن أن يستدل علي مدعي الماتن انه يفهم من وجوب اعطاء الزكاة من الامور المذكورة ان زمان وجوبه هو المتعارف من التصفية و الاجتذاذ و اقتطاف الزبيب الا أن يقوم دليل آخر علي تعيين الوقت.

(3) لأنه حبس مال الغير بلا اذن شرعي و بلا اذن مالكي فيضمن.

(4) اذ لا وجه للجواز قبل تعلق الوجوب.

(5) فان جوازه علي طبق القاعدة الاولية اذ يجوز لكل فرد أن يفرغ عهدته و يؤدي مال الغير.

(6) لان الساعي وظيفته أخذ الزكاة فكل فرد ادي ما عليه يجب عليه القبول.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 418

[مسألة 35: لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين]

(مسألة 35): لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين فاذا اعطي زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شي ء و هكذا غيرها (1).

[مسألة 36: المقدار الواجب اخراجه في زكاة الغلات العشر]

(مسألة 36): المقدار الواجب اخراجه في زكاة الغلات العشر اذا سقي سيحا أو بماء السماء أو بمص عروقه من ماء الارض و نصف العشر اذا سقي بالدلاء و الماكينة و الناعور و نحو ذلك من العلاجات (2) و اذا سقي بالامرين فان كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي اليه

______________________________

(1) نقل عليه دعوي الاجماع من جماعة كثيرة و عن بعض الاجلة اتفاق العامة و الخاصة عليه مضافا الي أن عدم الوجوب مقتضي الاصل و يضاف الي ذلك كله النص الخاص.

لاحظ ما رواه زرارة و عبيد بن زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ايما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه فيه شي ء و ان حال عليه الحول عنده الا أن يحول مالا فان فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه و الا فلا شي ء عليه و ان ثبت ذلك ألف عام اذا كان بعينه فانما عليه فيها صدقة العشر فاذا أداها مرة واحدة فلا شي ء عليه فيها حتي يحوله مالا و يحول عليه الحول و هو عنده «1».

(2) ادعي عليه نفي الخلاف بين المسلمين و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة و بكير جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال في الزكاة ما كان يعالج بالرشا و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر و ان كان تسقي من غير علاج

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 419

و لا يعتد بالاخر فالعمل علي الغالب (1)

و ان كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفا و ان كان السقي باحدهما أكثر من الاخر يوزع الواجب فيعطي من نصفه العشر و من نصفه الاخر نصف العشر (2) و اذا شك في صدق

______________________________

بنهر أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملا «1».

(1) عملا بالنصوص الواردة في المقام فان الحكم تابع لموضوعه ففي كل مورد صدق عنوان السقي بالدوالي مثلا يثبت نصف العشر و في كل مورد صدق عنوان السقي سيحا مثلا يترتب عليه وجوب تمام العشر.

(2) ادعي عليه الاجماع و استدل عليه بما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فيما سقت السماء و الانهار أو كان بعلا فالعشر فأما ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر قلت له: فالارض تكون عندنا تسقي بالدوالي ثم يزيد الماء و تسقي سيحا فقال: ان ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت: نعم قال: النصف و النصف نصف بنصف العشر و نصف بالعشر فقلت: الارض تسقي بالدوالي ثم يزيد الماء (و) فتسقي السقية و السقيتين سيحا قال: و كم تسقي السقية و السقيتين سيحا؟ قلت: في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة و قد مكث قبل ذلك في الارض ستة أشهر سبعة أشهر قال: نصف العشر «2».

و هذه الرواية و ان كانت دالة علي المدعي و لكنها ضعيفة سندا بمعاوية بن شريح حيث انه لم يوثق و عمل المشهور به لا يجبر ضعفها كما هو المقرر فعليه لا يمكن الاستناد في هذا الحكم الي الحديث المذكور و أما الاجماع المدعي في المقام فان ثبت تحققه و كونه تعبديا كاشفا يكفي للاستناد لكن كيف يمكن اثباته و أما النصوص الاولية الدالة علي العشر و نصف العشر فلا

تشمل صورة الاشتراك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الغلات.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 420

الاشتراك و الغلبة كفي الاقل (1) و الاحوط استحبابا الاكثر (2).

[مسألة 37: المدار في التفصيل المتقدم علي الثمر لا علي الشجر]

(مسألة 37): المدار في التفصيل المتقدم علي الثمر لا علي الشجر فاذا كان الشجر حين غرسه يسقي بالدلاء فلما أثمر صار يسقي بالنوازير أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر (3).

[مسألة 38: الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقي بالدوالي عن حكمه]

(مسألة 38): الامطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقي بالدوالي عن حكمه الا اذا كثرت بحيث يستغني عن الدوالي فيجب حينئذ العشر أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي فيجب التوزيع (4).

______________________________

و بعبارة اخري: صورة الاشتراك خارجة عن تحت كلا الدليلين فتصل النوبة الي الاصل و مقتضاه البراءة عن الزائد و القدر المعلوم وجوبه نصف العشر لكن مقتضي الاحتياط رعاية الاشتراك فلاحظ.

(1) لعدم تنجز الاكثر و مقتضي الاصل عدم وجوبه.

(2) فانه لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه.

(3) فانه الظاهر من الدليل لاحظ ما عن أبي جعفر عليه السلام «1» قال عليه السلام في هذا الحديث: «ما كان يعالج بالرشا و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر» فان مصداق الموصول هي الثمرة كما أن نصف العشر فيها كذلك فما أفاده في المتن تام.

(4) اذ المناط صدق الموضوع فاذا فرض عدم تأثير الأمطار في تغير الموضوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 421

[مسألة 39: إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا أو لغرض فسقي به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر]

(مسألة 39): اذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا أو لغرض فسقي به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر و كذا اذا أخرجه هو عبثا أو لغرض آخر ثم بدا له فسقي به زرعه و أما اذا أخرجه لزرع فبدا له فسقي به زرعا آخر أو زاد فسقي به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر (1).

[مسألة 40: ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة و هو الحصة من نفس الزرع لا يجب اخراج زكاته]

(مسألة 40): ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة و هو الحصة من نفس الزرع لا يجب اخراج زكاته (2).

______________________________

كما هو المفروض فلا أثر لها. و صفوة القول: انه مع صدق الاشتراك يجب التوزيع علي مبني القوم و في صورة صدق واحد من العنوانين فقط يترتب عليه حكمه فلاحظ.

(1) بتقريب: ان المستفاد من النصوص ان المناط في العشر و نصفه تكلف الزارع للسقي و عدمه. لكن الجزم به مشكل و المرجع اطلاق الادلة و حكمة الاحكام لا تغير الظواهر فالحق خلافه.

(2) بلا خلاف و لا اشكال كما في بعض الكلمات و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم جميعا عن أبي جعفر عليه السلام انهما قالا له: هذه الارض التي يزارع أهلها ما تري فيها؟ فقال: كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فعليك مما أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه و ليس علي جميع ما أخرج اللّه منها العشر انما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك «1».

مضافا إلي أنه يشترط في وجوب الزكاة الملكية و التمكن من التصرف و من الظاهر انه ليس للمالك التصرف في حصة السلطان فالنتيجة انه لا بد من كون الباقي بعد اخراج حصته بالغا حد النصاب و مع عدم بلوغ الباقي ذلك الحد لا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من

أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 422

[مسألة 41: المشهور استثناء المؤن التي يحتاج اليها الزرع و الثمر]

(مسألة 41): المشهور استثناء المؤن التي يحتاج اليها الزرع و الثمر من اجرة الفلاح و الحارث و الساقي و العوامل التي يستأجرها للزرع و اجرة الارض و لو غصبا و نحو ذلك مما يحتاج اليه الزرع أو الثمر و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب علي الزرع المسمي بالخراج و لكن الاحوط في الجميع عدم الاستثناء (1).

______________________________

موضوعا للزكاة.

(1) و القول المشهور مختار جملة من الاعاظم- علي ما نسب اليهم- و ما ذكر في مقام الاستدلال علي هذا القول وجوه: الوجه الاول: اصالة البراءة. و فيه انه لا مجال للأصل بعد اطلاق دليل العشر و نصفه. الوجه الثاني: قاعدة لا ضرر بتقريب ان اداء الزكاة ضرر علي المالك و فيه ان قاعدة لا ضرر لا تنفي الحكم الضرري فيما يكون مورده الضرر بحسب الدليل و لذا يجب الخمس و الزكاة و الكفارات و الحج و الجهاد فالمحكم اطلاق دليل النصف و العشر.

مضافا الي أن الاستدلال بقاعدة لا ضرر يتم علي مذهب القوم القائلين بأن مفادها نفي الحكم الضرري و أما علي المسلك المنصور من أن مفادها النهي فلا فلاحظ.

الوجه الثالث: قاعدة نفي الحرج. و فيه: اولا: ان الدليل اخص من المدعي و ثانيا ان مقتضي الحرج رفع الوجوب و عدم تعلقه بالاداء كبقية الحقوق المالية لا رفع الحكم الوضعي لكنه هل يمكن الالتزام بعدم وجوب اداء مملوك الغير استنادا الي الحرج

الوجه الرابع: ما ورد في استثناء حصة السلطان. و فيه: ان النص الوارد فيها يدل علي اخراج ما يكون ملكا للسلطان فلا جامع بين المقامين بل اذ افرضنا قيام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 423

______________________________

دليل دال

علي استثناء كل ما يأخذه السلطان فلا وجه لتسرية الحكم الي المقام و القياس باطل.

الوجه الخامس: ما عن الفقه الرضوي: «و ليس في الحنطة و الشعير شي ء الي أن يبلغ خمسة اوسق الي أن قال: فاذا بلغ ذلك و حصل بغير خراج السلطان و معونة العمارة و القرية اخرج منه العشر «1». و فيه: ان الفقه الرضوي لا اعتبار به

الوجه السادس: قوله تعالي: وَ يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ» «2» بتقريب: ان المراد بالعفو الزائد عن المئونة فيجوز استثناء المئونة. و يرد عليه اولا: ان الكلام في المقام في مؤنة الزرع و المستفاد من الاية مؤنة الشخص.

و ثانيا: ان المستفاد من الاية اتفاق جميع الزائد و الكلام في المقام في اخراج العشر أو نصفه.

و لأجل توضيح الحال نقول: نقل عن ابن عباس ان شأن نزول الاية الشريفة ان المسلمين بعد ما امروا بالانفاق لتقوية الإسلام و شوكته سألوا النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم عن مقدار الانفاق فنزلت الاية فلا ترتبط بالمقام.

الوجه السابع: قوله تعالي «خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ» «3» بتقريب:

ان العفو عبارة عن الزائد عن مقدار المئونة فلا يجب علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يأخذ الزائد علي هذا المقدار.

و فيه: ان المراد من الاية لو كان ما ذكر كان مقتضاه أخذ جميع الزائد و الحال

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

(2) البقرة/ 219

(3) الاعراف/ 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 424

______________________________

ان الواجب هو العشر أو نصفه مضافا الي أن الظاهر من الاية علي المعني المذكور الزائد علي مؤنة الشخص و الكلام في المقام في الزائد علي مؤنة الزرع.

اضف الي ذلك ان

العفو كما يظهر من الكلمات قد يكون بمعني التسهيل و في المقام يمكن أن يكون بهذا المعني قال في تفسير الصافي «خذ العفو أي خذ ما عفا لك من أفعال الناس و اخلاقهم و ما تأتي منهم من غير كلفة و تسهل و لا تطلب ما يشق عليهم و لا تداقهم و اقبل الميسور منهم» «1» الي آخره. فلا ترتبط الاية بالمقام.

الوجه الثامن ما رواه زرارة و محمد بن مسلم و أبو بصير جميعا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يترك للحارس أجرا معلوما و يترك من النخل معا فارة و أم جعرور و يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لحفظه اياه «2» بتقريب انه استثني اجرة الحارس فالمئونة خارجة.

و يرد عليه اولا: انه لا يستفاد من الحديث ان المراد اجرة الحارس و الا كان المناسب أن يقول: «و يترك للمالك المقدار المساوي لما عينه للحارس» فيمكن أن يكون المذكور حقا وجوبيا أو استحبابيا. و ثانيا: سلمنا المدعي لكن أي دليل دل علي التعميم.

و بعبارة اخري: الكلام في مطلق المؤن و الرواية واردة في فرد منها و مثل الحديث المذكور تقريبا و اشكالا ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في زكاة التمر و الزبيب قال: يترك للحارس العذق و العذقان و الحارس يكون في النخل ينظره فيترك ذلك

______________________________

(1) الصافي ج 2 ص: 260

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب زكاة الغلات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 425

نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابها علي الزكاة بالنسبة مع الاذن من الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 42: يضم النخل بعض الي بعض]

(مسألة 42): يضم النخل بعض الي بعض و ان كانت

في أمكنة

______________________________

لعياله «1».

الوجه التاسع: ان المال مشترك بين المالك و مالك الزكاة و مقتضي الشركة أن تحسب المؤن علي مقتضاها فحساب المئونة بعد تعلق الزكاة علي خصوص المالك يتوقف علي دليل مفقود فاذا ثبت المدعي بعد تعلق الوجوب ثبت الحكم بالنسبة الي المؤن المتقدمة علي زمان الوجوب بعدم القول بالفصل.

و يرد عليه: ان عدم القول بالفصل غير القول بعدم الفصل فلا مانع من التفصيل.

مضافا الي الاشكال في اساس الاستدلال لان حصول النصاب المشترك بين المالك و الزكاة يتوقف علي صرف المؤن فمع صرفها و حصول النصاب في أو انه يتعلق به الزكاة و الوجوب بادائها و مع عدم صرف المئونة و عدم حصول النصاب لا موضوع للكلام و لا تجب الزكاة.

و بعبارة اخري: الشركة تتوقف علي صرف المئونة فرتبة الشركة متأخرة عن صرف المئونة فلا مجال لان يقال الشركة تقتضي التوزيع و ان شئت قلت: ان المدعي في المقام ملاحظة النصاب بعد استثناء المؤن و هذا لا يرتبط بأن الشركة تقتضي الاحتساب علي الزكاة بالنسبة.

(1) بدعوي ان الاحتساب بهذا النحو مقتضي الشركة و بعبارة اخري: المصارف المترتبة بعد تحقق النصاب لا بأس باحتسابها علي نحو الاشتراك كما في المتن اذ بعد تحقق النصاب يكون المال مشتركا بين المالك و الزكاة و مقتضي الشركة التوزيع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 426

متباعدة و تفاوتت في الادراك بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد و ان كان بينهما شهر أو أكثر و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فليلحظ النصاب في المجموع فاذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة و ان لم يبلغه كل واحد منها (1) و أما اذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم

فيه اشكال (2) و ان كان الضم أحوط وجوبا (3).

[مسألة 43: يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان]

(مسألة 43): يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين و ما بحكمهما من الاثمان كالأوراق النقدية (4).

______________________________

(1) ادعي عليه اجماع المسلمين و الدليل عليه اطلاق نصوص وجوب الزكاة فان الميزان الوصول الي حد النصاب.

(2) بدعوي صدق التعدد و احتمال كونها في حكم ثمرة عامين. و فيه: ان مجرد الاحتمال لا أثر له و لا نري فارقا بينه و بين ما يكون بعض النخيل بعيدا عن البعض الاخر و لكن ثمرة الكل تصل الي حد النصاب و صفوة القول انه يصدق النصاب علي المجموع فتجب الزكاة بمقتضي اطلاق دليلها.

(3) بل الاقوي و اللّه العالم.

(4) قال في المستمسك: «أما في الغلات و النقدين فالظاهر الاتفاق عليه بل عن جماعة كثيرة نقل الاجماع صريحا أو ظاهرا عليه» الي أن قال: «و أما في الانعام ففي الخلاف جوازه أيضا مستدلا عليه باجماع الفرقة و اخبارهم و عن المحقق: منع الاجماع و عدم دلالة الاخبار علي موضع النزاع و عن المقنعة: لا يجوز اخراج القيمة في زكاة الانعام» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و من النصوص الواردة في المقام ما رواه محمد بن خالد البرقي «1» و هذه

______________________________

(1) لاحظ ص: 378

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 427

______________________________

الرواية ضعيفة بالبرقي. و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية بحسب الظهور الشراء قبل الاعطاء فيكون الشراء بالزكاة.

و فيه: اولا: ان الرواية ليست ظاهرة في المدعي بل الظاهر منها ان الاشتراء بعد الاعطاء و كون «اشتري» بيانا للإعطاء لا دليل عليه و من الظاهر ان التصرف في الزكاة بعد الاعطاء باذن الفقير لا بأس به.

و ثانيا: سلمنا المدعي لكن لا

يدل علي المقصود اذ الملحوظ في الرواية جواز الاشتراء لهم لكونه أصلح بحالهم و أما المعطي اي شي ء فليس ملحوظا فمن الممكن ان المالك يأخذ الدرهم أو الدينار من العين التي تعلق بها الزكاة و يشتري للفقير شيئا فاي دلالة في هذه الرواية علي المدعي اضف الي ذلك كله ان الرواية مخدوشة سندا كما مر في المسألة: 17.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «2» و هذه الرواية تامة سندا و أما من حيث الدلالة فانما تدل علي جواز اعطاء كل من الدينار و الدرهم بدلا عن الاخر فيختص بخصوص الدرهم و الدينار و لا يبعد أن يستفاد من الرواية جواز الاعطاء بمطلق الاثمان و لو كان الثمن من الاوراق النقدية فان قوله: «بالقيمة» يفهم منه ان الملاك احتساب ما عليه بالقيمة فلا فرق بين الاثمان سيما مع هجر المعاملة بالدينار و الدرهم كالعصور المتأخرة عن عصر الائمة عليهم السلام انما الكلام في اختصاص الحديث بزكاة النقدين فما وجه التسرية الي بقية الموارد اي الغلات و الانعام.

و يمكن أن يستدل علي عموم الحكم بالسيرة الجارية بين المتشرعة فانهم لا يفرقون

______________________________

(1) لاحظ ص: 378

(2) لاحظ ص: 378

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 428

[مسألة 44: إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب علي الوارث اخراج الزكاة]

(مسألة 44): اذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب علي الوارث اخراج الزكاة (1) أما لو مات قبله و انتقل الي الوارث فان بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت علي كل واحد منهم زكاة نصيبه و ان بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الاخر وجبت علي من بلغ نصيبه دون الاخر و ان لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب علي واحد منهم (2) و كذا الحكم فيما اذا كان الانتقال بغير الارث كالشراء أو

الهبة (3).

[مسألة 45: إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود]

(مسألة 45): اذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الاجود (4).

______________________________

بين الموارد و لو لم يكن جائزا لبان و ظهر و مما يؤيد المدعي ما ورد من النصوص الدالة علي جواز احتساب الدين منها الوارد في الباب 49 من أبواب المستحقين من الوسائل و سيأتي ذكر بعضها في ذيل مسأله 75.

(1) اذ المفروض ان ما تركه مشترك بينه و بين حق الزكاة فلا ينتقل بتمامه الي الوارث فيجب عليه الاخراج.

(2) اذ المفروض تحقق موضوع الزكاة عنده فتجب عليه و أما من لم يتحقق عنده الموضوع فلا تجب كما هو ظاهر.

(3) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد.

(4) و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان ما أفاده لا يتم الا علي القول بأن المجعول الفرد المردد اي الكلي في المعين اذ الكلي يصدق علي كل فرد من أفراده و أما علي القول بالاشاعة فيشكل اذ المفروض ان الفقير شريك مع المالك فلا بد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 429

و الردي ء عن الردي ء (1) و في جواز دفع الردي ء عن الجيد اشكال و الاحوط وجوبا العدم (2).

[مسألة 46: الأقوي أن الزكاة حق متعلق بالعين]

(مسألة 46): الاقوي ان الزكاة حق متعلق بالعين (3) لا علي

______________________________

من رعاية حق الفقراء حتي بالنسبة الي الاجودية كما أن الامر كذلك لو قلنا بأن تعلق حق الزكاة كالشركة في المالية نظير ارث الزوجة من البناء حيث انها شريكة مع الورثة في المالية فقط فعلي كلا التقديرين يشكل.

الا أن يقال: انه فهمنا من كون الاختيار بيد المالك علي الاطلاق و لم يراع الشارع حق الفقير بالنسبة الي هذه الجهة و يدل علي المدعي ما عن أمير المؤمنين عليه السلام «1» فانه عليه السلام أمر مصدقه أن يأخذ من المال

ما يختاره المالك و لم يفصل فيفهم من اطلاق الرواية انه له أن يدفع الجيد عن الاجود فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فانه لا وجه لوجوب دفع الجيد عن الردي ء.

(2) قد تقدم الكلام في هذه المسألة في زكاة الانعام و الغلات و قلنا: انه لا يجوز و اللّه العالم.

(3) هذا هو المشهور بين القوم بل عن المنتهي انه مذهب علمائنا أجمع و في مقابل هذا القول المشهور قول شاذ و هو انها متعلقة بالذمة لا غير و استدل علي المشهور بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: في الصدقة فيما سقت السماء و الانهار اذا كانت سيحا أو كان بعلا العشر و ما سقت السواني و الدوالي بالغرب فنصف العشر «2». و منها: ما رواه زرارة و بكير «3» و منها: ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 430

______________________________

رواه بريد بن معاوية «1».

و منها: ما يدل علي أن اللّه تعالي جعل للفقراء في مال الاغنياء نصيبا «2» و أورد سيد المستمسك قدس سره علي الاستدلال: بأنه يحتمل أن يكون المراد ما يعم جعل الحق و جعل العين فلا يدل علي الثاني و كذا موثق أبي المعزا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه تبارك و تعالي أشرك بين الاغنياء و الفقراء في الاموال فليس لهم أن يصرفوا الي غير شركائهم «3».

و فيه: ان مجرد الاحتمال لا يوجب رفع اليد عن الظهور كما هو ظاهر و الا لا يبقي مجال للعمل بالظواهر و الحال ان حجية الظواهر من الاصول الاولية.

و

منها: النصوص الدالة علي الاخراج و العزل «4» فان هذه النصوص تدل بالظهور العرفي علي أن المال مشترك بين المالك و الزكاة و هذا هو المدعي.

و منها: ما يدل علي عدم ضمان المالك اذا تلف المال بغير تفريط كمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون له ابل أو بقر أو غنم أو متاع فيحول عليها الحول فتموت الابل و البقر و الغنم و يحترق المتاع قال ليس عليه شي ء «5».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الزكاة في العين و اذا كانت في الذمة لم يكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 9 و 10 و 3

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب المستحقين الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين و سيأتي ذكر بعض الروايات في ذيل مسألة: 47

(5) الوسائل الباب 12 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 431

وجه الاشاعة (1).

______________________________

وجه للبراءة بل كان واجبا عليه ادائها: اضف الي ذلك ما أفاده في الجواهر «1» من أنه حكي الاتفاق علي تقدمها علي الدين اذ اقصرت التركه و كانت عين النصاب باقية.

(1) يمكن الاستدلال علي أن تعلقها بالعين بنحو الاشاعة ببعض النصوص الاول: ما يدل علي كون الزكاة العشر أو نصفه في زكاة الغلات فان الظاهر من العشر و نحوه هي الاشاعة و الكسر المشاع.

و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره: «بأن التعبير بالكسر لم يقع في زكاة الانعام و النقدين و ما ورد في الانعام و النقدين ظاهر في خلاف الاشاعة و ارجاعه الي الاشاعة كي يطابق مع ما

ورد في الغلات ليس بأولي من العكس.

ان قلت: لا موجب لحمل احد الموردين علي الاخر بل يعمل بظاهر كل من الدليلين في مورده. قلت: التفكيك و ان كان مقتضي الصناعة الا انه خلاف المرتكز في أذهان المتشرعة و خلاف المستفاد من النصوص الدالة علي أن رسول اللّه عليه و آله وضع الزكاة علي تسعة اشياء لاحظ ما رواه ابن سنان «2» فان الظاهر من الرواية ان جعل الزكاة علي الاشياء المذكورة علي نسق واحد» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يمكن أن يقال: ان الارتكاز المذكور حصل من استنباطات الاصحاب و ذهابهم الي أن تعلق الزكاة بهذه الاشياء علي نسق واحد و بعبارة اخري: هذا الارتكاز المذكور ليس في حد يكون قلا بلا للمنع عن العمل بظواهر الادلة و أما

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص: 139

(2) لاحظ ص: 349

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 432

______________________________

النص فالمستفاد منه ان الزكاة مجعولة علي الاشياء المذكورة و اما كونه ظاهرا في أن تعلقها بها علي نسق واحد فمحل تأمل و اشكال مضافا الي أن ظهوره في المدعي لا يقتضي رفع اليد عن ظهور دليل الاشاعة فان غاية ما في الباب أن يكون ذلك النص و أمثاله ظاهرة في أن تعلق الزكاة علي نحو واحد لكن ترفع اليد عن هذا الظهور بظهور دليل الاشاعة فيها.

و ان شئت قلت: ظهور دليل الاشاعة فيها أقوي من ظهور النص في التسوية.

ان قلت: ان كانت الشركة بنحو الاشاعة كان مقتضاها عدم جواز تأدية الزكاة من غير ما تعلقت به الزكاة و الحال انه يجوز. قلت: بعد ما استفيد من الدليل الجواز لا مجال لهذا الاشكال اذ الشارع يمكنه أن يتفضل علي المالك و يجوز له

ارفاقا.

ان قلت المستفاد من حديث بريد «1» ان تعلق الزكاة بالمال ليست علي نحو الاشاعة حتي في الغلات اذ الاشاعة تستلزم قسمة المال المشترك و الحال انه عليه السلام لم يأمر مصدقه بالقسمة بل أمره بخلافها.

قلت: يمكن أن يكون لطفا من الشارع الاقدس اذ القسمة في العين المشتركة حكم شرعي و ليست قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص و أما قوله عليه السلام «فان أكثره له» ظاهر- لو لم يكن صريحا- في الاشاعة. فالنتيجة: ان مقتضي العمل بجملة من النصوص ان الشركة بنحو الاشاعة بالنسبة الي الغلات و لم يتم دليل علي بطلان التفصيل بين الموارد.

و يمكن أن يرد علي هذا القول- كما أورد سيدنا الاستاد- «2» بأن النصوص الواردة في المقام علي طوائف: الطائفة الاولي: ما يدل علي أن الواجب هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) مستند العروة كتاب الخمس ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 433

______________________________

الكلي في المعين لاحظ ما عن أبي جعفر أبي عبد اللّه عليهما السلام «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي الاشاعة لاحظ النصوص الواردة في الغلات كقوله عليه السلام: «فيما سقته الماء العشر» و منها: ما هو صريح في الشركة في المالية كقوله عليه السلام: «في خمس من الابل شاة» حيث ان الشاة لا يتصور دخولها في الابل بنحو الاشاعة كما أنه لا يتصور كونها بنحو الكلي في المعين اذ الشاة ليست من أفراد الابل فينحصر كونها مجعولة بنحو الشركة في المالية.

و بعبارة اخري: المستفاد من ادلة الزكاة كون الفقير شريكا مع المالك انما الشك في أن هذه الشركة بأي نحو هذا من ناحية و من ناحية اخري النصوص الواردة الدالة علي وجوب الزكاة في الاجناس الزكوية

كما ذكرنا و من ناحية ثالثة المستفاد من قوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ» «2» الي آخر الاية جعل الزكاة علي الاجناس الزكوية علي نحو واحد فلا يمكن التفكيك بين تلك الاقسام و حيث ان الدليل علي كونها بنحو الشركة في المالية كقوله عليه السلام: «في خمس من الابل شاة» صريح يحمل ما ظاهره غيرها عليها و يلتزم بأن تعلق حق الفقير في تلك الانواع علي نحو الشركة في المالية في جميعها.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الاية الشريفة ان الزكاة للفقير و غيره من الانواع المذكورة في الاية الشريفة علي نحو الاطلاق و أما تعلق الصدقة بالمال بأية كيفية و اي نحو فلا تكون الاية متعرضة لها. و بعبارة اخري: ليس المولي جل ذكره في مقام البيان من هذه الجهة و لا دليل علي ما ادعاه فلا يمكن الاستدلال بالآية علي المدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) التوبة/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 434

______________________________

و ثانيا: انه لم يعلم تقريب كون بعض الادلة صريحا في مدلوله دون البعض الاخر بل الحق ان كل طائفة من الطوائف من النصوص المشار اليها ظاهرة في مدلولها الا أن يقال ان قوله عليه السلام في خمس من الابل شاة صريح في الشركة في المالية لكن نقول: لا وجه لتقديم بعض الادلة علي البعض الاخر.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لا وجه لرفع اليد عن ظهور الدليل في الاشاعة بالنسبة الي الغلات و أما بالنسبة الي الانعام فأما بالنسبة الي الشاة فالمستفاد من جملة من النصوص ان الواجب فيها بنحو الكلي في المعين المعبر عنه بالفرد المردد لاحظ ما رواه الفضلاء «1».

و استشكل سيد المستمسك قدس سره علي الاستدلال بهذه الرواية و

أمثالها علي المدعي بأن الاستدلال علي المدعي انما يتم علي تقدير كون الظرف مستقرا و متعلقا بأفعال العموم من الكون و نحوه و الحال ان الظرف لغو و يكون متعلقا بفعل مقدر مثل «يجب» و الشاهد علي هذه الدعوي انه صرح في جملة من النصوص بالفعل المقدر كرواية زرارة «2» و رواية الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: فرض اللّه عز و جل الزكاة مع الصلاة في الاموال و سنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في تسعة أشياء و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سواهن:

في الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

______________________________

(1) لاحظ: ص 373

(2) لاحظ ص: 353

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 435

______________________________

و رواية الفضلاء «1» و رواية اسحاق بن عمار «2» و ما رواه الحسين بن يسار (بشار) «3» و ما رواه المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ فقال: اريدهما جميعا فقال: أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة و عشرون درهما و أما الباطنة فلا تستأثر علي أخيك بما هو أحوج اليه منك «4».

و رواية حبيب الخثعمي أن أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام سئل عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة و لم يكن هذا علي عهد رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جعل في كل أربعين أوقية أوقية فاذا حسبت ذلك كان علي وزن سبعة و قد كانت وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانيق الحديث «5».

و رواية زرارة «6» و رواية محمد ابن جعفر الطيار «7» بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص ان المظروف في قوله «في أربعين شاة شاة» هو الوجوب لا الزكاة فيكون المقام نظير قولهم في القتل خطأ الدية.

و بعبارة اخري: لفظ الجار في المقام ليس للسببية كي يقال: بأنه خلاف الظاهر بل الظرف ظرف للحكم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 387

(2) لاحظ ص: 377

(3) لاحظ ص: 398

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 343

(7) لاحظ ص: 351

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 436

______________________________

و يرد عليه: انه لا دليل علي كون الظرف لغوا. و ان شئت قلت: مقتضي الظهور الاولي أن الظرف ظرف لنفس الزكاة اذا الظرف اذا كان خبرا أو حالا أو صفة أو صلة يكون متعلقا بالفعل العام اي الكائن و نحوه و رفع اليد عن الظهور يتوقف علي قيام دليل علي خلافه و هذه النصوص المشار اليها لا تنافي ذلك الظهور بوجه اذ لا منافاة بين جعل الزكاة بنحو الكلي في المعين كشاة في الاربعين و بين ايجابها علي المكلف. و بعبارة واضحة: لا تنافي بين كون المال الزكوي ظرفا للزكاة نفسها و ظرفا للحكم التكليفي.

ثم انه قدس سره أفاد: بأنه يعين ما أفاده ما في كثير من النصوص من التعبير بمثل قوله عليه السلام: «عليه فيه الزكاة» لاحظ ما رواه سماعة

«1» و مثله كثير.

بدعوي: ان المراد لو كان ان الزكاة في نفس المال لا معني ظاهر لقوله: «عليه» اي علي المالك فالمراد منه هو المراد من قولهم «عليه الدية».

و فيه: انه لا تنافي بين الامرين اذ لا اشكال في أن جعل الزكاة في مال احد بلا اختياره يكون عليه و ليس له كما أن ايجاب كل شي ء علي المكلف يكون عليه بل هذه الرواية بنفسها تدل علي أن الزكاة في المال فان المستفاد من الحديث ان الزكاة الواجبة في المال.

و ان أبيت عما ذكر و قلت: ان ظاهر الحديث و أمثاله ان الزكاة بنفسها علي المكلف فلا تكون متعلقة بالمال فنقول: هذا التقريب يهدم اساس البحث اذ الكلام في تعلق الزكاة بالمال بأي نحو.

______________________________

(1) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 437

______________________________

و بعبارة اخري: تعلق الزكاة بالعين لا بالذمة أمر مفروغ عنه و أفاد سيد المستمسك قدس سره بنفسه في أول البحث في شرح قول سيد العروة قدس سره:

«كما هو المشهور بل عن المصابيح انه كاد أن يكون اجماعا و عن التذكره نسبته الي علمائنا و عن المنتهي: انه مذهب علمائنا أجمع و قيل متعلقة بالذمة لا غير و عن بعض ان القائل بذلك مجهول و عن آخر انه شاذ». انتهي.

و صفوة القول: انه لا اشكال عند الاصحاب في أن الزكاة متعلقة بالعين انما الكلام في أن تعلقها بأي نحو فعلي تقدير ظهور الرواية في أنها متعلقة بالذمة لا بد من رفع اليد عنه اضف الي ما تقدم انه يفهم من بعض ما ذكر في هذا الحديث أيضا ان الزكاة في المال لاحظ قوله عليه السلام: «فاذا هو خرج زكاه» فان هذه الجملة بالصراحة تدل

علي أن التزكية متعلقة بالعين فعلي تقدير تمامية الظهور المدعي ترفع اليد عنه بهذه الصراحة فلاحظ.

ثم انه قدس سره أورد علي القول بأن تعلق الزكاة بالمال من قبيل الكلي في المعين بوجوه من الاشكال: الاول: ان الظرفية تقتضي المباينة بين الظرف و المظروف فالالتزام بالظرفية ينافي ما هو قوام لها اذ الكلي ليس مباينا لأفراده.

و فيه: ان الظهور حجة و لا اشكال في أن الظاهر من قوله عليه السلام: «في أربعين شاة شاة» ان المجعول هو الكلي في المعين كما أن الظاهر من قوله: «بعتك صاعا من هذه الصبرة» كذلك.

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأنه تكفي المغايرة المفهومية فان الكلي في المعين كصاع من الصبرة يغاير أفراد الصبرة مفهوما اذ لا اشكال في أن كل فرد منها لا يمكن أن ينطبق علي غيره و الحال ان الكلي بمفهومه قابل للانطباق علي الكل.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أن الكلي في المعين ينتزع عن الافراد الخارجية

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 438

______________________________

و الحال انه ليس هي الافراد فكيف لا يكون مظروفا للأفراد.

الثاني: ان هذا الظهور علي تقدير تسليمه معارض بما ورد في كثير من النصوص المعبر فيها بحرف الاستعلاء بدل حرف الظرفية لاحظ ما رواه أبو بصير و الحسن بن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك: علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم «1».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و الزكاة علي تسعة أشياء: علي الحنطة و الشعير

و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و الذهب و الفضة «2» و ما رواه الفضلاء «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 438

و ما رواه رفاعة النخاس قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: اني رجل صائغ أعمل بيدي و انه يجتمع عندي الخمسة و العشرة ففيها زكاة؟ فقال: اذا اجتمع الحول فان عليها مأتا درهم فحال عليها الحول فان عليها الزكاة «4».

بتقريب: ان هذه النصوص ظاهرة في أن المجعول علي الاجناس الزكوية أمر خارج موضوع عليها كالضرائب المجعولة في هذه الازمنة علي الاملاك و في بعض النصوص جمع بين حرف الاستعلاء و الظرفية لاحظ ما رواه زرارة «5» فيجب حمل ما يدل علي أن الزكاة بنحو الكلي في المعين أو علي نحو الاشاعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 386

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(5) لاحظ ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 439

______________________________

علي هذه النصوص الظاهرة في أن المجعول أمر خارج عن العين موضوع عليها.

و فيه: انه لا تنافي بين الطائفتين من الاخبار اذ جعل الزكاة بنحو الاشاعة أو الكلي في المعين أو الشركة في المالية يصحح استعمال لفظ الاستعلاء عرفا.

و بعبارة اخري: يمكن تصوير الظرفية و مع ذلك يصح استعمال حرف الاستعلاء و لذا نري لو استقرض شخص من زيد عشرة توامين يصح أن يقال: ان زيدا مالك للعشرة في ذمة المديون و مع ذلك يصح أن يقال: علي

المديون هذا المقدار من الدين.

و صفوة القول: انه لا مجال لرفع اليد عن ظهور الدليل في الاشاعة أو الكلي في المعين باستعمال لفظ الاستعلاء في مورد آخر سيما مع الجمع بين الامرين في بعض النصوص كما سبق. و ان أبيت عما ذكر فلا أقل من التعارض و علي تقديره لا بد في الترجيح من مرجح و المرجح مع النصوص الدالة علي الظرفية و هو قوله تعالي: وَ فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ لِلسّٰائِلِ وَ الْمَحْرُومِ «1» و قوله: «فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّٰائِلِ وَ الْمَحْرُومِ» «2» فان الآيتين صريحتان في الظرفية فلاحظ و اغتنم.

لكن الروايات الواردة في تفسير الاية عن الائمة عليهم السلام تفسر الحق المعلوم الذي في الاموال بغير الزكاة فلاحظ النصوص المشار اليها في الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و لكن اللّه عز و جل فرض في أموال الاغنياء حقوقا غير الزكاة فقال عز و جل: «وَ الَّذِينَ فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّٰائِلِ» فالحق المعلوم غير الزكاة الحديث «3».

______________________________

(1) الذاريات/ 19

(2) المعارج/ 23 و 24

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 440

______________________________

الثالث: انه لا يتم المدعي بالنسبة الي نصب الابل و البقر فان المجعول في خمس من الابل شاة و لا يتصور فيه الاشاعة و لا الكلي في المعين اذ الشاة ليست من جنس الابل ففي كل مورد لا يكون المجعول من أفراد الجنس الزكوي لا تتصور فيه الاشاعة كما لا يتصور فيه الكلي في المعين فلا بد

من رفع اليد عن ظهور جملة من النصوص في الكلي في المعين أو الاشاعة.

و فيه: ان المقرر في الاصول حجية الظواهر فظهور كل دليل حجة في مورده غاية الامر يلزم التفكيك بين الموارد في كيفية الجعل و قد مر انه لم يقم دليل معتبر علي كون المجعول في جميع الموارد علي نسق واحد ففي كل مورد يعمل علي طبق ما يدل الدليل فتكون النتيجة التفرقة بين الموارد في كيفية تعلق الزكاة و لا نري مانعا من هذا الالتزام.

اذا عرفت ما تقدم نقول: مقتضي ما ذكرنا أن نلتزم في زكاة الشاة ان تعلقها بالمال بنحو تعلق الكلي في المعين كما أن المستفاد من ادلة زكاة النقدين كذلك اذ المجعول حسب ما يستفاد عرفا من ادلتها اما الدينار و الدرهم و اما المثقال و علي كل تقدير ينطبق علي الكلي في المعين لاحظ احاديث الحسين و ابن أعين و علي ابن عقبة «1».

فان الدينار أو الدرهم أو المثقال ليست كسر مشاعا كالنصف و الثلث و أمثالهما بل العناوين المذكورة كعنوان صاع بالنسبة الي الصبرة فيكون المجعول في النقدين الكلي في المعين و أما المجعول في الغلات فعلي نحو الاشاعة. و أما المجعول في زكاة الابل و البقر فحيث انه لا يتصور فيها لا الكسر و لا الكلي- كما تقدم- فلا مناص عن الالتزام بأن المجعول فيهما بنحو الشركة في المالية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398- 399

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 441

و لا علي نحو الكلي في المعين (1) و لا علي نحو حق الرهانة (2) و لا علي نحو حق الجناية (3) بل علي نحو آخر و هو الشركة في المالية (4) و عليه فيجوز للمالك التصرف في المال

المتعلق به الزكاة في غير

______________________________

و ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره من أن المجعول فيهما بنحو الاشاعة و المراد من قوله عليه السلام: «في الخمس من الابل شاة» هو الكسر المساوي قيمة مع قيمة شاة خروج عن الظهور بل عن الصراحة بغير دليل فلا مجال لان يصار اليه.

فالنتيجة: التفصيل بين الموارد و لكن الاشكال كل الاشكال عدم التزام احد ظاهرا بهذه المقالة و هذا يوجب أن يقع القائل بها موردا للإيراد من قبل ذوي المذاهب كلهم اذ القول بها خرق للإجماع المركب و هل يمكن القيام في قبال الاجماع؟

و اللّه الهادي الي سواء السبيل و عليه التوكل و التكلان و منه يطلب كل خير و هو عالم بحقايق الامور فانقدح مما ذكرنا أن ما أفاده بقوله: «لا علي وجه الاشاعة» ليس صحيحا علي الاطلاق بل علي وجه الاشاعة بالنسبة الي الغلات.

(1) قد ظهر مما تقدم انه علي نحو الكلي في المعين بالنسبة الي زكاة النقدين و زكاة الشاة.

(2) اذ المرتهن لا يكون شريكا مع الراهن في العين المرهونة و في باب الزكاة الفقير شريك مع المالك في المال.

(3) اذ المجني عليه لا يكون شريكا مع مالك الجاني في العبد و لا يكون مالكا لشي ء في ذمة المولي بل للمجني عليه حق الاستيفاء من رقبة العبد و لو ببيعه و أخذه حقه. و صفوة القول: ان العبد لا يخرج عن ملك مولاه بجنايته علي غيره فلاحظ.

(4) قد ظهر مما تقدم ان الامر كذلك بالنسبة الي زكاة الابل و البقر.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 442

مقدارها مشاعا أو غير مشاع (1) نعم لا يجوز له التصرف في تمام النصاب (2) فاذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة

(3) الي أن يدفعها البائع فيصح بلا حاجة الي اجازة الحاكم أو يدفعها المشتري فيصح أيضا و يرجع بها علي البائع (4) و ان أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع

______________________________

(1) حيث ان الزكاة في الغلات متعلقة بالعين بنحو الاشاعة كما تقدم فلا يجوز التصرف في الجزء المعين منها علي مقتضي القاعدة الاولية من عدم جواز التصرف في الملك المشترك و لا يستفاد من نصوص جواز العزل جواز التصرف في العين قبله و انما الجائز خصوص العزل.

لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام زكاتي تحل علي في شهر أ يصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني «يكون عندي عدة»؟ فقال: اذا حال الحول فأخرجها من مالك لا تخلطها بشي ء ثم اعطها كيف شئت قال: قلت: فان أنا كتبتها و أثبتها يستقيم لي؟ قال: نعم لا يضرك «1».

(2) اذ جواز تصرف المالك في تمام العين ينافي تعلق حق الغير بها بأي نحو من انحاء التعلق.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض أن تصرفه في تمام العين فضولي.

(4) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل لم يزك ابله أو شاته عامين فباعها علي من اشتراها أن يزكيها لما مضي؟ قال: نعم تؤخذ منه زكاتها و بتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البائع «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 443

أو المشتري صح البيع (1) و كان الثمن زكاة (2) فيرجع الحاكم به الي المشتري ان لم يدفعه الي البائع (3) و

الا فله الرجوع الي أيهما شاء (4).

[مسألة 47: لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر]

(مسألة 47): لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر فان أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول اليه لم يضمن و ان أخره مع العلم بوجود المستحق ضمن نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر مع عدم المستحق بل مع وجوده علي الاقوي فيتعين المعزول زكاة و يكون امانة في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو مع التأخير مع وجود المستحق من دون غرض صحيح و في ثبوت الضمان معه كما اذا أخره لانتظار من يريد اعطائه أو للإيصال الي المستحق تدريجا في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة اشكال و نماء الزكاة تابع لها في المصرف و لا يجوز للمالك ابدالها بعد

______________________________

(1) ما أفاده مبني علي أمرين: احدهما: جواز الفضولي و صحته مع الاجازة المتاخرة ثانيهما: ان الحاكم الشرعي له الولاية علي مثل هذه الامور.

(2) كما هو مقتضي صحة البيع بالاجازة.

(3) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الثمن بالاجازة صار ملكا للفقير فلا بد أن يؤخذ منه.

(4) لتعاقب الايدي و لكن هذا انما يتم فيما يكون الثمن شخصيا و أما ان كان كليا فلا وجه لتشخصه باعطائه للبائع و بعبارة اخري: البائع اجنبي كبقية الاجانب فلا مناص عن الرجوع الي المشتري.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 444

العزل (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر و هذا علي طبق القاعدة الاولية من عدم جواز جس مال الغير و الحيلولة بين الشخص و ماله و يؤيد المدعي ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا أردت أن تعطي زكاتك

قبل حلها بشهر أو شهرين فلا بأس و ليس لك أن تؤخرها بعد حلها «1».

و يستفاد من بعض النصوص جواز التأخير علي الاطلاق لاحظ ما رواه حماد ابن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «2».

و يستفاد من حديث يونس «3» انه يجوز التأخير مع العزل بل يستفاد من الحديث كما في الجواهر «4» انه يكفي الاثبات و الكتابة و ببركة هذه الرواية يقيد ما يدل علي وجوب الدفع علي الاطلاق و ما يدل علي جواز التأخير كذلك فالنتيجة جواز التاخير في بعض الصور مع العزل و أما بلا عزل فلا يجوز التأخير في الدفع فما أفاده تام.

الفرع الثاني: انه لو أخره لطلب المستحق فتلف لم يضمن. و الوجه فيه انه لا مقتضي للضمان اذ المفروض انه لم يفرط و لم يرتكب خلاف الوظيفة و ان شئت قلت: ان يده امانة و ليس علي الامين الا اليمين.

الفرع الثالث: انه لو أخره مع العلم بوجود المستحق فتلف يكون ضامنا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب المستحقين الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 442

(4) ج 15 ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 445

______________________________

و الوجه فيه انه في الفرض المذكور تكون يده يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

الفرع الرابع: انه يجوز له العزل من العين أو من مال آخر بل يجوز مجرد الاثبات و الكتابة كما مر فيكون المعزول زكاة أما جواز العزل من نفس العين فقد دل عليه النص و قد تقدم و أما من مال آخر فلما مر من عدم وجوب دفع الزكاة من العين الزكوية بل يجوز دفعها بالدراهم و الدنانير.

و يمكن

أن يقال: انه لا دليل علي كفاية العزل من غير العين و بعبارة اخري:

الدليل قائم علي جواز العزل ان كان من نفس العين الزكوية كما أنه قام الدليل علي اعطاء الزكاة من غير العين و أما جواز العزل من غير العين الزكوية فلا دليل عليه فلاحظ.

الفرع الخامس: ان المعزول في يده امانة لا يضمنها الا مع التفريط أو التأخير بلا غرض صحيح و هذا علي طبق القاعدة الاولية أما كون يده امانية فلا اشكال فيه و أما عدم الضمان فلان الامين لا يكون ضامنا علي ما هو المقرر.

الفرع السادس: انه لو أخر الدفع في صورة العزل لغرض صحيح كما لو أخر لإيصاله الي من ينتظره أو الايصال الي المستحق هل يكون ضامنا أم لا؟ الظاهر انه لا وجه للضمان لاحظ ما رواه يونس «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان التأخير في الدفع مع العزل و الغرض الصحيح جائز.

ان قلت: مقتضي اطلاق الرواية جواز التأخير و لو مع عدم الغرض الصحيح.

قلت: المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي عدم الجواز الا في الصورة الخاصة مضافا الي أنه لا يبعد انه لا خلاف في عدم الجواز في غير هذه الصورة فاذا لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 442

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 446

[مسألة 48: إذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتي تكون عليه أو قبله حتي تكون علي المشتري]

(مسألة 48): اذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتي تكون عليه أو قبله حتي تكون علي المشتري لم يجب عليه شي ء (1) حتي اذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع علي الاظهر (2) و ان كان الشاك هو المشتري فان علم بأداء البائع للزكاة علي تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه اخراجها (3) و إلا

وجب عليه حتي اذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع فان الزكاة متعلقة

______________________________

يكن غرض صحيح في التأخير لا يجوز.

الفرع السابع: ان نماء الزكاة تابع لها في المصرف و هذا مقتضي القاعدة الاولية كما هو ظاهر.

الفرع الثامن: انه لا يجوز للمالك ابدالها بعد العزل و هذا أيضا مقتضي القاعدة اذ مع تعين المعزول في الزكاة لا يجوز التصرف فيه الا مع وجود دليل علي الجواز.

(1) اذ هو مقتضي الاصل الموضوعي كما أن مقتضي الاصل الحكمي البراءة عن الوجوب.

(2) لما قرر في محله من عدم الفرق بين معلوم التاريخ و مجهوله في المتعاقبين من الحادثين و ان الاستصحاب يجري في كليهما و بالتعارض يتساقط لكن علي هذا يشكل صحة البيع بعد التعارض فان مقتضي التعارض عدم صحة البيع بالنسبة الي مقدار الزكاة و بعبارة اخري: مع تعارض الاستصحابين يشكل الحكم بصحة البيع بالنسبة فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 447

بالعين علي ما تقدم (1).

[مسألة 49: يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم و الزرع علي المالك]

(مسألة 49): يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم و الزرع علي المالك و فائدته جواز الاعتماد عليه بلا حاجة الي الكيل و الوزن (2) و الظاهر جواز الخرص للمالك اما لكونه بنفسه

______________________________

(1) اذ بعد العلم بالتعلق يكون مقتضي الاستصحاب عدم اداء المالك فيجب الاداء و حمل فعلي البائع علي الصحة لا يثبت الاداء الا علي القول بكون اصالة الصحة مثبتة و لا نقول به.

و لقائل أن يقول: ان مقتضي امارية اليد علي الملكية الحكم بكون العين بتمامها للمالك فلا يجب الاداء علي المشتري و صفوة القول: انه لا تجب عليه الزكاة في صورة احتمال الاداء علي تقدير التعلق بالنسبة الي البائع فان اليد امارة لملكية ذي

اليد بالنسبة الي ما فيها.

(2) هذا أمر علي طبق القاعدة الاولية و لا يحتاج الي اقامة دليل خاص فان الخارص اذا كان من أهل الخبرة يكون خرصه طريقا الي العلم بالوزن فلا يحتاج الي الكيل و الوزن و ادعي عليه الاجماع و استدل عليه بجملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أمر بالنخل أن يزكي يجي ء قوم بألوان من التمر و هو من اردي التمر يؤدونه من زكاتهم تمرا يقال له: الجعرور و المعافارة قليلة اللحي عظيمة النوي و كان بعضه يجي ء بها عن التمر الجيد فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تخرصوا هاتين التمرتين و لا تجيئوا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 448

من أهل الخبرة أو لرجوعه اليهم (1).

[المقصد الثالث: أصناف المستحقين و أوصافهم]

اشارة

المقصد الثالث:

اصناف المستحقين و أوصافهم

[و فيه مبحثان]

اشارة

و فيه مبحثان:

[المبحث الأول أصنافهم]
[الأول و الثاني الفقير و المسكين]
اشارة

المبحث الاول اصنافهم و هم ثمانية (2) الاول الفقير، الثاني المسكين (3).

______________________________

منهما بشي ء الحديث «1» و منها: ما رواه رفاعة «2»، بتقريب: انه يستفاد من هذه النصوص اعتبار الخرص.

(1) قد ظهر مما تقدم ان الجواز علي طبق القاعدة اذ الخرص طريق الي معرفة المقدار فيجوز اذا كان الخارص خبيرا فلاحظ.

(2) بنص قوله تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» «3» الاية و ادعي عليه اجماع المسلمين.

(3) قد وقع الخلاف في معني اللفظين و المستفاد من اللغة انهما اذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا و يظهر من بعض النصوص انهما متغايران و المسكين أسوأ حالا من الفقير لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه سأله عن الفقير و المسكين فقال: الفقير الذي لا يسئل «4».

و ما رواه أبو بصير يعني ليث بن البختري قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

قول اللّه عز و جل: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» قال الفقير الذي لا يسئل

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1 و 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) التوبة/ 6

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 449

و كلاهما من لا يملك مؤنة سنته اللائقة بحاله له و لعياله (1).

______________________________

الناس و المسكين اجهد منه و البائس اجهدهم الحديث «1».

و حيث ان معيار جواز اخذ الزكاة مستفاد من النصوص فلا يترتب اثر عملي علي تحقيق المقام الا علي القول بوجوب البسط فالاولي صرف عنان الكلام الي بيان الحد المسوغ للأخذ و تحقيق موضوعه.

(1) هذا هو

المشهور و استدل عليه بما رواه ابو بصير قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة اذا لم يجد غيره قلت: فان صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة قال: زكاته صدقة علي عياله و لا يأخذها الا أن يكون اذا اعتمد علي السبعمائة انفذها في أقل من سنة فهذا يأخذها و لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما تجب فيه الزكاة ان يأخذ الزكاة «2».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان السبعمائة اذا لم تكن كافية لمؤنة سنته يجوز له اخذ الزكاة و الا فلا و يدل علي المدعي أيضا ما رواه علي بن اسماعيل الدغشي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن السائل و عنده قوت يوم أ يحل له أن يسأل و ان اعطي شيئا من قبل أن يسأل يحل له أن يقبله؟ قال: يأخذ و عنده قوت شهر ما يكفيه لسنته من الزكاة لأنها انما هي من سنة الي سنة «3».

و يدل عليه أيضا ما أرسله المفيد عن يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تحرم الزكاة علي من عنده قوت السنة و يجب الفطرة علي من عنده قوت السنة و هي سنة مؤكدة علي من قبل الزكاة لفقره و فضيلة لمن قبل الفطرة لمسكنته دون السنة المؤكدة و الفريضة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 450

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الرواية مفهوما ان المكلف اذا لم يكن له قوت سنته يجوز له اخذ الزكاة و الوصف و ان لم يكن له المفهوم لكن حيث

انه عليه السلام في مقام التحديد فينعقد للكلام المفهوم فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن أبي ايوب عن سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل تكون عنده العدة للحرب و هو محتاج أ يبيعها و ينفقها علي عياله أو يأخذ الصدقة؟ قال: يبيعها و ينفقها علي عياله «1».

بتقريب ان الرواية محمولة علي مورد يكون ثمن العدة كافيا لمؤنة سنته و ربما يقال بأن المراد من الفقير من لا يكون مالكا لواحد من النصب الزكوية و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال لمعاذ حين بعثه الي اليمن أنك تأتي قوما اهل الكتاب فادعهم الي شهادة ان لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه فان هم اطاعوا لذلك فاعلمهم ان اللّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد علي فقرائهم «2».

بدعوي ان المستفاد من الحديث ان من تجب عليه الزكاة يكون غنيا و من لا تجب عليه يكون فقيرا. و فيه ان الروايه عامية لا يعتمد عليها فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها مع ما في التقريب المذكور من الضعف فلاحظ.

و منها ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قال زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال: لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) المغني ج 2 ص 662 و سنن ابن ماجة ج 1 ص 543

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 451

و الثاني أسوأ حالا من الاول (1) و الغني

بخلافهما فانه من يملك قوت سنته فعلا نقدا أو جنسا (2) و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه

______________________________

أن يأخذها و أن أخذها اخذها حراما «1».

و نقل عن الأردبيلي الاستدلال بها علي المدعي. و فيه ان النصاب الاول في الدرهم مأتا درهم فلا ترتبط الرواية بالمدعي مضافا الي أن مقتضي الصناعة أن تحمل علي صورة عدم الحاجة جمعا بين الادلة اذ بعد ما علم من بعض النصوص ان من له مؤنة سنته لا يجوز له اخذ الزكاة يفهم من هذه الرواية ان عدم جواز الاخذ لأجل انتفاء موضوع جوازه مضافا الي ضعف سند الرواية بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

و ربما يستدل علي المدعي بذيل حديث أبي بصير «2» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان من يكون مالكا لأحد النصب الزكوية لا يجوز له اخذ الزكاة و فيه ان المأخوذ في الموضوع مركب من امرين: احدهما كونه ذا حرفة ثانيهما كونه واجدا لما تجب فيه الزكاة فكيف يكون دليلا علي المدعي مضافا الي أنه اورد في الاستدلال بأن الظاهر ان المراد بالحرفة التكسب و التجارة و المراد بما يجب هو رأس ماله بأن يكون رأس ماله الذي يكتسب به بمقدار نصاب احد النقدين فلا ترتبط بالمقام.

(1) كما نص به في حديثي ابن مسلم و أبي بصير «3».

(2) بلا اشكال كما في بعض الكلمات بالاضافة الي أنه لا يصدق علي مثله في العرف عنوان الفقير اضف الي ذلك ما رواه سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 449

(3) لاحظ ص: 448 و 449

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 452

بمئونته و مؤنة عياله

(1) أو قوة بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المئونة (2) و اذا كان قادرا علي الاكتساب و تركه تكاسلا فالظاهر

______________________________

السلام عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال: نعم الا ان يكون داره دار غلة فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه و لعياله فان لم يكن الغلة تكفيه لنفسه و لعياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة فان كانت غلتها تكفيهم فلا «1».

(1) بلا اشكال و لا خلاف كما في بعض الكلمات و يدل علي المدعي بوضوح ما رواه سماعة «2» عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قد تحل الزكاة لصاحب السبعمائة و تحرم علي صاحب الخمسين درهما فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال:

اذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه و ليأخذها لعياله و اما صاحب الخمسين فانه يحرم عليه اذا كان وحده و هو محترف يعمل بها و هو يصيب منها ما يكفيه ان شاء اللّه.

(2) عن الجواهر يمكن تحصيل الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة بن اعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ان الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها «3».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي و لا لمحترف و لا لقوي قلنا بما معني هذا؟ قال: لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر علي أن يكف

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب

المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 453

عدم جواز اخذه (1).

______________________________

نفسه عنها «1»

و اما ما أرسله الصدوق عن الصادق عليه السلام أنه قال: قد قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة لا تحل لغني و لم يقل و لا لذي مرة سوي «2» فلا اعتبار به لإرساله فلا تصل النوبة الي ملاحظة مقدار دلالته.

(1) ذهب جملة من الاصحاب الي الجواز علي ما نسب اليهم و ما قيل في وجه الجواز أمور: الاول قوله عليه السلام في ذيل حديث زرارة «3» فتنزهوا عنها بتقريب ان التنزه يدل علي الكراهة و فيه اولا ان صيغة الامر ظاهرة في الوجوب فالتنزه عنها واجب و ثانيا انه كيف يمكن الالتزام بالكراهة بهذا التقريب مع اقترانه بقوله لا تحل لمحترف.

الثاني ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يروون عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان الصدقة لا تحل لغني و لا لذي مرة سوي فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: لا تصلح لغني «4».

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية ان المانع من اخذ الزكاة هو الغني فيقع التعارض بين هذه الرواية و بقية الروايات و يمكن رفع التعارض بما رواه زرارة «5» فان المستفاد من هذه الرواية ان الملاك هو الغني و كل واحد من المذكورين غني فلا يبقي تعارض في البين.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 452

(4) الوسائل الباب 8 من ابواب المستحقين الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 454

نعم اذا خرج وقت التكسب جاز

له الاخذ (1).

[مسألة 50: إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤنة السنة]

(مسألة 50): اذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤنة السنة جاز له اخذ الزكاة و كذا اذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمئونته أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمئونته و لكن لا يكفيه الحاصل منها فان له ابقاؤها و أخذ المئونة من الزكاة (2).

______________________________

و فيه ان المستفاد من الحديث انه لا يجوز للغني و لا لمحترف و لا لقوي و لا- يستفاد منه ان المحترف غني مضافا الي الاشكال في هذه الرواية اذ من الممكن أن يكون الراوي عن حماد محمد بن عيسي العبيدي فلا بد من تحقيق هذه الجهة فالنتيجة هو التعارض بين النصوص و الترجيح بموافقة الكتاب مع حديث معاوية فلا يجوز للغني أن يأخذ و أما غيره فيجوز له الاخذ لكن لازم هذه المقالة أن يكون جائزا لمن يكون له حرفة و يكون مشتغلا بالعمل بالفعل و تحصل مؤنته كل يوم و هل يمكن الالتزام به الا أن يقال: انه لا يصدق علي مثله الفقير.

الثالث: الاجماع علي الجواز بالنسبة الي من اعرض عن حرفته و شغله و فيه انه يمكن أن يكون مدركيا مضافا الي خلاف جملة من الاعاظم.

الرابع دعوي السيرة علي اعطاء الزكاة لمثله. و فيه ان احراز السيرة بحيث تكون كاشفة عن الحكم الشرعي مشكل.

(1) لتحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(2) استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن وهب قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم و له عيال و هو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أ يكب فيأكلها و لا يأخذ الزكاه أو يأخذ الزكاة؟ قال: لا

بل ينظر الي فضلها فيقوت بها نفسه و من وسعه ذلك من عياله و يأخذ

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 455

______________________________

البقية من الزكاة و يتصرف بهذه لا ينفقها «1».

بتقريب انه عليه السلام لم يفصل بين كون رأس المال وافيا بمئونته و عدمه فبمقتضي هذه الرواية يجوز اخذ الزكاه و لو مع وفاء رأس المال بمئونة سنته و الظاهر ان الاستدلال علي المدعي بالتقريب المذكور تام فان المستفاد من قول السائل:

«لا يصيب نفقته فيها» ان نفقته لا تحصل من حرفته و بعبارة اخري: الربح الحاصل له من رأس ماله لا يفي بمئونته فاجاب عليه السلام بجواز اخذه للزكاة بلا تفصيل و مقتضاه الجواز حتي مع وفاء نفس رأس المال بالمئونة و هذا هو المدعي فلاحظ.

و قريب منها ما رواه هارون ابن حمزة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام يروي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي فقال:

لا تصلح لغني فقلت له: الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة و له عيال فان أقبل عليها أكلها عياله و لم يكتفوا بربحها قال فلينظر ما يفضل منها فليأكله هو و من يسعه ذلك و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله «2».

و هذه الرواية ضعيفة بابن اسحاق حيث انه لم يوثقه من المتقدمين احد مضافا الي ضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و استدل علي المدعي بما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له ثمانمائة درهم و هو رجل خفاف و له عيال كثير أله أن يأخذ من الزكاة؟ فقال: يا ابا محمد أ يربح في دراهمه ما يقوت

به عياله و يفضل؟ قال: نعم قال: كم يفضل؟ قال لا أدري قال ان كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة و ان كان أقل من نصف القوت اخذ الزكاة قال: قلت فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال بلي قال: قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 456

______________________________

كيف يصنع؟ قال يوسع بها علي عياله في طعامهم و كسوتهم و يبقي منها شيئا يناوله غيرهم و ما أخذ من الزكاة فضه علي عياله حتي يلحقهم بالناس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي أبي بصير علي ما في رجال الحاجياني و للرواية سند آخر رواها الكليني رحمه اللّه و ذلك السند ضعيف ببكر بن صالح و غيره مضافا الي أن مدلول الرواية معارض بحديث سماعة «2» فلاحظ.

و استدل علي المدعي بما رواه عبد العزيز قال: دخلت انا و ابو بصير علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له أبو بصير: ان لنا صديقا (الي أن قال) و له دار تسوي اربعة آلاف درهم و له جارية و له غلام يستقي علي الجمل كل يوم ما بين الدرهمين الي الاربعة سوي علف الجمل و له عيال أله أن يأخذ من الزكاة؟ قال نعم قال: و له هذه العروض؟ فقال: يا با محمد فتأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه أو يبيع خادمه الذي يقيه الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله؟ أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته؟ بل يأخذ الزكاة فهي له حلال و لا

يبيع داره و لا غلامه و لا جمله «3» و هذه الرواية ضعيفة باسماعيل حيث انه لم يوثق.

و استدل أيضا بما رواه سماعة «4» بتقريب ان المستفاد من الرواية جواز اخذ الزكاة لصاحب الدار التي لا تفي غلتها بالمئونة و ان كانت وحدها كافية و الظاهر انه لا بأس بهذا التقريب فان الظاهر من دار الغلة ما يقابل دار السكني و مقتضي الاطلاق عدم وجوب بيعها او تبديلها و جواز اخذ الزكاة و هذا هو المطلوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 452

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 451

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 457

[مسألة 51: دار السكني و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من أخذ الزكاة]

(مسألة 51) دار السكني و الخادم و فرس الركوب المحتاج اليها بحسب حاله و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من اخذ الزكاة (1) و كذا ما يحتاج اليه من الثياب و الالبسة الصيفية و الشتوية و الكتب العلمية و اثاث البيت من الظروف و الفرش و الاواني و سائر ما يحتاج

______________________________

فلاحظ.

و ربما يستدل علي عدم الجواز بما رواه ابو بصير «1» و بما رواه سماعة «2» بتقريب: ان المستفاد من الحديثين ان صاحب السبعمائة لا يجوز له اخذ الزكاة بل يجب عليه انفاذها و انفاقها في مصارفه و مؤنته لكن الظاهر من الحديثين عدم كون السبعمائة مال التجارة و رأس المال و لذا قوبل صاحب السبعمائة بالمحترف فلا ترتبط الروايتان بالمقام و اللّه العالم فتحصل من جميع ما تقدم ان ما افاده في المتن من جواز أخذ الزكاة للمذكورين مستفاد من نصوص المقام.

(1) عن الجواهر بلا خلاف اجده فيه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه و يدل علي المدعي

من النصوص ما رواه عمر بن اذينة عن غير واحد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما سئلا عن الرجل له دار و خادم أو عبد أ يقبل الزكاة قالا: نعم ان الدار و الخادم ليسا بمال «3» و منها ما رواه عبد العزيز «4» و منها ما رواه سماعة «5».

______________________________

(1) لاحظ: ص 449

(2) لاحظ: ص 452

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) لاحظ: ص 456

(5) لاحظ: ص 452

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 458

اليه (1) نعم اذا كان عنده من المذكورات اكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مؤنته لم يجز له الاخذ بل اذا كان له دار تندفع حاجته باقل منها قيمة و كان التفاوت بينهما يكفيه لمؤنته لم يجز له الاخذ من الزكاة علي الاحوط وجوبا ان لم يكن اقوي و كذا الحكم في الفرس و العبد و الجارية و غيرها من اعيان المئونة اذا كانت عنده و كان يكفي الاقل منه (2).

[مسألة 52: إذا كان قادرا علي التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الأخذ]

(مسألة 52): اذا كان قادرا علي التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الاخذ (3).

______________________________

(1) فان المذكورات كلها داخلة في المئونة و محتاج اليها.

(2) اذ لا دليل علي الاستثناء و المفروض انه واجد لما يكفي لمؤنته فلا يجوز له اخذ الزكاة و اللّه العالم.

(3) فانه يستفاد من نصوص الاستثناء ان الشارع لا يرضي بهوان المؤمن و لذا لا يري الخادم و الدار و امثالهما مالا لاحظ احاديث ابن اذينة «1» و عبد العزيز «2» و ما رواه سعيد بن يسار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تحل الزكاة لصاحب الدار و الخادم لان أبا عبد اللّه عليه السلام لم يكن يري الدار

و الخادم شيئا «3» و ما رواه ابن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الزكاة أ يعطاها من له الدابة قال: نعم و من له الدار و العبد قال:

الدار ليس يعدها مال «4».

______________________________

(1) لاحظ: ص 457

(2) لاحظ: ص 456

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 459

و كذا اذا كان قادرا علي الصنعة لكنه كان فاقدا لآلاتها (1).

[مسألة 53: إذا كان قادرا علي تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة]

(مسألة 53): اذا كان قادرا علي تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة (2) الا اذا خرج وقت التعلم فيجوز (3) و لا يكفي في صدق الغني القدرة علي التعلم في الوقت اللاحق اذا كان الوقت بعيدا (4) بل اذا كان الوقت قريبا مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك جاز له الاخذ ما لم يتعلم (5).

[مسألة 54: طالب العلم الذي لا يملك فعلا ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة إذا كان طلب العلم واجبا عليه]

(مسألة 54): طالب العلم الذي لا يملك فعلا ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة اذا كان طلب العلم واجبا عليه (6) و الا فان كان قادرا

______________________________

(1) اذ مع فقد الالات يكون فقيرا فيترتب عليه حكمه اي جواز اخذ الزكاة فلاحظ.

(2) بدعوي انه لا يصدق عليه عنوان الفقير و الانصاف ان الجزم به مشكل و لعل وجه الاشكال المذكور في كلام سيد العروة قدس ما ذكرناه فانه قدس سره بني عدم الجواز علي الاحتياط و قياس المقام علي من يقدر علي التكسب فعلا مع الفارق اذ مع القدرة الفعلية يمكن أن يقال بأنه لا يصدق عليه الفقير.

مضافا الي أنه يمكن القول بأن المستفاد من النصوص عدم جواز اخذه للزكاة كما أن المشتغل بالفعل بحرفة لا يجوز له. و صفوة القول ان قياس المقام بذلك الباب مشكل مضافا الي ما مر من التعارض بين النصوص فراجع.

(3) بلا اشكال لصدق موضوع الجواز عليه فانه فقير بالفعل.

(4) كما هو ظاهر فان مثله فقير قبل التعلم فيجوز له الاخذ.

(5) لصدق الموضوع فيترتب عليه حكمه و هو جواز الاخذ.

(6) اما مع الوجوب الشرعي لا يمكنه التكسب فيجوز له الاخذ لعدم قدرته

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 460

علي الاكتساب و كان يليق بشأنه لم يجز له اخذ الزكاة (1) و ان لم يكن قادرا

علي الاكتساب لفقد رأس المال أو غيره من المعدات للكسب أو كان لا يليق بشأنه كما هو الغالب في هذا الزمان جاز له الاخذ (2) هذا بالنسبة الي سهم الفقراء و أما من سهم سبيل اللّه تعالي فيجوز له الاخذ منه اذا كان يترتب علي اشتغاله مصلحة محبوبة للّه تعالي (3) و ان لم يكن المشتغل ناويا للقربة (4) نعم اذا كان ناويا للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الاخذ (5).

[مسألة 55: المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به]

(مسألة 55): المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به (6).

______________________________

علي الكسب و لا تكفي القدرة العقلية عليه و بعبارة اخري ان القائم بهذه الوظيفة الشرعية لا يقدر علي الكسب و لا يكون غنيا فيجوز له الاخذ و ان شئت قلت: المراد من القدرة في المقام ما يعم الشرعية و لذا لو كان قادرا علي التعيش بالمال الحرام و لا يمكنه التعيش بالحلال يجوز له الاخذ بلا اشكال.

(1) اذ المفروض انه قادر علي الاكتساب و لا ينافي شأنه كما انه لا يجب اشتغاله بالتحصيل فلا يجوز له الاخذ.

(2) كما هو ظاهر.

(3) اذ يصدق عنوان سبيل اللّه فيجوز له الاخذ بهذا العنوان.

(4) لإطلاق دليل جواز صرفها في سبيل اللّه و المفروض ان هذا العنوان صادق علي تحصيله.

(5) اذ هو يعلم انه ليس في سبيل اللّه بل داخل في سبيل الشيطان فلا يجوز له الاخذ.

(6) كما هو ظاهر واضح.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 461

و ان جهل ذلك جاز اعطاؤه (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه الوجه الاول اصالة الصحة الجارية في فعل المسلم. و فيه ان اصالة الصحة بهذا المعني لا يترتب عليها الآثار الشرعية و لذا لو تردد قول احد بين

السلام و السب لا يجب رده بالسلام مع ان مقتضي اصالة الصحة في فعله عدم اقدامه علي السب.

الوجه الثاني ان مقتضي الاصل في كل مسلم كونه عادلا. و فيه اولا ان هذا الدليل اخص من المدعي اذ يمكن العلم بعدم كونه عادلا و لكن نحتمل صدقه في ادعائه الفقر و ثانيا ان مقتضي الاصل عدم العدالة فان العدالة اذا كانت عبارة عن الملكة النفسانية فالاصل عدمها في المدعي للفقر و ان كانت عبارة عن العمل علي طبق الوظيفة من الاتيان بالواجب و ترك الحرام فمقتضي الاصل عدم اتيان المدعي بواجبه بل مقتضي الاصل عدم صدقه في هذه الدعوي أي دعوي الفقر.

الوجه الثالث ان طلب البينة علي صدق دعواه اذلال بالنسبة اليه و لا يجوز اذلال المؤمن و فيه انه ليس امرا كليا اذ يمكن طلب البينة منه بنحو لا يكون إذلالا بل يمكن تحقيق حاله من غيره و ثانيا اذا كان الامر كذلك لا يطالب بالبينة و لكن لا يعطي من الزكاة و محصل الكلام ان حرمة الإذلال لا توجب التصرف في الزكاة و دفعها الي غير أهلها هذا بالنسبة الي البينة و اما اليمين فعلي فرض تحققه فأي دليل علي اعتباره و بعبارة اخري ان اثبات المدعي باليمين يحتاج الي الدليل.

الوجه الرابع: ان المورد من موارد الدعوي بلا معارض فيترتب عليها الاثر و فيه انه علي هذا لو ادعي دينا علي احد و المدعي عليه يحتمل صدقه فهل يحكم بصدقه او لو ادعي عدالته او اجتهاده بغير معارض فهل يجوز للغير ان يقتدي به في الصلاة أو يقلده في اعماله مضافا الي انه اي دليل دل علي قبول ادعاء من يدعي أمرا و لا

يكون له معارض في دعواه.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 462

______________________________

الوجه الخامس ان اقامة البينة مشكلة فلا تجب كما ان الامر كذلك في مسألة تصديق المرأة في ادعائها الخلو عن الزوج و العدة علي ما هو المستفاد من جملة من النصوص منها ما رواه ميسر قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ألقي المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد فالقول لها لك زوج؟ فتقول لا فاتزوجها؟ قال: نعم هي المصدقة علي نفسها «1» و غيره من النصوص الواردة في الباب 10 من أبواب المتعة من الوسائل فراجع.

و فيه ان كون اقامة البينة مشكلة لا يوجب حجية الدعوي كما هو ظاهر و قياس المقام علي ذلك الباب المشار اليه في غير محله فان النصوص الواردة في ذلك الباب تقتضي اعتبار قولها بل المستفاد من تلك النصوص عدم وجوب السؤال بل كونه مرجوحا و يمكن ان الشارع الاقدس لمصلحة سهل امر النكاح و الحديث الخامس من الباب المشار اليه و هو حديث محمد بن عبد اللّه الاشعري ضعيف سندا بهيثم بن مسروق بل بغيره أيضا فلا مجال للاستفادة الكلية بالنسبة الي جميع الموارد فلاحظ.

الوجه السادس: ان اقامة البينة للمدعي حرجية فلا تجب عليه اقامتها. و فيه ان اقامة البينة ليست واجبة كي يرتفع وجوبها بالحرج مضافا الي أن عدم وجوب الاقامة بالنسبة اليه لا يقتضي صرف الزكاة و دفعها مع عدم مجوز شرعي كما هو ظاهر أضف الي ذلك ان اثبات المدعي لا ينحصر باقامة البينة في جميع الموارد.

الوجه السابع: ان حكم المقام يستفاد من النصوص الواردة في بيع هدايا الكعبة المعظمة منها ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال

______________________________

(1) الوسائل الباب

10 من أبواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 463

______________________________

سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة فقال: مر مناديا يقوم علي الحجر فينادي الا من قصرت به نفقته أو قطع به أو نفد متاعه فليأت فلان بن فلان و مره ان يعطي اولا فاولا حتي ينفد ثمن الجارية «1» و غيره من النصوص الواردة في الباب 22 من ابواب مقدمات الطواف و ما يتبعها من الوسائل فانها تدل علي جواز اعطاء ثمن الهدايا لمن يدعي الاحتياج. و فيه انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا وجه للقياس فلاحظ.

الوجه الثامن ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي الحسن و الحسين عليهما السلام و هما جالسان علي الصفا فسألهما فقالا:

ان الصدقة لا تحل الا في دين موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع ففيك شي ء من هذا؟ قال نعم فاعطياه «2» و فيه ان السند ضعيف بالارسال و غيره.

الوجه التاسع ما رواه عامر بن خزاعة قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له: يا أبا عبد اللّه قرض الي ميسرة فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام الي غلة تدرك فقال الرجل لا و اللّه قال فالي تجارة تؤب قال لا و اللّه قال فالي عقدة تباع فقال لا و اللّه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام فأنت ممن جعل اللّه له في أموالنا حقا ثم دعا بكيس فيه دراهم فادخل يده فيه فناوله قبضة ثم قال له اتق اللّه و لا تسرف و لا تفتر و لكن بين ذلك قواما ان التبذير من الاسراف قال اللّه عز و جل و لا تبذر

تبذيرا «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعامر و للرواية سند آخر فيه سعدان بن مسلم و الرجل لم يوثق.

الوجه العاشر السيرة الجارية بين المتشرعة و فيه ان جريان السيرة مع الالتفات و عدم الوثوق بقول المدعي اول الكلام و لا يمكن اثباتها في غير مورد الوثوق

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 464

الا اذا علم غنائه سابقا فلا بد في جواز الاعطاء حينئذ من الوثوق بفره (1).

[مسألة 56: إذا كان له دين علي الفقير جاز احتسابه من الزكاة]

(مسألة 56): اذا كان له دين علي الفقير جاز احتسابه من الزكاة (2) حيا كان (3).

______________________________

بقول المدعي.

الوجه الحادي عشر ان مقتضي الاستصحاب عدم كونه غنيا فان كل احد و كل انسان قبل وجوده و تولده من امه لا يكون واجدا لشي ء و لا يكون مالكا لمؤنته فاذا شك في بقائه علي ما كان بعد وجوده و تولده، و عدمه يكون مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان.

و هذا الوجه لا بأس به الا أن يقع مورد الاستصحاب طرفا للعلم الإجمالي اذ مع العلم الإجمالي بكون بعض الاطراف غنيا يسقط الاصول باجمعها علي ما هو المشهور بين القوم بلحاظ المعارضة و لو لا هذه الجهة يكون الوجه المذكور حسنا و اظن- و ان كان الظن لا يغني من الحق شيئا- ان مستند الماتن فيما افاد هذا الوجه الاخير و اللّه العالم.

(1) لسقوط استصحاب الفقر في هذه الصورة نعم مع الوثوق بفقره و لو من ناحية ادعائه يجوز اذ الوثوق حجة عقلائيه و لنا ان نقول بأن المدعي اذا كان ثقة يجوز ترتيب الاثر علي

قوله لحجية قول الثقة في الموضوعات كما ان قوله و روايته حجة في الاحكام فلاحظ.

(2) بلا خلاف ظاهر كما في بعض الكلمات.

(3) يدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت ابا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 465

أم ميتا (1) نعم يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و الا

______________________________

الزكاة قال: نعم «1».

و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون له الدين علي رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: ان كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه مال عنده من دينه فلا بأس أن يقاصه بما اراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها فان لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فيعطيه من زكاته و لا يقاصه شي من الزكاة «2».

و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) ان عثمان بن عمران قال له: اني رجل موسر و يجيئني الرجل و يسألني الشي ء و ليس هو ابان زكاتي فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام: القرض عندنا بثمانية عشر و الصدقة بعشرة و ما ذا عليك اذا كنت كما تقول موسرا أعطيته فاذا كان ابان زكاتك احتسبت بها من الزكاة يا عثمان لا

ترده فان رده عند اللّه عظيم «3».

(1) و يشهد له طائفة من النصوص منها: ما رواه يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قرض المؤمن غنيمة و تعجيل أجر (خير) ان أيسر قضاك و ان مات قبل ذلك احتسبت به من الزكاة «4».

و منها ما رواه ابراهيم بن السندي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قرض المؤمن غنيمة و تعجيل خير ان أيسر أدي و ان مات احتسب من زكاته «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 41 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 466

لم يجز (1) الا اذا تلف المال علي نحو لا يكون مضمونا (2) و اذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب اشكال (3) و ان كان أظهر (4).

______________________________

و منها ما رواه هيثم الصير في و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام: القرض الواحد بثمانية عشر و ان مات احتسب بها من الزكاة «1».

(1) و يشهد للمدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل حلت عليه الزكاة و مات ابوه و عليه دين أ يؤدي زكاته في دين ابيه و للابن مال كثير؟

فقال: ان كان ابوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث و لم يقضه من زكاته و ان لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد احق بزكاته من دين ابيه فاذا اداها في دين أبيه علي هذه الحال أجزأت عنه «2».

ان قلت مورد الرواية القضاء عن الميت بالزكاة و

الكلام في المقام في احتساب الدين علي الميت زكاة قلت ان العرف يفهم ان كلا المقامين من باب واحد و لذا لا مجال للأخذ باطلاق دليل جواز الاحتساب و الالتزام بالجواز حتي مع وفاء التركة بالدين اذ مع وجود المقيد لا يبقي مجال للأخذ باطلاق المطلق.

(2) اذ مع التلف ينقضي موضوع الوفاء عن التركة فيجوز احتساب الدين من الزكاة عملا بالنصوص المشار اليها الدالة علي الجواز.

(3) منشأ الاشكال اطلاق حديث زرارة فان مقتضي اطلاقه عدم الجواز مع وفاء التركة بالدين.

(4) بتقريب ان اطلاق الرواية منصرف الي صورة امكان اداء الدين من التركة و بتعبير آخر ان الرواية المفصلة منصرفة عن صورة عدم امكان الوفاء من التركة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 467

و كذا اذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه (1).

[مسألة 57: لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة]

(مسألة 57): لا يجب اعلام الفقير بأن المدفوع اليه زكاة (2) بل يجوز الاعطاء علي نحو يتخيل الفقير انه هدية (3) و يجوز صرفها

______________________________

(1) الكلام هو الكلام اشكالا و جوابا فلاحظ.

(2) نقل عن غير واحد دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الرجل من اصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة و لا اسمي له أنها من الزكاة فقال اعطه و لا تسم له و لا تذل المؤمن «1»

و لا يعارضه ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث اليه بالصدقة فلا يقبلها علي وجه الصدقة يأخذه من ذلك زمام و استحياء و انقباض

فنعطيها اياه علي غير ذلك الوجه و هي منا صدقه فقال: لا اذا كانت زكاة فله أن يقبلها و ان لم يقبلها علي وجه الزكاة فلا تعطها اياه الحديث «2»

اذ لا يبعد أن يكون المراد من هذه الرواية انه يلزم قصد اخذ الزكاة و لو اجمالا بحيث لا يكفي قصد غيرها حين الاخذ و بعبارة اخري ان المستفاد من الرواية انه لا يكفي اخذها مقيدا بغير الزكاة و هذا المقدار لا يقتضي وجوب الاعلام بها.

(3) ان كان قبوله بعنوان الهدية بحيث يتعلق القبول بعنوان الهدية يشكل لما تقدم من رواية ابن مسلم نعم اذا كان من باب الخطاء في التطبيق فلا بأس به بأن يقبل ما اعطي و يتصور و يتخيل انه هدية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 58 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 468

في مصلحة الفقير كما اذا قدم تمر الصدقة فأكله (1).

[مسألة 58: إذا دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون المدفوع اليه غنيا]

(مسألة 58): اذا دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون المدفوع اليه غنيا فان كانت متعينة بالعزل وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها اذا كانت عينها باقية (2) و ان كانت تالفة فان كان الدفع اعتمادا علي حجة فليس عليه ضمانها (3) و الا ضمنها (4) و يجوز له أن يرجع الي القابض (5) اذا كان يعلم ان ما قبضه زكاة و ان لم يعلم بحرمتها علي الغني و الا فليس للدافع الرجوع اليه (6) و كذا الحكم اذا تبين كون المدفوع

______________________________

(1) قال في الجواهر «و كيف كان فلا يجب اعلام الفقير ان المدفوع اليه زكاة لإطلاق الادلة فلو كان ممن يترفع عنها و يدخله حياء منها و هو مستحق

جاز صرفها اليه علي وجه الصلة ظاهرا و الزكاة واقعا» الخ «1». و الظاهر ان الوجه فيه ان الزكاة يجب أن تصرف في الاصناف الثمانية فيجوز صرفها في مصلحة الفقير كما في المتن و اللّه العالم.

(2) اذ بالعزل صار متعينا في الزكاة و المكلف بالاداء هو المعطي فيجب عليه استرجاعه و ايصاله الي أهله.

(3) لان يده يد امانة و ليس علي الامين الا اليمين و المفروض انه لم يفرط.

(4) لقاعدة اليد الحاكمة بالضمان.

(5) لتعاقب الايدي علي مال الغير فكل من وضع يده عليه يكون ضامنا و أيضا يقتضي ضمان القابض قاعدة الاتلاف ان كان المتلف هو.

(6) لقاعدة الغرور و لكن القابض ضامن في هذه الصورة أيضا اذ المفروض ان المال تعين في الزكاتية فيد القابض يد ضمان فيكون ضامنا غاية الامر له أن يرجع

______________________________

(1) الجواهر ج 15 ص 324

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 469

اليه ليس مصرفا للزكاة من غير جهة الغني مثل أن يكون ممن تجب نفقته أو هاشميا اذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك (1)

[الثالث العاملون عليها]

الثالث العاملون عليها و هم المنصوبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و ايصالها الي الامام أو نائبه (2).

______________________________

الي الدافع اذا كان عنوان الغرور صادقا كما انه لو كان مغرورا من قبل شخص ثالث فله الرجوع اليه و صفوة القول ان القابض ضامن بلا كلام غاية الامر اذا كان مغرورا يكون له الرجوع الي من غره لقاعدة الغرور فلاحظ.

(1) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة.

(2) قال في الجواهر «الصنف الثالث من مستحقي الزكاة كتابا و سنة و اجماعا بقسميه العاملون عليها و هم عمال الصدقات الساعون في تحصينها و تحصيلها بجباية و ولاية علي الجباة و

غيرهم من اصناف السعاة «1».

و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ رأيت قول اللّه تبارك و تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ» أكل هؤلاء يعطي و ان كان لا يعرف؟ فقال: ان الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة، قال زرارة قلت: فان كانوا لا يعرفون؟ فقال يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع و انما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها انت و اصحابك الا من يعرف، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس، ثم قال: سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و سهم الرقاب عام و الباقي خاص، قال: قلت: فان لم يوجدوا

______________________________

(1) الجواهر ج 15 ص 333

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 470

أو الي مستحقها (1).

______________________________

قال: لا يكون فريضة فرضها اللّه عز و جل و لا يوجد لها أهل، قال: قلت: فان لم تسعهم الصدقات؟ فقال: ان اللّه فرض للفقراء في مال الاغنياء ما يسعهم و لو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه عز و جل و لكن اوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض اللّه لهم فلو ان الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير «1».

و يدل عليه ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اناسا من بني هاشم أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه أن يستعملهم

علي صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّه عز و جل للعاملين عليها فنحن اولي به فقال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بابني عبد المطلب (هاشم) ان الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكني قد وعدت الشفاعة (الي أن قال) أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «2».

(1) لدخوله تحت اطلاق الادلة من الاية و النصوص فان العامل بماله من المفهوم يشمل المذكورين في المتن حتي القسم الاخير و عن الجواهر انه استشكل فيه لما ارسله القمي في تفسيره فقال: فسر العالم عليه السلام الفقراء هم الذين لا يسألون و عليهم مؤنات من عيالهم و الدليل علي أنهم هم الذين لا يسألون قول اللّه تعالي «لِلْفُقَرٰاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ لٰا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجٰاهِلُ أَغْنِيٰاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمٰاهُمْ لٰا يَسْئَلُونَ النّٰاسَ إِلْحٰافاً» و المساكين هم أهل الزمانات و قد دخل فيهم الرجال و النساء و الصبيان و الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا هم السعاة و الجباة في اخذها و جمعها و حفظها حتي يؤدوها الي من يقسمها، وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قال: هم قوم وحدوا اللّه و خلعوا عبادة من دون اللّه و لم يدخل المعرفة قلوبهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 471

[الرابع: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ]

الرابع: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، و هم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية فيعطون من الزكاة ليحسن اسلامهم و يثبتوا علي دينهم (1).

______________________________

أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يتألفهم و يعلمهم و يعرفهم كيما يعرفوا، فجعل لهم نصيبا

في الصدقات لكي يعرفوا و يرغبوا وَ فِي الرِّقٰابِ قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطاء و في الظهار و في الايمان و في قتل الصيد في الحرم و ليس عندهم ما يكفرون و هم مؤمنون فجعل اللّه لهم منها في الصدقات ليكفر عنهم وَ الْغٰارِمِينَ قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير اسراف فيجب علي الامام أن يقضي عنهم و يفكهم من مال الصدقات. وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلي الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتي يقووا علي الحج و الجهاد، و ابن السبيل ابناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة اللّه فيقطع عليهم و يذهب ما لهم فعلي الامام أن يردهم الي أوطانهم من مال الصدقات «1».

و من الظاهر انه لا مجال لرفع اليد عن اطلاق الادلة آية و رواية بالمرسل المذكور.

(1) قد اختلفت كلمات القوم في المراد من هذه الكلمة و من الاقوال المذكورة في المقام ما اختاره صاحب الحدائق قال قدس سره في جملة كلام له في هذا المقام: و هذه الاخبار كلها كما تري ظاهرة في أن الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ قوم مسلمون قد اقروا بالاسلام و دخلو فيه لكنه لم يستقر في قلوبهم و لم يثبت ثبوتا راسخا فامر اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 472

______________________________

تعالي نبيه بتألفهم بالمال لكي تقوي عزائمهم و تشتد قلوبهم علي البقاء علي هذا الدين فالتأليف انما هو لأجل البقاء علي الدين و الثبات عليه لا لما زعموه رضوان اللّه

عليهم من الجهاد كفارا كانوا أو مسلمين و انهم يتألفون بهذا السهم لأجل الجهاد «1». انتهي كلامه رفع مقامه.

و يمكن ان يستدل علي هذا القول بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قال: هم قوم وحدوا اللّه عز و جل و خلفوا عبادة من يعبد من دون اللّه و شهدوا أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد صلي اللّه عليه و آله فأمر اللّه عز و جل نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن اسلامهم و يثبتوا علي دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به «2».

و يدل عليه أيضا مرسل يونس عن أبي جعفر عليه السلام قال: الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قوم وحدوا اللّه و خلعوا عبادة [من يعبد] من دون اللّه و لم تدخل المعرفة قلوبهم ان محمدا رسول اللّه و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يتألفهم و يعرفهم لكيما يعرفوا و يعلمهم «3» و يدل عليه أيضا ما أرسله القمي «4».

و أورد صاحب الجواهر علي ما نقل عنه «5» علي هذا القول بايرادات:

الاول: منافاته لإطلاق الاية. و فيه ان تقييد الاطلاق الكتابي بالخبر الواحد ليس

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 177

(2) الفروع من الكافي ج 2 ص 411 حديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 470

(5) مستمسك العروة ج 9 ص 248

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 473

______________________________

عزيزا.

الثاني: انه مخالف للإجماع. و فيه انه قد مر ان الاقوال مختلفة فتنافي الاجماع علي قول واحد. و ان

كان مرجع كلامه الي سقوط النصوص المذكورة عن الحجية باعراضهم ففيه انه ان ثبت اعراضهم فنقول: قد مر منا مرارا ان الاعراض عن الرواية المعتبرة لا يوجب سقوطها عن الاعتبار و في النصوص المشار اليها ما يكون معتبرا من حيث السند فلاحظ.

الثالث: ان بعض النصوص ظاهر في أن المراد بالمؤلفة قلوبهم غير المسلم.

و فيه: انه ليس عليه دليل معتبر.

الرابع: ما أرسله في الدعائم عن أبي جعفر بن علي عليهما السلام انه قال في قول اللّه عز و جل: «وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قال: هم قوم يتألفون علي الإسلام من رؤساء القبائل كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يعطيهم يتألفهم و يكون ذلك في كل زمان اذا احتاج الي ذلك الامام فعله «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المراد بهم الكفار. و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي النقاش في دلالته فان غايتها شمول الحكم للكفار و لا بد من رفع اليد عن العموم بالمخصص.

الخامس: المرسل المروي عن حاشية الارشاد- علي ما نقل عنها- بهذا اللفظ:

«المروي انهم قوم كفار» و فيه ان المرسل لا يكون حجة.

السادس: ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» بتقريب: ان المذكور في الرواية ان سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و سهم الرقاب عام فلا يختص بالمسلمين.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 469

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 474

أو الكفار الذين يوجب اعطائهم الزكاة ميلهم الي الإسلام أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار (1).

[الخامس: الرقاب]

الخامس: الرقاب و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن اداء مال الكتابة (2).

______________________________

و فيه: انه يظهر من الرواية اختصاصه بالمسلمين لاحظ قوله عليه السلام:

«ان الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم

يقرون له بالطاعة» و من الظاهر ان الكافر لا يقر بالطاعة لإمام المسلمين فهذه الجملة تدل علي المدعي كما أن قوله عليه السلام:

«و انما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه» يدل أن اعطاء الزكاة ليثبت المعطي اليه علي الدين ففرض دخوله في الدين. و عليه لا يجوز اعطائها لغير المسلم فهذه الرواية علي خلاف مدعي الخصم أدل.

و أما قوله عليه السلام «سهم المؤلفة و سهم الرقاب عام» فيمكن أن يكون جواز صرفه في العارف و غير العارف لا جواز صرفه في غير المسلم. و ان أبيت عما ذكر فغايته الدلالة علي المدعي بالاطلاق و المطلق يقيد بالمقيد و قد تقدم ان المستفاد من حديث زرارة «1» اختصاصه بالمسلم.

(1) قد علم مما ذكرنا ان ما أفاده مشكل.

(2) عن الجواهر: انه عليه الاجماع بقسميه و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق الاية فان مقتضاه جواز صرف الزكاة في المقام و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل الصادق عليه السلام عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدي بعضها قال: يؤدي عنه من مال الصدقة ان اللّه عز و جل يقول في كتابه وَ فِي الرِّقٰابِ «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 472

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 475

مطلقة أو مشروطة (1) فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال (2) و العبيد الذين هم تحت شدة فيشترون و يعتقون (3) بل مطلق عتق العبد اذا لم يوجد المستحق للزكاة (4).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و يقتضيه اطلاق المرسل.

(2) لم يظهر وجه هذا القيد فان المستفاد من الكتاب و السنة ان الرقاب من الاصناف و

لا يستفاد منها اشتراط اعطائهم ان لم يستفد خلافه.

(3) ادعي عليه الاجماع جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- و يمكن الاستدلال عليه بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمس مأئة و الستمائة يشتري بها نسمة و يعتقها فقال: اذا يظلم قوما آخرين حقوقهم ثم مكث مليا ثم قال الا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه «1».

فان الظاهر من الرواية بملاحظة وجود الرقاب في الاية الشريفة ان السؤال عن الاشتراء عن سهم الرقاب فيدل الخبر علي الجواز في صورة الضرورة و الشدة فلاحظ.

(4) عن المعتبر نسبته الي اطباق المحققين و يدل علي المدعي ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله الف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك اليه فنظر الي مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الالف الدراهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك الحديث «2».

فما أفاده في المتن تام بلحاظ هذه الرواية. و حيث ان الظاهر انه ليس هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و الفروع من الكافي ج 3 ص: 557 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 476

[السادس: الغارمون]

السادس: الغارمون و هم: الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن ادائها (1) و ان كانوا مالكين قوت سنتهم (2) بشرط أن لا يكون الدين

______________________________

المسألة في هذه الازمنة موردا للابتلاء لا نطيل الكلام فيها و لذا لم نتعرض لضعف المرسل و أيضا لم نتعرض للإشكال المتوجه الي حديث أبي بصير من حيث السند فان من جملة

رواته عمروا و عبر عن الحديث صاحب الحدائق قدس سره بالرواية و قال: و هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب من الكافي عن عمرو بن أبي نصر و الناظر فيها ينظمها في الصحيح و هو تصحيف منه قدس سره و سهو واقع في عبارته و انما هو عن عمرو عن أبي بصير «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

(1) بلا خلاف فيه و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل حلت عليه الزكاة و مات أبوه و عليه دين أ يؤدي زكاته في دين أبيه و للابن مال كثير؟ فقال ان كان أبوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث و لم يقضه من زكاته و ان لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه فاذا أداها في دين أبيه علي هذه الحال أجزأت عنه «2».

و هذه الرواية و ان كان موردها الميت و لكن لا يبعد ان العرف يفهم منه الاطلاق و عدم الفرق بينه و بين الحي و يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية الشريفة «3»

فانه صرح فيها بهذا الصنف و جعل الغارم احد الاصناف غاية الامر نرفع اليد عن اطلاق الاية بمقدار دلالة الدليل علي التخصيص.

(2) لإطلاق الاية ان قلت: ادعي الاجماع علي أنه لا يجوز اعطاء سهم الغارمين

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 182

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 448

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 477

مصروفا في المعصية (1) و لو كان علي الغارم دين لمن عليه الزكاة

______________________________

لغير الفقير و من يكون واجدا

لمؤنة سنته لا يكون فقيرا قلت: اداء الدين من جملة المئونة و المفروض عدم تمكنه من الاداء و مما ذكر ظهر اندفاع ما يمكن أن يقال:

انه قد ورد النص الدال علي عدم حلية الصدقة لغني لاحظ ما رواه زرارة «1».

(1) عن الخلاف و المنتهي و التذكرة دعوي الاجماع عليه و عن الجواهر:

لا اجد فيه خلافا. و فيه: انه ان تم اجماع تعبدي فهو و الا كيف يمكن الاعتماد عليه في الفتوي و الانصاف ان تحصيل الاجماع التعبدي في المقام مشكل مع وجود النص و احتمال كونه مدركا لإجماعهم فلاحظ.

و يدل علي المدعي ما أرسله القمي «2» و المرسل لا اعتبار به و عمل المشهور به علي فرض تماميته غير جابر كما مر مرارا مضافا الي أن جواز الأداء قيد بانفاق الدين في طاعة اللّه فلا يكفي مجرد عدم صرفه في المعصيه.

و يدل علي المدعي من النصوص منها ما رواه محمد بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة يكني أبا محمد قال: سأل الرضا عليه السلام رجل و أنا اسمع فقال له:

جعلت فداك ان اللّه عز و جل يقول: «وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ» أخبرني عن هذه النظرة التي ذكر اللّه عز و جل في كتابه لها حد يعرف اذا صار هذا المعسر اليه لا بد له من أن ينتظر و قد أخذ مال هذا الرجل و أنفقه علي عياله و ليس له غلة ينتظر ادراكها و لا دين ينتظر محله و لا مال غائب ينتظر قدومه قال: نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره الي الامام فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين اذا كان أنفقه في طاعة اللّه عز و

جل فان كان أنفقه في معصية اللّه عز و جل فلا شي ء له علي الامام قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه و هو لا يعلم فيما أنفقه؟ في طاعة اللّه أم في

______________________________

(1) لاحظ ص: 452

(2) لاحظ ص: 470

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 478

______________________________

معصيته؟ قال: يسعي له في ماله فيرده عليه و هو صاغر «1».

و لا يخفي ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي عدم احراز وثاقة محمد بن سليمان

و منها: ما رواه صباح بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ايما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد و لا اسراف فعلي الامام أن يقضيه فان لم يقضه فعليه اثم ذلك ان اللّه تبارك و تعالي يقول:

«إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» الاية فهو من الغارمين و له سهم عند الامام فان حبسه فاثمه عليه «2» و هذه الرواية ضعيفة بابن سيابة.

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: يعطي المستدينون من الصدقة و الزكاة دينهم كله ما بلغ اذا استدانوا في غير سرف الحديث «3».

و الظاهر ان الرواية تامة سندا و أما من حيث الدلالة فلا يبعد أن تدل علي اشتراط عدم الانفاق في المعصية اذ الاسراف حرام فمع عدم الاسراف يجوز الاداء و بعبارة اخري: الاسراف عبارة عن الصرف في المعصية.

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا بمسرف و لا معروف بالمسألة هل يقضي

عنه من الزكاة الالف و الالفان؟ قال:

نعم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الدين و القرض الحديث: 3

(2) الاصول من الكافي ج 1 ص: 407 حديث: 7

(3) الوسائل الباب 48 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 479

جاز له احتسابه عليه زكاة (1) بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له ثم يأخذه وفاء عما عليه من الدين (2) و لو كان

______________________________

و صفوة القول: ان النصوص و ان كان بعضها مطلقا و لكن بمقتضي حمل المطلق علي المقيد نقيد مطلقها بمقيدها و تكون النتيجة جواز اداء دين الغارم بشرط عدم صرفه في المعصية و لو مع كونه واجدا لمؤنة سنته.

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «1».

(2) لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدين علي رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: ان كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه فلا بأس أن يقاص بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها فان لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فيعطيه من زكاته و لا يقاصه شي ء من الزكاة «2».

فانه لا يبعد أن

يكون المراد من المقاصة أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون ثم يأخذه وفاء عما عليه من الدين و عن الشهيدين و غيرهما تفسير المقاصة بما ذكر.

و في المقام شبهة و هي ان المستفاد من الحديث التفصيل بين رجاء الوفاء عن الفقير و عدمه فلا تجوز المقاصة في الصورة الاولي و جوازها في الثانية فلا وجه لإطلاق الحكم الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 480

الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها (1) و لو بدون اطلاع الغارم (2) و لو كال الغارم ممن تجب نفقته علي من عليه الزكاة جاز له اعطائه لوفاء دينه أو الوفاء عنه (3) و ان لم يجز اعطائه لنفقته (4).

______________________________

(1) و يدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن «1» و مورد الرواية و ان كان الميت لكن بحسب الفهم العرفي لا فرق بين الميت و الحي من هذه الجهة.

(2) لاحظ رواية عبد الرحمن فان موردها فوت المدين فلا يمكن اعلامه و يمكن أن يستفاد المدعي من حديث آخر لعبد الرحمن «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية جواز الاحتساب و لو مع عدم اطلاع المدين فيفهم انه لا يشترط في افراغ ذمة المدين اطلاعه و يؤيد المدعي جملة من المرسلات منها مرسلة القمي «3» و منها: مرسلة محمد بن سليمان «4» و منها مرسلة العباس «5».

(3) كما يدل عليه ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل علي أبيه دين و لأبيه مؤنة أ يعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال: نعم و

من أحق من أبيه؟ «6».

(4) كما هو المستفاد من النص و نتعرض له ان شاء اللّه تعالي عند تعرض الماتن

______________________________

(1) لاحظ ص: 478

(2) لاحظ ص: 479

(3) لاحظ ص: 470

(4) لاحظ ص: 477

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الدين و القرض الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 481

[السابع: سبيل اللّه تعالي]

السابع: سبيل اللّه تعالي و هو جميع سبل الخير كبناء القناطر و المدارس و المساجد و اصلاح ذات البين و رفع الفساد و الاعانة علي الطاعات (1) و الظاهر جواز دفع هذا السهم في كل طاعة مع عدم تمكن

______________________________

لعدم جواز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته علي المالك فانتظر.

(1) ادعي عليه الاجماع و مقتضي الاية الشريفة «1» كذلك و يؤيد المدعي مرسل القمي «2» فانه صرح فيه بأن المراد من سبيل اللّه جميع سبل الخير.

و عن بعض الاساطين انه يجب صرفه في الجهاد بشهادة حديث يونس بن يعقوب ان رجلا كان بهمدان ذكر ان أباه مات و كان لا يعرف هذا الامر فأوصي بوصية عند الموت و أوصي أن يعطي شي ء في سبيل اللّه فسئل عنه أبو عبد اللّه عليه السلام كيف نفعل و أخبرناه انه كان لا يعرف هذا الامر فقال: لو ان رجلا أوصي إلي أن أضع في يهودي أو نصراني لوضعته فيهما ان اللّه تعالي يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» فانظروا الي من يخرج الي هذا الامر (الوجه خ ل) يعني بعض الثغور فابعثوا به اليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بسهل بن زياد. اضف الي ذلك ان المستفاد من حديث الحسن بن راشد قال: سألت أبا الحسن العسكري عليه السلام (بالمدينة خ)

عن رجل أوصي بمال (له) في سبيل اللّه قال: سبيل اللّه شيعتنا «4»، ان سبيل اللّه هم الشيعة و ان ما يكون راجعا الي سبيل اللّه يجب صرفه في شيعة آل محمد صلي اللّه عليه و آله.

______________________________

(1) لاحظ ص: 448

(2) لاحظ ص: 470

(3) الوسائل الباب 33 من ابواب أحكام الوصايا الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 482

المدفوع اليه من فعلها بدونه بل مع تمكنه اذا لم يكن مقدما عليه الا به (1).

[الثامن: ابن السبيل]
اشارة

الثامن: ابن السبيل الذي نفدت نفقته بحيث لا يقدر علي الذهاب الي بلده فيدفع له ما يكفيه لذلك (2) بشرط أن لا يكون سفره في

______________________________

كما ان المستفاد من حديث الحسين بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا أوصي إلي بمال في السبيل فقال: اصرفه في الحج قلت: أوصي إلي في السبيل فقال: اصرفه في الحج فاني لا اعلم سبيلا من سبله أفضل من الحج «1»، ان ما يرجع الي سبيل اللّه يصرف في مطلق الخيرات و الارجح صرفه في الحج فلاحظ.

(1) لإطلاق الاية الشريفة و ربما يقال: باشتراط الفقر في مصرف هذا السهم لقوله صلي اللّه عليه و آله «لا تحل لغني» «2» و لكن الاقوي- كما في المتن- و الوجه فيه ان الظاهر من قوله صلي اللّه عليه و آله ان المصرف اذا كان شخص بما هو فلا بد أن يكون فقيرا و أما اذا كان المصرف جهة كسبيل اللّه فلا يشترط فيه ذلك و لذا لا مجال لان يقال: انه لا يجوز للأغنياء الانتفاع من القناطر و الخانات و غيرها مما صرف فيه سهم سبيل اللّه و هل يمكن أن يستشكل فيه أدني

فاضل فضلا عن فقيه.

ان قلت: الدليل منصرف عن الغني قلت: علي فرض صحته يكون الانصراف بدويا يزول بأدني تأمل، فتحصل انه يجوز اعطائه للغني اذا كان في سبيل اللّه بشرط عدم تمكنه من الاقدام بذلك العمل بدون أخذ الزكاة أو عدم اقدامه الا في صورة اخذها.

(2) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل علي المدعي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 252

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 483

معصية (1) بل عدم تمكنه من الاستدانة أو بيع ماله الذي هو في بلده علي الاحوط وجوبا (2).

[مسألة 59: إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ثم بان العدم]

(مسألة 59): اذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ثم بان العدم جاز له استرجاعها (3) و ان كانت تالفة استرجع البدل اذا كان الفقير

______________________________

قوله تعالي: «وَ ابْنَ السَّبِيلِ» «1» و يدل عليه من النصوص ما أرسله القمي «2».

(1) نقل عن غير واحد: انه لا خلاف فيه و هو العمدة و أما المرسل المتقدم ذكره فيستفاد منه انه يشترط فيه أن يكون سفرا في الطاعة و قال صاحب الحدائق في هذا المقام: «لم أر من قال بمضمون الرواية الا ابن الجنيد علي ما نقل عنه «3» الي آخر كلامه.

(2) يظهر من بعض الكلمات ان الاشتراط بالشرطين المذكورين في المتن هو المشهور بين الاصحاب. و الانصاف ان الاحتياط المذكور في محله فان صدق ابن السبيل علي من يقدر من الاستدانة بلا حرج و محذور أو علي من يقدر علي بيع مملوكه كذلك مشكل. و ان شئت قلت: ان الجزم باطلاق الاية الشريفة و شمولها للمتمكن علي أحد الوجهين مورد الاشكال و يؤيد الاشتراط المرسل المتقدم ذكره فان المذكور فيه المنقطع عليه اذ لا يبعد أن يكون الانقطاع عبارة عن

عدم التمكن من السير.

(3) بلا اشكال اذ الدفع بعنوان الزكاة و الحال انه لا واقع لها فالمدفوع باق علي ملك الدافع فله استرجاعه.

______________________________

(1) التوبة/ 6

(2) لاحظ ص: 470

(3) الحدائق ج 12 ص: 203

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 484

عالما بالحال (1) و الا لم يجز الاسترجاع (2).

[مسألة 60: إذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا انعقد نذره]

(مسألة 60): اذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا انعقد نذره (3) فان سها فاعطاها فقيرا آخر أجزأ (4) و لا يجوز استردادها و ان كانت العين باقية (5) و اذا أعطاها غيره متعمدا فالظاهر الاجزاء أيضا (6).

______________________________

(1) اذ مع علمه بالحال لا يكون مغرورا من قبل الدافع فلا يجوز له التصرف في المال و تكون يده يد ضمان.

(2) لقاعدة الغرور فان المغرور يرجع الي من غره لكن هذا البيان يتم بالنسبة الي مورد صدق عنوان الغرور و أما في غيره فلا يتم الا أن يقال: ان القصور في المقتضي للضمان في الصورة المفروضة بأن يقال: لا دليل علي ترتب الضمان علي اتلاف مال الغير في مورد تسليط المالك المتلف علي ماله و تمليكه اياه و لو من باب الخطاء في التطبيق و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض ان مناط الانعقاد موجود فينعقد.

(4) اذ المفروض ان المدفوع اليه مورد و لا وجه لعدم الاجزاء و بعبارة اخري:

بعد انطباق المأمور به علي المأتي به يكون الاجزاء عقليا كما حقق في محله.

(5) اذ بعد صيرورتها ملكا له لا وجه للاسترجاع بلا فرق بين بقاء العين و عدمه فلاحظ.

(6) لان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده فيكون المأتي به فردا للمأمور به و لا ينافي عصيان الدافع فان الدافع اطاع الامر الزكاتي و عصي الامر النذري و ليس متعلق الامر و النهي

واحدا كي يقال: ان الموجود الواحد لا يعقل أن يكون محبوبا و مبغوضا لاستحالة اجماع الضدين.

و أفاد سيد المستمسك في المقام «بأن مرجع نذره الي أن يخرج زكاته في

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 485

______________________________

غير مورد النذر و بعبارة اخري: يرجع نذره الي عدم افراغ ذمته الا بهذا المصداق» «1».

و يرد عليه: ان ما أفاده يرجع الي أن نذر الناذر ينحل الي نذرين و عقدين احدهما الايجابي و الاخر العقد السلبي و بعبارة واضحة: نذر نذرين احدهما اعطاء الزكاة و دفعه الي زيد مثلا ثانيهما: عدم اعطائها و عدم دفعها الي غيره فنقول: أولا:

لا يكون النذر المذكور منحلا بنذرين و الا يلزم تكرر الكفارة و هل يلتزم به هو قدس سره؟ كلا ثم كلا.

و ثانيا يشترط في متعلق النذر الرجحان و عدم دفع الزكاة لغير زيد ليس امرا راجحا شرعا فكيف ينعقد النذر فالعمدة الاشكال من ناحية ان الامر بالشي ء هل يقضي النهي عن الضد أم لا و المحقق في محله عدم اقتضائه.

و يمكن أن يرد عليه بأنه علي ما رامه يكون مقتضي القاعدة عدم الاجزاء حتي في صورة السهو و الاشتباه فان السهو لا يغير الواقع عما هو عليه.

و لكن يمكن رده بأنه في صورة السهو لا يكون الامر النذري متوجها كي يكون مانعا عن تحقق قصد القربة فلا بد من التفصيل بأن يقال: اذا كان الاشتباه موجبا لعدم توجه النهي كما لو نسي نذره يكون مجزيا لوجود المقتضي و عدم المانع و أما ان كان الحكم الواقعي موجودا و لو مع عذر الناذر عن المخالفة كما لو احتمل انه ناذر بهذا النحو لا يكون مجزيا اذ مع الاحتمال يكون الحكم الواقعي فعليا و مانعا

عن صحة الفعل علي ما رامه و أما الاشكال في الاجزاء من ناحية ان النذر يوجب قصور السلطنة لان مفاد النذر ثبوت حق له تعالي فيشكل الاجزاء حتي في صورة السهو غاية الامر لا اثم فيه لحديث الرفع فمدفوع بأنه لا دليل علي أن

______________________________

(1) المستمسك ج 9 ص: 272

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 486

و لكن كان آثما بمخالفة نذره و وجبت عليه الكفارة (1).

[المبحث الثاني أوصاف المستحقين]
اشارة

المبحث الثاني أوصاف المستحقين: و هي أمور:

[الأول: الإيمان]
اشارة

الاول: الايمان فلا يعطي الكافر و كذا المخالف من سهم الفقراء (2).

______________________________

النذر يوجب حقا له تعالي بحيث يؤثر في الاثر الوضعي و لتحقيق هذه الجهة مقام آخر فالحق ما أفاده في المتن.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه خالف النذر فتجب عليه كفارة حنثه.

(2) عن الجواهر بلا خلاف اجده فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه متواتر كالنصوص خصوصا في المخالفين و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي «1».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و بحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية «2».

و منها: ما رواه عمر ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من اللّه عليه و عرفه هذا الامر فانه يوجر عليه و يكتب له الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية فأما الصلاة و الصوم فليس عليه قضائهما «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 159

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 487

و تعطي اطفال المؤمنين (1).

______________________________

و منها: ما رواه

اسماعيل بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا و لا زكاة الفطرة «1».

و منها: ما رواه علي بن بلال قال: كتبت اليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال و الصدقة الي محتاج غير أصحابي؟ فكتب: لا تعطي الصدقة و الزكاة الا لأصحابك «2».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يموت و يترك العيال أ يعطون من الزكاة؟ قال: نعم حتي ينشأ و او يبلغوا و يسألوا من أين كانوا يعيشون اذا قطع ذلك عنهم فقلت: انهم لا يعرفون؟

قال: يحفظ فيهم ميتهم و يحبب اليهم دين أبيهم فلا يلبثون أن يهتموا بدين أبيهم فاذا بلغوا و عدلوا الي غير كم فلا تعطوهم «3».

و منها: ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ذرية الرجل المسلم اذا مات يعطون من الزكاة و الفطرة كما كان يعطي أبوهم حتي يبلغوا فاذا بلغوا و عرفوا ما كان أبوهم يعرف اعطوا و ان نصبوا لم يعطوا «4».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: عيال المسلمين اعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا و طعاما و أري أن ذلك خير لهم؟

قال: فقال لا بأس «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال قلت لأبي الحسن عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 488

و مجانينهم (1) فان كان بنحو التمليك وجب قبول

وليهم (2) و ان كان بنحو الصرف مباشرة أو بتوسط أمين فلا يحتاج الي قبول الولي (3) و ان كان أحوط استحبابا (4).

[مسألة 61: إذا أعطي المخالف زكاته أهل نحلته ثم استبصر]

(مسألة 61): اذا اعطي المخالف زكاته أهل نحلته ثم استبصر

______________________________

رجل مسلم مملوك و مولاه رجل مسلم و له مال (ماله) يزكيه و للمملوك ولد صغير حرا يجزي مولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال: لا بأس به «1».

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في كلام بعض الاساطين- و عن المستند انه ان ثبت اجماع فهو و الا فمحل نظر. لكن الظاهر انه لا وجه للتأمل اذ المفروض ان المانع الخروج عن الولاية و الدخول في صفوف الاجانب و مجنون الشيعة ليس كذلك و يمكن أن يستفاد من جواز اعطائها لأطفال المؤمنين فان المناط واحد و مجنون الشيعة كصغيره من حيث القصور.

(2) اذ التمليك يحتاج الي التملك و المفروض ان الصغير و المجنون لا يكونان اهلا للقبول فلا بد من أن يكون المتصدي الولي عليهما فلاحظ.

(3) لعدم ما يقتضي وجوب قبوله انما الكلام في جواز الصرف بلا تمليك و الظاهر جوازه لعدم دليل علي وجوب التمليك و بعبارة اخري: المستفاد من دليل الزكاة انها راجعة الي اصحابها و يجب ايصالها اليهم و مقتضي الاطلاق جواز التمليك و الصرف و يؤيد المدعي ما دل علي جواز احتساب الدين علي الميت و الحي من الزكاة.

(4) خروجا عن شبهة الخلاف مضافا الي أن الاحتياط حسن بل مستحب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 489

أعادها (1) و ان كان قد أعطاها المؤمن أجزأ (2).

[الثاني أن لا يكون من أهل المعاصي]

الثاني أن لا يكون من أهل المعاصي بحيث يصرف الزكاة في المعاصي و يكون الدفع اليه اعانة علي الاثم (3).

______________________________

(1) نقل عن الجواهر: انه لا خلاف فيه. و قيل: انه اجماعي و يدل علي المدعي حديثا بريد و الفضلاء «1»

(2)

اذ يستفاد من التعليل ان المناط في عدم قبولها وضعها في غير موضعها فلو وضعها في موضعها يجزي.

(3) بتقريب: ان الاعانة حرام و لكن الاشكال في تحقق الاعانة و صدقها بهذا المقدار. مضافا الي عدم تمامية الدليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و انما الدليل قائم علي حرمة التعاون عليه لقوله تعالي: «وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ» «2»

و مما ذكر يعلم انه لا مجال للاستدلال علي المدعي بحرمة الاغراء بالقبيح لعدم صدق الاغراء بهذا المقدار من دون قصد الي تحقق الحرام و عدم تحريض علي المعصية فاتمام المسأله بالدليل مشكل نعم لو فرض ان عدم الدفع اليه يوجب عدم تحقق الحرام في الخارج و بعبارة اخري: يصير المالك بتركه حائلا بين المكلف و الحرام و قلنا يجب النهي عن المنكر و لو بالحيلولة بين المكلف و الحرام يجب أن لا يدفع فلاحظ.

و نسب الي جملة من الاعيان اعتبار العدالة في مستحق الزكاة و ذكر في مقام الاستدلال علي المدعي امور:

منها: الاجماع. و فيه: ان الاجماع علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون تعبديا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 159 و 486

(2) المائدة/ 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 490

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 490

______________________________

و منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: انه لا مجال القاعدة مع اطلاق الكتاب و السنة

و منها: ان الفاسق ليس مؤمنا و الزكاة موردها المؤمن. و فيه: انه ليس الامر كذلك و المؤمن اعم من العادل مضافا ان مصرف الزكاة اهل الولاية و هذا المفهوم اعم من العادل. اضف الي ما ذكر ان هذا الاشتراط مقطوع

الخلاف و خلاف السيرة القطعية.

و منها: ان الركون الي الظالم حرام و هذا ركون اليه. و فيه: انه ليس المورد مصداقا للركون المنهي عنه كما هو ظاهر.

و قيل يعتبر في جواز الاعطاء اجتناب الكبائر كشرب الخمر و الزنا و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام كي نري انه هل يكون فيها ما يقيد به اطلاق ادلة الجواز أم لا؟ فنقول:

منها ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تعط من الزكاة أحدا ممن تعول و قال: اذا كان لرجل خمسمائة درهم و كان عياله كثيرا قال: ليس عليه زكاة ينفقها علي عياله يزيدها في نفقتهم و في كسوتهم و في طعام لم يكونوا يطعمونه و ان لم يكن له عيال و كان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس اعفاء عن المسألة لا يسألون أحدا شيئا و قال: لا تعطين قرابتك الزكاة كلها و لكن اعطهم بعضا و اقسم بعضها في سائر المسلمين و قال: الزكاة تحل لصاحب الدار و الخادم و من كان له خمسائة درهم بعد أن يكون له عيال و يجعل زكاة الخمس مأئة زيادة في نفقة عياله يوسع عليهم «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه يشترط في المستحق عدم البأس به فلا يجوز

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 491

و الاحوط عدم اعطاء الزكاة لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق (1).

______________________________

بالنسبة الي شارب الخمر أو تارك الصلاة بل لا يبعد أن يستفاد من الرواية اشتراط العدالة.

لكن لا يمكن الالتزام به للقطع بالخلاف كما أن السيرة قائمة عليه اضف الي ذلك ان الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي

علي بن الحسن بن الفضال مع النقاش في أبي خديجة حيث ان الشيخ قدس سره ضعفه فيكون معارضا مع التوثيق الوارد بالنسبة الي الرجل.

و منها: ما رواه داود الصرمي قال: سألته عن شارب الخمر يعطي من الزكاة شيئا؟ قال: لا «1» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز اعطاء الزكاة شارب الخمر و الرواية ضعيفة بالصرمي.

و منها: ما رواه بشر بن بشار قال: قلت للرجل يعني أبا الحسن عليه السلام:

ما حد المؤمن الذي يعطي من الزكاة؟ قال: يعطي المؤمن ثلاثة آلاف ثم قال:

أو عشرة آلاف و يعطي الفاجر بقدر لان المؤمن ينفقها في طاعة اللّه و الفاجر في معصية اللّه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي أن المستفاد منها التفصيل بين المؤمن و الفاجر في المقدار فالنتيجة: انه لا وجه لما افيد في المقام من القيود و المرجع اطلاق الادلة كتابا و سنة.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه و أما وجوبه فلا أري وجها له و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 492

[الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته علي المعطي كالأبوين و إن علوا و الأولاد و إن سفلوا]
اشارة

الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته علي المعطي كالأبوين و ان علوا و الاولاد و ان سفلوا من الذكور أو الاناث و الزوجة الدائمة اذا لم تسقط نفقتها و المملوك فلا يجوز اعطائهم منها للإنفاق (1).

______________________________

(1) اجماعا كما نقل عن غير واحد و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الاب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «1».

و منها: ما

رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسي عليه السلام في حديث قال: قلت: فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتي لا أحتسب الزكاة عليهم؟

فقال: أبوك و امك قلت: أبي و أمي قال: الوالدان و الوالد «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الزكاة يعطي منها الاخ و الاخت و العم و العمة و الخال و الخالة و لا يعطي الجد و لا الجدة «3».

و منها: ما رواه أبو طالب عبد اللّه بن الصلت عن عدة من أصحابنا يرفعونه الي أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: خمسة لا يعطون من الزكاة: الولد و الوالدان و المرأة و المملوك لأنه يجبر علي النفقة عليهم «4».

و يظهر من بعض النصوص ما يعارض دليل المنع لاحظ مكاتبة عمران بن اسماعيل بن عمران القمي قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام ان لي ولدا رجالا و نساء أ فيجوز أن اعطيهم من الزكاة شيئا؟ فكتب عليه السلام: ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 493

و يجوز اعطائهم منها لحاجة لا تجب عليه كما اذا كان للوالد أو للولد زوجة أو مملوك أو كان عليه دين يجب وفائه أو عمل يجب ادائه باجارة و كان موقوفا علي المال (1) و أما إعطائهم للتوسعة زائدا علي اللازمة

______________________________

ذلك جائز لك «1». و هذه الرواية ضعيفة بعمران.

و لاحظ مرسل محمد بن احمد عن بعض اصحابنا عن محمد بن جزك قال:

سألت الصادق عليه السلام: أدفع عشر مالي الي ولد ابنتي؟ قال: نعم لا بأس «2».

و المرسل

لا اعتبار به.

(1) لإطلاق دليل جواز الاعطاء و اختصاص دليل المنع بغير ذلك بتقريب: ان المستفاد من التعليل عدم جواز دفع الزكاة لأجل ما يلزم علي المالك و أما غيره كما هو المفروض فلا دلالة فيه و لرواية اخري لعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوه يكفيه مؤنته أ يأخذ من الزكاة فيوسع به ان كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج اليه؟ فقال:

لا بأس «3».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز اخذ الزكاة للتوسعة. و يمكن أن يناقش في الاطلاق بأنه يقيد بالمقيد و اللازم مراعاة دليل التقييد توسعة و تضييقا و مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الجواز مطلقا. و بعبارة اخري: قد علل عدم الجواز بهذه العلة المذكورة في الرواية و المفروض ان العلة باقية بحالها و أما حديث ابن الحجاج الثاني فهو ناظر الي جواز اخذ الزكاة من غير باذل النفقة و كلامنا في جواز اعطاء الزكاة و دفعها الي من تكون نفقته واجبة بالنسبة الي الدافع المالك و علي فرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 494

فالاحوط ان لم يكن أقوي عدم جوازه اذا كان عنده ما يوسع به عليهم (1).

______________________________

الاطلاق و شمول الدليل لمن يكون واجبا عليه النفقة يقيد بالنصوص المتقدمة فان المستفاد من تلك الروايات عدم جواز اعطاء الزكاة لواجب النفقة علي الاطلاق و اطلاق المقيد مقدم علي اطلاق المطلق فلاحظ.

(1) لم يظهر وجه التفصيل المذكور اذ المانع ان كان وجوب الانفاق عليهم فهو أمر مشترك بين كونه

قادرا علي التوسعة و عدمه و ان كان وجه المنع عدم وجوب الانفاق للتوسعة فهو أيضا مشترك فلا وجه للتفصيل و لا يبعد أن يقال: بالمنع علي الاطلاق لإطلاق دليل المنع.

و ربما يقال: ان المستفاد: من بعض النصوص جواز التوسعة لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له ألف درهم يعمل بها و قد وجب عليه فيها الزكاة و يكون فضله الذي يكسب بماله كفاف عياله لطعامهم و كسوتهم و لا يسعه لا دمهم و انما هو ما يقوتهم في الطعام و الكسوة قال: فلينظر الي زكاة ماله ذلك فليخرج منها شيئا قل أو كثر فيعطيه بعض من تحل له الزكاة و ليعد بما بقي من الزكاة علي عياله فليشتر بذلك ادامهم و ما يصلحهم من طعامهم في غير اسراف و لا يأكل هو منه فانه رب فقير أسرف من غني فقلت: كيف يكون الفقير أسرف من الغني؟ فقال: ان الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل له ثمانمائة درهم و لابن له مأتا درهم و له عشر من العيال و هو يقوتهم فيها قوتا شديدا و ليس له حرفة بيده انما يستبضعها فتغيب عنه الاشهر ثم يأكل من فضلها أ تري له اذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها علي عياله يتسع عليهم بها النفقة؟ قال: نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 495

[مسألة 62: يجوز لمن وجبت نفقته علي غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه اذا لم يكن قادرا علي الانفاق]

(مسألة 62): يجوز لمن وجبت نفقته علي غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه

اذا لم يكن قادرا علي الانفاق أو لم يكن باذلا (1) بل و كذا اذا كان باذلا مع المنة غير القابلة للتحمل عادة (2) و الاقوي عدم وجوب الانفاق عليه مع بذل الزكاة (3) و لا يجوز للزوجة

______________________________

و لكن يخرج منها الشي ء الدرهم «1».

و لا يبعد أن يكون المراد من الزكاة في هذين الحديثين و أمثالهما زكاة مال التجارة فلا ترتبط بالمقام نعم يظهر من خير اسحاق بن عمار «2» جواز اعطاء الزكاة للأب لقضاء دينه فلاحظ.

(1) اذ مع عدم امكان الانفاق علي من يجب عليه أو مع عدم انفاقه يكون واجب النفقة فقيرا فيجوز له أخذ الزكاة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن «3» فان دلالة الحديث علي المقام بالاولوية.

(2) اذ حرمة أخذها في الصورة المفروضة حرجية و التكليف الحرجي مرفوع في الشريعة.

(3) بتقريب: ان وجوب الانفاق يتوقف علي فقره و احتياجه و مع بذل الزكاة و دفعها اليه لا يكون محتاجا. ان قلت: جواز دفع الزكاة اليه يتوقف علي عدم انفاق من تجب عليه نفقته فيتوقف كل من الجانبين علي الجانب الاخر و هذا دور قلت: المفروض كون المورد فقيرا و موردا لصرف الزكاة فيه فيجوز له اخذ الزكاة.

و بعبارة اخري: جواز اعطائه من الزكاة يتوقف علي فقره و المفروض فقره فلا يكون التوقف من الطرفين كي يلزم الدور. و بعبارة واضحة: جواز دفع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 480

(3) لاحظ ص: 493

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 496

أن تأخذ من الزكاة مع بذل الزوج للنفقة (1) بل مع امكان اجباره اذا كان ممتنعا (2).

[مسألة 63: يجوز دفع الزكاة إلي الزوجة المتمتع بها]

(مسألة 63): يجوز دفع الزكاة الي الزوجة المتمتع بها سواء كان الدافع الزوج أو غيره

و كذا الدائمة اذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه (3) أما اذا كان بالنشوز ففيه اشكال و الاظهر العدم (4).

[مسألة 64: يجوز للزوجة دفع زكاتها الي الزوج]

(مسألة 64): يجوز للزوجة دفع زكاتها الي الزوج و لو كان للإنفاق عليها (5).

[مسألة 65: إذا عال بأحد تبرعا جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه]

(مسألة 65): اذا عال بأحد تبرعا جاز للمعيل و لغيره دفع

______________________________

الزكاة يتوقف علي فقره و وجوب الانفاق يتوقف علي عدم اعطائه الزكاة فلاحظ.

(1) اذ المفروض انها لا تكون محتاجة مع بذل الزوج نفقتها.

(2) اذ مع امكان الاجبار يكون كالدائن الذي يمتنع المديون من اداء دينه و يمكن اجباره علي الاداء بلا محذور و ان شئت قلت: انها تكون غنية بالقوة كالمحترف الذي يمكنه تحصيل معاشه فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان المقتضي للجواز و هو الفقر مع بقية الشرائط موجود و لا مانع اذ ليس المورد من موارد واجب النفقة فان الانقطاع لا يقتضي وجوب الانفاق كما ان الدائمة الساقط وجوب نفقتها بالشرط أو غيره مثله في هذه الجهة.

(4) لأنها يمكنها تحصيل مؤنتها بالرجوع فترجع فتأمل.

(5) لوجود المقتضي و عدم المانع.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 497

الزكاة اليه (1) من غير فرق بين القريب و الاجنبي (2).

[مسألة 66: يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته إذا كان عاجزا عن الإنفاق عليه]

(مسألة 66): يجوز لمن وجب الانفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته اذا كان عاجزا عن الانفاق عليه (3) و ان كان الاحوط استحبابا الترك (4).

[الرابع: أن لا يكون هاشميا إذا كانت الزكاة من غير هاشمي]
اشارة

الرابع: أن لا يكون هاشميا اذا كانت الزكاة من غير هاشمي (5).

______________________________

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع و أما رواية أبي خديجه «1» فلا اعتبار بها سندا.

(2) لعدم الدليل علي التفرقة فلاحظ.

(3) لعدم دليل علي المنع.

(4) يمكن أن يكون الوجه الخروج عن شبهة الخلاف و علي فرض احتمال عدم الجواز لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه بناء علي أن مقتضي الجمع بين اخبار الاحتياط و البراءة استحباب الاحتياط.

(5) قال في الجواهر- علي ما نقل عنه-: «بلا خلاف اجده فيه بين المؤمنين بل و بين المسلمين بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه متواتر كالنصوص التي اعترف غير واحد انها كذلك» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة أوساخ أيدي الناس و ان اللّه قد حرم علي منها و من غيرها ما قد حرمه و ان الصدقة لا تحل

______________________________

(1) لاحظ ص: 490

(2) لاحظ ص: 470

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 498

و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام (1) حتي سهم العاملين و سبيل اللّه (2) نعم لا بأس بتصرفهم في الاوقاف العامة اذا كانت من الزكاة مثل المساجد و منازل الزوار و المدارس و الكتب و نحوها (3).

______________________________

لبني

عبد المطلب الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم «2».

و منها: ما رواه ابراهيم الاوسي عن الرضا عليه السلام في حديث ان رجلا قال لأبيه: أ ليس الصدقة محرمة عليكم فقال: بلي «3».

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في صحيفة الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انا اهل بيت لا تحل لنا الصدقة الحديث «4» و منها غيرها.

(1) للإطلاق الموجود في النصوص الواردة في المقام.

(2) لاحظ حديث العيص «5».

(3) بلا اشكال كغيرهم من بقية الناس و السر فيه ان دليل المنع لا يشمل مثل هذه الامور فان صرف الزكاة في المسجد لا يكون صرفا في الهاشمي بل صرف في سبيل اللّه و المسجد و كذا الموقوف العام لعموم الناس. اضف الي ذلك ان السيرة جارية علي هذه الانتفاعات من هذه المذكورات بلا نكير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) لاحظ ص: 490

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 499

[مسألة 67: يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي]

(مسألة 67): يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي (1) من دون فرق بين السهام أيضا (2) كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار (3) و في تحديد الاضطرار اشكال و قد ذكر جماعة من العلماء ان المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية و هو أيضا مشكل و الاحوط تحديده بعدم كفاية الخمس و سائر الوجوه يوما

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنص الخاص لاحظ رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام انه قال: لو حرمت علينا الصدقة لم يحل لنا أن نخرج الي مكة لان كل ماء بين مكة و المدينة فهو صدقة «1».

(1) اجماعا بقسميه- كما عن الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها لبني هاشم و بني عبد المطلب «2».

و منها: ما رواه القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان صدقات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صدقات علي بن ابي طالب عليه السلام تحل لبني هاشم «3» و منها غيرهما المذكور في الوسائل في الباب 32 من أبواب المستحقين.

(2) للإطلاق المنعقد في جملة من النصوص فلاحظ.

(3) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي رواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي الي صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ثم قال: ان الرجل اذا لم يجد شيئا حلت له الميتة

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 500

فيوما مع الامكان (1).

[مسألة 68: الهاشمي هو المنتسب شرعا إلي هاشم بالأب دون الأم]

(مسألة 68): الهاشمي هو المنتسب شرعا الي هاشم بالاب دون الام (2) و أما اذا كان منتسبا اليه بالزنا فيشكل اعطاؤه من زكاة

______________________________

و الصدقة لا تحل لأحد منهم الا أن لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة «1».

(1) ما ذكر في كلمات الاصحاب في مقام بيان التحديد لا دليل عليه و تحقق الاجماع التعبدي علي أن الحد عدم كفاية الخمس

في غاية الاشكال فلا بد من الاقتصار علي ما يستفاد من رواية زرارة و المستفاد منها ان الصدقة للهاشمي بحكم أكل الميتة فلا بد من الاقتصار علي أقل ما يمكن فما أفاده في المتن صحيح بل القاعدة تقتضي أن يقتصر علي أقل ما يمكن و لكن الاشكال كل الاشكال في مدرك اصل الحكم فان رواية زرارة المشار اليها ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال و الظاهر انه لا مدرك لهذا الحكم الا هذه الرواية فلا دليل علي الجواز حتي مع الضرورة.

(2) هذا هو المشهور بين القوم و نسب الخلاف الي المرتضي قدس سره بتقريب:

ان المنتسب بالام يطلق عليه الولد و الابن. و الكلام ليس في صدق عنوان الولد و الابن علي المنتسب بالام اذ لا شك في الصدق و لذا يصدق علي أولاد فاطمة عليها السلام انهم أولاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

و يدل علي المدعي انه يترتب أحكام الاولاد علي أولاد البنت بل الكلام في أن موضوع الزكاة الوارد في النصوص هل يصدق علي من انتسب الي الهاشم بالام أم لا؟ و هذا هو العمده فنقول: الوارد في النصوص الدالة علي عدم الجواز عنوان ولد عبد المطلب أو ولد عباس أو بنو هاشم أو بنو عبد المطلب أو الهاشمي

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 501

غير الهاشمي و كذا الخمس (1).

[مسألة 69: المحرم من صدقات غير الهاشمي علي الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة]

(مسألة 69): المحرم من صدقات غير الهاشمي علي الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة أما الصدقات المندوبة فليست محرمة بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ورد المظالم و مجهول المالك و اللقطة و منذور الصدقة و الموصي به للفقراء (2).

______________________________

و هذه

العناوين تصدق علي المنتسب الي عبد المطلب أو عباس أو هاشم بالاب لا بالام و علي فرض الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل عدم الصدق.

اضف الي ذلك انه لو كان الانتساب بالام كافيا في صدق الموضوع و حرمة الصدقة يلزم أن تكون الزكاة حراما لأكثر الناس اذ قلما ينفق ان شخصا لا يصل نسبه من قبل امه الي هاشم فانه يكفي لصدق الانتساب وجود امرأة هاشمية في سلسلة نسبه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

اضف الي ذلك كله السيرة الجارية علي اعطاء الزكاة المنتسب بالام الي هاشم من غير نكير و يؤيد المدعي مرسل حماد عن العبد الصالح عليه السلام في حديث طويل قال: و من كانت امه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فان الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي ء فان اللّه يقول: ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ «1».

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن مقتضي الصناعة ان ولد الزنا يترتب عليه جميع الاحكام الا ما خرج بالدليل كالإرث مثلا فالمتولد من الهاشمي بالزنا هاشمي يترتب جميع الاحكام المترتب علي الهاشمي عليه و أما كون الولد للفراش فهو حكم لمورد الشك و أما مع العلم فلا مجال للتمسك بقاعدة الفراش كما هو ظاهر.

(2) قال في الحدائق: «ظاهر كلام جملة من الاصحاب الاتفاق علي جواز

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب المستحقين

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 502

______________________________

اخذ الهاشمي الصدقة المندوبة و نقل عن العلامة في المنتهي انه نسبه الي علمائنا و أكثر العامة» «1» الي آخره و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية ان الصدقة المحرمة هي الصدقة الواجبة فالصدقة المندوبة

لا تحرم. و لكن المستفاد من الرواية ان الصدقة علي اطلاقها لا تحرم علي الهاشمي. و بعبارة اخري: المقدار المستفاد من الرواية ان الموقوفات العامة لا تحرم علي الهاشمي و أما الزائد علي هذا المقدار فلا يستفاد من الحديث.

و مقتضي جملة من النصوص حرمة الصدقة علي الاطلاق لاحظ ما رواه عيص «3».

فان هذا الاطلاق محكم الا أن يقوم دليل علي الجواز في مورد. و منها: ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة «4».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الصدقة المحرمة ما يكون من أوساخ الناس و ما يكون كذلك منحصر في زكاة المال الواجبة. و فيه: انه لا دليل علي الاختصاص و مقتضي اطلاق كلامه عليه السلام ان الصدقة اوساخ ايدي الناس علي الاطلاق.

و منها: ما رواه جعفر بن ابراهيم الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: أ تحل الصدقة لبني هاشم؟ فقال: انما (تلك) الصدقة الواجبة علي الناس لا تحل لنا فأما غير ذلك فليس به بأس و لو كان كذلك ما استطاعوا أن

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 217

(2) لاحظ: ص 499

(3) لاحظ ص: 470

(4) لاحظ ص: 497

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 503

[مسألة 70: يثبت كونه هاشميا بالعلم و البينة و بالشياع الموجب للاطمينان]

(مسألة 70) يثبت كونه هاشميا بالعلم (1) و البينة (2) و بالشياع الموجب للاطمينان (3).

______________________________

يخرجوا الي مكة هذه المياه عامتها صدقة «1». و هذه الرواية تامة من حيث الدلالة علي المدعي لكنها ضعيفة سندا بجعفر بن ابراهيم.

و منها: ما رواه أبو اسامة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم فقال: هي الزكاة المفروضة و لم يحرم علينا صدقة بعضنا علي بعض «2» بتقريب: ان المستفاد منه ان المحرم

الزكاة المفروضة و فيه: ان الرواية ضعيفة بمفضل بن صالح.

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصدقة التي حرمت علي بني هاشم ما هي؟ فقال: هي الزكاة قلت:

فتحل صدقة بعضهم علي بعض؟ قال: نعم «3». و التقريب هو التقريب لكن الرواية ضعيفة باسماعيل بن الفضل الهاشمي.

و مما ذكرنا ظهر الحال في الصدقات الواجبة فان ثبت اجماع تعبدي كاشف عن الجواز فهو و الا يشكل الالتزام به الا أن يقال: ان السيرة جارية علي دفع غير زكاة المال و زكاة الفطرة الي السيد لكن هل يمكن اثبات جريان السيرة المدعاة الي زمان المعصومين عليهم السلام و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) فان العلم حجة بالذات و بلا توقف علي الجعل.

(2) اذ لا اشكال في حجية البينة في الموضوعات.

(3) لان الاطمينان حجة عقلائية ممضاة من قبل الشارع الاقدس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب المستحقين الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 504

و لا يكفي مجرد الدعوي (1) و في براءة ذمة المالك اذا دفع الزكاة اليه حينئذ اشكال و الاظهر عدم البراءة (2).

[فصل في بقية أحكام الزكاة]

اشارة

فصل في بقية أحكام الزكاة.

[مسألة 71: لا يجب البسط علي الأصناف الثمانية علي الاقوي]

(مسألة 71): لا يجب البسط علي الاصناف الثمانية علي الاقوي و لا علي أفراد صنف واحد و لا مراعاة أقلّ الجمع فيجوز اعطائها لشخص واحد من صنف واحد (3).

______________________________

(1) لعدم دليل علي الكفاية نعم لو كان ثقة لا يبعد أن يقال: باعتبار ادعائه من باب حجية قول الثقة في الموضوعات لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب بأن دليل الاعتبار السيرة العقلائية و تحقق السيرة بالنسبة الي مورد يكون قوله راجعا الي جلب نفع الي نفسه أو دفع ضرر عنها أول الاشكال و الكلام.

(2) لا أري وجها للإشكال اذ مقتضي الاصل عدم كونه هاشميا و المفروض جواز اعطاء الزكاة لغير الهاشمي.

(3) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في عدم وجوب البسط علي الاصناف و انه يجوز تخصيص جماعة من كل صنف أو صنف واحد بل شخص واحد من بعض الاصناف» «1» الي آخر كلامه. و عن المدارك: «انه لا اشكال فيه لأنه موضع نص و وفاق» و عن التذكرة: «انه مذهب علمائنا اجمع».

و عن الجواهر: «الاجماع بقسميه عليه».

و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق الكتاب «2» فان اللام في الاية الشريفة للمصرف و ليست للملك و الشاهد علي المدعي عطف الرقاب و سبيل اللّه

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 224

(2) لاحظ ص: 448

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 505

______________________________

و ابن السبيل المجرورة بحرف الظرفية لامتناع تقديم (اللام) و كون الصرف علي وجه التوزيع خلاف الاطلاق مضافا الي أنه علي فرض تسلم ظهور الاية ترفع اليد عنه بالنصوص الواردة في المقام التي نذكرها الان إن شاء اللّه تعالي فنقول:

تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أحمد بن أبي حمزة قال:

قلت لأبي الحسن عليه السلام: رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك و له زكاة أ يجوز له أن يعطيهم جميع زكاته؟

قال: نعم «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال:

قلت له: لي قرابة اتفق علي بعضهم و افضل بعضهم علي بعض فيأتيني ابان الزكاة أ فأعطيهم منها؟ قال: مستحقون لها؟ قلت: نعم قال: هم أفضل من غيرهم أعطهم الحديث «2». و منها: ما رواه زرارة «3».

و منها: ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال لعمرو بن عبيد في احتجاجه عليه: ما تقول في الصدقة؟ فقرأ عليه الاية «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا» الي آخر الاية قال:

نعم فكيف تقسمها؟ قال: اقسمها علي ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء من الثمانية جزء قال: و ان كان صنف منهم عشرة آلاف و صنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال: نعم قال: و تجمع صدقات أهل الحضر و أهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟ قال: نعم قال: فقد خالفت

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ: ص 466

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 506

[مسألة 72: يجوز نقل الزكاة من بلد الي غيره]

(مسألة 72): يجوز نقل الزكاة من بلد الي غيره (1).

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في كل ما قلت في سيرته كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر و لا يقسمها (يقسمه) بينهم بالسوية و انما يقسمها (يقسمه) علي قدر ما يحضرها منهم و ما يري

(و) ليس عليه في ذلك شي ء موقت موظف و انما يصنع ذلك بما يري علي قدر من يحضرها منهم «1».

و منها: ما رواه علي بن يقطين أنه قال لأبي الحسن الاول عليه السلام: يكون عندي المال من الزكاة فأحج به موالي و أ فاربي؟ قال: نعم لا بأس «2».

و أما خبر حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن «قسم» بيت المال فقال: أهل الإسلام هم ابناء الإسلام اسوي بينهم في العطاء و فضائلهم بينهم و بين اللّه اجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله و صلاحه في الميراث علي آخر ضعيف منقوص قال: و هذا هو فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في بدو أمره و قد قال غيرنا: اقدمهم في العطاء بما قد فضلهم اللّه بسوابقهم في الإسلام اذا كان بالاسلام قد أصابوا ذلك فانزلهم علي مواريث ذوي الارحام بعضهم أقرب من بعض و أوفر نصيبا لقربه من الميت و انما ورثوا برحمهم و كذلك كان عمر يفعله «3». فعلي فرض دلالته علي خلاف المدعي لا يترتب عليه أثر لضعف سنده بعلي بن محمد القاساني.

(1) كما في حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الزكاة يقسمها أله أن يخرج الشي ء منها من البلدة التي هو فيها (بها) الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 507

______________________________

غيرها؟ فقال: لا بأس به «1»

و في حديث أحمد بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن

الرجل يخرج زكاته من بلد الي بلد آخر و يصرفها في اخوانه فهل يجوز ذلك؟ قال: نعم «2».

و ربما يقال: بعدم جواز النقل مع وجود المستحق في البلد. و في الحدائق:

«انه المشهور و اسنده في التذكرة الي علمائنا اجمع «3» و استدل علي هذا القول بوجوه:

الاول: الاجماع و فيه: انه كيف يمكن دعوي الاجماع مع ذهاب جماعة كثيره علي ما نسب اليهم الي القول الاول منهم الشيخان و الحلبي و ابنا زهرة و حمزة و العلامة و الشهيد الاول بل علي ما في كلام بعض الاصحاب ان القول الاول منسوب الي أكثر المتأخرين.

الثاني: ان في النقل خطر التلف. و فيه: انه اخص من المدعي مضافا الي أن الخطر يجبر بالضمان.

الثالث: ان النقل مناف مع الفورية. و فيه: مضافا الي أنه اخص من المدعي ان وجوب الفورية أول الكلام فان النص قائم علي جواز النقل.

الرابع: ان مقتضي حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحل صدقه المهاجرين للأعراب و لا صدقة الاعراب في المهاجرين «4»، حرمة

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الحدائق ج 12 ص: 239

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 508

لكن اذا كان المستحق موجودا في البلد كانت مؤنة النقل عليه (1) و ان تلفت بالنقل يضمن (2) و لا ضمان مع التلف بغير تفريط اذ لم يكن في البلد مستحق (3) كما لا ضمان اذا و كله الفقيه في قبضها عنه فقبضها

______________________________

صدقة المهاجرين علي الاعراب و صدقة الاعراب علي المهاجرين كما أن مقتضي حديث عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر الحديث «1»، حرمة صدقة أهل البوادي علي أهل الحضر و حرمة صدقة أهل الحضر علي أهل البوادي.

و فيه: اولا: ان هذا اخص من المدعي اذ يمكن ان ينقل و يدفع الي من يجب دفعه اليه. و بعبارة اخري: لا تنافي بين الامرين و ثانيا: انه لا اشكال في عدم وجوب رعاية المقدار المذكور في الحديثين.

الخامس: ان مقتضي بعض النصوص الضمان بالنقل مع وجود المستحق في البلد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتي تقسم؟ فقال: اذا وجد لها موضعا فلم يدفعها اليه فهو لها ضامن حتي يدفعها و ان لم يجد لها من يدفعها اليه فبعث بها الي أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده و كذلك الوصي الذي يوصي اليه يكون ضامنا لما دفع اليه اذا وجد ربه الذي أمر بدفعه فان لم يجد فليس عليه ضمان «2». و فيه: ان الضمان لا يستلزم حرمة النقل.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ لا وجه لاحتسابها علي الزكاة.

(2) كما نص به في حديث ابن مسلم المتقدم ذكره آنفا.

(3) اذ لا مقتضي للضمان و ليس علي الامين الا اليمين مضافا الي النص الخاص

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 509

ثم نقلها بأمره (1) و اجرة النقل حينئذ علي الزكاة (2).

[مسألة 73: إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده]

(مسألة 73): اذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في

بلده و لو مع وجود المستحق فيه (3) و كذا اذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة اذا كان فقيرا و لا اشكال في شي ء من ذلك (4).

[مسألة 74: إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك]

(مسألة 74): اذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك (5) و ان تلف بعد ذلك بتفريط أو بدونه أو دفعها الي غير المستحق (6).

______________________________

لاحظ حديث ابن مسلم المتقدم ذكره.

(1) اذ قبضه باذن الفقيه بالوكالة كقبض الفقير و بعبارة اخري بقبض ولي الفقير أي الحاكم الشرعي تبر أذمة المالك و يخرج عن المسئولية غاية الامر اذا فرط يكون ضامنا و الا فلا فلاحظ.

(2) اذ لا وجه لكونها علي المالك.

(3) لإطلاق الادلة فان مقتضي اطلاق اداء الزكاة من غيرها جوازه في مفروض المسألة و يمكن أن يقال: بأنه لا يصدق عليه النقل و علي فرض صدقه قد مر قريبا انه لا دليل علي حرمة النقل.

(4) قد تقدم في المسألة (56) انه يجوز احتساب الدين من الزكاة و المقام من مصاديق ذلك الكلي فلاحظ.

(5) بتقريب: ان قبضه قبض المستحق لأنه ولي الفقير.

(6) اذ بعد قبض الحاكم الشرعي تحقق ما هي وظيفة المالك و لا مقتضي بعد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 510

[مسألة 75: لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب]

(مسألة 75): لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب (1).

______________________________

قبضه لضمان المالك و ان شئت قلت: قبض الحاكم كقبض المستحق و هل يتوهم ضمان علي المالك بعد قبض المستحق.

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب رضوان اللّه عليهم انه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل وقتها» الي أن قال «و نقل عن ظاهر ابن أبي عقيل و سلار جواز التعجيل» «1» الي آخر كلامه.

و قول المشهور مقتضي القاعدة الاولية فان الاتيان بالعمل قبل تعلق الوجوب به و قبل وقته لا يكون مصداقا للمأمور به و لا يكون مجزيا. اضف الي ذلك النص الخاص الدال علي المنع لاحظ ما رواه محمد الحلبي قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يفيد المال قال: لا يزكيه حتي يحول عليه الحول «2».

و ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون عنده المال أ يزكيه اذا مضي نصف السنة؟ فقال: لا و لكن حتي يحول عليه الحول و يحل عليه انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الا لوقتها و كذلك الزكاة و لا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء و كل فريضة انما تؤدي اذا حلت «3».

و ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ يزكي الرجل ماله اذا مضي ثلث السنة؟ قال: لا أ يصلي الاولي قبل الزوال؟ «4».

و يمكن الاستدلال علي القول الاخر بجملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص 232

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 511

______________________________

في شهر رمضان فيؤخرها الي المحرم قال: لا بأس قال: قلت: فانها لا تحل عليه الا في المحرم فيجعلها في شهر رمضان قال: لا بأس «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن رجل حال عليه الحول و حل الشهر الذي كان يزكي فيه و قد أتي لنصف ماله سنة و لنصف الاخر ستة أشهر قال: يزكي الذي مرت عليه سنة و يدع الاخر حتي تمر عليه سنة قلت: فانه اشتهي أن يزكي ذلك قال: ما أحسن ذلك «2».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «3».

فيقع التعارض بين الجانبين و يمكن أن يقال ان النصوص الدالة علي القول الثاني متعارضة بنفسها فان المستفاد من حديث أبي بصير جواز التقديم قبل ستة أشهر و المستفاد من حديث معاوية بن عمار جواز تقديمها قبل أربعة أشهر و المستفاد من حديث حماد عدم الجواز الا مقدار شهرين فتلك النصوص بالتعارض تتساقط و تبقي النصوص الدالة علي عدم الجواز سالمة عن المعارض.

و أفاد في الحدائق: ان الطائفة الثانية تحمل علي التقية لكونها موافقة مع قول أبي حنيفة و الشافعي و أحمد. و لكن يشكل بأن ترجيح احد الطرفين يتوقف علي عدم امكان الجمع العرفي و حيث ان النصوص الدالة علي الجواز مقيدة يمكن تخصيص النصوص المانعة بها الا أن يقال: النصوص متعارضة بحسب الفهم العرفي فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 512

نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضا قبل وقت الوجوب فاذا جاء الوقت احتسبه زكاة (1) بشرط بقائه علي صفة الاستحقاق (2) كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها الي غيره و يبقي ما في ذمة الفقير قرضا (3) و اذا أعطاه قرضا فزاد عند المقترض زياده متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك و كذلك النقص عليه اذا نقص (4).

______________________________

المستفاد من طائفة منها انه لا يجوز الدفع الا بعد حلول الحول و المستفاد من الطائفة الاخري جواز التعجيل و الظاهر ان الترجيح مع ما دل علي عدم جواز التقديم فانا بنينا في بحث التعادل و الترجيح ان الترجيح فيما يكون مخالفا لأخبار العامة بمقتضي حديث عبد الرحمن

بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه و ما خالف أخبارهم فخذوه «1» و المستفاد من كلام صاحب الحدائق قدس سره انه روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله ترخيص تعجيل الصدقة فالرواية المانعة فيها الترجيح فلاحظ.

(1) قد تقدم في الفرع (56) جواز احتساب الدين زكاة.

(2) اذ مع عدم بقائه علي صفة الاستحقاق لا يكون الموضوع باقيا و مع عدم بقائه لا يترتب عليه الحكم.

(3) لان المالك مختار و لا دليل علي وجوب الاحتساب.

(4) اذ الزيادة و النقيصة تابعتان للعين و المفروض ان العين مملوكة للمقترض فتكونان له و عليه.

كتاب ناقص است درصدها فرضي است

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 529

كتاب ناقص است درصدها فرضي است

[فصل في زكاة الفطرة]

[مسائل]

اشارة

فلا تجب علي الصبي و المملوك و المجنون، و الفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلا اوقوة، كما تقدم في زكاة الاموال، و في اشتراط الوجوب بعدم الاغماء اشكال و الاحوط عدم الاشتراط (1)، و يعتبر اجتماع الشرائط آنا ما قبل الغروب ليلة العيد الي أن يتحقق الغروب فاذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، أو مقارنا للغروب لم تجب و كذا اذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب (2) و ان كان يستحب

______________________________

مضافا الي انه قدس سره «1» عد الرجل في أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني يونسي ضعيف أضف الي ذلك كله انه ليس دأب الشيخ في توثيقه و

تضعيفه بيان العلة فالنتيجة ان الرواية مخدوشة مضافا الي الاجماع المدعي بقسميه في المقام.

(1) لو قام اجماع تعبدي علي عدم الوجوب بالنسبة الي من اغمي عليه عند الهلال فهو و الا فيشكل اذ لا دليل لفظي يقتضي اشتراط وجوبها بعدم الاغماء عند الهلال فعليه نقول لو استمر الاغماء به من اول وقت الوجوب الي آخره لا تكون واجبة عليه لعدم الدليل علي الوجوب اذ المفروض انه لا مجال للتكليف حال الاغماء و أما وجوب القضاء عليه بعد مضي الوقت فلا دليل عليه اذ وجوب القضاء بامر جديد لا بالامر الاول و لا دليل علي وجوب القضاء و أما لو كان الاغماء في اول الوقت ثم ارتفع فيمكن القول بوجوبها عليه فالحق هو التفصيل المذكور.

(2) ان قام اجماع تعبدي علي ما ذكر فهو و الا فيشكل اتمام المدعي بالدليل اذ النص الوارد في المقام روايتان: الاولي ما رواه معاوية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المولود يولد ليلة الفطر و اليهودي و النصراني يسلم ليلة الفطر قال: ليس عليهم

______________________________

(1) معجم رجال الحديث ج 17 ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 530

اخراجها اذا اجتمعت بعد الغروب الي ما قبل الزوال يوم العيد (1).

______________________________

فطرة، و ليس الفطرة الا علي من أدرك الشهر «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة و بضعف اسناد الصدوق الي الرجل و لا يخفي ان المذكور في الفقيه (علي بن أبي حمزة) فنسخة الوسائل غلط.

الثانية: ما رواه معاوية بن عمار أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا قد خرج الشهر و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا

«2».

و هذه الرواية تدل علي أن المولود لو لم يدرك شهر رمضان لا تجب عليه الفطرة و كذلك تدل علي أن الكافر اذا أسلم بعد دخول ليلة الفطر لا تجب عليه الفطرة فالرواية انما تدل علي اشتراط ادراك شهر رمضان بالنسبة الي اصل الوجود و بالنسبة الي الإسلام و اما بالنسبة الي بقية الشرائط فلا تدل الرواية عليها فلا بد من تحقق اجماع تعبدي و عن الجواهر ان عليه الاجماع بقسميه.

(1) في المقام روايتان: الاولي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة «3».

فان المستفاد من هذه الرواية وجوب اخراج الفطرة عن كل فرد من أفراد العائلة بشرط ادراك صلاة العيد و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي ابن مسلم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 1 و من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 116 ح 500

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 531

و في صورة مقارنة اجتماعها للغروب اشكال فاللازم الاحتياط (1).

[مسألة 86: يستحب للفقير إخراجها أيضا]

(مسألة 86): يستحب للفقير اخراجها أيضا (2) و اذا لم يكن عنده الا صاع تصدق به علي بعض عياله، ثم هو علي آخر يديرونها

______________________________

الثانية: مرسل الشيخ، قال: و قد روي أنه ان ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة و كذلك من أسلم قبل الزوال «1».

بتقريب ان المستفاد من الخبر ان المولود اذا ولد قبل الزوال تجب عليها الفطرة و كذلك الكافر اذا أسلم قبل الزوال

من يوم العيد و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به فلا دليل علي الاستحباب.

(1) اذ المستفاد من حديث معاوية بن عمار «2» اشتراط ادراك الشهر فاجتماع الشرائط مقارنا للغروب لا اثر له.

(2) عن الجواهر: «ان عليه الاجماع بقسميه» و استدل علي المدعي. بما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أعلي من قبل الزكاة زكاة؟

فقال: أما من قبل زكاة المال فان عليه زكاة الفطرة، و ليس عليه لما قبله زكاة، و ليس علي من يقبل الفطرة فطرة «3».

و ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الفقير الذي يتصدق عليه هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم يعطي مما يتصدق به عليه «4».

بتقريب: ان مقتضي النصوص الدالة علي عدم الوجوب حمل معارضها علي الاستحباب و قد تقدم ان الحديثين مخدوشان سندا مضافا الي أنه لو سلم المعارضة يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 530

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 532

بينهم (1) و الاحوط عند انتهاء الدور التصدق علي الاجنبي (2) كما أن

______________________________

الترجيح مع النصوص الدالة علي عدم الوجوب حيث ان العامة علي ما في «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية ذهبوا الي عدم اشتراط الغني في وجوب زكاة الفطرة «1».

و لما انجر الكلام الي هنا ينبغي التعرض لنكتة و هي: ان المستفاد من حديث عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم

تجد و هما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه، و ما خالف أخبارهم فخذوه. «2»، ان المرجح كون الرواية مخالفة مع حديث العامة، فمجرد المخالفة مع اقوالهم لا اثر له.

و الوجه في هذه الدعوي ان النصوص الدالة علي الترجيح بالمخالفة مع القوم كلها ضعيفة الا هذه الرواية و الميزان في هذا الحديث كما تري كون الرواية مخالفة مع اخبارهم لا أقوالهم الا أن يقال ان العرف يفهم و لو بمناسبة الحكم مع الموضوع ان الميزان في الترجيح بالمخالفة معهم و بعبارة اخري المدار صدق التقية بلا فرق بين الموارد فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل لا يكون عنده شي ء من الفطرة الا ما يؤدي عن نفسه وحدها، أ يعطيه غريبا (عنها) أو يأكل هو و عياله؟ قال: يعطي بعض عياله ثم يعطي الاخر عن نفسه يترددونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحده «3».

(2) بتقريب ان الظاهر من كون الفطرة الواحدة فطرة عن الجميع المصرح

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الخمسة ص: 215- 216

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 533

الاحوط اذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه (1).

[مسألة 87: إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه]

(مسألة 87): اذا اسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه (2).

______________________________

به في الموثقة خروجها عنهم جميعا الي غيرهم اذ لو رجعت الي احدهم لم يصدق كونها فطرة واحدة عن الجميع و قد صرح عليه السلام في آخر الرواية «فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة». و يرد عليه انه مصادرة بالمطلوب و لا يتوقف ما قاله

عليه السلام علي اخراجها بل يصدق علي الترديد بدون الاخراج عنهم.

(1) اذ لو قبل الولي الفطرة للصغير يشكل التصرف فيها بعد صيرورتها ملكا له و بعبارة اخري اذا صارت ملكا للصغير يتوقف التصرف فيها علي الاذن الشرعي و كون التصرف علي طبق صلاح الصغير.

(2) كما يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا قد خرج الشهر، و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا «1» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي المدعي.

و لما انجر الكلام الي هنا لا بأس أن نتكلم في أن الكافر مكلف بالفروع كما يكون مكلفا بالاصول أم لا. فنقول ما يمكن أن يكون مدركا لكونه مكلفا بالفروع امور.

الامر الأول: الاجماع. و فيه ان المسألة خلافية مضافا الي أنه يمكن أن يكون مدركيا فلا يترتب عليه اثر.

الامر الثاني: قوله تعالي حكاية عن الكفار: «قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 534

______________________________

وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ. وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» «1».

بتقريب ان مورد الآيات الكفار لإنكارهم المعاد و مع ذلك يكون عذابهم لترك الصلاة و الزكاة فيستفاد من هذه الآيات الشريفة كون الكفار مكلفين بالفروع.

و اجاب عن هذا الاستدلال سيدنا الاستاد بأن المراد عدم كونهم من المصلين و المزكين عدم كونهم مسلمين فلا دلالة علي المدعي «2».

و يرد عليه ان ما افاده خلاف الظاهر، و الظواهر حجة ما دام لم يقم دليل علي خلافها.

الامر الثالث: قوله تعالي: «قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحيٰ إِلَيَّ أَنَّمٰا إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ

فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» «3».

فان المستفاد من الاية الشريفة ان الزكاة واجبة علي المشركين و أورد في الاستدلال بالآية سيدنا الاستاد بأن المراد عدم كونهم مسلمين. و يرد عليه ان الاية باعترافه تدل بالصراحة علي ان الويل لهم لأجل عدم دفعهم الزكاة فلا يمكن رفع اليد عن الاية الا مع قيام دليل قطعي علي الخلاف.

الامر الرابع: الآيات و الروايات المطلقة التي باطلاقها تشمل الكافر، و من تلك الآيات: قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» «4».

______________________________

(1) المدثر/ 43- 46

(2) فقه العترة في احكام الفطرة ص: 64

(3) فصلت/ 6 و 7

(4) البقرة/ 21

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 535

______________________________

و منها قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ وَ قُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ» «1».

و منها قوله تعالي: «قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ يٰا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لٰا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» «2».

الي غيرها من الأوامر و النواهي الواردة علي نحو الاطلاق أو العموم في الكتاب و السنة و هي كثيرة جدا و أجاب سيدنا الاستاد عن هذه الاطلاقات بأنها تحمل علي خصوص المؤمنين بقرينة جملة من الآيات التي تختص بهم و كذلك النصوص المختصة بعنوان المسلم أو المؤمن فبهذه المقيدات تقيد تلك الادلة العامة.

و يرد عليه انه قد ثبت في الاصول انه لا تنافي بين المثبتين و من ناحية اخري اللقب و الوصف لا مفهوم لهما، فأي تعارض بين الطرفين كي يحمل المطلق علي المقيد

ثم ان سيدنا الاستاد استدل علي عدم كونهم مكلفين بالفروع بدليلين آخرين.

احدهما: ان سيرة النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و الوصي عليه السلام كانت جارية علي عدم امر الكفار بالفروع بل كانا يقرانهم علي دينهم مع الجزية. و هذا يدل علي عدم كونهم مكلفين بالفروع.

و فيه انه يمكن أن يكون الوجه فيما افيد ان المصلحة الالهية كانت تقتضي ان يقتصر معهم علي هذا المقدار، و بعبارة اخري ربما تقتضي المصلحة المداراة و لذا كان النبي صلي اللّه عليه و آله يكتفي مع الكفار باخذ الجزية منهم. و علي الجملة

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الاعراف/ 29 و 30

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 536

______________________________

لا يفهم مما افاده عدم كون الكفار مكلفين بالفروع، مضافا الي أنه لا اشكال في أنهم كانوا مكلفين بالاصول و مع ذلك كان يكتفي باخذ الجزية منهم، فعدم التعرض لغير الجزية و الاكتفاء بها لا يقتضي عدم وجوب الزائد.

ثانيهما: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أخبرني عن معرفة الامام منكم واجبة علي جميع الخلق؟ فقال: ان اللّه عز و جل بعث محمدا صلي اللّه عليه و آله الي الناس أجمعين رسولا و حجة للّه علي جميع خلقه في أرضه، فمن آمن باللّه و بمحمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و اتبعه و صدقه فان معرفة الامام منا واجبة عليه و من لم يؤمن باللّه و برسوله و لم يتبعه و لم يصدقه و يعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الامام و هو لا يؤمن باللّه و رسوله و يعرف حقهما؟ قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن باللّه و رسوله و يصدق رسوله في جميع ما أنزل اللّه يجب علي اولئك

حق معرفتكم؟ قال: نعم أ ليس هؤلاء يعرفون فلانا و فلانا؟ قلت: بلي، قال: أ تري أن اللّه هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ و اللّه ما أوقع ذلك في قلوبهم الا الشيطان لا و اللّه ما الهم المؤمنين حقنا الا اللّه عز و جل «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الامر بالمعرفة متأخر رتبة عن معرفة اللّه و رسوله و الامر بمعرفة الامام مشروط بكون الشخص مسلما و معرفة الامام من فروع الدين و أعظمها فاذا لم تكن معرفة الامام واجبة قبل الإسلام مع كونها أعظم الفروع فبالطريق الاولي عدم وجوب بقية الفروع قبل تحقق الإسلام.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الرواية ان اتباع النبي صلي اللّه عليه و آله مشروط في وجوب معرفة الامام و الحال انه مقطوع الخلاف. و ثانيا: يمكن أن

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 كتاب الحجة باب معرفة الامام و الرد اليه الصفحة: 180 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 537

و لا تسقط عن المخالف اذا استبصر (1) و تجب فيها النية علي النهج المعتبر في العبادات (2).

______________________________

تكون ولاية الامام بلحاظ كونها في أعلي درجة الاعتبار تكون مشروطة بالاسلام اي قبل الإسلام لا يكون قابلا لتوجه خطاب التكليف بالولاية اليه.

و بعبارة واضحة يمكن ان يقال: ان المكلف قبل معرفة اللّه و رسوله لا يكون لايقا لان يتوجه اليه التكليف بالولاية. و أما بقية الفروع فليست كذلك و صفوة القول: ان ما افاده لا يقتضي رفع اليد عن العمومات الدالة علي كون الكافر مكلفا بالفروع مضافا الي ما دل عليه خصوصا.

(1) أما في صورة عدم الاداء فظاهر و أما في صورة الاداء فلما مر في زكاة المال من

أن النصوص قد دلت علي عدم الاجزاء لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها أهل الولاية فراجع.

(2) استدل علي كونها عبادة بوجوه الوجه الاول: الاجماع القطعي علي كونها كذلك. الوجه الثاني: كونها قربية في أذهان المتشرعة. الوجه الثالث: كونها صدقة و قد اخذت العبادية و القربية في مفهوم الصدقة.

قال الراغب في المفردات: «و الصدقة ما يخرجه الانسان من ماله علي وجه القربة كالزكاة» و قال الطريحي قدس سره في مجمع البحرين: «و الصدقة ما اعطي الغير به متبرعا بقصد القربة غير هدية فتدخل فيها الزكاة و المنذورات و الكفارة و امثالها». و الدليل علي كونها صدقة جملة من الروايات. منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدق عن جميع من تعول الحديث «1».

و منها ما رواه اسحاق بن المبارك قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن صدقة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 538

______________________________

الفطرة أ هي مما قال اللّه: أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ*؟ فقال: نعم الحديث «1».

و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة أ واجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال: هي مما قال اللّه: أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ* هي واجبة «2».

الوجه الرابع: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء علي الصلاة، و الزكاة، و الحج و الصوم، و الولاية. الحديث «3».

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية عبادية الزكاة لا سيما مع ضم ما ورد عن ابن العرزمي عن أبيه عن الصادق عليه

السلام قال: أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة، و الزكاة، و الولاية، لا تصح واحدة منها الا بصاحبتها «4».

فان المستفاد من الرواية ان اساس الإسلام ثلاثة لا يصح واحدة منها الا بالباقي.

بتقريب ان المستفاد من قوله عليه السلام «لا تصح» عبادية الزكاة كالصلاة و لا يخفي انه لا يستفاد المدعي من الرواية و لو مع ضم الثانية مضافا الي ما في سندها.

الوجه الخامس: اقتران الزكاة بالصلاة في كثير من الآيات و هذا يدل علي كونها عبادية كالصلاة. و عهدة هذه الدعوي علي مدعيها.

الوجه السادس: اخذ اللّه الصدقة و هذا يدل علي نسبتها اليه تعالي و الدليل علي أنه تعالي يأخذها من الكتاب قوله تعالي: «أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) التوبة/ 104

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 539

[مسألة 88: يجب علي من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به واجب النفقة كان أم غيره قريبا أم بعيدا]

(مسألة 88): يجب علي من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به واجب النفقة كان أم غيره قريبا أم بعيدا مسلما أو كافرا صغيرا أم كبيرا (1).

______________________________

و من السنة عدة روايات منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام ما من شي ء الا و كل به ملك الا الصدقة فانها تقع في يد اللّه تعالي «1».

و منها: ما رواه سالم بن أبي حفصة «2».

فان المستفاد من الاية و الروايتين ان اللّه تعالي بنفسه يأخذ الصدقات و يتقبلها و عليه نسأل انه لو لم يقصد بها القربة هل يقبلها و يأخذها أم لا؟ أما علي الاول فكيف يأخذها مع عدم قصد القربة و

علي الثاني يثبت المدعي.

و لقائل أن يقول: انه لا تنافي بين قبوله و عدم قصد المعطي اذ لا اشكال في كون الصدقة محبوبة له تعالي كما أن جميع الواجبات و المستحبات التوصلية محبوبة له تعالي فاذا كان تحقق المحبوب له تعالي ملازما مع القربة يلزم أن لا يوجد واجب أو مستحب الا علي نحو القربة و هو كما تري.

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و نقل الاجماع عليه عن غير واحد و عن الجواهر: انه عليه الاجماع بقسميه و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضعيف من اخوانه فيحضر يوم الفطرة يؤدي عنه الفطرة؟ فقال: نعم الفطرة واجبة علي كل من يعول من ذكر او انثي صغير أو كبير حر أو مملوك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الصدقة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الصدقة الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 540

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة قال: تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة «1».

و منها ما رواه الصدوق مرسلا قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة العيد يوم الفطر: أدوا فطرتكم فانها سنة نبيكم و فريضة واجبة من ربكم فليؤدها كل امرئ منكم عن عياله كلهم ذكرهم و انثاهم و صغيرهم و كبيرهم و حرهم و مملوكهم عن كل انسان منهم صاعا

من تمر أو صاعا من بر أو صاعا من شعير «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل من ضممت الي عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه الحديث «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صدقة الفطرة علي كل رأس من أهلك الصغير و الكبير و الحر و المملوك و الغني و الفقير الحديث «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة قال: عن كل رأس من أهلك الصغير منهم و الكبير و الحر و المملوك و الغني و الفقير كل من ضممت إليك عن كل انسان صاع من حنطة أو صاع من شعير أو تمر أو زبيب «5».

و منها: ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يؤدي الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 541

بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضمنا الي عياله و لو في وقت يسير كالضيف اذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد (1) و ان لم يأكل عنده (2) أما اذا دعا شخصا الي الافطار ليلة العيد لم يكن من العيال و لم تجب فطرته علي من دعاه (3).

______________________________

زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن فطرة شهر رمضان علي كل انسان

هي أو علي من صام و عرف الصلاة؟ قال: هي علي كل كبير أو صغير ممن تعول «2».

فان مقتضي اطلاق هذه النصوص وجوب اداء الفطرة عن كل من يكون داخلا في العائلة و يصدق عليه هذا العنوان و التقييد يحتاج الي الدليل.

(1) اذ مع صدق العيال عليه تشمله النصوص الدالة علي وجوب فطرة العيال علي المعيل مضافا الي النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «3».

فان المستفاد من الحديث ان فطرة الضيف واجبة علي المضيف بلحاظ كونه محسوبا من عياله و لو في مدة يسيرة و لكن الظاهر كفاية صدق العيلولة وقت وجوب الفطرة فلا وجه لاشتراط نزول الضيف قبل الهلال بل المناط زمان وجوب الفطرة نعم الموضوع المترتب عليه الحكم في الرواية نزول الضيف قبل يوم العيد.

(2) اذ صدق عنوان الضيف و العيلولة لا يتوقف علي الاكل.

(3) مما ذكرنا علم ان الميزان صدق العيلولة في زمان تعلق الوجوب فحال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) لاحظ: ص 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 542

[مسألة 89: إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكتف ذلك في صدق كونه عياله]

(مسألة 89): اذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكتف ذلك في صدق كونه عياله فيعتبر في العيال نوع من التابعية (1).

[مسألة 90: من وجبت فطرته علي غيره سقطت عنه]

(مسألة 90): من وجبت فطرته علي غيره سقطت عنه (2) و ان كان الاحوط استحبابا عدم السقوط اذا لم يخرجها من وجبت عليه

______________________________

الضيف كحال سائر العيال سواء حضر قبل الغروب أو عنده أو بعده و الظاهر ان مجرد الدعوة لا يقتضي الصدق فلاحظ.

(1) و علي الجملة يشترط في وجوب الفطرة صدق عنوان العيلولة و التبعية و بدون صدق هذا العنوان لا يترتب الحكم.

(2) لظاهر جملة من النصوص لاحظ حديث عمر بن يزيد «1» فان صريح الرواية ان الفطرة واجبة علي المعيل و من الظاهر انه ليس علي الشخص الا فطرة واحدة فلا تجب علي المعال.

ايقاظ: و هو ان ما ذكر انما يتم علي القول بأن الفطرة ثابتة في الذمة و بادائها تسقط عنها و بعبارة اخري: لا بد من الالتزام بأنه مضافا الي الحكم التكليفي هناك حكم وضعي و هو اشتغال الذمة بها و أما علي القول بأن وجوب الفطرة مجرد تكليف محض- كما عليه سيدنا الاستاد- فلا بد من التفصيل بين الموارد ففي كل مورد يتحقق الحكم التكليفي بالنسبة الي المعيل و يتوجه اليه وجوب الاداء تسقط عن المعال و أما اذا لم يتعلق التكليف به كصورة النسيان يشكل الحكم بسقوط الفطرة عن المعال اذ مقتضي ادلة وجوبها ان المعال بنفسه تجب عليه و قد خرج من تلك الادلة صورة وجوبها علي المعيل و أما في غير تلك الصورة كالنسيان و الجهل المركب فالاطلاقات محكمة فلا تغفل.

______________________________

(1) لاحظ: ص 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 543

عصيانا أو نسيانا (1) و اذا كان

المعيل فقيرا وجبت علي العيال اذا اجتمعت شرائط الوجوب (2).

[مسألة 91: إذا ولد له قبل الغروب أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة]

(مسألة 91): اذا ولد له قبل الغروب أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة فان كانوا عيالا وجبت عليه فطرتهم و الا فعلي من عال بهم و اذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة علي نفسها اذا جمعت

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف فانه نقل عن بعض وجوبها علي المعال في فرض عدم اداء المعيل. و ما يمكن أن يقال في وجهه أمران:

أحدهما: ان وجوبها متوجه الي المعال و ذمته مشغولة بها غاية الامر قد امر المعيل بافراغ ذمته فعلي تقدير العصيان أو النسيان يجب ادائها علي المعال. و هذا لا دليل عليه بل الدليل علي خلافه فان مقتضي ظهور حديث عمر بن يزيد «1» بل نصه ان وجوبها علي المعيل.

ثانيهما: ان التكليف بالاداء متوجه الي المعيل و المعال بنحو الوجوب الكفائي فلو عصي أحدهما يجب و يتعين علي الاخر و هذا الوجه أيضا فاسد اذ الظاهر من الحديث تعين الوجوب علي المعيل فالحق ما أفاده في المتن من عدم الوجوب علي المعال و لو مع عدم الاتيان بها من قبل المعيل و مقتضي ما تقدم منا التفصيل بين صورة العصيان و النسيان.

(2) لما تقدم في صورة النسيان فان المعيار في سقوط الوجوب توجه التكليف بها الي المعيل و المفروض في المقام عدم توجهه لمكان الفقر بل المقام أوضح لأنه علي القول بالحكم الوضعي و اشتغال الذمة بها في صورة النسيان لا مجال له في المقام لان الفقير لا تجب عليه الفطرة فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 544

الشرائط و لم تجب علي المولود و المملوك (1).

[مسألة 92: إذا كان شخص عيالا لاثنين وجبت فطرته عليهما علي نحو التوزيع]

(مسألة 92): اذا كان شخص عيالا لاثنين وجبت فطرته عليهما علي نحو التوزيع (2) و مع فقر

أحدهما تسقط عنه و الا ظهر عدم سقوط

______________________________

(1) ما أفاده في هذا الفرع علي طبق القاعدة و من متفرعات ما تقدم.

(2) بتقريب: انه مقتضي اطلاق دليل وجوب فطرة العيال علي من يعول فان اطلاقه يشمل صورة التعدد كما يشمل صورة الوحدة. لكن الانصاف ان نصوص وجوب الفطرة علي المعيل لا يشمل صورة تعدده فان قوله عليه السلام في حديث ابن مسلم «تصدق عن جميع من تعول» لا يشمل الا الشخص الواحد المعيل و العرف ببابك و كذلك بقية نصوص الباب.

و أما حديث محمد بن القاسم بن الفضيل انه كتب الي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه و هو عنه غائب في بلدة اخري و في يده مال لمولاه و يحضر الفطرة أ يزكي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامي؟ قال:

نعم «1» فضعيف سندا.

أما علي رواية الصدوق فلضعف اسناده الي محمد بن القاسم و أما علي رواية الكليني فلانه قدس سره يروي عن محمد بن الحسين و أفاد سيدنا الاستاد ان الكليني لا يمكن أن يروي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بلا واسطة اذ لم يدركه فالرواية مرسلة اذ الواسطة مجهولة فالرواية ساقطة عن الاعتبار بكلا طريقيه فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و يؤيد ذكرنا ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: عبد بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال: اذا كان لكل انسان رأس فعليه أن يؤدي عنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3 و الفروع من الكافي ج 4 ص 172 حديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 545

حصة الاخر (1) و مع فقرهما تسقط عنهما فتجب علي

العيال ان جمع الشرائط (2).

[مسألة 93: الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتا في الجملة]

(مسألة 93): الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتا في الجملة كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الارز و الذرة و الاقط و اللبن و نحوها (3).

______________________________

فطرته و اذا كان عدة العبيد و عدة الموالي سواء و كانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم لكل واحد منهم علي قدر حصته و ان كان لكل انسان منهم أقل من رأس فلا شي ء عليهم «1».

(1) و هذا أشكل من أصل التوزيع اذ معناه انه يجب دفع مقدار من الفطرة كالنصف و الثلث و الانصاف ان الادلة لا تساعده و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر فانه مقتضي أدلة وجوب الفطرة علي كل مكلف فاذا لم يرد مخصص تجب بمقتضي اطلاقات الادلة فلاحظ.

(3) المستفاد من جملة من النصوص انه يشترط في الفطرة أن تكون قوتا في الجملة لاحظ ما رواه زرارة و ابن مسكان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الفطرة علي كل قوم مما يغذون عيالهم من لبن أو زبيب أو غيره «2».

و المستفاد من هذه الرواية ان المعيار في جنس الفطرة علي كل قوم ما يغذون به عيالهم و في قبالها جملة من النصوص ذكرت فيها أشياء خاصة فمنها ما ذكرت فيه الحنطة و التمر و الزبيب لاحظ ما رواه صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة فقال: عن الصغير و الكبير و الحر و العبد عن كل انسان منهم صاع

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب زكاة الفطرة

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 546

______________________________

من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب «1».

و منها: ما ذكرت فيه

الشعير و التمر و الزبيب لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في الفطرة: جرت السنه بصاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير فلما كان زمن عثمان و كثرت الحنطة قومه الناس فقال:

نصف صاع من بر بصاع من شعير «2».

و منها: ما ذكرت فيه الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صدقة الفطرة علي كل رأس من أهلك الي أن قال عن كل انسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين الحديث «3».

و منها: ما ذكر فيه الحنطة و الشعير لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الصدقة لمن لا يجد الحنطة و الشعير يجزي عنه القمح و العدس (و السلت) و الذرة نصف صاع من ذلك كله أو صاع من تمر أو زبيب «4» الي غيرها من النصوص الواردة في هذا المقام.

و منها: ما ذكر فيه الاقط لأصحاب الابل و البقر و الغنم لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يعطي أصحاب الابل و الغنم و البقر في الفطرة من الاقط صاعا «5». و سيدنا الاستاد جمع بين الجانبين بحمل الطائفة

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 547

______________________________

الثانية علي الاولي و قال: «الميزان هو القوت» «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه لا تنافي بين

الجانبين كي نحتاج الي الجمع لا من باب عدم المفهوم للطائفة الثانية فان التحديد يقتضي المفهوم بل مقتضي الاطلاق عدم كفاية شي ء آخر غير ما ذكر فانه قد حقق في محله ان اطلاق الامر يقتضي لزوم الاتيان بما تعلق به و عدم اجزاء غيره بل نقول: ان ظاهر كل من الطرفين و ان كان يقتضي عدم اجزاء شي ء آخر لكن ترفع اليد عن ظاهر كل منهما بصريح الاخر.

و ان شئت قلت: كل من الطرفين في عقده السلبي يخصص بالعقد الايجابي في الطرف الاخر فيمكن الجمع بين الطرفين بهذا النحو الذي ذكرناه. و استدل علي مدعاه سيدنا الاستاد بعدة امور: الاول: انه قد ذكر اللبن في الطائفة الاولي فيعلم انه لا ينحصر الواجب في المذكورات في الطائفة الثانية. و فيه: انه علي ما ذكرنا موضوع الواجب احد الامرين فما ذكر في الطائفة الثانية يكفي و لو لم يكن غذاء بخلاف ما ذكر في الطائفة الاولي كاللبن كما أن الزبيب يمكن أن يصدق عليه كلا العنوانين و تظهر النتيجة فيما لا يكون غذاء اذ يكفي في اداء الواجب للنص عليه بما هو لا بما أنه غذاء.

الثاني: عدم ذكر الخمسة: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الاقط في رواية واحدة بل ذكرت في روايات متعددة فيدل علي أن ذكرها من باب المثال لا لخصوصية فيها. و فيه: انه لا دليل علي هذه الدعوي و لا بد من اقامة شاهد عليها.

الثالث: انه قد ذكر لفظ الصاع في روايات متعددة منها ما رواه عبد اللّه بن

______________________________

(1) فقه العترة ص: 196- 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 548

______________________________

المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الفطرة قال: تعطي من الحنطة

صاع و من الشعير صاع و من الاقط صاع «1» فيظهر انها ليست في مقام بيان جنس الفطرة بل في مقام بيان مقدارها في قبال العامة. و فيه: انه لا دليل علي هذا الادعاء و لا تنافي بين بيان الامرين معا كما هو ظاهر الادلة.

الرابع: انه قد ذكر الاقط فقط لأصحاب الابل و البقر و الغنم و الحال انه نقطع بعدم وجوبه عليهم فقط بحيث لا يجوز لهم اعطاء غيره. و فيه: ان ما ذكر لا يكون مقتضيا لرفع اليد عن ظواهر الطائفة الثانية و انما يقتضي الالتزام بكفاية ما يكون قوتا غالبيا فالنتيجة انه لا مقتضي لحمل أحد الدليلين علي الاخر بل القاعدة تقتضي الالتزام بكفاية احد الامرين.

الخامس: انه لو أغمضنا النظر عن جميع ذلك نقول: ان ذكر الطائفة الاولي للأجناس المذكورة فيها لم يعلم انه لخصوصية في تلك الاجناس حتي لا يجوز غيرها أم أن ذكرها علي سبيل المثال بعد ثبوت أصل الجواز في القوت بدلالة الطائفة الثانية فالمرجع عند الشك اصالة البراءة عن الخصوصية الي آخر كلامه «2».

و فيه: ان مقتضي ما ذكرنا رفع اليد عن مفهوم كل من الجانبين بمنطوق الاخر و لا وجه لرفع اليد عن الخصوصية المذكورة في الدليل و النتيجة انه يكفي أحد الامرين من القوت الغالب و تلك الامور الخاصة. و لا يخفي علي الفطن العارف ان اصالة البراءة عن الخصوصية المذكورة في كلام سيدنا الاستاد لا تقتضي الاجزاء فان مقتضي البراءة عدم وجوب الخصوصية و كفاية القوت الغالب و لكن ندعي كفاية احد الامرين و النتيجة تظهر فيما لا يكون احد الامور الخاصة قوتا فانه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) فقه

العترة في زكاة الفطرة ص 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 549

و الاحوط الاقتصار علي الاربعة الاولي اذا كانت من القوت الغالب (1) و الافضل اخراج التمر (2) ثم الزبيب (3).

______________________________

ما ذكرنا يكفي و علي ما رامه لا يكفي فلاحظ.

(1) للاتفاق عليها.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في صدقة الفطرة قال و قال: التمر أحب ذلك إلي يعني الحنطة و الشعير و الزبيب «1».

و لاحظ ما رواه اسحاق بن المبارك عن أبي ابراهيم عليه السلام في حديث في الفطرة قال: صدقة التمر احب إلي لأن ابي كان يتصدق بالتمر ثم قال: و لا بأس بأن يجعلها فضة و التمر أحب إلي «2».

و مثلهما خبر منصور عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة قال: صاع من تمر الي ان قال: و التمر احب إلي «3».

و مثلها خبر اسحاق بن عمار قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن صدقة الفطرة قال التمر افضل «4».

(3) لاحظ حديث هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام انه قال: التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنه أسرع منفعة و ذلك انه اذا وقع في يد صاحبه أكل منه قال: و نزلت الزكاة و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة «5».

فان العلة المذكورة مشتركة بين التمر و الزبيب لكن التمر من حيث ذكره في نصوص عديدة و في هذه الرواية أيضا يعلم كونه أفضل حتي من الزبيب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 550

و الاحوط أن يكون صحيحا

(1) و يجزي دفع القيمة من النقدين (2) و ما بحكمهما من الاثمان (3).

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الذي تقتضيه القاعدة عدم الاشتراط مع صدق الاسم فان مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال:

بعثت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام بدراهم لي و لغيري و كتبت اليه اخبره، أنها من فطرة العيال فكتب بخطه: قبضت «1».

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألته عن الفطرة لمن هي؟ قال:

للإمام قلت له: فاخبر أصحابي؟ قال: نعم من اردت أن تطهره منهم و قال: لا بأس بأن تعطي و تحمل ثمن ذلك ورقا «2».

و منها: ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام ان قوما سألوني (يسألوني) عن الفطرة و يسألوني أن يحملوا قيمتها إليك و قد بعثت إليك هذا الرجل عام أول و سألني أن أسألك فأنسيت ذلك و قد بعثت إليك العام عن كل رأس من عياله (لي) بدرهم علي قيمة تسعة أرطال بدرهم فرأيك جعلني اللّه فداك في ذلك فكتب عليه السلام: الفطرة قد كثر السؤال عنها و أنا اكره كل ما ادي الي الشهرة فاقطعوا ذكر ذلك و اقبض ممن دفع لها و أمسك عمن لم يدفع «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة و سيمر عليك بعضها.

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 551

و المدار قيمة وقت الاداء لا الوجوب

(1).

______________________________

جعلت فداك ما نقول في الفطرة يجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الاشياء التي سميتها؟

قال: نعم ان ذلك أنفع له يشتري ما يريد «1».

فان هذه الرواية بلحاظ العلة المنصوصة فيها واضحة الدلالة علي المدعي لكنها مخدوشة سندا باليونسي و يدل علي المدعي بوضوح أيضا ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالقيمة في الفطرة «2» لكن السند مخدوش بثعلبة بن ميمون.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد في حديث قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام تعطي الفطرة دقيقا مكان الحنطة؟ قال: لا بأس يكون اجر طحنه بقدر ما بين الحنطة و الدقيق قال: و سألته يعطي الرجل الفطرة دراهم ثمن التمر و الحنطة يكون أنفع لأهل بيت المؤمن قال: لا بأس «3».

و يمكن الاستدلال بالسيرة الجارية بين المتشرعة من غير نكير و قد مر نظير ذلك في زكاة الاموال و قلنا انه لو لم يكن جائزا لشاع و ذاع و اللّه العالم.

(1) فان الظاهر من نصوص القيمة ذلك فانه المنصرف اليه مضافا الي انه يمكن ان يقال بأن الواجب علي المكلف اعطاء الحنطة مثلا و انما يكتفي الشارع بأداء القيمة أي قيمة الجنس الواجب ادائه فلا بد من لحاظ قيمة وقت الاداء اذ ذلك الزمان زمان أداء الواجب.

أما مرسلة المفيد قال و سئل عن مقدار القيمة فقال: درهم في الغلاء و الرخص

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 552

و بلد الاخراج لا بلد المكلف (1).

[مسألة 94: المقدار الواجب صاع]

(مسألة 94): المقدار الواجب صاع (2) و هو ستمائة و أربعة

______________________________

قال: و روي أن أقل القيمة في الرخص

ثلثا درهم «1»، الذي عين فيها القيمة فلا اعتبار بها لإرسالها.

و أما حديث اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال لا بأس أن يعطيه قيمتها درهما «2»، فضعيف باحمد بن هلال مضافا الي أنه لا يدل علي المقدار بل المستفاد منه انه يجوز اعطاء الدرهم و لا يلزم دفع عين الجنس.

(1) فانه المنصرف اليه من نصوص القيمة مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون المدعي مقتضي القاعدة الاولية فان الواجب علي المكلف العين و الجنس و تكون القيمة بدلا عن العين و المفروض ان أداء العوض في هذا المكان فيكون المعيار قيمة بلد الاداء و يؤيد المدعي حديث المروزي قال: سمعته يقول: ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعز لها تلك الساعة قبل الصلاة و الصدقة بصاع من تمر او قيمته في تلك البلاد دراهم «3».

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الفطرة كم يدفع عن كل رأس من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب؟ قال: صاع بصاع النبي صلي اللّه عليه و آله «4» و منها: ما رواه معاوية بن عمار و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 548 و 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 553

عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال و بحسب حقة النجف يكون نصف

______________________________

و منها: ما رواه جعفر بن معروف قال: كتبت الي أبي بكر الرازي في زكاة الفطرة و سألناه أن يكتب في ذلك الي مولانا يعني

علي بن محمد عليه السلام فكتب ان ذلك قد خرج لعلي بن مهزيار انه يخرج من كل شي ء التمر و البر و غيره صاع و ليس عندنا بعد جوابه عليا (علينا) في ذلك اختلاف «1».

و منها ما رواه ياسر القمي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: الفطرة صاع من حنطة و صاع من شعير و صاع من تمر و صاع من زبيب و انما خفف الحنطة معاوية «2».

و منها: ما رواه محمد بن عيسي قال: كتب اليه ابراهيم بن عقبة يسأله عن الفطرة كم هي برطل بغداد عن كل رأس و هل يجوز اعطائها غير مؤمن؟ فكتب اليه: عليك أن تخرج عن نفسك صاعا بصاع النبي صلي اللّه عليه و آله و عن عيالك أيضا و لا ينبغي أن تعطي زكاتك الا مؤمنا «3».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: زكاة الفطرة فريضة علي كل رأس صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو انثي من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب صاع و هو اربعة أمداد «4».

و منها: ما رواه الاعمش «5» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «6».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 553

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 18

(5) نفس المصدر الحديث: 20

(6) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 554

حقة و نصف وقية و واحدا و ثلاثين مثقالا الا مقدار حمصتين و ان دفع ثلثي حقة

زاد مقدار مثاقيل و بحسب حقة الاسلامبول حقتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقالان الا ربع مثقال و بحسب المن الشاهي و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا نصف من الا خمسة و عشرين مثقالا و ثلاثة أرباع المثقال و مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات تقريبا و لا يجزي ما دون الصاع من الجيد (1) و ان كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد (2) كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين (3).

______________________________

و في قبال هذه النصوص طائفة اخري من الروايات تعارضها لاحظ ما رواه الحلبي قال: سالت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة الفطرة فقال: علي كل من يعول الرجل علي الحر و العبد و الصغير و الكبير صاع من تمر أو نصف صاع من برّ و الصاع أربعة أمداد «1».

و ما رواه منصور «2» و حيث ان الطائفة الثانية توافق التقية كما يظهر من حديث معاوية بن وهب «3» و غيره يكون الترجيح مع الطائفة الاولي فالمقدار هو الصاع.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان ما دون الصاع ليس مصداقا للمأمور به فالاجزاء يحتاج الي قيام دليل عليه.

(2) اذ لا يكون مصداقا للمأمور به و ان كانت بحسب القيمة متساوية.

(3) الكلام هو الكلام فان الملفق ليس مصداقا لأحد الافراد التخييرية بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 555

و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الاخر (1).

[فصل: وقت إخراجها ليلة الفطر]

اشارة

فصل: وقت اخراجها ليلة الفطر (2).

______________________________

شي ء آخر فلا دليل علي كونه

مجزيا.

(1) لعدم الدليل عليه بل مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العلمي عدم الاشتراط فلاحظ.

(2) لا اشكال في أنه لا يجوز تقديم الواجب علي وقت الوجوب الا مع قيام دليل علي جواز التقديم فما أفاده في المقام من أن وقت اخراجها ليلة الفطر من باب ان ليلة العيد زمان تعلق الوجوب أو أن في المقام دليلا علي جواز اخراجها ليلا و ان لم يكن الليل زمان تعلق الوجوب فيقع الكلام في مقامين: المقام الاول في أن الليل زمان تعلق الوجوب أم لا؟ المقام الثاني في أنه هل يجوز تقديم اخراجها و لو لم يكن الليل زمان تعلق الوجوب فنقول:

أما المقام الاول فالمشهور- كما يظهر من كلامهم- ان أول وقته غروب الشمس و رؤية الهلال و في قبال هذا القول قول بأن وقته طلوع فجر يوم العيد أما القول الاول فقد استدل عليه بروايتين الاولي ما رواه معاوية بن عمار «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان المعيار في وجوب الفطرة ادراك غروب ليلة الفطر و لذا لا يجب علي من لم يدرك ذلك الزمان و فيه ان المستفاد من الرواية ان من لا يدرك شهر رمضان بالوجود الحقيقي كالمولود ليلة الفطر أو من لم يدرك الشهر مسلما و اسلامه كان بعد دخول الليل لا تكون الفطرة واجبة عليه و لا دلالة في الرواية علي مبدأ زمان تعلق الوجوب.

______________________________

(1) لاحظ: ص 524

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 556

______________________________

الثانية ما رواه أيضا «1» و التقريب هو التقريب و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها فالنتيجة انه لا دليل علي مدعي المشهور و استدل علي القول الاخر بحديث العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الفطرة متي هي؟ فقال: قبل الصلاة يوم الفطر قلت: فان بقي منه شي ء بعد الصلاة؟ قال: لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثم يبقي فنقسمه «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان زمان الفطرة قبل صلاة العيد فزمان تعلق الوجوب يوم العيد بعد طلوع الفجر و اورد علي الاستدلال بالرواية سيدنا الاستاد بايرادين: احدهما: ان المذكور في الرواية لفظ اليوم و اليوم مبدأه طلوع الشمس و ما بين الطلوعين اما جزء من الليل و اما لا يكون جزءا من الليل و لا من النهار.

ثانيهما: ان الرواية تبين وقت الاداء و لا تعرض فيها لزمان تعلق الوجوب.

و يرد علي ايراده الاول ان ما بين الطلوعين من اليوم و اليوم بحسب العرف و اللغة يحسب من أول طلوع الفجر. و علي ايراده الثاني ان الظاهر من الرواية السؤال عن وقت تعلق الوجوب كما لو قيل صلاة الظهر متي هي؟ أي متي يتعلق الوجوب بادائها و لذا يمكن الاستدلال برواية العيص علي القول الاخر فان المستفاد منها انها قبل صلاة العيد يوم الفطر و حيث ان صلاة العيد وقتها من أول طلوع الشمس فوقت وجوب الفطرة من طلوع الفجر اذ مقتضي الاطلاق انه بطلوع الفجر يتحقق الوجوب و مقتضي الاصل العملي أي الاستصحاب عدم تعلق الوجوب قبل طلوع الفجر.

و أما المقام الثاني فالحق جواز اخراجها ليلة العيد بل يجوز من أول يوم

______________________________

(1) لاحظ: ص 530

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 557

و الاحوط اخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد (1).

______________________________

يدخل من شهر رمضان و الدليل عليه ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما

قالا: علي الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر و عبد و صغير و كبير يعطي يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل و هو في سعة أن يعطيها من أول يوم يدخل من شهر رمضان الي آخره الحديث «1».

(1) المشهور فيما بين الاصحاب ان آخر وقتها قبل صلاة العيد لمن يصلي صلاة العيد و زال العيد لمن لا يصلي صلاته فالكلام يقع في موضعين: الموضع الاول بالنسبة الي من يصلي الموضع الثاني بالنسبة الي من لا يصلي أما الموضع الاول فقد ادعي عليه الاجماع و عن العلامة انه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا.

و استدل علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمار و غيره قال: سألته عن الفطرة فقال: اذا عزلتها فلا يضرك متي أعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة «2» بتقريب:

ان مفهوم الشرطية يقتضي انه مع عدم العزل لا بد من اعطائها قبل صلاة العيد.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بطائفة اخري من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل و بعد الصلاة صدقة «3».

و منها: ما رواه ابراهيم بن منصور (ميمون) قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

الفطرة ان أعطيت قبل أن تخرج الي العيد فهي فطرة و ان كانت بعد ما يخرج الي العيد فهي صدقه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 558

______________________________

و منها: ما رواه ابن طاوس في كتاب الاقبال قال: روينا بإسنادنا

الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي أن يؤدي الفطرة قبل أن يخرج الناس الي الجبانة فان أداها بعد ما يرجع فانما هو صدقة و ليس هو فطرة «1». و منها: ما رواه سالم بن مكرم الجمال «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه العيص «3» فان صريح الرواية ان وقتها قبل الصلاة و اذا وصلت النوبة الي الشك فلا مجال لاستصحاب بقاء الوجوب اذ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض بعدم جعل الزائد. ان قلت: ان مقتضي البراءة عن الاشتراط عدم تضيقه. قلت: لا مجال لهذا التقريب اذ لا اشكال في أصل التوقيت انما الشك في سعة الوقت و عدمها و لا يمكن اثبات السعة بالاصل الا علي القول بالمثبت فلو سقط الاستصحاب بالمعارضة تصل النوبة الي البراءة عن أصل الوجوب اذ بعد مضي الوقت الذي يمكن أن يكون ظرفا للواجب نشك في اصل الوجوب و مقتضي حديث الرفع عدم الوجوب.

و ان شئت قلت: البراءة عن الجزئية و الشرطية في مورد العلم باصل التكليف و الشك في خصوصيات المأمور به و أما لو كان الشك في أصل التكليف لم يكن مجال الا للبراءة عنه و لذا لا يصح أن يقال لو شككنا في أن وجوب صلاة الجمعة مثلا يختص بزمان الحضور أو يعم زمان الغيبة تجري البراءة عن قيدية الحضور. و صفوة القول: ان مرجع هذا الاصل الي اصالة عدم التقييد الواجب و لا يترتب علي هذا الاصل اطلاق المأمور به فلا تغفل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 556

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 559

______________________________

و لكن في المقام رواية يستفاد منها ان الفطرة لو لم تعزل تبقي ثابتة في

الذمة و يكون المكلف مشغول الذمة بها حتي يؤديها و هي ما رواه زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أخرج فطرته فعزلها حتي يجد لها أهلا فقال: اذا أخرجها من ضمانه فقد برء و الا فهو ضامن لها حتي يؤديها الي أربابها «1».

فان الظاهر من هذه الرواية ان الفطرة ثابتة في الذمة و المكلف اذا لم يعزلها تكون الذمة مشغولة بها الي أن يؤديها فيمكن أن يقال: ان صلي صلاة العيد يكون وقت ادائها بالنسبة اليه قبل الصلاة و لكن يجب ادائها بعد الصلاة أيضا اذا لم يؤد قبلها أو لم يعزلها فلا يبعد أن يقال: بأن ادائها بعد الصلاة لا يكون اداءا للفطرة بل اما صدقة- كما في حديث ابن سنان- «2» و اما قضاء لكن لا دليل علي كونه قضاء و مقتضي الاحتياط انه لو أدائها بعد الصلاة لا يقصد الخصوصية بل يقصد القربة المطلقة.

و ربما يقال بجواز تأخير اداه الفطرة عن الصلاة بالنسبة الي من يصلي صلاة العيد و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: أحدهما: ما رواه العيص «3» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التأخير لا بأس به و هو عليه السلام كان يؤخره الي بعد الصلاة. و فيه: ان المراد من الرواية يمكن أن يكون مثل ما فهمه صاحب الوسائل قدس سره و هو ان المراد باعطاء العيال بمنزل الفطرة و اعطائها العيال بنحو الامانة الي زمان الرجوع عن الصلاة فالمراد بالرواية العزل و يدل علي المدعي بوضوح قوله عليه السلام: «ثم يبقي» اذ لو لا العزل لا معني البقاء كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 557

(3)

لاحظ ص: 556

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 560

و ان لم يصلها امتد الوقت الي الزوال (1).

______________________________

و ان أبيت عما ذكر فلا أقل من كون الرواية مجملة من هذه الجهة فلا تكون قابلة للاستدلال ثانيهما: ما رواه ابن سنان «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التقديم أفضل فتأخيرها جائز و فيه: ان التقسيم قاطع للشركة فانه عليه السلام فصل بين الاعطاء قبل الصلاة و بعدها بكون ما يعطي قبل الصلاة فطرة و ما يعطي بعدها صدقة فالرواية تدل بوضوح علي عدم كونها فطرة اذا دفع بعد الصلاة و لا يبعد أن يكون المراد بالافضل بالنسبة الي تقديمها كما يدل علي هذا المعني ما رواه الفضلاء «2».

(1) هذا هو الموضع الثاني فالمشهور امتداد وقت الفطرة الي الظهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو الحسن الاحمسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الفطرة عن كل حر و مملوك فان لم تفعل خفت عليك الفوت قلت: و ما الفوت؟ قال: الموت قلت: أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال: ان أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة و ان أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة و لا يجزيك قلت فاصلي الفجر و اعزلها فيمكث يوما أو بعض يوم آخر ثم اتصدق بها؟ قال: لا بأس هي فطرة اذا أخرجتها قبل الصلاة قال: و قال: هي واجبة علي كل مسلم محتاج أو موسر يقدر علي فطرة «3».

فان المستفاد من الرواية ان اخراجها قبل الزوال فطرة و بعده صدقة. و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حماد الانصاري حيث انه لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما ان تعبير النجاشي عنه بكونه من شيوخ أصحابنا لا

يترتب

______________________________

(1) لاحظ ص: 557

(2) لاحظ ص: 557

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 561

و اذا عزلها جاز له التأخير في الدفع اذا كان التأخير لغرض عقلائي كما مر في زكاة الاموال (1) فان لم يدفع و لم يعزل حتي زالت الشمس

______________________________

عليه أثر فالرواية ساقطة به بل و بغيره لكن المستفاد من كلام القوم ان المدعي اجماعي فيما بينهم.

و قال سيدنا الاستاد- في هذا المقام-: «لم يستشكل أحد في جواز تأخيرها الي الزوال بالنسبة الي من لم يصل صلاة العيد و انما الكلام بالنسبة الي ما بعده فعليه لا ريب في امتداد الوقت الي الزوال و أما بعده الي الغروب فعلي القول بجريان الاستصحاب في الحكم الكلي يمكن احراز بقاء الوجوب الي الغروب لكن قد تقرر في الاصول عدم جريانه و كونه معارضا باستصحاب العدم أي عدم جعل الزائد و بعد تعارض الاصلين و تساقطهما تصل النوبة الي البراءة عن وجوبها».

لكن تقدم منا ان مقتضي حديث زرارة «1» اشتغال الذمة بها و لا تبرأ الا بادائها فلو تحقق اجماع تعبدي علي انقضاء وقتها بالزوال لا يجوز قصدها بعنوان الاداء و ان لم يقم اجماع عليه يجوز ادائها بعنوان الفطرة بمقتضي اطلاق الرواية و لا ينافي وجوب التأدية قبل الزوال اذ يمكن أن يكون من قبيل تعدد المطلوب لكن مقتضي الاحتياط أن لا يقصد بها الاداء و القضاء.

(1) لم اعرف وجها للجواز فان جواز التأخير يحتاج الي قيام دليل عليه و قياس المقام بباب زكاة الاموال علي خلاف القاعدة و الدليل القائم هناك يختص بمورده و الاستدلال علي المدعي بحديث اسحاق «2» و فيه قوله عليه السلام «اذا عزلتها فلا

يضرك متي أعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة» لا مجال له فان المستفاد من الحديث جواز التأخير الي ما بعد الصلاة لا التأخير علي الاطلاق و العرف ببابك

______________________________

(1) لاحظ ص: 559

(2) لاحظ ص: 557

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 562

فالاحوط لزوما الاتيان بها بقصد القربة المطلقة (1).

[مسألة 95: الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان]

(مسألة 95): الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان (2) و ان كان الاحوط التقديم بعنوان القرض (3).

[مسألة 96: يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الاجناس]

(مسألة 96): يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الاجناس (4) أو من النقود بقيمتها (5) و الظاهر عدم جواز عزلها في ماله علي نحو الاشاعة و كذا عزلها في المال المشترك بينه و بين غيره علي نحو

______________________________

فان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي انه يجوز التأخير الي ما بعد الصلاة.

(1) ما أفاده متين من حيث الاحتياط لكن قد ظهر مما ذكرنا ان مقتضي الصناعة بقائها بعنوان الفطرة في الذمة فلاحظ.

(2) كما مر قريبا فراجع.

(3) لذهاب جملة من الاعاظم- علي ما نقل عنهم- الي الجزم بعدم جواز التقديم بل نسب الي المشهور فالاحتياط في محله.

(4) لاحظ ما رواه العيص «1» فانه يستفاد من هذه الرواية كما ذكرنا سابقا جواز العزل و قلنا ان المستفاد من الحديث كما فهم صاحب الوسائل ان المراد من اعطائه عياله عزل الفطرة و جعلها امانة عند العيال و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثي زرارة و اسحاق «2» فان المستفاد من الحديثين جواز العزل و يؤيد المدعي بغير ما ذكر من بعض النصوص و بجواز عزل زكاة المال كما تقدم في محلها.

(5) فان النقد يجوز دفعها فطرة فيكون النقد كالجنس فطرة و مقتضي اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 556

(2) لاحظ ص: 559 و 557

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 563

الاشاعة علي الاحوط وجوبا (1).

[مسألة 97: إذا عزلها تعينت فلا يجوز تبديلها]

(مسألة 97): اذا عزلها تعينت فلا يجوز تبديلها (2) و ان أخر دفعها ضمنها اذا تلفت مع امكان الدفع الي المستحق علي ما مر في زكاة المال (3).

[مسألة 98: يجوز نقلها إلي غير بلد التكليف مع عدم المستحق]

(مسألة 98): يجوز نقلها الي غير بلد التكليف مع عدم المستحق (4) أما مع وجوده فالاحوط وجوبا تركه (5).

______________________________

جواز عزل الفطرة عدم الفرق.

(1) اذ العزل ينافي الاشتراك مضافا الي أنه لو كان العزل مع الاشتراك جائزا لجاز عزلها بنحو الاشاعة في جميع المال و هو بعيد عن النظر و غير معروف نعم الظاهر انه يجوز عزلها مع زيادة فتكون الزيادة للفقير اذ يصدق بهذا النحو و لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه مضافا الي أن العزل بمقدار مساو لعله متعذر فتأمل.

(2) اذ الظاهر من النصوص تعينها في المعزول و لا ولاية للمالك علي التصرف فيها بعد أن صار المعزول للمستحق فعدم الجواز علي القاعدة و جواز التصرف يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(3) لكون اليد في مفروض الكلام يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

(4) اذ مع عدم المستحق لا طريق الي الايصال الي الاهل الا النقل فيجوز.

(5) المعروف عندهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- جواز النقل و لو مع وجود المستحق في البلد و استدل عليه بكون المالك له الولاية فيمكنه النقل مطلقا و ما يدل علي المنع يحمل علي كون عدمه أفضل فلا يكون مانع من النقل و استدل علي عدم الجواز بحديثين أحدهما: ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان جدي عليه السلام يعطي فطرته الضعفة (الضعفاء) و من لا يجد و من

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 564

و اذا سافر عن بلد التكليف الي غيره جاز دفعها في البلد الاخر (1).

[فصل: مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية علي الشرائط المتقدمة]

اشارة

فصل: مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية علي الشرائط المتقدمة (2).

______________________________

لا يتولي قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: هي لأهلها الا أن لا تجدهم فان لم تجدهم

فلمن لا ينصب و لا تنقل من ارض الي ارض و قال: الامام يضعها حيث يشاء و يضع فيه ما رأي «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

ثانيهما: ما رواه محمد بن عيسي عن علي بن بلال و اراني قد سمعته من علي بن بلال قال: كتبت اليه: هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة و رجل آخر من اخوانه في بلدة اخري يحتاج أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب: تقسم الفطرة علي من حضر و لا يوجه ذلك الي بلدة اخري و ان لم يجد موافقا «2».

و هذه الرواية في سندها محمد بن عيسي فمقتضي الاحتياط عدم النقل مع وجود المستحق و يمكن أن يقال: ان عدم الجواز مقتضي القاعدة اذ لا وجه للتأخير مع وجود المستحق و ايصال المال الي من هو له.

(1) لعدم قيام دليل علي وجوب صرفها في بلده و دليل عدم جواز النقل لا يشمل المقام كما هو ظاهر.

(2) ادعي عليه الشهرة تارة و الاجماع اخري و انه مقطوع به في كلامهم ثالثة و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) التوبة/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 565

______________________________

فان المستفاد من الاية ان الصدقات للمذكورين و حيث ان الفطرة زكاة و صدقة يشملها عموم الاية. و يمكن الاستدلال أيضا بقوله تعالي «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً» «1» الاية بتقريب: ان مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان قال: قال

أبو عبد اللّه عليه السلام لما نزلت آية الزكاة «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا» في شهر رمضان فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في الناس ان اللّه تبارك و تعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة الي أن قال: ثم لم يتعرض لشي ء من أموالهم حتي حال عليهم الحول من قابل فصاموا و أفطروا فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في المسلمين: ايها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم قال: ثم وجه عمال الصدقة و عمال الطسوق «2» ان بعد نزول هذه الاية أعلن الرسول الاكرم وجوب الزكاة.

و من ناحية اخري ان مقتضي حديث هشام ابن الحكم عن الصادق عليه السلام في حديث قال: نزلت الزكاة و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة «3»، ان الزكاة نزلت و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة فيستفاد ان الفطرة من مصاديق الزكاة و مصرفها ذلك المصرف.

و في المقام رواية رواها الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: ان زكاة الفطرة للفقراء و المساكين «4»، تدل علي أن الفطرة للمساكين و الفقراء فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك الرواية اذ مقتضي تلك الرواية ان مصرفها الاصناف

______________________________

(1) التوبة/ 105

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 566

[مسألة 99: تحرم فطرة غير الهاشمي علي الهاشمي]

(مسألة 99): تحرم فطرة غير الهاشمي علي الهاشمي (1) و تحل فطرة الهاشمي علي الهاشمي (2) و غيره (3) و العبرة علي المعيل دون العيال فلو كان العيال هاشميا دون المعيل

لم تحل فطرته علي الهاشمي و اذا كان المعيل هاشميا و العيال غير هاشمي حلت فطرته علي الهاشمي (4).

______________________________

الثمانية المذكورة في الاية و مقتضي هذه الرواية اختصاص الفطرة بالفقير و المسكين و الترجيح مع تلك الرواية لكونها موافقة مع الكتاب.

(1) لاحظ ما رواه عيص بن القاسم «1».

(2) لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصدقة تحل لبني هاشم فقال: لا و لكن صدقات بعضهم علي بعض تحل لهم فقلت: جعلت فداك اذا خرجت الي مكة كيف تصنع بهذه المياه المتصلة بين مكة و المدينة و عامتها صدقة؟ قال: سم فيها شيئا قلت: عين ابن بزيع و غيره قال:

و هذه لهم «2».

(3) بمقتضي الاطلاق و عدم المخصص.

(4) فانه الظاهر من الدليل فان الصدقة لو اضيفت الي احد كما لو قيل صدقة زيد يفهم من العبارة ان الصدقة اضيفت الي فاعلها و معطيها و حيث ان الذي يجب عليه أن يدفع الفطرة عن المعال هو المعيل فيكون هو المعيار. و ان شئت قلت: المعال مورد الصدقة كالمال في زكاة الاموال. و صفوة القول: ان الظاهر من الاضافة اضافة الصدقة الي من تصدر عنه و يعطي لا من يتصدق عنه و يعطي عنه فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 470

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 567

[مسألة 100: يجوز إعطائها الي المستضعف من أهل الخلاف عند عدم القدرة علي المؤمن]

(مسألة 100): يجوز اعطائها الي المستضعف من أهل الخلاف عند عدم القدرة علي المؤمن (1).

______________________________

(1) النصوص الواردة في المقام علي طوائف: الطائفة الاولي: ما يدل باطلاقه علي عدم جواز اعطاء الزكاة غير المؤمن لاحظ ما رواه علي بن بلال «1» فان مقتضي هذه الرواية عدم الجواز مطلقا.

الطائفة الثانية:

ما يدل علي عدم جواز دفع زكاة الفطرة الي غير المؤمن لاحظ ما رواه اسماعيل بن سعد «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي جواز اعطاء غير المؤمن زكاة الفطرة لاحظ ما رواه علي بن يقطين أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن زكاة الفطرة أ يصلح أن تعطي الجيران و الظئورة ممن لا يعرف و لا ينصب؟ فقال: لا بأس بذلك اذا كان محتاجا «3».

و أما ما رواه مالك الجهني قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن زكاة الفطرة فقال: تعطيها المسلمين فان لم تجد مسلما فمستضعفا و اعط ذا قرابتك منها ان شئت «4» و ما رواه الفضيل «5» فهما ضعيفان أما الاول فبالجهني و أما الثاني فبضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال فيقع التعارض بين ما يدل علي جواز اعطاء الفطرة غير المؤمن و ما يدل علي عدم الجواز فلا بد من العلاج.

و يمكن أن يقال: ان الدال علي الجواز موافق لعموم الكتاب و هو قوله تعالي:

______________________________

(1) لاحظ ص: 478

(2) لاحظ ص: 487

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 563

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 568

[مسألة 101: يجوز للمالك دفعها إلي الفقراء بنفسه]

(مسألة 101): يجوز للمالك دفعها الي الفقراء بنفسه (1) و الاحوط و الافضل دفعها الي الفقيه (2).

[مسألة 102: الأحوط وجوبا أن لا يدفع للفقير أقل من صاع]

(مسألة 102): الاحوط وجوبا أن لا يدفع للفقير أقل من صاع (3).

______________________________

إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ» «1» كما أنه يمكن أن يقال: انه لو قلنا بالتساقط بعد التعارض تصل النوبة الي الاخذ بعموم الكتاب و مقتضي الاحتياط رعاية ما افيد في المتن باعطائها المستضعف من أهل الخلاف مع عدم القدرة علي المؤمن.

(1) مر الكلام من هذه الجهة في المسألة (80) في فصل بقية أحكام الزكاة مضافا إلي النصوص الواردة في أبواب زكاة الفطرة فانه يستفاد من نصوص كثيرة جواز تولي المكلف دفع زكاته و لا دليل علي وجوب دفعها الي الفقيه و ربما يستدل علي وجوب دفعها الي الفقيه بما رواه أبو علي بن راشد «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان أمر الفطرة راجع الي الامام عليه السلام فيجب ايصالها اليه أو الي نائبه الخاص أو العام و هذا هو المدعي. و فيه اولا: ان الرواية ضعيفة بأبي العباس الكوفي حيث انه لم يوثق. و ثانيا: ان المستفاد من الرواية ان اختيار الفطرة بيد الامام عليه السلام و يجوز ايصالها اليه و لا ينافي جواز تولي المالك بنفسه بمقتضي النصوص الكثيرة المشار اليها فلاحظ.

(2) أما كون الدفع اليه احوط فلا كلام فيه و أما كونه أفضل فلم يعرف وجهه و قد تقدم الكلام من هذه الجهة و بيان ما يمكن أن يكون وجها للأفضلية و الاشكال فيه في زكاة المال فراجع.

(3) المشهور فيما بين القوم المنع و عن المختلف نسبته الي علمائنا و استدل

______________________________

(1) التوبة/ 60

(2) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 569

الا اذا اجتمع جماعة لا تسعهم (1)

و يجوز أن يعطي الواحد أصواعا (2).

______________________________

بما أرسله اسحاق بن المبارك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تعط أحدا أقلّ من رأس «1».

و ما أرسله الصدوق قال و في خبر آخر قال: لا بأس أن تدفع عن نفسك و عمن تعول الي واحد و لا يجوز أن تدفع ما يلزم واحد الي نفسين «2» و لا اعتبار بهما لإرسالهما.

و ربما يقال: ان ما رواه اسحاق ابن المبارك قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة يعطيها رجلا واحدا أو اثنين؟ قال: يفرقها أحب إلي قلت: اعطي الرجل الواحد ثلاثة أصوع و أربعة اصبع؟ قال: نعم «3»، يدل علي خلاف المدعي و لكن هذه الرواية علي تقدير دلالتها علي خلاف المدعي لا يترتب عليها أثر لضعفها باسحاق بن المبارك.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الحق جواز اعطاء الاقل من صاع الي واحد لإطلاق الادلة لاحظ ما رواه الحلبي «4» فان المستفاد من هذه الرواية وجوب اعطاء صاع من زبيب لفقراء المسلمين و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أقسام الاعطاء.

(1) لا وجه لهذا الاستثناء فان مفاد المرسلين المنع علي الاطلاق فاما لا يجوز مطلقا و اما يجوز كذلك فلاحظ.

(2) لإطلاق الادلة مضافا الي النصوص الخاصه لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يعطي الرجل عن رأسين ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 570

[مسألة 103: يستحب تقديم الأرحام ثم الجيران]

(مسألة 103): يستحب تقديم الارحام (1) ثم الجيران (2) و ينبغي الترجيح بالعلم و الدين و الفضل (3) و اللّه سبحانه أعلم و

الحمد للّه رب

______________________________

و أربعة يعني الفطرة «1».

و ما رواه علي بن بلال قال كتبت الي الطيب العسكري عليه السلام هل يجوز أن يعطي الفطرة عن عيال الرجل و هم عشرة أقل أو أكثر رجلا محتاجا موافقا؟

فكتب عليه السلام: نعم افعل ذلك (نعم ذلك أفضل) «2». و ما رواه اسحاق بن عمار انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة يعطيها رجلا واحدا مسلما؟

قال: لا بأس به «3».

(1) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «4» و هذه الرواية واضحة الدلالة علي المدعي لكن من حيث السند مخدوش كما ذكرنا وجه الاشكال في زكاة المال.

و لاحظ ما رواه السكوني و مرسلة الصدوق «5» و كلاهما ضعيفان سندا.

(2) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الفطرة فقال: الجيران أحق بها الحديث «6» و لا يخفي عليك ان هذه الرواية في خصوص زكاة الفطرة و تلك الرواية واردة في مطلق الزكاة و مقتضي القاعدة تقييد ذلك الاطلاق بهذا المقيد فتكون النتيجة التفصيل بين زكاة المال و زكاة الابدان بتقديم الارحام في الاولي و تقديم الجيران في الثانية فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه ابن عجلان قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني ربما

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 505

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث: 1 و 4

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 571

العالمين.

______________________________

قسمت الشي ء بين أصحابي أصلهم به فكيف اعطيهم؟ قال: أعطهم علي الهجرة في الدين و الفقه و العقل «1». و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و

باطنا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 572

استدراك

في الصفحة 504 في ذيل قول الماتن في المسألة 70 «و لا يكفي مجرد الدعوي» كتبنا: «لعدم دليل علي الكفاية..» الخ و نستدرك هنا ما فاتنا هناك و هو ان دعواه السياده في المقام لا تكون جلبا لنفع و لا دفعا لضرر بل تكون دعواه دفعا لنفع و في ذيل قوله في تلك المسألة «اشكال» كتبنا: لا أري وجها للإشكال و نستدرك أيضا ما فاتنا هناك و هو ان الظاهر ان الوجه اقراره بعدم سيادته و الاقرار علي النفس جائز الا ان يقال ان الاقرار انما يمنع من العمل بالحجة من امارة او اصل بالاضافة الي الاحكام التي تكون للمقر لا بالاضافة الي المالك و افراغ ذمته بذلك فلاحظ و تأمل.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.